المنان
المنّان في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعّال) من المَنّ وهو على...
النَّدْرَةُ اسْمٌ مِنَ نَدَرَ الشَّيءُ، يَنْدُرُ، نُدُورًا، أيْ: سَقَطَ مِن جَوْفِ شَيْء،ٍ أو مِنْ بَيْنِ أشْياءَ فظَهَرَ، أو خَرَجَ مِنْ غَيرِهِ أو شَذَّ، ومنه نادِرُ الـجَبَلِ: وهو ما يَـخْرُجُ منه ويَبْرُزُ، ونَوادِرُ الكَلامِ: ما شَذَّ وخَرَجَ مِن الـجُمهُورِ؛ وذلك لِظُهُورِهِ.
يُطلَق مُصطَلَحُ (نُدْرَة) في كِتابِ الزَّكاةِ، باب: زكاة النَّقْدَينِ، وباب: زِكاة الرِّكازِ، ويُرادُ به: القِطْعَةُ مِن الذَّهَبِ والفِضَّةِ تُوجَدُ في الـمَعدِنِ، أو القِطْعَةُ الـخالِصَةُ مِنَ الذَّهَبِ والفِضَّةِ التي لا تَـحتاجُ لِتَصْفِيَةٍ. ويُطلَقُ في علم القَواعِدِ الفِقهيَّة عند ذِكْرِ قاعِدة: النّادِرُ هل يلْحَقُ بِالغالِبِ؟
نَدَرَ
قِلَّةُ وُجُودِ الشَّيْءِ.
النَّدْرَةُ: اسْمٌ مِنَ نَدَرَ الشَّيءُ، أيْ: سَقَطَ مِن جَوْفِ شَيْء،ٍ أو مِنْ بَيْنِ أشْياءَ فظَهَرَ، أو خَرَجَ مِنْ غَيرِهِ أو شَذَّ.
* مقاييس اللغة : (5/408)
* القاموس المحيط : (ص 618)
* لسان العرب : (14/193)
* المعجم الوسيط : (2/911)
* التعريفات للجرجاني : (ص 235)
* التوقيف على مهمات التعاريف : (ص 689)
* الكليات : (ص 529)
* معجم لغة الفقهاء : (ص 477)
* المدونة : (1/337)
* حاشية الدسوقي على الشرح الكبير : (1/491)
* الفروق للقرافي : (4/200)
* المنثور في القواعد : (3/243) -
التَّعْرِيفُ:
1 - النَّدْرَةُ فِي اللُّغَةِ: نَدَرَ الشَّيْءُ نُدُورًا - مِنْ بَابِ قَعَدَ - سَقَطَ أَوْ خَرَجَ مِنْ غَيْرِهِ أَوْ شَذَّ، وَمِنْهُ: نَادِرُ الْجَبَل، وَهُوَ مَا يَخْرُجُ مِنْهُ وَيَبْرُزُ، وَنَدَرَ فُلاَنٌ مِنْ قَوْمِهِ: خَرَجَ، وَنَدَرَ الْعَظْمُ مِنْ مَوْضِعِهِ: زَال، وَالاِسْمُ: النَّدْرَةُ بِفَتْحِ النُّونِ، وَالضَّمُّ لُغَةٌ، وَلاَ يَكُونُ ذَلِكَ إِلاَّ نَادِرًا.
وَالنَّدْرَةُ: الْقِطْعَةُ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ تُوجَدُ فِي الْمَعْدِنِ، وَنَدَرَ فُلاَنٌ فِي عِلْمٍ وَفَضْلٍ: تَقَدَّمَ وَقَل وُجُودُ نَظِيرِهِ، وَنَدَرَ الْكَلاَمُ نَدَارَةً - بِالْفَتْحِ - فَصُحَ وَجَادَ.
وَأَنْدَرَ: أَتَى بِنَادِرٍ مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ (1) .
وَفِي اصْطِلاَحِ الْفُقَهَاءِ: النَّادِرُ مَا قَل وُجُودُهُ وَإِنْ لَمْ يُخَالِفِ الْقِيَاسَ، فَإِنْ خَالَفَهُ فَهُوَ شَاذٌّ (2) .
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: تُطْلَقُ النَّدْرَةُ - بِفَتْحِ النُّونِ وَسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ - عَلَى الْقِطْعَةِ مِنَ الذَّهَبِ أَوِ الْفِضَّةِ الْخَالِصَةِ الَّتِي لاَ تَحْتَاجُ لِتَصْفِيَةٍ، وَهَذَا تَفْسِيرُ عِيَاضٍ وَغَيْرِهِ (3)
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - الْغَالِبُ:
2 - الْغَالِبُ لُغَةً اسْمُ فَاعِلٍ مِنَ الْغَلَبَةِ، وَمِنْ مَعَانِيهِ: الْقَهْرُ، يُقَال: غَلَبَهُ: إِذَا قَهَرَهُ، وَمِنْ مَعَانِيهِ: الْكَثْرَةُ أَيْضًا، يُقَال: غَلَبَ عَلَى فُلاَنٍ الْكَلاَمُ، أَيْ هُوَ أَكْثَرُ خِصَالِهِ (4) .
