الحفيظ
الحفظُ في اللغة هو مراعاةُ الشيء، والاعتناءُ به، و(الحفيظ) اسمٌ...
(1)
التَّعْرِيفُ:
1 - الدَّارُ لُغَةً: الْمَحَل. وَتَجْمَعُ الْعَرْصَةَ وَالْبِنَاءَ (2) ، وَتُطْلَقُ أَيْضًا عَلَى الْبَلْدَةِ (3) . وَاخْتِلاَفُ الدَّارَيْنِ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ بِمَعْنَى اخْتِلاَفِ الدَّوْلَتَيْنِ اللَّتَيْنِ يَنْتَسِبُ إِلَيْهِمَا الشَّخْصَانِ.
فَإِنْ كَانَ اخْتِلاَفُ الدَّارَيْنِ بَيْنَ مُسْلِمَيْنِ لَمْ يُؤَثِّرْ ذَلِكَ شَيْئًا؛ لأَِنَّ دِيَارَ الإِْسْلاَمِ كُلَّهَا دَارٌ وَاحِدَةٌ. قَال السَّرَخْسِيُّ: " أَهْل الْعَدْل مَعَ أَهْل الْعَدْل يَتَوَارَثُونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ؛ لأَِنَّ دَارَ الإِْسْلاَمِ دَارُ أَحْكَامٍ، فَبِاخْتِلاَفِ الْمَنَعَةِ وَالْمَلِكِ لاَ تَتَبَايَنُ الدَّارُ فِيمَا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ؛ لأَِنَّ حُكْمَ الإِْسْلاَمِ يَجْمَعُهُمْ ". وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ السَّرَخْسِيُّ فِي حَقِّ الْمُسْلِمِينَ لَمْ يُنْقَل فِيهِ خِلاَفٌ، إِلاَّ مَا قَال الْعَتَّابِيُّ: إِنَّ مَنْ أَسْلَمَ وَلَمْ يُهَاجِرْ إِلَيْنَا لاَ يَرِثُ مِنَ الْمُسْلِمِ الأَْصْلِيِّ سَوَاءٌ كَانَ فِي دَارِنَا، أَوْ كَانَ مُسْتَأْمَنًا بِدَارِ الْحَرْبِ. قَال ابْنُ عَابِدِينَ: وَقَوْل الْعَتَّابِيِّ مَدْفُوعٌ بِأَنَّ هَذَا كَانَ فِي ابْتِدَاءِ الإِْسْلاَمِ حِينَ كَانَتِ الْهِجْرَةُ فَرِيضَةً. فَقَدْ نَفَى اللَّهُ تَعَالَى الْوِلاَيَةَ بَيْنَ مَنْ هَاجَرَ وَمَنْ لَمْ يُهَاجِرْ فَقَال: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلاَيَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا (4) } ، فَلَمَّا كَانَتِ الْوَلاَيَةُ بَيْنَهُمَا مُنْتَفِيَةً كَانَ الْمِيرَاثُ مُنْتَفِيًا؛ لأَِنَّ الْمِيرَاثَ عَلَى الْوَلاَيَةِ. فَأَمَّا الْيَوْمَ فَإِنَّ حُكْمَ الْهِجْرَةِ قَدْ نُسِخَ. قَال النَّبِيُّ ﷺ: لاَ هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ (5) .
قَال السَّرَخْسِيُّ: " فَأَمَّا دَارُ الْحَرْبِ فَلَيْسَتْ بِدَارِ أَحْكَامٍ، وَلَكِنْ دَارُ قَهْرٍ. فَبِاخْتِلاَفِ الْمَنَعَةِ وَالْمَلِكِ تَخْتَلِفُ الدَّارُ فِيمَا بَيْنَهُمْ، وَبِتَبَايُنِ الدَّارِ يَنْقَطِعُ التَّوَارُثُ. وَكَذَلِكَ إِذَا خَرَجُوا إِلَيْنَا بِأَمَانٍ، لأَِنَّهُمْ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ وَإِنْ كَانُوا مُسْتَأْمَنِينَ فِينَا، فَيُجْعَل كُل وَاحِدٍ فِي الْحُكْمِ كَأَنَّهُ فِي مَنَعَةِ مَلِكِهِ الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ بِأَمَانٍ (6) ". أَمَّا أَهْل الذِّمَّةِ فَإِنَّهُمْ مِنْ أَهْل دَارِ الإِْسْلاَمِ، وَلِذَا فَهُمْ مُخَالِفُونَ فِي الدَّارِ لأَِهْل الْحَرْبِ.
