القيوم
كلمةُ (القَيُّوم) في اللغة صيغةُ مبالغة من القِيام، على وزنِ...
أحجار صغيرة بحجم الحِمِّصَة يرمى بها في الحج في موضع معين بمنى . ومن شواهده عن جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ -رَضِيَ اللهُ عَنْه - قال : " رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - رَمَى الْجَمْرَةَ بِمِثْلِ حَصَى الْخَذْفِ ." مسلم :1299.
الـجِمارُ: جَمْعُ جَمْرَةٍ، وهي: الـحَصاةُ والـحَجَرَةُ الصَّغِيرَةُ. وتأْتي الـجِمارُ بِـمعنى مَوْضِعِ رَمْيِ الأَحْجارِ واجْتِماعِها، ومِنْهُ التَّجْمِيرُ، وهو: الاِجْتِماعُ، يُقال: هذا جَمِيرُ القَوْمِ، أيْ: مُجْتَمَعُهُمْ، وأَجْمَرَ القَوْمُ، أي: اجْتَمَعُوا. والاِسْتِجْمارُ: التَّطْهِيرُ بِالـحِجارَةِ، يُقال: اسْتَجْمَرَ الرَّجُلُ، أيْ: أَزالَ النَّجاسَةَ بِالأَحْجارِ.
يُطْلَقُ مُصْطلَحُ (جِمار) في كِتابِ الحَجِّ، باب: صِفَة الحَجِّ، ويُرادُ بِه: حَصَياتٌ صِغارٌ يَرْمِي بِها الحاجُّ أَماكِنَ مَعْلُومَةٍ بِـمِنَى. ويُطْلَقُ في كِتابِ الطَّهارَةِ، باب: آداب الاِسْتِنْجاءِ، ويُرادُ به: الأَحْجارُ الصَّغِيرَةُ.
جـمر
أحجار صغيرة بحجم الحِمِّصَة يرمى بها في الحج في موضع معين بمنى.
* جمهرة اللغة : (1/466)
* النهاية في غريب الحديث والأثر : (1/292)
* المصباح المنير في غريب الشرح الكبير : (1/149)
* طلبة الطلبة في الاصطلاحات الفقهية : (ص 32)
* بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع : (2/137)
* حاشية الدسوقي على الشرح الكبير : (2/50)
* تحرير ألفاظ التنبيه : (ص 36)
* المطلع على ألفاظ المقنع : (ص 235)
* معجم لغة الفقهاء : (ص 165)
* الموسوعة الفقهية الكويتية : (15/275) -
التَّعْرِيفُ:
1 - الْجِمَارُ بِالْكَسْرِ وَالْجَمَرَاتُ جَمْعُ الْجَمْرَةِ، وَمِنْ مَعَانِي الْجَمْرَةِ فِي اللُّغَةِ الْحَصَاةُ، فَالْجِمَارُ الأَْحْجَارُ الصِّغَارُ (1) .
وَفِي الاِصْطِلاَحِ تُطْلَقُ الْجِمَارُ عَلَى مَعَانٍ:
أ - جَمَرَاتُ الْمَنَاسِكِ الثَّلاَثُ الأُْولَى وَالْوُسْطَى وَجَمْرَةُ الْعَقَبَةِ.
وَالْجَمَرَاتُ هِيَ: الْمَوَاضِعُ الَّتِي تُرْمَى بِالْحَصَيَاتِ، وَهِيَ بِمِنًى، وَالأُْولَى مِنْهَا هِيَ الَّتِي تَلِي مَسْجِدَ الْخَيْفِ، وَالْوُسْطَى الَّتِي بَيْنَهَا وَبَيْنَ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ وَالأَْخِيرَةُ جَمْرَةُ الْعَقَبَةِ.
