بَيْعُ الوَفَاءِ
من معجم المصطلحات الشرعية
البيع بشرط أن البائع متى رد الثمن يرد إليه المشتري المبيع . وسمي بذلك لأن على المشتري الوفاء بالشرط . ومن أمثلته قول بعض الفقهاء : إنه جائز لتعامل الناس به كما في الاستصناع، وقول آخرين : إنه باطل لاشتماله على شرط .
من موسوعة المصطلحات الإسلامية
إطلاقات المصطلح
يَرِد مُصْطلَح (بَيْع الوَفاءِ) في الفقه في كتاب البيوع، باب: خِيار الشَّرْطِ، وفي باب: الرَّهْن، عند الكلام عن الرَّهْنِ المُعادِ.
المعنى الاصطلاحي
البَيْعُ بِشَرْطِ أنّ البائِعَ متى رَدَّ الثَّمَنَ يَرُدُّ المُشْتَرِي المَبِيعَ إليه.
الشرح المختصر
بَيْعُ الوَفاءِ: أن يَبِيْعَ شَخْصٌ سِلْعَةً لِآخَرَ بِثَمَنٍ مُعَيَّنٍ أو بِدَيْنٍ له عليه بِشَرْطِ أن البائِعَ متى رَدَّ الثَّمَنَ إلى المُشْتَري أو أَدّاهُ الدَّينَ الذي له عليه يَرُدُّ المُشْتَري له العَينَ المَبِيْعَةَ، أو أن يَبِيعَ السِّلْعَةَ للمُشْتَرِي بالذي له عليه مِن الدَّيْنِ على أنّه متى قَضاهُ الدَّيْنَ عادت إليه السِّلْعَةَ، فهو في حَقِيقَتِهِ رَهْنٌ بِلَفْظِ البَيْعِ، أو قَرْضٌ إلى أَجَلٍ بِلَفْظِ البَيْعِ، وسُمَّي بَيْعَ أمانَةٍ؛ لأنّ المَبِيعَ بِمَنْزِلَةِ الأمانَةِ في يَدِ المُشْتَرِي، لا يَحِقُّ له فيه التَّصَرُّفُ النّاقِل لِلْمِلْكِ إلّا لِبائِعِهِ، ويُسَمِّيهِ بعض الفقهاء: بَيْعَ الثُّنْيا وبَيْعَ العُهْدَةِ وبَيْعَ الطّاعَةِ وبَيْعَ الجائِزِ وبَيْعَ المُعامَلَةِ.
التعريف
البيع بشرط أن البائع متى رد الثمن يرد إليه المشتري المبيع. وسمي بذلك لأن على المشتري الوفاء بالشرط.
المراجع
* مرشد الحيران إلى معرفة أحوال الإنسان في المعاملات الشرعية على مذهب أبي حنيفة : (1/73)
* التعريفات للجرجاني : (ص 48)
* القاموس الفقهي : (ص 348)
* معجم لغة الفقهاء : (ص 115)
* مجلة الأحكام العدلية : مادة 118 - التعريفات الفقهية : (ص 49)
* الموسوعة الفقهية الكويتية : (9/48) -
من الموسوعة الكويتية
التَّعْرِيفُ:
1 - الْبَيْعُ هُوَ: مُبَادَلَةُ مَالٍ بِمَالٍ. (1)
وَالْوَفَاءُ لُغَةً: ضِدُّ الْغَدْرِ، يُقَال: وَفَّى بِعَهْدِهِ وَأَوْفَى بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَالْوَفَاءُ: الْخُلُقُ الشَّرِيفُ الْعَالِي الرَّفِيعُ، وَأَوْفَى الرَّجُل حَقَّهُ وَوَفَّاهُ إِيَّاهُ بِمَعْنَى: أَكْمَلَهُ لَهُ وَأَعْطَاهُ وَافِيًا.
وَفِي اصْطِلاَحِ الْفُقَهَاءِ، بَيْعُ الْوَفَاءِ هُوَ: الْبَيْعُ بِشَرْطِ أَنَّ الْبَائِعَ مَتَى رَدَّ الثَّمَنَ يَرُدُّ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ إِلَيْهِ، وَإِنَّمَا سُمِّيَ (بَيْعَ الْوَفَاءِ) لأَِنَّ الْمُشْتَرِيَ يَلْزَمُهُ الْوَفَاءُ بِالشَّرْطِ.
