الرقيب
كلمة (الرقيب) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فعيل) بمعنى (فاعل) أي:...
السَّبْق إلى التصرف في الشيء، والانفراد في ذلك دون استئذانِ مَنْ هو صاحب الحق فيه . مثل أن يعقد فرد من المسلمين الصلح مع العدو دون إذن الحاكم . ومن شواهده قوله تعالى : ﭽﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖﭼالحجرات :١
الاِسْتِبْدَادُ بِالرَّأْيِ وَالانْفِرَادُ بِهِ، تَقُولُ: افْتَاتَ يَفْتَاتُ افْتِيَاتًا إِذَا انْفَرَدَ بِرَأْيِهِ دُونَ اسْتِئْذَانِ مَنْ يَجِبُ اسْتِئْذَانُهُ، أَوْ مَنْ هُوَ أَحَقُّ مِنْهُ بِالأَمْرِ فِيهِ، فَهُوَ مُفْتَاتٌ وَمُفْتَئِتٌ، وَيَأْتِي الافْتِيَاتُ بِمَعْنَى: التَّعَدِّي عَلَى حَقِّ مَنْ هُوَ أَوْلَى مِنْهُ، كَقَوْلِهِمْ: افْتَاتَ عَلَى سَيِّدِهِ إِذَا تَعَدَّى عَلَى حَقِّهِ، وَأَصْلُ كَلِمَةِ الافْتِيَاتِ مِنَ الفَوْتِ، وَهُوَ السَّبْقُ إِلِى الشَّيْءِ، يُقَالُ: فَاتَهُ الأَمْرُ يَفُوتُهُ فَوْتًا أَي سَبَقَهُ وَلَمْ يُدْرِكْهُ، وَافْتَاتَ عَلَيْهِ بِأَمْرِ كَذَا أَيْ فَاتَهُ بِهِ، وَالتَّفَاوُتُ: التَّبَاعُدُ، وَتَفَاوَتَ الشَّيْئَانِ إِذَا تَبَاعَدَ مَا بَيْنَهُمَا وَلَمْ يُدْرِكْ هَذَا ذَاكَ، وَمِنْ مَعَانِي الافْتِيَاتِ: الافْتِراءُ، وَافْتَاتَ عَلَيَّ إِذَا قَالَ عَنِّي بَاطِلًا.
يَذْكُرُ الفُقَهَاءُ مُصْطَلَحَ (الافْتِيَاتِ) فِي كِتَابِ الصَّلاَةِ فِي بَابِ الإِمَامَةِ فِي الصَّلاَةِ، وَكِتَابِ النِّكَاحِ فِي بَابِ الوِلاَيَةِ فِي النِّكَاحِ، وَكِتَابِ الجِهَادِ فِي بَابِ شُرُوطِ الجِهَادِ، وَبَابِ الأَمَانِ، وَكِتَابِ الحُدُودِ فِي بَابِ شُرُوطِ إِقَامَةِ الحَدِّ، وَكِتَابِ القَضَاءِ فِي بَابِ شُرُوطِ القَاضِي، وَغَيْرِهَا.
فوت
التَّقَدُّمُ عَلَى الغَيْرِ فِيمَا يَخْتَصُّ بِهِ دُونَ إِذْنِهِ.
الافْتِيَاتُ نَوْعٌ مِنَ التَّعَدِّي عَلَى حَقِّ الغَيْرِ فِيمَا هُوَ مِنْ خُصُوصِيَاتِهِ دُونَ اسْتِئْذَانِهِ، سَوَاءً كَانَ لِلْمُتَقَدِّمِ حَقٌّ أَيْضًا أَوْ لا، وَالافْتِيَاتُ عَلَى قِسْمَيْنِ: الأَوَّلُ: افْتِيَاتٌ عَلَى حَقِّ الإِمَامِ أَيْ الحَاكِمِ وَنَائِبِهِ كَالتَّقَدُّمِ عَلَيْهِمَا فِي إِقَامَةِ الحَدِّ أَوْ الجِهَادِ دُونَ إِذْنِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. الثَّانِي: افْتِيَاتٌ عَلَى حَقِّ غَيْرِ الإِمَامِ كَالتَّقَدُّمِ عَلَى الأَبِ فِي تَزْوِيجِ ابْنَتِهِ، وَإِدْخَالِ المَرْأَةِ أَجْنَبِيًا إِلَى بَيْتِ الزَّوْجِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ.