أَمَّا الْحَرْبِيُّونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ فَإِنَّ دُورَهُمْ قَدْ تَتَّفِقُ وَقَدْ تَخْتَلِفُ. قَال ابْنُ عَابِدِينَ شَارِحًا مَعْنَى اخْتِلاَفِ الدَّارَيْنِ: " اخْتِلاَفُهُمَا بِاخْتِلاَفِ الْمَنَعَةِ أَيِ الْعَسْكَرِ، وَاخْتِلاَفُ الْمَلِكِ، كَأَنْ يَكُونَ أَحَدُ الْمَلِكَيْنِ فِي الْهِنْدِ، وَلَهُ دَارٌ وَمَنَعَةٌ، وَالآْخَرُ فِي التُّرْكِ، وَلَهُ دَارٌ وَمَنَعَةٌ أُخْرَى، وَانْقَطَعَتِ الْعِصْمَةُ بَيْنَهُمْ حَتَّى يَسْتَحِل كُلٌّ مِنْهُمْ قِتَال الآْخَرِ. فَهَاتَانِ الدَّارَانِ مُخْتَلِفَتَانِ، فَتَنْقَطِعُ بِاخْتِلاَفِهِمَا الْوِرَاثَةُ؛ لأَِنَّهَا تَنْبَنِي عَلَى الْعِصْمَةِ وَالْوِلاَيَةِ. أَمَّا إِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا تَنَاصُرٌ وَتَعَاوُنٌ عَلَى أَعْدَائِهِمَا كَانَتِ الدَّارُ وَالْوِرَاثَةُ ثَابِتَةً (7) ": (وَانْظُرْ: دَارُ الإِْسْلاَمِ وَدَارُ الْكُفْرِ) . وَدَارُ الإِْسْلاَمِ مُخَالِفٌ لِدَارِ الْحَرْبِ وَلَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا تَنَاصُرٌ وَتَعَاوُنٌ.
أَنْوَاعُ اخْتِلاَفِ الدَّارَيْنِ:
2 - عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ: قَدْ تَخْتَلِفُ الدَّارَانِ حَقِيقَةً فَقَطْ، أَوْ حُكْمًا فَقَطْ، أَوْ حَقِيقَةً وَحُكْمًا: فَاخْتِلاَفُهُمَا حَقِيقَةً فَقَطْ، كَمُسْتَأْمَنٍ فِي دَارِنَا وَحَرْبِيٍّ فِي دَارِهِمْ، فَإِنَّ الدَّارَ وَإِنِ اخْتَلَفَتْ حَقِيقَةً لَكِنِ الْمُسْتَأْمَنُ مِنْ أَهْل الْحَرْبِ حُكْمًا. فَهُمَا مُتَّحِدَانِ حُكْمًا. وَأَمَّا اخْتِلاَفُهُمَا حُكْمًا فَكَمُسْتَأْمَنٍ وَذِمِّيٍّ فِي دَارِنَا، فَإِنَّهُمَا وَإِنْ كَانَا فِي دَارٍ وَاحِدَةٍ حَقِيقَةً إِلاَّ أَنَّهُمَا فِي دَارَيْنِ حُكْمًا؛ لأَِنَّ الْمُسْتَأْمَنَ مِنْ أَهْل الْحَرْبِ حُكْمًا، لِتَمَكُّنِهِ مِنَ الرُّجُوعِ إِلَى دَارِ الْحَرْبِ.
وَأَمَّا اخْتِلاَفُهُمَا حَقِيقَةً وَحُكْمًا فَكَالْحَرْبِيِّ فِي دَارِهِمْ وَالذِّمِّيِّ فِي دَارِنَا. وَكَالْحَرْبِيَّيْنِ فِي دَارَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ (8) .