هَذَا، وَيُسَمِّيهِ الْمَالِكِيَّةُ " بَيْعَ الثُّنْيَا " وَالشَّافِعِيَّةُ " بَيْعَ الْعُهْدَةِ " (2) وَالْحَنَابِلَةُ " بَيْعَ الأَْمَانَةِ " (3) وَيُسَمَّى أَيْضًا " بَيْعَ الطَّاعَةِ " " وَبَيْعَ الْجَائِزِ " وَسُمِّيَ فِي بَعْضِ كُتُبِ الْحَنَفِيَّةِ " بَيْعَ الْمُعَامَلَةِ. (4) " حُكْمُ بَيْعِ الْوَفَاءِ:
2 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ لِبَيْعِ الْوَفَاءِ.
فَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَالْمُتَقَدِّمُونَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ إِلَى: أَنَّ بَيْعَ الْوَفَاءِ فَاسِدٌ؛ لأَِنَّ اشْتِرَاطَ الْبَائِعِ أَخْذَ الْمَبِيعِ إِذَا رَدَّ الثَّمَنَ إِلَى الْمُشْتَرِي يُخَالِفُ مُقْتَضَى الْبَيْعِ وَحُكْمَهُ، وَهُوَ مِلْكُ الْمُشْتَرِي لِلْمَبِيعِ عَلَى سَبِيل الاِسْتِقْرَارِ وَالدَّوَامِ. وَفِي هَذَا الشَّرْطِ مَنْفَعَةٌ لِلْبَائِعِ، وَلَمْ يَرِدْ دَلِيلٌ مُعَيَّنٌ يَدُل عَلَى جَوَازِهِ، فَيَكُونُ شَرْطًا فَاسِدًا يَفْسُدُ الْبَيْعُ بِاشْتِرَاطِهِ فِيهِ.
وَلأَِنَّ الْبَيْعَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لاَ يُقْصَدُ مِنْهُ حَقِيقَةُ الْبَيْعِ بِشَرْطِ الْوَفَاءِ، وَإِنَّمَا يُقْصَدُ مِنْ وَرَائِهِ الْوُصُول إِلَى الرِّبَا الْمُحَرَّمِ، وَهُوَ إِعْطَاءُ الْمَال إِلَى أَجَلٍ، وَمَنْفَعَةُ الْمَبِيعِ هِيَ الرِّبْحُ، وَالرِّبَا بَاطِلٌ فِي جَمِيعِ حَالاَتِهِ.
وَذَهَبَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ إِلَى أَنَّ بَيْعَ الْوَفَاءِ جَائِزٌ مُفِيدٌ لِبَعْضِ أَحْكَامِهِ، وَهُوَ انْتِفَاعُ الْمُشْتَرِي بِالْمَبِيعِ - دُونَ بَعْضِهَا - وَهُوَ الْبَيْعُ مِنْ آخَرَ.
وَحُجَّتُهُمْ فِي ذَلِكَ: أَنَّ الْبَيْعَ بِهَذَا الشَّرْطِ تَعَارَفَهُ النَّاسُ وَتَعَامَلُوا بِهِ لِحَاجَتِهِمْ إِلَيْهِ، فِرَارًا مِنَ الرِّبَا، فَيَكُونُ صَحِيحًا لاَ يَفْسُدُ الْبَيْعُ بِاشْتِرَاطِهِ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ مُخَالِفًا لِلْقَوَاعِدِ، لأَِنَّالْقَوَاعِدَ تُتْرَكُ بِالتَّعَامُل، كَمَا فِي الاِسْتِصْنَاعِ. (5)
3 - وَذَهَبَ أَبُو شُجَاعٍ وَعَلِيٌّ السُّغْدِيُّ وَالْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ الْمَاتُرِيدِيُّ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ إِلَى: أَنَّ بَيْعَ الْوَفَاءِ رَهْنٌ وَلَيْسَ بِبَيْعٍ، فَيَثْبُتُ لَهُ جَمِيعُ أَحْكَامِ الرَّهْنِ فَلاَ يَمْلِكُهُ الْمُشْتَرِي وَلاَ يَنْتَفِعُ بِهِ، وَلَوِ اسْتَأْجَرَهُ لَمْ تَلْزَمْهُ أُجْرَتُهُ، كَالرَّاهِنِ إِذَا اسْتَأْجَرَ الْمَرْهُونَ مِنَ الْمُرْتَهِنِ، وَيَسْقُطُ الدَّيْنُ بِهَلاَكِهِ وَلاَ يَضْمَنُ مَا زَادَ عَلَيْهِ، وَإِذَا مَاتَ الرَّاهِنُ كَانَ الْمُرْتَهِنُ أَحَقَّ بِهِ مِنْ سَائِرِ الْغُرَمَاءِ.
