الوهاب
كلمة (الوهاب) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعّال) مشتق من الفعل...
إيهام خلاف الحقيقة في رواية سند الحديث، أو متنه .
الإِخْفاءُ والكِتْمانُ، يُقالُ: فُلانٌ لا يُدالِسُكَ، أي: لا يُخْفِي عليك شَيئاً؛ فَكأَنّهُ يَأْتِيكَ بِهِ في الظَّلامِ. والدَّلَسُ: الظُّلْمَةُ، والتَّدْلِيسُ: الخِداعُ والغِشُّ والخِيانَةُ. ويأْتي أيضاً بِمعنى الإِنْقاصِ، يُقالُ: تَدَلَّسْتُ الطَّعامَ، أيْ: أخَذْتُ مِنْهُ قَلِيلاً قَلِيلاً.
يُطْلَقُ مُصْطَلَحُ (تَدْلِيس) في الفِقْهِ في كِتابِ النِّكاحِ، باب: العُيوب في النِّكاحِ، ويُراد به: كِتْمانُ عَيبِ أحد الزَّوجَينِ عن الآخَرِ. ويُطلَقُ أيضاً في عِلْمِ الحَدِيثِ، ويُرادُ بِهِ: إِخْفاءُ عَيْبٍ ما في إِسْنادِ الـحَدِيثِ، وهو على قِسمَينِ: تدلِيسُ الإسنادِ، وتَدلِيسُ الشُّيوخِ.
دلس
إِخْفاءُ البائِعِ عَيْبَ السِّلْعَةِ عَن الـمُشْتَرِي مع عِلْمِ البائِعِ بِالعَيْبِ.
التَّدْلِيسُ نَوْعانِ: أحَدُهُما: كِتْمانُ العَيْبِ في السِّلْعَةِ عَن الـمُشتَرِي. الثّانِي: تَدْلِيسٌ يَزِيدُ بِهِ الثَّمَنُ، وإِنْ لَـمْ يَكُنْ عَيْباً، كَتَزْوِيقِ السِّلْعَةِ وتَزْيِينِها بِما يَزِيدُ ثَمَنَها، ونحْوِ ذلك.
الإِخْفاءُ والكِتْمانُ، ومِن مَعانيهِ أيضاً: الخِداعُ والغِشُّ والخِيانَةُ والإِنْقاصُ.
كِتمان عيب السلعة عن المشتري، وإخفاؤه.
* الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف : (4/404)
* شرح التلقين : (2/613)
* الثمر الداني شرح رسالة ابن أبي زيد القيرواني : (1/501)
* الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني : (3/1102)
* معجم لغة الفقهاء : (ص 150)
* القاموس الفقهي : (ص 132)
* الموسوعة الفقهية الكويتية : (11/126)
* المطلع على ألفاظ المقنع : (ص 282)
* العين : (7/228)
* الزاهر : (ص 139)
* معجم مقاييس اللغة : (2/241)
* الصحاح : (3/68)
* تاج العروس : (16/84)
* المصباح المنير في غريب الشرح الكبير : (1/270)
* تدريب الراوي : (1/256) -
التَّعْرِيفُ:
1 - التَّدْلِيسُ: مَصْدَرُ دَلَّسَ، يُقَال: دَلَّسَ فِي الْبَيْعِ وَفِي كُل شَيْءٍ: إِذَا لَمْ يُبَيِّنْ عَيْبَهُ.
وَالتَّدْلِيسُ فِي الْبَيْعِ: كِتْمَانُ عَيْبِ السِّلْعَةِ عَنِ الْمُشْتَرِي.
قَال الأَْزْهَرِيُّ: وَمِنْ هَذَا أُخِذَ التَّدْلِيسُ فِي الإِْسْنَادِ. (1)
وَهُوَ فِي اصْطِلاَحِ الْفُقَهَاءِ لاَ يَخْرُجُ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ، وَهُوَ كِتْمَانُ الْعَيْبِ.
قَال صَاحِبُ الْمُغْرِبِ: كِتْمَانُ عَيْبِ السِّلْعَةِ عَنِ الْمُشْتَرِي.
