القيوم
كلمةُ (القَيُّوم) في اللغة صيغةُ مبالغة من القِيام، على وزنِ...
التَّعْرِيفُ:
1 - الْعِمَارَةُ فِي اللُّغَةِ مَا يَعْمُرُ بِهِ الْمَكَانُ، يُقَال: عَمَّرَ اللَّهُ بِكَ مَنْزِلَكَ: وَأَعْمَرَهُ جَعَلَهُ آهِلاً عَامِرًا بِكَ، وَعَمَّرْتُ الْخَرَابَ أَعْمُرُهُ عِمَارَةً أَحْيَيْتُهُ، وَيُطْلَقُ عَلَى الْبِنَاءِ (1) .
وَفِي الاِصْطِلاَحِ: الْقِيَامُ بِمَا يُصْلِحُ الْعَقَارَ، أَوِ الْبِنَاءَ مِنْ إِحْيَاءِ الأَْرْضِ، وَتَرْمِيمِ الْبِنَاءِ، وَتَجْصِيصِهِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يُصْلِحُهُ عُرْفًا (2) .
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - الْبِنَاءُ:
2 - الْبِنَاءُ: وَضْعُ شَيْءٍ عَلَى شَيْءٍ عَلَى وَجْهٍ يُرَادُ بِهِ الثُّبُوتُ (3) .
فَالْبِنَاءُ أَخَصُّ مِنَ الْعِمَارَةِ.
ب - التَّرْمِيمُ:
3 - التَّرْمِيمُ: إِصْلاَحُ الْبِنَاءِ (4) . وَهُوَ نَوْعٌ مِنَ الْعِمَارَةِ.
ج - الإِْحْيَاءُ:
4 - الإِْحْيَاءُ: عِمَارَةُ الأَْرْضِ الْخَرِبَةِ بِبِنَاءٍ، أَوْ غَرْسٍ، أَوْ سَقْيٍ (5) وَيَخْتَلِفُ مَعْنَاهُ بِاخْتِلاَفِ الْمُضَافِ إِلَيْهِ فَيُقَال: إِحْيَاءُ السُّنَّةِ وَإِحْيَاءُ اللَّيْل وَنَحْوِهِمَا.
وَعَلَى ذَلِكَ فَهُوَ أَعَمُّ مِنَ الْعِمَارَةِ.
الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْعِمَارَةِ:
5 - تَخْتَلِفُ أَحْكَامُ الْعِمَارَةِ بِاخْتِلاَفِ الْمَعْمُورِ، فَقَدْ قَال الشَّافِعِيَّةُ: يَجِبُ عَلَى نَاظِرِ الْوَقْفِ عِمَارَةُ الْمَوْقُوفِ مِنْ رَيْعِ الْوَقْفِ، أَوْ مِنْ جِهَةٍ شَرَطَهَا الْوَاقِفُ، كَمَا يَجِبُ عَلَى الْوَلِيِّ عِمَارَةُ عَقَارِ مُوَلِّيهِ مِنْ مَالِهِ، أَوْ مِنْ غَيْرِهِ مِمَّا هُوَ لَهُ، وَعَلَى النَّاظِرِ فِي الْمُشْتَرَكِ بِطَلَبِ شَرِيكِهِ، سَوَاءٌ الْمَوْقُوفُ وَالْمَمْلُوكُ لِنَحْوِ مَسْجِدٍ، وَعَلَى وَلِيِّ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ عِمَارَةُ أَمْلاَكِهِ، وَعَلَى وَلِيِّ الأَْمْرِ فِي مَال غَائِبٍ، أَوْ مَيِّتٍ لاَ وَارِثَ لَهُ، وَعَلَيْهِ دُيُونٌ، أَمَّا الْبَالِغُ الرَّشِيدُ فَلاَ تَجِبُ عَلَيْهِ عِمَارَةُ أَمْلاَكِهِ مِمَّا لاَ رُوحَ لَهُ كَقَنَاةٍ وَدَارٍ، وَأَرْضٍ لَهُ خَرَابٍ؛ لأَِنَّ تَنْمِيَةَ الْمَال غَيْرُ وَاجِبَةٍ، لَكِنَّهُ يُنْدَبُ عِمَارَتُهَا، وَيُكْرَهُ تَرْكُهَا حَذَرًا مِنْ إِضَاعَةِ الْمَال بِغَيْرِ الْفِعْل (6) . عِمَارَةُ الْمَسَاجِدِ:
6 - عِمَارَةُ الْمَسَاجِدِ مَأْمُورٌ بِهَا بِالْكِتَابِ الْكَرِيمِ وَالسُّنَّةِ الْمُطَهَّرَةِ، وَهِيَ فَرْضُ كِفَايَةٍ إِنْ قَامَ بِهَا بَعْضُ الْمُسْلِمِينَ سَقَطَ الإِْثْمُ عَنِ الْبَاقِينَ، وَإِنْ تَرَكُوهَا جَمِيعًا أَثِمُوا جَمِيعًا، قَال تَعَالَى: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآْخِرِ} (7) قَال ابْنُ كَثِيرٍ (8) فِي تَفْسِيرِ الآْيَةِ: إِنَّمَا يَسْتَقِيمُ عِمَارَتُهَا لِهَؤُلاَءِ الْجَامِعِينَ لِلْكَمَالاَتِ الْعِلْمِيَّةِ وَالْعَمَلِيَّةِ، وَمِنْ عِمَارَتِهَا: بِنَاؤُهَا، وَتَزْيِينُهَا بِالْفُرُشِ، وَتَنْوِيرُهَا بِالسُّرُجِ، وَإِدَامَةُ الْعِبَادَةِ وَدَرْسِ الْعِلْمِ فِيهَا، وَصِيَانَتُهَا عَمَّا لَمْ تُبْنَ لَهُ كَحَدِيثِ الدُّنْيَا، وَفِي الْحَدِيثِ الْقُدْسِيِّ: قَال تَعَالَى: إِنَّ بُيُوتِي فِي أَرْضِي الْمَسَاجِدُ، وَإِنَّ زُوَّارِي عُمَّارُهَا، فَطُوبَى لِعَبْدٍ تَطَهَّرَ فِي بَيْتِهِ ثُمَّ زَارَنِي فِي بَيْتِي فَحَقٌّ عَلَى الْمَزُورِ أَنْ يُكْرِمَ زَائِرَهُ (9)
وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ: (مَسْجِد) .
__________
(1) لسان العرب، متن اللغة.
(2) القليوبي 3 / 108.
(3) الكليات 1 / 417.
(4) أساس البلاغة.
(5) حاشية ابن عابدين 5 / 277، وحاشية القليوبي 3 / 87.
(6) حاشية القليوبي 4 / 95.
(7) سورة التوبة / 18.
(8) تفسير ابن كثير في قوله تعالى: (إنما يعمر مساجد الله) وروح المعاني، والقليوبي 3 / 108.
(9) حديث: " قال الله: إن بيوتي في أرضي المساجد ". قال ابن حجر في تخريج أحاديث الكشاف (2 / 354 - بحاشية الكشاف) لم أجده هكذا، وفي الطبراني عن سلمان عن النبي ﷺ: " من توضأ في بيته فأحسن الوضوء ثم أتى المسجد فهو زائر لله، وحق على المزور أن يكرم زائره "، وهذا أورده الهيثمي في المجمع (2 / 31) وقال: رواه الطبراني في الكبير، وأحد إسناديه رجاله رجال الصحيح.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 298/ 30