العفو
كلمة (عفو) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعول) وتعني الاتصاف بصفة...
تنزيه الله -عَزَّ وَجَلَّ - عن السوء، والنقائص ، بقولك: "سبحان الله ". فإنّه ينزه الله –تعالى - عن النقص في صفات الكمال، وعن كل صفة نقص وعيب، وعن مشابهة المخلوقين . ومن شواهده قول الله تعالى : ﱫﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠﯡ ﯢ ﯣ ﯤﱪ الحديد :1
التَّسْبِيحُ: التَّنْزِيهُ والتَّقْدِيسُ والتَّبْرِئَةُ، يُقال: سَبَّحْتُ اللهَ، وسَبَّحْتُ لَهُ، أُسَبِّحُهُ تَسْبِيحاً وسُبْحاناً، أيْ: نَزَّهْتُهُ وبَرَّأْتُهُ مِن كُلِّ سُوءٍ ونَقْصٍ. ويأْتي بِمعنى قَوْلِ سُبْحانَ اللهِ، فيُقال: سَبَّحَ الرَّجُلُ، أيْ: قال: سُبْحانَ اللهِ. وأَصْلُه مِن السُّبْحِ، وهو: البُعْدُ، والتَّسْبِيحُ: التَّبْعِيدُ، ومنه قولُهُم: سَبَّحْتُ في الأَرْضِ، أي: أَبْعَدْتُ فيها، ويُطْلَقُ التَّسْبِيحُ أيضاً على التَّنَفُّلِ والتَّطَوُّعِ بِالعِبادَةِ.
يَرِد مُصْطلَح (تَسْبِيح) في العَقِيدَةِ، باب: تَوْحِيد الأُلُوهِيَّةِ، وباب: تَوْحِيد الرُّبُوبِيَّةِ، وباب: الإيمان، وغَيْر ذلك. ويُطْلَق أيضاً ويُراد بِه: قَوْلُ: سُبْحانَ اللهِ، ونَحْوِها مِن صِيَغِ التَّسْبِيحِ. وقد يُطْلَق على غَيْرِهِ مِن أنْواع الذِّكْرِ، كالتَّحْمِيدِ والتَّمْجِيدِ وغَيْرِهِما. ويُطلَق في الفقه في كتاب الصَّلاة، باب: صلاة التَّطوُّع، ويُراد به: صَلاة النَّافِلَةِ، ومِنْهُ تَسْمِيَتُهُم لِلذِّكْرِ ولِصَلاةِ النَّافِلَةِ: سُبْحَة.
سبح
تنزيه الله -عَزَّ وَجَلَّ- عن السوء، والنقائص، بقولك: "سبحان الله".
* مقاييس اللغة : (3/125)
* مشارق الأنوار : (2/203)
* مجموع فتاوى ابن تيمية : (10/250)
* التعريفات للجرجاني : (ص 58)
* فتح الباري شرح صحيح البخاري : (11/210)
* المحكم والمحيط الأعظم : (3/211)
* مختار الصحاح : (ص 140)
* لسان العرب : (2/471)
* تاج العروس : (6/447)
* التوقيف على مهمات التعاريف : (ص 96)
* القول المفيد على كتاب التوحيد : (1/372) -
التَّعْرِيفُ:
1 - مِنْ مَعَانِي التَّسْبِيحِ فِي اللُّغَةِ: التَّنْزِيهُ. تَقُول: سَبَّحْتُ اللَّهَ تَسْبِيحًا: أَيْ نَزَّهْتُهُ تَنْزِيهًا.
وَيَكُونُ بِمَعْنَى الذِّكْرِ وَالصَّلاَةِ. يُقَال: فُلاَنٌ يُسَبِّحُ اللَّهَ: أَيْ يَذْكُرُهُ بِأَسْمَائِهِ، نَحْوُ: سُبْحَانَ اللَّهِ. وَهُوَ يُسَبِّحُ أَيْ يُصَلِّي السُّبْحَةَ وَهِيَ النَّافِلَةُ.
وَسُمِّيَتِ الصَّلاَةُ ذِكْرًا لاِشْتِمَالِهَا عَلَيْهِ، وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى: {فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ} (1) أَيِ اذْكُرُوا اللَّهَ. وَيَكُونُ بِمَعْنَى التَّحْمِيدِ، نَحْوُ: {سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا} (2) وَسُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ. أَيِ الْحَمْدُ لِلَّهِ. (3)
وَلاَ يَخْرُجُ مَعْنَاهُ الاِصْطِلاَحِيُّ عَنْ هَذِهِ الْمَعَانِي، فَقَدْ عَرَّفَهُ الْجُرْجَانِيُّ بِأَنَّهُ: تَنْزِيهُ الْحَقِّ عَنْ نَقَائِصِ الإِْمْكَانِ وَالْحُدُوثِ (4) . الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - الذِّكْرُ:
2 - الذِّكْرُ مِنْ مَعَانِيهِ فِي اللُّغَةِ: الصَّلاَةُ لِلَّهِ وَالدُّعَاءُ إِلَيْهِ وَالثَّنَاءُ عَلَيْهِ. فَفِي الْحَدِيثِ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ إِذَا حَزَبَهُ أَمْرٌ صَلَّى (5) . وَفِي اصْطِلاَحِ الْفُقَهَاءِ قَوْلٌ سِيقَ لِثَنَاءٍ أَوْ دُعَاءٍ وَقَدْ يُسْتَعْمَل شَرْعًا لِكُل قَوْلٍ يُثَابُ قَائِلُهُ، فَالذِّكْرُ شَامِلٌ لِلدُّعَاءِ فَهُوَ أَعَمُّ مِنَ التَّسْبِيحِ (6) .
ب - التَّهْلِيل:
3 - هُوَ قَوْل لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ: يُقَال: هَلَّل الرَّجُل أَيْ مِنَ الْهَيْلَلَةِ، مِنْ قَوْل لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ (7) وَلاَ يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلاَحِيُّ عَنْ هَذَا. (8) فَالتَّسْبِيحُ أَعَمُّ مِنَ التَّهْلِيل؛ لأَِنَّ التَّسْبِيحَ تَنْزِيهُ اللَّهِ ﷿ عَنْ كُل نَقْصٍ.
أَمَّا التَّهْلِيل فَهُوَ تَنْزِيهُهُ عَنِ الشَّرِيكِ. ج - التَّقْدِيسُ:
4 - مِنْ مَعَانِيهِ فِي اللُّغَةِ تَنْزِيهُ اللَّهِ ﷿ عَنْ كُل مَا لاَ يَلِيقُ بِهِ.
وَالتَّقْدِيسُ: التَّطْهِيرُ وَالتَّبْرِيكُ. وَتَقَدَّسَ أَيْ تَطَهَّرَ، وَفِي التَّنْزِيل {وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ} (9) قَال الزَّجَّاجُ: مَعْنَى نُقَدِّسُ لَكَ: أَيْ نُطَهِّرُ أَنْفُسَنَا لَكَ، وَكَذَلِكَ نَفْعَل بِمَنْ أَطَاعَكَ، وَالأَْرْضُ الْمُقَدَّسَةُ أَيِ الْمُطَهَّرَةُ. (10)
وَمَعْنَاهُ الاِصْطِلاَحِيُّ لاَ يَخْرُجُ عَنْ هَذَا.
وَالتَّقْدِيسُ أَخَصُّ مِنَ التَّسْبِيحِ؛ لأَِنَّهُ تَنْزِيهٌ مَعَ تَبْرِيكٍ وَتَطْهِيرٍ (11) .