وَعِنْدَ الْمُحَدِّثِينَ هُوَ قِسْمَانِ:
أَحَدُهُمَا: تَدْلِيسُ الإِْسْنَادِ. وَهُوَ: أَنْ يَرْوِيَ عَمَّنْ لَقِيَهُ مَا لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْهُ، مُوهِمًا أَنَّهُ سَمِعَهُ مِنْهُ، أَوْ عَمَّنْ عَاصَرَهُ وَلَمْ يَلْقَهُ مُوهِمًا أَنَّهُ لَقِيَهُ أَوْ سَمِعَهُ مِنْهُ.
وَالآْخَرُ: تَدْلِيسُ الشُّيُوخِ. وَهُوَ أَنْ يَرْوِيَ عَنْ شَيْخٍ حَدِيثًا سَمِعَهُ مِنْهُ فَيُسَمِّيهِ أَوْ يُكَنِّيهِ، وَيَصِفُهُ بِمَا لَمْ يُعْرَفْ بِهِ كَيْ لاَ يُعْرَفَ. (2)
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - الْخِلاَبَةُ:
2 - الْخِلاَبَةُ هِيَ: الْمُخَادَعَةُ. وَقِيل: هِيَ الْخَدِيعَةُ بِاللِّسَانِ. (3)
وَالْخِلاَبَةُ أَعَمُّ مِنَ التَّدْلِيسِ؛ لأَِنَّهَا كَمَا تَكُونُ بِسَتْرِ الْعَيْبِ، قَدْ تَكُونُ بِالْكَذِبِ وَغَيْرِهِ.
ب - التَّلْبِيسُ:
3 - التَّلْبِيسُ مِنَ اللَّبْسِ، وَهُوَ: اخْتِلاَطُ الأَْمْرِ. يُقَال: لَبَّسَ عَلَيْهِ الأَْمْرَ يُلَبِّسُهُ لَبْسًا فَالْتَبَسَ. إِذَا خَلَطَهُ عَلَيْهِ حَتَّى لاَ يَعْرِفَ جِهَتَهُ، وَالتَّلْبِيسُ كَالتَّدْلِيسِ وَالتَّخْلِيطِ، شُدِّدَ لِلْمُبَالَغَةِ. (4)
وَالتَّلْبِيسُ بِهَذَا الْمَعْنَى أَعَمُّ مِنَ التَّدْلِيسِ؛ لأَِنَّ التَّدْلِيسَ يَكُونُ بِإِخْفَاءِ الْعَيْبِ، وَالتَّلْبِيسُ يَكُونُ بِإِخْفَاءِ الْعَيْبِ، كَمَا يَكُونُ بِإِخْفَاءِ صِفَاتٍ أَوْ وَقَائِعَ أَوْ غَيْرِهَا لَيْسَتْ صَحِيحَةً.
ج - التَّغْرِيرُ:
4 - وَهُوَ مِنَ الْغَرَرِ، يُقَال: غَرَّرَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ تَغْرِيرًا وَتَغِرَّةً: عَرَّضَهُمَا لِلْهَلَكَةِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَعْرِفَ. وَيُقَال: غَرَّهُ يَغُرُّهُ غَرًّا وَغُرُورًا وَغُرَّةً: خَدَعَهُ وَأَطْمَعَهُ بِالْبَاطِل.
وَالتَّغْرِيرُ فِي الاِصْطِلاَحِ: إِيقَاعُ الشَّخْصِ فِي الْغَرَرِ، وَالْغَرَرُ: مَا انْطَوَتْ عَنْكَ عَاقِبَتُهُ. (5)
وَعَلَى هَذَا يَكُونُ التَّغْرِيرُ أَعَمَّ مِنَ التَّدْلِيسِ؛ لأَِنَّ الْغَرَرَ قَدْ يَكُونُ بِإِخْفَاءِ عَيْبٍ، وَقَدْ يَكُونُ بِغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا تُجْهَل عَاقِبَتُهُ.
د - الْغِشُّ:
5 - وَهُوَ اسْمٌ مِنَ الْغِشِّ، مَصْدَرُ غَشَّهُ: إِذَا لَمْ يُمَحِّضْهُ النُّصْحَ، وَزَيَّنَ لَهُ غَيْرَ الْمَصْلَحَةِ، أَوْ أَظْهَرَ لَهُ خِلاَفَ مَا أَضْمَرَهُ. (6) وَهُوَ أَعَمُّ مِنَ التَّدْلِيسِ؛ إِذِ التَّدْلِيسُ خَاصٌّ بِكِتْمَانِ الْعَيْبِ.
الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:
6 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ التَّدْلِيسَ حَرَامٌ بِالنَّصِّ فِي أَحَادِيثَ كَثِيرَةٍ. فَقَدْ قَال رَسُول اللَّهِ ﷺ: الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا، وَإِنْ كَذَبَا وَكَتَمَا مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا (7) وَقَال عَلَيْهِ أَفْضَل الصَّلاَةِ وَالسَّلاَمِ: مَنْ بَاعَ عَيْبًا لَمْ يُبَيِّنْهُ لَمْ يَزَل فِي مَقْتِ اللَّهِ، وَلَمْ تَزَل الْمَلاَئِكَةُ تَلْعَنُهُ (8) .
وَقَال ﷺ: مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا (9)
وَلِهَذَا يُؤَدِّبُ الْحَاكِمُ الْمُدَلِّسَ؛ لِحَقِّ اللَّهِ وَلِحَقِّ الْعِبَادِ.
التَّدْلِيسُ فِي الْمُعَامَلاَتِ:
7 - لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ كُل تَدْلِيسٍ يَخْتَلِفُ الثَّمَنُ لأَِجْلِهِ فِي الْمُعَامَلاَتِ يَثْبُتُ بِهِ الْخِيَارُ: كَتَصْرِيَةِ الشِّيَاهِ وَنَحْوِهَا قَبْل بَيْعِهَا لِيَظُنَّ الْمُشْتَرِي كَثْرَةَ اللَّبَنِ، وَصَبْغَ الْمَبِيعِ بِلَوْنٍ مَرْغُوبٍ فِيهِ، عَلَى اخْتِلاَفٍ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ.
وَاسْتَدَلُّوا لِثُبُوتِ الْخِيَارِ بِالتَّصْرِيَةِ بِحَدِيثِ: مَنِ اشْتَرَى شَاةً مُصَرَّاةً فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ: إِنْ شَاءَ أَمْسَكَهَا، وَإِنْ شَاءَ رَدَّهَا وَصَاعًا مِنْ تَمْرٍ (10) . وَقِيسَ عَلَيْهَا غَيْرُهَا، وَهُوَ كُل فِعْلٍ مِنَ الْبَائِعِ بِالْمَبِيعِ يَظُنُّ الْمُشْتَرِي بِهِ كَمَالاً فَلاَ يُوجَدُ؛ لأَِنَّ الْخِيَارَ غَيْرُ مَنُوطٍ بِالتَّصْرِيَةِ لِذَاتِهَا، بَل لِمَا فِيهَا مِنَ التَّلْبِيسِ وَالإِْيهَامِ (11)
شَرْطُ الرَّدِّ بِالتَّدْلِيسِ:
8 - لاَ يَثْبُتُ الْخِيَارُ بِمُجَرَّدِ التَّدْلِيسِ، بَل يُشْتَرَطُ أَلاَّ يَعْلَمَ الْمُدَلَّسُ عَلَيْهِ بِالْعَيْبِ قَبْل الْعَقْدِ، فَإِنْ عَلِمَ فَلاَ خِيَارَ لَهُ لِرِضَاهُ بِهِ، كَمَا يُشْتَرَطُ أَلاَّ يَكُونَ الْعَيْبُ ظَاهِرًا، أَوْ مِمَّا يَسْهُل مَعْرِفَتُهُ.
