الغفور
كلمة (غفور) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فَعول) نحو: شَكور، رؤوف،...
الخروج عن ضوابط الدين، وقواعد الشريعة، ومكارم الاخلاق . ومنه الانحلال الأخلاقي . والانحلال السياسي .
الخروج عن ضوابط الدين، وقواعد الشريعة، ومكارم الاخلاق.
التَّعْرِيفُ:
1 - الاِنْحِلاَل لُغَةً: الاِنْفِكَاكُ، وَفِي دُسْتُورِ الْعُلَمَاءِ: الاِنْحِلاَل: بُطْلاَنُ الصُّورَةِ. (1)
وَالاِنْحِلاَل عِنْدَ الْفُقَهَاءِ بِمَعْنَى الْبُطْلاَنِ، وَالاِنْفِكَاكِ، وَالاِنْفِسَاخِ، وَالْفَسْخِ (2) .
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - الْبُطْلاَنُ:
2 - يُطْلِقُ الْفُقَهَاءُ الاِنْحِلاَل بِمَعْنَى الْبُطْلاَنِ، إِلاَّ أَنَّ الْبُطْلاَنَ يَكُونُ فِي الْمُنْعَقِدِ وَغَيْرِهِ، أَمَّا الاِنْحِلاَل فَلاَ يُتَصَوَّرُ إِلاَّ فِي الشَّيْءِ الْمُنْعَقِدِ، أَمَّا غَيْرُ الْمُنْعَقِدِ فَلاَ حِل لَهُ. (3)
ب - الاِنْفِسَاخُ:
يُعَبِّرُ الْفُقَهَاءُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْوَاحِدَةِ تَارَةً بِالاِنْفِسَاخِ وَتَارَةً بِالاِنْحِلاَل. وَنَقَل الْحَطَّابُ عَنْ بَعْضِ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّ الاِنْفِسَاخَ لاَ يُطْلَقُ فِي الْعُقُودِ الْجَائِزَةِ إِلاَّ مَجَازًا (4) .
الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ، وَمَوَاطِنُ الْبَحْثِ:
3 - يَرِدُ لَفْظُ الاِنْحِلاَل فِي كَلاَمِ الْفُقَهَاءِ أَكْثَرَ مَا يَرِدُ فِي الأَْيْمَانِ، وَالطَّلاَقِ، وَالْعُقُودِ.
فَفِي الأَْيْمَانِ: مَتَى كَانَتِ الْيَمِينُ عَلَى فِعْل وَاجِبٍ أَوْ تَرْكِ مُحَرَّمٍ كَانَ حَلُّهَا مُحَرَّمًا؛ لأَِنَّ حَلَّهَا بِفِعْل الْمُحَرَّمِ، وَهُوَ مُحَرَّمٌ. وَإِنْ كَانَتْ عَلَى فِعْل مَنْدُوبٍ أَوْ تَرْكِ مَكْرُوهٍ فَحَلُّهَا مَكْرُوهٌ، وَإِنْ كَانَتْ عَلَى فِعْل مُبَاحٍ فَحَلُّهَا مُبَاحٌ، وَإِنْ كَانَتْ عَلَى فِعْل مَكْرُوهٍ أَوْ تَرْكِ مَنْدُوبٍ فَحَلُّهَا مَنْدُوبٌ إِلَيْهِ. فَإِنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَال: إِذَا حَلَفْتَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَيْتَ غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ، وَكَفِّرْ عَنْ يَمِينِكَ. (5)
وَإِنْ كَانَتِ الْيَمِينُ عَلَى فِعْل مُحَرَّمٍ أَوْ تَرْكِ وَاجِبٍ، فَحَلُّهَا وَاجِبٌ لأَِنَّ حَلَّهَا بِفِعْل الْوَاجِبِ، وَفِعْل الْوَاجِبِ وَاجِبٌ. (6)
هَذَا مِنْ حَيْثُ أَصْل الْحُكْمِ التَّكْلِيفِيِّ لِحَل الْيَمِينِ. أَمَّا أَثَرُهُ فَهُوَ الْكَفَّارَةُ فِي الْيَمِينِ الْمُنْعَقِدَةِ عَلَى تَفْصِيلٍ يُنْظَرُ فِي (الأَْيْمَانُ) .
