التَّصَرُّفُ
من معجم المصطلحات الشرعية
مَا يَصْدُرُ عَنِ المكلف بِإِرَادَتِهِ، وَيُرَتِّبُ الشَّرْعُ عَلَيْهِ أَحْكَامًا مُخْتَلِفَةً . ومن أمثلته : تصرف الإنسان في ماله بيعاً، وهبة، وإعارة، أو تبرعاً، ونحوه . يقول تعالى : ﱫﰐ ﰑ ﰒ ﰓ ﰔ ﰕ ﰖ ﰗ ﰘ ﰙ ﰚ ﰛﱪ الحديد : ١١ .
من موسوعة المصطلحات الإسلامية
التعريف اللغوي
التَّصَرُّفُ: طَلَبُ الكَسْبِ، وتَدْبِيرُ الأمْرِ، والاحْتِيالُ، يُقال: صَرَفَ فُلانٌ لِعِيالِه، أي: احْتالَ لهُم، وتَكَسَّبَ لَهُم؛ ومِنْهُ قَوْلُهُم: إنَّهُ لَيَتَصَرَّفُ في الأُمُوْرِ: إذا قام بِتَدبِيرِها. والصَّيْرَفِيُّ: المُحْتالُ المُتَصَرِّفُ في الأُمُورِ المُجَرِّبُ لها. ويأتي التَّصْرِيفُ أيضاً بِمعنى تَحويلِ الشَّيءِ مِن وَجْهٍ إلى آخَر، ومِن حالٍ إلى حالٍ.
إطلاقات المصطلح
يَرِد مُصْطلَح (تَصَرُّف) في عَدَدٍ مِن كُتُبِ الفِقْهِ وأَبْوابِهِ، كما يَرِد أيضاً في عِلْمِ النَّظَرِيَّاتِ الفِقْهِيَّةِ عند الكَلامِ على نَظَرِيَّتَي الالْتِزامِ والعَقْدِ، والفَرْق بَيْنَهُما وبين التَّصَرُّفِ. ويُطلَق في العقيدة ويُراد به: تَدْبِيرُ اللهِ سُبحانَهُ وتَعالى لِلكونِ مِن الإيجادِ والإحْداثِ والتَّأْثِيرِ والتَّسْخِيرِ وغير ذلك وفْقَ حِكمَتِهِ سُبْحانَهُ. كما يُطلَق ويُراد بِه: الأَسْبابُ العادِيَّةُ التي تَقَعُ مِن عُمُومِ الخَلْقِ.
جذر الكلمة
صرف
التعريف
مَا يَصْدُرُ عَنِ المكلف بِإِرَادَتِهِ، وَيُرَتِّبُ الشَّرْعُ عَلَيْهِ أَحْكَامًا مُخْتَلِفَةً.
المراجع
* الفقه الإسلامي وأدلته : (4/2920)
* العين : (7/109)
* تهذيب اللغة : (2/125)، و(12/114)
* المحكم والمحيط الأعظم : (8/302)
* لسان العرب : (9/189)
* تاج العروس : (18/24) -
من الموسوعة الكويتية
التَّعْرِيفُ:
1 - التَّصَرُّفُ لُغَةً: التَّقَلُّبُ فِي الأُْمُورِ وَالسَّعْيُ فِي طَلَبِ الْكَسْبِ (1) . وَأَمَّا فِي الاِصْطِلاَحِ فَلَمْ يَذْكُرِ الْفُقَهَاءُ فِي كُتُبِهِمْ تَعْرِيفًا لِلتَّصَرُّفِ، وَلَكِنْ يُفْهَمُ مِنْ كَلاَمِهِمْ أَنَّ التَّصَرُّفَ هُوَ: مَا يَصْدُرُ عَنِ الشَّخْصِ بِإِِرَادَتِهِ، وَيُرَتِّبُ الشَّرْعُ عَلَيْهِ أَحْكَامًا مُخْتَلِفَةً.
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - الاِلْتِزَامُ:
2 - الاِلْتِزَامُ مَصْدَرُ الْتَزَمَ. وَمَادَّةُ لَزِمَ تَأْتِي فِي اللُّغَةِ بِمَعْنَى: الثُّبُوتِ وَالدَّوَامِ وَالْوُجُوبِ وَالتَّعَلُّقِ بِالشَّيْءِ أَوِ اعْتِنَاقِهِ (2) .
