السيد
كلمة (السيد) في اللغة صيغة مبالغة من السيادة أو السُّؤْدَد،...
تقدير ولي الأمر للناس سعراً للمواد، والسلع، وإلزامُهم على التبايع به . ومن أمثلته ما ذكره الفقهاء من أقوال في تسعير ولي الأمر للسلع . وجاء في الحديث : "إن الله هو المسعِّر ." أحمد : 11809، وصححه الأرناؤوط .
تقدير ولي الأمر للناس سعراً للمواد، والسلع، وإلزامُهم على التبايع به.
التَّعْرِيفُ:
1 - التَّسْعِيرُ فِي اللُّغَةِ: هُوَ تَقْدِيرُ السِّعْرِ. يُقَال: سَعَّرْتُ الشَّيْءَ تَسْعِيرًا: أَيْ جَعَلْتُ لَهُ سِعْرًا مَعْلُومًا يَنْتَهِي إِلَيْهِ. وَسَعَّرُوا تَسْعِيرًا: أَيِ: اتَّفَقُوا عَلَى سِعْرٍ. وَالسِّعْرُ مَأْخُوذٌ مِنْ سَعَّرَ النَّارَ إِذَا رَفَعَهَا، لأَِنَّ السِّعْرَ يُوصَفُ بِالاِرْتِفَاعِ. ذَكَرَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ (1) . وَالتَّسْعِيرُ فِي الاِصْطِلاَحِ: تَقْدِيرُ السُّلْطَانِ أَوْ نَائِبِهِ لِلنَّاسِ سِعْرًا، وَإِجْبَارُهُمْ عَلَى التَّبَايُعِ بِمَا قَدَّرَهُ (2) .
وَقَال ابْنُ عَرَفَةَ: حَدُّ التَّسْعِيرِ: تَحْدِيدُ حَاكِمِ السُّوقِ لِبَائِعِ الْمَأْكُول فِيهِ قَدْرًا لِلْمَبِيعِ بِدِرْهَمٍ مَعْلُومٍ (3) . وَقَال الشَّوْكَانِيُّ: التَّسْعِيرُ أَنْ يَأْمُرَ السُّلْطَانُ أَوْ نُوَّابُهُ أَوْ كُل مَنْ وَلِيَ مِنْ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ أَمْرًا أَهْل السُّوقِ أَلاَّ يَبِيعُوا أَمْتِعَتَهُمْ إِلاَّ بِسِعْرِ كَذَا، فَيَمْنَعُ مِنَ الزِّيَادَةِ عَلَيْهِ أَوِ النُّقْصَانِ إِلاَّ لِمَصْلَحَةٍ (4) .
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - الاِحْتِكَارُ:
2 - الاِحْتِكَارُ لُغَةً: مِنَ الْحَكْرِ، وَهُوَ الظُّلْمُ وَالاِلْتِوَاءُ وَالْعُسْرُ وَسُوءُ الْمُعَاشَرَةِ، وَاحْتِكَارُ الطَّعَامِ: حَبْسُهُ تَرَبُّصًا لِغَلاَئِهِ، وَالْحُكْرَةُ: اسْمٌ مِنَ الاِحْتِكَارِ (5) .
وَفِي الاِصْطِلاَحِ: اخْتَلَفَتْ تَعْرِيفَاتُ الْفُقَهَاءِ فِيهِ، بِنَاءً عَلَى الْقُيُودِ الَّتِي وَضَعَهَا كُل مَذْهَبٍ وَتَرْجِعُ كُلُّهَا إِلَى حَبْسِ السِّلَعِ انْتِظَارًا لاِرْتِفَاعِ أَثْمَانِهَا.
وَيُرْجَعُ فِيهِ إِلَى مُصْطَلَحِ (احْتِكَارٌ)
فَالاِحْتِكَارُ مُبَايِنٌ لِلتَّسْعِيرِ. إِلاَّ أَنَّ وُجُودَ الاِحْتِكَارِ مِمَّا يَسْتَدْعِي التَّسْعِيرَ لِمُقَاوَمَةِ الْغَلاَءِ.
ب - التَّثْمِينُ:
3 - التَّثْمِينُ: مَصْدَرُ ثَمَّنْتَ الشَّيْءَ أَيْ: جَعَلْتَ لَهُ ثَمَنًا بِالْحَدْسِ وَالتَّخْمِينِ. ج - التَّقْوِيمُ
4 - تَقْوِيمُ الشَّيْءِ: أَنْ يُجْعَل لَهُ قِيمَةٌ مَعْلُومَةٌ (6) .
الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ لِلتَّسْعِيرِ:
5 - اتَّفَقَ فُقَهَاءُ الْمَذَاهِبِ الأَْرْبَعَةِ عَلَى أَنَّ الأَْصْل فِي التَّسْعِيرِ هُوَ الْحُرْمَةُ (7) . أَمَّا جَوَازُ التَّسْعِيرِ فَمُقَيَّدٌ عِنْدَهُمْ بِشُرُوطٍ مُعَيَّنَةٍ يَأْتِي بَيَانُهَا.
6 - وَاسْتَدَل صَاحِبُ الْبَدَائِعِ لإِِثْبَاتِ الْحُرْمَةِ بِالْمَنْقُول مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ:
أَمَّا الْكِتَابُ: فَقَوْلُهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِل إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} (8) . فَاشْتَرَطَتِ الآْيَةُ التَّرَاضِيَ، وَالتَّسْعِيرُ لاَ يَتَحَقَّقُ بِهِ التَّرَاضِي.
وَأَمَّا السُّنَّةُ: فَقَوْلُهُ ﵊: لاَ يَحِل مَال امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلاَّ بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ (9) .
وَاسْتَدَل صَاحِبُ الْمُغْنِي بِمَا رَوَى أَنَسٌ ﵁ قَال: غَلاَ السِّعْرُ فِي الْمَدِينَةِ عَلَى عَهْدِ رَسُول اللَّهِ صَلَّى ﷺ فَقَال النَّاسُ: يَا رَسُول اللَّهِ: غَلاَ السِّعْرُ فَسَعِّرْ لَنَا، فَقَال رَسُول اللَّهِ ﷺ: إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمُسَعِّرُ الْقَابِضُ الْبَاسِطُ الرَّازِقُ، إِنِّي لأََرْجُو أَنْ أَلْقَى اللَّهَ وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْكُمْ يُطَالِبُنِي بِمَظْلَمَةٍ فِي دَمٍ وَلاَ مَالٍ. (10)
قَال ابْنُ قُدَامَةَ وَالدَّلاَلَةُ مِنْ وَجْهَيْنِ:
1 - أَنَّهُ ﷺ لَمْ يُسَعِّرْ، وَقَدْ سَأَلُوهُ ذَلِكَ، وَلَوْ جَازَ لأََجَابَهُمْ إِلَيْهِ.