وَقَدِ اسْتَعْمَلَهُ الْفُقَهَاءُ بِالْمَعْنَيَيْنِ.
مَعْنَى الْقَهْرِ، قَال ابْنُ قُدَامَةَ: مَنِ اشْتَرَى مِنَ الْمَغْنَمِ فِي بِلاَدِ الرُّومِ فَغَلَبَ عَلَيْهِ الْعَدُوُّ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنَ الثَّمَنِ (5) .
وَمَعْنَى الْكَثْرَةِ، قَال الْمَوَّاقُ: رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ زَكَاةَ الْفِطْرِ تُخْرَجُ مِنْ غَالَبِ عَيْشِ الْبَلَدِ (6) .
وَالصِّلَةُ بَيْنَ النُّدْرَةِ وَالْغَالِبِ: التَّضَادُّ.
ب - الشَّاذُّ:
3 - الشَّاذُّ فِي اللُّغَةِ مِنْ شَذَّ يَشِذُّ وَيَشَذُّ شُذُوذًا: إِذَا انْفَرَدَ عَنْ غَيْرِهِ، وَشَذَّ: نَفَرَ. وَفِي الاِصْطِلاَحِ قَال الْجُرْجَانِيُّ: الشَّاذُّ مَا يَكُونُ مُخَالِفًا لِلْقِيَاسِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إِلَى قِلَّةِ وُجُودٍ وَكَثْرَتِهِ.
وَالصِّلَةُ بَيْنَهُمَا أَنَّ النَّادِرَ مَا قَل وُجُودُهُ وَإِنْ لَمْ يُخَالِفِ الْقِيَاسَ، وَالشَّاذُّ مَا يَكُونُ مُخَالِفًا لِلْقِيَاسِ (7) .
أَوَّلاً: مَا يَتَعَلَّقُ بِالنَّدْرَةِ (بِمَعْنَى الْقِلَّةِ) مِنْ أَحْكَامٍ:
تَقْدِيمُ النَّادِرِ عَلَى الْغَالِبِ أَحْيَانًا:
4 - قَال الْقَرَافِيُّ: الأَْصْل اعْتِبَارُ الْغَالِبِ وَتَقْدِيمُهُ عَلَى النَّادِرِ وَهُوَ شَأْنُ الشَّرِيعَةِ وَذَلِكَ كَالْقَصْرِ فِي السَّفَرِ وَالْفِطْرِ بِنَاءً عَلَى غَالِبِ الْحَال وَهُوَ الْمَشَقَّةُ وَكَمَنْعِ شَهَادَةِ الأَْعْدَاءِ وَالْخُصُومِ، لأَِنَّ الْغَالِبَ مِنْهُمُ الْحَيْفُ.
5 - وَقَدْ يُلْغِي الشَّارِعُ الْغَالِبَ رَحْمَةً بِالْعِبَادِ وَيُقَدِّمُ النَّادِرَ عَلَيْهِ وَمِنْ أَمْثِلَةِ ذَلِكَ: أ - إِذَا تَزَوَّجَتِ الْمَرْأَةُ فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ، جَازَ أَنْ يَكُونَ مِنْ وَطْءٍ قَبْل الْعَقْدِ وَهُوَ الْغَالِبُ، أَوْ مِنْ وَطْءٍ بَعْدَهُ وَهُوَ النَّادِرُ، فَإِنَّ غَالِبَ الأَْجِنَّةِ لاَ تُوضَعُ إِلاَّ لِتِسْعَةِ أَشْهُرٍ وَإِنَّمَا الَّذِي يُوضَعُ فِي السِّتَّةِ سَقْطٌ فِي الْغَالِبِ، فَأَلْغَى الشَّارِعُ حُكْمَ الْغَالِبِ، وَأَثْبَتَ حُكْمَ النَّادِرِ، وَجَعَلَهُ مِنَ الْوَطْءِ بَعْدَ الْعَقْدِ لُطْفًا بِالْعِبَادِ، لِحُصُول السِّتْرِ عَلَيْهِمْ وَصَوْنِ أَعْرَاضِهِمْ (8) .
ب - الْغَالِبُ عَلَى النِّعَال مُصَادَفَةُ النَّجَاسَاتِ لاَسِيَّمَا نَعْلٌ مَشَى بِهَا سَنَةً، وَجَلَسَ بِهَا فِي مَوَاضِعِ قَضَاءِ الْحَاجَةِ سَنَةً وَنَحْوَهَا، فَالْغَالِبُ فِيهَا النَّجَاسَةُ، وَالنَّادِرُ سَلاَمَتُهَا مِنَ النَّجَاسَةِ، وَمَعَ ذَلِكَ أَلْغَى الشَّارِعُ حُكْمَ الْغَالِبِ وَأَثْبَتَ حُكْمَ النَّادِرِ فَجَاءَتِ السُّنَّةُ بِالصَّلاَةِ فِي النِّعَال، كُل ذَلِكَ رَحْمَةٌ وَتَوْسِعَةٌ عَلَى الْعِبَادِ (9) .
