البحث

عبارات مقترحة:

الباطن

هو اسمٌ من أسماء الله الحسنى، يدل على صفة (الباطنيَّةِ)؛ أي إنه...

الآخر

(الآخِر) كلمة تدل على الترتيب، وهو اسمٌ من أسماء الله الحسنى،...

الحفيظ

الحفظُ في اللغة هو مراعاةُ الشيء، والاعتناءُ به، و(الحفيظ) اسمٌ...

الْجَنَابَةُ


من معجم المصطلحات الشرعية

حالة إنزال الْمَنِيِّ يقظة، أو مناماً، أو بجماع . وسميت بذلك في الشرع؛ لتسببها في تجنب الصلاة، والمسجد، وقراءة القرآن . ومن شواهده عن عَائِشَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْها - قَالَتْ : " أَشْهَدُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - إِنْ كَانَ لَيُصْبِحُ جُنُبًا مِنْ جِمَاعٍ غَيْرِ احْتِلاَمٍ، ثُمَّ يَصُومُهُ ." البخاري :1931.


انظر : حاشية ابن عابدين، 1/91، المجموع للنووي، 2/175، التوقيف للمناوي، ص : 255.
هذا المصطلح مرادف لـ الحدث الأكبر .

من موسوعة المصطلحات الإسلامية

التعريف

حالة إنزال الْمَنِيِّ يقظة، أو مناماً، أو بجماع. وسميت بذلك لتسببها في تجنب الصلاة، والمسجد، وقراءة القرآن.

من الموسوعة الكويتية

التَّعْرِيفُ:
1 - الْجَنَابَةُ لُغَةً: ضِدُّ الْقُرْبِ وَالْقَرَابَةِ، وَجَنَبَ الشَّيْءَ، وَتَجَنَّبَهُ، وَجَانَبَهُ، وَتَجَانَبَهُ، وَاجْتَنَبَهُ: بَعُدَ عَنْهُ، وَالْجَنَابَةُ فِي الأَْصْل: الْبُعْدُ، وَيُقَال: أَجْنَبَ الرَّجُل وَجَنُبَ - وِزَانُ قَرُبَ - فَهُوَ جُنُبٌ مِنَ الْجَنَابَةِ، قَال الأَْزْهَرِيُّ: إِنَّمَا قِيل لَهُ جُنُبٌ؛ لأَِنَّهُ نُهِيَ أَنْ يَقْرَبَ مَوَاضِعَ الصَّلاَةِ مَا لَمْ يَتَطَهَّرْ، فَتَجَنَّبَهَا وَأَجْنَبَ عَنْهَا، أَيْ تَنَحَّى عَنْهَا، وَقِيل: لِمُجَانَبَتِهِ النَّاسَ مَا لَمْ يَغْتَسِل.
وَالْجُنُبُ يَسْتَوِي فِيهِ الذَّكَرُ وَالأُْنْثَى، وَالْوَاحِدُ، وَالتَّثْنِيَةُ، وَالْجَمْعُ؛ لأَِنَّهُ عَلَى صِيغَةِ الْمَصْدَرِ (1) .
أَمَّا تَعْرِيفُهَا اصْطِلاَحًا فَقَدْ قَال النَّوَوِيُّ: تُطْلَقُ الْجَنَابَةُ فِي الشَّرْعِ عَلَى مَنْ أَنْزَل الْمَنِيَّ، وَعَلَى مَنْ جَامَعَ، وَسُمِّيَ جُنُبًا؛ لأَِنَّهُ يَجْتَنِبُ الصَّلاَةَ وَالْمَسْجِدَ وَالْقِرَاءَةَ وَيَتَبَاعَدُ عَنْهَا (2) ، وَفِي نِهَايَةِ الْمُحْتَاجِ: الْجَنَابَةُ شَرْعًا أَمْرٌ مَعْنَوِيٌّ يَقُومُ بِالْبَدَنِ يَمْنَعُ صِحَّةَ الصَّلاَةِ حَيْثُ لاَ مُرَخِّصَ (3) .

الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - الْحَدَثُ:
2 - الْحَدَثُ لُغَةً: الْحَالَةُ النَّاقِضَةُ لِلطَّهَارَةِ شَرْعًا (4) .
وَاصْطِلاَحًا: الْوَصْفُ الشَّرْعِيُّ الْحُكْمِيُّ الَّذِي يَحِل فِي الأَْعْضَاءِ وَيُزِيل الطَّهَارَةَ، وَقِيل: الأَْسْبَابُ الَّتِي تُوجِبُ الْوُضُوءَ أَوِ الْغُسْل (5) .
فَالْحَدَثُ أَعَمُّ مِنَ الْجَنَابَةِ؛ لأَِنَّهَا تَخْتَصُّ بِمَا يُوجِبُ الْغُسْل. أَمَّا الْحَدَثُ فَيُوجِبُ الْغُسْل أَوِ الْوُضُوءَ.

ب - الْخَبَثُ:
3 - الْخَبَثُ لُغَةً: النَّجَسُ. وَاصْطِلاَحًا: الْعَيْنُ الْمُسْتَقْذَرَةُ شَرْعًا أَيِ النَّجَاسَةُ الْحَقِيقِيَّةُ. فَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجَنَابَةِ أَنَّهَا نَجَاسَةٌ مَعْنَوِيَّةٌ (6) .

ج - النَّجَسُ:
4 - النَّجَسُ: اسْمٌ لِكُل مُسْتَقْذَرٍ، وَالنَّجِسُ ضِدُّ الطَّاهِرِ، وَهُوَ لُغَةً يَعُمُّ الْحَقِيقِيَّ وَالْحُكْمِيَّ، وَعُرْفًا يَخْتَصُّ بِالْحَقِيقِيِّ كَالْخَبَثِ، فَلاَ يُقَال فِي عُرْفِ الشَّارِعِ لِمَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْغُسْل إِنَّهُ نَجَسٌ (7) ، فَبَيْنَهُمَا تَبَايُنٌ.

د - الطَّهَارَةُ:
5 - الطَّهَارَةُ لُغَةً: النَّزَاهَةُ وَالنَّظَافَةُ، وَاصْطِلاَحًا: رَفْعُ مَا يَمْنَعُ الصَّلاَةَ وَمَا فِي مَعْنَاهَا مِنْ حَدَثٍ أَوْ نَجَاسَةٍ بِالْمَاءِ أَوْ بِالصَّعِيدِ الطَّاهِرِ، فَالطَّهَارَةُ ضِدُّ الْجَنَابَةِ (8) .

