الوهاب
كلمة (الوهاب) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعّال) مشتق من الفعل...
التَّعْرِيفُ:
1 - الْجَدْعُ فِي اللُّغَةِ الْقَطْعُ، وَقِيل هُوَ الْقَطْعُ الْبَائِنُ فِي الأُْذُنِ، أَوِ الأَْنْفِ، أَوْ الْيَدِ، أَوْ الشَّفَةِ، أَوْ نَحْوِهَا، يُقَال: جَدَعَهُ يَجْدَعُهُ فَهُوَ مَجْدُوعٌ، وَيُقَال أَيْضًا جُدِعَ الرَّجُل أَيْ قُطِعَ أَنْفُهُ، فَهُوَ أَجْدَعُ بَيِّنُ الْجَدَعِ، وَهِيَ جَدْعَاءُ وَقِيل: لاَ يُقَال: جَدَعَ " بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِل "، وَلَكِنْ جُدِعَ " بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُول (1) ". وَكَانَتْ نَاقَةُ رَسُول اللَّهِ ﷺ تُلَقَّبُ (الْجَدْعَاءُ) (2) وَلَيْسَ بِهَا مِنْ جَدَعٍ.
وَلاَ يَخْرُجُ اسْتِعْمَال الْفُقَهَاءِ لِكَلِمَةِ الْجَدَعِ عَنْ هَذَا الْمَعْنَى.
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - الْمُثْلَةُ:
2 - الْمُثْلَةُ بِضَمِّ الْمِيمِ اسْمُ مَصْدَرٍ، يُقَال: مَثَل بِهِ مَثْلاً وَمُثْلَةً وَمَثَّل بِهِ تَمْثِيلاً وَذَلِكَ بِأَنْ يَقْطَعَ بَعْضَ أَعْضَائِهِ، أَوْ يُسَوِّدَ وَجْهَهُ.
وَمُثْلَةُ الشَّعْرِ: حَلْقُهُ مِنَ الْخُدُودِ، وَقِيل نَتْفُهُ أَوْ تَغْيِيرُهُ بِالسَّوَادِ (3) ، وَفِي الْحَدِيثِ: مَنْ مَثَل بِالشَّعْرِ فَلَيْسَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ خَلاَقٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ (4) .
فَالْمُثْلَةُ أَعَمُّ مِنَ الْجَدَعِ فِي الْمَعْنَى.
الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ وَمَوَاطِنُ الْبَحْثِ:
3 - ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّ الْجَدْعَاءَ لاَ تُجْزِئُ فِي الأُْضْحِيَّةِ (5) .
وَفِي الْجِنَايَاتِ اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ قَطْعَ الأَْنْفِ، وَالأُْذُنِ، وَالْيَدِ، وَالشَّفَةِ، إِنْ كَانَ عَمْدًا فَفِيهِ الْقِصَاصُ، وَإِنْ كَانَ خَطَأً فَفِيهِ الدِّيَةُ. وَهِيَ تَخْتَلِفُ: فَفِي الْيَدَيْنِ وَالأُْذُنَيْنِ، وَالشَّفَتَيْنِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ، وَفِي الْوَاحِدِ مِنْهَا نِصْفُ الدِّيَةِ، وَفِي الأَْنْفِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ (6) . وَيُنْظَرُ تَفْصِيل ذَلِكَ كُلِّهِ فِي مُصْطَلَحَاتِ: " أُضْحِيَّةٌ، وَقِصَاصٌ، وَدِيَةٌ، وَمُثْلَةٌ ".