ج - الْحُصْرُ وَالْبُسُطُ الَّتِي قَدِ اسْوَدَّتْ مِنْ طُول مَا قَدْ لُبِسَتْ، يَمْشِي عَلَيْهَا الْحُفَاةُ وَالصِّبْيَانُ، وَمَنْ يُصَلِّي وَمَنْ لاَ يُصَلِّي، الْغَالِبُ مُصَادَفَتُهَا لِلنَّجَاسَةِ.
وَالنَّادِرُ سَلاَمَتُهَا، وَمَعَ ذَلِكَ قَدْ جَاءَتِ السُّنَّةُ بِأَنَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ قَدْ صَلَّى عَلَى حَصِيرٍ قَدِ اسْوَدَّ مِنْ طُول مَا لُبِسَ بَعْدَ نَضْحِهِ بِالْمَاءِ (10) ،. وَالنَّضْحُ لاَ يُزِيل النَّجَاسَةَ بَل يَنْشُرُهَا، فَقَدَّمَ الشَّرْعُ حُكْمَ النَّادِرِ عَلَى حُكْمِ الْغَالِبِ (11) . د - فِي بَابِ الصَّلاَةِ الْغَالِبُ مُصَادَفَةُ الْحُفَاةِ النَّجَاسَةَ وَلَوْ فِي الطُّرُقَاتِ وَمَوَاضِعِ قَضَاءِ الْحَاجَاتِ وَالنَّادِرُ سَلاَمَتُهُمْ، وَمَعَ ذَلِكَ جَوَّزَ الشَّرْعُ صَلاَةَ الْحَافِي كَمَا جَوَّزَ لَهُ الصَّلاَةَ بِنَعْلِهِ مِنْ غَيْرِ غَسْل رِجْلَيْهِ، وَقَدْ كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ يَمْشِي حَافِيًا وَلاَ يَعِيبُ ذَلِكَ فِي صَلاَتِهِ، لأَِنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ ﷺ يُصَلِّي بِنَعْلِهِ (12) ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْحَفَاءَ أَخَفُّ فِي تَحَمُّل النَّجَاسَةِ مِنَ النِّعَال، فَقَدَّمَ الشَّارِعُ حُكْمَ النَّادِرِ عَلَى الْغَالِبِ تَوْسِعَةً عَلَى الْعِبَادِ (13) .
وَقَال الْقَرَافِيُّ بَعْدَ ذِكْرِ هَذِهِ الأَْمْثِلَةِ وَغَيْرِهَا: وَنَظَائِرُ هَذَا الْبَابِ كَثِيرَةٌ فِي الشَّرِيعَةِ، وَلِصَاحِبِ الشَّرْعِ أَنْ يَضَعَ فِي شَرْعِهِ مَا شَاءَ وَيَسْتَثْنِي مِنْ قَوَاعِدِهِ مَا شَاءَ، وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَصَالِحِ عِبَادِهِ فَيَنْبَغِي لِمَنْ قَصَدَ إِثْبَاتَ حُكْمِ الْغَالِبِ دُونَ النَّادِرِ أَنْ يَنْظُرَ هَل ذَلِكَ الْغَالِبُ مِمَّا أَلْغَاهُ الشَّرْعُ أَمْ لاَ وَحِينَئِذٍ يَعْتَمِدُ عَلَيْهِ، وَأَمَّا مُطْلَقُ الْغَالِبِ كَيْفَ كَانَ فِي جَمِيعِ صُوَرِهِ فَخِلاَفُ الإِْجْمَاعِ (14) . 50 إِلْغَاءُ النَّادِرِ وَالْغَالِبِ مَعًا:
6 - قَدْ يُلْغِي الشَّارِعُ النَّادِرَ وَالْغَالِبَ مَعًا رَحْمَةً بِالْعِبَادِ، وَمِنْ أَمْثِلَةِ ذَلِكَ: أ - شَهَادَةُ الصِّبْيَانِ فِي الأَْمْوَال إِذَا كَثُرَ عَدَدُهُمْ جِدًّا: الْغَالِبُ صِدْقُهُمْ وَالنَّادِرُ كَذِبُهُمْ، وَلَمْ يَعْتَبِرِ الشَّرْعُ صِدْقَهُمْ وَلاَ قَضَى بِكَذِبِهِمْ، بَل أَهْمَلَهُمْ رَحْمَةً بِالْعِبَادِ وَرَحْمَةً بِالْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَأَمَّا فِي الْجِرَاحِ وَالْقَتْل فَقَبِلَهُمْ مَالِكٌ وَجَمَاعَةٌ.
ب - شَهَادَةُ الْجَمْعِ الْكَثِيرِ مِنْ جَمَاعَةِ النِّسْوَانِ فِي أَحْكَامِ الأَْبْدَانِ: الْغَالِبُ صِدْقُهُنَّ وَالنَّادِرُ كَذِبُهُنَّ لاَ سِيَّمَا مَعَ الْعَدَالَةِ، وَقَدْ أَلْغَى صَاحِبُ الشَّرْعِ صِدْقَهُنَّ فَلَمْ يَحْكُمْ بِهِ وَلاَ حَكَمَ بِكَذِبِهِنَّ لُطْفًا بِالْمُدَّعَى عَلَيْهِ (15) .