أَسْبَابُ الْجَنَابَةِ:
لِلْجَنَابَةِ سَبَبَانِ:
6 - أَحَدُهُمَا: غَيْبُوبَةُ الْحَشَفَةِ أَوْ قَدْرِهَا مِنْ مَقْطُوعِهَا فِي قُبُلٍ أَوْ دُبُرِ امْرَأَةٍ أَوْ رَجُلٍ، وَسَوَاءٌ أَحَصَل إِنْزَالٌ أَمْ لَمْ يَحْصُل، وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلْبَالِغِينَ مِنَ الرِّجَال وَالنِّسَاءِ بِاتِّفَاقٍ، قَال الشَّافِعِيُّ: وَالْعَرَبُ تُسَمِّي الْجِمَاعَ - وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ إِنْزَالٌ - جَنَابَةً، وَالْجَنَابَةُ تَحْصُل لِمَنْ وَقَعَ الْوَطْءُ مِنْهُ، أَوْ وَقَعَ عَلَيْهِ.
وَزَادَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ - الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ - أَنَّ الْجَنَابَةَ تَحْصُل بِذَلِكَ وَلَوْ كَانَ الْوَطْءُ لِغَيْرِ مُشْتَهًى كَمَيِّتَةٍ وَبَهِيمَةٍ. وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: لاَ تَحْدُثُ الْجَنَابَةُ بِذَلِكَ إِلاَّ إِذَا كَانَ مَعَ الإِْيلاَجِ إِنْزَالٌ؛ لأَِنَّ الْفِعْل فِي ذَلِكَ لَيْسَ نَظِيرَ الْفِعْل فِي فَرْجِ الإِْنْسَانِ فِي السَّبَبِيَّةِ، وَبِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ الْبَالِغِينَ قَال الشَّافِعِيَّةُ: يَجْنُبُ الصَّغِيرُ بِإِيلاَجِهِ عَلَى الْوَصْفِ السَّابِقِ، وَكَذَا الصَّغِيرَةُ تَجْنُبُ بِالإِْيلاَجِ فِيهَا، وَسَوَاءٌ فِي هَذَا الْمُمَيِّزُ وَغَيْرُهُ، وَكَذَا قَال الْحَنَابِلَةُ، إِلاَّ أَنَّهُمْ قَيَّدُوا ذَلِكَ بِمَا إِذَا كَانَ غَيْرُ الْبَالِغِ مِمَّنْ يُجَامِعُ مِثْلُهُ وَهُوَ ابْنُ عَشْرٍ وَبِنْتُ تِسْعٍ، قَال الإِْمَامُ أَحْمَدُ: إِنْ كَانَ الْوَاطِئُ صَغِيرًا، أَوِ الْمَوْطُوءَةُ صَغِيرَةً وَجَبَ عَلَيْهِمَا الْغُسْل وَقَال: إِذَا أَتَى عَلَى الصَّبِيَّةِ تِسْعُ سِنِينَ وَمِثْلُهَا يُوطَأُ وَجَبَ عَلَيْهَا الْغُسْل، وَسُئِل عَنِ الْغُلاَمِ يُجَامِعُ مِثْلُهُ وَلَمْ يَبْلُغْ فَجَامَعَ الْمَرْأَةَ يَكُونُ عَلَيْهِمَا جَمِيعًا الْغُسْل؟ قَال: نَعَمْ، قِيل لَهُ: أَنْزَل أَوْ لَمْ يُنْزِل؟ قَال: نَعَمْ.
قَال ابْنُ قُدَامَةَ: وَحَمَل الْقَاضِي كَلاَمَ أَحْمَدَ عَلَى الاِسْتِحْبَابِ، وَهُوَ قَوْل أَصْحَابِ الرَّأْيِ وَأَبِي ثَوْرٍ؛ لأَِنَّ الصَّغِيرَةَ لاَ يَتَعَلَّقُ بِهَا الْمَأْثَمُ، وَلاَ هِيَ مِنْ أَهْل التَّكْلِيفِ، وَلاَ تَجِبُ عَلَيْهَا الصَّلاَةُ الَّتِي تَجِبُ الطَّهَارَةُ لَهَا، لَكِنْ قَال ابْنُ قُدَامَةَ: لاَ يَصِحُّ حَمْل كَلاَمِ أَحْمَدَ عَلَى الاِسْتِحْبَابِ لِتَصْرِيحِهِ بِالْوُجُوبِ، وَاحْتَجَّ بِفِعْل عَائِشَةَ ﵂ وَرِوَايَتِهَا لِلْحَدِيثِ الْعَامِّ فِي الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ؛ وَلأَِنَّهَا أَجَابَتْ بِفِعْلِهَا وَفِعْل النَّبِيِّ ﷺ بِقَوْلِهَا: فَعَلْتُهُ أَنَا وَرَسُول اللَّهِ ﷺفَاغْتَسَلْنَا (9) فَكَيْفَ تَكُونُ خَارِجَةً مِنْهُ.
وَبِقَوْل الْحَنَابِلَةِ قَال أَشْهَبُ وَسَحْنُونٌ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ. لَكِنِ الْمُعْتَمَدُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّ الصَّغِيرَ الْمُطِيقَ لاَ يَجْنُبُ بِإِيلاَجِهِ أَوِ الإِْيلاَجِ فِيهِ، وَكَذَا الصَّغِيرَةُ الْمُطِيقَةُ لاَ تَجْنُبُ بِالإِْيلاَجِ فِيهَا، وَيَجْنُبُ الْبَالِغُ بِإِيلاَجِهِ فِي الصَّغِيرَةِ الْمُطِيقَةِ، وَتَجْنُبُ الْبَالِغَةُ بِإِيلاَجِ الصَّغِيرِ فِيهَا إِذَا أَنْزَلَتْ، وَالْقَوْل بِالْغُسْل عَلَى الصَّغِيرِ عِنْدَ مَنْ قَال بِهِ لَيْسَ مَعْنَاهُ التَّأْثِيمَ بِتَرْكِهِ، بَل مَعْنَاهُ أَنَّهُ شَرْطٌ لِصِحَّةِ الصَّلاَةِ وَالطَّوَافِ، وَهَكَذَا. وَلِذَلِكَ لَوْ أَخَّرَهُ لَمْ يَأْثَمْ، وَإِنَّمَا يَبْقَى فِي حَقِّهِ شَرْطًا كَمَا فِي حَقِّ الْكَبِيرِ، حَتَّى إِذَا بَلَغَ قَبْل أَنْ يَغْتَسِل كَانَ حُكْمُ الْحَدَثِ فِي حَقِّهِ بَاقِيًا وَيَلْزَمُهُ الْغُسْل، وَيَسْتَوِي فِي حُصُول الْجَنَابَةِ بِالإِْيلاَجِ أَنْ يَحْدُثَ ذَلِكَ مَعَ نَائِمٍ، أَوْ مَجْنُونٍ، أَوْ مُكْرَهٍ (10) .
أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلْخُنْثَى الْمُشْكِل فَفِيهِ خِلاَفٌ يُنْظَرُ فِي (خُنْثَى مُشْكِلٌ، وَغُسْلٌ) .
7 - الثَّانِي: خُرُوجُ الْمَنِيِّ بِشَهْوَةٍ مِنْ رَجُلٍ أَوِ امْرَأَةٍ، سَوَاءٌ أَكَانَ عَنِ احْتِلاَمٍ أَمِ اسْتِمْنَاءٍ، أَمْ نَظَرٍ، أَمْ فِكْرٍ، أَمْ تَقْبِيلٍ، أَمْ غَيْرِ ذَلِكَ، وَهَذَا بِاتِّفَاقٍ.
وَاشْتِرَاطُ الشَّهْوَةِ لِحُصُول الْجَنَابَةِ هُوَ مَا قَال بِهِ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ، وَلِذَلِكَ لاَ تَحْصُل الْجَنَابَةُ عِنْدَهُمْ بِخُرُوجِهِ لِمَرَضٍ، أَمَّا الشَّافِعِيَّةُ فَإِنَّ الْجَنَابَةَ تَحْصُل عِنْدَهُمْ بِخُرُوجِ الْمَنِيِّ مِنْ مَخْرَجِهِ الْمُعْتَادِ مُطْلَقًا بِشَهْوَةٍ أَوْ غَيْرِهَا.
وَخُرُوجُ الْمَنِيِّ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَرْأَةِ هُوَ بُرُوزُهُ إِلَى مَحَل اسْتِنْجَائِهَا، وَهُوَ مَا يَظْهَرُ مِنْهَا عِنْدَ جُلُوسِهَا لِقَضَاءِ حَاجَتِهَا وَهَذَا مَا قَال بِهِ الْمَالِكِيَّةُ خِلاَفًا لِسَنَدٍ، وَهُوَ قَوْل الشَّافِعِيَّةِ بِالنِّسْبَةِ لِلثَّيِّبِ، وَقَالُوا بِالنِّسْبَةِ لِلْبِكْرِ لَوْ أَنْزَلَتِ الْمَنِيَّ إِلَى فَرْجِهَا لَمْ يَلْزَمْهَا الْغُسْل حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ فَرْجِهَا؛ لأَِنَّ دَاخِل فَرْجِهَا فِي حُكْمِ الْبَاطِنِ، وَلِهَذَا لاَ يَلْزَمُهَا تَطْهِيرُهُ فِي الاِسْتِنْجَاءِ وَالْغُسْل، فَأَشْبَهَ إِحْلِيل الذَّكَرِ. وَلَمْ يُفَرِّقِ الْحَنَفِيَّةُ بَيْنَ بِكْرٍ وَثَيِّبٍ بَل هِيَ تَجْنُبُ عِنْدَهُمْ وَلَوْ لَمْ يَصِل الْمَنِيُّ إِلَى ظَاهِرِ فَرْجِهَا.
قَالُوا: لأَِنَّ لَهُ دَاخِلاً وَخَارِجًا وَالْخَارِجُ مِنْهُمَا لَهُ حُكْمُ الظَّاهِرِ.