هَذَا وَإِنَّ اخْتِلاَفَ الدَّارَيْنِ بَيْنَ كَافِرٍ وَكَافِرٍ يَسْتَتْبِعُ فِي الْفِقْهِ الإِْسْلاَمِيِّ أَحْكَامًا مُخْتَلِفَةً نَعْرِضُ جُمْلَةً مِنْهَا فِيمَا يَلِي:
التَّوَارُثُ:
3 - اخْتِلاَفُ الدَّارَيْنِ حُكْمًا فَقَطْ، أَوْ حُكْمًا وَحَقِيقَةً، أَحَدُ مَوَانِعِ التَّوَارُثِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، فَلاَ يَرِثُ الذِّمِّيُّ حَرْبِيًّا وَلاَ مُسْتَأْمَنًا، وَلاَ الْحَرْبِيُّ وَالْمُسْتَأْمَنُ ذِمِّيًّا وَلَوِ اتَّفَقَ دِينُهُمَا، وَلاَ يَرِثُ الْحَرْبِيُّ حَرْبِيًّا إِنِ اخْتَلَفَتْ دَارَاهُمَا. وَيَثْبُتُ التَّوَارُثُ بَيْنَ مُسْتَأْمَنَيْنِ فِي دَارِنَا إِنْ كَانَا مِنْ دَارٍ وَاحِدَةٍ، كَمَا يَثْبُتُ بَيْنَ مُسْتَأْمَنٍ فِي دَارِنَا وَحَرْبِيٍّ فِي دَارِهِمْ لاِتِّحَادِ الدَّارِ بَيْنَهُمَا حُكْمًا.
وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ قَرِيبٌ مِنْ مَذْهَبِ الْحَنَفِيَّةِ، فَلاَ تَوَارُثَ عِنْدَهُمْ بَيْنَ ذِمِّيٍّ وَحَرْبِيٍّ، أَمَّا الْمُسْتَأْمَنُ وَالْمُعَاهَدُ فَهُمَا عَلَى الأَْصَحِّ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ فِي حُكْمِ أَهْل الذِّمَّةِ، لِلْقُرْبِ بَيْنَهُمْ وَلِعِصْمَتِهِمْ بِالْعَهْدِ وَالأَْمَانِ، كَالذِّمِّيِّ، فَيَرِثَانِ الذِّمِّيَّ وَيَرِثُهُمَا، وَلاَ تَوَارُثَ بَيْنَ أَحَدِهِمَا وَبَيْنَ الْحَرْبِيِّينَ. وَفِي قَوْلٍ آخَرَ: الْمُسْتَأْمَنُ وَالْمُعَاهَدُ كَالْحَرْبِيِّ.
أَمَّا مَذْهَبُ الْحَنَابِلَةِ، وَمِثْلُهُ مَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ - فِيمَا نَقَلَهُ صَاحِبُ الْعَذْبِ الْفَائِضِ وَلَمْ نَجِدْهُمْ صَرَّحُوا بِهِ فِيمَا اطَّلَعْتُ عَلَيْهِ مِنْ كَلاَمِهِمْ - فَلاَ يَمْنَعُ اخْتِلاَفُ الدَّارَيْنِ التَّوَارُثَ مَا دَامَتِ الْمِلَل مُتَّفِقَةً. وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ قَوْلٌ آخَرُ هُوَ لِلْقَاضِي أَبِي يَعْلَى: إِنَّ الْحَرْبِيَّ لاَ يَرِثُ ذِمِّيًّا، وَلاَ الذِّمِّيُّ حَرْبِيًّا، فَأَمَّا الْمُسْتَأْمَنُ فَيَرِثُهُ أَهْل دَارِ الْحَرْبِ وَأَهْل دَارِ الإِْسْلاَمِ، وَيَرِثُ أَهْل الْحَرْبِ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سَوَاءٌ اتَّفَقَتْ دِيَارُهُمْ أَوِ اخْتَلَفَتْ (9) .
دِينُ الْوَلَدِ:
4 - بَيَانُ مَنْ يَتْبَعُهُ الْوَلَدُ فِي دِينِهِ يُذْكَرُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ (ر: اخْتِلاَفُ الدِّينِ) ، وَقَدِ اشْتَرَطَ الْحَنَفِيَّةُ فِي تَبَعِيَّةِ الْوَلَدِ لِخَيْرِ وَالِدَيْهِ فِي الدِّينِ أَنْ تَتَّحِدَ الدَّارُ بَيْنَ التَّابِعِ وَالْمَتْبُوعِ، وَإِلاَّ فَلاَ تَبَعِيَّةَ. فَلَوْ كَانَ الْوَلَدُ فِي دَارِ الْحَرْبِ، وَوَالِدُهُ فِي دَارِ الإِْسْلاَمِ، فَأَسْلَمَ الْوَالِدُ، لاَ يَتْبَعُهُ الْوَلَدُ، وَلاَ يَكُونُ مُسْلِمًا؛ لأَِنَّهُ لاَ يُمْكِنُ جَعْل الْوَالِدِ مِنْ أَهْل دَارِ الْحَرْبِ، بِخِلاَفِ مَا إِذَا كَانَ الْوَالِدُ فِي دَارِ الْحَرْبِ فَأَسْلَمَ، وَوَلَدُهُ فِي دَارِ الإِْسْلاَمِ، فَإِنَّهُ يَتْبَعُهُ؛ لأَِنَّ الْوَالِدَ الْمُسْلِمَ مِنْ أَهْل دَارِ الإِْسْلاَمِ حُكْمًا (10) .
الْفُرْقَةُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ:
5 - يَرَى الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيُّ وَالْحَنَابِلَةُ أَنَّ الْفُرْقَةَ لاَ تَقَعُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ لِمُجَرَّدِ اخْتِلاَفِهِمَا دَارًا. وَيَرَى الْحَنَفِيَّةُ أَنَّ اخْتِلاَفَ دَارَيِ الزَّوْجَيْنِ حَقِيقَةً وَحُكْمًا مُوجِبٌ لِلْفُرْقَةِ بَيْنَهُمَا. فَلَوْ تَزَوَّجَ حَرْبِيٌّ حَرْبِيَّةً ثُمَّ دَخَل أَحَدُهُمَا دَارَ الإِْسْلاَمِ فَأَسْلَمَ أَوْ عَقَدَ الذِّمَّةَ، وَتَرَكَ زَوْجَهُ الآْخَرَ فِي دَارِ الْحَرْبِ، انْفَسَخَ نِكَاحُهُ لاِخْتِلاَفِ الدَّارَيْنِ حَقِيقَةً وَحُكْمًا. بِخِلاَفِ مَا لَوْ دَخَل أَحَدُهُمَا مُسْتَأْمَنًا فَإِنَّ نِكَاحَهُ لاَ يَنْفَسِخُ. وَلَوْ تَزَوَّجَ مُسْلِمٌ حَرْبِيَّةً فِي دَارِ الْحَرْبِ ثُمَّ خَرَجَ عَنْهَا وَحْدَهُ بَانَتْ. وَيَقْتَضِي مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ - كَمَا قَال ابْنُ قُدَامَةَ - أَنَّ أَحَدَ الزَّوْجَيْنِ الذِّمِّيَّيْنِ إِذَا دَخَل دَارَ الْحَرْبِ نَاقِضًا لِلْعَهْدِ، وَتَرَكَ زَوْجَهُ الآْخَرَ فِي دَارِ الإِْسْلاَمِ، يَنْفَسِخُ نِكَاحُهُمَا؛ لأَِنَّ الدَّارَيْنِ اخْتَلَفَتَا بِهِمَا فِعْلاً وَحُكْمًا، فَوَجَبَ أَنْ تَقَعَ الْفُرْقَةُ بَيْنَهُمَا، كَمَا لَوْ أَسْلَمَتْ فِي دَارِ الإِْسْلاَمِ قَبْل الدُّخُول.
وَاحْتَجَّ الْحَنَفِيَّةُ بِأَنَّهُ مَعَ تَبَايُنِ الدَّارَيْنِ حَقِيقَةً وَحُكْمًا لاَ تَنْتَظِمُ الْمَصَالِحُ، وَالنِّكَاحُ شُرِعَ لِمَصَالِحِهِ لاَ لِعَيْنِهِ، فَلاَ يَبْقَى عِنْدَ عَدَمِهَا، كَالْمَحْرَمِيَّةِ إِذَا اعْتَرَضَتْ عَلَيْهِ. وَهَذَا لأَِنَّ أَهْل الْحَرْبِ كَالْمَوْتَى - أَيْ بِالنِّسْبَةِ إِلَى أَهْل دَارِ الإِْسْلاَمِ - فَلاَ يُشْرَعُ النِّكَاحُ بَيْنَ الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ.