الاِسْتِبْدَادُ بِالرَّأْيِ وَالانْفِرَادُ بِهِ، تَقُولُ: افْتَاتَ يَفْتَاتُ افْتِيَاتًا إِذَا انْفَرَدَ بِرَأْيِهِ دُونَ اسْتِئْذَانِ مَنْ يَجِبُ اسْتِئْذَانُهُ، أَوْ مَنْ هُوَ أَحَقُّ مِنْهُ بِالأَمْرِ فِيهِ، وَأَصْلُ كَلِمَةِ الافْتِيَاتِ مِنَ الفَوْتِ، وَهُوَ السَّبْقُ إِلِى الشَّيْءِ، يُقَالُ: فَاتَهُ الأَمْرُ يَفُوتُهُ فَوْتًا أَي سَبَقَهُ وَلَمْ يُدْرِكْهُ، وَمِنْ مَعَانِي الافْتِيَاتِ أَيْضًا: التَّعَدِّي والافْتِرَاءُ.
السَّبْق إلى التصرف في الشيء، والانفراد في ذلك دون استئذانِ مَنْ هو صاحب الحق فيه.
* معجم مقاييس اللغة : 4 /457 - مختار الصحاح : 1 /244 - لسان العرب : 2 /69 - لسان العرب : 2 /69 - المهذب : 2 / 194 - المغرب في ترتيب المعرب : 1 /367 - التوقيف على مهمات التعاريف : ص57 - الـمغني لابن قدامة : 9 /243 - الأحكام السلطانية للماوردي : ص39 -
التَّعْرِيفُ:
1 - الاِفْتِيَاتُ: الاِسْتِبْدَادُ بِالرَّأْيِ، وَالسَّبْقُ بِفِعْل شَيْءٍ دُونَ اسْتِئْذَانِ مَنْ يَجِبُ اسْتِئْذَانُهُ، أَوْ مَنْ هُوَ أَحَقُّ مِنْهُ بِالأَْمْرِ فِيهِ، وَالتَّعَدِّي عَلَى حَقِّ مَنْ هُوَ أَوْلَى مِنْهُ (1) .
وَاسْتَعْمَلَهُ الْفُقَهَاءُ بِهَذَا الْمَعْنَى (2) .
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - التَّعَدِّي:
2 - التَّعَدِّي: الظُّلْمُ وَمُجَاوَزَةُ الْحَدِّ، فَهُوَ أَعَمُّ مِنَ الاِفْتِيَاتِ، لأَِنَّهُ يَشْمَل التَّعَدِّي عَلَى شَيْءٍ لاَ حَقَّ لَهُ فِيهِ، أَوْ لَهُ فِيهِ حَقٌّ وَغَيْرُهُ أَوْلَى مِنْهُ بِهِ (3) .
ب - الْفُضَالَةُ:
3 - الْفُضُولِيُّ: مَنْ تَصَرَّفَ فِي أَمْرٍ لَمْ يَكُنْ فِيهِ وَلِيًّا وَلاَ أَصِيلاً وَلاَ وَكِيلاً (4) فَهُوَ لاَ وِلاَيَةَ فِيمَا يُقْدِمُ عَلَيْهِ، أَمَّا الْمُفْتَاتُ فَقَدْ يَكُونُ صَاحِبَ حَقٍّ لَكِنَّ غَيْرَهُ أَوْلَى مِنْهُ بِهِ.
الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ:
4 - الاِفْتِيَاتُ غَيْرُ جَائِزٍ، لأَِنَّهُ تَعَدٍّ عَلَى حَقِّ مَنْ هُوَ الأَْوْلَى.
