المجيد
كلمة (المجيد) في اللغة صيغة مبالغة من المجد، ومعناه لغةً: كرم...
الإْجْهَازُ عَلَى الْجَرِيحِ . ومن شواهده أن معاذ بن عمرو بن الجموح، ومعاذ بن عفراء -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا - ضربا أبا جهل بسيفيْهما في غزوة بدر، وكانا غلامين، فأوقعاه أرضاً، ثم انصرفا عنه إلى رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - فأخبراه، فجاء عبد الله بن مسعود -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - فأجهز عليه في آخر رَمَقٍ، واحْتزَّ رأسه، ثم جاء به رسولَ الله -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - وقال : يا رسول الله، هذا رأسُ عدو الله، ثم ألقى رأسه بين يديه، فحمد الله ." البخاري : 2972.
التَّذْفِيفُ: قَتْلُ الجَرِيحِ، وقيل: هو الإِسْراعُ في قَتْلِهِ، وأَصْلُ الكَلِمَةِ يدُلُّ على الإِسْراع والتَّعْجِيلُ، يُقالُ: ذَفَفْتُ على القَتِيلِ تَذْفِيفاً: إذا أَسْرَعْتَ وعَجَّلْتُ في قَتْلِهِ، وذَفَّفَهُ بِالسَّيْفِ وذافَّهُ: إذا أَجْهَزَ عليه. ويُطْلَقُ بِمعنى: التَّيْسِير والإِمْكانِ، كَقَوْلِك: ذَفَّ الأَمْرُ، أيْ: تَيَسَّرَ وأَمْكَنَ. ويأْتي بِمعنى: التَّخْفِيف والتَّقْلِيل.
يَرِدُ مُصْطلَح (تَذْفِيف) في كتاب الـجِنايات، باب: القِصاصِ، وكتاب الحُدودِ، باب: حَدّ الحِرابَةِ، وباب: قِتال البُغاةِ ونَحْوِهِم. ويُطلَقُ في كِتابِ الأَضاحِي، باب: صِفَة الذَّبْحِ، وكتاب الصَّيْدِ، باب: شُروط الصَّيْدِ، ومعناه: الإِسْراع في ذَبْحِ الذَّبِيحَةِ، أو الصَّيْدِ قَبْلَ مَوْتِهِ.
ذفف
الإْجْهَازُ عَلَى الْجَرِيحِ.
* جمهرة اللغة : (1/117)
* الصحاح : (4/1362)
* لسان العرب : (9/110)
* جواهر الإكليل : (2/277)
* تحرير ألفاظ التنبيه : (1/312)
* بدائع الصنائع : (5/60)
* روضة الطالبين : (3/201)
* روضة الطالبين : (3/201)
* الـمغني لابن قدامة : (1/377)
* كشاف القناع : (3/50)
* نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج : (8/65)
* كشاف القناع عن متن الإقناع : (3/50)
* معجم لغة الفقهاء : (ص 126) -
التَّعْرِيفُ:
1 - التَّذْفِيفُ بِالذَّال وَبِالدَّال فِي اللُّغَةِ: الإِْجْهَازُ عَلَى الْجَرِيحِ، وَهُوَ قَتْلُهُ، وَقَال بَعْضُهُمْ: هُوَ الإِْسْرَاعُ بِقَتْلِهِ، يُقَال: ذَفَفْتُ عَلَى الْقَتِيل: إِذَا أَسْرَعْتَ فِي قَتْلِهِ، وَيُقَال: ذَفَفْتُ عَلَى الْجَرِيحِ إِذَا عَجَّلْتَ قَتْلَهُ. (1)
وَلاَ يَخْرُجُ اسْتِعْمَال الْفُقَهَاءِ لَهُ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ (2) .
الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ:
يَخْتَلِفُ حُكْمُ التَّذْفِيفِ بِاخْتِلاَفِ مَوَاضِعِهِ:
أ - التَّذْفِيفُ فِي الْجِهَادِ:
2 - يَجُوزُ التَّذْفِيفُ عَلَى جَرْحَى الْكُفَّارِ فِي الْمَعْرَكَةِ؛ لأَِنَّ تَرْكَهُمْ أَحْيَاءً ضَرَرٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَتَقْوِيَةٌ لِلْكُفَّارِ، وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ: (جِهَادٌ) . (3)
ب - الإِْجْهَازُ عَلَى جَرِيحِ الْبُغَاةِ:
3 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ جَرْحَى الْبُغَاةِ بَعْدَ انْهِزَامِهِمْ أَمَامَ الْمُسْلِمِينَ وَتَوَلِّيهِمْ. فَقَدْ نَصَّ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى أَنَّهُ إِذَا كَانَتْ لَهُمْ فِئَةٌ فَإِنَّهُ يَجُوزُ قَتْل مُدْبِرِهِمْ وَالإِْجْهَازُ عَلَى جَرِيحِهِمْ؛ لِئَلاَّ يَنْحَازُوا إِلَى هَذِهِ الْفِئَةِ؛ لاِحْتِمَال أَنْ يَتَجَمَّعُوا وَيُثِيرُوا الْفِتْنَةَ تَارَةً أُخْرَى، فَيَكُرُّوا عَلَى أَهْل الإِْسْلاَمِ، وَقَتْلِهِمْ إِذَا كَانَ لَهُمْ فِئَةٌ لاَ يَخْرُجُ عَنْ كَوْنِهِ دَفْعًا؛ لأَِنَّهُ لَوْ لَمْ يُذَفَّفْ عَلَيْهِمْ يَتَحَيَّزُونَ إِلَى الْفِئَةِ، وَيَعُودُ شَرُّهُمْ كَمَا كَانَ، (4) وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُمْ فِئَةٌ قَائِمَةٌ يَحْرُمُ قَتْل جَرْحَى الْبُغَاةِ. وَالأَْصْل فِي ذَلِكَ قَوْل عَلِيٍّ ﵁ يَوْمَ الْجَمَل: لاَ تَتَّبِعُوا مُدْبِرًا، وَلاَ تُجْهِزُوا عَلَى جَرِيحٍ، وَلاَ تَقْتُلُوا أَسِيرًا، وَإِيَّاكُمْ وَالنِّسَاءَ وَإِنْ شَتَمْنَ أَعْرَاضَكُمْ وَسَبَبْنَ أُمَرَاءَكُمْ. وَقَدْ حَمَلَهُ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى مَا إِذَا لَمْ تَكُنْ لِلْبُغَاةِ فِئَةٌ. (5) وَنَقَل ابْنُ عَابِدِينَ عَنْ بَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّ جَرِيحَ الْبُغَاةِ وَمُدْبِرَهُمْ يَخْتَارُ الإِْمَامُ مَا فِيهِ الْمَصْلَحَةُ، تَارِكًا هَوَى النَّفْسِ وَالتَّشَفِّي، وَإِنْ وُجِدَتِ الْفِئَةُ. (6)
وَمَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ فِي جَرْحَى الْبُغَاةِ يَعْتَمِدُ عَلَى مَدَى تَيَقُّنِ الإِْمَامِ مِنَ الْتِحَاقِهِمْ بِالْبُغَاةِ، أَوْ رُجُوعِهِمْ إِلَى الطَّاعَةِ، فَإِنْ أَمِنَ الإِْمَامُ بَغْيَهُمْ لاَ يَجُوزُ لَهُ اتِّبَاعُ مُنْهَزِمِهِمْ، وَلاَ التَّذْفِيفُ عَلَى جَرِيحِهِمْ، وَإِنْ لَمْ يَأْمَنِ الإِْمَامُ بَغْيَهُمُ اتَّبَعَ مُنْهَزِمَهُمْ، وَذَفَّفَ عَلَى جَرِيحِهِمْ، حَسَبَ مُقْتَضَيَاتِ مَصْلَحَةِ الْحَرْبِ لِحُصُول الْمَقْصُودِ. (7)
وَلَمْ يَشْتَرِطِ الْمَالِكِيَّةُ وُجُودَ الْفِئَةِ الَّتِي يُحْتَمَل التَّحَيُّزُ إِلَيْهَا؛ لأَِنَّ الْمَصْلَحَةَ هِيَ الأَْسَاسُ عِنْدَهُمْ. (8) وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ: (بُغَاةٌ) .