وَمَنْ أَحَسَّ بِانْتِقَال الْمَنِيِّ عِنْدَ الشَّهْوَةِ فَأَمْسَكَ ذَكَرَهُ فَلَمْ يَخْرُجِ الْمَنِيُّ فَلاَ يُعْتَبَرُ جُنُبًا عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْل الْخِرَقِيِّ مِنَ الْحَنَابِلَةِ وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ، وَالْمَشْهُورُ عِنْدَ أَحْمَدَ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ جُنُبًا وَيَجِبُ عَلَيْهِ الْغُسْل، وَأَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ الْمَاءُ يَرْجِعُ، وَلَمْ يَذْكُرِ الْقَاضِي خِلاَفًا فِي وُجُوبِ الْغُسْل قَال: لأَِنَّ الْجَنَابَةَ تُبَاعِدُ الْمَاءَ عَنْمَحَلِّهِ، وَقَدْ وُجِدَ، فَتَكُونُ الْجَنَابَةُ مَوْجُودَةً فَيَجِبُ الْغُسْل بِهَا؛ وَلأَِنَّ الْغُسْل تُرَاعَى فِيهِ الشَّهْوَةُ وَقَدْ حَصَلَتْ بِانْتِقَالِهِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ ظَهَرَ.
وَاسْتَدَل ابْنُ قُدَامَةَ عَلَى عَدَمِ وُجُودِ الْجَنَابَةِ لِعَدَمِ خُرُوجِ الْمَنِيِّ، بِأَنَّ النَّبِيَّ ﷺ عَلَّقَ الاِغْتِسَال عَلَى الرُّؤْيَةِ وَفَضْخِهِ بِقَوْلِهِ: إِذَا رَأَتِ الْمَاءَ (11) وَإِذَا فَضَخْتَ الْمَاءَ فَاغْتَسِل (12) فَلاَ يَثْبُتُ الْحُكْمُ بِدُونِهِ، وَلاَ يَجُوزُ أَنْ يُسَمَّى جُنُبًا لِمُجَانَبَتِهِ الْمَاءَ، وَلاَ يَحْصُل إِلاَّ بِخُرُوجِهِ مِنْهُ. وَكَلاَمُ أَحْمَدَ إِنَّمَا يَدُل عَلَى أَنَّ الْمَاءَ إِذَا انْتَقَل لَزِمَ مِنْهُ الْخُرُوجُ وَإِنَّمَا يَتَأَخَّرُ.
وَيُعْتَبَرُ جُنُبًا مَنِ انْتَقَل مَنِيُّهُ مِنْ مَحَلِّهِ بِشَهْوَةٍ وَخَرَجَ لاَ عَنْ شَهْوَةٍ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ خِلاَفًا لأَِبِي يُوسُفَ؛ إِذْ الْمُعْتَبَرُ عِنْدَهُ هُوَ الاِنْفِصَال مَعَ الْخُرُوجِ عَنْ شَهْوَةٍ (13) .

مَا تَرْتَفِعُ بِهِ الْجَنَابَةُ:
8 - سَبَقَ بَيَانُ أَنَّ الْجَنَابَةَ تَكُونُ بِالْجِمَاعِ وَلَوْ بِدُونِ إِنْزَالٍ أَوْ بِخُرُوجِ الْمَنِيِّ مِنْ غَيْرِ جِمَاعٍ عَلَى التَّفْصِيل السَّابِقِ، وَتَرْتَفِعُ الْجَنَابَةُ بِمَا يَأْتِي:
أ - بِالْغُسْل، وَالدَّلِيل عَلَى وُجُوبِ الْغُسْل مِنَ الْجِمَاعِ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ إِنْزَالٍ قَوْل النَّبِيِّ ﷺ: إِذَا جَلَسَ بَيْنَ شُعَبِهَا الأَْرْبَعِ وَمَسَّ الْخِتَانُ الْخِتَانَ فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْل مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَزَادَ مُسْلِمٌ (14) : وَإِنْ لَمْ يُنْزِل.
وَالْمُرَادُ بِالْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ تَغْيِيبُ الْحَشَفَةِ فِي الْفَرْجِ، وَهَذَا بِاتِّفَاقِ الْمَذَاهِبِ الأَْرْبَعَةِ، قَال النَّوَوِيُّ: وَبِهَذَا قَال جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ، وَكَانَ الْحُكْمُ عَلَى خِلاَفِ ذَلِكَ فَنُسِخَ كَمَا قَال النَّوَوِيُّ وَابْنُ قُدَامَةَ، وَالآْثَارُ الَّتِي رُوِيَتْ عَنِ الصَّحَابَةِ قَالُوهَا قَبْل أَنْ يَبْلُغَهُمُ النَّسْخُ، قَال سَهْل بْنُ سَعْدٍ السَّاعِدِيُّ حَدَّثَنِي أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ أَنَّ الْمَاءَ مِنَ الْمَاءِ (15)
كَانَ رُخْصَةً أَرْخَصَ فِيهَا رَسُول اللَّهِ ﷺ ثُمَّ نَهَى عَنْهَا (16) .
وَيُنْظَرُ تَفْصِيل ذَلِكَ فِي (غُسْلٌ) .
وَالدَّلِيل عَلَى وُجُوبِ الْغُسْل بِنُزُول الْمَنِيِّ مِنْ غَيْرِ جِمَاعٍ مَا رَوَتْهُ أُمُّ سَلَمَةَ ﵂ قَالَتْ: جَاءَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ امْرَأَةُ أَبِي طَلْحَةَ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَتْ: يَا رَسُول اللَّهِ: إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ هَل عَلَى الْمَرْأَةِ مِنْ غُسْلٍ إِذَا هِيَ احْتَلَمَتْ. قَال: نَعَمْ إِذَا رَأَتِ الْمَاءَ (17) .