وَهِيَ أَقْرَبُ الثَّلاَثِ إِلَى مَكَّةَ. قَال صَاحِبُ مِرْآةِ الْحَرَمَيْنِ: وَهِيَ - أَيْ فِي زَمَنِهِ حَائِطٌ مِنَ الْحَجَرِ ارْتِفَاعُهُ نَحْوُ ثَلاَثَةِ أَمْتَارٍ فِي عَرْضِ نَحْوِ مِتْرَيْنِ أُقِيمَ عَلَى قِطْعَةٍ مِنْ صَخْرَةٍ مُرْتَفِعَةٍ عَنِ الأَْرْضِ بِنَحْوِ مِتْرٍ وَنِصْفٍ وَمِنْ أَسْفَل هَذَا الْحَائِطِ حَوْضٌ مِنَ الْبِنَاءِ تَسْقُطُ إِلَيْهِ حِجَارَةُ الرَّجْمِ (2) .
وَوَرَدَ فِي شِفَاءِ الْغَرَامِ نَقْلاً عَنِ الأَْزْرَقِيِّ: وَمِنْ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ وَهِيَ أَوَّل الْجِمَارِ مِمَّا يَلِي مَكَّةَ إِلَى الْجَمْرَةِ الْوُسْطَى أَرْبَعُمِائَةِ ذِرَاعٍ وَسَبْعَةٌ وَثَمَانُونَ ذِرَاعًا وَاثْنَا عَشَرَ أُصْبُعًا، وَمِنَ الْجَمْرَةِ الْوُسْطَى إِلَى الْجَمْرَةِ الثَّالِثَةِ وَهِيَ الَّتِي تَلِي مَسْجِدَ مِنًى ثَلاَثُمِائَةِ ذِرَاعٍ وَخَمْسَةُ أَذْرُعٍ، وَمِنَ الَّتِي تَلِي مَسْجِدَ مِنًى إِلَى أَوْسَطِ بَابِ مَسْجِدِ الْخَيْفِ أَلْفُ ذِرَاعِ وَثَلاَثُمِائَةِ ذِرَاعٍ وَوَاحِدٌ وَعِشْرُونَ ذِرَاعًا (3) .
وَقَال فِي مِرْآةِ الْحَرَمَيْنِ: الْمَسَافَةُ الَّتِي بَيْنَ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ وَالْجَمْرَةِ الْوُسْطَى 116. 77 مِتْرًا، وَالَّتِي بَيْنَ الْجَمْرَةِ الأُْولَى وَالْوُسْطَى 156. 40 مِتْرًا.
قَال الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ: وَلَيْسَ لِلْمَرْمَى حَدٌّ مَعْلُومٌ غَيْرَ أَنَّ كُل جَمْرَةٍ عَلَيْهَا عَلَمٌ، وَهُوَ عَمُودٌ مُعَلَّقٌ هُنَاكَ فَيُرْمَى تَحْتَهُ وَحَوْلَهُ وَلاَ يُبْعَدُ عَنْهُ احْتِيَاطًا، وَحَّدَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ بِثَلاَثَةِ أَذْرُعٍ مِنْ سَائِرِ الْجَوَانِبِ إِلاَّ فِي جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ فَلَيْسَ لَهَا إِلاَّ وَجْهٌ وَاحِدٌ لأَِنَّهَا تَحْتَ جَبَلٍ.
وَالْمَقْصُودُ مِنْ رَمْيِ الْجِمَارِ التَّعَبُّدُ لِلَّهِ تَعَالَى وَحْدَهُ بِمَا لاَ حَظَّ لِلنَّفْسِ فِيهِ (4) قَال أَبُو حَامِدٍ الْغَزَالِيُّ ﵀ تَعَالَى فِي بَيَانِ أَسْرَارِ الْحَجِّ مِنَ الإِْحْيَاءِ: وَأَمَّا رَمْيُ الْجِمَارِ فَلْيَقْصِدْ بِهِ الاِنْقِيَادَ لِلأَْمْرِ إِظْهَارًا لِلرِّقِّ وَالْعُبُودِيَّةِ، وَانْتِهَاضًا لِمُجَرَّدِ الاِمْتِثَال مِنْ غَيْرِ حَظٍّ لِلنَّفْسِ وَالْعَقْل فِي ذَلِكَ.
ثُمَّ لْيَقْصِدْ بِهِ التَّشَبُّهَ بِإِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ حَيْثُ عَرَضَ لَهُ إِبْلِيسُ لَعَنَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ لِيُدْخِل عَلَى حَجِّهِ شُبْهَةً أَوْ يَفْتِنَهُ بِمَعْصِيَةٍ، أَمَرَهُ اللَّهُ ﷿ أَنْ يَرْمِيَهُ بِالْحِجَارَةِ طَرْدًا لَهُ وَقَطْعًا لأَِمَلِهِ (5) .