2 - أَنَّهُ عَلَّل بِكَوْنِهِ مَظْلَمَةً وَالظُّلْمُ حَرَامٌ. وَبِمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنَّهُ مَرَّ بِحَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ ﵁ وَهُوَ يَبِيعُ زَبِيبًا لَهُ فِي السُّوقِ، فَقَال لَهُ: إِمَّا أَنْ تَزِيدَ فِي السِّعْرِ، وَإِمَّا أَنْ تَرْفَعَ مِنْ سُوقِنَا، فَلَمَّا رَجَعَ عُمَرُ حَاسَبَ نَفْسَهُ، ثُمَّ أَتَى حَاطِبًا فِي دَارِهِ، فَقَال لَهُ: إِنَّ الَّذِي قُلْتُ لَكَ لَيْسَ بِعَزِيمَةٍ مِنِّي وَلاَ قَضَاءٍ، إِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ أَرَدْتُ بِهِ الْخَيْرَ لأَِهْل الْبَلَدِ، فَحَيْثُ شِئْتَ فَبِعْ، وَكَيْفَ شِئْتَ فَبِعْ (11) .
7 - وَاسْتَدَلُّوا بِالْمَعْقُول:
وَهُوَ أَنَّ لِلنَّاسِ حُرِّيَّةَ التَّصَرُّفِ فِي أَمْوَالِهِمْ، وَالتَّسْعِيرُ حَجْرٌ عَلَيْهِمْ، وَالإِْمَامُ مَأْمُورٌ بِرِعَايَةِ مَصْلَحَةِ الْمُسْلِمِينَ، وَلَيْسَ نَظَرُهُ لِمَصْلَحَةِ الْمُشْتَرِي بِرُخْصِ الثَّمَنِ أَوْلَى مِنْ نَظَرِهِ لِمَصْلَحَةِ الْبَائِعِ بِتَوْفِيرِ الثَّمَنِ (12) .
وَالثَّمَنُ حَقُّ الْعَاقِدِ فَإِلَيْهِ تَقْدِيرُهُ (13) . ثُمَّ إِنَّ التَّسْعِيرَ سَبَبُ الْغَلاَءِ وَالتَّضْيِيقِ عَلَى النَّاسِ فِي أَمْوَالِهِمْ؛ لأَِنَّ الْجَالِبِينَ إِذَا بَلَغَهُمْ ذَلِكَ لَمْ يَقْدُمُوا بِسِلَعِهِمْ بَلَدًا يُكْرَهُونَ عَلَى بَيْعِهَا فِيهِ بِغَيْرِ مَا يُرِيدُونَ، وَمَنْ عِنْدَهُ الْبِضَاعَةُ يَمْتَنِعُ مِنْ بَيْعِهَا وَيَكْتُمُهَا، وَيَطْلُبُهَا أَهْل الْحَاجَةِ إِلَيْهَا، فَلاَ يَجِدُونَهَا إِلاَّ قَلِيلاً، فَيَرْفَعُونَ فِي ثَمَنِهَا لِيَصِلُوا إِلَيْهَا، فَتَغْلُو الأَْسْعَارُ وَيَحْصُل الإِْضْرَارُ بِالْجَانِبَيْنِ، جَانِبِ الْمُشْتَرِي فِي مَنْعِهِ مِنَ الْوُصُول إِلَى غَرَضِهِ، وَجَانِبِ الْمُلاَّكِ فِي مَنْعِهِمْ مِنْ بَيْعِ أَمْلاَكِهِمْ، فَيَكُونُ حَرَامًا (14) .
شُرُوطُ جَوَازِ التَّسْعِيرِ:
8 - تَقَدَّمَ أَنَّ الأَْصْل مَنْعُ التَّسْعِيرِ، وَمَنْعُ تَدَخُّل وَلِيِّ الأَْمْرِ فِي أَسْعَارِ السِّلَعِ، إِلاَّ أَنَّ هُنَاكَ حَالاَتٍ يَكُونُ لِلْحَاكِمِ بِمُقْتَضَاهَا حَقُّ التَّدَخُّل بِالتَّسْعِيرِ، أَوْ يَجِبُ عَلَيْهِ التَّدَخُّل عَلَى اخْتِلاَفِ الأَْقْوَال.
وَهَذِهِ الْحَالاَتُ هِيَ:
أ - تَعَدِّي أَرْبَابِ الطَّعَامِ عَنِ الْقِيمَةِ تَعَدِّيًا فَاحِشًا:
9 - وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ صَرَّحَ فُقَهَاءُ الْحَنَفِيَّةِ بِأَنَّهُ يَجُوزُ لِلْحَاكِمِ أَنْ يُسَعِّرَ عَلَى النَّاسِ إِنْ تَعَدَّى أَرْبَابُ الطَّعَامِ عَنِ الْقِيمَةِ تَعَدِّيًا فَاحِشًا، وَعَجَزَ عَنْ صِيَانَةِ حُقُوقِ الْمُسْلِمِينَ إِلاَّ بِالتَّسْعِيرِ، وَذَلِكَ بَعْدَ مَشُورَةِ أَهْل الرَّأْيِ وَالْبَصِيرَةِ، وَهُوَ الْمُخْتَارُ، وَبِهِ يُفْتَى؛ لأَِنَّ فِيهِ صِيَانَةَ حُقُوقِ الْمُسْلِمِينَ عَنِ الضَّيَاعِ، وَدَفْعَ الضَّرَرِ عَنِ الْعَامَّةِ (15) .
وَالتَّعَدِّي الْفَاحِشُ كَمَا عَرَّفَهُ الزَّيْلَعِيُّ وَغَيْرُهُ هُوَ الْبَيْعُ بِضِعْفِ الْقِيمَةِ (16) .
ب - حَاجَةُ النَّاسِ إِلَى السِّلْعَةِ:
10 - وَفِي هَذَا الْمَعْنَى قَال الْحَنَفِيَّةُ: لاَ يَنْبَغِي لِلسُّلْطَانِ أَنْ يُسَعِّرَ عَلَى النَّاسِ، إِلاَّ إِذَا تَعَلَّقَ بِهِ دَفْعُ ضَرَرِ الْعَامَّةِ، كَمَا اشْتَرَطَ الْمَالِكِيَّةُ وُجُودَ مَصْلَحَةٍ فِيهِ، وَنُسِبَ إِلَى الشَّافِعِيِّ مِثْل هَذَا الْمَعْنَى.