ج - حَلِفُ الْمُدَّعِي الطَّالِبِ وَهُوَ مِنْ أَهْل الْخَيْرِ وَالصَّلاَحِ: الْغَالِبُ صِدْقُهُ وَالنَّادِرُ كَذِبُهُ، وَلَمْ يَقْضِ الشَّارِعُ بِصِدْقِهِ فَيَحْكُمَ لَهُ بِيَمِينِهِ، بَل لاَ بُدَّ مِنَ الْبَيِّنَةِ، وَلَمْ يَحْكُمْ بِكَذِبِهِ لُطْفًا بِالْمُدَّعَى عَلَيْهِ.
د - شَهَادَةُ الْعَدْل الْوَاحِدِ فِي أَحْكَامِ الأَْبْدَانِ: الْغَالِبُ صِدْقُهُ وَالنَّادِرُ كَذِبُهُ، وَلَمْ يَحْكُمِ الشَّرْعُ بِصِدْقِهِ لُطْفًا بِالْعِبَادِ وَلُطْفًا بِالْمُدَّعَى عَلَيْهِ،وَلَمْ يُكَذِّبْهُ.
هـ - حُكْمُ الْقَاضِي لِنَفْسِهِ وَهُوَ عَدْلٌ مُبَرِّزٌ مِنْ أَهْل التَّقْوَى وَالْوَرَعِ: الْغَالِبُ أَنَّهُ إِنَّمَا حَكَمَ بِالْحَقِّ وَالنَّادِرُ خِلاَفُهُ، وَقَدْ أَلْغَى الشَّرْعُ ذَلِكَ الْحُكْمَ بِبُطْلاَنِهِ وَصِحَّتِهِ مَعًا (16) .
إِلْحَاقُ النَّادِرِ بِالْغَالِبِ:
7 - ذَكَرَ الزَّرْكَشِيُّ عُنْوَانَ (النَّادِرُ هَل يَلْحَقُ بِالْغَالِبِ) وَقَسَّمَ ذَلِكَ أَرْبَعَةَ أَقْسَامٍ: أَحَدُهَا: مَا يَلْحَقُ قَطْعًا، كَمَنْ خُلِقَتْ بِلاَ بَكَارَةٍ دَاخِلَةٌ فِي حُكْمِ الأَْبْكَارِ قَطْعًا فِي الاِسْتِئْذَانِ.
الثَّانِي: مَا لاَ يَلْحَقُ قَطْعًا كَالإِْصْبَعِ الزَّائِدَةِ لاَ تَلْحَقُ بِالأَْصْلِيَّةِ فِي حُكْمِ الدِّيَةِ قَطْعًا، وَنِكَاحُ مَنْ بِالْمَشْرِقِ مَغْرِبِيَّةً لاَ يَلْحَقُهُ الْوَلَدُ.
الثَّالِثُ: مَا يَلْحَقُ بِهِ عَلَى الأَْصَحِّ كَنَقْضِ الْوُضُوءِ بِخُرُوجِ النَّادِرِ مِنَ الْفَرْجِ.
الرَّابِعُ: مَا لاَ يَلْحَقُ بِهِ عَلَى الأَْصَحِّ كَالأَْشْيَاءِ الَّتِي يَتَسَارَعُ إِلَيْهَا الْفَسَادُ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ لاَ يَثْبُتُ فِيهِ خِيَارُ الشَّرْطِ فِي الأَْصَحِّ (17) .
النَّادِرُ إِذَا لَمْ يَدُمْ يَقْتَضِي الْقَضَاءَ:
8 - مَثَّل الزَّرْكَشِيُّ لِذَلِكَ بِالْمَرْبُوطِ عَلَى خَشَبَةٍ بِأَنَّهُ يُصَلِّي وَيُعِيدُ، وَالْمُشْتَبِهُ عَلَيْهِ الْقِبْلَةُ فِي سَفَرِهِ فَإِنَّهُ يُعِيدُ وَاسْتَثْنَى صُورَةَ الصَّلاَةِ فِي حَالَةِ الْمُسَايَفَةِ (الْحَرْبِ) أَرْكَانُهَا مُخْتَلَّةٌ وَلاَ قَضَاءَ وَهِيَ عَلَى خِلاَفِ الْقَاعِدَةِ، إِذْ هُوَ نَادِرٌ لاَ يَدُومُ وَلاَ بَدَل فِيهِ، وَلَكِنَّهُ رُخْصَةٌ مُتَلَقَّاةٌ (18) مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَانًا (19)
النَّادِرُ إِذَا دَامَ يُعْطَى حُكْمَ الْغَالِبِ:
9 - مَثَّل الزَّرْكَشِيُّ لِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ بِالْمُسْتَحَاضَةِ غَيْرِ الْمُتَحَيِّرَةِ لاَ تَقْضِي الصَّلاَةَ مَعَ الْحَدَثِ، لأَِنَّهُ وَإِنْ كَانَ نَادِرًا إِلاَّ أَنَّهُ يَدُومُ، وَيَجُوزُ الْقَصْرُ فِي السَّفَرِ وَإِنْ لَمْ تَلْحَقِ الْمُسَافِرَ مَشَقَّةٌ، وَمِنْهُ أَثَرُ دَمِ الْبَرَاغِيثِ مَعْفُوٌّ عَنْهُ لأَِنَّهُ يَدُومُ (20) .