حِكْمَةُ مَشْرُوعِيَّةِ التَّسْبِيحِ:
5 - حِكْمَةُ التَّسْبِيحِ اسْتِحْضَارُ الْعَبْدِ عَظَمَةَ الْخَالِقِ، لِيَمْتَلِئَ قَلْبُهُ هَيْبَةً فَيَخْشَعَ وَلاَ يَغِيبَ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ هُوَ مَقْصُودُ الذَّاكِرِ، سَوَاءٌ أَكَانَ فِي الصَّلاَةِ أَمْ فِي غَيْرِهَا، فَيَحْرِصُ عَلَى تَحْصِيلِهِ، وَيَتَدَبَّرُ مَا يَذْكُرُ، وَيَتَعَقَّل مَعْنَاهُ، فَالتَّدَبُّرُ فِي الذِّكْرِ مَطْلُوبٌ، كَمَا هُوَ مَطْلُوبٌ فِي الْقِرَاءَةِ لاِشْتِرَاكِهِمَا فِي الْمَعْنَى الْمَقْصُودِ؛ وَلأَِنَّهُ يُوقِظُ الْقَلْبَ، فَيَجْمَعُ هَمَّهُ إِلَى الْفِكْرِ، وَيَصْرِفُ سَمْعَهُ إِلَيْهِ، وَيَطْرُدُ النَّوْمَ، وَيَزِيدُ النَّشَاطَ. (12) آدَابُ التَّسْبِيحِ:
6 - آدَابُهُ كَثِيرَةٌ: مِنْهَا أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الذَّاكِرُ الْمُسَبِّحُ عَلَى أَكْمَل الصِّفَاتِ، فَإِنْ كَانَ جَالِسًا فِي مَوْضِعٍ اسْتَقْبَل الْقِبْلَةَ، وَجَلَسَ مُتَذَلِّلاً مُتَخَشِّعًا بِسَكِينَةٍ وَوَقَارٍ مُطْرِقًا رَأْسَهُ، وَلَوْ ذَكَرَ عَلَى غَيْرِ هَذِهِ الأَْحْوَال جَازَ وَلاَ كَرَاهَةَ فِي حَقِّهِ. لَكِنْ إِنْ كَانَ بِغَيْرِ عُذْرٍ كَانَ تَارِكًا لِلأَْفْضَل، وَالدَّلِيل عَلَى عَدَمِ الْكَرَاهَةِ قَوْل اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَْرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْل وَالنَّهَارِ لآَيَاتٍ لأُِولِي الأَْلْبَابِ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَْرْضِ} (13)
وَجَاءَ عَنْ عَائِشَةَ ﵂ قَالَتْ: إِنِّي لأََقْرَأُ حِزْبِيَ، وَأَنَا مُضْطَجِعَةٌ عَلَى السَّرِيرِ.
وَصِيَغُهُ كَثِيرَةٌ، مِنْهَا مَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَمَا وَرَدَتْ بِهِ السُّنَّةُ، كَمَا هُوَ الْحَال فِي تَسْبِيحَاتِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَدُبُرِ الصَّلَوَاتِ. وَمِنْهَا مَا هُوَ مُسْتَحَبٌّ، وَهُوَ مَا كَانَ فِي غَيْرِ ذَلِكَ كَالتَّسْبِيحَاتِ لَيْلاً وَنَهَارًا (14)
. حُكْمُهُ التَّكْلِيفِيُّ:
7 - يَخْتَلِفُ الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ لِلتَّسْبِيحِ بِحَسَبِ مَوْضِعِهِ وَسَبَبِهِ عَلَى التَّفْصِيل الآْتِي: التَّسْبِيحُ عَلَى طُهْرٍ:
8 - أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى جَوَازِ الذِّكْرِ بِالْقَلْبِ وَاللِّسَانِ لِلْمُحْدِثِ وَالْجُنُبِ وَالْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ، وَذَلِكَ فِي التَّسْبِيحِ وَالتَّهْلِيل وَالتَّحْمِيدِ وَالتَّكْبِيرِ وَالصَّلاَةِ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ وَالدُّعَاءِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. (15)
فَقَدْ رَوَتْ عَائِشَةُ ﵂ قَالَتْ: كَانَ رَسُول اللَّهِ ﷺ يَذْكُرُ اللَّهَ عَلَى كُل أَحْيَانِهِ. (16)
عَلَى أَنَّ ذِكْرَ اللَّهِ عَلَى طَهَارَةٍ سَوَاءٌ أَكَانَ تَسْبِيحًا أَمْ غَيْرَهُ، أَوْلَى وَأَفْضَل لِحَدِيثِ: إِنَّ النَّبِيَّ ﷺ سَلَّمَ عَلَيْهِ أَحَدُ الصَّحَابَةِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ، حَتَّى تَيَمَّمَ فَرَدَّ السَّلاَمَ، ثُمَّ قَال: كَرِهْتُ أَنْ أَذْكُرَ اللَّهَ إِلاَّ عَلَى طُهْرٍ. (17) التَّوَسُّطُ فِي رَفْعِ الصَّوْتِ فِي التَّسْبِيحِ وَغَيْرِهِ مُسْتَحَبٌّ عِنْدَ عَامَّةِ الْفُقَهَاءِ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً} (18) وَكَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَفْعَلُهُ. فَعَنْ أَبِي قَتَادَةَ ﵁ أَنَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ خَرَجَ لَيْلَةً فَإِذَا هُوَ بِأَبِي بَكْرٍ ﵁ يُصَلِّي يَخْفِضُ مِنْ صَوْتِهِ. قَال: وَمَرَّ بِعُمَرَ ﵁ وَهُوَ يُصَلِّي رَافِعًا صَوْتَهُ قَال: فَلَمَّا اجْتَمَعَا عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ قَال: يَا أَبَا بَكْرٍ مَرَرْتُ بِكَ وَأَنْتَ تُصَلِّي تَخْفِضُ صَوْتَكَ؟ قَال: قَدْ أَسْمَعْتُ مَنْ نَاجَيْتُ يَا رَسُول اللَّهِ. قَال: فَارْفَعْ قَلِيلاً، وَقَال لِعُمَرَ: مَرَرْتُ بِكَ وَأَنْتَ تُصَلِّي رَافِعًا صَوْتَكَ؟ فَقَال: يَا رَسُول اللَّهِ: أُوقِظُ الْوَسْنَانَ وَأَطْرُدُ الشَّيْطَانَ. قَال: اخْفِضْ مِنْ صَوْتِكَ شَيْئًا (19)
وَقَال أَبُو سَعِيدٍ ﵁ اعْتَكَفَ رَسُول اللَّهِ ﷺ فِي الْمَسْجِدِ، فَسَمِعَهُمْ يَجْهَرُونَ بِالْقِرَاءَةِ، فَكَشَفَ السِّتْرَ وَقَال: أَلاَ إِنَّ كُلَّكُمْ مُنَاجٍ رَبَّهُ، فَلاَ يُؤْذِيَنَّ بَعْضُكُمْ بَعْضًا، وَلاَ يَرْفَعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الْقِرَاءَةِ، أَوْ قَال فِي الصَّلاَةِ (20) . وَالْمُرَادُ بِالتَّوَسُّطِ أَنْ يَزِيدَ عَلَى أَدْنَى مَا يُسْمِعُ نَفْسَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ تَبْلُغَ تِلْكَ الزِّيَادَةُ سَمَاعَ مَنْ يَلِيهِ. (21)
مَا يَجُوزُ بِهِ التَّسْبِيحُ:
10 - أَجَازَ الْفُقَهَاءُ التَّسْبِيحَ بِالْيَدِ وَالْحَصَى وَالْمَسَابِحِ خَارِجَ الصَّلاَةِ، كَعَدِّهِ بِقَلْبِهِ أَوْ بِغَمْزِهِ أَنَامِلَهُ. أَمَّا فِي الصَّلاَةِ، فَإِنَّهُ يُكْرَهُ لأَِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَعْمَالِهَا. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ: أَنَّهُ لاَ بَأْسَ بِذَلِكَ فِي الْفَرَائِضِ وَالنَّوَافِل جَمِيعًا مُرَاعَاةً لِسُنَّةِ الْقِرَاءَةِ وَالْعَمَل بِمَا جَاءَتْ بِهِ السُّنَّةُ.
فَعَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ ﵁ أَنَّهُ دَخَل مَعَ رَسُول اللَّهِ ﷺ عَلَى امْرَأَةٍ، وَبَيْنَ يَدَيْهَا نَوًى أَوْ حَصًى تُسَبِّحُ بِهِ، فَقَال: أُخْبِرُكِ بِمَا هُوَ أَيْسَرُ عَلَيْكِ مِنْ هَذَا أَوْ أَفْضَل. فَقَال: سُبْحَانَ اللَّهِ عَدَدَ مَا خَلَقَ فِي السَّمَاءِ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ عَدَدَ مَا خَلَقَ فِي الأَْرْضِ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ عَدَدَ مَا بَيْنَ ذَلِكَ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ عَدَدَ مَا هُوَ خَالِقٌ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ مِثْل ذَلِكَ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ مِثْل ذَلِكَ، وَلاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ مِثْل ذَلِكَ، وَلاَ حَوْل وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ مِثْل ذَلِكَ (22) فَلَمْ يَنْهَهَا عَنْ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا أَرْشَدَهَا إِلَى مَا هُوَ أَيْسَرُ وَأَفْضَل، وَلَوْ كَانَ مَكْرُوهًا لَبَيَّنَ لَهَا ذَلِكَ.
وَعَنْ يُسَيْرَةَ الصَّحَابِيَّةِ الْمُهَاجِرَةِ ﵂ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ أَمَرَهُنَّ أَنْ يُرَاعِينَ بِالتَّكْبِيرِ وَالتَّقْدِيسِ وَالتَّهْلِيل، وَأَنْ يَعْقِدْنَ بِالأَْنَامِل فَإِنَّهُنَّ مَسْئُولاَتٌ مُسْتَنْطَقَاتٌ. (23)
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ﵄ قَال: رَأَيْتُ رَسُول اللَّهِ ﷺ يَعْقِدُ التَّسْبِيحَ وَفِي رِوَايَةٍ بِيَمِينِهِ. (24)
وَنَقَل الطَّحْطَاوِيُّ عَنِ ابْنِ حَجَرٍ قَوْلَهُ: الرِّوَايَاتُ بِالتَّسْبِيحِ بِالنَّوَى وَالْحَصَى كَثِيرَةٌ عَنِ الصَّحَابَةِ فِي بَعْضِ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ، بَل رَأَى ذَلِكَ ﷺ وَأَقَرَّ عَلَيْهِ.
وَعَقْدُ التَّسْبِيحِ بِالأَْنَامِل أَفْضَل مِنَ السُّبْحَةِ، وَقِيل: إِنْ أَمِنَ الْغَلَطَ فَهُوَ أَوْلَى، وَإِلاَّ فَهِيَ أَوْلَى. (25) أَوْقَاتُهُ وَمَا يُسْتَحَبُّ مِنْهَا:
11 - لَيْسَ لِلذِّكْرِ - وَمِنْهُ التَّسْبِيحُ - وَقْتٌ مُعَيَّنٌ، بَل هُوَ مَشْرُوعٌ فِي كُل الأَْوْقَاتِ. رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ ﵂ أَنَّهَا قَالَتْ: كَانَ رَسُول اللَّهِ ﷺ يَذْكُرُ اللَّهَ عَلَى كُل أَحْيَانِهِ. (26)
وَفِي قَوْله تَعَالَى: {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ} (27) مَا يَدُل عَلَى اسْتِحْبَابِ الذِّكْرِ فِي جَمِيعِ الأَْحْوَال الَّتِي يَكُونُ عَلَيْهَا الإِْنْسَانُ مِنْ يَوْمِهِ وَلَيْلِهِ.
إِلاَّ أَنَّ أَحْوَالاً مِنْهَا وَرَدَ الشَّرْعُ بِاسْتِثْنَائِهَا: كَالْخَلاَءِ عِنْدَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ، وَفِي حَالَةِ الْجِمَاعِ، وَفِي حَالَةِ الْخُطْبَةِ لِمَنْ يَسْمَعُ صَوْتَ الْخَطِيبِ، وَفِي الأَْمَاكِنِ الْمُسْتَقْذَرَةِ وَالدَّنِسَةِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا يُكْرَهُ الذِّكْرُ مَعَهُ.
وَلَكِنْ وَرَدَ فِي بَعْضِ الأَْخْبَارِ اسْتِحْبَابُ التَّسْبِيحِ فِي أَوْقَاتٍ خَاصَّةٍ، مِنْ ذَلِكَ مَا رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ عَنْ رَسُول اللَّهِ ﷺ قَال: مَنْ سَبَّحَ اللَّهَ فِي دُبُرِ كُل صَلاَةٍ ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ، وَحَمِدَ اللَّهَ ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ، وَكَبَّرَ اللَّهَ ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ، فَتِلْكَ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ، وَقَال تَمَامَ الْمِائَةِ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُل شَيْءٍ قَدِيرٌ، غُفِرَتْ خَطَايَاهُ، وَإِنْ كَانَتْ مِثْل زَبَدِ الْبَحْرِ (28)
وَيُسْتَحَبُّ التَّسْبِيحُ فِي الإِْصْبَاحِ وَالإِْمْسَاءِ؛ لِمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قَال: قَال رَسُول اللَّهِ ﷺ: مَنْ قَال حِينَ يُصْبِحُ وَحِينَ يُمْسِي: سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ مِائَةَ مَرَّةٍ، لَمْ يَأْتِ أَحَدٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِأَفْضَل مِمَّا جَاءَ بِهِ، إِلاَّ أَحَدٌ قَال مِثْل مَا قَال أَوْ زَادَ عَلَيْهِ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ سُبْحَانَ اللَّهِ الْعَظِيمِ وَبِحَمْدِهِ. (29)
وَيُسْتَحَبُّ التَّسْبِيحُ وَنَحْوُهُ عِنْدَ الْكُسُوفِ وَالْخُسُوفِ؛ لِمَا رُوِيَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ ﵁ قَال: أَتَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ وَقَدْ كَسَفَتِ الشَّمْسُ وَهُوَ قَائِمٌ فِي الصَّلاَةِ رَافِعٌ يَدَيْهِ، فَجَعَل يُسَبِّحُ وَيُهَلِّل وَيُكَبِّرُ وَيَحْمَدُ وَيَدْعُو حَتَّى حُسِرَ عَنْهَا. فَلَمَّا حُسِرَ عَنْهَا قَرَأَ سُورَتَيْنِ وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ. (30) التَّسْبِيحُ فِي افْتِتَاحِ الصَّلاَةِ:
12 - هُوَ سُنَّةٌ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ. أَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَإِنَّهُمْ لاَ يَرَوْنَهُ، بَل كَرِهُوهُ فِي افْتِتَاحِهَا.
وَاسْتَدَل الْجُمْهُورُ بِمَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَال: إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاَةِ فَارْفَعُوا أَيْدِيَكُمْ، وَلاَ تُخَالِفْ آذَانَكُمْ، ثُمَّ قُولُوا: اللَّهُ أَكْبَرُ، سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، وَتَبَارَكَ اسْمُكَ وَتَعَالَى جَدُّكَ، وَلاَ إِلَهَ غَيْرُكَ (31) وَبِمَا رَوَتْ عَائِشَةُ ﵂ قَالَتْ: كَانَ رَسُول اللَّهِ ﷺ إِذَا اسْتَفْتَحَ الصَّلاَةَ قَال: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ وَتَبَارَكَ اسْمُكَ وَتَعَالَى جَدُّكَ وَلاَ إِلَهَ غَيْرُكَ (32)
وَاسْتَدَل الْمَالِكِيَّةُ بِمَا رُوِيَ عَنْ أَنَسٍ ﵁ قَال: صَلَّيْتُ خَلْفَ النَّبِيِّ ﷺ وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ، وَكَانُوا يَسْتَفْتِحُونَ بِالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. (33) وَلَمْ يَذْكُرُوا التَّسْبِيحَ فِي افْتِتَاحِ الصَّلاَةِ لاَ مِنَ الْفَرَائِضِ وَلاَ مِنَ السُّنَنِ. (34)
التَّسْبِيحُ فِي الرُّكُوعِ
13 - التَّسْبِيحُ فِي الرُّكُوعِ سُنَّةٌ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ فِي الْمَشْهُورِ، وَقِيل وَاجِبٌ. وَمُسْتَحَبٌّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَمَنْدُوبٌ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ. وَوَاجِبٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ بِتَسْبِيحَةٍ وَاحِدَةٍ، وَالسُّنَّةُ الثَّلاَثُ.