9 - ب - التَّيَمُّمُ: اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي أَنَّ التَّيَمُّمَ هَل هُوَ رَافِعٌ لِلْجَنَابَةِ، أَوْ غَيْرُ رَافِعٍ لَهَا؟ وَمَعَ اخْتِلاَفِ الْفُقَهَاءِ فِي ذَلِكَ إِلاَّ أَنَّهُمْ مُتَّفِقُونَ فِي الْجُمْلَةِ عَلَى أَنَّ التَّيَمُّمَ يُبَاحُ بِهِ مَا يُبَاحُ بِالْغُسْل مِنَ الْجَنَابَةِ.
فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَبَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ وَبَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ وَابْنُ تَيْمِيَّةَ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ وَاخْتَارَهَا ابْنُ الْجَوْزِيِّ إِلَى أَنَّ التَّيَمُّمَ يَرْفَعُ الْحَدَثَ؛ لأَِنَّهُ بَدَلٌ مُطْلَقٌ عَنِ الْمَاءِ، وَلِقَوْل النَّبِيِّ ﷺ: إِنَّ الصَّعِيدَ الطَّيِّبَ طَهُورُ الْمُسْلِمِ وَإِنْ لَمْ يَجِدِ الْمَاءَ عَشْرَ سِنِينَ، فَإِذَا وَجَدَ الْمَاءَ فَلْيُمِسَّهُ بَشَرَتَهُ فَإِنَّ ذَلِكَ خَيْرٌ (18) فَقَدْ سَمَّى التَّيَمُّمَ وُضُوءًا، وَالْوُضُوءُ مُزِيلٌ لِلْحَدَثِ، وَقَال ﷺ: جُعِلَتْ لِيَ الأَْرْضُ طَهُورًا وَمَسْجِدًا (19) ، وَالطَّهُورُ اسْمٌ لِلْمُطَهِّرِ فَدَل عَلَى أَنَّ الْحَدَثَ يَزُول بِالتَّيَمُّمِ، إِلاَّ أَنَّ زَوَالَهُ مُؤَقَّتٌ إِلَى غَايَةِ وُجُودِ الْمَاءِ، فَإِذَا وَجَدَ الْمَاءَ يَعُودُ الْحَدَثُ السَّابِقُ، وَلَكِنْ فِي الْمُسْتَقْبَل لاَ فِي الْمَاضِي، فَلَمْ يَظْهَرْ فِي حَقِّ الصَّلاَةِ الْمُؤَدَّاةِ، وَلِهَذَا يَجُوزُ التَّيَمُّمُ قَبْل دُخُول الْوَقْتِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَقَال الْقَرَافِيُّ: الْحَدَثُ هُوَ الْمَنْعُ الشَّرْعِيُّ مِنَ الصَّلاَةِ، وَهَذَا الْحَدَثُ الَّذِي هُوَ الْمَنْعُ مُتَعَلِّقٌ بِالْمُكَلَّفِ، وَهُوَ بِالتَّيَمُّمِ قَدْ أُبِيحَتْ لَهُ الصَّلاَةُ إِجْمَاعًا وَارْتَفَعَ الْمَنْعُ إِجْمَاعًا؛ لأَِنَّهُ لاَ مَنْعَ مَعَ الإِْبَاحَةِ فَإِنَّهُمَا ضِدَّانِ وَالضِّدَّانِ لاَ يَجْتَمِعَانِ، وَإِذَا كَانَتِ الإِْبَاحَةُ ثَابِتَةً قَطْعًا، وَالْمَنْعُ مُرْتَفِعٌ قَطْعًا كَانَ التَّيَمُّمُ رَافِعًا لِلْحَدَثِ قَطْعًا.
وَالْمَشْهُورُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالصَّحِيحُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ - غَيْرِ مَنْ ذُكِرَ - أَنَّ التَّيَمُّمَ لاَ يَرْفَعُ الْحَدَثَ؛ لأَِنَّهُ بَدَلٌ ضَرُورِيٌّ، أَوْ طَهَارَةُ ضَرُورَةٍ، وَلِمَا رَوَى عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ أَنَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ صَلَّى ثُمَّ رَأَى رَجُلاً مُعْتَزِلاً لَمْ يُصَل مَعَ الْقَوْمِ فَقَال: يَا فُلاَنُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تُصَلِّيَ مَعَ الْقَوْمِ؟ فَقَال: يَا رَسُول اللَّهِ أَصَابَتْنِي جَنَابَةٌ وَلاَ مَاءَ فَقَال: عَلَيْكَ بِالصَّعِيدِ فَإِنَّهُ يَكْفِيَكَ، فَلَمَّا حَضَرَ الْمَاءُ أَعْطَى النَّبِيُّ ﷺ هَذَا الرَّجُل إِنَاءً مِنْ مَاءٍ فَقَال: اغْتَسِل بِهِ. (20)
وَحَدِيثُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ حِينَ تَيَمَّمَ وَهُوَ جُنُبٌ وَصَلَّى بِالنَّاسِ فَقَال لَهُ النَّبِيُّ ﷺ: صَلَّيْتَ بِأَصْحَابِكَ وَأَنْتَ جُنُبٌ. (21)
وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ ﵁ أَنَّهُ كَانَ يَعْزُبُ فِي الإِْبِل وَتُصِيبُهُ الْجَنَابَةُ فَأَخْبَرَ النَّبِيَّ ﷺ فَقَال لَهُ: إِنَّ الصَّعِيدَ الطَّيِّبَ طَهُورُ الْمُسْلِمِ وَإِنْ لَمْ يَجِدِ الْمَاءَ عَشْرَ سِنِينَ فَإِذَا وَجَدَ الْمَاءَ فَلْيُمِسُّهُ بَشَرَتَهُ (22) . قَال النَّوَوِيُّ: وَكُلُّهَا أَحَادِيثُ صِحَاحٌ ظَاهِرَةٌ فِي أَنَّ الْحَدَثَ مَا ارْتَفَعَ، إِذْ لَوِ ارْتَفَعَ لَمْ يَحْتَجْ إِلَى الاِغْتِسَال (23) .

مَا يَحْرُمُ فِعْلُهُ بِسَبَبِ الْجَنَابَةِ:
10 - يَحْرُمُ عَلَى الْجُنُبِ الصَّلاَةُ سَوَاءٌ أَكَانَتْ فَرْضًا أَمْ نَفْلاً؛ لأَِنَّ الطَّهَارَةَ شَرْطُ صِحَّةِ الصَّلاَةِ وَلِقَوْل النَّبِيِّ ﷺ: لاَ تُقْبَل صَلاَةٌ بِغَيْرِ طُهُورٍ. (24)
وَهَذَا بِاتِّفَاقٍ. وَيَشْمَل ذَلِكَ سَجْدَةَ التِّلاَوَةِ وَصَلاَةَ الْجِنَازَةِ (25) .
11 - وَيَحْرُمُ كَذَلِكَ الطَّوَافَ فَرْضًا كَانَ أَوْ نَفْلاً؛ لأَِنَّهُ فِي مَعْنَى الصَّلاَةِ لِقَوْل النَّبِيِّ ﷺ: الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ صَلاَةٌ إِلاَّ أَنَّ اللَّهَ أَحَل لَكُمْ فِيهِ الْكَلاَمَ (26) وَلِذَلِكَ لاَ يَصِحُّ الطَّوَافُ مِمَّنْ كَانَ جُنُبًا، وَهَذَا عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، أَمَّا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ فَإِنَّ طَوَافَ الْجُنُبِ صَحِيحٌ وَلَكِنْ عَلَيْهِ بَدَنَةٌ؛ لأَِنَّ الطَّهَارَةَ فِي الطَّوَافِ عِنْدَهُمْ لَيْسَتْ شَرْطًا وَإِنَّمَا هِيَ وَاجِبَةٌ، وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَال: الْبَدَنَةُ تَجِبُ فِي الْحَجِّ فِي مَوْضِعَيْنِ: إِذَا طَافَ جُنُبًا، وَالثَّانِي: إِذَا جَامَعَ بَعْدَ الْوُقُوفِ (27) . 12 - وَيَحْرُمُ عَلَى الْجُنُبِ مَسُّ الْمُصْحَفِ بِيَدِهِ أَوْ بِشَيْءٍ مِنْ جَسَدِهِ، سَوَاءٌ أَكَانَ مُصْحَفًا جَامِعًا لِلْقُرْآنِ، أَمْ كَانَ جُزْءًا أَمْ وَرَقًا مَكْتُوبًا فِيهِ بَعْضُ السُّوَرِ، وَكَذَا مَسُّ جِلْدِهِ الْمُتَّصِل بِهِ، وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لاَ يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ (28) } وَفِي كِتَابِ النَّبِيِّ ﷺ لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ: أَنْ لاَ يَمَسَّ الْقُرْآنَ إِلاَّ طَاهِرٌ (29) .
13 - وَيَحْرُمُ عَلَى الْجُنُبِ كَذَلِكَ حَمْل الْقُرْآنِ إِلاَّ إِذَا كَانَ بِأَمْتِعَةٍ، وَالأَْمْتِعَةُ هِيَ الْمَقْصُودَةُ، أَوْ كَانَ حَمْلُهُ لِضَرُورَةٍ، كَخَوْفٍ عَلَيْهِ مِنْ نَجَاسَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ.
وَأَجَازَ الْحَنَابِلَةُ حَمْلَهُ بِعَلاَّقَةٍ، قَال ابْنُ قُدَامَةَ: يَجُوزُ حَمْل الْمُصْحَفِ بِعَلاَّقَتِهِ وَهَذَا قَوْل أَبِي حَنِيفَةَ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ الْحَسَنِ وَعَطَاءٍ وَطَاوُسٍ وَالشَّعْبِيِّ وَالْقَاسِمِ وَأَبِي وَائِلٍ وَالْحَكَمِ وَحَمَّادٍ؛ لأَِنَّهُ غَيْرُ مَاسٍّ لَهُ كَمَا لَوْ حَمَلَهُ فِي رَحْلِهِ.
14 - وَيَحْرُمُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ مَسُّ كُتُبِ التَّفْسِيرِ؛ لأَِنَّهُ يَصِيرُ بِمَسِّهَا مَاسًّا لِلْقُرْآنِ، وَهُوَ قَوْل ابْنِ عَرَفَةَ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ، وَالْعِبْرَةُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ بِالْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ، فَإِنْ كَانَ الْقُرْآنُ أَكْثَرَ كَبَعْضِ كُتُبِ غَرِيبِ الْقُرْآنِ حَرُمَ مَسُّهُ، وَإِنْ كَانَ التَّفْسِيرُ أَكْثَرَ لاَ يَحْرُمُ مَسُّهُ فِي الأَْصَحِّ.
وَأَجَازَ ذَلِكَ الْمَالِكِيَّةُ - غَيْرَ ابْنِ عَرَفَةَ - وَالْحَنَابِلَةُ لأَِنَّهُ لاَ يَقَعُ عَلَيْهَا اسْمُ مُصْحَفٍ.
15 - وَيَحْرُمُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَفِي وَجْهٍ لِلشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ مَسُّ الدَّرَاهِمِ الَّتِي عَلَيْهَا شَيْءٌ مِنَ الْقُرْآنِ؛ لأَِنَّ الدَّرَاهِمَ كَالْوَرَقَةِ الَّتِي كُتِبَ فِيهَا قُرْآنٌ، وَكَرِهَ ذَلِكَ عَطَاءٌ وَالْقَاسِمُ وَالشَّعْبِيُّ، وَأَجَازَ ذَلِكَ الْمَالِكِيَّةُ، وَهُوَ الأَْصَحُّ مِنْ وَجْهَيْنِ مَشْهُورَيْنِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَفِي وَجْهٍ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ؛ لأَِنَّهُ لاَ يَقَعُ عَلَيْهَا اسْمُ الْمُصْحَفِ فَأَشْبَهَتْ كُتُبَ الْفِقْهِ؛ وَلأَِنَّ فِي الاِحْتِرَازِ مِنْ ذَلِكَ مَشَقَّةً، وَالْحَاجَةُ تَدْعُو إِلَى ذَلِكَ، وَالْبَلْوَى تَعُمُّ، فَعُفِيَ عَنْهُ.
16 - وَيَحْرُمُ عَلَى الْجُنُبِ أَنْ يَكْتُبَ الْقُرْآنَ، وَذَلِكَ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، وَهُوَ وَجْهٌ مَشْهُورٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَقَال مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ: أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ لاَ يَكْتُبَ؛ لأَِنَّ كِتَابَةَ الْحُرُوفِ تَجْرِي مَجْرَى الْقِرَاءَةِ (30) .
17 - وَيَحْرُمُ عَلَى الْجُنُبِ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ عِنْدَ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ لِمَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ لاَ يَحْجِزُهُ شَيْءٌ عَنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ إِلاَّ الْجَنَابَةُ (31) وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ﵄ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَال: لاَ تَقْرَأُ الْحَائِضُ وَلاَ الْجُنُبُ شَيْئًا مِنَ الْقُرْآنِ (32) .
وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْجُنُبِ قِرَاءَةُ كُل الْقُرْآنِ. قَال الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُمَا: اخْتَارَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَيَجُوزُ عِنْدَ الْجَمِيعِ تِلاَوَةُ مَا لَمْ يُقْصَدْ بِهِ الْقُرْآنُ كَالأَْدْعِيَةِ وَالذِّكْرِ الْبَحْتِ (33) .
18 - وَيَحْرُمُ عَلَى الْجُنُبِ دُخُول الْمَسْجِدِ وَاللُّبْثُ فِيهِ، وَأَجَازَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَبَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ عُبُورَهُ، لِلاِسْتِثْنَاءِ الْوَارِدِ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَلاَ جُنُبًا إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ (34) } . وَمَنَعَ الْحَنَفِيَّةُ وَهُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ الْعُبُورَ إِلاَّ بِالتَّيَمُّمِ (35) .
19 - وَيَحْرُمُ الاِعْتِكَافُ لِلْجُنُبِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: { وَلاَ جُنُبًا إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ} وَقَدْ سَبَقَ تَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (اعْتِكَافٌ)