وَالشَّافِعِيَّةُ قَالُوا: إِذَا كَانَتْ لَهُمْ فِئَةٌ بَعِيدَةٌ يَنْحَازُونَ إِلَيْهَا، وَلاَ يَتَوَقَّعُ فِي الْعَادَةِ مَجِيئُهَا إِلَيْهِمْ وَالْحَرْبُ قَائِمَةٌ، أَوْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ عَدَمُ وُصُولِهَا إِلَيْهِمْ، لاَ يُجْهَزُ عَلَى جَرِيحِهِمْ لأَِمْنِ غَائِلَتِهِ، إِلاَّ إِذَا كَانَ مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ. وَأَمَّا إِذَا كَانَتْ لَهُمْ فِئَةٌ قَرِيبَةٌ تُسْعِفُهُمْ عَادَةً، وَالْحَرْبُ قَائِمَةٌ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ اتِّبَاعُهُمْ وَالتَّذْفِيفُ عَلَى جَرِيحِهِمْ. (9)
وَنَصَّ الْحَنَابِلَةُ عَلَى أَنَّ أَهْل الْبَغْيِ إِذَا تَرَكُوا الْقِتَال بِالرُّجُوعِ إِلَى الطَّاعَةِ، أَوْ بِإِلْقَاءِ السِّلاَحِ، أَوْ بِالْهَزِيمَةِ إِلَى فِئَةٍ، أَوْ إِلَى غَيْرِ فِئَةٍ، أَوْ بِالْعَجْزِ لِجِرَاحٍ أَوْ مَرَضٍ، فَلاَ يُجْهَزُ عَلَى جَرِيحِهِمْ، (10) وَبِهَذَا قَال بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ (11)
وَسَاقَ ابْنُ قُدَامَةَ، وَبَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ الآْثَارَ الْوَارِدَةَ فِي النَّهْيِ عَنْ قَتْل الْمُدْبِرِ وَالإِْجْهَازِ عَلَى الْجَرِيحِ، وَمِنْهَا مَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ ﵁ أَنَّهُ قَال يَوْمَ الْجَمَل: لاَ يُذَفَّفُ عَلَى جَرِيحٍ. كَمَا رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَال: يَا ابْنَ مَسْعُودٍ أَتَدْرِي مَا حُكْمُ اللَّهِ فِيمَنْ بَغَى مِنْ هَذِهِ الأُْمَّةِ؟ قَال ابْنُ مَسْعُودٍ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَال: فَإِنَّ حُكْمَ اللَّهِ فِيهِمْ أَنْ لاَ يُتْبَعَ مُدْبِرُهُمْ، وَلاَ يُقْتَل أَسِيرُهُمْ، وَلاَ يُذَفَّفَ عَلَى جَرِيحِهِمْ. (12) وَلأَِنَّ قِتَالَهُمْ لِلدَّفْعِ وَالرَّدِّ إِلَى الطَّاعَةِ دُونَ الْقَتْل، فَلاَ يَجُوزُ فِيهِ الْقَصْدُ إِلَى الْقَتْل مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ (ر: بُغَاةٌ) .
ج - التَّذْفِيفُ فِي الذَّبَائِحِ:
4 - مِنْ صُوَرِ الذَّكَاةِ مَا إِذَا رَمَى الصَّيْدَ، ثُمَّ أَدْرَكَهُ وَبِهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ، فَلاَ يَحِل إِلاَّ بِتَذْكِيَتِهِ. أَمَّا إِنْ أَدْرَكَهُ وَلَمْ يَبْقَ بِهِ إِلاَّ حَرَكَةُ الْمَذْبُوحِ، فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّهُ يَحِل وَلَوْ لَمْ يُذَفَّفْ عَلَيْهِ؛ لأَِنَّ حَرَكَةَ الْمَذْبُوحِ لاَ تُعْتَبَرُ حَيَاةً عِنْدَهُمْ، وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ - فِيمَا نَقَل عَنْهُ الْجَصَّاصُ - إِلَى أَنَّهُ لاَ يَحِل مَا لَمْ يُذَفَّفْ عَلَيْهِ بِالتَّذْكِيَةِ؛ لأَِنَّهُ يَعْتَبِرُ حَرَكَةَ الْمَذْبُوحِ حَيَاةً. وَالنَّقْل الرَّاجِحُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يُوَافِقُ الْجُمْهُورَ. (13)
وَيُنْظَرُ التَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ: (صَيْدٌ) (وَذَبَائِحٌ) .
__________
(1) لسان العرب، والمصباح المنير مادة: " ذفف "، والنظم المستعذب شرح غريب المهذب بذيل المهذب 2 / 219.
(2) الاختيار 4 / 152، وجواهر الإكليل 2 / 277، والمهذب 2 / 219، والمغني 8 / 109.
(3) المغني لابن قدامة 1 / 377، والسياسة الشرعية لإصلاح الراعي والرعية لابن تيمية ص 193 ط الثانية، ونهاية المحتاج 8 / 65 ط الجهاد، وكشاف القناع 3 / 50.
(4) البدائع 7 / 140، 141، وفتح القدير 4 / 411.
(5) فتح القدير 4 / 412 ط بولاق.
(6) حاشية رد المحتار 4 / 265.
(7) حاشية الدسوقي على الشرح الكبير 4 / 299، 300 ط عيسى الحلبي بمصر.
(8) الشرح الصغير للدردير 4 / 429.
(9) نهاية المحتاج 7 / 386، 387، والمهذب 2 / 221 ط دار المعرفة / بيروت - لبنان.
(10) المغني لابن قدامة 8 / 114، 115.
(11) المهذب 2 / 219.
(12) حديث: " يا ابن مسعود. . . " أخرجه الحاكم (2 / 155 - ط دائرة المعارف العثمانية) وقال الذهبي: قلت: كوثر - يعني ابن حكيم راويه عن نافع - متروك. وكذا أعله البيهقي في سننه الكبرى (8 / 182 - ط دائرة المعارف العثمانية) .
(13) روضة الطالبين 3 / 201، 202، والاختيار 5 / 19، والتاج والإكليل 3 / 207 - 209، والمغني لابن قدامة 8 / 573 - 575، والوجيز 2 / 212 ط دار المعرفة. بيروت - لبنان.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 132/ 11