وَقَدْ يَكُونُ افْتِيَاتًا عَلَى حَقِّ الإِْمَامِ، وَقَدْ يَكُونُ عَلَى حَقِّ غَيْرِ الإِْمَامِ.
فَإِنْ كَانَ عَلَى حَقِّ الإِْمَامِ فَفِيهِ التَّعْزِيرُ، لأَِنَّهُ إِسَاءَةٌ إِلَى الإِْمَامِ، وَمِنْ أَمْثِلَتِهِ مَا يَلِي:
أ - الاِفْتِيَاتُ فِي إِقَامَةِ الْحُدُودِ:
5 - يَتَّفِقُ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الَّذِي يُقِيمُ الْحَدَّ هُوَ الإِْمَامُ أَوْ نَائِبُهُ، سَوَاءٌ كَانَ الْحَدُّ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى كَحَدِّ الزِّنَى، أَوْ لآِدَمِيٍّ كَحَدِّ الْقَذْفِ، لأَِنَّهُ يَفْتَقِرُ إِلَى الاِجْتِهَادِ، وَلاَ يُؤْمَنُ فِيهِ الْحَيْفُ، فَوَجَبَ أَنْ يُفَوَّضَ إِلَى الإِْمَامِ، وَلأَِنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ يُقِيمُ الْحُدُودَ فِي حَيَاتِهِ، وَكَذَا خُلَفَاؤُهُ مِنْ بَعْدِهِ.
وَيَقُومُ نَائِبُ الإِْمَامِ فِيهِ مَقَامَهُ (5) .
لَكِنْ إِذَا افْتَاتَ الْمُسْتَحِقُّ أَوْ غَيْرُهُ فَأَقَامَ الْحَدَّ بِدُونِ إِذْنِ الإِْمَامِ، فَإِنَّ الأَْئِمَّةَ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ الْمُرْتَدَّ لَوْ قَتَلَهُ أَحَدٌ بِدُونِ إِذْنِ الإِْمَامِ فَإِنَّهُ يُعْتَدُّ بِهَذَا الْقَتْل، وَلاَ ضَمَانَ عَلَى الْقَاتِل، لأَِنَّهُ مَحَلٌّ غَيْرُ مَعْصُومٍ، وَعَلَى مَنْ فَعَل ذَلِكَ التَّعْزِيرَ، لإِِسَاءَتِهِ وَافْتِيَاتِهِ عَلَى الإِْمَامِ.
وَكَذَلِكَ غَيْرُ الرِّدَّةِ، فَلاَ ضَمَانَ عَلَى مَنْ أَقَامَ حَدًّا عَلَى مَنْ لَيْسَ لَهُ إِقَامَتُهُ عَلَيْهِ فِيمَا حَدُّهُ الإِْتْلاَفُ كَقَتْل زَانٍ مُحْصَنٍ، أَوْ قَطْعِ يَدِ سَارِقٍ تَوَجَّهَ عَلَيْهِ الْقَطْعُ، لأَِنَّ هَذِهِ حُدُودٌ لاَ بُدَّ أَنْ تُقَامَ، لَكِنَّهُ يُؤَدَّبُ لاِفْتِيَاتِهِ عَلَى الإِْمَامِ (6) .
وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلْجَلْدِ فِي الْقَذْفِ، وَفِي زِنَا الْبِكْرِ فَفِيهِ خِلاَفٌ وَتَفْصِيلٌ، ر: (حَدٌّ، قَذْفٌ، زِنًا) .
