النصير
كلمة (النصير) في اللغة (فعيل) بمعنى (فاعل) أي الناصر، ومعناه العون...
ما يتأدى بفعل القلب، كأصل الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، والاعتقاد بالقلب يتضمن ركنين قلبيين لا يغني أحدهما عن الآخر، ويلزم تحقيقهما مجتمعين في القلب؛ ليدخل صاحبه في مسمى الإيمان . الركن الأول المعرفة، والعلم، والتصديق . ويطلق عليه : قول القلب . والركن الثاني : الالتزام، والانقياد، والتسليم، والحب، والخوف، والرجاء . ويطلق عليه عمل القلب
مأْخوذٌ مِنَ العَقْدِ، وهو: الرَّبْطُ والشَّدُّ، ونَقيضُه: الحَلُّ والفَكُّ، ومنه: عقدُ القَلْبِ على الشَّيْءِ وإثباتُهُ في نَفْسِهِ بِحَيْث لا يَزولُ عنه. وأصلُ الكلِمَة يَدلُّ على الشِّدَّةِ والوُثوقِ، يُقال: عَقَدَ الحَبْلَ، يَعْقِدُهُ، عَقْداً، فانعقَدَ: إذا شَدَّهُ ورَبَطَهُ، وعُقْدَةُ كُلِّ شَيءٍ: إِبْرامُهُ ورَبْطُهُ، ومنه سُمِّيَ الإيمانُ اعْتِقاداً؛ لأنَّ المَرْءَ يَعْقِدُ قَلْبَهُ عليه ويَرْبِطُهُ، ومِنْ معانيه أيضاً: الإحْكامُ والإثْباتُ والإبْرامُ واللُّزومُ.
يَرِد مُصْطلَح (اعتِقاد) في مَواضِعَ عَدِيدَةٍ مِن كُتبِ العَقائِد، منها: باب: الإيمان ومَسائِله، وباب: تَوْحِيد الأُلُوهِيَّةِ، وباب: توحيد الرُّبوبِيَّة، وتوحيد الأسماء والصِّفات، وغير ذلك مِن الأبواب والمَسائِل. ويُطلَق في العقيدة على مَعْنَيَيْنِ: 1- التَّصدِيقُ مُطلقاً: وهو أعمُّ مِن أن يكون جازِماً أو غَيْرَ جازِمٍ، مُطابقاً لِلواقِعِ، أو غيرَ مُطابِقٍ، ثابِتاً أو غَيْرَ ثابِتٍ. 2- اليَقِينُ، وهو أعلى دَرَجاتِ العِلْمِ، بحيث لا يُمازِجُهُ رَيْبٌ ولا يُخالِطُهُ شَكٌّ. ويُطْلَق ويُراد به: العِلْمُ الذي يُدْرَسُ ويَتَناوَلُ تَقْرِيرَ جَوانِبِ التَّوْحِيدِ والإيمانِ والإسْلامِ والنُّبُوّاتِ والرَّدِّ على الكُفَّارِ والمُبْتَدِعَةِ ونَحْوِهِم. ويُطلَق في عِلم أصول الفقه، باب: مَراتِب العِلْمِ، ويُراد به: حُكْمُ الذِّهْنِ الجازِم الذي يُطابِقُ الواقِعَ، ولا يَتَطَرَّقُ إليه شَكٌّ. ويُطلَق أيضاً عند علماء النَّفس، ويقصدون به: كُلُّ ما عُقِد في النَّفسِ ويَصْعُبُ فَكُّهُ، ويَصْدُرُ عنه فِعْلٌ لا إرادِيٌّ، كالنّارِ مثلاً معقودٌ في النَّفسِ أنَّها مُحرِقَة ويَصْعُب إقناعُ شَخْصٍ ما بِأنَّها لا تُحْرِق، وعند مُحاوَلَةِ تَقرِيبِها مِنه يَصْدُر عنه فِعْلٌ لا إرادِيٌّ كالابتِعادِ عنها مَثلاً.