وَأَقَل الْمَسْنُونِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ. وَالْمُسْتَحَبُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: ثَلاَثُ تَسْبِيحَاتٍ. لِمَا رَوَاهُ ابْنُ مَسْعُودٍ ﵁ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَال: إِذَا رَكَعَ أَحَدُكُمْ فَقَال: سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ ثَلاَثًا، فَقَدْ تَمَّ رُكُوعُهُ، وَذَلِكَ أَدْنَاهُ (35)
وَأَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَقَدْ نَصُّوا عَلَى أَنَّهُ يُنْدَبُ التَّسْبِيحُ بِأَيِّ لَفْظٍ كَانَ بِرُكُوعٍ وَسُجُودٍ (36)
وَنَصَّ ابْنُ جَزِيٍّ عَلَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ فِي الرُّكُوعِ سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ. (37)
وَدَلِيلُهُ مَا وَرَدَ أَنَّهُ لَمَّا نَزَل قَوْل اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ} (38) قَال ﷺ: اجْعَلُوهَا فِي رُكُوعِكُمْ (39)
وَالتَّسْبِيحُ فِيهِ لاَ يَتَحَدَّدُ بِعَدَدٍ، بِحَيْثُ إِذَا نَقَصَ عَنْهُ يَفُوتُهُ الثَّوَابُ، بَل إِذَا سَبَّحَ مَرَّةً يَحْصُل لَهُ الثَّوَابُ، وَإِنْ كَانَ يُزَادُ الثَّوَابُ بِزِيَادَتِهِ.
وَالزِّيَادَةُ عَلَى هَذِهِ التَّسْبِيحَاتِ أَفْضَل إِلَى خَمْسٍ أَوْ سَبْعٍ أَوْ تِسْعٍ بِطَرِيقِ الاِسْتِحْبَابِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ. وَفِي مُنْيَةِ الْمُصَلِّي: أَدْنَاهُ ثَلاَثٌ، وَأَوْسَطُهُ خَمْسٌ، وَأَكْمَلُهُ سَبْعٌ.
وَأَدْنَى الْكَمَال عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ فِي التَّسْبِيحِ ثَلاَثٌ ثُمَّ خَمْسٌ ثُمَّ سَبْعٌ ثُمَّ تِسْعٌ ثُمَّ إِحْدَى عَشْرَةَ وَهُوَ الأَْكْمَل. وَهَذَا لِلْمُنْفَرِدِ وَلإِِمَامِ قَوْمٍ مَحْصُورِينَ رَضُوا بِالتَّطْوِيل. أَمَّا غَيْرُهُ فَيَقْتَصِرُ عَلَى الثَّلاَثِ، وَلاَ يَزِيدُ عَلَيْهَا لِلتَّخْفِيفِ عَلَى الْمُقْتَدِينَ. وَيَزِيدُ الْمُنْفَرِدُ وَإِمَامُ قَوْمٍ مَحْصُورِينَ عَلَى ذَلِكَ: اللَّهُمَّ لَكَ رَكَعْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ إِلَخْ. قَال فِي الرَّوْضَةِ: وَهَذَا مَعَ الثَّلاَثِ أَفْضَل مِنْ مُجَرَّدِ أَكْمَل التَّسْبِيحِ.
وَالزِّيَادَةُ عَلَى التَّسْبِيحَةِ الْوَاحِدَةِ مُسْتَحَبَّةٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، فَأَعْلَى الْكَمَال فِي حَقِّ الإِْمَامِ يُزَادُ إِلَى عَشْرِ تَسْبِيحَاتٍ؛ لِمَا رُوِيَ عَنْ أَنَسٍ ﵁ أَنَّهُ قَال: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَشْبَهَ صَلاَةً بِصَلاَةِ رَسُول اللَّهِ ﷺ مِنْ هَذَا الْفَتَى - يَعْنِي عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ - فَحَزَرْنَا فِي رُكُوعِهِ عَشْرَ تَسْبِيحَاتٍ وَفِي سُجُودِهِ عَشْرَ تَسْبِيحَاتٍ (40) .
وَقَال أَحْمَدُ: جَاءَ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّ التَّسْبِيحَ التَّامَّ سَبْعٌ، وَالْوَسَطَ خَمْسٌ، وَأَدْنَاهُ ثَلاَثٌ.
وَأَعْلَى التَّسْبِيحِ فِي حَقِّ الْمُنْفَرِدِ الْعُرْفُ، وَقِيل: مَا لَمْ يَخَفْ سَهْوًا، وَقِيل: بِقَدْرِ قِيَامِهِ، وَقِيل: سَبْعٌ. (41) التَّسْبِيحُ فِي السُّجُودِ:
14 - يُقَال فِي السُّجُودِ مَا قِيل فِي الرُّكُوعِ، مِنْ حَيْثُ الصِّفَةُ وَالْعَدَدُ وَالاِخْتِلاَفُ فِي ذَلِكَ.
فَالتَّسْبِيحُ فِي السُّجُودِ سُنَّةٌ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ فِي الْمَشْهُورِ، وَقِيل وَاجِبٌ. وَمَنْدُوبٌ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ. وَمُسْتَحَبٌّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ. وَوَاجِبٌ عِنْد الْحَنَابِلَةِ فِي أَقَلِّهِ، وَهُوَ الْوَاحِدَةُ، وَسُنَّةٌ فِي الثَّلاَثِ، كَمَا فِي الرُّكُوعِ. وَلاَ خِلاَفَ إِلاَّ فِي أَنَّ تَسْبِيحَ السُّجُودِ أَنْ يَقُول: سُبْحَانَ رَبِّيَ الأَْعْلَى، أَمَّا فِي الرُّكُوعِ فَيَقُول: سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ
. تَسْبِيحُ الْمُقْتَدِي تَنْبِيهًا لِلإِْمَامِ:
15 - لَوْ عَرَضَ لِلإِْمَامِ شَيْءٌ فِي صَلاَتِهِ سَهْوًا مِنْهُ كَانَ لِلْمَأْمُومِ تَنْبِيهُهُ بِالتَّسْبِيحِ اسْتِحْبَابًا، إِنْ كَانَ رَجُلاً، وَبِالتَّصْفِيقِ إِنْ كَانَتْ أُنْثَى عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ. لِحَدِيثِ: إِنَّمَا التَّصْفِيقُ لِلنِّسَاءِ، وَمَنْ نَابَهُ شَيْءٌ فِي صَلاَتِهِ فَلْيَقُل سُبْحَانَ اللَّهِ. (42)
وَأَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَكَرِهُوا لِلْمَرْأَةِ التَّصْفِيقَ فِي الصَّلاَةِ مُطْلَقًا، وَقَالُوا: إِنَّهَا تُسَبِّحُ لِعُمُومِ حَدِيثِ: مَنْ نَابَهُ شَيْءٌ فِي صَلاَتِهِ فَلْيَقُل سُبْحَانَ اللَّهِ وَوَجْهُ الاِسْتِدْلاَل أَنَّ (مَنْ) مِنْ أَلْفَاظِ الْعُمُومِ فَيَشْمَل النِّسَاءَ. (43) تَنْبِيهُ الْمُصَلِّي غَيْرَهُ بِالتَّسْبِيحِ:
16 - إِذَا أَتَى الْمُصَلِّي بِذِكْرٍ مَشْرُوعٍ يَقْصِدُ بِهِ تَنْبِيهَ غَيْرِهِ إِلَى أَنَّهُ فِي صَلاَةٍ، كَأَنْ يَسْتَأْذِنَ عَلَيْهِ إِنْسَانٌ يُرِيدُ الدُّخُول وَهُوَ فِي الصَّلاَةِ، أَوْ يَخْشَى الْمُصَلِّي عَلَى إِنْسَانٍ الْوُقُوعَ فِي بِئْرٍ أَوْ هَلَكَةٍ، أَوْ يَخْشَى أَنْ يُتْلِفَ شَيْئًا، كَانَ لِلْمُصَلِّي اسْتِحْبَابًا أَنْ يُسَبِّحَ تَنْبِيهًا لَهُ، وَتُصَفِّقَ الْمَرْأَةُ عَلَى الْخِلاَفِ السَّابِقِ بَيَانُهُ. لِلْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ آنِفًا، وَلِقَوْلِهِ ﵊ مَنْ نَابَهُ شَيْءٌ فِي صَلاَتِهِ فَلْيَقُل: سُبْحَانَ اللَّهِ، فَإِنَّهُ لاَ يَسْمَعُهُ أَحَدٌ يَقُول سُبْحَانَ اللَّهِ إِلاَّ الْتَفَتَ (44) وَفِي الْمُسْنَدِ عَنْ عَلِيٍّ ﵁: كَانَ لِي مِنْ رَسُول اللَّهِ ﷺ سَاعَةٌ آتِيهِ فِيهَا فَإِذَا أَتَيْتُهُ اسْتَأْذَنْتُهُ إِنْ وَجَدْتُهُ يُصَلِّي فَسَبَّحَ دَخَلْتُ، وَإِنْ وَجَدْتُهُ فَارِغًا أَذِنَ لِي (45) . وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ تَبْطُل الصَّلاَةُ إِذَا مَحَّضَ التَّسْبِيحَ لِلإِْعْلاَمِ، أَوْ قَصَدَ بِهِ التَّعَجُّبَ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ. . وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّ التَّسْبِيحَاتِ فِي الصَّلاَةِ " لاَ تَضُرُّ إِلاَّ مَا كَانَ فِيهِ خِطَابٌ لِمَخْلُوقٍ غَيْرِ رَسُول اللَّهِ ﷺ.
وَمَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ أَنَّ كُل ذَلِكَ لاَ يُؤَثِّرُ فِي صِحَّةِ الصَّلاَةِ. (46)
التَّسْبِيحُ أَثْنَاءَ الْخُطْبَةِ
17 - قَال الْحَنَفِيَّةُ بِكَرَاهَةِ التَّسْبِيحِ لِمُسْتَمِعِ الْخُطْبَةِ؛ لأَِنَّهُ يَشْغَلُهُ عَنْ سَمَاعِهَا. فَإِنْ كَانَ بَعِيدًا عَنِ الْخَطِيبِ وَلاَ يَسْمَعُهُ فَلاَ بَأْسَ بِهِ سِرًّا عِنْدَ بَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ، وَالْمُعْتَمَدُ فِي الْمَذْهَبِ الْمَنْعُ مُطْلَقًا لِلْقَرِيبِ وَالْبَعِيدِ السَّامِعِ وَغَيْرِهِ.
وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ يَجُوزُ الذِّكْرُ - عَلَى أَنَّهُ خِلاَفُ الأَْوْلَى عَلَى الْمُعْتَمَدِ عِنْدَهُمْ - مِنْ تَسْبِيحٍ وَتَهْلِيلٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ، إِنْ كَانَ قَلِيلاً وَبِالسِّرِّ، وَيَحْرُمُ الْكَثِيرُ مُطْلَقًا، كَمَا يَحْرُمُ الْقَلِيل إِذَا كَانَ جَهْرًا.
وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ لَمْ يَتَعَرَّضُوا لِلتَّسْبِيحِ بِخُصُوصِهِ، لَكِنْ تَعَرَّضُوا لِلذِّكْرِ أَثْنَاءَ الْخُطْبَةِ، فَقَالُوا: الأَْوْلَى لِغَيْرِ السَّامِعِ لِلْخُطْبَةِ أَنْ يَشْتَغِل بِالتِّلاَوَةِ وَالذِّكْرِ. وَأَمَّا السَّامِعُ فَلاَ يَشْتَغِل بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ إِلاَّ بِالصَّلاَةِ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ إِذَا سَمِعَ ذِكْرَهُ. (47)
التَّسْبِيحُ فِي افْتِتَاحِ صَلاَةِ الْعِيدَيْنِ وَبَيْنَ تَكْبِيرَاتِ الزَّوَائِدِ فِيهَا:
18 - الثَّنَاءُ عَقِبَ تَكْبِيرَةِ الاِفْتِتَاحِ فِي صَلاَةِ الْعِيدَيْنِ سُنَّةٌ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، مُسْتَحَبٌّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَهُوَ كَمَا فِي افْتِتَاحِ الصَّلاَةِ عَلَى نَحْوِ مَا سَبَقَ بَيَانُهُ. وَالتَّسْبِيحُ بَيْنَ التَّكْبِيرَاتِ الزَّوَائِدِ فِي صَلاَةِ الْعِيدَيْنِ سُنَّةٌ كَذَلِكَ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَمُسْتَحَبٌّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَلاَ يَقُول بِهِ الْمَالِكِيَّةُ، بَل كَرِهُوهُ، أَوْ أَنَّهُ خِلاَفُ الأَْوْلَى عِنْدَهُمْ، فَلاَ يَفْصِل الإِْمَامُ بَيْنَ آحَادِهِ إِلاَّ بِقَدْرِ تَكْبِيرِ الْمُؤْتَمِّ، بِلاَ قَوْلٍ مِنْ تَسْبِيحٍ وَتَحْمِيدٍ وَتَهْلِيلٍ وَتَكْبِيرٍ.
وَلَيْسَ فِيهِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ ذِكْرٌ مَسْنُونٌ بَيْنَ هَذِهِ التَّكْبِيرَاتِ، وَلاَ بَأْسَ بِأَنْ يَقُول: سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ. وَهُوَ أَوْلَى مِنَ السُّكُوتِ، كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ.
وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: يَذْكُرُ اللَّهَ بَيْنَ كُل تَكْبِيرَتَيْنِ بِالْمَأْثُورِ، وَهُوَ عِنْدَ الأَْكْثَرِينَ مِنْهُمْ: سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ.
وَيَجُوزُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ أَنْ يَقُول بَيْنَ كُل تَكْبِيرَتَيْنِ مِنْ هَذِهِ التَّكْبِيرَاتِ: اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا، وَسُبْحَانَ اللَّهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ وَآلِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا؛ لِقَوْل عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ سَأَلْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ ﵁ مِمَّا يَقُولُهُ بَيْنَ تَكْبِيرَاتِ الْعِيدِ فَقَال: يَحْمَدُ اللَّهَ وَيُثْنِي عَلَيْهِ وَيُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ ﷺ رَوَاهُ الأَْثْرَمُ وَحَرْبٌ وَاحْتَجَّ بِهِ أَحْمَدُ (48) .
التَّسْبِيحُ لِلإِْعْلاَمِ بِالصَّلاَةِ
19 - اخْتُلِفَ فِي تَسْبِيحِ الْمُؤَذِّنِينَ لِلإِْعْلاَمِ بِالصَّلاَةِ بَيْنَ كَوْنِهِ بِدْعَةً حَسَنَةً، أَوْ مَكْرُوهَةً عَلَى خِلاَفٍ سَبَقَ فِي مُصْطَلَحِ: (أَذَانٌ) (49) صَلاَةُ التَّسْبِيحِ
20 - وَرَدَ فِي صَلاَةِ التَّسْبِيحِ حَدِيثٌ اخْتُلِفَ فِي صِحَّتِهِ. وَلِلْفُقَهَاءِ خِلاَفٌ وَتَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ (صَلاَةِ التَّسْبِيحِ) .