وَفِي الاِصْطِلاَحِ: إِلْزَامُ الشَّخْصِ نَفْسَهُ مَا لَمْ يَكُنْ لاَزِمًا لَهُ، أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا عَلَيْهِ قَبْل (3) فَهُوَ أَعَمُّ مِنَ التَّصَرُّفِ؛ لأَِنَّ التَّصَرُّفَ إِنَّمَا يَكُونُ بِالاِخْتِيَارِ وَالإِِْرَادَةِ.
ب - الْعَقْدُ:
3 - الْعَقْدُ فِي اللُّغَةِ: الضَّمَانُ وَالْعَهْدُ. (4)
وَاصْطِلاَحًا: ارْتِبَاطُ الإِِْيجَابِ بِالْقَبُول الاِلْتِزَامِيِّ، كَعَقْدِ الْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ وَغَيْرِهِمَا عَلَى وَجْهٍ تَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ آثَارُهُ.
وَذَكَرَ الزَّرْكَشِيُّ أَنَّ الْعَقْدَ بِاعْتِبَارِ الاِسْتِقْلاَل بِهِ وَعَدَمِهِ عَلَى ضَرْبَيْنِ: ضَرْبٌ يَنْفَرِدُ بِهِ الْعَاقِدُ، كَالتَّدْبِيرِ وَالنُّذُورِ وَغَيْرِهَا. وَضَرْبٌ لاَ بُدَّ فِيهِ مِنْ مُتَعَاقِدَيْنِ كَالْبَيْعِ وَالإِِْجَارَةِ وَالنِّكَاحِ وَغَيْرِهَا. (5)
الْفَرْقُ بَيْنَ التَّصَرُّفِ وَالاِلْتِزَامِ وَالْعَقْدِ:
4 - يَتَّضِحُ مِمَّا قَالَهُ الْفُقَهَاءُ فِي مَعْنَى الاِلْتِزَامِ وَالْعَقْدِ وَالتَّصَرُّفِ: أَنَّ التَّصَرُّفَ أَعَمُّ مِنَ الْعَقْدِ بِمَعْنَيَيْهِ الْعَامِّ وَالْخَاصِّ؛ لأَِنَّ التَّصَرُّفَ قَدْ يَكُونُ فِي تَصَرُّفٍ لاَ الْتِزَامَ فِيهِ كَالسَّرِقَةِ وَالْغَصْبِ وَنَحْوِهِمَا، وَهُوَ كَذَلِكَ أَعَمُّ مِنَ الاِلْتِزَامِ.
أَنْوَاعُ التَّصَرُّفِ:
5 - التَّصَرُّفُ نَوْعَانِ: تَصَرُّفٌ فِعْلِيٌّ وَتَصَرُّفٌ قَوْلِيٌّ. النَّوْعُ الأَْوَّل: التَّصَرُّفُ الْفِعْلِيُّ:
6 - هُوَ مَا كَانَ مَصْدَرُهُ عَمَلاً فِعْلِيًّا غَيْرَ اللِّسَانِ، بِمَعْنَى أَنَّهُ يَحْصُل بِالأَْفْعَال لاَ بِالأَْقْوَال. وَمِنْ أَمْثِلَتِهِ.
أ - الْغَصْبُ: وَهُوَ فِي اللُّغَةِ: أَخْذُ الشَّيْءِ قَهْرًا وَظُلْمًا. (6) وَاصْطِلاَحًا: أَخْذُ مَالٍ قَهْرًا تَعَدِّيًا بِلاَ حِرَابَةٍ (7) . فَالْغَصْبُ فِعْلٌ وَلَيْسَ قَوْلاً.
ب - قَبْضُ الْبَائِعِ الثَّمَنَ مِنَ الْمُشْتَرِي، وَتَسَلُّمُ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ مِنَ الْبَائِعِ. وَهَكَذَا سَائِرُ التَّصَرُّفَاتِ الَّتِي يَعْتَمِدُ الْمُتَصَرِّفُ فِي مُبَاشَرَتِهَا عَلَى الأَْفْعَال دُونَ الأَْقْوَال.
النَّوْعُ الثَّانِي: التَّصَرُّفُ الْقَوْلِيُّ:
7 - وَهُوَ الَّذِي يَكُونُ مَنْشَؤُهُ اللَّفْظُ دُونَ الْفِعْل، وَيَدْخُل فِيهِ الْكِتَابَةُ وَالإِِْشَارَةُ، وَهُوَ نَوْعَانِ: تَصَرُّفٌ قَوْلِيٌّ عَقْدِيٌّ، وَتَصَرُّفٌ قَوْلِيٌّ غَيْرُ عَقْدِيٍّ.