وَكَذَا إِذَا احْتَاجَ النَّاسُ إِلَى سِلاَحٍ لِلْجِهَادِ، فَعَلَى أَهْل السِّلاَحِ بَيْعُهُ بِعِوَضِ الْمِثْل، وَلاَ يُمَكَّنُونَ مِنْ أَنْ يَحْبِسُوا السِّلاَحَ حَتَّى يَتَسَلَّطَ الْعَدُوُّ، أَوْ يُبْذَل لَهُمْ مِنَ الأَْمْوَال مَا يَخْتَارُونَ (17) .
وَيَقُول ابْنُ تَيْمِيَّةَ: إِنَّ لِوَلِيِّ الأَْمْرِ أَنْ يُكْرِهَ النَّاسَ عَلَى بَيْعِ مَا عِنْدَهُمْ بِقِيمَةِ الْمِثْل عِنْدَ ضَرُورَةِ النَّاسِ إِلَيْهِ، مِثْل مَنْ عِنْدَهُ طَعَامٌ لاَ يَحْتَاجُ إِلَيْهِ، وَالنَّاسُ فِي مَخْمَصَةٍ، فَإِنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى بَيْعِهِ لِلنَّاسِ بِقِيمَةِ الْمِثْل. وَلِهَذَا قَال الْفُقَهَاءُ: مَنْ اضْطُرَّ إِلَى طَعَامِ الْغَيْرِ أَخَذَهُ مِنْهُ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ بِقِيمَةِ مِثْلِهِ، وَلَوِ امْتَنَعَ مِنْ بَيْعِهِ إِلاَّ بِأَكْثَرَ مِنْ سِعْرِهِ لَمْ يَسْتَحِقَّ إِلاَّ سِعْرَهُ (18) .
وَالأَْصْل فِي ذَلِكَ حَدِيثُ الْعِتْقِ، وَهُوَ قَوْلُهُ ﵊: مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ، فَكَانَ لَهُ مِنَ الْمَال يَبْلُغُ ثَمَنَ الْعَبْدِ، قُوِّمَ عَلَيْهِ قِيمَةَ الْعَدْل، فَأَعْطَى شُرَكَاءَهُ حِصَصَهُمْ، وَعَتَقَ عَلَيْهِ الْعَبْدُ وَإِلاَّ فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ (19) وَيَقُول ابْنُ الْقَيِّمِ: إِنَّ هَذَا الَّذِي أَمَرَ بِهِ النَّبِيُّ " ﷺ مِنْ تَقْوِيمِ الْجَمِيعِ (أَيْ جَمِيعِ الْعَبْدِ) قِيمَةَ الْمِثْل هُوَ حَقِيقَةُ التَّسْعِيرِ، فَإِذَا كَانَ الشَّارِعُ يُوجِبُ إِخْرَاجَ الشَّيْءِ عَنْ مِلْكِ مَالِكِهِ بِعِوَضِ الْمِثْل لِمَصْلَحَةِ تَكْمِيل الْعِتْقِ، وَلَمْ يُمَكِّنِ الْمَالِكَ مِنَ الْمُطَالَبَةِ بِالزِّيَادَةِ عَلَى الْقِيمَةِ، فَكَيْفَ إِذَا كَانَتِ الْحَاجَةُ بِالنَّاسِ إِلَى التَّمَلُّكِ أَعْظَمَ، مِثْل حَاجَةِ الْمُضْطَرِّ إِلَى الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَاللِّبَاسِ وَغَيْرِهِ (20) .
ج - احْتِكَارُ الْمُنْتِجِينَ أَوِ التُّجَّارِ:
11 - لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ الاِحْتِكَارَ حَرَامٌ فِي الأَْقْوَاتِ، كَمَا أَنَّهُ لاَ خِلاَفَ بَيْنَهُمْ فِي أَنَّ جَزَاءَ الاِحْتِكَارِ هُوَ بَيْعُ السِّلَعِ الْمُحْتَكَرَةِ جَبْرًا عَلَى صَاحِبِهَا بِالثَّمَنِ الْمَعْقُول مَعَ تَعْزِيرِهِ وَمُعَاقَبَتِهِ (21) ، عَلَى التَّفْصِيل الْمُتَقَدِّمِ بَيَانُهُ فِي مُصْطَلَحِ (احْتِكَارٌ) . وَمَا تَحْدِيدُ الثَّمَنِ الْمَعْقُول مِنْ جَانِبِ وَلِيِّ الأَْمْرِ إِلاَّ حَقِيقَةُ التَّسْعِيرِ، وَهَذَا تَوْجِيهٌ صَرَّحَ بِهِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ (22) . فِي حِينِ اعْتَبَرَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ الْمُحْتَكِرَ مِمَّنْ لاَ يُسَعَّرُ عَلَيْهِ كَمَا سَيَأْتِي.
د - حَصْرُ الْبَيْعِ لأُِنَاسٍ مُعَيَّنِينَ:
12 - صَرَّحَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ بِأَنَّهُ لاَ تَرَدُّدَ عِنْدَ أَحَدٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ فِي وُجُوبِ رَدِّ التَّسْعِيرِ فِي حَالَةِ إِلْزَامِ النَّاسِ أَنْ لاَ يَبِيعَ الطَّعَامَ أَوْ غَيْرَهُ إِلاَّ أُنَاسٌ مَعْرُوفُونَ، فَهُنَا يَجِبُ التَّسْعِيرُ عَلَيْهِمْ بِحَيْثُ لاَ يَبِيعُونَ إِلاَّ بِقِيمَةِ الْمِثْل، وَلاَ يَشْتَرُونَ إِلاَّ بِقِيمَةِ الْمِثْل. لأَِنَّهُ إِذَا كَانَ قَدْ مَنَعَ غَيْرَهُمْ أَنْ يَبِيعَ ذَلِكَ النَّوْعَ أَوْ يَشْتَرِيَهُ، فَلَوْ سَوَّغَ لَهُمْ أَنْ يَبِيعُوا بِمَا اخْتَارُوا، أَوْ يَشْتَرُوا بِمَا اخْتَارُوا لَكَانَ ذَلِكَ ظُلْمًا لِلْبَائِعِينَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ بَيْعَ تِلْكَ الأَْمْوَال، وَظُلْمًا لِلْمُشْتَرِينَ مِنْهُمْ.
فَالتَّسْعِيرُ فِي مِثْل هَذِهِ الْحَالَةِ وَاجِبٌ بِلاَ نِزَاعٍ، وَحَقِيقَةُ إِلْزَامِهِمْ أَنْ لاَ يَبِيعُوا أَوْ لاَ يَشْتَرُوا إِلاَّ بِثَمَنِ الْمِثْل (23) .