التَّمْثِيل بِالأَْسْرَى وَالْمُحَارِبِينَ:
4 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى تَحْرِيمِ التَّمْثِيل بِالأَْسْرَى، بَل يُكْتَفَى بِقَتْلِهِ الْمُعْتَادِ بِضَرْبِهِ بِالسَّيْفِ، أَوْ طَعْنِهِ بِخِنْجَرٍ، أَوْ قَذِيفَةٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ، وَلاَ يُزَادُ عَلَى ذَلِكَ بِقَطْعِ بَعْضِ أَطْرَافِهِ وَجَدْعِ أَنْفِهِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، لأَِنَّ النَّبِيَّ ﷺ نَهَى عَنِ النُّهْبَى وَالْمُثْلَةِ (7) ، وَقَال: إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الإِْحْسَانَ عَلَى كُل شَيْءٍ، فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذَّبْحَ (8) . وَلأَِنَّ ذَلِكَ تَعْذِيبٌ مِنْ غَيْرِ فَائِدَةٍ. وَقَال الزَّمَخْشَرِيُّ: وَلاَ خِلاَفَ فِي تَحْرِيمِ الْمُثْلَةِ.
وَأَمَّا الْمُثْلَةُ الْمَرْوِيَّةُ فِي حَدِيثِ الْعُرَنِيِّينَ فَهِيَ مَنْسُوخَةٌ فَضْلاً عَنْ أَنَّهَا كَانَتْ قِصَاصًا وَمُعَامَلَةً بِالْمِثْل.
وَهَذَا بَعْدَ الظَّفَرِ وَالنَّصْرِ، وَأَمَّا قَبْلَهُ أَيْ فِي أَثْنَاءِ الْمَعْرَكَةِ فَلاَ بَأْسَ بِقَطْعِ الأَْطْرَافِ أَوِ الأَْعْضَاءِ، إِذَا وَقَعَ قِتَالاً كَمُبَارِزٍ ضَرَبَهُ فَقَطَعَ أُذُنَهُ، ثُمَّ ضَرَبَهُ فَفَقَأَ عَيْنَهُ، ثُمَّ ضَرَبَهُ فَقَطَعَ يَدَهُ وَأَنْفَهُ، وَنَحْوَ ذَلِكَ (1) . قَال اللَّهُ تَعَالَى {فَاضْرِبُوا فَوْقَ الأَْعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُل بَنَانٍ} (2) .
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى جَوَازِ الْمُثْلَةِ لِمَصْلَحَةٍ عَلَى سَبِيل الْمُعَامَلَةِ بِالْمِثْل أَوْ لِكَبْتِ الْعَدُوِّ (3) .
__________
(1) لسان العرب المحيط، ومتن اللغة، والمصباح المنير، ومختار الصحاح مادة: (جدع) .
(2) خبر كانت ناقة رسول الله ﷺ تلقب (الجدعاء) . أخرجه البخاري (الفتح 7 / 389 - ط السلفية) من حديث عائشة.
(3) المغرب للمطرزي ولسان العرب المحيط، ومتن اللغة، ومختار الصحاح، والمصباح المنير مادة: " مثل ".
(4) حديث: " من مثل بالشعر فليس له عند الله خلاق يوم القيامة ". أورده الهيثمي في مجمع الزوائد (8 / 121 ط القدسي) من حديث عبد الله بن عباس وقال: " رواه الطبراني وفيه حجاج بن نصير، وقد ضعفه الجمهور، ووثقة ابن حبان وقال: يخطئ، وبقية رجاله ثقات ".
(5) ابن عابدين 5 / 206، وشرح الزرقاني 3 / 34، 37، وروضة الطالبين 3 / 183، 195، 196، والمغني 8 / 623، 625، 626.
(6) ابن عابدين 5 / 353، 319، 370، والهداية 4 / 165، 167 ط مصطفى البابي الحلبي، والاختيار 5 / 30 وما بعدها، و 36 وما بعدها ط دار المعرفة، والقوانين الفقهية / 356، ونهاية المحتاج 7 / 309، 325، 326، 330 ط مصطفى البابي، والمغني 7 / 711، 712، 723، و 8 / 1.
(7) حديث: " نهى عن النهبى والمثلة ". أخرجه البخاري (الفتح 5 / 119 - ط السلفية) من حديث عبد الله بن يزيد الأنصاري.
(8) حديث: " إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا. . . " أخرجه مسلم (3 / 1548 - ط الحلبي) من حديث شداد بن أوس.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 124/ 15