وَاحْتَجَّ الْجُمْهُورُ بِأَنَّ النَّبِيَّ ﷺ رَدَّ ابْنَتَهُ زَيْنَبَ عَلَى زَوْجِهَا بِالنِّكَاحِ الأَْوَّل، وَكَانَتْ قَدْ أَسْلَمَتْ قَبْلَهُ بِسَنَتَيْنِ، وَقِيل بِسِتِّ سِنِينَ، وَهَاجَرَتْ وَبَقِيَ هُوَ بِمَكَّةَ. وَأَسْلَمَتِ امْرَأَةُ صَفْوَانَ وَامْرَأَةُ عِكْرِمَةَ عَامَ الْفَتْحِ، وَفَرَّا هُمَا وَغَيْرُهُمَا دُونَ أَنْ يُسْلِمُوا، ثُمَّ أَسْلَمُوا فَأُقِرُّوا عَلَى أَنْكِحَتِهِمْ (11) . النَّفَقَةُ:
6 - لاَ يَمْنَعُ اخْتِلاَفُ الدَّارِ وُجُوبَ نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ عِنْدَ أَحَدٍ مِمَّنْ أَثْبَتَ النِّكَاحَ مَعَ اخْتِلاَفِ الدَّارَيْنِ. أَمَّا نَفَقَةُ الأَْقَارِبِ فَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ يَمْنَعُ اخْتِلاَفُ الدَّارَيْنِ وُجُوبَ نَفَقَةِ الْقَرَابَةِ عَلَى الأُْصُول وَالْفُرُوعِ وَالْحَوَاشِي. قَال الزَّيْلَعِيُّ: لاَ يَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ نَفَقَةُ أَبَوَيْهِ الْحَرْبِيَّيْنِ، وَلاَ يُجْبَرُ الْحَرْبِيُّ عَلَى نَفَقَةِ أَبِيهِ الْمُسْلِمِ أَوِ الذِّمِّيِّ؛ لأَِنَّ الاِسْتِحْقَاقَ بِطَرِيقِ الصِّلَةِ، وَلاَ تُسْتَحَقُّ الصِّلَةُ لِلْحَرْبِيِّ أَوِ الذِّمِّيِّ لِلنَّهْيِ عَنْ بِرِّهِمْ. وَفِي الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ: لاَ يُجْبَرُ أَحَدُهُمَا عَلَى النَّفَقَةِ وَلَوْ كَانَ الْحَرْبِيُّ مُسْتَأْمَنًا بِدَارِ الإِْسْلاَمِ. وَصَرَّحَ بَعْضُهُمْ بِأَنْ لاَ نَفَقَةَ بَيْنَ الْحَرْبِيِّ الَّذِي أَسْلَمَ بِدَارِ الْحَرْبِ وَلَمْ يُهَاجِرْ، وَبَيْنَ قَرِيبِهِ الْمُسْلِمِ بِدَارِ الإِْسْلاَمِ؛ لاِخْتِلاَفِ الدَّارَيْنِ.
وَهَذَا الَّذِي نَقَلْنَاهُ مِنْ مَذْهَبِ الْحَنَفِيَّةِ خَالَفَ فِي بَعْضِهِ صَاحِبُ الْبَدَائِعِ، فَرَأَى أَنَّ نَفَقَةَ الأُْصُول وَالْفُرُوعِ خَاصَّةً لاَ يَمْنَعُ وُجُوبَهَا اخْتِلاَفُ الدَّارَيْنِ. قَال: لأَِنَّ وُجُوبَ نَفَقَةِ غَيْرِ الأُْصُول وَالْفُرُوعِ بِطَرِيقِ الصِّلَةِ، وَلاَ تَجِبُ الصِّلَةُ مَعَ اخْتِلاَفِ الدَّارَيْنِ، وَتَجِبُ فِي قَرَابَةِ الْوِلاَدَةِ؛ وَلأَِنَّ وُجُوبَ النَّفَقَةِ هُنَاكَ بِحَقِّ الْوِرَاثَةِ، وَلاَ وِرَاثَةَ - أَيْ عِنْدَهُمْ - مَعَ اخْتِلاَفِ الدَّارَيْنِ، وَالْوُجُوبُ فِي قَرَابَةِ الْوِلاَدَةِ بِحَقِّ الْوِلاَدَةِ، وَهُوَ لاَ يَخْتَلِفُ.
وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَذْهَبَ الشَّافِعِيَّةِ وُجُوبُ النَّفَقَةِ بَيْنَ الذِّمِّيِّ وَالْمُسْتَأْمَنِ فِي قَرَابَةِ الأُْصُول وَالْفُرُوعِ، وَكَذَا بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْمُسْتَأْمَنِ. أَمَّا الْحَرْبِيُّ غَيْرُ الْمُسْتَأْمَنِ فَلاَ تَجِبُ النَّفَقَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَرِيبِهِ الْمُسْلِمِ أَوِ الذِّمِّيِّ لِعَدَمِ عِصْمَتِهِ. وَأَمَّا قَرَابَةُ مَا عَدَا الأُْصُول وَالْفُرُوعَ فَلاَ يَجِبُ بِهَا نَفَقَةٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَصْلاً. وَظَاهِرُ مَذْهَبِ الْحَنَابِلَةِ أَنَّ اخْتِلاَفَ الدَّارِ لاَ يَمْنَعُوُجُوبَ نَفَقَةِ الأَْقَارِبِ إِذَا تَحَقَّقَتْ شُرُوطُهَا. وَلَمْ يَتَّضِحْ لَنَا قَوْل الْمَالِكِيَّةِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ (12) .
