المؤمن
كلمة (المؤمن) في اللغة اسم فاعل من الفعل (آمَنَ) الذي بمعنى...
اتفاق المجتهدين من أمة محمد -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - في عصر من العصور على أمر ديني . مثل إجماع المسلمين على وجوب الصلاة، وكفر جاحدها، ويطلق أحياناً على :
مَصْدَرُ أَجْمَعَ، ومعناه: الاتِّفاقُ، يُقالُ: أَجْمَعَ القَوْمُ على أمْرٍ ما، أي: اتَّفَقُوا عليه، واجتَمَعَت آراؤُهم عليه، ويأتي بِمعنى الإِعْدادِ، يُقال: أَجْمَعْتُ كَذا، أي: أَعْدَدْتُهُ، ومِن معانيه أيضاً: العَزِيْمَةُ على الأَمْرِ، وجَعْلُ الـمُتَفَرِّقِ جميعاً.
يَرِدُ مُصطلح (إِجْماع) في مواطنَ عَدِيدَةٍ مِن كُتُبِ الفِقْهِ وأَبْوابِهِ، بِحَيْثُ يَعْسُرُ حَصْرُها؛ إِذْ قَلَّ بابٌ مِنْها إلاّ وفِيهِ ذِكْرُ هذا الـمُصْطَلَحِ.
جمع
اتِّفاقُ الـمُجْتَهِدِينِ مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بَعْدَ زَمانِهِ في عَصْرٍ مِن العُصورِ على حُكْمٍ شَرْعِيٍّ.
الإِجْماعُ في اصْطِلاحِ الأُصولِيِّين: هو اتِّفاقُ جَمِيعِ الـمُجْتَهِدِينَ من الـمُسلِمِين في عَصْرٍ من العُصورِ بعد وَفاةِ الرَّسولِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على حُكْمٍ شَرْعِيٍّ في واقِعَةٍ ما، وعُدَّ إِجْماعُهُم على حُكْمٍ واحِدٍ فيها دَلِيلاً على أنّ هذا الحُكْمَ هو الحُكْمُ الشَّرْعِيُّ في الواقِعَةِ، وإنّما قِيلَ في التَّعْرِيفِ: "بعد زَمانِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ووَفاتِهِ"؛ لأنّه في حَياةِ الرَّسولِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُعَدُّ هو الـمَرْجِعُ التَّشْرِيْعِيُّ وَحْدَهُ، فلا يُتَصَوَّرُ اخْتِلافٌ في حُكْمٍ شَرْعِيٍّ ولا اتِّفاقٌ؛ إِذ الاتِّفاقُ لا يَتَحَقَّقُ إلاّ مِنْ عَدَدٍ.
الاتِّفاقُ، يُقالُ: أَجْمَعَ القَوْمُ على أمْرٍ ما، أي: اتَّفَقُوا عليه، واجْتَمَعَت آراؤُهُم عليه.
اتفاق المجتهدين المسلمين في عصر من العصور على أمر ديني.
* تهذيب اللغة : (1/253)
* المحيط في اللغة : (1/272)
* النهاية في غريب الحديث والأثر : (1/10)
* التقرير والتحبير : (3/106)
* قواطع الأدلة : (1/461)
* شرح مختصر الروضة : (3/5)
* الفقيه و المتفقه : (1/225)
* الإحكام : (1/254)
* علم أصول الفقه : (ص 45)
* لسان العرب : (8/58)
* تاج العروس : (20/463)
* علم أصول الفقه : (ص 45) -
التَّعْرِيفُ:
1 - الإِْجْمَاعُ فِي اللُّغَةِ يُرَادُ بِهِ تَارَةً الْعَزْمُ، يُقَال: أَجْمَعَ فُلاَنٌ كَذَا، أَوْ أَجْمَعَ عَلَى كَذَا، إِذَا عَزَمَ عَلَيْهِ وَتَارَةً يُرَادُ بِهِ الاِتِّفَاقُ، فَيُقَال: أَجْمَعَ الْقَوْمُ عَلَى كَذَا، أَيِ اتَّفَقُوا عَلَيْهِ، وَعَنِ الْغَزَالِيِّ أَنَّهُ مُشْتَرَكٌ لَفْظِيٌّ (1) . وَقِيل إِنَّ الْمَعْنَى الأَْصْلِيَّ لَهُ الْعَزْمُ، وَالاِتِّفَاقُ لاَزِمٌ ضَرُورِيٌّ إِذَا وَقَعَ مِنْ جَمَاعَةٍ، وَالإِْجْمَاعُ فِي اصْطِلاَحِ الأُْصُولِيِّينَ: اتِّفَاقُ جَمِيعِ الْمُجْتَهِدِينَ مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ ﷺ فِي عَصْرٍ مَا بَعْدَ عَصْرِهِ ﷺ عَلَى أَمْرٍ شَرْعِيٍّ، وَالْمُرَادُ بِالأَْمْرِ الشَّرْعِيِّ: مَا لاَ يُدْرَكُ لَوْلاَ خِطَابُ الشَّارِعِ، سَوَاءٌ أَكَانَ قَوْلاً أَمْ فِعْلاً أَمِ اعْتِقَادًا أَمْ تَقْرِيرًا.