وَيُسْتَثْنَى صُوَرٌ:
إِحْدَاهَا: الشُّعُورُ الَّتِي فِي الْوَجْهِ يَجِبُ غَسْلُهَا ظَاهِرًا وَبَاطِنًا وَإِنْ كَثُفَتْ، وَكَثَافَتُهَا وَإِنْ كَانَتْ نَادِرَةً إِلاَّ أَنَّهَا إِذَا وَقَعَتْ دَامَتْ، وَلَمْ يُلْحِقُوهَا بِالْغَالِبِ حَتَّى يَكْفِيَ غَسْل الظَّاهِرِ.
الثَّانِيَةُ: فِي الاِسْتِنْجَاءِ بِالْحَجَرِ مِنَ الاِسْتِحَاضَةِ قَوْلاَنِ، كَالْمَذْيِ لأَِنَّهَا نَادِرَةٌ، كَذَا قَال النَّوَوِيُّ، وَاسْتَشْكَل الْخِلاَفَ لأَِنَّهَا تَدُومُ وَالنَّادِرُ إِذَا دَامَ الْتَحَقَ بِالْغَالِبِ، وَكَانَ يَنْبَغِي الْقَطْعُ بِالْجَوَازِ. الثَّالِثَةُ: دَمُ الْبَوَاسِيرِ نَادِرٌ، وَإِذَا وَقَعَ دَامَ وَمَعَ ذَلِكَ هُوَ عَلَى الْقَوْلَيْنِ حَتَّى يَجُوزَ الاِسْتِنْجَاءُ مِنْهُ بِالْحَجَرِ فِي الأَْظْهَرِ.
الرَّابِعَةُ: إِذَا انْفَتَحَ مَخْرَجٌ آخَرُ لِلإِْنْسَانِ وَنَقَضْنَا بِالْخَارِجِ مِنْهُ، فَهَل يُجْزِئُ فِيهِ الْحَجَرُ؟ وَجْهَانِ: أَصَحُّهُمَا لاَ، لأَِنَّهُ نَادِرٌ، وَالاِقْتِصَارُ عَلَى الْحَجَرِ خَارِجٌ عَنِ الْقِيَاسِ فَلاَ يَكُونُ فِي مَعْنَى السَّبِيلَيْنِ، هَذَا مَعَ أَنَّهُ إِذَا وَقَعَ دَامَ (21) .
النَّدْرَةُ فِي السَّلَمِ فِيمَا يُسْلَمُ فِيهِ:
10 - قَال الشَّافِعِيَّةُ: لاَ يَصِحُّ السَّلَمُ فِيمَا نَدَرَ وُجُودُهُ كَلَحْمِ الصَّيْدِ بِمَوْضِعٍ يَعِزُّ وُجُودُهُ فِيهِ لاِنْتِفَاءِ الْوُثُوقِ بِتَسْلِيمِهِ، نَعَمْ لَوْ كَانَ السَّلَمُ حَالًّا، وَكَانَ الْمُسْلَمُ فِيهِ مَوْجُودًا عِنْدَ الْمُسْلَمِ إِلَيْهِ بِمَوْضِعٍ يَنْدُرُ فِيهِ صَحَّ، قَال الرَّمْلِيُّ: وَفِيهِ نَظَرٌ، وَقَال الشَّبْرَامَلَّسِيُّ: وَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُ الصِّحَّةِ خِلاَفًا لِصَاحِبِ الاِسْتِقْصَاءِ.
وَلاَ يَجُوزُ السَّلَمُ كَذَلِكَ فِيمَا لَوِ اسْتَقْصَى وَصْفَهُ الْوَاجِبَ ذِكْرُهُ فِي السَّلَمِ عَزَّ وُجُودُهُ كَاللُّؤْلُؤِ الْكِبَارِ وَالْيَوَاقِيتِ وَغَيْرِهَا مِنَ الْجَوَاهِرِ النَّفِيسَةِ، لأَِنَّهُ لاَ بُدَّ فِيهَا مِنَ التَّعَرُّضِ لِلْحَجْمِ وَالْوَزْنِ وَالشَّكْل وَالصَّفَاءِ، وَاجْتِمَاعُ هَذِهِ الأُْمُورِ نَادِرٌ. كَمَا لاَ يَصِحُّ السَّلَمُ فِي جَارِيَةٍ وَلَوْ قَلَّتْ صِفَاتُهَا كَزِنْجِيَّةٍ وَأُخْتِهَا أَوْ وَلَدِهَا أَوْ عَمَّتِهَا أَوْ خَالَتِهَا، أَوْ شَاةٍ وَسَخْلَتِهَا لِنُدْرَةِ اجْتِمَاعِهِمَا مَعَ الصِّفَاتِ الْمُشْتَرَكَةِ، وَكَذَلِكَ لاَ يَصِحُّ السَّلَمُ فِي أَوِزَّةٍ وَأَفْرَاخِهَا أَوْ دَجَاجَةٍ كَذَلِكَ وَلَوْ مَعَ ذِكْرِ الْعَدَدِ - خِلاَفًا لِلأَْذْرَعِيِّ - إِذْ يَعِزُّ وُجُودُ الأُْمِّ وَأَوْلاَدِهَا (22) .