عقد
الحكم الجازم القابل للتغيير.
* تهذيب اللغة : (5/72)
* مقاييس اللغة : (4/86)
* المحكم والمحيط الأعظم : (1/165)
* لسان العرب : (3/296)
* تاج العروس : 8/394)
* المصباح المنير في غريب الشرح الكبير : (2/421)
* التعريفات للجرجاني : (ص 75)
* مجموع فتاوى ابن تيمية : (10/466)
* الحدود الأنيقة والتعريفات الدقيقة : (ص 69)
* العقيدة الصحيحة وما يضادها : (ص 4)
* عقيدة المسلم في ضوء الكتاب والسُّنَّة : (1/119)
* القول المفيد على كتاب التوحيد : (1/11)
* الوجيز في عقيدة السلف الصالح : (ص 30) -
التَّعْرِيفُ:
1 - الاِعْتِقَادُ لُغَةً: مَصْدَرُ اعْتَقَدَ. وَاعْتَقَدْتُ كَذَا: عَقَدْتُ عَلَيْهِ الْقَلْبَ وَالضَّمِيرَ، وَقِيل: الْعَقِيدَةُ، مَا يَدِينُ الإِْنْسَانُ بِهِ (1) .
وَاصْطِلاَحًا: يُطْلَقُ الاِعْتِقَادُ عَلَى مَعْنَيَيْنِ:
الأَْوَّل: التَّصْدِيقُ مُطْلَقًا، أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ جَازِمًا أَوْ غَيْرَ جَازِمٍ، مُطَابِقًا أَوْ غَيْرَ مُطَابِقٍ، ثَابِتًا أَوْ غَيْرَ ثَابِتٍ.
الثَّانِي: أَحَدُ أَقْسَامِ الْعِلْمِ، وَهُوَ الْيَقِينُ، وَسَيَأْتِي تَعْرِيفُهُ (2) .
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - الاِعْتِنَاقُ:
2 - مِنْ مَعَانِي الاِعْتِنَاقِ فِي اللُّغَةِ: جَعْل الرَّجُل يَدَيْهِ عَلَى عُنُقِ الآْخَرِ، وَمِنْهَا أَخْذُ الأَْمْرِ بِجِدٍّ، وَاسْتُعْمِل مُوَلَّدًا. فَقِيل اعْتَنَقَ دِينًا أَوْ نِحْلَةً (3) . فَهُوَ أَعَمُّ مِنَ الاِعْتِقَادِ.
ب - الْعِلْمُ:
3 - يُطْلَقُ الْعِلْمُ عَلَى مَعَانٍ: مِنْهَا الإِْدْرَاكُ مُطْلَقًا، تَصَوُّرًا كَانَ أَوْ تَصْدِيقًا، يَقِينِيًّا أَوْ غَيْرَ يَقِينِيٍّ. وَبِهَذَا الْمَعْنَى يَكُونُ الْعِلْمُ أَعَمَّ مِنَ الاِعْتِقَادِ مُطْلَقًا.
وَمِنْ مَعَانِي الْعِلْمِ الْيَقِينُ، وَبِهَذَا الْمَعْنَى يَكُونُ الْعِلْمُ أَخَصَّ مِنَ الاِعْتِقَادِ بِالْمَعْنَى الأَْوَّل، وَمُسَاوِيًا لَهُ بِالْمَعْنَى الثَّانِي، أَيِ الْيَقِينِ (4) .