بَيَانُ مَنْ يَنْعَقِدُ بِهِمُ الإِْجْمَاعُ:
2 - جُمْهُورُ أَهْل السُّنَّةِ عَلَى أَنَّ الإِْجْمَاعَ يَنْعَقِدُ بِاتِّفَاقِ الْمُجْتَهِدِينَ مِنَ الأُْمَّةِ، وَلاَ عِبْرَةَ بِاتِّفَاقِ غَيْرِهِمْ مَهْمَا كَانَ مِقْدَارُ ثَقَافَتِهِمْ، وَلاَ بُدَّ مِنَ اتِّفَاقِ الْمُجْتَهِدِينَ وَلَوْ كَانُوا أَصْحَابَ بِدْعَةٍ إِنْ لَمْ يَكْفُرُوا بِبِدْعَتِهِمْ، فَإِنْ كَفَرُوا بِهَا كَالرَّافِضَةِ الْغَالِينَ فَلاَ يُعْتَدُّ بِهِمْ، وَأَمَّا الْبِدْعَةُ غَيْرُ الْمُكَفِّرَةِ أَوِ الْفِسْقُ فَإِنَّ الاِعْتِدَادَ بِخِلاَفِهِمْ أَوْ عَدَمَ الاِعْتِدَادِ فِيهِ خِلاَفٌ وَتَفْصِيلٌ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ وَالأُْصُولِيِّينَ مَوْضِعُهُ الْمُلْحَقُ الأُْصُولِيُّ.
وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ الْعِبْرَةَ بِاتِّفَاقِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ فَقَطْ، لِمَا وَرَدَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَال: عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ مِنْ بَعْدِي، عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ (2) . وَهَذَا خَبَرُ آحَادٍ لاَ يُفِيدُ الْيَقِينَ، وَعَلَى فَرْضِ التَّسْلِيمِ فَإِنَّهُ يُفِيدُ رُجْحَانَ الاِقْتِدَاءِ بِهِمْ لاَ إِيجَابَهُ، وَقَال قَوْمٌ إِنَّ الإِْجْمَاعَ هُوَ إِجْمَاعُ أَهْل الْمَدِينَةِ دُونَ غَيْرِهِمْ، وَهَذَا ظَاهِرُ مَذْهَبِ مَالِكٍ فِيمَا كَانَ سَبِيلُهُ النَّقْل وَالتَّوَاتُرَ، كَبَعْضِ أَفْعَالِهِ ﷺ كَالأَْذَانِ وَالإِْقَامَةِ وَتَحْدِيدِ الأَْوْقَاتِ وَتَقْدِيرِ الصَّاعِ وَالْمُدِّ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَعْتَمِدُ عَلَى النَّقْل وَحْدَهُ لاَ عَلَى الاِجْتِهَادِ، وَمَا سَبِيلُهُ الاِجْتِهَادُ فَلاَ يُعْتَدُّ عِنْدَهُ بِإِجْمَاعِهِمْ.
إِمْكَانُ الإِْجْمَاعِ:
3 - اتَّفَقَ الأُْصُولِيُّونَ عَلَى أَنَّ الإِْجْمَاعَ مُمْكِنٌ عَقْلاً، وَذَهَبَ جُمْهُورُهُمْ إِلَى أَنَّهُ مُمْكِنٌ عَادَةً، وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ النَّظَّامُ وَغَيْرُهُ (3) . وَخَالَفَ الْبَعْضُ فِي إِمْكَانِ نَقْلِهِ.