الْوَصِيَّةُ:
7 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي وَصِيَّةِ الْمُسْلِمِ أَوْ الذِّمِّيِّ لِلْحَرْبِيِّ، فَرَأَى الْحَنَابِلَةُ جَوَازَهَا مُطْلَقًا. وَلِلشَّافِعِيَّةِ قَوْلاَنِ أَصَحُّهُمَا الصِّحَّةُ. وَهِيَ الْمَذْهَبُ. وَلِلْمَالِكِيَّةِ قَوْلاَنِ، وَعَدَمُ الصِّحَّةِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ. وَمَنَعَهَا الْحَنَفِيَّةُ إِذَا كَانَ الْمُوصِي فِي دَارِ الإِْسْلاَمِ وَالْمُوصَى لَهُ حَرْبِيٌّ فِي دَارِ الْحَرْبِ. فَإِنْ كَانَ الْمُوصِي وَالْمُوصَى لَهُ فِي دَارِ الْحَرْبِ فَقَدِ اخْتَلَفَ قَوْل الْحَنَفِيَّةِ فِي ذَلِكَ.
وَوُجْهَةُ مَنْ مَنَعَ الْوَصِيَّةَ لَهُمْ أَنَّ التَّبَرُّعَ لَهُمْ بِتَمْلِيكِهِمُ الْمَال إِعَانَةٌ لَهُمْ عَلَى حَرْبِ الْمُسْلِمِينَ. وَأَيْضًا نَحْنُ قَدْ أُمِرْنَا بِقَتْل الْحَرْبِيِّ وَأَخْذِ مَالِهِ، فَلاَ مَعْنَى لِلْوَصِيَّةِ لَهُ. وَمِنْ أَجَل هَذَا صَرَّحَ الْحَنَفِيَّةُ بِعَدَمِ جَوَازِ هَذِهِ الْوَصِيَّةِ وَلَوْ أَجَازَهَا الْوَرَثَةُ، وَلَوْ جَاءَ الْحَرْبِيُّ لِدَارِ الإِْسْلاَمِ لأَِخْذِ وَصِيَّتِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ.
وَالَّذِينَ أَجَازُوهَا نَظَرُوا إِلَى أَنَّ الْوَصِيَّةَ تَمْلِيكٌ، وَلاَ يَمْتَنِعُ التَّمْلِيكُ لِلْحَرْبِيِّ، قِيَاسًا لَهُ عَلَى الْبَيْعِ (13) .
أَمَّا الْحَرْبِيُّ الْمُسْتَأْمَنُ فِي دَارِ الإِْسْلاَمِ، لَوْ أَوْصَى لَهُ مُسْلِمٌ أَوْ ذِمِّيٌّ صَحَّتِ الْوَصِيَّةُ لَهُ عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ. وَرُوِيَ أَنَّهَا لاَ تَجُوزُ؛ لأَِنَّ الْمُسْتَأْمَنَ عَلَى قَصْدِ الرُّجُوعِ، وَيُمَكَّنُ مِنْهُ، وَلاَ يُمَكَّنُ مِنْ زِيَادَةِ الْمُقَامِ عَلَى السَّنَةِ إِلاَّ بِجِزْيَةٍ. وَلَوْ أَوْصَى الْمُسْتَأْمَنُ لِمُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ فَقَدْ صَرَّحَ الْحَنَفِيَّةُ بِجَوَازِهِ - وَهُوَ مَا يَقْتَضِيهِ كَلاَمُ غَيْرِهِمْ - لأَِنَّ الْمُسْتَأْمَنَ مُلْتَزِمٌ لأَِحْكَامِ الإِْسْلاَمِ. وَيَقُول الْحَنَفِيَّةُ: إِنَّ الْمُسْتَأْمَنَ لَوْ أَوْصَى لِمُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ بِكُل مَالِهِ، وَلَمْ يَكُنْ مَعَهُ مِنْ وَرَثَتِهِ بِدَارِ الإِْسْلاَمِ أَحَدٌ جَازَ، وَلاَ عِبْرَةَ بِوَرَثَتِهِ الَّذِينَ فِي دَارِ الْحَرْبِ؛ لأَِنَّهُمْ أَمْوَاتٌ فِي حَقِّنَا؛ وَلأَِنَّهُ لاَ عِصْمَةَ لأَِنْفُسِهِمْ وَلاَ لأَِمْوَالِهِمْ، فَلأََنْ لاَ يَكُونَ لِحَقِّهِمُ الَّذِي فِي مَال مُوَرِّثِهِمْ عِصْمَةٌ أَوْلَى. فَإِنْ كَانَ أَحَدٌ مِنْ وَرَثَتِهِ مَعَهُ وَقَفَ الْجَوَازُ عَلَى إِجَازَتِهِمْ (14) .
