الظاهر
هو اسمُ فاعل من (الظهور)، وهو اسمٌ ذاتي من أسماء الربِّ تبارك...
إيصال الخبر للغير بالقول، أو بالكتابة، ونحوها . ومن أمثلته إيصال المؤذن، أو غيره صوت تكبير الإمام إلى المصلين الذين لا يسمعونه، وتبليغ الدعوة للناس . ومن شواهده قوله تعالى : ﱫﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﴾ ﴿ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔﱪ المائدة : 67.
التَّبْلِيغُ: الإِيصالُ، يُقال: بَلَّغَهُ وأَبْلَغَهُ السَّلامَ: إذا أوْصَلَهُ إليهِ، وأَصْلُ الكَلِمَةِ مِن البُلوغِ، وهو: الوُصولُ، يُقال: بَلَغْتُ المَكانَ بُلوغًا: إذا وَصَلْتُ إلَيْهِ، وبَلَّغْتُ الرِّسالَةَ، أي: أَوْصَلْتَها، ومِن مَعانِيهِ أيضًا: الإِعْلامُ والإِخْبارُ، يُقال: بَلَّغْتُ النَّاسَ بِالخَبَرِ: إذا أَعْلَمْتُهُم بِهِ، وضِدُّهُ: الكِتْمانُ والإِخْفاءُ، ويأتي بِمعنى النَّقْلِ والتَّقْرِيبِ والتَّأْكِيدِ والكِفايَة.
يَرِد مُصْطلَح (تَبْلِيغ) في الفقه في كِتابِ الصَّلاةِ، باب: صِفَة الصَّلاةِ. ويُطْلَق في كتاب البَيْعِ، باب: شُروط البَيْعِ، وفي كتاب الجِهادِ، باب: دَعْوَة الكُفّارِ قَبْلَ قِتالِهِم، وفي كِتابِ الحُدودِ، باب: إِقامَة الحَدِّ، ويُراد به: الإِعْلامُ والإِخْبارُ سَواءٌ كان بِاللِّسانِ أو بِالكِتابَةِ. ويُطلَق في كتاب الجامِع للآداب، باب: آداب العِلم والعُلماء، وباب: فَضْل الأَنْبِياءِ، ويُراد به: إِيصالُ شَرِيعَةِ اللهِ إلى الخَلْقِ وإِرْشادِهِم إلى الطَّرِيقِ المُوصِلِ إِلَيْهِ. ويُطلَق في عِلمِ العَقِيدَةِ، باب: الفِرَق والأَدْيان عند الكلام على جَماعَة الدَّعوةِ والتَّبلِيغ، ويُراد بِه: فِرْقَةٌ مِن الفِرَقِ المُعاصِرَةِ التي أَسَّسَها: مُحَمَّدُ إِلْياسُ الكَانْدَهْلَوِي عام 1283هـ / 1867م.
بلغ
ما يقوم به الداعية من أعمال لتوصيل العلم بالتكليف إلى المكلَّف، فيحصل به العلم، وتقوم به الحجة عليه.
* الكليات : (ص 33)
* مقاييس اللغة : (1/280)
* تهذيب اللغة : (8/135)
* المحكم والمحيط الأعظم : (5/535)
* مختار الصحاح : (ص 39)
* لسان العرب : (8/419)
* تاج العروس : (22/448)
* حاشية ابن عابدين : (2/171)
* حاشية الدسوقي على الشرح الكبير : (1/336)
* حاشية قليوبي وعميرة على شرح المحلي على المنهاج : (1/239)
* كشاف القناع عن متن الإقناع : (1/323)
* معجم لغة الفقهاء : (ص 120)
* الموسوعة الفقهية الكويتية : (10/117)
* مجموع فتاوى ابن تيمية : (1/11)
* تفسير القرطبي : (1/185)
* الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة : (1/317) -
التَّعْرِيفُ:
1 - التَّبْلِيغُ: مَصْدَرُ بَلَّغَ، أَيْ: أَوْصَل، يُقَال: بَلَّغَهُ السَّلاَمَ: إِذَا أَوْصَلَهُ. وَبَلَغَ الْكِتَابُ بُلُوغًا: وَصَل. (1)
وَالتَّبْلِيغُ فِي الاِصْطِلاَحِ أَخَصُّ مِنْ ذَلِكَ، إِذْ يُرَادُ بِهِ: الإِْعْلاَمُ وَالإِْخْبَارُ، لأَِنَّهُ إِيصَال الْخَبَرِ. (2)