أَمَاكِنُ يُنْهَى عَنِ التَّسْبِيحِ فِيهَا:
21 - لَمَّا كَانَ التَّسْبِيحُ نَوْعًا مِنَ الذِّكْرِ، وَهُوَ مَكْرُوهٌ فِي الأَْمَاكِنِ التَّالِيَةِ، كَانَ التَّسْبِيحُ مَكْرُوهًا كَذَلِكَ فِيهَا؛ لأَِنَّ النَّهْيَ عَنِ الْعَامِّ نَهْيٌ عَنِ الْخَاصِّ، وَذَلِكَ تَنْزِيهًا لاِسْمِ اللَّهِ عَنِ الذِّكْرِ فِي هَذِهِ الأَْمَاكِنِ الْمُسْتَقْذَرَةِ طَبْعًا. فَيُكْرَهُ التَّسْبِيحُ وَغَيْرُهُ مِنَ الذِّكْرِ فِي الْخَلاَءِ عِنْدَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ، وَفِي مَوَاضِعِ النَّجَاسَاتِ وَالْقَاذُورَاتِ، وَالْمَوَاضِعِ الدَّنِسَةِ بِنَجَاسَةٍ أَوْ قَذَارَةٍ، وَعِنْدَ الْجِمَاعِ، وَفِي الْحَمَّامِ وَالْمُغْتَسَل، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مَتَى كَانَ بِاللِّسَانِ. أَمَّا بِالْقَلْبِ فَقَطْ فَإِنَّهُ لاَ يُكْرَهُ. وَمَا لَمْ تَكُنْ هُنَاكَ ضَرُورَةٌ لَهُ كَإِنْقَاذِ أَعْمَى مِنَ الْوُقُوعِ فِي بِئْرٍ أَوْ غَيْرِهِ، أَوْ تَحْذِيرِ مَعْصُومٍ مِنْ هَلَكَةٍ كَغَافِلٍ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ. وَالأَْوْلَى التَّحْذِيرُ بِغَيْرِ التَّسْبِيحِ وَالذِّكْرِ فِي مِثْل هَذِهِ الْحَالاَتِ.
كَمَا يُكْرَهُ الذِّكْرُ - وَمِنْهُ التَّسْبِيحُ - لِمَنْ يَسْمَعُ صَوْتَ الْخَطِيبِ فِي الْجُمُعَةِ لِمَا تَقَدَّمَ. (50) التَّعَجُّبُ بِلَفْظِ التَّسْبِيحِ
22 - يَجُوزُ التَّعَجُّبُ بِلَفْظِ التَّسْبِيحِ (51) . فَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ لَقِيَ أَبَا هُرَيْرَةَ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ جُنُبٌ، فَانْسَل، فَذَهَبَ فَاغْتَسَل، فَتَفَقَّدَهُ النَّبِيُّ ﷺ فَلَمَّا جَاءَ قَال: أَيْنَ كُنْتَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ؟ قَال: يَا رَسُول اللَّهِ لَقِيتَنِي وَأَنَا جُنُبٌ، فَكَرِهْتُ أَنْ أُجَالِسَكَ حَتَّى أَغْتَسِل. فَقَال: سُبْحَانَ اللَّهِ، إِنَّ الْمُؤْمِنَ لاَ يَنْجُسُ. (52)
وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ أَنَسٍ ﵁ أَنَّ أُخْتَ الرُّبَيِّعِ أُمَّ حَارِثَةَ جَرَحَتْ إِنْسَانًا، فَاخْتَصَمُوا إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَقَال: الْقِصَاصَ الْقِصَاصَ، فَقَالَتْ أُمُّ الرُّبَيِّعِ: يَا رَسُول اللَّهِ أَتَقْتَصُّ مِنْ فُلاَنَةَ؟ وَاللَّهِ لاَ يُقْتَصُّ مِنْهَا. فَقَال النَّبِيُّ ﷺ: الْقِصَاصُ كِتَابُ اللَّهِ. سُبْحَانَ اللَّهِ يَا أُمَّ الرُّبَيِّعِ،. (53) التَّسْبِيحُ أَمَامَ الْجِنَازَةِ:
23 - يُكْرَهُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ لِمُشَيِّعِ الْجِنَازَةِ رَفْعُ صَوْتِهِ بِالذِّكْرِ وَالتَّسْبِيحِ، لأَِنَّهُ مِنَ الْبِدَعِ الْمُنْكَرَاتِ، وَلاَ كَرَاهَةَ فِي ذَلِكَ لَوْ كَانَ فِي نَفْسِهِ سِرًّا، بِحَيْثُ يُسْمِعُ نَفْسَهُ، وَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَشْغَل نَفْسَهُ بِذِكْرِ اللَّهِ وَالتَّفْكِيرِ فِيمَا يَلْقَاهُ الْمَيِّتُ، وَأَنَّ هَذَا عَاقِبَةُ أَهْل الدُّنْيَا. وَيَتَجَنَّبُ ذِكْرَ مَا لاَ فَائِدَةَ فِيهِ مِنَ الْكَلاَمِ، فَعَنْ قَيْسِ بْنِ عُبَادَةَ ﵁ أَنَّهُ قَال: كَانَ أَصْحَابُ رَسُول اللَّهِ ﷺ يَكْرَهُونَ رَفْعَ الصَّوْتِ عِنْدَ الْجَنَائِزِ، وَعِنْدَ الْقِتَال، وَعِنْدَ الذِّكْرِ، (54) وَلأَِنَّهُ تَشَبُّهٌ بِأَهْل الْكِتَابِ فَكَانَ مَكْرُوهًا. (55)
التَّسْبِيحُ عِنْدَ الرَّعْدِ:
24 - التَّسْبِيحُ عِنْدَ الرَّعْدِ مُسْتَحَبٌّ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، فَيَقُول سَامِعُهُ عِنْدَ سَمَاعِهِ: سُبْحَانَ مَنْ يُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلاَئِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ. اللَّهُمَّ لاَ تَقْتُلْنَا بِغَضَبِكَ، وَلاَ تُهْلِكْنَا بِعَذَابِكَ، وَعَافِنَا مِنْ قَبْل ذَلِكَ. (56)
فَقَدْ رَوَى مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ ﵄ أَنَّهُ كَانَ إِذَا سَمِعَ الرَّعْدَ تَرَكَ الْحَدِيثَ وَقَال: سُبْحَانَ الَّذِي يُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلاَئِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ (57)
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄ قَال: كُنَّا مَعَ عُمَرَ ﵁ فِي سَفَرٍ، فَأَصَابَنَا رَعْدٌ وَبَرْقٌ وَبَرَدٌ، فَقَال لَنَا كَعْبٌ ﵁: مَنْ قَال حِينَ يَسْمَعُ الرَّعْدَ: سُبْحَانَ مَنْ يُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلاَئِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ - ثَلاَثًا - عُوفِيَ مِنْ ذَلِكَ الرَّعْدِ، فَقُلْنَا فَعُوفِينَا (58) .
قَطْعُ التَّسْبِيحِ:
25 - الْفُقَهَاءُ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ الْمُسَبِّحَ وَغَيْرَهُ مِنَ الذَّاكِرِينَ، أَوِ التَّالِينَ لِكِتَابِ اللَّهِ، إِذَا سَمِعُوا الْمُؤَذِّنَ - وَهُوَ يُؤَذِّنُ أَذَانًا مَسْنُونًا - يَقْطَعُونَ تَسْبِيحَهُمْ، وَذِكْرَهُمْ وَتِلاَوَتَهُمْ، وَيُجِيبُونَ الْمُؤَذِّنَ. وَهُوَ مَنْدُوبٌ عِنْدَ الْجُمْهُورِ. وَهُنَاكَ قَوْلٌ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ بِالْوُجُوبِ. (59)
ثَوَابُ التَّسْبِيحِ
: 26 - ثَوَابُ التَّسْبِيحِ عَظِيمٌ، (60) لِمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁: أَنَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ قَال: مَنْ قَال سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ حُطَّتْ خَطَايَاهُ، وَلَوْ كَانَتْ مِثْل زَبَدِ الْبَحْرِ (61)
وَفِي الْبَابِ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ.
