الرفيق
كلمة (الرفيق) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعيل) من الرفق، وهو...
النَّتْـرُ: جَذْبُ الشَّيْءِ بِشِدَّةٍ أو بِـجَفاءٍ، يُقال: اسْتَنْتَـرَ الرَّجُلُ مِنْ بَوْلِهِ: إذا طَلَبَ نَتْـرَ عُضْوِهِ، أي: اجْتَذَبَهُ واسْتَخْرَجَ بَقِيَّةَ البَوْلِ مِن ذَكَرِهِ عند الاسْتِنجاءِ.
نتر
جَذْبُ البَوْلِ واسْتِخْراجُ بَقِيَّتِهِ مِن الذَّكَرِ عند الاسْتِنجاءِ.
النَّتْـرُ: جَذْبُ الشَّيْءِ بِشِدَّةٍ أو بِـجَفاءٍ، واسْتَنْتَـرَ الرَّجُلُ مِنْ بَوْلِهِ: أيْ اجْتَذَبَهُ واسْتَخْرَجَ بَقِيَّةَ البَوْلِ مِن ذَكَرِهِ.
* مقاييس اللغة : (5/386)
* القاموس المحيط : (ص 616)
* تـهذيب الأسـماء واللغات : (4/159)
* لسان العرب : (14/33)
* تاج العروس : (14/168)
* مواهب الجليل في شرح مختصر خليل : (1/282)
* أسنى المطالب في شرح روض الطالب : (1/49)
* معجم لغة الفقهاء : (ص 474) -
التَّعْرِيفُ:
1 - النَّتْرُ بِالْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّةِ بَعْدَ النُّونِ - كَمَا ضَبَطَهُ الْفُقَهَاءُ - فِي اللُّغَةِ: جَذْبُ الشَّيْءِ بِشِدَّةٍ أَوْ بِجَفَاءٍ، وَبَابُهُ قَتَل، وَاسْتَنْتَرَ مِنْ بَوْلِهِ: اجْتَذَبَهُ وَاسْتَخْرَجَ بَقِيَّتَهُ مِنَ الذَّكَرِ عِنْدَ الاِسْتِنْجَاءِ.
وَلاَ يَخْرُجُ مَعْنَى النَّتْرِ فِي الاِصْطِلاَحِ عَنْ مَعْنَاهُ فِي اللُّغَةِ (1) .
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - الاِسْتِنْجَاءُ:
2 - الاِسْتِنْجَاءُ لُغَةً: الْقَطْعُ، مِنْ نَجَا (2) ، وَقِيل: مِنَ النَّجْوَةِ وَهِيَ: مَا ارْتَفَعَ مِنَ الأَْرْضِ، لأَِنَّهُ يَسْتَتِرُ عَنِ النَّاسِ بِهَا (3) . وَاصْطِلاَحًا: إِزَالَةُ الْخَارِجِ مِنَ السَّبِيلَيْنِ عَنْ مَخْرَجِهِ (4) .
وَسَمَّاهُ بَعْضُهُمُ اسْتِطَابَةً، وَهِيَ: طَلَبُ الطِّيبِ، وَهُوَ الطَّهَارَةُ وَيَكُونُ بِالْمَاءِ وَالْحَجَرِ.
كَمَا سَمَّاهُ بَعْضُهُمْ - أَيْضًا - اسْتِنْقَاءً وَهُوَ: طَلَبُ النَّقَاوَةِ بِالْحَجَرِ وَالْمَدَرِ أَوْ نَحْوِهِمَا، أَمَّا الاِسْتِجْمَارُ فَإِنَّهُ مُخْتَصٌّ بِالاِسْتِنْجَاءِ بِالْحَجَرِ، مَأْخُوذٌ مِنَ الْجِمَارِ وَهُوَ الْحَجَرُ الصَّغِيرُ (5) .
وَالْعَلاَقَةُ بَيْنَ النَّتْرِ وَالاِسْتِنْجَاءِ هِيَ أَنَّ النَّتْرَ مُقَدِّمَةٌ لِلاِسْتِنْجَاءِ.
ب - الاِسْتِبْرَاءُ:
3 - الاِسْتِبْرَاءُ لُغَةً: طَلَبُ الْبَرَاءَةِ (6) .