حُجِّيَّةُ الإِْجْمَاعِ:
4 - الإِْجْمَاعُ حُجَّةٌ قَطْعِيَّةٌ عَلَى الصَّحِيحِ، وَإِنَّمَا يَكُونُ قَطْعِيًّا حَيْثُ اتَّفَقَ الْمُعْتَبِرُونَ عَلَى أَنَّهُ إِجْمَاعٌ، لاَ حَيْثُ اخْتَلَفُوا، كَمَا فِي الإِْجْمَاعِ السُّكُوتِيِّ وَمَا نَدَرَ مُخَالِفُهُ (4) .
مَا يُحْتَجُّ عَلَيْهِ بِالإِْجْمَاعِ:
5 - يُحْتَجُّ بِالإِْجْمَاعِ عَلَى الأُْمُورِ الدِّينِيَّةِ الَّتِي لاَ تَتَوَقَّفُ حُجِّيَّةُ الإِْجْمَاعِ عَلَيْهَا، سَوَاءٌ أَكَانَتِ اعْتِقَادِيَّةً كَنَفْيِ الشَّرِيكِ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى، أَوْ عَمَلِيَّةً كَالْعِبَادَاتِ وَالْمُعَامَلاَتِ، وَقِيل لاَ أَثَرَ لِلإِْجْمَاعِ فِي الْعَقْلِيَّاتِ، فَإِنَّ الْمُعْتَبَرَ فِيهَا الأَْدِلَّةُ الْقَاطِعَةُ، فَإِذَا انْتَصَبَتْ لَمْ يُعَارِضْهَا شِقَاقٌ وَلَمْ يُعَضِّدْهَا وِفَاقٌ.
أَمَّا مَا تَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ حُجِّيَّةُ الإِْجْمَاعِ، كَوُجُودِ الْبَارِي تَعَالَى، وَرِسَالَةِ مُحَمَّدٍ ﷺ فَلاَ يُحْتَجُّ عَلَيْهِ بِالإِْجْمَاعِ؛ لِئَلاَّ يَلْزَمَ الدَّوْرُ.
مُسْتَنَدُ الإِْجْمَاعِ:
6 - لاَ بُدَّ لِلإِْجْمَاعِ مِنْ مُسْتَنَدٍ، نَصٍّ أَوْ قِيَاسٍ، وَقَدْ يَكُونُ النَّصُّ أَوِ الْقِيَاسُ خَفِيًّا. فَإِذَا أُجْمِعَ عَلَى مُقْتَضَاهُ سَقَطَ الْبَحْثُ عَنْهُ، وَحَرُمَتْ مُخَالَفَتُهُ مَعَ عَدَمِ الْعِلْمِ بِهِ، وَيُقْطَعُ بِحُكْمِهِ وَإِنْ كَانَ ظَنِّيًّا (5) . إِنْكَارُ الإِْجْمَاعِ:
7 - قِيل: يَكْفُرُ مُنْكِرُ حُكْمِ الإِْجْمَاعِ الْقَطْعِيِّ، وَفَصَّل بَعْضُ الأُْصُولِيِّينَ بَيْنَ مَا كَانَ مِنْ ضَرُورِيَّاتِ دِينِ الإِْسْلاَمِ، وَهُوَ مَا يَعْرِفُهُ الْخَوَاصُّ وَالْعَوَامُّ، مِنْ غَيْرِ قَبُولٍ لِلتَّشْكِيكِ، كَوُجُوبِ الصَّلاَةِ وَالصَّوْمِ، وَحُرْمَةِ الزِّنَا وَالْخَمْرِ، فَيَكْفُرُ مُنْكِرُهُ، وَبَيْنَ مَا سِوَى ذَلِكَ، فَلاَ يَكْفُرُ مُنْكِرُهُ، كَالإِْجْمَاعِ عَلَى بَعْضِ دَقَائِقِ عِلْمِ الْمَوَارِيثِ الَّتِي قَدْ تَخْفَى عَلَى الْعَوَامِّ (6) .