وَيَثْبُتُ خِيَارُ التَّدْلِيسِ فِي كُل مُعَاوَضَةٍ، كَمَا فِي الْبَيْعِ وَالإِْجَارَةِ، وَبَدَل الصُّلْحِ عَنْ إِقْرَارٍ، وَبَدَل الصُّلْحِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ. (12)
التَّدْلِيسُ الْقَوْلِيُّ:
9 - التَّدْلِيسُ الْقَوْلِيُّ كَالتَّدْلِيسِ الْفِعْلِيِّ فِي الْعُقُودِ، كَالْكَذِبِ فِي السِّعْرِ فِي بُيُوعِ الأَْمَانَاتِ (وَهِيَ الْمُرَابَحَةُ وَالتَّوْلِيَةُ وَالْحَطِيطَةُ) فَيَثْبُتُ فِيهَا خِيَارُ التَّدْلِيسِ. (13)
التَّدْلِيسُ فِي عَقْدِ النِّكَاحِ:
10 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ (الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ) إِلَى أَنَّهُ إِذَا دَلَّسَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ عَلَى الآْخَرِ، بِأَنْ كَتَمَ عَيْبًا فِيهِ، يَثْبُتُ بِهِ الْخِيَارُ، لَمْ يَعْلَمْهُ الْمُدَلَّسُ عَلَيْهِ وَقْتَ الْعَقْدِ، وَلاَ قَبْلَهُ. أَوْ شَرَطَ أَحَدُهُمَا فِي صُلْبِ الْعَقْدِ وَصْفًا مِنْ صِفَاتِ الْكَمَال كَإِسْلاَمٍ، وَبَكَارَةٍ، وَشَبَابٍ، فَتَخَلُّفُ الشَّرْطِ: يُثْبِتُ لِلْمُدَلَّسِ عَلَيْهِ وَالْمَغْرُورِ بِخَلْفِ الْمَشْرُوطِ خِيَارَ فَسْخِ النِّكَاحِ. (14)
وَقَال: أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ: لَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنَ الزَّوْجَيْنِ خِيَارُ الْفَسْخِ لِعَيْبٍ، فَالنِّكَاحُ عِنْدَهُمْ لاَ يَقْبَل الْفَسْخَ.
وَقَالُوا: إِنَّ فَوْتَ الاِسْتِيفَاءِ أَصْلاً بِالْمَوْتِ لاَ يُوجِبُ الْفَسْخَ، فَاخْتِلاَلُهُ بِهَذِهِ الْعُيُوبِ أَوْلَى بِأَلاَّ يُوجِبَ الْفَسْخَ؛ وَلأَِنَّ الاِسْتِيفَاءَ مِنْ ثَمَرَاتِ الْعَقْدِ، وَالْمُسْتَحَقُّ هُوَ التَّمَكُّنُ، وَهُوَ حَاصِلٌ.
وَقَال مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ: لاَ خِيَارَ لِلزَّوْجِ بِعَيْبٍ فِي الْمَرْأَةِ، وَلَهَا هِيَ الْخِيَارُ بِعَيْبٍ فِي الزَّوْجِ مِنَ الْعُيُوبِ الثَّلاَثَةِ: الْجُنُونِ، وَالْجُذَامِ، وَالْبَرَصِ فَلِلْمَرْأَةِ الْخِيَارُ فِي طَلَبِ التَّفْرِيقِ أَوِ الْبَقَاءِ مَعَهُ؛ لأَِنَّهُ تَعَذَّرَ عَلَيْهَا الْوُصُول إِلَى حَقِّهَا بِمَعْنًى فِيهِ، فَكَانَ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ وَجَدَتْهُ مَجْبُوبًا، أَوْ عِنِّينًا بِخِلاَفِ الرَّجُل؛ لأَِنَّهُ يَتَمَكَّنُ مِنْ دَفْعِ الضَّرَرِ عَنْ نَفْسِهِ بِالطَّلاَقِ (15)
وَالْكَلاَمُ عَنِ الْعُيُوبِ الْمُثْبِتَةِ لِلْخِيَارِ فِي النِّكَاحِ مَوْطِنُهُ بَابُ النِّكَاحِ.
سُقُوطُ الْمَهْرِ بِالْفَسْخِ:
11 - لاَ خِلاَفَ بَيْنَ مَنْ يَقُول بِالْفَسْخِ بِالْعُيُوبِ مِنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ الْفَسْخَ قَبْل الدُّخُول، أَوِ الْخَلْوَةِ الصَّحِيحَةِ يُسْقِطُ الْمَهْرَ.
وَقَالُوا: إِنْ كَانَ الْعَيْبُ بِالزَّوْجِ فَهِيَ الْفَاسِخَةُ (أَيْ طَالِبَةُ الْفَسْخِ) فَلاَ شَيْءَ لَهَا، وَإِنْ كَانَ الْعَيْبُ بِهَا فَسَبَبُ الْفَسْخِ مَعْنًى وُجِدَ فِيهَا، فَكَأَنَّهَا هِيَ الْفَاسِخَةُ؛ لأَِنَّهَا غَارَّةٌ وَمُدَلِّسَةٌ.
