البحث

عبارات مقترحة:

المهيمن

كلمة (المهيمن) في اللغة اسم فاعل، واختلف في الفعل الذي اشتقَّ...

الغفور

كلمة (غفور) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فَعول) نحو: شَكور، رؤوف،...

الكريم

كلمة (الكريم) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فعيل)، وتعني: كثير...

عَنَتٌ


من الموسوعة الكويتية

التَّعْرِيفُ:
1 - مِنْ مَعَانِي الْعَنَتِ فِي اللُّغَةِ: الْخَطَأُ وَالْمَشَقَّةُ وَالْهَلاَكُ. وَالإِْثْمُ وَالزِّنَا، يُقَال: أَعْنَتَهُ إِذَا أَوْقَعَهُ فِي الْعَنَتِ أَيِ الْمَشَقَّةِ، وَيُقَال: فُلاَنٌ يَتَعَنَّتُ فُلاَنًا وَيُعَنِّتُهُ أَيْ يُشَدِّدُ عَلَيْهِ وَيُلْزِمُهُ مَا يَصْعُبُ عَلَيْهِ أَدَاؤُهُ (1) يَقُول اللَّهُ تَعَالَى: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لأََعْنَتَكُمْ} (2) أَيْ لَوْ شَاءَ لَشَدَّدَ عَلَيْكُمْ وَتَعَبَّدَكُمْ بِمَا يَصْعُبُ عَلَيْكُمْ أَدَاؤُهُ، وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى فِي أَوْصَافِ النَّبِيِّ ﷺ: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ} (3) أَيْ شَدِيدٌ عَلَيْهِ مَا يَشُقُّ عَلَيْكُمْ. وَيَعِزُّ عَلَيْهِ مَشَقَّتُكُمْ (4) ، فَأَصْل الْعَنَتِ: الشِّدَّةُ وَالْمَشَقَّةُ، ثُمَّ اُسْتُعْمِل فِي الْهَلاَكِ وَالْفَسَادِ وَالزِّنَا (5) . وَمِنْ مَعَانِيهِ فِي الاِصْطِلاَحِ: الزِّنَا وَالْفُجُورُ، وَبِهَذَا فَسَّرُوا قَوْله تَعَالَى: {ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ} (6) ، أَيْ نِكَاحُ الأَْمَةِ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ (الزِّنَا) وَلَمْ يَجِدْ طَوْلاً لِنِكَاحِ الْحُرَّةِ (7) .

الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ:
2 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى جَوَازِ نِكَاحِ الأَْمَةِ الْمُسْلِمَةِ لِمَنْ لَمْ يَجِدْ طَوْلاً، أَيْ قُدْرَةً عَلَى أَنْ يَنْكِحَ حُرَّةً، وَخَافَ الْعَنَتَ، قَال ابْنُ قُدَامَةَ: وَهَذَا قَوْل عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ، لاَ نَعْلَمُ بَيْنَهُمُ اخْتِلاَفًا فِيهِ (8) .
وَالأَْصْل فِيهِ قَوْله تَعَالَى: {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ} إِلَى قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: {ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ} (9)
وَمَعَ ذَلِكَ فَالصَّبْرُ عَنْ نِكَاحِ الأَْمَةِ خَيْرٌ وَأَفْضَل، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ وَاَللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (10) وَقَال جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ (الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَهُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ) : إِنَّ الأَْصْل تَحْرِيمُ هَذَا النَّوْعِ مِنَ النِّكَاحِ مَا لَمْ يَجْتَمِعْ فِيهِ شُرُوطٌ. وَإِنَّ الْجَوَازَ إِذَا اجْتَمَعَتِ الشُّرُوطُ مِنْ بَابِ الرُّخْصَةِ.
وَالْحِكْمَةُ فِي التَّحْرِيمِ: أَنَّ هَذَا النَّوْعَ مِنَ الزَّوَاجِ يُؤَدِّي إِلَى رِقِّ الْوَلَدِ؛ لأَِنَّ الْوَلَدَ تَبَعٌ لأُِمِّهِ فِي الْحُرِّيَّةِ وَالرِّقِّ (11) .
وَيُشْتَرَطُ لِجَوَازِ نِكَاحِ الْحُرِّ لِلأَْمَةِ مَا وَرَدَ فِي الآْيَةِ الْكَرِيمَةِ مِنْ عَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى نِكَاحِ حُرَّةٍ؛ لِعَدَمِ وُجُودِ حُرَّةٍ، أَوْ لِعَدَمِ وُجُودِ مَا يَتَزَوَّجُ بِهِ حُرَّةً مِنَ الصَّدَاقِ - وَقِيل: الصَّدَاقُ وَالنَّفَقَةُ مَعًا - وَخَوْفُ الْعَنَتِ، أَيْ: الْوُقُوعُ فِي الزِّنَا إِنْ لَمْ يَتَزَوَّجْ (12) .
وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: يَجُوزُ نِكَاحُ الأَْمَةِ مُطْلَقًا، سَوَاءٌ أَكَانَتْ مُسْلِمَةً أَمْ كِتَابِيَّةً، وَلاَ يُشْتَرَطُ فِي ذَلِكَ عَدَمُ الْقُدْرَةِ عَلَى نِكَاحِ الْحُرَّةِ وَلاَ خَوْفَ الْعَنَتِ، وَذَلِكَ لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} (13) وَقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: {وَأُحِل لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} (14) فَلاَ يَخْرُجُ مِنْهُ شَيْءٌ إِلاَّ بِمَا يُوجِبُ التَّخْصِيصَ، وَقَالُوا: إِنَّ قَوْله تَعَالَى: {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً} إِلَى قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: {ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ} (15) لاَ يَدُل عَلَى الْمَنْعِ إِلاَّ بِمَفْهُومِ الشَّرْطِ وَالصِّفَةِ، وَهُمَا لَيْسَا بِحُجَّةٍ، وَعَلَى تَقْدِيرِ الْحُجِّيَّةِ فَإِنَّهُ يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى الْكَرَاهَةِ، لاَ عَلَى التَّحْرِيمِ (16) .
وَنَقَل ابْنُ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ عَنْ مَالِكٍ جَوَازَ نِكَاحِ الأَْمَةِ، وَإِنْ كَانَ لاَ يَخَافُ عَنَتًا وَهُوَ وَاجِدٌ لِلطَّوْل، قَال: وَهُوَ الْمَشْهُورُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ (17) .
وَهَذَا كُلُّهُ فِيمَا إِذَا لَمْ تَكُنِ الأَْمَةُ مَمْلُوكَةً لَهُ أَوْ لِوَلَدِهِ، أَمَّا إِذَا كَانَتِ الأَْمَةُ مَمْلُوكَةً لَهُ فَلاَ يَجُوزُ لَهُ نِكَاحُهَا؛ لأَِنَّ النِّكَاحَ مَا شُرِعَ إِلاَّ مُثْمِرًا ثَمَرَاتٍ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ الْمُتَنَاكِحَيْنِ، وَالْمَمْلُوكِيَّةُ تُنَافِي الْمَالِكِيَّةَ، كَمَا قَال الْمَرْغِينَانِيُّ (18) ، وَلأَِنَّ مِلْكَ الرَّقَبَةِ يُفِيدُ مِلْكَ الْمَنْفَعَةِ وَإِبَاحَةَ الْبُضْعِ، كَمَا قَال ابْنُ قُدَامَةَ (19) .
__________
(1) لسان العرب، والمصباح المنير، ومتن اللغة.
(2) سورة البقرة / 220، وتفسير القرطبي 3 / 66.
(3) سورة التوبة / 128.
(4) تفسير القرطبي 8 / 301.
(5) لسان العرب، والمصباح المنير.
(6) سورة النساء / 25.
(7) تفسير القرطبي 5 / 136، والقليوبي على شرح المنهاج 4 / 337، والحطاب 3 / 472، 473.
(8) المغني لابن قدامة 6 / 597.
(9) سورة النساء / 25.
(10) سورة النساء / 25.
(11) تفسير القرطبي 5 / 136، 137، وحاشية القليوبي على شرح المنهاج 3 / 247، والمغني 6 / 597.
(12) الزرقاني 3 / 220، والحطاب وبهامشه المواق 3 / 472، 473، وروضة الطالبين 7 / 139 - 131، ومطالب أولي النهى 5 / 113.
(13) سورة النساء / 3.
(14) سورة النساء / 24.
(15) سورة النساء / 25.
(16) فتح القدير 3 / 376.
(17) الحطاب 3 / 472.
(18) فتح القدير 2 / 371.
(19) المغني لابن قدامة 6 / 610.

الموسوعة الفقهية الكويتية: 12/ 31