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: لاَ يَصِحُّ السَّلَمُ فِيمَا يَنْدُرُ وُجُودُهُ كَاللُّؤْلُؤِ الْكِبَارِ كِبَرًا خَارِجًا عَنِ الْمُعْتَادِ (23) .
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: يُشْتَرَطُ فِي الْمُسْلَمِ فِيهِ أَنْ يَكُونَ عَامَّ الْوُجُودِ فِي مَحَلِّهِ، فَإِنْ كَانَ الْمُسْلَمُ فِيهِ لاَ يُوجَدُ فِي وَقْتِ حُلُولِهِ إِلاَّ نَادِرًا كَالسَّلَمِ فِي الرُّطَبِ وَالْعِنَبِ إِلَى غَيْرِ وَقْتِهِ لَمْ يَصِحَّ السَّلَمُ، لأَِنَّهُ لاَ يُمْكِنُ تَسْلِيمُهُ غَالِبًا عِنْدَ وُجُوبِهِ (24) .
الْقِرَاضُ فِي نَادِرِ الْوُجُودِ:
11 - قَال الشَّافِعِيَّةُ: لاَ يَجُوزُ لِرَبِّ الْقِرَاضِ أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَى الْعَامِل شِرَاءَ نَوْعٍ يَنْدُرُ وُجُودُهُ كَالْخَيْل الْبُلْقِ وَالْيَاقُوتِ الأَْحْمَرِ، وَالْخَزِّ الأَْدْكَنِ، لأَِنَّ النَّادِرَ قَدْ لاَ يَجِدُهُ، قَال الْخَطِيبُ الشِّرْبِينِيُّ: أَفْهَمُ كَلاَمَ النَّوَوِيِّ أَنَّ النَّوْعَ إِذَا لَمْ يَنْدُرُ وُجُودُهُ أَنَّهُ يَصِحُّ وَلَوْ كَانَ يَنْقَطِعُ كَالْفَوَاكِهِ الرَّطْبَةِ، وَهُوَ كَذَلِكَ لاِنْتِفَاءِ التَّعْيِينِ، قَال: وَكَذَا إِنْ نَدَرَ وَكَانَ بِمَكَانٍ يُوجَدُ فِيهِ غَالِبًا، قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ، لَكِنْ لَوْ نَهَاهُ أَنْ يَشْتَرِيَ مَا يَنْدُرُ وُجُودُهُ صَحَّ (25) .
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: إِنْ شَرَطَ رَبُّ الْمَال عَلَى الْعَامِل شِرَاءَ مَا يَتَعَذَّرُ لِقِلَّتِهِ لَمْ يَجُزْ، فَإِنْ وَقَعَ وَفَاتَ الْقِرَاضُ بِالْعَمَل فَإِنَّهُ يُفْسَخُ، وَفِيهِ قِرَاضُ الْمِثْل (26) .
وَأَجَازَ ذَلِكَ الْحَنَابِلَةُ، قَال ابْنُ قُدَامَةَ: إِذَا شَرَطَ رَبُّ الْمَال عَلَى الْمُضَارِبِ أَنْ يَشْتَرِيَ مَا لاَ يَعُمُّ وُجُودُهُ كَالْيَاقُوتِ الأَْحْمَرِ وَالْخَيْل الْبُلْقِ كَانَ ذَلِكَ جَائِزًا، لأَِنَّهَا مُضَارَبَةٌ خَاصَّةٌ لاَ تَمْنَعُ الرِّبْحَ بِالْكُلِّيَّةِ فَصَحَّتْ، كَمَا لَوْ شَرَطَ أَنْ لاَ يَتَّجِرَ إِلاَّ فِي نَوْعٍ يَعُمُّ وُجُودُهُ، وَلأَِنَّهُ عَقْدٌ يَصِحُّ تَخْصِيصُهُ بِنَوْعٍ، فَصَحَّ تَخْصِيصُهُ فِي سِلْعَةٍ بِعَيْنِهَا كَالْوَكَالَةِ (27) .