ج - الْيَقِينُ:
4 - الْيَقِينُ هُوَ الاِعْتِقَادُ الْجَازِمُ الْمُطَابِقُ لِلْوَاقِعِ الثَّابِتِ، أَيِ الَّذِي لاَ يَقْبَل التَّشْكِيكَ (5) . وَيُعَرِّفُهُ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ عِلْمٌ يُورِثُ سُكُونَ النَّفْسِ وَثَلْجَ الصَّدْرِ بِمَا عَلِمَ، بَعْدَ حَيْرَةٍ وَشَكٍّ (6) . وَالْيَقِينُ أَخَصُّ مِنَ الْعِلْمِ، وَمِنَ الاِعْتِقَادِ. د - الظَّنُّ:
5 - الظَّنُّ: هُوَ إِدْرَاكُ الطَّرَفِ الرَّاجِحِ مَعَ احْتِمَال النَّقِيضِ، وَقَدْ يُسْتَعْمَل فِي الْيَقِينِ وَالشَّكِّ، تَجَوُّزًا. فَالظَّنُّ مُبَايِنٌ لِلاِعْتِقَادِ بِمَعْنَى الْيَقِينِ (7) .
الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ:
6 - يَعْرِضُ لِحُكْمِ الاِعْتِقَادِ وُجُوهٌ:
أ - بِالنِّسْبَةِ لِلصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ: يَنْقَسِمُ إِلَى قِسْمَيْنِ،
صَحِيحٌ وَفَاسِدٌ (8) . فَالاِعْتِقَادُ الصَّحِيحُ، هُوَ مَا طَابَقَ الْوَاقِعَ، كَاعْتِقَادِ أَنَّ صَلاَةَ الضُّحَى مَنْدُوبَةٌ. وَالاِعْتِقَادُ الْفَاسِدُ هُوَ غَيْرُ الْمُطَابِقِ لِلْوَاقِعِ، كَاعْتِقَادِ الْفَلاَسِفَةِ أَنَّ الْعَالَمَ قَدِيمٌ.
ب - بِالنِّسْبَةِ لِلْحِل وَالْحُرْمَةِ: لاَ يَجُوزُ اعْتِقَادُ حُكْمٍ مِنَ الأَْحْكَامِ الْخَمْسَةِ عَلَى غَيْرِ مَا هُوَ عَلَيْهِ مِنْ فَرْضِيَّةٍ أَوْ سُنِّيَّةٍ أَوْ إِبَاحَةٍ أَوْ كَرَاهَةٍ أَوْ تَحْرِيمٍ، فَاعْتِقَادُ إِبَاحَةِ الْمُبَاحِ وَاجِبٌ مَثَلاً، فَلَوِ اعْتَقَدَهُ عَلَى غَيْرِ مَا هُوَ عَلَيْهِ فَذَلِكَ خَطَأٌ. وَيَتَعَلَّقُ الإِْثْمُ بِذَلِكَ الْخَطَأِ فِي الأُْمُورِ الْمَعْلُومَةِ مِنَ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ، وَمَا عَدَاهَا فَيُعْذَرُ بِالْجَهْل وَالْخَطَأِ فِيهَا، إِذَا أَخْطَأَ فِي الاِجْتِهَادِ، أَوْ أَخْطَأَ مُقَلِّدُهُ تَبَعًا لَهُ.
أَثَرُ الاِعْتِقَادِ فِي التَّصَرُّفَاتِ:
7 - مَا يَعْتَقِدُهُ الْمُكَلَّفُ قُرْبَةً أَوْ مُبَاحًا فَإِذَا هُوَ بِخِلاَفِهِ، كَمَنْ فَعَل فِعْلاً يَظُنُّهُ قُرْبَةً أَوْ مُبَاحًا وَهُوَ مِنَ الْمَفَاسِدِ فِي نَفْسِ الأَْمْرِ، وَكَالْحَاكِمِ إِذَا حَكَمَ بِمَا اعْتَقَدَهُ حَقًّا بِنَاءً عَلَى الْحُجَجِ الشَّرْعِيَّةِ، أَوْ كَمَنْ يُصَلِّي عَلَى مُرْتَدٍّ يَعْتَقِدُهُ مُسْلِمًا، فَهَذَا خَطَأٌ مَعْفُوٌّ عَنْهُ، يُثَابُ فَاعِلُهُ عَلَى قَصْدِهِ، دُونَ فِعْلِهِ، وَكَذَلِكَ كُل مَا كَانَ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى.