وَإِنْ كَانَ الْفَسْخُ بَعْدَ الدُّخُول، بِأَنْ لَمْ يَعْلَمْ إِلاَّ بَعْدَهُ فَلَهَا الْمَهْرُ؛ لأَِنَّ الْمَهْرَ يَجِبُ بِالْعَقْدِ، وَيَسْتَقِرُّ بِالدُّخُول، فَلاَ يَسْقُطُ بِحَادِثٍ بَعْدَهُ. (16)
رُجُوعُ الْمَغْرُورِ عَلَى مَنْ غَرَّهُ:
12 - إِنْ فَسَخَ الزَّوْجُ النِّكَاحَ بِعَيْبٍ فِي الْمَرْأَةِ بَعْدَ الدُّخُول، يَرْجِعُ بِالْمَهْرِ عَلَى مَنْ غَرَّهُ مِنْ زَوْجَةٍ أَوْ وَكِيلٍ أَوْ وَلِيٍّ، وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ، وَقَالَهُ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ لِلتَّدْلِيسِ عَلَيْهِ بِإِخْفَاءِ الْعَيْبِ الْمُقَارِنِ (17)
وَقَال الشَّافِعِيُّ فِي الْجَدِيدِ: إِنَّهُ لاَ يَرْجِعُ بِالْمَهْرِ عَلَى مَنْ غَرَّهُ؛ لاِسْتِيفَائِهِ مَنْفَعَةَ الْبُضْعِ الْمُتَقَوِّمِ عَلَيْهِ بِالْعَقْدِ. أَمَّا الْعَيْبُ الْحَادِثُ بَعْدَ الْعَقْدِ فَلاَ يَرْجِعُ جَزْمًا. (18)
أَمَّا هَل خِيَارُ الْعَيْبِ عَلَى التَّرَاخِي؟ وَهَل يَحْتَاجُ إِلَى حُكْمِ حَاكِمٍ؟ وَحُكْمِ وَلَدِ الْمَغْرُورِ، وَالتَّفْصِيل فِي ذَلِكَ فَيُرْجَعُ فِيهِ إِلَى مُصْطَلَحِ: (تَغْرِيرٌ) (وَفَسْخٌ) .
الْمَغْرُورُ بِخَلْفِ الشَّرْطِ:
13 - لَوْ شَرَطَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ صِفَةً مِنْ صِفَاتِ الْكَمَال، مِمَّا لاَ يَمْنَعُ عَدَمُهُ صِحَّةَ النِّكَاحِ كَبَكَارَةٍ وَشَبَابٍ وَإِسْلاَمٍ، أَوْ نَفْيِ عَيْبٍ لاَ يَثْبُتُ بِهِ الْخِيَارُ كَأَلاَّ تَكُونَ عَوْرَاءَ أَوْ خَرْسَاءَ، أَوْ شَرَطَ مَا لَيْسَ مِنْ صِفَاتِ الْكَمَال وَلاَ النَّقْصَ كَطُولٍ وَبَيَاضٍ وَسُمْرَةٍ، فَتَخَلَّفَ الشَّرْطُ، صَحَّ النِّكَاحُ، وَثَبَتَ لِلْمَغْرُورِ خِيَارُ الْفَسْخِ. (19) عِنْدَ الْجُمْهُورِ عَلَى خِلاَفٍ وَتَفْصِيلٍ يُرْجَعُ فِيهِ إِلَى مُصْطَلَحِ: (تَغْرِيرٌ، وَشَرْطٌ) . وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: لاَ يَثْبُتُ الْخِيَارُ بِخَلْفِ الشَّرْطِ.
وَجَاءَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ: فَلَوْ شَرَطَ وَصْفًا مَرْغُوبًا فِيهِ كَالْعُذْرَةِ (الْبَكَارَةِ) وَالْجَمَال، وَالرَّشَاقَةِ، وَصِغَرِ السِّنِّ: فَظَهَرَتْ ثَيِّبًا عَجُوزًا شَوْهَاءَ، ذَاتَ شِقٍّ مَائِلٍ، وَلُعَابٍ سَائِلٍ، وَأَنْفٍ هَائِلٍ، وَعَقْلٍ زَائِلٍ، فَلاَ خِيَارَ لَهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ (20) .
تَأْدِيبُ الْمُدَلِّسِ:
14 - يُؤَدَّبُ الْمُدَلِّسُ بِالتَّعْزِيرِ بِمَا يَرَاهُ الْحَاكِمُ زَاجِرًا وَمُؤَدِّبًا.
جَاءَ فِي مَوَاهِبِ الْجَلِيل: قَال مَالِكٌ: مَنْ بَاعَ شَيْئًا وَبِهِ عَيْبٌ غَرَّ بِهِ أَوْ دَلَّسَهُ يُعَاقَبُ عَلَيْهِ.