وَالتَّبْلِيغُ يَكُونُ شِفَاهًا وَبِالرِّسَالَةِ وَالْكِتَابَةِ. وَأَغْلَبُ تَبْلِيغِ الرُّسُل كَانَ مُشَافَهَةً. وَالتَّبْلِيغُ بِالرِّسَالَةِ: أَنْ يُرْسِل شَخْصٌ رَسُولاً إِلَى رَجُلٍ، وَيَقُول لِلرَّسُول مَثَلاً: إِنِّي بِعْتُ عَبْدِي هَذَا مِنْ فُلاَنٍ الْغَائِبِ بِكَذَا، فَاذْهَبْ إِلَيْهِ، وَقُل لَهُ: إِنَّ فُلاَنًا أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ، وَقَال لِي: قُل لَهُ: إِنِّي قَدْ بِعْتُ عَبْدِي هَذَا مِنْ فُلاَنٍ بِكَذَا، فَإِنْ ذَهَبَ الرَّسُول وَبَلَّغَ الرِّسَالَةَ، فَقَال الْمُشْتَرِي فِي مَجْلِسِهِ ذَلِكَ: قَبِلْتُ، انْعَقَدَ الْبَيْعُ؛ لأَِنَّ الرَّسُول سَفِيرٌ وَمُعَبِّرٌ عَنْ كَلاَمِ الْمُرْسِل، نَاقِلٌ كَلاَمَهُ إِلَى الْمُرْسَل إِلَيْهِ، فَكَأَنَّهُ حَضَرَ بِنَفْسِهِ فَأَوْجَبَ الْبَيْعَ، وَقَبِل الآْخَرُ فِي الْمَجْلِسِ. فَالرِّسَالَةُ بَعْضُ وَسَائِل التَّبْلِيغِ (3) .
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - الْكِتَابَةُ:
2 - الْكِتَابَةُ هِيَ: أَنْ يَكْتُبَ الرَّجُل إِلَى رَجُلٍ إِنِّي بِعْتُ مِنْكَ فَرَسِي - وَيَصِفُهُ - بِمَبْلَغِ كَذَا، فَبَلَغَ الْكِتَابُ الْمُرْسَل إِلَيْهِ، فَقَال فِي مَجْلِسِهِ: اشْتَرَيْتُ، تَمَّ الْبَيْعُ. لأَِنَّ خِطَابَ الْغَائِبِ كِتَابُهُ، فَكَأَنَّهُ حَضَرَ بِنَفْسِهِ وَخَاطَبَ بِالإِْيجَابِ وَقَبِل الآْخَرُ فِي الْمَجْلِسِ، فَالْكِتَابَةُ أَيْضًا أَخَصُّ مِنَ التَّبْلِيغِ (4) .
الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:
تَبْلِيغُ الرِّسَالاَتِ:
3 - أَوْجَبَ اللَّهُ عَلَى رُسُلِهِ تَبْلِيغَ رِسَالاَتِهِ إِلَى مَنْ أُرْسِلُوا إِلَيْهِمْ، لِئَلاَّ يَكُونَ لَهُمْ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ، قَال تَعَالَى: {رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُل} (5) وَقَال تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الرَّسُول بَلِّغْ مَا أُنْزِل إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَل فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاَللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} . (6)
قَال ابْنُ عَبَّاسٍ: الْمَعْنَى بَلِّغْ جَمِيعَ مَا أُنْزِل إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ، فَإِنْ كَتَمْتَ شَيْئًا مِنْهُ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ. وَهَذَا تَأْدِيبٌ لِلنَّبِيِّ ﷺ وَتَأْدِيبٌ لِحَمَلَةِ الْعِلْمِ مِنْ أُمَّتِهِ أَلاَّ يَكْتُمُوا شَيْئًا مِنْ أَمْرِ شَرِيعَتِهِ.
وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ ﵂ أَنَّهَا قَالَتْ: مَنْ حَدَّثَكَ أَنَّ مُحَمَّدًا ﷺ كَتَمَ شَيْئًا مِنَ الْوَحْيِ فَقَدْ كَذَبَ، وَاللَّهُ تَعَالَى يَقُول: {يَا أَيُّهَا الرَّسُول بَلِّغْ مَا أُنْزِل إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَل فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ} (7) وَعَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ: قُلْتُ لِعَلِيٍّ ﵁: هَل عِنْدَكُمْ شَيْءٌ مِنَ الْوَحْيِ مَا لَيْسَ فِي الْقُرْآنِ؟ فَقَال: لاَ. وَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَبَرَأَ النَّسَمَةَ، إِلاَّ فَهْمًا يُعْطِيهِ اللَّهُ رَجُلاً فِي الْقُرْآنِ، وَمَا فِي هَذِهِ الصَّحِيفَةِ، قُلْتُ: وَمَا فِي هَذِهِ الصَّحِيفَةِ؟ قَال: الْعَقْل، وَفِكَاكُ الأَْسِيرِ، وَأَلاَّ يُقْتَل مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ (8) .