وَاصْطِلاَحًا: طَلَبُ الْبَرَاءَةِ مِنَ الْحَدَثِ، وَذَلِكَ بِاسْتِفْرَاغِ مَا فِي الْمَخْرَجَيْنِ مِنَ الأَْخْبَثَيْنِ (7) .
وَالْعَلاَقَةُ بَيْنَ النَّتْرِ وَالاِسْتِبْرَاءِ هِيَ الْعُمُومُ وَالْخُصُوصُ الْمُطْلَقُ فَكُل نَتْرٍ اسْتِبْرَاءٌ، وَلَيْسَ كُل اسْتِبْرَاءٍ نَتْرًا. مَا يَتَعَلَّقُ بِالنَّتْرِ مِنْ أَحْكَامٍ:
مَحَل النَّتْرِ وَمَوْضِعُهُ:
4 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ مَحَل النَّتْرِ هُوَ الذَّكَرُ وَمَوْضِعَهُ بَعْدَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ (8) مَعَ اخْتِلاَفِهِمْ فِي كَيْفِيَّةِ اسْتِبْرَاءِ الْمَرْأَةِ.
فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّهَا لاَ تَحْتَاجُ إِلَى ذَلِكَ، بَل تَصْبِرُ قَلِيلاً، ثُمَّ تَسْتَنْجِي (9) .
وَيَرَى الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ أَنَّ الاِسْتِبْرَاءَ فِي حَقِّهَا أَنْ تَضَعَ يَدَهَا عَلَى عَانَتِهَا، وَيَقُومُ ذَلِكَ مَقَامَ السَّلْتِ وَالنَّتْرِ، وَأَمَّا الْخُنْثَى فَيَفْعَل مَا يَفْعَلُهُ الرَّجُل وَالْمَرْأَةُ احْتِيَاطًا (10) .
حُكْمُ النَّتْرِ:
5 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ النَّتْرِ عَلَى قَوْلَيْنِ:
أ - الْقَوْل الأَْوَّل: وُجُوبُ النَّتْرِ، وَهُوَ قَوْل الْحَنَفِيَّةِ (11) ، وَالْمَالِكِيَّةِ (12) ، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ (13) وَالْبَغَوِيُّ (14) وَالنَّوَوِيُّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ.
وَقَصَرَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ الْوُجُوبَ عَلَى مَا إِذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ خُرُوجُ شَيْءٍ مِنْهُ بَعْدَ الاِسْتِنْجَاءِ إِنْ لَمْ يَفْعَلْهُ (15) .
وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ: " اسْتَنْزِهُوا مِنَ الْبَوْل فَإِنَّ عَامَّةَ عَذَابِ الْقَبْرِ مِنْهُ " (16) .
وَبِحَدِيثِ: " إِذَا بَال أَحَدُكُمْ فَلْيَنْتُرْ ذَكَرَهُ ثَلاَثًا وَهَذَا الْحَدِيثُ صَرِيحٌ فِي الأَْمْرِ بِنَتْرِ الذَّكَرِ (17) .
ب - الْقَوْل الثَّانِي: اسْتِحْبَابُ النَّتْرِ، وَهُوَ قَوْل الشَّافِعِيَّةِ (18) وَالْحَنَابِلَةِ (19) . وَاحْتَجَّ الشَّافِعِيَّةُ بِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنَ انْقِطَاعِ الْبَوْل عَدَمُ عَوْدِهِ (20) .
أَثَرُ الاِخْتِلاَفِ فِي حُكْمِ النَّتْرِ:
6 - يَنْبَنِي عَلَى الاِخْتِلاَفِ السَّابِقِ فِي حُكْمِ النَّتْرِ عَلَى الْقَوْل الثَّانِي وَهُوَ نَدْبُ النَّتْرِ وَاسْتِحْبَابُهُ أَنَّ مَنْ تَرَكَ نَتْرَ ذَكَرِهِ وَاسْتَنْجَى عَقِيبَ انْقِطَاعِ الْبَوْل ثُمَّ تَوَضَّأَ فَاسْتِنْجَاؤُهُ صَحِيحٌ وَوُضُوؤُهُ كَامِلٌ، لأَِنَّ الأَْصْل عَدَمُ خُرُوجِ شَيْءٍ آخَرَ، قَالُوا: وَالاِسْتِنْجَاءُ يَقْطَعُ الْبَوْل فَلاَ يَبْطُل اسْتِنْجَاؤُهُ وَوُضُوؤُهُ إِلاَّ أَنْ يَتَيَقَّنَ خُرُوجَ شَيْءٍ (21) .