هـ - تَوَاطُؤُ الْبَائِعِينَ ضِدَّ الْمُشْتَرِينَ أَوِ الْعَكْسِ:
13 - إِذَا تَوَاطَأَ التُّجَّارُ أَوْ أَرْبَابُ السِّلَعِ عَلَى سِعْرٍ يُحَقِّقُ لَهُمْ رِبْحًا فَاحِشًا، أَوْ تَوَاطَأَ مُشْتَرُونَ عَلَى أَنْ يَشْتَرِكُوا فِيمَا يَشْتَرِيهِ أَحَدُهُمْ حَتَّى يَهْضِمُوا سِلَعَ النَّاسِ يَجِبُ التَّسْعِيرُ، وَهَذَا مَا اخْتَارَهُ ابْنُ تَيْمِيَّةَ، وَأَضَافَ قَائِلاً:
وَلِهَذَا مَنَعَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ - كَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ - الْقُسَّامَ الَّذِينَ يَقْسِمُونَ بِالأَْجْرِ أَنْ يَشْتَرِكُوا، فَإِنَّهُمْ إِذَا اشْتَرَكُوا، وَالنَّاسُ مُحْتَاجُونَ إِلَيْهِمْ أَغَلَوْا عَلَيْهِمُ الأَْجْرَ، فَمَنْعُ الْبَائِعِينَ - الَّذِينَ تَوَاطَئُوا عَلَى أَنْ لاَ يَبِيعُوا إِلاَّ بِثَمَنٍ قَدَّرُوهُ - أَوْلَى، وَكَذَلِكَ مَنْعُ الْمُشْتَرِينَ إِذَا تَوَاطَئُوا عَلَى أَنْ يَشْتَرِكُوا فِيمَا يَشْتَرِيهِ أَحَدُهُمْ، حَتَّى يَهْضِمُوا سِلَعَ النَّاسِ أَوْلَى (24) . لأَِنَّ إِقْرَارَهُمْ عَلَى ذَلِكَ مُعَاوَنَةٌ لَهُمْ عَلَى الظُّلْمِ وَالْعُدْوَانِ (25) . وَقَدْ قَال تَعَالَى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الإِْثْمِ وَالْعُدْوَانِ} . (26)
و احْتِيَاجُ النَّاسِ إِلَى صِنَاعَةِ طَائِفَةٍ:
14 - وَهَذَا مَا يُقَال لَهُ التَّسْعِيرُ فِي الأَْعْمَال: وَهُوَ أَنْ يَحْتَاجَ النَّاسُ إِلَى صِنَاعَةِ طَائِفَةٍ كَالْفِلاَحَةِ وَالنِّسَاجَةِ وَالْبِنَاءِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، فَلِوَلِيِّ الأَْمْرِ أَنْ يُلْزِمَهُمْ بِذَلِكَ بِأُجْرَةِ الْمِثْل إِذَا امْتَنَعُوا عَنْهُ، وَلاَ يُمَكِّنُهُمْ مِنْ مُطَالَبَةِ النَّاسِ بِزِيَادَةٍ عَنْ عِوَضِ الْمِثْل، وَلاَ يُمَكِّنُ النَّاسَ مِنْ ظُلْمِهِمْ بِأَنْ يُعْطُوهُمْ دُونَ حَقِّهِمْ (27) .
15 - وَخُلاَصَةُ رَأْيِ ابْنِ تَيْمِيَّةَ وَابْنِ الْقَيِّمِ أَنَّهُ إِذَا لَمْ تَتِمَّ مَصْلَحَةٌ إِلاَّ بِالتَّسْعِيرِ سَعَّرَ عَلَيْهِمُ السُّلْطَانُ تَسْعِيرَ عَدْلٍ بِلاَ وَكْسٍ وَلاَ شَطَطٍ، وَإِذَا انْدَفَعَتْ حَاجَتُهُمْ، وَقَامَتْ مَصْلَحَتُهُمْ بِدُونِهِ لَمْ يَفْعَل (28) . وَهَذَا يَدُل عَلَى أَنَّ الْحَالاَتِ الْمَذْكُورَةَ لَيْسَتْ حَصْرًا لِلْحَالاَتِ الَّتِي يَجِبُ فِيهَا التَّسْعِيرُ، بَل كُلَّمَا كَانَتْ حَاجَةُ النَّاسِ لاَ تَنْدَفِعُ إِلاَّ بِالتَّسْعِيرِ، وَلاَ تَتَحَقَّقُ مَصْلَحَتُهُمْ إِلاَّ بِهِ كَانَ وَاجِبًا عَلَى الْحَاكِمِ حَقًّا لِلْعَامَّةِ، مِثْل وُجُوبِ التَّسْعِيرِ عَلَى الْوَالِي عَامَ الْغَلاَءِ كَمَا قَال بِهِ مَالِكٌ، وَهُوَ وَجْهٌ لِلشَّافِعِيَّةِ أَيْضًا. (29)
الصِّفَةُ الْوَاجِبُ تَوَافُرُهَا فِي التَّسْعِيرِ:
16 - إِنَّ الْمُتَتَبِّعَ لِلنُّصُوصِ الْفِقْهِيَّةِ وَآرَاءِ الْفُقَهَاءِ يَجِدُ أَنَّهُ لاَ بُدَّ لِفَرْضِ التَّسْعِيرِ مِنْ تَحَقُّقِ صِفَةِ الْعَدْل؛ إِذْ لاَ يَكُونُ التَّسْعِيرُ مُحَقِّقًا لِلْمَصْلَحَةِ إِلاَّ إِذَا كَانَتْ فِيهِ الْمَصْلَحَةُ لِلْبَائِعِ وَالْمُبْتَاعِ، وَلاَ يَمْنَعُ الْبَائِعَ رِبْحًا، وَلاَ يُسَوِّغُ لَهُ مِنْهُ مَا يَضُرُّ بِالنَّاسِ (30) .
وَلِهَذَا اشْتَرَطَ مَالِكٌ عِنْدَمَا رَأَى التَّسْعِيرَ عَلَى الْجَزَّارِينَ أَنْ يَكُونَ التَّسْعِيرُ مَنْسُوبًا إِلَى قَدْرِ شِرَائِهِمْ، أَيْ أَنْ تُرَاعَى فِيهِ ظُرُوفُ شِرَاءِ الذَّبَائِحِ، وَنَفَقَةُ الْجِزَارَةِ، وَإِلاَّ فَإِنَّهُ يُخْشَى أَنْ يُقْلِعُوا عَنْ تِجَارَتِهِمْ، وَيَقُومُوا مِنَ السُّوقِ.
وَهَذَا مَا أَعْرَبَ عَنْهُ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ الْبَاجِيُّ مِنْ أَنَّ التَّسْعِيرَ بِمَا لاَ رِبْحَ فِيهِ لِلتُّجَّارِ يُؤَدِّي إِلَى فَسَادِ الأَْسْعَارِ، وَإِخْفَاءِ الأَْقْوَاتِ وَإِتْلاَفِ أَمْوَال النَّاسِ (31) .