أ - التَّصَرُّفُ الْقَوْلِيُّ الْعَقْدِيُّ:
8 - وَهُوَ الَّذِي يَتِمُّ بِاتِّفَاقِ إِرَادَتَيْنِ، أَيْ أَنَّهُ يَحْتَاجُ إِِلَى صِيغَةٍ تَصْدُرُ مِنَ الطَّرَفَيْنِ وَتُبَيِّنُ اتِّفَاقَهُمَا عَلَى أَمْرٍ مَا، وَمِثَال هَذَا النَّوْعِ: سَائِرُ الْعُقُودِ الَّتِي لاَ تَتِمُّ إِلاَّ بِوُجُودِ طَرَفَيْنِ أَيِ الْمُوجِبِ وَالْقَابِل، كَالإِِْجَارَةِ وَالْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ وَالْوَكَالَةِ، فَإِِنَّ هَذِهِ الْعُقُودَ لاَ تَتِمُّ إِلاَّ بِرِضَا الطَّرَفَيْنِ.
وَتَفْصِيل ذَلِكَ مَحَلُّهُ الْمُصْطَلَحَاتُ الْخَاصَّةُ بِتِلْكَ الْعُقُودِ.
ب - التَّصَرُّفُ الْقَوْلِيُّ غَيْرُ الْعَقْدِيِّ. وَهُوَ ضَرْبَانِ:
9 - أَحَدُهُمَا: مَا يَتَضَمَّنُ إِرَادَةً إِنْشَائِيَّةً وَعَزِيمَةً مُبْرَمَةً مِنْ صَاحِبِهِ عَلَى إِنْشَاءِ حَقٍّ أَوْ إِنْهَائِهِ أَوْ إِسْقَاطِهِ، وَقَدْ يُسَمَّى هَذَا الضَّرْبُ تَصَرُّفًا عَقْدِيًّا لِمَا فِيهِ مِنَ الْعَزِيمَةِ وَالإِِْرَادَةِ الْمُنْشِئَةِ أَوِ الْمُسْقِطَةِ لِلْحُقُوقِ، وَهَذَا عَلَى قَوْل مَنْ يَرَى أَنَّ الْعَقْدَ بِمَعْنَاهُ الْعَامِّ يَتَنَاوَل الْعُقُودَ الَّتِي تَكُونُ بَيْنَ طَرَفَيْنِ كَالْبَيْعِ وَالإِِْجَارَةِ، وَالْعُقُودَ الَّتِي يَنْفَرِدُ بِهَا الْمُتَصَرِّفُ كَالْوَقْفِ وَالطَّلاَقِ وَالإِِْبْرَاءِ وَالْحَلِفِ وَغَيْرِهَا كَمَا سَبَقَ، وَمِنْ أَمْثِلَتِهِ الْوَقْفُ وَالطَّلاَقُ، وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي الْمُصْطَلَحَاتِ الْخَاصَّةِ بِهِمَا.
10 - الضَّرْبُ الثَّانِي: تَصَرُّفٌ قَوْلِيٌّ لاَ يَتَضَمَّنُ إِرَادَةً مُنْشِئَةً، أَوْ مُنْهِيَةً، أَوْ مُسْقِطَةً لِلْحُقُوقِ، بَل هُوَ صِنْفٌ آخَرُ مِنَ الأَْقْوَال الَّتِي تَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا أَحْكَامٌ شَرْعِيَّةٌ، وَهَذَا الضَّرْبُ تَصَرُّفٌ قَوْلِيٌّ مَحْضٌ لَيْسَ لَهُ شَبَهٌ بِالْعُقُودِ، وَمِنْ أَمْثِلَتِهِ: الدَّعْوَى، وَالإِِْقْرَارُ. وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي الْمُصْطَلَحَاتِ الْخَاصَّةِ بِهِمَا.
11 - هَذَا وَالْعِبْرَةُ فِي تَمَيُّزِ التَّصَرُّفِ الْقَوْلِيِّ عَنِ الْفِعْلِيِّ مَرْجِعُهَا مَوْضُوعُ التَّصَرُّفِ وَصُورَتُهُ،لاَ مَبْنَاهُ الَّذِي بُنِيَ عَلَيْهِ.