أَمَّا إِذَا قَصَدَ إِغَاثَةَ الْجَائِعِ، فَأَعْطَاهُ طَعَامًا فَاسِدًا، مُعْتَقِدًا أَنَّهُ صَحِيحٌ، فَمَاتَ مِنْهُ، وَكَذَلِكَ إِذَا وَطِئَ أَجْنَبِيَّةً يَعْتَقِدُهَا زَوْجَتَهُ فَإِنَّهُ لاَ يَأْثَمُ، وَيَلْزَمُهُ ضَمَانُ مَا أَتْلَفَ، وَيَلْزَمُهُ مَهْرُ الْمِثْل فِي الْوَطْءِ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ. وَتَخْتَلِفُ الأُْجُورُ بِاخْتِلاَفِ رُتَبِ الْمَصَالِحِ، فَإِذَا تَحَقَّقَتِ الأَْسْبَابُ وَالشَّرَائِطُ وَالأَْرْكَانُ فِي الْبَاطِنِ، فَإِنْ ثَبَتَ هَذَا فِي الظَّاهِرِ - يَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ ثَوَابُ الآْخِرَةِ، وَإِنْ ثَبَتَ فِي الظَّاهِرِ مَا يُخَالِفُ الْبَاطِنَ أُثِيبَ الْمُكَلَّفُ عَلَى قَصْدِ الْعَمَل الْحَقِّ، وَلاَ يُثَابُ عَلَى عَمَلِهِ، لأَِنَّهُ خَطَأٌ، وَلاَ ثَوَابَ عَلَى الْخَطَأِ، وَلأَِنَّهُ مَفْسَدَةٌ وَلاَ ثَوَابَ عَلَى الْمَفَاسِدِ (9) . الْهَزْل وَالاِعْتِقَادُ:
8 - الْهَازِل لاَ يَدْخُل فِي اعْتِقَادٍ بِهَزْلِهِ، وَلاَ يَخْرُجُ مِنْهُ بِهَذَا الْهَزْل. إِلاَّ أَنَّ الْمُسْلِمَ يَكْفُرُ بِالْهَزْل بِالْكُفْرِ، لاَ لِتَبَدُّل الاِعْتِقَادَاتِ، بَل لأَِنَّ الْهَزْل اسْتِخْفَافٌ بِالدِّينِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُل أَبِاَللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ لاَ تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} (10)
وَلِلتَّفْصِيل يُرْجَعُ إِلَى مُصْطَلَحِ (اسْتِخْفَافٌ) (وَرِدَّةٌ) .
__________
(1) المصباح المنير مادة (عقد) .
(2) كشاف اصطلاحات الفنون 4 / 954.
(3) لسان العرب، والمصباح المنير، والمعجم الوسيط في المادة.
(4) المصباح المنير، والتعريفات للجرجاني / 135، والفروق في اللغة / 73، واصطلاحات الفنون للتهانوي ص 1055.
(5) اصطلاحات الفنون للتهانوي ص 1546.
(6) جمع الجوامع 1 / 153، والمصباح المنير، والتعريفات للجرجاني في المادة، والفروق في اللغة 91 - 93، واصطلاحات الفنون للتهانوي 4 / 954.
(7) المراجع السابقة.
(8) جمع الجوامع 1 / 152، أشرف المقاصد 12 ط الخيرية، وكشاف اصطلاحات الفنون للتهانوي 4 / 954 ط خياط.
(9) قواعد الأحكام للعز بن عبد السلام 1 / 23، 111 ط التجارية، والإيمان لابن تيمية 39.
(10) مسلم الثبوت 1 / 193، والإعلام بقواطع الإسلام 2 / 41، والمغني 8 / 150 ط السعودية، والحطاب 6 / 287، والصارم المسلول 546، والآية من سورة التوبة / 65، 66.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 204/ 5
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".