مَا يُسْتَحَبُّ وَمَا يُبَاحُ لِلْجُنُبِ:
20 - يُبَاحُ لِلْجُنُبِ الذِّكْرُ وَالتَّسْبِيحُ وَالدُّعَاءُ (36) لِمَا رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ عَائِشَةَ ﵂ قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَذْكُرُ اللَّهَ عَلَى كُل أَحْيَانِهِ (37) .
21 - يُسْتَحَبُّ لِلْجُنُبِ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ أَوْ يَأْكُل أَوْ يَشْرَبَ أَوْ يَطَأَ ثَانِيًا أَنْ يَغْسِل فَرْجَهُ وَيَتَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلاَةِ، وَذَلِكَ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَهُوَ قَوْلٌ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ: لِمَا رَوَى مُسْلِمٌ: كَانَ رَسُول اللَّهِ ﷺ إِذَا كَانَ جُنُبًا فَأَرَادَ أَنْ يَأْكُل أَوْ يَنَامَ تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ (38) . وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ﵁ قَال: قَال رَسُول اللَّهِ ﷺ: إِذَا أَتَى أَحَدُكُمْ أَهْلَهُ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَعُودَ فَلْيَتَوَضَّأْ بَيْنَهُمَا وُضُوءًا رَوَاهُ مُسْلِمٌ (39) .
وَفِي الْقَوْل الثَّانِي لِلْمَالِكِيَّةِ: أَنَّ الْوُضُوءَ لِلنَّوْمِ أَوْ لِمُعَاوَدَةِ الأَْهْل وَاجِبٌ؛ لأَِنَّ الْجُنُبَ مَأْمُورٌ بِالْوُضُوءِ قَبْل النَّوْمِ، فَهَل الأَْمْرُ لِلإِْيجَابِ أَوْ لِلنَّدْبِ؟ قَوْلاَنِ (40) .
وَأَجَازَ الْحَنَفِيَّةُ لِلْجُنُبِ إِذَا أَرَادَ النَّوْمَ أَوْ مُعَاوَدَةَ الأَْهْل الْوُضُوءَ وَعَدَمَهُ، قَال الْكَاسَانِيُّ: لاَ بَأْسَ لِلْجُنُبِ أَنْ يَنَامَ وَيُعَاوِدَ أَهْلَهُ؛ لِمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ ﵁ قَال: يَا رَسُول اللَّهِ أَيَنَامُ أَحَدُنَا وَهُوَ جُنُبٌ؟ قَال: نَعَمْ (41) ، وَيَتَوَضَّأُ وُضُوءَهُ لِلصَّلاَةِ، وَلَهُ أَنْ يَنَامَ قَبْل أَنْ يَتَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلاَةِ؛ لِمَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ ﵂ قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَنَامُ وَهُوَ جُنُبٌ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَمَسَّ مَاءً (42) وَلأَِنَّ الْوُضُوءَ لَيْسَ بِقُرْبَةٍ بِنَفْسِهِ وَإِنَّمَا هُوَ لأَِدَاءِ الصَّلاَةِ، وَلَيْسَ فِي النَّوْمِ ذَلِكَ - وَهُوَ قَوْل ابْنِ الْمُسَيِّبِ.
لَكِنِ اسْتَحَبَّ الْحَنَفِيَّةُ بِالنِّسْبَةِ لِلأَْكْل وَالشُّرْبِ لِمَنْ كَانَ جُنُبًا أَنْ يَتَمَضْمَضَ وَيَغْسِل يَدَيْهِ، وَهُوَ قَوْل ابْنِ الْمُسَيِّبِ، وَحُكِيَ ذَلِكَ عَنِ الإِْمَامِ أَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ، وَقَال مُجَاهِدٌ: يَغْسِل كَفَّيْهِ (43) . 22 - يَصِحُّ مِنْ الْجُنُبِ أَدَاءُ الصَّوْمِ بِأَنْ يُصْبِحَ صَائِمًا قَبْل أَنْ يَغْتَسِل (44) فَإِنَّ عَائِشَةَ وَأُمَّ سَلَمَةَ قَالَتَا: نَشْهَدُ عَلَى رَسُول اللَّهِ ﷺ أِنْ كَانَ لِيُصْبِحُ جُنُبًا مِنْ غَيْرِ احْتِلاَمٍ ثُمَّ يَغْتَسِل ثُمَّ يَصُومُ (45) .
23 - يَصِحُّ أَذَانُ الْجُنُبِ مَعَ الْكَرَاهَةِ وَهَذَا فِي الْجُمْلَةِ، وَقَدْ سَبَقَ تَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (أَذَانٌ) .
24 - تَجُوزُ خُطْبَةُ الْجُمُعَةِ مِمَّنْ كَانَ جُنُبًا مَعَ الْكَرَاهَةِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَهُوَ قَوْل الإِْمَامِ أَحْمَدَ، وَفِي الْقَدِيمِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ؛ لأَِنَّ الطَّهَارَةَ فِي خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ سُنَّةٌ عِنْدَ هَؤُلاَءِ وَلَيْسَتْ شَرْطًا؛ وَلأَِنَّهَا مِنْ بَابِ الذِّكْرِ، وَالْجُنُبُ لاَ يُمْنَعُ مِنَ الذِّكْرِ، فَإِنْ خَطَبَ جُنُبًا وَاسْتَخْلَفَ فِي الصَّلاَةِ أَجْزَأَهُ، كَمَا يَقُول الْمَالِكِيَّةُ، وَقَال الإِْمَامُ أَحْمَدُ فِيمَنْ خَطَبَ وَهُوَ جُنُبٌ ثُمَّ اغْتَسَل وَصَلَّى بِهِمْ أَجْزَأَهُ، وَفِي الْجَدِيدِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَهُوَ الأَْشْبَهُ بِأُصُول مَذْهَبِ الْحَنَابِلَةِ، كَمَا قَال ابْنُ قُدَامَةَ أَنَّ الطَّهَارَةَ مِنَ الْجَنَابَةِ شَرْطٌ فَلاَ تَصِحُّ الْخُطْبَةُ بِدُونِهَا (46) . وَيُنْظَرُ تَفْصِيل ذَلِكَ فِي: (صَلاَةُ الْجُمُعَةِ، خُطْبَةٌ) .