النَّدْرَةُ فِي انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ:
12 - اخْتَلَفَ فُقَهَاءُ الْحَنَفِيَّةِ فِي الْمُطَلَّقَةِ إِذَا كَانَتْ تَعْتَدُّ بِالأَْقْرَاءِ فِي كَمْ مِنَ الأَْيَّامِ تُصَدَّقُ إِذَا أَخْبَرَتْ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، فَقَال أَبُو حَنِيفَةَ: لاَ تُصَدَّقُ فِي أَقَل مِنْ سِتِّينَ يَوْمًا، وَقَال أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: تُصَدَّقُ فِي تِسْعَةٍ وَثَلاَثِينَ يَوْمًا، وَتَخْرِيجُ ذَلِكَ عِنْدَهُمَا: أَنَّهُ يُجْعَل كَأَنَّهُ طَلَّقَهَا فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ الْحَيْضِ، وَحَيْضُهَا أَقَل الْحَيْضِ ثَلاَثَةً، وَطُهْرُهَا أَقَل الطُّهْرِ خَمْسَةَ عَشَرَ، فَثَلاَثُ مَرَّاتٍ ثَلاَثَةٌ يَكُونُ تِسْعَةً، وَطُهْرَانِ كُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَمْسَةَ عَشَرَ يَكُونُ ثَلاَثِينَ، فَلِهَذَا صَدَقَتْ فِي تِسْعَةٍ وَثَلاَثِينَ يَوْمًا، لأَِنَّهَا أَمِينَةٌ، فَإِذَا أَخْبَرَتْ بِمَا هُوَ مُحْتَمَلٌ يَجِبُ قَبُول خَبَرِهَا.
لَكِنِ السَّرَخْسِيُّ قَال: لاَ مَعْنَى لِمَا قَال أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ، لأَِنَّهُ لاَ احْتِمَال لِتَصْدِيقِهَا فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ إِلاَّ بَعْدَ أُمُورٍ كُلُّهَا نَادِرَةٌ، مِنْهَا: أَنْ يَكُونَ الإِْيقَاعُ فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ الطُّهْرِ، وَمِنْهَا: أَنْ يَكُونَ حَيْضُهَا أَقَل مُدَّةِ الْحَيْضِ، وَمِنْهَا: أَنْ يَكُونَ طُهْرُهَا أَقَل مُدَّةِ الطُّهْرِ، وَمِنْهَا أَنْ لاَ تُؤَخِّرَ الإِْخْبَارَ عَنْ سَاعَةِ الاِنْقِضَاءِ.
وَالأَْمِينُ إِذَا أَخْبَرَ بِمَا لاَ يُمْكِنُ تَصْدِيقُهُ فِيهِ إِلاَّ بِأُمُورٍ هِيَ نَادِرَةٌ لاَ يُصَدَّقُ، كَالْوَصِيِّ إِذَا قَال أَنْفَقْتُ عَلَى الصَّبِيِّ فِي يَوْمٍ مِائَةَ دِرْهَمٍ لاَ يُصَدَّقُ، وَمَا قَالَهُ مُحْتَمَلٌ بِأَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ نَفَقَةً فَتُسْرَقَ ثُمَّ مِثْلَهَا فَتُحْرَقَ ثُمَّ مِثْلَهَا فَتُتْلَفَ، فَلاَ يُصَدَّقُ لِكَوْنِ هَذِهِ الأُْمُورِ نَادِرَةً فَكَذَلِكَ هُنَا (28) . وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: إِنِ ادَّعَتِ الْمَرْأَةُ انْقِضَاءَ الْعِدَّةِ فِي مُدَّةٍ يَنْدُرُ انْقِضَاؤُهَا فِيهَا كَالشَّهْرِ لِجَوَازِ أَنْ يُطَلِّقَهَا أَوَّل لَيْلَةٍ مِنَ الشَّهْرِ وَهِيَ طَاهِرٌ، فَيَأْتِيهَا الْحَيْضُ وَيَنْقَطِعُ قَبْل الْفَجْرِ، ثُمَّ يَأْتِيهَا لَيْلَةَ السَّادِسَ عَشَرَ وَيَنْقَطِعُ قَبْل الْفَجْرِ أَيْضًا، ثُمَّ يَأْتِيهَا آخِرَ يَوْمٍ مِنَ الشَّهْرِ بَعْدَ الْغُرُوبِ، لأَِنَّ الْعِبْرَةَ بِالطُّهْرِ فِي الأَْيَّامِ فَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ لاَ بُدَّ مِنْ سُؤَال النِّسَاءِ عَنْ ذَلِكَ فَإِنْ شَهِدْنَ لَهَا بِذَلِكَ، أَيْ شَهِدْنَ أَنَّ النِّسَاءَ يَحِضْنَ لِمِثْل هَذَا، فَإِنَّهَا تُصَدَّقُ فِيمَا ادَّعَتْهُ.
أَمَّا إِذَا ادَّعَتِ انْقِضَاءَ عِدَّتِهَا فِي مُدَّةٍ لاَ يُمْكِنُ انْقِضَاؤُهَا فِيهَا لاَ غَالِبًا وَلاَ نَادِرًا فَلاَ تُصَدَّقُ، وَلاَ يُسْأَل النِّسَاءُ فِي ذَلِكَ (29) .