تَبْلِيغُ الدَّعْوَةِ الإِْسْلاَمِيَّةِ:
4 - تَبْلِيغُ الدَّعْوَةِ الإِْسْلاَمِيَّةِ لِغَيْرِ الْمُسْلِمِينَ وَاجِبٌ عَلَى الْكِفَايَةِ، فَقَدْ أَرْسَل الرَّسُول ﷺ إِلَى الْمُلُوكِ غَيْرِ الْمُسْلِمِينَ يَدْعُوهُمْ إِلَى الإِْسْلاَمِ، فَكَتَبَ إِلَى الْمُقَوْقِسِ وَغَيْرِهِ، وَجَرَى عَلَى ذَلِكَ أَصْحَابُهُ. (9)
التَّبْلِيغُ خَلْفَ الإِْمَامِ:
5 - مِنْ سُنَنِ الصَّلاَةِ جَهْرُ الإِْمَامِ بِالتَّكْبِيرِ وَالتَّسْمِيعِ وَالسَّلاَمِ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ لِيُسَمِّعَ الْمَأْمُومِينَ، فَإِنْ زَادَ عَلَى الْحَاجَةِ زِيَادَةً كَبِيرَةً كُرِهَ.
وَالتَّكْبِيرُ لِلإِْعْلاَمِ بِالدُّخُول فِي الصَّلاَةِ وَالاِنْتِقَال فِيهَا يَكُونُ مِنَ الإِْمَامِ، فَإِنْ كَانَ صَوْتُهُ لاَ يَبْلُغُ مَنْ وَرَاءَهُ فَيَنْبَغِي التَّبْلِيغُ عَنْهُ مِنْ أَحَدِ الْمَأْمُومِينَ، وَالْمُرَادُ مِنَ التَّكْبِيرِ مَا يَشْمَل تَكْبِيرَةَ الإِْحْرَامِ وَغَيْرَهَا. وَقَال ابْنُ قُدَامَةَ: يُسْتَحَبُّ لِلإِْمَامِ أَنْ يَجْهَرَ بِالتَّكْبِيرِ، بِحَيْثُ يَسْمَعُ الْمَأْمُومُونَ لِيُكَبِّرُوا، فَإِنَّهُمْ لاَ يَجُوزُ لَهُمُ التَّكْبِيرُ إِلاَّ بَعْدَ تَكْبِيرِهِ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ إِسْمَاعُهُمْ جَهَرَ بَعْضُ الْمَأْمُومِينَ لِيُسْمِعَهُمْ، أَوْ لِيُسْمِعَ مَنْ لاَ يَسْمَعُ الإِْمَامَ. لِمَا رَوَى جَابِرٌ ﵁ قَال: صَلَّى بِنَا رَسُول اللَّهِ ﷺ وَأَبُو بَكْرٍ خَلْفَهُ، فَإِذَا كَبَّرَ رَسُول اللَّهِ ﷺ كَبَّرَ أَبُو بَكْرٍ لِيُسْمِعَنَا (10) وَفِي كُل مَذْهَبٍ تَفْصِيلٌ:
فَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ: أَنَّ الإِْمَامَ إِذَا كَبَّرَ لِلاِفْتِتَاحِ فَلاَ بُدَّ لِصِحَّةِ صَلاَتِهِ مِنْ قَصْدِهِ بِالتَّكْبِيرِ الإِْحْرَامَ بِالصَّلاَةِ، وَإِلاَّ فَلاَ صَلاَةَ لَهُ إِذَا قَصَدَ الإِْعْلاَمَ فَقَطْ. فَإِنْ جَمَعَ بَيْنَ الأَْمْرَيْنِ بِأَنْ قَصَدَ الإِْحْرَامَ وَالإِْعْلاَمَ فَذَلِكَ هُوَ الْمَطْلُوبُ مِنْهُ شَرْعًا. وَكَذَلِكَ الْمُبَلِّغُ إِذَا قَصَدَ التَّبْلِيغَ فَقَطْ خَالِيًا عَنْ قَصْدِ الإِْحْرَامِ فَلاَ صَلاَةَ لَهُ، وَلاَ لِمَنْ يُصَلِّي بِتَبْلِيغِهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ، لأَِنَّهُ اقْتَدَى بِمَنْ لَمْ يَدْخُل فِي الصَّلاَةِ. فَإِنْ قَصَدَ بِتَكْبِيرِهِ الإِْحْرَامَ مَعَ التَّبْلِيغِ لِلْمُصَلِّينَ، فَذَلِكَ هُوَ الْمَقْصُودُ مِنْهُ شَرْعًا.