كَيْفِيَّةُ التَّسْعِيرِ:
17 - تَعَرَّضَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ الْقَائِلُونَ بِجَوَازِ التَّسْعِيرِ لِبَيَانِ كَيْفِيَّةِ تَعْيِينِ الأَْسْعَارِ، وَقَالُوا: يَنْبَغِي لِلإِْمَامِ أَنْ يَجْمَعَ وُجُوهَ أَهْل سُوقِ ذَلِكَ الشَّيْءِ، وَيُحْضِرَ غَيْرَهُمُ اسْتِظْهَارًا عَلَى صِدْقِهِمْ، وَأَنْ يُسَعِّرَ بِمَشُورَةِ أَهْل الرَّأْيِ وَالْبَصِيرَةِ، فَيَسْأَلَهُمْ كَيْفَ يَشْتَرُونَ وَكَيْفَ يَبِيعُونَ؟ فَيُنَازِلُهُمْ إِلَى مَا فِيهِ لَهُمْ وَلِلْعَامَّةِ سَدَادٌ حَتَّى يَرْضَوْا بِهِ. (32)
قَال أَبُو الْوَلِيدِ الْبَاجِيُّ: وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ بِهَذَا يُتَوَصَّل إِلَى مَعْرِفَةِ مَصَالِحِ الْبَاعَةِ وَالْمُشْتَرِينَ، وَيَجْعَل لِلْبَاعَةِ فِي ذَلِكَ مِنَ الرِّبْحِ مَا يَقُومُ بِهِمْ، وَلاَ يَكُونُ فِيهِ إِجْحَافٌ بِالنَّاسِ (33) .
وَلاَ يَجُوزُ عِنْدَ أَحَدٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ أَنْ يَقُول لَهُمْ: لاَ تَبِيعُوا إِلاَّ بِكَذَا رَبِحْتُمْ أَوْ خَسِرْتُمْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُنْظَرَ إِلَى مَا يَشْتَرُونَ بِهِ. وَكَذَلِكَ لاَ يَقُول لَهُمْ: لاَ تَبِيعُوا إِلاَّ بِمِثْل الثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَيْتُمْ بِهِ (34) . مَا يَدْخُلُهُ التَّسْعِيرُ
18 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي تَحْدِيدِ الأَْشْيَاءِ الَّتِي يَجْرِي فِيهَا التَّسْعِيرُ عَلَى الأَْصْل الْمُشَارِ إِلَيْهِ فِي حُكْمِهِ التَّكْلِيفِيِّ.
فَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ فِي الأَْظْهَرِ عِنْدَهُمْ - وَهُوَ قَوْل الْقُهُسْتَانِيِّ الْحَنَفِيِّ - إِلَى أَنَّ التَّسْعِيرَ يَجْرِي فِي الْقُوتَيْنِ (قُوتِ الْبَشَرِ، وَقُوتِ الْبَهَائِمِ) وَغَيْرِهِمَا، وَلاَ يَخْتَصُّ بِالأَْطْعِمَةِ وَعَلَفِ الدَّوَابِّ. (35)
وَاسْتَظْهَرَ ابْنُ عَابِدِينَ - بِنَاءً عَلَى قَوْل أَبِي حَنِيفَةَ فِي الْحَجْرِ لِلضَّرَرِ، وَقَوْل أَبِي يُوسُفَ فِي الاِحْتِكَارِ - جَوَازَ تَسْعِيرِ مَا عَدَا الْقُوتَيْنِ أَيْضًا كَاللَّحْمِ وَالسَّمْنِ رِعَايَةً لِمَصْلَحَةِ النَّاسِ.
وَهُنَاكَ قَوْلٌ آخَرُ لِلْحَنَفِيَّةِ صَرَّحَ بِهِ الْعَتَّابِيُّ وَالْحَسَّاسُ وَغَيْرُهُمَا، وَهُوَ أَنَّ التَّسْعِيرَ يَكُونُ فِي الْقُوتَيْنِ فَقَطْ. (36) وَعَلَيْهِ اخْتِيَارُ ابْنِ تَيْمِيَّةَ، فَلَمْ يَقْصُرِ التَّسْعِيرَ عَلَى الطَّعَامِ، بَل ذَكَرَهُ كَمِثَالٍ كَمَا سَبَقَ.
وَانْتَهَجَ ابْنُ الْقَيِّمِ مَنْهَجَ ابْنِ تَيْمِيَّةَ فِي هَذَا الْبَابِ، وَأَطْلَقَ جَوَازَ التَّسْعِيرِ لِلسِّلَعِ أَيًّا كَانَتْ، مَا دَامَتْ لاَ تُبَاعُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَعْرُوفِ وَبِقِيمَةِ الْمِثْل. وَأَوْجَبَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ إِلْزَامَ أَهْل السُّوقِ الْمُعَاوَضَةَ بِثَمَنِ الْمِثْل، وَقَال: إِنَّهُ لاَ نِزَاعَ فِيهِ؛ لأَِنَّهُ مَصْلَحَةٌ عَامَّةٌ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى، وَلاَ تَتِمُّ مَصْلَحَةُ النَّاسِ إِلاَّ بِهَا كَالْجِهَادِ. ثُمَّ يَقُول صَاحِبُ مَطَالِبِ أُولِي النُّهَى: وَهُوَ إِلْزَامٌ حَسَنٌ فِي مَبِيعٍ ثَمَنُهُ مَعْلُومٌ بَيْنَ النَّاسِ لاَ يَتَفَاوَتُ كَمَوْزُونٍ وَنَحْوِهِ. (37)
وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ قَوْلاَنِ كَذَلِكَ:
الْقَوْل الأَْوَّل: يَكُونُ التَّسْعِيرُ فِي الْمَكِيل وَالْمَوْزُونِ فَقَطْ طَعَامًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ، وَأَمَّا غَيْرُ الْمَكِيل وَالْمَوْزُونِ فَلاَ يُمْكِنُ تَسْعِيرُهُ لِعَدَمِ التَّمَاثُل فِيهِ، وَهُوَ قَوْل ابْنِ حَبِيبٍ. قَال أَبُو الْوَلِيدِ الْبَاجِيُّ: هَذَا إِذَا كَانَ الْمَكِيل وَالْمَوْزُونُ مُتَسَاوِيَيْنِ، أَمَّا إِذَا اخْتَلَفَا لَمْ يُؤْمَرْ صَاحِبُ الْجَيِّدِ أَنْ يَبِيعَهُ بِمِثْل سِعْرِ مَا هُوَ أَدْوَنُ، لأَِنَّ الْجَوْدَةَ لَهَا حِصَّةٌ مِنَ الثَّمَنِ كَالْمِقْدَارِ.