وَرَدَ فِي بَعْضِ الأَْحَادِيثِ أَنَّ إِبْلِيسَ عَرَضَ لَهُ هُنَالِكَ أَيْ وَسْوَسَ لَهُ لِيَشْغَلَهُ عَنْ أَدَاءِ الْمَنَاسِكِ فَكَانَ يَرْمِيهِ كُل مَرَّةٍ فَيَخْنَسَ ثُمَّ يَعُودَ (6) . وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ وَالْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: لَمَّا أَتَى خَلِيل اللَّهِ الْمَنَاسِكَ عَرَضَ لَهُ الشَّيْطَانُ عِنْدَ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ فَرَمَاهُ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ حَتَّى سَاخَ فِي الأَْرْضِ ثُمَّ عَرَضَ لَهُ عِنْدَ الْجَمْرَةِ الثَّانِيَةِ فَرَمَاهُ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ حَتَّى سَاخَ فِي الأَْرْضِ ثُمَّ ذَكَرَ الْجَمْرَةَ الثَّالِثَةَ كَذَلِكَ (7) .
وَرَوَى ابْنُ إِسْحَاقَ أَنَّهُ: لَمَّا فَرَغَ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ بِنَاءِ الْبَيْتِ الْحَرَامِ جَاءَهُ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقَال لَهُ طُفْ بِهِ سَبْعًا، ثُمَّ سَاقَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ أَنَّهُ لَمَّا دَخَل مِنًى وَهَبَطَ مِنَ الْعَقَبَةِ تَمَثَّل لَهُ إِبْلِيسُ عِنْدَ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ فَقَال لَهُ جِبْرِيل: كَبِّرْ وَارْمِهِ سَبْعَ حَصَيَاتٍ، فَرَمَاهُ فَغَابَ عَنْهُ، ثُمَّ بَرَزَ لَهُ عِنْدَ الْجَمْرَةِ الْوُسْطَى، فَقَال لَهُ جِبْرِيل: كَبِّرْ وَارْمِهِ، فَرَمَاهُ إِبْرَاهِيمُ سَبْعَ حَصَيَاتٍ، ثُمَّ بَرَزَ لَهُ عِنْدَ الْجَمْرَةِ السُّفْلَى، فَقَال لَهُ جِبْرِيل: كَبِّرْ وَارْمِهِ، فَرَمَاهُ سَبْعَ حَصَيَاتٍ مِثْل حَصَى الْخَذْفِ، فَغَابَ عَنْهُ إِبْلِيسُ (8) .
ب - الْحَصَيَاتُ الَّتِي يُرْمَى بِهَا فِي مِنًى، وَتُسَمَّى الْحَصَيَاتُ السَّبْعُ جَمْرَةً أَيْضًا، تَسْمِيَةً لِلْكُل بِاسْمِ الْبَعْضِ (9) .
ج - الأَْحْجَارُ الصَّغِيرَةُ الَّتِي يُسْتَنْجَى بِهَا، وَمِنْهُ حَدِيثُ: إِذَا اسْتَجْمَرَ أَحَدُكُمْ فَلْيُوتِرْ (10) .
الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ:
أَوَّلاً - الْجِمَارُ بِمَعْنَى الْحَصَيَاتِ الَّتِي يُرْمَى بِهَا:
2 - رَمْيُ الْجِمَارِ وَاجِبٌ فِي الْحَجِّ بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ، وَيَجِبُ فِي تَرْكِهِ دَمٌ (11) .
وَعَدَدُ الْجِمَارِ سَبْعُونَ: سَبْعَةٌ لِرَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ يَوْمَ النَّحْرِ وَالْبَاقِي لِثَلاَثَةِ أَيَّامِ مِنًى كُل يَوْمٍ ثَلاَثُ جَمَرَاتٍ بِإِحْدَى وَعِشْرِينَ، وَذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَتَعَجَّل، أَمَّا لِلْمُتَعَجِّل فَتِسْعَةٌ وَأَرْبَعُونَ (12) . وَتَفْصِيلُهُ فِي مُصْطَلَحِ: (حَجٌّ، وَرَمْيُ الْجِمَارِ) .