وَأَمَّا عَلَى الْقَوْل الأَْوَّل - وَهُوَ وُجُوبُ النَّتْرِ - فَإِنَّ اسْتِنْجَاءَهُ يَكُونُ فَاسِدًا وَوُضُوءَهُ بَاطِلاً وَكَذَلِكَ صَلاَتُهُ (22) .
كَيْفِيَّةُ النَّتْرِ وَشَرْطُهُ:
7 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ إِلَى أَنَّ نَتْرَ الذَّكَرِ يَكُونُ بِإِصْبَعَيْنِ يُمِرُّهُمَا مِنْ أَصْلِهِ إِلَى رَأْسِ الذَّكَرِ، وَحَدَّدَ الشَّافِعِيَّةُ إِبْهَامَ يُسْرَاهُ وَمُسَبِّحَتَهَا لِذَلِكَ، وَذَكَرَ الْحَنَابِلَةُ أَنَّهُ يَضَعُ إِصْبَعَهُ الْوُسْطَى تَحْتَ الذَّكَرِ وَالإِْبْهَامَ فَوْقَهُ (23) ، أَمَّا الْحَنَفِيَّةُ فَإِنَّ كَيْفِيَّةَ النَّتْرِ عِنْدَهُمْ تَكُونُ بِعَصْرِ الذَّكَرِ (24) .
أَمَّا شَرْطُ النَّتْرِ فَقَدْ ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ (25) إِلَى أَنَّهُ يَكُونُ بِرِفْقٍ وَلِينٍ، وَعَلَّل الْمَالِكِيَّةُ ذَلِكَ بِأَنَّ قُوَّةَ السَّلْتِ وَالنَّتْرِ تُوجِبُ اسْتِرْخَاءَ الْعُرُوقِ بِمَا فِيهَا فَلاَ تَنْقَطِعُ الْمَادَّةُ وَيَضُرُّ بِالْمَثَانَةِ، وَرُبَّمَا أَبْطَل الإِْنْعَاظَ أَوْ أَضْعَفَهُ، وَهُوَ مِنْ حَقِّ الزَّوْجَةِ (26) .
عَدَدُ مَرَّاتِ النَّتْرِ:
8 - اتَّفَقَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ (27) عَلَى أَنَّ عَدَدَ مَرَّاتِ نَتْرِ الذَّكَرِ ثَلاَثٌ، وَحُجَّتُهُمْ فِي ذَلِكَ حَدِيثُ: " إِذَا بَال أَحَدُكُمْ فَلْيَنْتُرْ ذَكَرَهُ ثَلاَثًا " (28) .
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى عَصْرِ الذَّكَرِ دُونَ تَحْدِيدِ مَرَّاتٍ لاِسْتِبْرَائِهِ مِنَ الْبَوْل (29) ، وَهُوَ مَا اخْتَارَهُ النَّوَوِيُّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ وَالدُّسُوقِيُّ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ.
قَال النَّوَوِيُّ: وَالْمَقْصُودُ أَنْ يَظُنَّ أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ فِي مَجْرَى الْبَوْل شَيْءٌ يَخَافُ خُرُوجَهُ، فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَحْصُل لَهُ هَذَا الْمَقْصُودُ بِأَدْنَى عَصْرٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَحْتَاجُ إِلَى تَنَحْنُحٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَحْتَاجُ إِلَى مَشْيِ خُطُوَاتٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَحْتَاجُ إِلَى صَبْرِ لَحْظَةٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ لاَ يَحْتَاجُ إِلَى شَيْءٍ مِنْ هَذَا (30) .
وَقَال الدُّسُوقِيُّ: يُنْدَبُ أَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنَ السَّلْتِ وَالنَّتْرِ خَفِيفًا لاَ بِقُوَّةٍ إِلَى أَنْ يَغْلِبَ عَلَى الظَّنِّ انْقِطَاعُ الْمَادَّةِ ثَلاَثًا أَوْ أَقَل أَوْ أَكْثَرَ (31) .