الْقِصَاصُ:
8 - إِذَا قَتَل الذِّمِّيُّ مُسْتَأْمَنًا وَجَبَ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ وَكَذَلِكَ إِذَا قَتَل الْمُسْتَأْمَنُ ذِمِّيًّا. وَهَذَا بِاتِّفَاقِ الْمَذَاهِبِ الأَْرْبَعَةِ، إِلاَّ أَنَّ الْحَنَفِيَّةَ اسْتَثْنَوْا حَالَةَ كَوْنِ الْقَاتِل ذِمِّيًّا وَالْمَقْتُول مُسْتَأْمَنًا، فَلاَ قِصَاصَ عِنْدَهُمْ، قَال صَاحِبُ الْبَدَائِعِ: لأَِنَّ عِصْمَةَ الْمُسْتَأْمَنِ لَمْ تَثْبُتْ مُطْلَقًا، بَل مَوْقُوتَةٌ إِلَى غَايَةِ مُقَامِهِ بِدَارِ الإِْسْلاَمِ؛ لأَِنَّ الْمُسْتَأْمَنَ مِنْ أَهْل دَارِ الْحَرْبِ وَإِنَّمَا دَخَل دَارَ الإِْسْلاَمِ لاَ بِقَصْدِ الإِْقَامَةِ بَل لِحَاجَةٍ يَقْضِيهَا ثُمَّ يَعُودُ إِلَى وَطَنِهِ. فَكَانَ فِي عِصْمَتِهِ شُبْهَةُ الإِْبَاحَةِ. وَرُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ قَال: يُقْتَل بِهِ قِصَاصًا لِقِيَامِ الْعِصْمَةِ وَقْتَ الْقَتْل.
وَلاَ يُقْتَل الذِّمِّيُّ بِالْحَرْبِيِّ اتِّفَاقًا؛ لأَِنَّهُ لاَ عِصْمَةَ لَهُ أَصْلاً، وَلاَ خِلاَفَ فِي ذَلِكَ، كَمَا فِي الْمُغْنِي. وَلَمْ يُصَرِّحُوا بِحُكْمِ الْمُسْتَأْمَنِ إِذَا قَتَل حَرْبِيًّا، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لاَ يُقْتَل بِهِ؛ لأَِنَّ الْحَرْبِيَّ لاَ عِصْمَةَ لَهُ أَصْلاً (15) .
الْعَقْل (حَمْل الدِّيَةِ) :
9 - عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: يَعْقِل الذِّمِّيُّ الْيَهُودِيُّ أَوِ الْمُعَاهَدُ أَوِ الْمُسْتَأْمَنُ عَنِ النَّصْرَانِيِّ الْمُعَاهَدِ أَوِ الْمُسْتَأْمَنِ، وَبِالْعَكْسِ، فِي الأَْظْهَرِ عِنْدَهُمْ. أَمَّا الْحَرْبِيُّ فَلاَ يَعْقِل عَنْ نَحْوِ ذِمِّيٍّ، وَعَكْسُهُ؛ لاِنْقِطَاعِ النُّصْرَةِ بَيْنَهُمَا؛ لاِخْتِلاَفِ الدَّارِ.
وَالْمُقَدَّمُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ أَنَّ الذِّمِّيَّ لاَ يَعْقِل عَنِ الْحَرْبِيِّ، كَمَا لاَ يَعْقِل الْحَرْبِيُّ عَنِ الذِّمِّيِّ. وَالْقَوْل الآْخَرُ: إِنْ تَوَارَثَا تَعَاقَلاَ وَإِلاَّ فَلاَ (16) . وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْحَرْبِيَّ فِي كَلاَمِهِمْ هَذَا شَامِلٌ لِلْمُسْتَأْمَنِ. وَلَمْ نَجِدْ فِي كَلاَمِ كُلٍّ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ تَعَرُّضًا لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ.