صِفَةُ جِمَارِ الرَّمْيِ:
3 - يُشْتَرَطُ فِي الْجِمَارِ أَنْ تَكُونَ مِنْ حَجَرٍ، وَذَلِكَ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ (الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ) ، فَلاَ يَجُوزُ بِذَهَبٍ، وَفِضَّةٍ، وَحَدِيدٍ، وَرَصَاصٍ، وَخَشَبٍ، وَطِينٍ، وَبَذْرٍ، وَتُرَابٍ، وَلُؤْلُؤٍ، وَإِثْمِدٍ، وَجِصٍّ عِنْدَهُمْ (13) ، لأَِنَّ النَّبِيَّ ﷺ رَمَى بِالْحَصَى وَأَمَرَ بِالرَّمْيِ بِمِثْل حَصَى الْخَذْفِ، فَلاَ يَتَنَاوَل غَيْرَهُ (14) .
وَأَجَازَ الشَّافِعِيَّةُ أَنْ تَكُونَ الْجِمَارُ مِنْ كُل أَنْوَاعِ الْحَجَرِ (15) .
أَمَّا الْحَنَفِيَّةُ فَقَدْ ذَهَبُوا إِلَى أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْجِمَارُ مِنْ كُل مَا كَانَ مِنْ جِنْسِ الأَْرْضِ، كَالْحَجَرِ وَالْمَدَرِ وَالطِّينِ، وَكُل مَا يَجُوزُ التَّيَمُّمُ بِهِ.
وَلاَ يَجُوزُ بِخَشَبٍ وَعَنْبَرٍ وَلُؤْلُؤٍ وَجَوَاهِرَ لأَِنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ جِنْسِ الأَْرْضِ. وَاشْتَرَطَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ فِي الْجِمَارِ أَنْ يَكُونَ رَمْيُهَا بِاسْتِهَانَةٍ، فَلاَ يَجُوزُ عِنْدَهُمْ بِالْفَيْرُوزَجِ وَالْيَاقُوتِ مَعَ أَنَّهُمَا مِنْ جِنْسِ الأَْرْضِ لِعَدَمِ حُصُول الاِسْتِهَانَةِ بِهِمَا (16) .
وَيُجْزِئُ مَعَ الْكَرَاهَةِ الرَّمْيُ بِالْجِمَارِ الْمُتَنَجِّسَةِ، فَإِنْ غَسَلَهَا زَالَتِ النَّجَاسَةُ، وَلاَ يُسْتَحَبُّ غَسْلُهَا إِلاَّ إِذَا كَانَتْ مُتَنَجِّسَةً بِيَقِينٍ (17) .
حَجْمُ الْجِمَارِ:
4 - ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَهُوَ الْمُخْتَارُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ إِلَى أَنَّ الْجَمْرَةَ تَكُونُ مِقْدَارَ الْبَاقِلاَّ، أَيْ قَدْرَ الْفُولَةِ، وَقِيل: قَدْرَ الْحِمَّصَةِ، أَوِ النَّوَاةِ، أَوِ الأُْنْمُلَةِ.
وَهَذَا بَيَانُ الْمَنْدُوبِ، وَيَجُوزُ الرَّمْيُ بِالأَْكْبَرِ مَعَ الْكَرَاهَةِ.
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: تَكُونُ حَصَى الْجِمَارِ أَكْبَرَ مِنَ الْحِمَّصِ وَدُونَ الْبُنْدُقِ، كَحَصَى الْخَذْفِ، فَلاَ يُجْزِئُ صَغِيرٌ جِدًّا وَلاَ كَبِيرٌ. وَالأَْصْل فِيهِ حَدِيثُ مُسْلِمٍ: عَلَيْكُمْ بِحَصَى الْخَذْفِ (18) . مَكَانُ الْتِقَاطِ الْجِمَارِ:
5 - يُسْتَحَبُّ الْتِقَاطُ الْجِمَارِ السَّبْعَةِ لِرَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ مِنْ مُزْدَلِفَةَ، أَوْ مِنَ الطَّرِيقِ، وَمَا عَدَا السَّبْعَةَ لَيْسَ لَهُ مَكَانٌ مَخْصُوصٌ. وَقِيل: يُؤْخَذُ سَبْعُونَ حَصَاةً مِنْ مُزْدَلِفَةَ.