أَثَرُ الْجَنَابَةِ فِي الصَّوْمِ:
25 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الْجَنَابَةَ إِذَا كَانَتْ بِالْجِمَاعِ عَمْدًا فِي نَهَارِ رَمَضَانَ فَإِنَّهَا تُفْسِدُ الصَّوْمَ، وَتَجِبُ الْكَفَّارَةُ، وَكَذَلِكَ الْقَضَاءُ، إِلاَّ فِي قَوْلٍ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ لاَ يَجِبُ الْقَضَاءُ مَعَ الْكَفَّارَةِ؛ لأَِنَّ الْخَلَل الْحَاصِل قَدِ انْجَبَرَ بِالْكَفَّارَةِ، وَفِي قَوْلٍ آخَرَ لِلشَّافِعِيَّةِ أَنَّ الْقَضَاءَ لاَ يَسْقُطُ إِلاَّ إِنْ كَفَّرَ بِالصَّوْمِ، وَلَكِنِ الأَْصَحُّ عِنْدَهُمْ أَنَّ الْقَضَاءَ وَاجِبٌ مَعَ الْكَفَّارَةِ.
وَالدَّلِيل عَلَى وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ مَا رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قَال: بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَال يَا رَسُول اللَّهِ هَلَكْتُ، قَال: مَا لَكَ؟ قَال: وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِي وَأَنَا صَائِمٌ.
فَقَال رَسُول اللَّهِ ﷺ: هَل تَجِدُ رَقَبَةً تَعْتِقُهَا؟ قَال لاَ. قَال فَهَل تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ؟ قَال لاَ. قَال: فَهَل تَجِدُ إِطْعَامَ سِتِّينَ مِسْكِينًا؟ قَال لاَ. قَال فَمَكَثَ النَّبِيُّ ﷺ فَبَيْنَا نَحْنُ عَلَى ذَلِكَ أُتِيَ النَّبِيُّ ﷺ بِعِرْقٍ فِيهَا تَمْرٌ - وَالْعِرْقُ: الْمِكْتَل - قَال: أَيْنَ السَّائِل؟ فَقَال أَنَا. قَال: خُذْ هَذَا فَتَصَدَّقْ بِهِ. فَقَال الرَّجُل: عَلَى أَفْقَرَ مِنِّي يَا رَسُول اللَّهِ؟ فَوَاللَّهِ مَا بَيْنَ لاَبَتَيْهَا - يُرِيدُ الْحَرَّتَيْنِ - أَهْل بَيْتٍ أَفْقَرُ مِنْ أَهْل بَيْتِي. فَضَحِكَالنَّبِيُّ ﷺ حَتَّى بَدَتْ أَنْيَابُهُ ثُمَّ قَال: أَطْعِمْهُ أَهْلَكَ (47) .
وَالْكَفَّارَةُ فِيمَا سَبَقَ إِنَّمَا تَجِبُ إِذَا كَانَ الْجِمَاعُ عَمْدًا، فَإِنْ كَانَ نِسْيَانًا فَلاَ تَجِبُ الْكَفَّارَةُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ، وَفِي قَوْلٍ عَنِ الإِْمَامِ أَحْمَدَ لَكِنْ ظَاهِرُ مَذْهَبِ الْحَنَابِلَةِ أَنَّ الْعَمْدَ وَالنِّسْيَانَ سَوَاءٌ فِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ وَالْقَضَاءِ، كَمَا أَنَّهُ لاَ يَجِبُ الْقَضَاءُ بِالنِّسْيَانِ أَيْضًا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَفِي قَوْلٍ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، قَال الْحَنَفِيَّةُ: عَدَمُ وُجُوبِ الْقَضَاءِ اسْتِحْسَانٌ؛ لأَِنَّهُ لَمْ يُفْطِرْ، وَالْقِيَاسُ وُجُوبُ الْقَضَاءِ. وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَهُوَ الْقَوْل الآْخَرُ لِلْحَنَابِلَةِ يَجِبُ الْقَضَاءُ. وَلاَ تَجِبُ الْكَفَّارَةُ بِالْجِمَاعِ عَمْدًا فِي صَوْمِ غَيْرِ رَمَضَانَ وَهَذَا بِاتِّفَاقٍ (48) .
26 - أَمَّا إِذَا كَانَتِ الْجَنَابَةُ بِالإِْنْزَال بِغَيْرِ جِمَاعٍ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ. فَإِنْ كَانَ عَنِ احْتِلاَمٍ فَلاَ يَفْسُدُ الصَّوْمُ بِالإِْجْمَاعِ لِقَوْل النَّبِيِّ ﷺ: ثَلاَثٌ لاَ يُفْطِرْنَ الصَّائِمَ: الْحِجَامَةُ، وَالْقَيْءُ وَالاِحْتِلاَمُ (49) . وَلأَِنَّهُ لاَ صُنْعَ لَهُ فِيهِ، وَإِنْ كَانَتِ الْجَنَابَةُ بِالإِْنْزَال عَنْ تَعَمُّدٍ بِمُبَاشَرَةٍ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ، أَوْ قُبْلَةٍ، أَوْ لَمْسٍ بِشَهْوَةٍ، أَوِ اسْتِمْنَاءٍ فَسَدَ الصَّوْمُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَعَامَّةِ مَشَايِخِ الْحَنَفِيَّةِ، وَبِفَسَادِ الصَّوْمِ يَجِبُ الْقَضَاءُ دُونَ الْكَفَّارَةِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ، وَظَاهِرُ مَذْهَبِ الْحَنَابِلَةِ، وَمُقَابِل الْمُعْتَمَدِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، وَالْمُعْتَمَدُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وُجُوبُ الْكَفَّارَةِ مَعَ الْقَضَاءِ، وَهُوَ قَوْلٌ لِلإِْمَامِ أَحْمَدَ، وَالرَّجُل وَالْمَرْأَةُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ.
أَمَّا الْجَنَابَةُ الَّتِي تَكُونُ بِالإِْنْزَال عَنْ نَظَرٍ أَوْ فِكْرٍ فَلاَ تُفْسِدُ الصَّوْمَ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ لِقَوْل النَّبِيِّ ﷺ: إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لأُِمَّتِي عَمَّا وَسْوَسَتْ أَوْ حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا مَا لَمْ تَعْمَل بِهِ أَوْ تَتَكَلَّمْ (50) .
وَفِي قَوْلٍ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: إِنْ كَرَّرَ النَّظَرَ فَأَنْزَل فَسَدَ صَوْمُهُ، وَهُوَ قَوْل الإِْمَامِ أَحْمَدَ، وَفِي قَوْلٍ آخَرَ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: إِنِ اعْتَادَ الإِْنْزَال بِالنَّظَرِ فَسَدَ صَوْمُهُ، وَحُكِيَ عَنْ أَبِي حَفْصٍ الْبَرْمَكِيِّ مِنَ الْحَنَابِلَةِ أَنَّهُ لَوْ فَكَّرَ فَأَنْزَل فَسَدَ صَوْمُهُ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ.
وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ إِنْ دَاوَمَ الْفِكْرَ أَوِ النَّظَرَ فَأَنْزَل فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ، وَإِنْ كَانَتْ عَادَتُهُ عَدَمَ الإِْنْزَال فَأَنْزَل فَسَدَ صَوْمُهُ، وَفِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ وَعَدَمِهَا قَوْلاَنِ، وَإِنْ لَمْ يُدِمِ النَّظَرَ أَوِ الْفِكْرَ فَأَنْزَل فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ فَقَطْ، إِلاَّ إِذَا كَانَتْ عَادَتُهُ الإِْنْزَال فَقَوْلاَنِ فِي الْكَفَّارَةِ وَعَدَمِهَا (51) .