الْقَوْل الثَّانِي: يَكُونُ التَّسْعِيرُ فِي الْمَأْكُول فَقَطْ وَهُوَ قَوْل ابْنِ عَرَفَةَ (38) .
مَنْ يُسَعَّرُ عَلَيْهِ وَمَنْ لاَ يُسَعَّرُ عَلَيْهِ
19 - مَنْ يُسَعَّرُ عَلَيْهِمْ هُمْ أَهْل الأَْسْوَاقِ.
وَأَمَّا مَنْ لاَ يُسَعَّرُ عَلَيْهِمْ فَهُمْ: أَوَّلاً: الْجَالِبُ:
20 - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَأَكْثَرُ الْمَالِكِيَّةِ، وَهُوَ قَوْلٌ لَدَى الشَّافِعِيَّةِ أَيْضًا إِلَى: أَنَّ الْجَالِبَ لاَ يُسَعَّرُ عَلَيْهِ إِلاَّ إِذَا خِيفَ الْهَلاَكُ عَلَى النَّاسِ، فَيُؤْمَرُ الْجَالِبُ أَنْ يَبِيعَ طَعَامَهُ مِنْ غَيْرِ رِضَاهُ، وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ﵄، وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَسَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَدَمُ جَوَازِ التَّسْعِيرِ عَلَى الْجَالِبِ.
وَقَال ابْنُ حَبِيبٍ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ يُسَعَّرُ عَلَيْهِ فِيمَا عَدَا الْقَمْحَ وَالشَّعِيرَ، وَأَمَّا جَالِبُهُمَا فَيَبِيعُ كَيْفَ شَاءَ (39) .
وَكَذَلِكَ جَالِبُ الزَّيْتِ وَالسَّمْنِ وَاللَّحْمِ وَالْبَقْل وَالْفَوَاكِهِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا يَشْتَرِيهِ أَهْل السُّوقِ مِنَ الْجَالِبِينَ، فَهَذَا أَيْضًا لاَ يُسَعَّرُ عَلَى الْجَالِبِ وَلاَ يُقْصَدُ بِالتَّسْعِيرِ، وَلَكِنَّهُ إِذَا اسْتَقَرَّ أَمْرُ أَهْل السُّوقِ عَلَى سِعْرٍ قِيل لَهُ: إِمَّا أَنْ تَلْحَقَ بِهِ، وَإِلاَّ فَاخْرُجْ (40) .
ثَانِيًا: الْمُحْتَكِرُ:
21 - مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ لاَ يُسَعَّرُ عَلَى الْمُحْتَكِرِ بَل يُؤْمَرُ بِإِخْرَاجِ طَعَامِهِ إِلَى السُّوقِ، وَيَبِيعُ مَا فَضَل عَنْ قُوتِ سَنَةٍ لِعِيَالِهِ كَيْفَ شَاءَ، وَلاَ يُسَعَّرُ عَلَيْهِ، سَوَاءٌ أَكَانُوا تُجَّارًا، أَمْ زُرَّاعًا لأَِنْفُسِهِمْ (41) .
وَقَال مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ: يُجْبَرُ الْمُحْتَكِرُ عَلَى بَيْعِ مَا احْتَكَرَ وَلاَ يُسَعَّرُ عَلَيْهِ، وَيُقَال لَهُ: بِعْ كَمَا يَبِيعُ النَّاسُ، وَبِزِيَادَةٍ يُتَغَابَنُ فِي مِثْلِهَا، وَلاَ أَتْرُكُهُ يَبِيعُ بِأَكْثَرَ (42) .
ثَالِثًا: مَنْ يَبِيعُ فِي غَيْرِ دُكَّانٍ:
22 - قَال صَاحِبُ التَّيْسِيرِ: لاَ يُسَعَّرُ عَلَى مَنْ يَبِيعُ فِي غَيْرِ دُكَّانٍ وَلاَ حَانُوتٍ يَعْرِضُ لِلْخَاصِّ وَالْعَامِّ، وَلاَ عَلَى بَائِعِ الْفَوَاكِهِ وَالذَّبَائِحِ وَجَمِيعِ أَهْل الْحِرَفِ وَالصَّنَائِعِ، وَالْمُتَسَبَّبِينَ مِنْ حَمَّالٍ وَدَلاَّلٍ وَسِمْسَارٍ وَغَيْرِهِمْ، وَلَكِنَّهُ يَنْبَغِي لِلْوَالِي أَنْ يَقْبِضَ مِنْ أَهْل كُل صَنْعَةٍ ضَامِنًا أَمِينًا، وَثِقَةً، وَعَارِفًا بِصَنْعَتِهِ خَبِيرًا بِالْجَيِّدِ وَالرَّدِيءِ مِنْ حِرْفَتِهِ يَحْفَظُ لِجَمَاعَتِهِ مَا يَجِبُ أَنْ يَحْفَظَ مِنْ أُمُورِهِمْ، وَيُجْرِيَ أُمُورَهُمْ عَلَى مَا يَجِبُ أَنْ تَجْرِيَ، وَلاَ يَخْرُجُونَ عَنِ الْعَادَةِ فِيمَا جَرَتْ فِيهِ الْعَادَةُ فِي صَنْعَتِهِمْ (43) .
أَمْرُ الْحَاكِمِ بِخَفْضِ السِّعْرِ وَرَفْعِهِ مُجَارَاةً لأَِغْلَبِ التُّجَّارِ:
23 - قَال الْبَاجِيُّ: السِّعْرُ الَّذِي يُؤْمَرُ مَنْ حَطَّ عَنْهُ أَنْ يَلْحَقَ بِهِ هُوَ السِّعْرُ الَّذِي عَلَيْهِ جُمْهُورُ النَّاسِ، فَإِذَا انْفَرَدَ عَنْهُمُ الْوَاحِدُ أَوِ الْعَدَدُ الْيَسِيرُ بِحَطِّ السِّعْرِ، أُمِرَ مَنْ حَطَّهُ بِاللَّحَاقِ بِسِعْرِ النَّاسِ أَوْ تَرَكَ الْبَيْعَ، وَإِنْ زَادَ فِي السِّعْرِ وَاحِدٌ أَوْ عَدَدٌ يَسِيرٌ لَمْ يُؤْمَرِ الْجُمْهُورُ بِاللَّحَاقِ بِسِعْرِهِ، أَوِ الاِمْتِنَاعِ مِنَ الْبَيْعِ؛ لأَِنَّ مَنْ بَاعَ بِهِ مِنَ الزِّيَادَةِ لَيْسَ بِالسِّعْرِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ، وَلاَ بِمَا تُقَامُ بِهِ الْمَبِيعَاتُ، وَإِنَّمَا يُرَاعِي فِي ذَلِكَ حَال الْجُمْهُورِ وَمُعْظَمَ النَّاسِ (44) .