وَحُجَّتُهُمْ فِي ذَلِكَ: أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْعُقُودِ لِلْمَعَانِي، لاَ لِلأَْلْفَاظِ وَالْمَبَانِي. وَلِهَذَا كَانَتِ الْهِبَةُ بِشَرْطِ الْعِوَضِ بَيْعًا، وَكَانَتِ الْكَفَالَةُ بِشَرْطِ بَرَاءَةِ الأَْصِيل حَوَالَةً، وَأَمْثَال ذَلِكَ كَثِيرٌ فِي الْفِقْهِ.
وَهَذَا الْبَيْعُ لَمَّا شُرِطَ فِيهِ أَخْذُ الْمَبِيعِ عِنْدَ رَدِّ الثَّمَنِ كَانَ رَهْنًا، لأَِنَّهُ هُوَ الَّذِي يُؤْخَذُ عِنْدَ أَدَاءِ الدَّيْنِ. (6)
4 - قَال ابْنُ عَابِدِينَ: فِي بَيْعِ الْوَفَاءِ قَوْلاَنِ:
الأَْوَّل: أَنَّهُ بَيْعٌ صَحِيحٌ مُفِيدٌ لِبَعْضِ أَحْكَامِهِ مِنْ حِل الاِنْتِفَاعِ بِهِ، إِلاَّ أَنَّهُ لاَ يَمْلِكُ الْمُشْتَرِي بَيْعَهُ، قَال الزَّيْلَعِيُّ فِي الإِْكْرَاهِ: وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى.
الثَّانِي: الْقَوْل الْجَامِعُ لِبَعْضِ الْمُحَقِّقِينَ: أَنَّهُ فَاسِدٌ فِي حَقِّ بَعْضِ الأَْحْكَامِ حَتَّى مَلَكَ كُلٌّ مِنْهُمَا الْفَسْخَ، صَحِيحٌ فِي حَقِّ بَعْضِ الأَْحْكَامِ كَحِل الإِْنْزَال وَمَنَافِعِ الْمَبِيعِ، وَرَهْنٌ فِي حَقِّ الْبَعْضِ حَتَّى لَمْ يَمْلِكِ الْمُشْتَرِي بَيْعَهُ مِنْ آخَرَ وَلاَ رَهْنَهُ وَسَقَطَ الدَّيْنُ بِهَلاَكِهِ. فَهُوَ مُرَكَّبٌ مِنَ الْعُقُودِ الثَّلاَثَةِ، كَالزَّرَافَةِ فِيهَا صِفَةُ الْبَعِيرِ وَالْبَقَرَةِ وَالنَّمِرِ، جُوِّزَ لِحَاجَةِ النَّاسِ إِلَيْهِ بِشَرْطِ سَلاَمَةِ الْبَدَلَيْنِ لِصَاحِبِهِمَا، قَال فِي الْبَحْرِ: وَيَنْبَغِي أَنْ لاَ يُعْدَل فِي الإِْفْتَاءِ عَنِ الْقَوْل الْجَامِعِ. وَفِي النَّهْرِ: وَالْعَمَل فِي دِيَارِنَا عَلَى مَا رَجَّحَهُ الزَّيْلَعِيُّ. (7)
5 - وَقَال صَاحِبُ بُغْيَةِ الْمُسْتَرْشِدِينَ مِنْ مُتَأَخِّرِي الشَّافِعِيَّةِ: بَيْعُ الْعُهْدَةِ صَحِيحٌ جَائِزٌ وَتَثْبُتُ بِهِ الْحُجَّةُ شَرْعًا وَعُرْفًا عَلَى قَوْل الْقَائِلِينَ بِهِ، وَلَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِكَرَاهَتِهِ، وَقَدْ جَرَى عَلَيْهِ الْعَمَل فِي غَالِبِ جِهَاتِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ زَمَنٍ قَدِيمٍ وَحَكَمَتْ بِمُقْتَضَاهُ الْحُكَّامُ، وَأَقَرَّهُ مَنْ يَقُول بِهِ مِنْ عُلَمَاءِ الإِْسْلاَمِ، مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ، وَإِنَّمَا اخْتَارَهُ مَنِ اخْتَارَهُ وَلَفَّقَهُ مِنْ مَذَاهِبَ، لِلضَّرُورَةِ الْمَاسَّةِ إِلَيْهِ، وَمَعَ ذَلِكَ فَالاِخْتِلاَفُ فِي صِحَّتِهِ مِنْ أَصْلِهِ وَفِي التَّفْرِيعِ عَلَيْهِ، لاَ يَخْفَى عَلَى مَنْ لَهُ إِلْمَامٌ بِالْفِقْهِ. (8)
شَرْطُ بَيْعِ الْوَفَاءِ عِنْدَ مَنْ يُجِيزُهُ:
6 - لِتَطْبِيقِ أَحْكَامِ بَيْعِ الْوَفَاءِ شَرْطَانِ عِنْدَ مَنْ يُجِيزُهُ لاَ بُدَّ مِنْ تَوَافُرِهِمَا وَهُمَا:
أ - أَنْ يَنُصَّ فِي الْعَقْدِ عَلَى أَنَّهُ مَتَى رَدَّ الْبَائِعُ الثَّمَنَ رَدَّ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ.