وَفَرَّقَ فَخْرُ الإِْسْلاَمِ بَيْنَ الإِْجْمَاعِ الْقَطْعِيِّ مِنْ إِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ نَصًّا، كَإِجْمَاعِهِمْ عَلَى قِتَال مَانِعِي الزَّكَاةِ، أَوْ مَعَ سُكُوتِ بَعْضِهِمْ، فَيَكْفُرُ مُنْكِرُهُ، وَبَيْنَ إِجْمَاعِ غَيْرِهِمْ فَيُضَلَّل.
الإِْجْمَاعُ السُّكُوتِيُّ:
8 - يَتَحَقَّقُ الإِْجْمَاعُ السُّكُوتِيُّ إِذَا أَفْتَى بَعْضُ الْمُجْتَهِدِينَ فِي مَسْأَلَةٍ اجْتِهَادِيَّةٍ، أَوْ قَضَى، وَاشْتُهِرَ ذَلِكَ بَيْنَ أَهْل عَصْرِهِ، وَعَرَفَهُ جَمِيعُ مَنْ سِوَاهُ مِنَ الْمُجْتَهِدِينَ، وَلَمْ يُخَالِفُوهُ، وَاسْتَمَرَّتِ الْحَال عَلَى هَذَا إِلَى مُضِيِّ مُدَّةِ التَّأَمُّل، وَقَدْ ذَهَبَ أَكْثَرُ الْحَنَفِيَّةِ وَبَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ إِلَى أَنَّهُ إِذَا تَحَقَّقَ ذَلِكَ فَهُوَ إِجْمَاعٌ قَطْعِيٌّ، وَإِنَّمَا يَكُونُ إِجْمَاعًا عِنْدَهُمْ حَيْثُ لاَ يُحْمَل سُكُوتُهُمْ عَلَى التَّقِيَّةِ خَوْفًا. وَمَوْضِعُ اعْتِبَارِ سُكُوتِهِمْ إِجْمَاعًا إِنَّمَا هُوَ قَبْل اسْتِقْرَارِ الْمَذَاهِبِ، وَأَمَّا بَعْدَ اسْتِقْرَارِهَا فَلاَ يُعْتَبَرُ السُّكُوتُ إِجْمَاعًا؛ لأَِنَّهُ لاَ وَجْهَ لِلإِْنْكَارِ عَلَى صَاحِبِ مَذْهَبٍ فِي الْعَمَل عَلَى مُوجِبِ مَذْهَبِهِ، وَذَهَبَ أَبُو هَاشِمٍ الْجُبَّائِيُّ إِلَى أَنَّهُ حُجَّةٌ وَلَيْسَ إِجْمَاعًا.
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ فَضْلاً أَنْ يَكُونَ إِجْمَاعًا، وَبِهِ قَال ابْنُ أَبَانَ وَالْبَاقِلاَّنِيُّ وَبَعْضُ الْمُعْتَزِلَةِ وَأَكْثَرُ الْمَالِكِيَّةِ وَأَبُو زَيْدٍ الدَّبُوسِيُّ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ، وَالرَّافِعِيُّ وَالنَّوَوِيُّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ (7) .
التَّعَارُضُ بَيْنَ الإِْجْمَاعِ وَغَيْرِهِ:
9 - الإِْجْمَاعُ لاَ يَنْسَخُ وَلاَ يُنْسَخُ بِهِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ؛ لأَِنَّ الإِْجْمَاعَ لاَ يَكُونُ إِلاَّ بَعْدَ وَفَاةِ النَّبِيِّ ﷺ وَالنَّسْخُ لاَ يَكُونُ بَعْدَ مَوْتِهِ. وَلاَ يَنْسَخُ الإِْجْمَاعُ الإِْجْمَاعَ، وَإِذَا جَاءَ الإِْجْمَاعُ مُخَالِفًا لِشَيْءٍ مِنَ النُّصُوصِ اسْتَدْلَلْنَا عَلَى أَنَّ ذَلِكَ النَّصَّ مَنْسُوخٌ. فَيَكُونُ الإِْجْمَاعُ دَلِيل النَّسْخِ وَلَيْسَ هُوَ النَّاسِخَ (8) .