ثَانِيًا: مَا يَتَعَلَّقُ بِالنَّدْرَةِ (بِمَعْنَى الْمَعْدِنِ) مِنْ أَحْكَامٍ:
13 - قَال الْمَالِكِيَّةُ: يَجِبُ عَلَى وَاجِدِ النَّدْرَةِ الْخُمْسُ كَالرِّكَازِ، سَوَاءٌ أَكَانَ وَاجِدُهَا حُرًّا أَمْ عَبْدًا، وَسَوَاءٌ أَكَانَ مُسْلِمًا أَمْ كَافِرًا، وَسَوَاءٌ أَكَانَ صَبِيًّا أَمْ بَالِغًا، وَسَوَاءٌ بَلَغَتْ نِصَابًا أَمْ لاَ، وَهَذَا قَوْل ابْنِ الْقَاسِمِ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ مَالِكٍ، وَيَكُونُ مَصْرِفُهُ مَصَالِحَ الْمُسْلِمِينَ وَلاَ يَخْتَصُّ بِالأَْصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ، وَذَلِكَ لأَِنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ يَعْتَبِرُهَا مِنَ الرِّكَازِ، لأَِنَّ الرِّكَازَ عِنْدَهُ: مَا وُجِدَ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ فِي بَاطِنِ الأَْرْضِ مُخَلَّصًا، سَوَاءٌ دُفِنَ فِيهَا أَوْ كَانَ خَالِيًا عَنِ الدَّفْنِ.
وَعِنْدَ ابْنِ نَافِعٍ يَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ رُبْعَ الْعُشْرِ لأَِنَّ ابْنَ نَافِعٍ يَعْتَبِرُهَا مِنَ الْمَعْدِنِ، لأَِنَّ الرِّكَازَ عِنْدَ ابْنِ نَافِعٍ مُخْتَصٌّ بِمَا دَفَنَهُ آدَمِيٌّ، وَيَكُونُ مَصْرِفُهَا مَصْرِفَ الزَّكَاةِ وَهُوَ الأَْصْنَافُ الثَّمَانِيَةُ.
وَقَال ابْنُ سُحْنُونٍ: إِنْ قَلَّتِ النَّدْرَةُ عَنِ النِّصَابِ فَلاَ تُخَمَّسُ.
وَالنَّدْرَةُ بِهَذَا الْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرَهُ الْمَالِكِيَّةُ تَدْخُل فِي الْمَعْدِنِ أَوِ الرِّكَازِ عِنْدَ غَيْرِهِمْ (1) .
وَيُنْظَرُ تَفْصِيل الْكَلاَمِ فِيهِ فِي مُصْطَلَحَيْ (رِكَازٍ ف 10، مَعْدِنٍ ف 6) .
__________
(1) لِسَان الْعَرَبِ، وَالْمِصْبَاح الْمُنِير، وَالْمُعْجَم الْوَسِيط.
(2) التَّعْرِيفَات للجرجاني، وَقَوَاعِد الْفِقْهِ لِلْبَرَكَتِي.
(3) الشَّرْح الْكَبِير مَعَ حَاشِيَةِ الدُّسُوقِيّ 1 / 489.
(4) لِسَان الْعَرَبِ.
(5) الْمُغْنِي 8 / 446.
(6) التَّاج وَالإِْكْلِيل للمواق 2 / 367.
(7) الْمِصْبَاح الْمُنِير، وَالتَّعْرِيفَاتِ للجرجاني.
(8) الْفُرُوق للقرافي 4 / 104.
(9) الْفُرُوق 4 / 105.
(10) حَدِيث صَلاَةِ النَّبِيِّ ﷺ عَلَى حَصِيرٍ قَدِ اسْوَدَّ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ (فَتْح الْبَارِي 1 / 488 ط السَّلَفِيَّة) وَمُسْلِم (1 / 457 ط عِيسَى الْحَلَبِيّ) مِنْ حَدِيثِ أَنَس بْن مَالِك.
(11) الْفُرُوق 4 / 106.
(12) حَدِيث صَلاَةِ النَّبِيِّ ﷺ بِنَعْلِهِ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ (فَتْح الْبَارِي 1 / 494 ط السَّلَفِيَّة) وَمُسْلِم (1 / 391 ط عِيسَى الْحَلَبِيّ) مِنْ حَدِيثِ أَنَس بْن مَالِك.
(13) الْفُرُوق 4 / 106.
(14) الْفُرُوق 4 / 107.
(15) الْفُرُوق 4 / 109.
(16) الْفُرُوق 4 / 109، 110.
(17) الْمَنْثُور فِي الْقَوَاعِدِ لِلزَّرْكَشِيّ 3 / 243، 244.
(18) الْمَنْثُور 3 / 244.
(19) سُورَة الْبَقَرَة / 239
(20) الْمَنْثُور 3 / 244، 245.
(21) الْمَرْجِع السَّابِق.
(22) نِهَايَة الْمُحْتَاجِ 4 / 198، وَمُغْنِي الْمُحْتَاج 2 / 110.
(23) الشَّرْح الْكَبِير مَعَ حَاشِيَةِ الدُّسُوقِيّ 3 / 215.
(24) كَشَّاف الْقِنَاع 3 / 303.
(25) مُغْنِي الْمُحْتَاج 2 / 311، 312.
(26) الشَّرْح الصَّغِير 3 / 688.
(27) الْمُغْنِي 5 / 68، 69.
(28) الْمَبْسُوط لِلسَّرَخْسِيِّ 3 / 217، 218.
(29) الشَّرْح الْكَبِير وَحَاشِيَة الدُّسُوقِيّ عَلَيْهِ 2 / 422، 423.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 129/ 40