__________
(1) القليوبي 1 / 41، والدسوقي 1 / 110، والقاموس المحيط، وانظر: معجم مقاييس اللغة لابن فارس 5 / 386 ط الحلبي، والمصباح المنير، ولسان العرب مادة (نتر) .
(2) المصباح المنير.
(3) انظر: لسان العرب ماد (نجا) ، وأسنى المطالب 1 / 44 ط المكتبة الإسلامية.
(4) بدائع الصنائع 1 / 18 ط دار الكتاب العربي، وحاشية الدسوقي 1 / 110 ط دار الفكر، وأسنى المطالب 1 / 44، وكشاف القناع 1 / 58 ط عالم الكتب.
(5) بدائع الصنائع 1 / 18، وحاشية ابن عابدين 1 / 230 ط بولاق، وحاشية الدسوقي 1 / 110 - 111، وأسنى المطالب 1 / 44، وكشاف القناع 1 / 58.
(6) لسان العرب.
(7) مواهب الجليل 1 / 282 ط دار الفكر.
(8) حاشية الطحطاوي ص 24، وحاشية الدسوقي 1 / 109، 110، وأسنى المطالب 1 / 49، ونهاية المحتاج 1 / 141، 142، والإنصاف 1 / 102 ط دار إحياء التراث العربي، وكشاف القناع 1 / 65، والأم 1 / 22 ط دار المعرفة.
(9) حاشية ابن عابدين 1 / 230.
(10) حاشية الدسوقي 1 / 109، 110، وأسنى المطالب 1 / 49، ونهاية المحتاج 1 / 141، 142.
(11) حاشية ابن عابدين 1 / 230.
(12) حاشية العدوي على شرح أبي الحسن 1 / 152، 153 ط دار الباز، ومواهب الجليل 1 / 282، وحاشية الدسوقي 1 / 109، 110.
(13) نهاية المحتاج 1 / 142.
(14) شرح السنة 1 / 375 ط المكتب الإسلامي.
(15) نهاية المحتاج 1 / 142.
(16) حديث: " استنزهوا من البول فإن عامة عذاب القبر منه. . . . " الحديث. أخرجه الدارقطني في السنن (1 / 128 ط الفنية المتحدة) من حديث أبي هريرة ﵁ وقال: الصواب مرسل، ثم ذكر له شاهدا عن ابن عباس ﵄ رفعه إلى النبي ﷺ ولفظ
(17) حديث: " إذا بال أحدكم فلينتر ذكره ثلاثا. . ". الحديث. أخرجه ابن ماجه (1 / 118 ط عيسى الحلبي) من حديث يزداد بن فساءة ﵁ وقال البوصيري في مصباح الزجاجة (1 / 97 دار الجنان) : يقال يزداد لا تصح له صحبة وزمعة ضعيف.
(18) أسنى المطالب 1 / 49، ونهاية المحتاج 1 / 141، 142، وشرح المحلي مع القليوبي وعميرة 1 / 41 ط عيسى الحلبي.
(19) الإنصاف 1 / 102، وكشاف القناع 1 / 65.
(20) أسنى المطالب 1 / 49، وشرح المحلي مع القليوبي وعميرة 1 / 41.
(21) المجموع 2 / 94 ط المكتبة العالمية.
(22) شرح صحيح مسلم 3 / 205.
(23) مواهب الجليل 1 / 282، وأسنى المطالب 1 / 49، وكشاف القناع 1 / 65.
(24) حاشية الطحطاوي ص 24.
(25) حاشية الطحطاوي ص 24، وحاشية الدسوقي / 109، 1، 110، وأسنى المطالب 1 / 49، ونهاية المحتاج / 141، 1، 142، والمغني لابن قدامة 1 / 155 ط الرياض.
(26) حاشية العدوي 1 / 152، 153، وحاشية الرهوني على الزرقاني 1 / 164 ط دار الفكر، والإنعاظ: انتشار الذكر (المصباح) .
(27) مواهب الجليل 1 / 282، وأسنى المطالب 1 / 49، والإنصاف 1 / 102، وكشاف القناع 1 / 65.
(28) مواهب الجليل 1 / 282، وحديث: " إذا بال أحدكم. . . . " سبق تخرجه ف 5.
(29) حاشية الطحطاوي ص 24.
(30) المجموع 2 / 94، وانظر: أسنى المطالب 1 / 49.
(31) حاشية الدسوقي 1 / 109، 110.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 62/ 40
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".