أَثَرُ الْجَنَابَةِ فِي الْحَجِّ:
27 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الْجَنَابَةَ إِذَا كَانَتْ بِجِمَاعٍ فَإِنْ كَانَتْ قَبْل الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ فَسَدَ الْحَجُّ وَعَلَيْهِ الْمُضِيُّ فِيهِ وَالْقَضَاءُ، وَعَلَيْهِ بَدَنَةٌ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَشَاةٌ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ.
وَيَسْتَوِي فِي هَذَا الرَّجُل وَالْمَرْأَةُ، وَالْعَمْدُ وَالنِّسْيَانُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَفِي الْقَدِيمِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَفِي الْجَدِيدِ لاَ يَفْسُدُ بِالْجِمَاعِ نِسْيَانًا.
وَإِنْ كَانَتِ الْجَنَابَةُ بِالْجِمَاعِ بَعْدَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ فَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ لاَ يَفْسُدُ الْحَجُّ وَعَلَيْهِ بَدَنَةٌ؛ لِقَوْل النَّبِيِّ ﷺ: الْحَجُّ عَرَفَةَ (52) فَمَنْ وَقَفَ بِعَرَفَةَ فَقَدْ تَمَّ حَجُّهُ.
وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ فِي الْجُمْلَةِ، إِنْ كَانَتِ الْجَنَابَةُ بِالْجِمَاعِ بَعْدَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَقَبْل التَّحَلُّل الأَْوَّل فَسَدَ الْحَجُّ وَيَجِبُ الْمُضِيُّ فِيهِ وَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ مَعَ وُجُوبِ بَدَنَةٍ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ وَشَاةٍ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَإِنْ كَانَتِ الْجَنَابَةُ بَعْدَ التَّحَلُّل الأَْوَّل لَمْ يَفْسُدِ الْحَجُّ عِنْدَهُمَا وَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ، قِيل بَدَنَةٌ وَقِيل شَاةٌ.
وَلاَ يَفْسُدُ الْحَجُّ بِالْجَنَابَةِ بِغَيْرِ الْجِمَاعِ كَأَنْ كَانَ بِمُبَاشَرَةٍ أَوْ قُبْلَةٍ أَوْ لَمْسٍ، وَسَوَاءٌ أَكَانَتِ الْجَنَابَةُ بِذَلِكَ قَبْل الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ أَمْ بَعْدَهُ مَعَ وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ عَلَى الْخِلاَفِ هَل هِيَ بَدَنَةٌ أَوْ شَاةٌ، وَهَذَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَقَدْ فَصَّل الْمَالِكِيَّةُ الْقَوْل فَقَالُوا: إِنَّ الْحَجَّ يَفْسُدُ بِالْجَنَابَةِ بِالْجِمَاعِ وَمُقَدِّمَاتِهِ سَوَاءٌ أَكَانَ ذَلِكَ عَمْدًا أَمْ سَهْوًا وَذَلِكَ إِنْ وَقَعَتِ الْجَنَابَةُ عَلَى الْوَجْهِ الآْتِي.
أ - إِذَا كَانَتْ قَبْل الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ.
ب - إِذَا كَانَتْ فِي يَوْمِ النَّحْرِ (أَيْ بَعْدَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ) . وَلَكِنْ قَبْل رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ وَقَبْل الطَّوَافِ. وَلاَ يَفْسُدُ الْحَجُّ إِنْ وَقَعَ الْجِمَاعُ أَوْ مُقَدِّمَاتُهُ يَوْمَ النَّحْرِ بَعْدَ رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ أَوْ بَعْدَ الطَّوَافِ.
أَوْ وَقَعَ الْجِمَاعُ أَوْ مُقَدِّمَاتُهُ بَعْدَ يَوْمِ النَّحْرِ وَلَوْ قَبْل الطَّوَافِ وَالرَّمْيِ وَعَلَيْهِ الْهَدْيُ. وَإِذَا فَسَدَ الْحَجُّ عَلَيْهِ الْمُضِيُّ فِيهِ وَالْقَضَاءُ.
وَالْعُمْرَةُ تَفْسُدُ بِمَا سَبَقَ بَيَانُهُ فِي الْمَذَاهِبِ قَبْل التَّحَلُّل مِنْهَا عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ قَبْل أَنْ يَطُوفَ أَرْبَعَةَ أَشْوَاطٍ، فَإِنْ كَانَتْ الْجَنَابَةُ بَعْدَ طَوَافِ أَرْبَعَةِ أَشْوَاطٍ فَلاَ تَفْسُدُ وَعَلَيْهِ شَاةٌ (53) .
وَفِي كُل مَا سَبَقَ تَفْصِيلاَتٌ كَثِيرَةٌ تُنْظَرُ فِي (حَجٌّ، عُمْرَةٌ، إِحْرَامٌ) .
__________
(1) لسان العرب والمصباح المنير، ومختار الصحاح، والكليات 2 / 176 مادة: (جنب) والهداية 1 / 16.
(2) المجموع 2 / 159 تحقيق المطيعي.
(3) نهاية المحتاج 1 / 196.
(4) المصباح المنير مادة: (حدث)
(5) ابن عابدين 1 / 58، والدسوقي 1 / 32، ومغني المحتاج 1 / 17، وكشاف القناع 1 / 28.
(6) ابن عابدين 1 / 57، وجواهر الإكليل 1 / 5، والمغني لابن قدامة 1 / 168.
(7) ابن عابدين 1 / 205، والحطاب 1 / 45، ومغني المحتاج 1 / 17، كشاف القناع 1 / 28.
(8) ابن عابدين 1 / 57، والحطاب 1 / 43، وأسنى المطالب 1 / 4، والمطلع على أبواب المقنع ص 7.
(9) قول عائشة ﵂: " فعلته أنا ورسول الله ﷺ فاغتسلنا " أخرجه الترمذي (1 / 181 - ط الحلبي) وصححه ابن حبان (2 / 245 - الإحسان - ط دار الكتب العلمية) .
(10) البدائع 1 / 36 - 37، ومنح الجليل 1 / 72 - 73، والشرح الصغير 1 / 62 - 63 ط الحلبي، ومغني المحتاج 1 / 69، والمجموع شرح المهذب 2 / 134 إلى 139 تحقيق المطيعي وشرح منتهى الإرادات 1 / 75، والمغني 1 / 204 - 205 - 206.
(11) حديث: " إذا رأت الماء. . . " أخرجه البخاري (الفتح 1 / 388 - ط السلفية) ومسلم (1 / 251 - ط الحلبي) .
(12) حديث: " إذا فضخت الماء فاغتسل " أخرجه أبو داود (1 / 142 - تحقيق عزت عبيد دعاس) وصححه ابن حبان (2 / 218 - ط دار الكتب العلمية) .
(13) البدائع 1 / 36 - 37، والهداية 1 / 16، ومنح الجليل 1 / 71 - 72 والمجموع 2 / 141 - 142، والمغني 1 / 199 - 200.
(14) قول النبي ﷺ: " إذا جلس بين شعبها الأربع. . . " أخرجه البخاري (الفتح 1 / 395 - ط السلفية) ومسلم (1 / 2271 - ط الحلبي) واللفظ لمسلم.
(15) حديث " الماء من الماء " أخرجه مسلم (1 / 269 ـ ط الحلبي)