أَسْبَابُ انْحِلاَل الْيَمِينِ:
4 - لاِنْحِلاَل الْيَمِينِ أَسْبَابٌ، مِنْهَا:
أ - حُصُول مَا عَلَّقَ عَلَيْهِ الْحَالِفُ: فَتَنْحَل الْيَمِينُ بِوُقُوعِ مَا عُلِّقَ عَلَيْهِ، إِلاَّ إِنْ كَانَتْ أَدَاةُ التَّعْلِيقِ تَقْتَضِي التَّكْرَارَ فَالْيَمِينُ تَتَكَرَّرُ مَعَهَا، فَلَوْ قَال لِزَوْجَتِهِ: إِنْ خَرَجْتِ بِغَيْرِ إِذْنِي فَأَنْتِ طَالِقٌ، انْحَلَّتِ الْيَمِينُ بِالْخُرُوجِ مَرَّةً وَاحِدَةً. (7)
ب - زَوَال مَحَل الْبِرِّ: كَمَا لَوْ قَال إِنْ كَلَّمْتُ فُلاَنًا أَوْ دَخَلْتُ هَذِهِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَمَاتَ فُلاَنٌ أَوْ جُعِلَتِ الدَّارُ بُسْتَانًا بَطَل الْيَمِينُ. (8) وَانْظُرْ بَحْثَ (أَيْمَان)
ج - الْبِرُّ، وَالْحِنْثُ: فَلَوْ فَعَل مَا حَلَفَ عَلَى فِعْلِهِ انْحَلَّتْ يَمِينُهُ، وَكَذَا تَنْحَل لَوِ انْعَقَدَتْ ثُمَّ حَصَل الْحِنْثُ بِوُقُوعِ مَا حَلَفَ عَلَى نَفْيِهِ. (9)
د - الاِسْتِثْنَاءُ: تَنْحَل بِهِ الْيَمِينُ بِشُرُوطٍ وَتَفْصِيلاَتٍ تُذْكَرُ فِي بَابَيِ الطَّلاَقِ وَالأَْيْمَانِ، وَقَدْ يَخْتَلِفُ ذَلِكَ فِي الْيَمِينِ بِاَللَّهِ عَنْ غَيْرِهَا فِي بَعْضِ الصُّوَرِ. (1)
هـ - زَوَال مِلْكِ النِّكَاحِ: تَنْحَل بِهِ الْيَمِينُ بِالطَّلاَقِ عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ وَمَنَعَهُ الْبَعْضُ. وَمِنَ الأَْمْثِلَةِ عَلَى انْفِكَاكِ الْيَمِينِ إِذَا زَال مِلْكُ النِّكَاحِ: مَا إِذَا قَال لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلاَثًا إِنْ فَعَلْتِ كَذَا، ثُمَّ خَالَعَهَا قَبْل وُقُوعِ مَا عَلَّقَ عَلَيْهِ، فَإِنَّ الْيَمِينَ تَنْفَكُّ، وَلَوْ عَقَدَ عَلَيْهَا مِنْ جَدِيدٍ فَإِنَّهَا لاَ تَطْلُقُ إِنْ فَعَلَتْ مَا عُلِّقَ قَبْل الْخُلْعِ، (2) وَالْبَعْضُ مَنَعَ ذَلِكَ إِنْ كَانَ بِقَصْدِ الاِحْتِيَال. (3)
و الرِّدَّةُ: تَنْحَل بِهَا الْيَمِينُ عِنْدَ الْبَعْضِ دُونَ الْبَعْضِ الآْخَرِ.
ز - وَيَتِمُّ الاِنْحِلاَل فِي الْعُقُودِ بِأَسْبَابٍ، مِنْهَا: حَل الْعَقْدِ غَيْرِ اللاَّزِمِ مِنْ كِلاَ الْمُتَعَاقِدَيْنِ، أَوْ مِمَّنْ هُوَ غَيْرُ لاَزِمٍ فِي حَقِّهِ، وَمِنْهَا الْفَسْخُ بِالتَّرَاضِي أَوْ بِحُكْمِ الْقَضَاءِ، وَمِنْهَا الإِْقَالَةُ. وَيُرْجَعُ إِلَى كُلٍّ مِنْ هَذِهِ الأَْسْبَابِ فِي مَوْضِعِهِ.
__________
(1) تاج العروس، والمصباح مادة: " حلل "، ودستور العلماء، الألف مع النون 1 / 195.
(2) الدسوقي 3 / 535 ط دار الفكر، وابن عابدين 2 / 500 ط بولاق الأولى، الأشباه والنظائر لابن نجيم ص 338 نشر لبنان.
(3) المغني 8 / 686، 687 ط الرياض.
(4) الدسوقي 3 / 535، والحطاب 5 / 369 نشر ليبيا.
(5) حديث: " إذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيرا. . . . . ". أخرجه البخاري (11 / 517 - الفتح ط السلفية) ، ومسلم (3 / 1274 - ط الحلبي) .
(6) المغني 8 / 682، 683، والإقناع مع حاشية البجيرمي 4 / 303.
(7) ابن عابدين 2 / 500، جواهر الإكليل 1 / 230 نشر دار الباز، وشرح الروض 3 / 285، 4 / 266 ط الميمنية، والبجيرمي على الخطيب 3 / 437 ط مصطفى الحلبي، والمغني 7 / 186، 187.
(8) الدر المختار وحاشية ابن عابدين 2 / 497، والمغني 8 / 497، وشرح الروض 4 / 266.
(9) شرح الروض 4 / 266، والروضة 11 / 36 ط المكتب الإسلامي، والإنصاف 11 / 105.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 320/ 6