ب - سَلاَمَةُ الْبَدَلَيْنِ، فَإِنْ تَلِفَ الْمَبِيعُ وَفَاءً وَكَانَتْ قِيمَتُهُ مُسَاوِيَةً لِلدَّيْنِ (أَيِ الثَّمَنِ) سَقَطَ مِنَ الدَّيْنِ فِي مُقَابَلَتِهِ، وَإِنْ كَانَتْ زَائِدَةً عَلَى مِقْدَارِ الدَّيْنِ، وَهَلَكَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي، سَقَطَ مِنْ قِيمَتِهِ قَدْرُ مَا يُقَابِل الدَّيْنَ، وَهُوَ فِي هَذَا كَالرَّهْنِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ. (9)
الآْثَارُ الْمُتَرَتِّبَةُ عَلَى بَيْعِ الْوَفَاءِ:
هُنَاكَ آثَارٌ تَتَرَتَّبُ عَلَى بَيْعِ الْوَفَاءِ عِنْدَ مَنْ يُجِيزُهُ مِنْ مُتَأَخِّرِي الْحَنَفِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ مُجْمَلُهَا فِيمَا يَلِي:
أَوَّلاً - عَدَمُ نَقْلِهِ لِلْمِلْكِيَّةِ:
7 - أَنَّ بَيْعَ الْوَفَاءِ لاَ يُسَوِّغُ لِلْمُشْتَرِي التَّصَرُّفَ النَّاقِل لِلْمِلْكِ كَالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ عِنْدَ مَنْ يُجِيزُهُ، وَيَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ عِدَّةُ مَسَائِل:
أ - عَدَمُ نَفَاذِ بَيْعِ الْمَبِيعِ وَفَاءً مِنْ غَيْرِ الْبَائِعِ، وَذَلِكَ لأَِنَّهُ كَالرَّهْنِ، وَالرَّهْنُ لاَ يَجُوزُ بَيْعُهُ. (10)
ب - لاَ يَحِقُّ لِلْمُشْتَرِي فِي بَيْعِ الْوَفَاءِ الشُّفْعَةُ، وَتَبْقَى الشُّفْعَةُ لِلْبَائِعِ، فَفِي الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ نَقْلاً عَنْ فَتَاوَى أَبِي الْفَضْل: أَنَّهُ سُئِل عَنْ كَرْمٍ بِيَدِ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ، بَاعَتِ الْمَرْأَةُ نَصِيبَهَا مِنَ الرَّجُل، وَاشْتَرَطَتْ أَنَّهَا مَتَى جَاءَتْ بِالثَّمَنِ رَدَّ عَلَيْهَا نَصِيبَهَا، ثُمَّ بَاعَ الرَّجُل نَصِيبَهُ، هَل لِلْمَرْأَةِ فِيهِ شُفْعَةٌ؟
قَال (أَبُو الْفَضْل) : إِنْ كَانَ الْبَيْعُ بَيْعَ مُعَامَلَةٍ فَفِيهِ الشُّفْعَةُ لِلْمَرْأَةِ، سَوَاءٌ كَانَ نَصِيبُهَا مِنَ الْكَرْمِ فِي يَدِهَا أَوْ فِي يَدِ الرَّجُل.