قَال ابْنُ رُشْدٍ: مِمَّا لاَ خِلاَفَ فِيهِ أَنَّ الْوَاجِبَ عَلَى مَنْ غَشَّ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ، أَوْ غَرَّهُ، أَوْ دَلَّسَ بِعَيْبٍ: أَنْ يُؤَدَّبَ عَلَى ذَلِكَ، مَعَ الْحُكْمِ عَلَيْهِ بِالرَّدِّ؛ لأَِنَّهُمَا حَقَّانِ مُخْتَلِفَانِ: أَحَدُهُمَا لِلَّهِ؛ لِيَتَنَاهَى النَّاسُ عَنْ حُرُمَاتِ اللَّهِ، وَالآْخَرُ لِلْمُدَلَّسِ عَلَيْهِ بِالْعَيْبِ فَلاَ يَتَدَاخَلاَنِ، (21) وَتَعْزِيرُ الْمُدَلِّسِ مَحَل اتِّفَاقٍ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ، كَكُل مَعْصِيَةٍ لاَ حَدَّ فِيهَا وَلاَ كَفَّارَةَ. (22)
__________
(1) مختار الصحاح والمصباح المنير والقاموس المحيط ولسان العرب. مادة: " دلس ".
(2) التعريفات للجرجاني ص 77، وتدريب الراوي ص 139 - 143 ط الأولى 1379 هـ - 1959 م.
(3) لسان العرب ومختار الصحاح مادة: " خلب ".
(4) لسان العرب ومختار الصحاح مادة: " لبس ".
(5) متن اللغة، والمبسوط 13 / 194، والمهذب 1 / 262.
(6) القاموس والمصباح المنير. مادة " غش ".
(7) حديث: " البيعان بالخيار ما لم يتفرقا. . . " أخرجه البخاري (الفتح 4 / 328 - ط السلفية) ، ومسلم (3 / 1164 ط الحلبي) .
(8) حديث: " من باع عيبا لم يبينه لم يزل في مقت الله. . . " أخرجه ابن ماجه (2 / 755 - ط الحلبي) وقال البوصيري في الزوائد: في إسناده بقية بن الوليد وهو مدلس، وشيخه ضعيف.
(9) حديث: " من غشنا فليس منا " أخرجه مسلم (1 / 99 - ط الحلبي) .
(10) حديث: " من اشترى شاة مصراة فهو بخير النظرين، إن شاء أمسكها وإن شاء ردها وصاعا من تمر لا سمراء " أخرجه مسلم (3 / 1159 - ط الحلبي) .
(11) روضة الطالبين 3 / 469، وجواهر الإكليل 2 / 42، والمغني 4 / 157، وحاشية ابن عابدين 4 / 71، وحاشية الدسوقي 3 / 228، والفروع 4 / 93.
(12) المصادر السابقة، ومطالب أولي النهى 3 / 105، ومغني المحتاج 2 / 64، والفروع 4 / 93، وابن عابدين 4 / 71، والزرقاني 5 / 181.
(13) روضة الطالبين 3 / 470، وشرح الزرقاني 5 / 133.
(14) روضة الطالبين 7 / 176 - 183، ومغني المحتاج 3 / 202 - 208، وقليوبي 3 / 261، ومطالب أولي النهى 5 / 141 - 150، والزرقاني 3 / 235 - 243، والمغني 6 / 650.
(15) الهداية 2 / 26 - 27، وفتح القدير 4 / 133 - 134 ط إحياء التراث العربي بيروت، وابن عابدين 2 / 593.
(16) مغني المحتاج 3 / 204 - 205، وشرح الزرقاني 3 / 243 - 244، والمغني 6 / 655.
(17) الزرقاني 3 / 244، والمغني 6 / 656، ومغني المحتاج 3 / 205.
(18) مغني المحتاج 3 / 205، وروضة الطالبين 7 / 181.
(19) مغني المحتاج 3 / 208، والمغني 6 / 526، والزرقاني 3 / 238.
(20) فتح القدير 4 / 133 دار إحياء التراث العربي لبنان بيروت.
(21) مواهب الجليل 4 / 449، وشرح الزرقاني 5 / 133.
(22) قليوبي 4 / 205، وابن عابدين 3 / 182، ومطالب أولي النهى 3 / 531.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 126/ 11