مُخَالَفَةُ التَّسْعِيرِ
أ - حُكْمُ الْبَيْعِ مَعَ مُخَالَفَةِ التَّسْعِيرِ:
24 - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ، وَالشَّافِعِيَّةُ - فِي الأَْصَحِّ - إِلَى أَنَّ مَنْ خَالَفَ التَّسْعِيرَ صَحَّ بَيْعُهُ؛ إِذْ لَمْ يُعْهَدِ الْحَجْرُ عَلَى الشَّخْصِ فِي مِلْكِهِ أَنْ يَبِيعَ بِثَمَنٍ مُعَيَّنٍ. وَلَكِنْ إِذَا سَعَّرَ الإِْمَامُ وَخَافَ الْبَائِعُ أَنْ يُعَزِّرَهُ الإِْمَامُ لَوْ نَقَصَ عَمَّا سَعَّرَهُ، فَصَرَّحَ الْحَنَفِيَّةُ أَنَّهُ لاَ يَحِل لِلْمُشْتَرِي الشِّرَاءُ بِمَا سَعَّرَهُ الإِْمَامُ؛ لأَِنَّهُ فِي مَعْنَى الْمُكْرِهِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَقُول: بِعْنِي بِمَا تُحِبُّ، لِيَصِحَّ الْبَيْعُ (45) .
وَصِحَّةُ الْبَيْعِ مَعَ مُخَالَفَةِ التَّسْعِيرِ مُتَبَادَرٌ مِنْ كَلاَمِ الْمَالِكِيَّةِ أَيْضًا؛ لأَِنَّهُمْ يَقُولُونَ: وَمَنْ زَادَ فِي سِعْرٍ أَوْ نَقَصَ مِنْهُ أُمِرَ بِإِلْحَاقِهِ بِسِعْرِ النَّاسِ، فَإِنْ أَبَى أُخْرِجَ مِنَ السُّوقِ (46) .
وَمُقَابِل الأَْصَحِّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ بُطْلاَنُ الْبَيْعِ. لَكِنْ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ إِنْ هَدَّدَ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ الْمُخَالِفَ لِلتَّسْعِيرِ بَطَل الْبَيْعُ؛ لأَِنَّهُ صَارَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ لِنَوْعِ مَصْلَحَةٍ؛ وَلأَِنَّ الْوَعِيدَ إِكْرَاهٌ. (47)
ب - عُقُوبَةُ الْمُخَالِفِ:
25 - صَرَّحَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ بِأَنَّ الإِْمَامَ لَهُ أَنْ يُعَزِّرَ مَنْ خَالَفَ التَّسْعِيرَ الَّذِي رَسَمَهُ؛ لِمَا فِيهِ مُجَاهَرَةُ الإِْمَامِ بِالْمُخَالَفَةِ.
وَسُئِل أَبُو حَنِيفَةَ عَنْ مُتَوَلِّي الْحِسْبَةِ إِذَا سَعَّرَ الْبَضَائِعَ بِالْقِيمَةِ، وَتَعَدَّى بَعْضُ السُّوقِيَّةِ، فَبَاعَ بِأَكْثَرَ مِنَ الْقِيمَةِ، هَل لَهُ أَنْ يُعَزِّرَهُ عَلَى ذَلِكَ؟ فَأَجَابَ: إِذَا تَعَدَّى السُّوقِيُّ وَبَاعَ بِأَكْثَرَ مِنَ الْقِيمَةِ يُعَزِّرُهُ عَلَى ذَلِكَ. (48)
وَأَمَّا قَدْرُ التَّعْزِيرِ، وَكَيْفِيَّتُهُ، فَمُفَوَّضٌ إِلَى الإِْمَامِ أَوْ نَائِبِهِ، وَقَدْ يَكُونُ الْحَبْسَ أَوِ الضَّرْبَ، أَوِ الْعُقُوبَةَ الْمَالِيَّةَ، أَوِ الطَّرْدَ مِنَ السُّوقِ وَغَيْرَ ذَلِكَ. (1)
هَذَا كُلُّهُ فِي الْحَالاَتِ الَّتِي يَجُوزُ فِيهَا التَّسْعِيرُ. أَمَّا حَيْثُ لاَ يَجُوزُ التَّسْعِيرُ عِنْدَ مَنْ لاَ يَرَاهُ فَلاَ عُقُوبَةَ عَلَى مُخَالِفِ التَّسْعِيرِ. (2)
__________
(1) المصباح المنير، ومختار الصحاح، والقاموس المحيط، ولسان العرب، وأساس البلاغة مادة: " سعر "، والنظم المستعذب في شرح غريب المهذب 1 / 292 ط مصطفى البابي الحلبي.
(2) مطالب أولي النهى 3 / 62، وأسنى المطالب 2 / 38 ط المكتبة الإسلامية.
(3) التيسير في أحكام التسعير تأليف القاضي أحمد بن سعيد المجيلدي / 41 ط الشركة الوطنية للنشر والتوزيع - الجزائر.
(4) نيل الأوطار 5 / 220 ط المطبعة العثمانية المصرية، ومغني المحتاج 2 / 38 ط مصطفى البابي الحلبي.
(5) أساس البلاغة، والقاموس المحيط، والمصباح المنير مادة: " حكر "، وابن عابدين 5 / 255 ط دار إحياء التراث العربي، والاختيار لتعليل المختار 4 / 160 ط دار المعرفة.
(6) المصباح المنير.
(7) الهداية 4 / 93 ط مصطفى الحلبي، والبدائع 5 / 129 ط دار الكتاب العربي، والجوهرة النيرة 2 / 387 ط مكتبة إمدادية، والزيلعي 6 / 28 ط دار المعرفة، وكشف الحقائق 2 / 237 ط مطبعة الموسوعات، والاختيار 4 / 160 - 161، وابن عابدين 5 / 256، والشرح الصغير 1 / 639، والمواق على هامش مواهب الجليل 4 / 380 ط دار الفكر، والقوانين الفقهية / 260 ط الدار العربية للكتاب، والمنتقى 5 / 18 ط دار الكتاب العربي، والتحفة 2 / 109 ط المطبعة الأميرية بمكة، ونهاية المحتاج 3 / 456، والقليوبي 2 / 186 ط دار إحياء الكتب العربية، وأسنى المطالب 2 / 38، وحاشية الجمل ط دار إحياء التراث العربي، وروضة الطالبين 3 / 411، 412، ومغني المحتاج 2 / 38، ومطالب أولي النهى 3 / 62، وكشاف القناع 4 / 44، والإنصاف 4 / 338 ط مطبعة السنة المحمدية. والمغني 4 / 240، 244.
(8) سورة النساء / 29.