وَبَيْعُ الْوَفَاءِ وَبَيْعُ الْمُعَامَلَةِ وَاحِدٌ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّةِ. (11)
ج - الْخَرَاجُ فِي الأَْرْضِ الْمَبِيعَةِ بَيْعَ وَفَاءٍ عَلَى الْبَائِعِ. (12)
د - لَوْ هَلَكَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَلاَ شَيْءَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الآْخَرِ. (13)
هـ - مَنَافِعُ الْمَبِيعِ بَيْعَ وَفَاءٍ لِلْبَائِعِ كَالإِْجَارَةِ وَثَمَرَةِ الأَْشْجَارِ وَنَحْوِهَا، فَلَوْ بَاعَ دَارَهُ مِنْ آخَرَ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ بَيْعَ وَفَاءٍ، وَتَقَابَضَا، ثُمَّ اسْتَأْجَرَهَا مِنَ الْمُشْتَرِي مَعَ شَرَائِطِ صِحَّةِ الإِْجَارَةِ وَقَبَضَهَا وَمَضَتِ الْمُدَّةُ، هَل يَلْزَمُهُ الأَْجْرُ؟ قَال: لاَ، فَتَبَيَّنَ أَنَّ الْمِلْكَ لَمْ يَنْتَقِل لِلْمُشْتَرِي، إِذْ لَوِ انْتَقَل لَوَجَبَتِ الأُْجْرَةُ، وَكَذَلِكَ ثَمَرُ الشَّجَرِ لِلْبَائِعِ دُونَ الْمُشْتَرِي، فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ لَوْ أَخَذَ مِنْ ثَمَرِ الأَْشْجَارِ شَيْئًا، فَإِنْ أَخَذَهُ بِإِذْنِ الْبَائِعِ بَرِئَتْ ذِمَّتُهُ، وَإِنْ أَخَذَهُ بِغَيْرِ إِذْنِهِ وَرِضَاهُ ضَمِنَهَا. (14)
و انْتِقَال الْمَبِيعِ وَفَاءً بِالإِْرْثِ إِلَى وَرَثَةِ الْبَائِعِ، فَلَوْ بَاعَ رَجُلٌ بُسْتَانَهُ مِنْ آخَرَ بَيْعَ وَفَاءٍ، وَتَقَابَضَا، ثُمَّ بَاعَهُ الْمُشْتَرِي مِنْ آخَرَ بَيْعًا بَاتًّا وَسَلَّمَ وَغَابَ، فَلِلْبَائِعِ أَوْ وَرَثَتِهِ أَنْ يُخَاصِمُوا الْمُشْتَرِيَ الثَّانِيَ، وَيَسْتَرِدُّوا مِنْهُ الْبُسْتَانَ.
وَكَذَا إِذَا مَاتَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِيَانِ، وَلِكُلٍّ وَرَثَةٌ، فَلِوَرَثَةِ الْمَالِكِ أَنْ يَسْتَخْلِصُوهُ مِنْ أَيْدِي وَرَثَةِ الْمُشْتَرِي الثَّانِي، وَلِوَرَثَةِ الْمُشْتَرِي الثَّانِي أَنْ يَرْجِعُوا بِمَا أَدَّى مِنَ الثَّمَنِ إِلَى بَائِعِهِ فِي تَرِكَتِهِ الَّتِي فِي أَيْدِي وَرَثَتِهِ، وَلِوَرَثَةِ الْمُشْتَرِي الأَْوَّل أَنْ يَسْتَرِدُّوهُ، وَيَحْبِسُوهُ بِدَيْنِ مُورَثِهِمْ إِلَى أَنْ يَقْضُوا الدَّيْنَ. (15)
ثَانِيًا: حَقُّ الْبَائِعِ فِي اسْتِرْدَادِ الْمَبِيعِ:
8 - يَحِقُّ لِلْبَائِعِ أَنْ يَسْتَرِدَّ مَبِيعَهُ إِذَا دَفَعَ الثَّمَنَ لِلْمُشْتَرِي فِي حَالَتَيِ التَّوْقِيتِ وَعَدَمِهِ. (16)
ثَالِثًا: أَثَرُ مَوْتِ أَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ فِي بَيْعِ الْوَفَاءِ:
9 - سَبَقَ قَرِيبًا أَنَّهُ إِذَا مَاتَ الْمُشْتَرِي أَوِ الْبَائِعُ بَيْعَ وَفَاءٍ فَإِنَّ وَرَثَتَهُ يَقُومُونَ مَقَامَهُ فِي أَحْكَامِ الْوَفَاءِ، نَظَرًا لِجَانِبِ الرَّهْنِ. (17)