12 - وَالتَّصَرُّفُ بِنَوْعَيْهِ الْقَوْلِيِّ وَالْفِعْلِيِّ يَنْدَرِجُ فِيهِ جَمِيعُ أَنْوَاعِ التَّصَرُّفَاتِ، سَوَاءٌ أَكَانَتْ تِلْكَ التَّصَرُّفَاتُ عِبَادَاتٍ كَالصَّلاَةِ وَالزَّكَاةِ وَالصَّوْمِ وَالْحَجِّ.
أَمْ تَمْلِيكَاتٍ وَمُعَاوَضَاتٍ كَالْبَيْعِ، وَالإِِْقَالَةِ، وَالصُّلْحِ وَالْقِسْمَةِ، وَالإِِْجَارَةِ، وَالْمُزَارَعَةِ، وَالْمُسَاقَاةِ، وَالنِّكَاحِ، وَالْخُلْعِ، وَالإِِْجَازَةِ، وَالْقِرَاضِ.
أَمْ تَبَرُّعَاتٍ كَالْوَقْفِ، وَالْهِبَةِ، وَالصَّدَقَةِ، وَالإِِْبْرَاءِ عَنِ الدَّيْنِ.
أَمْ تَقْيِيدَاتٍ كَالْحَجْرِ، وَالرَّجْعَةِ، وَعَزْل الْوَكِيل.
أَمِ الْتِزَامَاتٍ كَالضَّمَانِ، وَالْكَفَالَةِ، وَالْحَوَالَةِ، وَالاِلْتِزَامِ بِبَعْضِ الطَّاعَاتِ.
أَمْ إِسْقَاطَاتٍ كَالطَّلاَقِ، وَالْخُلْعِ، وَالتَّدْبِيرِ، وَالإِِْبْرَاءِ عَنِ الدَّيْنِ.
أَمْ إِطْلاَقَاتٍ كَالإِِْذْنِ لِلْعَبْدِ بِالتِّجَارَةِ، وَالإِِْذْنِ الْمُطْلَقِ لِلْوَكِيل بِالتَّصَرُّفِ.
أَمْ وِلاَيَاتٍ كَالْقَضَاءِ، وَالإِِْمَارَةِ، وَالإِِْمَامَةِ، وَالإِِْيصَاءِ.
أَمْ إِثْبَاتَاتٍ كَالإِِْقْرَارِ، وَالشَّهَادَةِ، وَالْيَمِينِ، وَالرَّهْنِ.
أَمِ اعْتِدَاءَاتٍ عَلَى حُقُوقِ الْغَيْرِ الْمَالِيَّةِ وَغَيْرِهَا كَالْغَصْبِ وَالسَّرِقَةِ.أَمْ جِنَايَاتٍ عَلَى النَّفْسِ وَالأَْطْرَافِ وَالأَْمْوَال أَيْضًا.
لأَِنَّ تِلْكَ التَّصَرُّفَاتِ عَلَى اخْتِلاَفِ أَنْوَاعِهَا لاَ تَخْرُجُ عَنْ كَوْنِهَا أَقْوَالاً أَوْ أَفْعَالاً فَيَكُونُ التَّصَرُّفُ بِنَوْعَيْهِ الْقَوْلِيِّ وَالْفِعْلِيِّ شَامِلاً لَهَا.
هَذَا، وَأَمَّا شُرُوطُ صِحَّةِ التَّصَرُّفِ وَنَفَاذُهُ فَلَيْسَ هَذَا الْبَحْثُ مَحَل ذِكْرِهَا، سَوَاءٌ مَا كَانَ مِنْهَا يَرْجِعُ إِِلَى الْمُتَصَرِّفِ أَمْ إِِلَى نَفْسِ التَّصَرُّفِ؛ لأَِنَّ مَحَل ذِكْرِ تِلْكَ الشُّرُوطِ الْمُصْطَلَحَاتُ الْخَاصَّةُ بِكُلٍّ مِنْ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ.
__________
(1) القاموس المحيط، واللسان، والصحاح، والمصباح المنير مادة " صرف ".
(2) المصباح المنير مادة " لزم ".
(3) تحرير الكلام للحطاب ضمن فتح العلي المالك 1 / 217 دار المعرفة.
(4) القاموس المحيط، والمصباح المنير، والكليات للكفوي مادة " عقد ".
(5) المنثور للزركشي 2 / 397، 398 ط الفليج.
(6) المصباح مادة " غصب ".
(7) جواهر الإكليل 2 / 148 ط دار المعرفة.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 71/ 12