ب - الاِفْتِيَاتُ فِي اسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ:
6 - الأَْصْل أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ اسْتِيفَاءُ الْقِصَاصِ إِلاَّ بِإِذْنِ السُّلْطَانِ وَحَضْرَتِهِ، لأَِنَّهُ أَمْرٌ يَفْتَقِرُ إِلَى الاِجْتِهَادِ، وَيَحْرُمُ الْحَيْفُ فِيهِ فَلاَ يُؤْمَنُ الْحَيْفُ مَعَ قَصْدِ التَّشَفِّي، وَمَعَ ذَلِكَ فَمَنِ اسْتَوْفَى حَقَّهُ مِنَ الْقِصَاصِ مِنْ غَيْرِ حَضْرَةِ السُّلْطَانِ وَإِذْنِهِ، وَقَعَ الْمَوْقِعَ وَيُعَزَّرُ، لاِفْتِيَاتِهِ عَلَى الإِْمَامِ، وَهَذَا عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ لاَ يُشْتَرَطُ إِذْنُ الإِْمَامِ (7) : أَمَّا الاِفْتِيَاتُ عَلَى غَيْرِ الإِْمَامِ، فَإِنَّ الْمَقْصُودَ بِالْحُكْمِ فِيهِ بَيَانُ صِحَّةِ هَذَا الْعَمَل أَوْ فَسَادُهُ، وَمِنْ أَمْثِلَةِ ذَلِكَ:
الاِفْتِيَاتُ فِي التَّزْوِيجِ:
7 - إِذَا زَوَّجَ الْمَرْأَةَ وَلِيُّهَا الأَْبْعَدُ مَعَ وُجُودِ الْوَلِيِّ الأَْقْرَبِ الَّذِي هُوَ الأَْحَقُّ بِوِلاَيَةِ الْعَقْدِ فَإِنَّ الْفُقَهَاءَ يَخْتَلِفُونَ فِي ذَلِكَ.
فَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ يَصِحُّ الْعَقْدُ بِرِضَاهَا بِالْقَوْل دُونَ السُّكُوتِ، وَيَزِيدُ الْمَالِكِيَّةُ شَرْطًا آخَرَ، وَهُوَ أَلاَّ يَكُونَ الأَْقْرَبُ غَيْرَ مُجْبِرٍ، فَإِنْ كَانَ الأَْقْرَبُ مُجْبِرًا كَالأَْبِ فَلاَ يَصِحُّ الْعَقْدُ.
وَيَقُول الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: إِذَا زَوَّجَ الْمَرْأَةَ مَنْ غَيْرُهُ أَوْلَى مِنْهُ وَهُوَ حَاضِرٌ وَلَمْ يَعْضُلْهَا لَمْ يَصِحَّ النِّكَاحُ (1) .
مَوَاطِنُ الْبَحْثِ:
8 - لِلاِفْتِيَاتِ مَوَاطِنُ مُتَعَدِّدَةٌ تَأْتِي فِي الْحُدُودِ: كَالسَّرِقَةِ، وَالزِّنَى، وَشُرْبِ الْخَمْرِ، وَالْقَذْفِ، وَتَأْتِي فِي الإِْتْلاَفِ، وَفِي الْعُقُودِ كَالنِّكَاحِ وَالْبَيْعِ، وَتُنْظَرُ فِي مَوَاضِعِهَا.
__________
(1) لسان العرب، والمصباح المنير، والمغرب والمفردات للراغب. مادة (فوت) .
(2) النظم المستعذب بهامش المهذب 2 / 38، والمهذب 2 / 194 ط دار المعرفة بيروت، والشرح الصغير 2 / 368 ط دار المعارف - مصر.
(3) لسان العرب والمصباح المنير.
(4) التعريفات للجرجاني.
(5) منتهى الإرادات 3 / 336 ط دار الفكر، والمهذب 2 / 270، وفتح القدير 5 / 113 ط المكتبة الإسلامية، ومنح الجليل 4 / 500.
(6) منتهى الإرادات 3 / 337، والمغني 8 / 128 ط مكتبة الرياض، والمواق بهامش الحطاب 6 / 231، 233، ومغني المحتاج 4 / 157، وقليوبي 4 / 123 ط الحلبي، والاختيار 4 / 146، والبدائع 7 / 88.
(7) منتهى الإرادات 3 / 286، ومغني المحتاج 4 / 42، ومنح الجليل 4 / 345، وابن عابدين 5 / 264.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 280/ 5