__________
(1) سورة الروم / 17.
(2) سورة الزخرف / 13.
(3) لسان العرب والصحاح وطلبة الطلبة، والنهاية لابن الأثير مادة: " سبح " وتهذيب الأسماء واللغات للنووي ص 142. وذكر الفيومي في المصباح أن السبحة هي الصلاة فريضة كانت أو نافلة.
(4) حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح ص 153 دار الإيمان، والتعريفات للجرجاني " تسبيح "، والفواكه الدواني 1 / 211 ط دار المعرفة، ونيل المآرب بشرح دليل الطالب 1 / 45 م الفلاح.
(5) حديث: " كان النبي ﷺ إذا حز به أمر. . . " أخرجه أبو داود (2 / 78 ط عبيد الدعاس) ، وأحمد عن ذريعة (5 / 388 ط المكتب الإسلامي) وقال السبكي في المنهل: العذب إسناده حسن (7 / 248 ط المكتبة الإسلامية) .
(6) لسان العرب ونهاية المحتاج إلى شرح المنهاج 1 / 528.
(7) المصباح المنير، ولسان العرب، ومختار الصحاح مادة: " هلل ".
(8) حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح ص 398.
(9) سورة البقرة / 30.
(10) لسان العرب، ومختار الصحاح مادة: " قدس ".
(11) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 1 / 277.
(12) كشاف القناع عن متن الإقناع 1 / 330 النصر الحديثة، والأذكار للنووي 12 - 13.
(13) سورة آل عمران / 191.
(14) الأذكار للنووي 12، وكشاف القناع 1 / 367.
(15) الأذكار للنووي ص 10، والجامع لأحكام القرآن للقرطبي 4 / 310، 311 و 14 / 197، والاختيار شرح المختار1 / 12 ط مصطفى الحلبي 1936، وشرح روض الطالب عن أسنى المطالب 1 / 46 المكتبة الإسلامية، وشرح جلال الدين المحلي على منهاج الطالبين بهامش قليوبي وعميرة 1 / 41، وبدائع الصنائع في ترتيب الشرائع 1 / 151، ومواهب الجليل لشرح مختصر خليل للحطاب 1 / 436 - 437، ونيل المآرب بشرح دليل الطالب للشيباني 1 / 28.
(16) حديث: " كان رسول الله ﷺ يذكر الله. . . " أخرجه مسلم (1 / 282 - ط الحلبي) .
(17) حديث: " كرهت أن أذكر الله إلا على طهر " أخرجه أبو داود (1 / 23 - تحقيق عزت عبيد دعاس) والحاكم (1 / 167 ط دائرة المعارف العثمانية) من حديث المهاجر بن قنفذ ﵁. وصححه ووافقه الذهبي.
(18) سورة الإسراء / 110.
(19) حديث: " مررت بك وأنت تصلي تخفض صوتك. . . " أخرجه أبو داود (2 / 82 - تحقيق عزت عبيد دعاس) والحاكم (1 / 310 - ط دائرة المعارف العثمانية) وصححه ووافقه الذهبي.
(20) حديث: " ألا إن كلكم مناج ربه. . . " أخرجه أبو داود (2 / 83 - تحقيق عزت عبيد دعاس) والحاكم (1 / 311 - ط دائرة المعارف العثمانية) وصححه ووافقه الذهبي.
(21) ابن عابدين 5 / 255، وحاشية الجمل على شرح المنهج 1 / 496، والأذكار للنووي ص 100، ومواهب الجليل لشرح مختصر خليل 2 / 29، والمغني لابن قدامة 2 / 139 ط الرياض الحديثة.
(22) حديث: سعد بن أبي وقاص: " أخبرك بما هو أيسر عليك. . . " أخرجه أبو داود (2 / 169 - 170 - تحقيق عزت عبيد دعاس) . وفي إسناده جهالة. (ميزان الاعتدال للذهبي 1 / 653 - ط الحلبي) .
(23) حديث يسيرة أن النبي ﷺ أمرهن أن يراعين. . . أخرجه أبو داود (2 / 170 - تحقيق عزت عبيد دعاس) وحسنه النووي في الأذكار (ص 19 - ط الحلبي) . ".
(24) حديث عبد الله بن عمر: " رأيت رسول الله ﷺ يعقد التسبيح " أخرجه أبو داود (2 / 170 - تحقيق عزت عبيد دعاس) والترمذي (5 / 521 - ط الحلبي) . وحسنه النووي في الأذكار (ص 19 - ط الحلبي) .
(25) رد المحتار على الدر المختار 1 / 437، والهداية 1 / 65 ط الحلبي، والفتاوى الهندية 1 / 105 - 106، ومراقي الفلاح وحاشية الطحطاوي عليه 172، والمهذب في فقه الإمام الشافعي 1 / 96، وقليوبي وعميرة 1 / 190، والأذكار للنووي 19، وشرح الزرقاني على مختصر خليل 1 / 220، ومواهب الجليل لشرح مختصر خليل 1 / 552، والتاج والإكليل بهامشه، وكشاف القناع عن متن الإقناع 1 / 366، 376 ط النصر الحديثة، وحاشية الطحطاوي ص 172 ط: الثالثة الأميرية ببولاق.
(26) حديث: " كان يذكر الله على كل أحيانه ". تقدم تخريجه ف / 8.
(27) سورة آل عمران / 191.
(28) الأذكار للنووي / 68. وحديث: " من سبح الله في دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين. . . " أخرجه مسلم (1 / 418 - ط الحلبي) .
(29) حديث: " من قال حين يصبح وحين يمسي: سبحان الله. . . " أخرجه مسلم (4 / 2071 - ط الحلبي) وأبو داود (5 / 326 - تحقيق عزت عبيد دعاس) . والأذكار للنووي ص 72.
(30) حديث عبد الرحمن بن سمرة ﵁: أتيت النبي ﷺ وقد كسفت الشمس. . . " أخرجه مسلم (2 / 629 - ط الحلبي) .
(31) حديث: " إذا قمتم إلى الصلاة فارفعوا أيديكم ولا تخالف. . . " أخرجه الطبراني في معجمه الكبير (3 / 246 - ط وزارة الأوقاف العراقية) وقال الهيثمي: فيه يحيى بن يعلى الأسلمي، وهو ضعيف. مجمع الزوائد (2 / 102 - ط القدسي) .
(32) حديث: " كان رسول الله ﷺ إذا استفتح الصلاة. . . " أخرجه أبو داود (1 / 483 - تحقيق عزت عبيد دعاس) والحاكم (1 / 235 - ط دائرة المعارف العثمانية) وصححه ووافقه الذهبي.
(33) حديث أنس: " صليت خلف النبي ﷺ وأبي بكر. . . " أخرجه مسلم (1 / 299 - ط الحلبي) .
(34) حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح 139، 141، وفتح القدير والعناية بهامشه 1 / 251 ط دار إحياء التراث العربي، ورد المحتار على الدر المختار 1 / 328، والشرح الكبير 1 / 231 - 236، 251 - 252، والمهذب في فقه الإمام الشافعي 1 / 78، وقليوبي 1 / 147، وشرح روض الطالب من أسنى المطالب 1 / 148، والمغني لابن قدامة 1 / 473 - 475 م الرياض الحديثة، ومنار السبيل في شرح الدليل 1 / 89 المكتب الإسلامي.
(35) حديث: " إذا ركع أحدكم فقال: سبحان ربي العظيم ثلاثا. . . " أخرجه أبو داود (1 / 550 - تحقيق عزت عبيد دعاس) والترمذي (2 / 47 - ط الحلبي) واللفظ له. وفي إسناده انقطاع. (التلخيص الحبير 1 / 242 - ط شركة الطباعة الفنية) .
(36) الدسوقي 1 / 248.