وَوَجْهُهُ: أَنَّ تَكْبِيرَةَ الإِْحْرَامِ شَرْطٌ أَوْ رُكْنٌ، فَلاَ بُدَّ فِي تَحَقُّقِهَا مِنْ قَصْدِ الإِْحْرَامِ أَيِ الدُّخُول فِي الصَّلاَةِ.
وَأَمَّا التَّسْمِيعُ مِنَ الإِْمَامِ، وَالتَّحْمِيدُ مِنَ الْمُبَلِّغِ، وَتَكْبِيرَاتُ الاِنْتِقَالاَتِ مِنْهُمَا، إِذَا قَصَدَ بِمَا ذُكِرَ الإِْعْلاَمَ فَقَطْ، فَلاَ فَسَادَ لِلصَّلاَةِ. وَالْفَرْقُ أَنَّ قَصْدَ الإِْعْلاَمِ غَيْرُ مُفْسِدٍ، كَمَا لَوْ سَبَّحَ لِيُعْلِمَ غَيْرَهُ أَنَّهُ فِي الصَّلاَةِ. وَلَمَّا كَانَ الْمَطْلُوبُ هُوَ التَّكْبِيرَ عَلَى قَصْدِ الذِّكْرِ وَالإِْعْلاَمِ، فَإِذَا مَحْضُ قَصْدِ الإِْعْلاَمِ فَكَأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ، وَعَدَمُ الذِّكْرِ فِي غَيْرِ التَّحْرِيمَةِ غَيْرُ مُفْسِدٍ. (11) وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّهُ يَجُوزُ اتِّخَاذُ شَخْصٍ مُعَيَّنٍ لِيُسْمِعَ النَّاسَ، وَتَصِحُّ صَلاَتُهُ، وَلَوْ قَصَدَ بِتَكْبِيرِهِ وَتَحْمِيدِهِ مُجَرَّدَ إِسْمَاعِ الْمَأْمُومِينَ.
وَعِنْدَهُمْ أَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ الْمُسَمِّعُ (الْمُبَلِّغُ) صَبِيًّا أَوِ امْرَأَةً أَوْ مُحْدِثًا، وَذَلِكَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْمُسَمِّعَ عَلاَمَةٌ عَلَى صَلاَةِ الإِْمَامِ، وَذَلِكَ هُوَ اخْتِيَارُ الْمَازِرِيِّ وَاللَّقَّانِيِّ.
وَفِي رَأْيٍ: أَنَّ الْمُسَمِّعَ نَائِبٌ وَوَكِيلٌ عَنِ الإِْمَامِ، فَلاَ يَجُوزُ لَهُ التَّسْمِيعُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ شَرَائِطَ الإِْمَامِ. (12)
وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ: أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ الْجَهْرُ مِنَ الإِْمَامِ لِيُسْمِعَ الْمَأْمُومِينَ انْتِقَالاَتِهِ فِي الصَّلاَةِ، كَالْجَهْرِ بِتَكْبِيرَةِ الإِْحْرَامِ، فَإِنْ لَمْ يَجْهَرِ الإِْمَامُ بِحَيْثُ يُسْمِعُ الْجَمِيعَ اُسْتُحِبَّ لِبَعْضِ الْمَأْمُومِينَ رَفْعُ صَوْتِهِ لِيُسْمِعَهُمْ. (13)
تَبْلِيغُ السَّلاَمِ:
6 - أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الاِبْتِدَاءَ بِالسَّلاَمِ سُنَّةٌ مُرَغَّبٌ فِيهَا، وَرَدُّهُ فَرِيضَةٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} (14) فَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ بِالتَّحِيَّةِ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ بِالرَّدِّ. وَالأَْمْرُ لِلْوُجُوبِ مَا لَمْ يَصْرِفْهُ صَارِفٌ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ فِي الْمُكَاتَبَةِ، أَوْ بِالطَّلَبِ إِلَى رَسُولٍ تَبْلِيغُ السَّلاَمِ، كَمَا يَنْبَغِي لِمَنْ تَحَمَّل السَّلاَمَ أَنْ يُبَلِّغَهُ.