(9) حديث: " لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفسه منه ". أخرجه أحمد (5 / 72 - ط الميمنية) من حديث أبي حرة الرقاشي، وهو حديث صحيح بطرقه. (التلخيص لابن حجر 3 / 46 - 47 ط شركة الطباعة الفنية) . وانظر البدائع 5 / 129 ط دار الكتاب العربي.
(10) حديث أنس: " إن الله هو المسعر القابض. . . " أخرجه أبو داود (3 / 731 - ط عزت عبيد دعاس) وقال ابن حجر: إسناده على شرط مسلم، (التلخيص 3 / 14 - ط شركة الطباعة الفنية) .
(11) ابن عابدين 5 / 256، والاختيار لتعليل المختار 4 / 160، 161، والهداية 4 / 93 ط مصطفى البابي الحلبي، ومواهب الجليل 4 / 380 ط دار الفكر، والقوانين الفقهية / 260، والمنتقى شرح الموطأ 5 / 18 ط دار الكتاب العربي، والقليوبي 2 / 186 ط مطبعة دار إحياء الكتب العربية، وحاشية الجمل 3 / 93 ط دار إحياء التراث العربي، وروضة الطالبين 3 / 411، 412 ط المكتب الإسلامي، ومطالب أولي النهى 3 / 62 ط المكتب الإسلامي بدمشق، والمغني 4 / 241، وسبل السلام 3 / 36 ط مطبعة مصطفى محمد.
(12) المغني 4 / 240، 241، ونيل الأوطار 5 / 220 ط المطبعة العثمانية المصرية.
(13) الهداية 4 / 93، والزيلعي 6 / 28 ط دار المعرفة، والجوهرة النيرة 2 / 387، وكشف الحقائق 2 / 237، ومجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر والدر المنتقى في شرح الملتقى 2 / 548 ط المطبعة العثمانية، والاختيار لتعليل المختار 4 / 161، ونيل الأوطار 5 / 220.
(14) المغني 4 / 240، وشرح الإقناع 3 / 150 ط مطبعة السنة المحمدية.
(15) ابن عابدين 5 / 256، والفتاوى الهندية 3 / 214 ط المطبعة الكبرى الأميرية، والاختيار لتعليل المختار 4 / 161، والهداية 4 / 93، وكشف الحقائق 2 / 237، والزيلعي 6 / 28.
(16) الزيلعي 6 / 28، والعناية، والكفاية المطبوعتان على هامش فتح القدير 8 / 192 ط دار إحياء التراث العربي، وكشف الحقائق 2 / 237، وابن عابدين 5 / 256 نقلا عن الزيلعي.
(17) الهداية 4 / 93، والحسبة في الإسلام لابن تيمية ص 27، 28، 41 ط المطبعة العلمية، والطرق الحكمية / 253، 262، 263 ط مطبعة السنة المحمدية، والمواق المطبوع مع الحطاب 4 / 380.
(18) الحسبة في الإسلام لابن تيمية / 17 و 41 ط المكتبة العلمية، والطرق الحكمية في السياسة الشرعية لابن القيم / 262 ط مطبعة السنة المحمدية.
(19) حديث: " من أعتق شركا له في عبد. . . " أخرجه مسلم (2 / 1139 - ط الحلبي) من حديث ابن عمر ﵄، وهو متفق عليه بألفاظ عدة.
(20) الطرق الحكمية / 259 ط مطبعة السنة المحمدية.
(21) الاختيار 4 / 161، والفتاوى الهندية 3 / 214، وشرح الزرقاني 5 / 4، والمنتقى شرح الموطأ 5 / 17، ونهاية المحتاج 3 / 456 ط مصطفى البابي الحلبي، وكشاف القناع 2 / 36.
(22) الحسبة في الإسلام ص 17، 18.
(23) الحسبة في الإسلام ص 18، 19، والطرق الحكمية ص 245.
(24) المراجع السابقة.
(25) الطرق الحكمية / 247.
(26) سورة المائدة / 2.
(27) الطرق الحكمية ص 247.
(28) الحسبة في الإسلام ص 44، 45، والطرق الحكمية ص 264.
(29) ابن عابدين 5 / 256، والزيلعي 6 / 28، والأحكام السلطانية للماوردي ص 256 ط مصطفى البابي الحلبي، ونيل الأوطار 5 / 220.
(30) المنتقى شرح الموطأ 5 / 19، ومواهب الجليل 4 / 380.
(31) المنتقى شرح الموطأ 5 / 19.
(32) ابن عابدين 5 / 256، والاختيار 4 / 161، والهداية 4 / 93، وكشف الحقائق 2 / 237، والفتاوى الهندية 3 / 214، والمنتقى للباجي 5 / 18، والمواق بهامش الحطاب 4 / 380.
(33) المنتقى 5 / 19.
(34) الطرق الحكمية ص 255.
(35) ابن عابدين 5 / 256، 257، وروضة الطالبين 3 / 411، 412، وأسنى المطالب 2 / 38.
(36) ابن عابدين 5 / 257، والدر المنتقى 2 / 548.
(37) الحسبة في الإسلام ص 17، والطرق الحكمية ص 245، ومطالب أولي النهى 3 / 162.
(38) المنتقى للباجي 5 / 18، 19، والطرق الحكمية ص 257.
(39) الفتاوى الهندية 3 / 214، والمنتقى 5 / 18، والطرق الحكمية / 254، 255، ومواهب الجليل 4 / 380، والمعيار المغرب 5 / 84 ط دار الغرب الإسلامي.
(40) المنتقى 5 / 19.
(41) الزيلعي 6 / 28، والمنتقى للباجي 5 / 17.
(42) الاختيار 4 / 161، والهداية 4 / 93.
(43) كتاب التيسير في أحكام التسعير ص 55، 56.
(44) المنتقى شرح الموطأ 5 / 17.
(45) ابن عابدين 5 / 265، والاختيار 4 / 161، والفتاوى الهندية 3 / 214، والهداية 4 / 93، وأسنى المطالب 2 / 38، ومطالب أولي النهى 3 / 62، ونهاية المحتاج 3 / 473 ط مصطفى البابي، وروضة الطالبين 3 / 411 - 412، ومغني المحتاج 2 / 38 ط مصطفى البابي الحلبي.
(46) القوانين الفقهية ص 260.
(47) أسنى المطالب 2 / 38، ومطالب أولي النهى 3 / 62، وكشاف القناع 3 / 187 ط عالم الكتب.
(48) الفتاوى الأنقروية 1 / 147 ط آستانة، والقوانين الفقهية ص 260، وأسنى المطالب 2 / 38، وروضة الطالبين 3 / 411، 412، والقليوبي 2 / 186، وحاشية الجمل 3 / 93، ومغني المحتاج 2 / 38.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 301/ 11