حَدُّ الْقَذْفِ:
10 - لاَ حَدَّ عَلَى الْمُسْلِمِ أَوْ الذِّمِّيِّ إِذَا قَذَفَ حَرْبِيًّا وَلَوْ مُسْتَأْمَنًا، بِاتِّفَاقِ الْمَذَاهِبِ الأَْرْبَعَةِ؛ لِعَدَمِ إِحْصَانِ الْمَقْذُوفِ، بِسَبَبِ كُفْرِهِ.
أَمَّا لَوْ قَذَفَ الْمُسْتَأْمَنُ مُسْلِمًا فَعَلَيْهِ الْحَدُّ؛ لأَِنَّهُ بِدُخُولِهِ دَارَ الإِْسْلاَمِ بِالأَْمَانِ الْتَزَمَ إِيفَاءَ حُقُوقِ الْعِبَادِ، وَحَدُّ الْقَذْفِ حَقٌّ لِلْعَبْدِ، وَهَذَا مَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ الْفُقَهَاءُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ - مَا عَدَا أَشْهَبَ - وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ. وَفِي الْمُدَوَّنَةِ: إِذَا قَذَفَ الْحَرْبِيُّ فِي دَارِ الْحَرْبِ مُسْلِمًا بِالزِّنَا ثُمَّ أَسْلَمَ وَدَخَل دَارَ الإِْسْلاَمِ فَإِنَّهُ لاَ حَدَّ عَلَيْهِ (1) .
__________
(1) يعبر عنه في العصر الحاضر باختلاف الجنسية.
(2) لسان العرب - (دور) .
(3) محيط المحيط.
(4) سورة الأنفال / 72
(5) ابن عابدين 5 / 490 ط 1272هـ. وحديث: " لا هجرة بعد الفتح " أخرجه البخاري 4 / 18 ط صبيح وأخرجه مسلم بلفظ " لا هجرة ولكن جهاد ونية " 2 / 986، بتحقيق محمد عبد الباقي.
(6) المبسوط للسرخسي 30 / 33. وانظر أيضا حاشية ابن عابدين 5 / 490
(7) رد المحتار حاشية ابن عابدين على الدر المختار 5 / 489، وشرح السراجية 81
(8) رد المحتار 5 / 490
(9) حاشية ابن عابدين 5 / 490، وشرح السراجية ص 81، 82، ونهاية المحتاج 6 / 27 ط مصطفى الحلبي، والمغني 7 / 168 - 170، والعذب الفائض 1 / 36، وانظر أحكام الذميين والمستأمنين ص 529 - 533
(10) الهندية 1 / 339 ط بولاق 1310 هـ؛ والزيلعي 2 / 173 ط بولاق 1315 هـ
(11) الزيلعي 2 / 176، والهندية 1 / 338، والمدونة الكبرى 4 / 150 ط القاهرة، مطبعة السعادة 1324هـ، والمغني ف 5440 ط خامسة 7 / 157، والحديث أخرجه الترمذي ببعض الزيادات من حديث ابن عباس. وقال: هذا حديث ليس بإسناده بأس، ولكن لا نعرف وجه هذا الحديث، ولعله قد جاء هذا من قبل داود بن حصين من قبل حفظه، وقال صاحب تحفة الأحوذي: وحديث ابن عباس هذا صححه الحاكم. قال ابن كثير في الإرشاد: " هو حديث جيد قوي " (تحفة الأحوذي4 / 296، 297 ط السلفية) .
(12) بدائع الصنائع 4 / 37، والزيلعي على الكنز 3 / 63، والهندية 1 / 568، ونهاية المحتاج 7 / 208، والخرشي 4 / 201 وما بعدها ط 1316 هـ، والمغني 9 / 259، 261، وانظر أحكام الذميين والمستأمنين ص 478 - 481
(13) الهندية 6 / 92، والدسوقي على الشرح الكبير 4 / 426 ط عيسى الحلبي، والعدوى علي الخرشي 8 / 170، وكشاف القناع 4 / 296 مطبعة أنصار السنة 1372 هـ
(14) الدر المحتار بحاشية الطحطاوي 4 / 336 ط بولاق؛ والبدائع 1 / 335؛ وانظر العناية على الهداية ط بولاق 8 / 488
(15) بدائع الصنائع 7 / 236؛ والخرشي 7 / 4، والأم للشافعي ط بولاق 6 / 40. ومطالب أولي النهى 6 / 31 ط المكتب الإسلامي بدمشق. وانظر أحكام الذميين والمستأمنين ص 248 وما بعدها
(16) نهاية المحتاج 7 / 335، وكشاف القناع 6 / 48، والفروع 3 / 448 ط المنار.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 303/ 2