قَالَتْ عَائِشَةُ ﵂: وَعَلَيْهِ السَّلاَمُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ حِينَ أَخْبَرَهَا النَّبِيُّ ﷺ أَنَّ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَامُ يَقْرَأُ عَلَيْهَا السَّلاَمَ. (15)
قَال الْقُرْطُبِيُّ: وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ مِنَ الْفِقْهِ أَنَّ الرَّجُل إِذَا أَرْسَل إِلَى رَجُلٍ بِسَلاَمِهِ، فَعَلَيْهِ أَنْ يَرُدَّ كَمَا يَرُدُّ عَلَيْهِ إِذَا شَافَهَهُ. وَجَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَقَال: إِنَّ أَبِي يُقْرِئُكَ السَّلاَمَ. فَقَال وَعَلَيْكَ السَّلاَمُ، وَعَلَى أَبِيكَ السَّلاَمُ. (16) .
تَبْلِيغُ الْوَالِي عَنِ الْجُنَاةِ الْمُسْتَتِرِينَ:
7 - الْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ فِي الْمَذَاهِبِ أَنَّ مَا لَمْ يَظْهَرْ مِنَ الْمَحْظُورَاتِ، فَلَيْسَ لأَِحَدٍ - مُحْتَسِبًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ - أَنْ يَتَجَسَّسَ عَنْهَا، وَلاَ أَنْ يَهْتِكَ الأَْسْتَارَ، فَقَدْ قَال رَسُول اللَّهِ ﷺ: مَنْ أَصَابَ مِنْ هَذِهِ الْقَاذُورَاتِ شَيْئًا فَلْيَسْتَتِرْ بِسَتْرِ اللَّهِ تَعَالَى، فَإِنَّهُ مَنْ يُبْدِ لَنَا صَفْحَتَهُ نُقِمْ عَلَيْهِ كِتَابَ اللَّهِ تَعَالَى. (17) وَأَمَّا عِنْدَ الظُّهُورِ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ (تَجَسُّسٌ وَشَهَادَةٌ) .
__________
(1) المصباح.
(2) ابن عابدين 1 / 319.
(3) البدائع 5 / 138.
(4) المرجع السابق.
(5) سورة النساء / 165.
(6) سورة المائدة / 67.
(7) حديث: " من حدثك أن محمدا ﷺ كتم شيئا. . . " أخرجه البخاري (الفتح 8 / 275 - ط السلفية) . ومسلم (1 / 160 ط عيسى البابي) .
(8) تفسير القرطبي 1 / 240 - 243 وحديث: " أبي جحيفة قلت لعلي. . . . . " أخرجه البخاري (12 / 260 - الفتح - ط السلفية) .
(9) تفسير الألوسي 4 / 28 وحديث: " أرسل الرسول ﷺ إلى المقوقس. . . . " في البداية والنهاية لابن كثير (4 / 271 - 272 ط دار الكتب العلمية) وعزاه إلى البيهقي.
(10) المغني 1 / 462 ط الرياض. وحديث جابر: " صلى بنا رسول الله ﷺ وأبو بكر خلفه. . . " أخرجه البخاري (الفتح 2 / 204 - ط السلفية) ومسلم (1 / 313 - 314 - ط عيسى البابي الحلبي) .
(11) ابن عابدين 1 / 319، وتنبيه ذوي الأفهام على أحكام التبليغ خلف الإمام (مجموعة رسائل ابن عابدين 1 / 138) . والمجموع 3 / 398.
(12) حاشية الدسوقي 1 / 337.
(13) المغني 1 / 496 ط الرياض.
(14) سورة النساء / 86.
(15) حديث: " إخبار عائشة بسلام جبريل. . . " أخرجه البخاري (الفتح 7 / 106 ط السلفية) . ومسلم (4 / 1896 ط عيسى البابي الحلبي) .
(16) القرطبي 5 / 301. وحديث: " وعليك السلام وعلى أبيك السلام " أخرجه أبو داود (5 / 398، ط عزت عبيد الدعاس) . وقال المنذري: وهذا الإسناد فيه مجاهيل.
(17) الأحكام السلطانية لأبي يعلى ص 280، والأحكام السلطانية للماوردي ص 252 وحديث: " من أصاب من هذه القاذورات شيئا. . . " أخرجه مالك في الموطأ (ص 715 ط دار الآفاق) مرسلا عن زيد بن أسلم. وأخرجه البيهقي (8 / 330 ط دار المعرفة) موصولا عن ابن عمر بلفظ " اجتنبوا هذه القاذورات التي نهى الله عنها، فمن ألم فليستتر بستر الله ﷿، وليتب إلى الله، فإنه من يبد لنا صفحته نقم كتاب الله عليه " وأخرجه الحاكم (4 / 244 ط دار الكتاب العربي) . وقال: حديث صحيح على شرط الشيخين. ووافقه الذهبي.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 116/ 10