رُتْبَةُ الإِْجْمَاعِ بَيْنَ الأَْدِلَّةِ:
1 - بَنَى بَعْضُ الأُْصُولِيِّينَ عَلَى الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ تَقْدِيمَ الإِْجْمَاعِ عَلَى غَيْرِهِ. قَال الْغَزَالِيُّ: " يَجِبُ عَلَى الْمُجْتَهِدِ فِي كُل مَسْأَلَةٍ أَنْ يَرُدَّ نَظَرَهُ إِلَى النَّفْيِ الأَْصْلِيِّ قَبْل وُرُودِ الشَّرْعِ. ثُمَّ يَبْحَثَ عَنِ الأَْدِلَّةِ السَّمْعِيَّةِ، فَيَنْظُرَ أَوَّل شَيْءٍ فِي الإِْجْمَاعِ، فَإِنْ وَجَدَ فِي الْمَسْأَلَةِ إِجْمَاعًا، تَرَكَ النَّظَرَ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، فَإِنَّهُمَا يَقْبَلاَنِ النَّسْخَ، وَالإِْجْمَاعُ لاَ يَقْبَلُهُ. فَالإِْجْمَاعُ عَلَى خِلاَفِ مَا فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ دَلِيلٌ قَاطِعٌ عَلَى النَّسْخِ، إِذْ لاَ تَجْتَمِعُ الأُْمَّةُ عَلَى الْخَطَأِ (1) ". وَقَدْ حَرَّرَ ذَلِكَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ فَقَال " كُل مَنْ عَارَضَ نَصًّا بِإِجْمَاعٍ، وَادَّعَى نَسْخَهُ، مِنْ غَيْرِ نَصٍّ يُعَارِضُ ذَلِكَ النَّصَّ، فَإِنَّهُ مُخْطِئٌ فِي ذَلِكَ، فَإِنَّ النُّصُوصَ لَمْ يُنْسَخْ مِنْهَا شَيْءٌ إِلاَّ بِنَصٍّ بَاقٍ مَحْفُوظٍ لَدَى الأُْمَّةِ (2) . " وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ قَال " لاَ رَيْبَ أَنَّهُ إِذَا ثَبَتَ الإِْجْمَاعُ كَانَ دَلِيلاً عَلَى أَنَّهُ مَنْسُوخٌ، فَإِنَّ الأُْمَّةَ لاَ تَجْتَمِعُ عَلَى ضَلاَلَةٍ، وَلَكِنْ لاَ يُعْرَفُ إِجْمَاعٌ عَلَى تَرْكِ نَصٍّ إِلاَّ وَقَدْ عُرِفَ النَّصُّ النَّاسِخُ لَهُ، وَلِهَذَا كَانَ أَكْثَرُ مَنْ يَدَّعِي نَسْخَ النُّصُوصِ بِمَا يَدَّعِيهِ مِنَ الإِْجْمَاعِ إِذَا حَقَّقَ الأَْمْرَ عَلَيْهِ، لَمْ يَكُنِ الإِْجْمَاعُ الَّذِي ادَّعَاهُ صَحِيحًا، بَل غَايَتُهُ أَنَّهُ لَمْ يَعْرِفْ فِيهِ نِزَاعًا. " (3) وَفِي الإِْجْمَاعِ تَفْصِيلٌ وَخِلاَفٌ أَوْسَعُ مِمَّا ذُكِرَ، مَوْطِنُهُ الْمُلْحَقُ الأُْصُولِيُّ.
__________
(1) المستصفى1 / 173 ط بولاق.
(2) حديث: " عليكم بسنتي وسنة الخلفاء. . . " جزء من حديث مروي بالمعنى بعدة روايات، وفيه قصة، فقد رواه بمعناه أحمد 4 / 126، 127، والدارمي 1 / 44، 45، وأبو داود 4 / 280، 281 ط الثانية التجارية، وابن ماجه1 / 15، 16 ط عيسى الحلبي 1952، والترمذي عن العرباض بن سارية، وقال: حديث حسن صحيح (تحفة الأحوذي 7 / 438 - 442 نشر السلفية بالمدينة المنورة) .
(3) إرشاد الفحول للشوكاني ص 73 ط مصطفى الحلبي.
(4) شرح جمع الجوامع، وحاشية البناني 3 / 224 ط مصطفى الحلبي 1356 هـ
(5) شرح جمع الجوامع وتقرير الشربيني2 / 195
(6) تيسير التحرير3 / 259 ط مصطفى الحلبي، وشرح جمع الجوامع 2 / 201
(7) شرح مسلم الثبوت2 / 232
(8) إرشاد الفحول ص 193
الموسوعة الفقهية الكويتية: 48/ 2