(37) القوانين الفقهية ص 45.
(38) سورة الواقعة / 96.
(39) حديث: " اجعلوها في ركوعكم " أخرجه ابن ماجه (1 / 287 - ط الحلبي) من حديث عقبة بن عامر ﵁. وصححه ابن حبان (موارد الظمآن ص 135 - ط السلفية) .
(40) حديث أنس أنه قال: ما رأيت أحدا أشبه صلاة بصلاة رسول الله ﷺ من هذا الفتى. . . " أخرجه النسائي (2 / 225 - ط المكتبة التجارية) .
(41) مراقي الفلاح 144 - 145، 154، ورد المحتار على الدر المختار 1 / 320، 332، والمهذب في فقه الإمام الشافعي 1 / 82، ونهاية المحتاج إلى شرح المنهاج 1 / 478 - 479، والقليوبي 1 / 155، والفواكه الدواني 1 / 208 - 209 دار المعرفة، والشرح الكبير 1 / 248، 253، والشرح الصغير 1 / 110، وكشاف القناع 1 / 347 - 348، والمغني لابن قدامة 1 / 502 - 503 الرياض الحديثة، منار السبيل في شرح الدليل 1 / 88 - 91.
(42) حديث: " إنما التصفيق للنساء. . . " أخرجه البخاري (الفتح 3 / 107 - ط السلفية) ومسلم (1 / 317 - ط الحلبي) من حديث سهل بن سعد ﵁.
(43) الفتاوى الهندية 1 / 99 المكتبة الإسلامية، والمهذب في فقه الإمام الشافعي 1 / 94 - 95، 103 ط الحلبي ونهاية المحتاج إلى شرح المنهاج 2 / 43 - 45، وقليوبي وعميرة على شرح منهاج الطالبين 1 / 189 - 190، ومواهب الجليل لشرح مختصر خليل 2 / 29 مكتبة النجاح بليبيا، والشرح الكبير 1 / 282، والمغني لابن قدامة 2 / 19، 54 م الرياض الحديثة، وكشاف القناع 1 / 380 ط النصر الحديثة.
(44) حديث: " من نابه شيء في صلاته فيقل سبحان الله. . . " أخرجه البخاري (الفتح - 3 / 107 - ط السلفية) عن سهل بن سعد الساعدي ﵁.
(45) حديث: " كان لي من رسول الله ﷺ ساعة آتية فيها. . . " رواه ابن ماجه. من حديث علي ﵁ ورواه من حديث مغيرة بلفظ " فتنحنح " بدل: " فسبح " وأخرجه النسائي (1 / 283 وشركة الطباعة الفنية) وصححه ابن السكن كما في التلخيص لابن حجر (1 / 283 - ط شركة الطباعة الفنية) .
(46) الفتاوى الهندية 1 / 99 م المكتبة الإسلامية، والمهذب في فقه الإمام الشافعي 1 / 94 - 95، وروضة الطالبين 1 / 291، ومواهب الجليل لشرح مختصر خليل للحطاب 2 / 29، والمغني لابن قدامة 2 / 54 - 55، وكشاف القناع عن متن الإقناع 1 / 380.
(47) مراقي الفلاح وحاشية الطحطاوي عليه 282 - 283، ورد المحتار على الدر المختار 1 / 551، والفتاوى الهندية 1 / 147، والشرح الصغير للدردير 1 / 509 - 510، والشرح الكبير 1 / 385 - 386، ونهاية المحتاج إلى شرح المنهاج 2 / 308، وحاشية الجمل على شرح المنهج 2 / 32، وكشاف القناع 2 / 48.
(48) مراقي الفلاح 291، وحاشية ابن عابدين 1 / 559، والشرح الكبير 1 / 396 - 397، 400، والفواكه الدواني 1 / 317 - 318، وشرح الزرقاني 2 / 73، وشرح روض الطالب من أسنى المطالب 1 / 279 - 280، وشرح المنهج 2 / 95، وروضة الطالبين 2 / 71، والمهذب في فقه الإمام الشافعي 1 / 127، والمغني لابن قدامة 2 / 382 - 383، والإقناع 1 / 201 دار المعرفة، ومنار السبيل في شرح الدليل 1 / 151.
(49) بدائع الصنائع 1 / 155، ابن عابدين 1 / 258، 261، ومواهب الجليل 1 / 429 - 432، والفواكه الدواني 1 / 202، وأسنى المطالب 1 / 133، ونهاية المحتاج 1 / 401، وحاشية الجمل 1 / 303، وكشاف القناع عن متن الإقناع 1 / 243، والموسوعة الفقهية في الكويت 2 / 361.
(50) الفتاوى الهندية 1 / 50، وابن عابدين 1 / 230، والشرح الكبير وحاشية الدسوقي عليه 1 / 106، ومواهب الجليل 1 / 273 - 275، وشرح الزرقاني 1 / 77، وأسنى المطالب 1 / 46، 131، وروضة الطالبين 1 / 66، وكشاف القناع 1 / 63، 245، ونيل المآرب 1 / 8، والإقناع 1 / 14 - 15، والأذكار للنووي ص 12.
(51) الأذكار للنووي 292 - 293، والفتاوى الهندية 1 / 99، والمغني لابن قدامة 2 / 56 - 58، وكشاف القناع 1 / 381.
(52) حديث: " سبحان الله إن المؤمن لا ينجس " أخرجه البخاري (الفتح 1 / 390 - ط السلفية) ومسلم (1 / 281 - ط الحلبي) .
(53) حديث أنس: " سبحان الله يا أم الربيع. . . " أخرجه مسلم (3 / 1302 - ط الحلبي) .
(54) حديث قيس بن عبادة: كان أصحاب رسول الله ﷺ يكرهون رفع الصوت عند. . . " أخرجه البيهقي (4 / 74 - ط دائرة المعارف العثمانية) .
(55) حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح 332 ط دار الإيمان، وفتح القدير 2 / 57، وابن عابدين 1 / 598، الفتاوى الهندية 1 / 162، وبدائع الصنائع 1 / 310، والخرشي 2 / 138 - 139، وشرح الزرقاني 2 / 108، وحاشية الجمل 2 / 166، والأذكار للنووي ص 145، وكشاف القناع 2 / 129 - 130.
(56) حاشية ابن عابدين 1 / 568، وقليوبي 1 / 317 - 318، وأسنى المطالب 1 / 293، وروضة الطالبين 2 / 95، ونهاية المحتاج 2 / 416، والإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع 2 / 55 - 56، والجامع لأحكام القرآن للقرطبي 1 / 218، 9 / 296، والإقناع في فقه الإمام أحمد بن حنبل للمقدسي 1 / 209.
(57) مقالة عبد الله بن الزبير: كان إذا سمع الرعد. . . " أخرجها مالك في الموطأ (2 / 992 - ط الحلبي) وصححها النووي في الأذكار (ص 164 - ط الحلبي) .
(58) أثر كعب " من قال حين يسمع الرعد. . . " أخرجه الطبراني وحسنه ابن حجر كما في الفتوحات الربانية لابن علان (4 / 286 - ط المنيرية) .
(59) مراقي الفلاح 109 - 110، وابن عابدين 1 / 265 - 267، والشرح الكبير وحاشية الدسوقي عليه 1 / 196 - 197، ومواهب الجليل 1 / 422، 448، والفواكه الدواني 1 / 202 دار المعرفة، وحاشية الجمل على شرح المنهج 1 / 308 - 309، ونهاية المحتاج 1 / 402 - 403، وكشاف القناع 1 / 245 والمغني لابن قدامة 1 / 209 - 210، والأذكار للنووي ص 17 - 18.
(60) موطأ الإمام مالك 1 / 209 - 210، والأذكار للنووي ص 17 - 18.
(61) حديث: " من قال: سبحان الله وبحمده في يوم مائة مرة حطت خطاياه. . . " أخرجه مسلم (4 / 2971 - ط الحلبي) .
الموسوعة الفقهية الكويتية: 280/ 11