وَلاَ خِلاَفَ فِي جَوَازِ أَخْذِهَا مِنْ حَيْثُ كَانَ، لَكِنَّهُ يُكْرَهُ أَخْذُهَا مِنْ عِنْدِ الْجَمْرَةِ، وَصَرَّحَ الْحَنَابِلَةُ بِأَنَّهُ إِنْ رَمَى بِحَجَرٍ أَخَذَهُ مِنَ الْمَرْمَى لَمْ يَجْزِهِ.
وَيُكْرَهُ كَذَلِكَ الْتِقَاطُهَا مِنْ مَكَانٍ نَجِسٍ، أَوْ أَنْ تَكُونَ مُتَنَجِّسَةً. وَيُكْرَهُ أَيْضًا أَنْ يَلْتَقِطَ حَجَرًا فَيَكْسِرَهُ سَبْعِينَ حَجَرًا صَغِيرًا (19) .
كَيْفِيَّةُ رَمْيِ الْجِمَارِ:
6 - يَرْمِي جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ مِنْ بَطْنِ الْوَادِي سَبْعًا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، فَلَوْ رَمَاهَا دَفْعَةً وَاحِدَةً كَانَتْ عَنْ وَاحِدَةٍ. وَيُكَبِّرُ مَعَ كُل حَصَاةٍ. فَإِذَا كَانَ الْيَوْمُ الثَّانِي مِنْ أَيَّامِ النَّحْرِ رَمَى الْجِمَارَ الثَّلاَثَ بَعْدَ الزَّوَال يَبْتَدِئُ بِالْجَمْرَةِ الأُْولَى الَّتِي تَلِي مَسْجِدَ الْخَيْفِ، وَكَذَلِكَ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ وَالرَّابِعِ إِنْ أَقَامَ. وَإِنْ نَفَرَ إِلَى مَكَّةَ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ سَقَطَ عَنْهُ رَمْيُ الْيَوْمِ الرَّابِعِ (20) . وَتَفْصِيلُهُ فِي مُصْطَلَحِ: حَجٌّ، وَرَمْيُ الْجِمَارِ)
وَيُشْتَرَطُ حُصُول الْجِمَارِ فِي الْمَرْمَى عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ (الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ) وَإِنْ لَمْ يَبْقَ فِيهِ. وَلاَ يُشْتَرَطُ ذَلِكَ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، فَلَوْ وَقَعَتْ عَلَى ظَهْرِ رَجُلٍ أَوْ جَمَلٍ إِنْ وَقَعَتْ بِنَفْسِهَا بِقُرْبِ الْجَمْرَةِ أَجْزَأَ، وَإِلاَّ لَمْ يُجْزِئْ (21) .
وَقْتُ رَمْيِ الْجِمَارِ:
7 - الْوَقْتُ الْمَسْمُوحُ لِرَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ مِنْ طُلُوعِ شَمْسِ يَوْمِ النَّحْرِ إِلَى زَوَالِهَا.
أَمَّا الْجِمَارُ فِي الأَْيَّامِ الثَّلاَثِ الأُْخْرَى فَوَقْتُهَا بَعْدَ الزَّوَال (22) .
وَفِي شُرُوطِ رَمْيِ الْجِمَارِ وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى تَأْخِيرِهَا أَوْ تَرْكِهَا، بَعْضِهَا أَوْ كُلِّهَا تَفْصِيلٌ فِي الْمَذَاهِبِ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ: (حَجٌّ، وَرَمْيُ الْجِمَارِ) .
ثَانِيًا - الْجِمَارُ الَّتِي يُسْتَنْجَى بِهَا:
8 - وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ: مَنِ اسْتَجْمَرَ فَلْيُوتِرْ (23) وَمَعْنَى الاِسْتِجْمَارِ اسْتِعْمَال الْحِجَارَةِ وَنَحْوِهَا فِي إِزَالَةِ مَا عَلَى السَّبِيلَيْنِ مِنَ النَّجَاسَةِ.
وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ الاِسْتِجْمَارَ كَمَا يَكُونُ بِالْحِجَارَةِ يَكُونُ بِكُل جَامِدٍ يَحْصُل بِهِ الإِْنْقَاءُ وَالتَّنْظِيفُ، كَمَدَرٍ وَخِرْقَةٍ وَنَحْوِهِمَا. وَذَهَبُوا إِلَى أَنَّ الاِسْتِنْجَاءَ بِالْمَاءِ أَفْضَل (1) .
وَاتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَفْضَلِيَّةِ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا (2) . وَتَفْصِيل هَذِهِ الْمَسَائِل فِي مُصْطَلَحِ: (اسْتِجْمَارٌ) .
__________
(1) لسان العرب، والمصباح المنير مادة: (جمر) .
(2) مرآة الحرمين 1 / 328.
(3) شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام 1 / 294.
(4) مرآة الحرمين 1 / 48، 138.
(5) إحياء علوم الدين 1 / 277.
(6) حديث: " إن إبليس عرض له هنالك أي وسوس له. . . ". أخرجه أحمد (1 / 283 - 284 / 2795 - ط دار المعارف. وصحح إسناده أحمد شاكر) .
(7) حديث: " لما أتى خليل الله المناسك عرض له الشيطان عند. . . ". أخرجه البيهقي (5 / 153 - 154 - ط دار المعرفة) والحاكم (1 / 466 - ط دار الكتاب العربي) . وقال: حديث صحيح على شرط البخاري. وذهب الذهبي إلى أنه على شرط مسلم.
(8) مرآة الحرمين 1 / 137.
(9) الدسوقي 2 / 50، المقنع ص 198.
(10) حديث: " إذا استجمر أحدكم فليوتر. . . ". أخرجه مسلم (1 / 212 - ط عيسى الحلبي) .
(11) الاختيار 1 / 163، والجمل 2 / 475، 479، وكشاف القناع 2 / 510.
(12) الاختيار 1 / 154، 155، ابن عابدين 2 / 181، والدسوقي 2 / 50، والقليوبي 2 / 117، وكشاف القناع 2 / 499، 509.
(13) حاشية الدسوقي 2 / 50، وحاشية الجمل 2 / 473، وكشاف القناع 2 / 501، والمغني 3 / 426.
(14) حديث: " أن النبي ﷺ رمى بالحصى وأمر بالرمي بمثل حصى الخذف. . . ". أخرجه مسلم (2 / 931 - 932 - ط عيسى الحلبي) .
(15) حاشية الجمل 2 / 473 وما بعدها، والقليوبي 2 / 141.
(16) حاشية ابن عابدين 2 / 180
(17) حاشية ابن عابدين 2 / 181، والشرح الكبير للدردير مع حاشية الدسوقي 2 / 50، وكشاف القناع 2 / 499، والمغني 3 / 426.
(18) ابن عابدين 2 / 179، والدسوقي 2 / 50، وحاشية الجمل 2 / 474، وكشاف القناع 2 / 499. وحديث: " عليكم بحصى الخذف " سبق تخريجه ف / 3.
(19) ابن عابدين 2 / 181، وحاشية الدسوقي 2 / 50، وحاشية القليوبي 2 / 117، وكشاف القناع 2 / 498، والمغني 3 / 326.
(20) الاختيار 2 / 152 - 155، والدسوقي 2 / 50، والجمل 2 / 472، 474، وكشاف القناع 2 / 500، والمغني 3 / 426، 450.
(21) ابن عابدين 2 / 179، الدسوقي 2 / 50، والجمل 2 / 473، كشاف القناع 2 / 500.
(22) ابن عابدين 2 / 181، والاختيار 2 / 155، والدسوقي 2 / 52، والجمل 2 / 468، 474، وكشاف القناع 2 / 508.
(23) حديث: " من استجمر فليوتر " أخرجه البخاري (فتح الباري 1 / 262 - ط السلفية) . ومسلم (1 / 212 - ط عيسى الحلبي) .
الموسوعة الفقهية الكويتية: 275/ 15
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".