رَابِعًا: اخْتِلاَفُ الْمُتَعَاقِدَيْنِ فِي بَيْعِ الْوَفَاءِ:
10 - مِنْ أَهَمِّ الأَْحْكَامِ الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِاخْتِلاَفِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ فِي بَيْعِ الْوَفَاءِ مَا يَلِي:
أ - إِذَا اخْتَلَفَ الْمُتَعَاقِدَانِ فِي أَصْل بَيْعِ الْوَفَاءِ، كَأَنْ قَال أَحَدُهُمَا: كَانَ الْبَيْعُ بَاتًّا أَوْ وَفَاءً، فَالْقَوْل لِمُدَّعِي الْجَدِّ وَالْبَتَاتِ إِلاَّ بِقَرِينَةِ الْوَفَاءِ، وَهُنَاكَ قَوْلٌ آخَرُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّ الْقَوْل لِمُدَّعِي الْوَفَاءِ اسْتِحْسَانًا. (18)
ب - إِذَا أَقَامَ كُلٌّ مِنَ الْمُشْتَرِي وَالْبَائِعِ الْبَيِّنَةَ تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْوَفَاءِ، لأَِنَّهَا خِلاَفُ الظَّاهِرِ. (19)
ج - إِذَا لَمْ يَكُنْ لأَِحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ فَالْقَوْل قَوْل مُدَّعِي الْبَتَاتِ.
قَال ابْنُ عَابِدِينَ: فَتَحَصَّل أَنَّ الاِسْتِحْسَانَ فِي الاِخْتِلاَفِ فِي الْبَيِّنَةِ تَرْجِيحُ بَيِّنَةِ الْوَفَاءِ، وَفِي الاِخْتِلاَفِ فِي الْقَوْل تَرْجِيحُ قَوْل مُدَّعِي الْبَتَاتِ. (20) وَمِنَ الْقَرَائِنِ الدَّالَّةِ عَلَى الْوَفَاءِ نُقْصَانُ الثَّمَنِ كَثِيرًا، وَهُوَ مَا لاَ يَتَغَابَنُ فِيهِ النَّاسُ عَادَةً إِلاَّ أَنْ يَدَّعِيَ صَاحِبُهُ تَغَيُّرَ السِّعْرِ. (21)
__________
(1) مجلة الأحكام العدلية مادة: " 105 ".
(2) الحطاب 4 / 373، وبغية المسترشدين ص 133.
(3) كشاف القناع 3 / 149 - 150.
(4) الفتاوى الهندية 3 / 209.
(5) تبيين الحقائق للزيلعي 5 / 184، والبحر الرائق 6 / 8، والفتاوى الهندية 3 / 208 - 209، وابن عابدين 4 / 246 - 247، ومغني المحتاج 2 / 31، ونهاية المحتاج 3 / 433، وبغية المسترشدين ص 133، والإقناع 3 / 58.
(6) تبيين الحقائق 5 / 183، والبزازية بهامش الهندية 4 / 405.
(7) ابن عابدين 4 / 246 - 247 ط بولاق.
(8) بغية المسترشدين ص 133 بتصرف.
(9) ابن عابدين 4 / 247، ومجلة الأحكام العدلية مادة: " 399 و 400 ".
(10) ابن عابدين 4 / 247.
(11) الفتاوى الهندية 3 / 209.
(12) معين الحكام ص 183.
(13) المرجع السابق.
(14) الفتاوى الهندية 3 / 209، ومعين الحكام ص 183.
(15) الفتاوى الهندية 3 / 209، والبزازية بهامش الهندية 4 / 411.
(16) معين الحكام ص 182، والفتاوى الهندية 3 / 209، وبغية المسترشدين ص 133.
(17) البزازية بهامش الهندية 4 / 411، والفتاوى الهندية 3 / 209، وحاشية الطحطاوي على الدر المختار 3 / 143.
(18) الطحطاوي مع الدر المختار 3 / 144.
(19) المرجع السابق.
(20) ابن عابدين 4 / 248.
(21) ابن عابدين 4 / 248 - 249.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 260/ 9