(16) البدائع 1 / 36 - 37، ومنح الجليل 1 / 71 - 72، والمجموع 2 / 137 إلى 141، ومغني المحتاج 1 / 69 - 70، والمغني 1 / 199 إلى 204، وشرح منتهى الإرادات 1 / 74 - 75.
(17) حديث: " إذا رأت الماء. . . . " أخرجه البخاري (الفتح 1 / 388 - ط السلفية) مسلم (1 / 251 - ط الحلبي) .
(18) حديث: " إن الصعيد الطيب طهور المسلم وإن لم يجد الماء عشر سنين، فإذا وجد الماء فليمسه بشرته فإن ذلك خير " أخرجه الترمذي (1 / 212 - ط الحلبي) والحاكم (1 / 176 - 177 - ط دائرة المعارف العثمانية) من حديث أبي ذر، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.
(19) حديث: " جعلت لي الأرض طهورا ومسجدا " أخرجه مسلم (1 / 371 - ط الحلبي) من حديث أبي هريرة.
(20) حديث: " أعطى النبي ﷺ هذا الرجل إناء من ماء فقال اغتسل به. " أخرجه البخاري (الفتح 1 / 447 - 448 - ط السلفية) ومسلم (1 / 475 - ط السلفية) .
(21) حديث: " صليت بأصحابك. . . . " أخرجه أبو داود (1 / 238 - تحقيق عزت عبيد دعاس) عن عمرو بن العاص. وقواه ابن حجر في الفتح (1 / 454 - ط السلفية) .
(22) حديث: " الصعيد الطيب طهور المسلم. . . " سبق تخريجه ف / 9.
(23) البدائع 1 / 44 - 45، 55، والفروق للقرافي 2 / 114، 116، الفرق الثاني والثمانون، ومنح الجليل 1 / 86 إلى 89، ومغني المحتاج 1 / 97 - 98، والمجموع 2 / 210، 223، والاختيارات الفقهية لابن تيمية ص 22، والمغني 1 / 252.
(24) حديث: " لا تقبل صلاة بغير طهور " أخرجه مسلم (1 / 204 - ط الحلبي) من حديث عبد الله بن عمر.
(25) البدائع 1 / 33، 37، وجواهر الإكليل 1 / 21، 23، ومغني المحتاج 1 / 36، 71، والمجموع 2 / 68، 69، وشرح منتهى الإرادات 1 / 72، 83
(26) حديث: " الطواف بالبيت صلاة إلا أن الله أحل لكم فيه الكلام " أخرجه الترمذي (3 / 284 - ط الحلبي) والحاكم (1 / 459 - ط دائرة المعارف العثمانية) من حديث عبد الله بن عباس. واللفظ للحاكم، وصححه ووافقه الذهبي.
(27) البدائع 2 / 129، والاختيار 1 / 163، وجواهر الإكليل 1 / 21، 23، ومغني المحتاج 1 / 36، 71، والمجموع 2 / 159، وشرح المنتهى 1 / 72، 83.
(28) سورة الواقعة / 79.
(29) حديث: " لا يمس القرآن إلا طاهر " أخرجه الحاكم (1 / 397 - ط دائرة المعارف العثمانية) ثم أورد له شاهدا من حديث حكيم بن حزام (3 / 485) وصححه ووافقه الذهبي.
(30) البدائع 1 / 33، 37، 38، ومنح الجليل 1 / 70 - 71، 78 - 79، والشرح الصغير 1 / 57، 67 ط الحلبي، ومغني المحتاج 1 / 36 - 37، 72، والمجموع شرح المهذب 2 / 69 - 73، 159 - 162، والمغني 1 / 143 - 144، 147 - 148.
(31) حديث: " كان لا يحجزه شيء من قراءة القرآن إلا الجنابة " أخرجه أحمد (1 / 84 - ط الميمنية) من حديث علي بن أبي طالب، والنووي في المجموع (2 / 159 - ط المنيرية) ، وقال الحفاظ المحققون: هو حديث ضعيف.
(32) حديث: " لا تقرأ الحائض ولا الجنب شيئا من القرآن " أخرجه الترمذي (1 / 236 - ط الحلبي) من حديث عبد الله بن عمر، وضعفه ابن حجر في التلخيص (1 / 138 - ط شركة الطباعة الفنية) .
(33) المراجع السابقة.
(34) سورة النساء / 43.
(35) الاختيار 1 / 13، ومنهج الجليل 1 / 78 - 79، ومغني المحتاج 1 / 71 ومنتهى الإردات 1 / 77.
(36) الاختيار 1 / 13، ومغني المحتاج 1 / 71، وكشاف القناع 1 / 147 - 148.
(37) حديث: " كان النبي ﷺ يذكر الله على كل أحيانه " أخرجه مسلم (1 / 282 - ط الحلبي) من حديث عائشة.
(38) حديث: " كان إذا كان جنبا فأراد أن يأكل أو ينام توضأ وضوءه " أخرجه مسلم (1 / 248 - ط الحلبي) .
(39) حديث: " إذا أتى أحدكم أهله ثم أراد أن يعود فليتوضأ بينهما وضوءا " أخرجه مسلم (1 / 249 - ط الحلبي) .
(40) المجموع 2 / 160، والمغني 1 / 229، ومنح الجليل 1 / 78.
(41) حديث عمر: " أينام أحدنا وهو جنب؟ قال: نعم، إذا توضأ أحدكم فليرقد وهو جنب " أخرجه البخاري (الفتح 1 / 392 - ط السلفية) .
(42) حديث: " كان ينام وهو جنب من غير أن يمس ماء " أخرجه الترمذي (1 / 202 - ط الحلبي) وأعله ابن حجر في التلخيص (1 / 140 - ط شركة الطباعة الفنية) .
(43) البدائع 1 / 38، والمغني 1 / 229.
(44) البدائع 1 / 38، والمغني 3 / 109، والمهذب 1 / 188 - 189، وجواهر الإكليل 1 / 152 - 153.
(45) حديث: " أن عائشة وأم سلمة قالتا: نشهد على رسول الله ﷺ إن كان ليصبح جنبا من غير احتلام ثم يغتسل ثم يصوم " أخرجه البخاري (الفتح 4 / 153 - ط السلفية) .
(46) البدائع 1 / 263، والشرح الصغير 1 / 182، والمهذب 1 / 118، والمغني 2 / 307.
(47) حديث: أبي هريرة: " بينما نحن جلوس عند النبي ﷺ إذ جاءه رجل. . . " أخرجه البخاري (الفتح 4 / 163 - ط السلفية) .
(48) الاختيار 1 / 131، والهداية 1 / 122، والبدائع 2 / 90 - 98، وجواهر الإكليل 1 / 150، والشرح الصغير 1 / 248، - 249 ط الحلبي، ومغني المحتاج 1 / 442 - 444، والمهذب 1 / 190، والمغني 3 / 120 - 121، وشرح منتهى الإرادات 1 / 451 - 452.
(49) حديث: " ثلاث لا يفطرن الصائم الحجامة والقيء والاحتلام " أخرجه الترمذي (3 / 88 - ط الحلبي) من حديث أبي سعيد الخدري، وضعفه ابن حجر في التلخيص (2 / 194 - ط شركة الطباعة الفنية) .
(50) حديث: " إن الله تجاوز لأمتي عما وسوست أو حدثت به أنفسها ما لم تعمل به أو تكلم " أخرجه البخاري (الفتح 11 / 549 - ط السلفية) ومسلم (1 / 116 - ط الحلبي) من حديث أبي هريرة.
(51) البدائع 2 / 91 - 93 - 94، والزيلعي 1 / 323، والاختيار 1 / 131 - 132، والهداية 1 / 122 - 123، ومنح الجليل 1 / 402 - 403، والشرح الصغير 1 / 249، وجواهر الإكليل 1 / 150، والمهذب 1 / 189 - 190، ومغني المحتاج 1 / 430 - 443 - 448 - 449، وشرح منتهى الإرادات 1 / 451 - 452، والمغني 3 / 111 - 112 - 113 - 114 - 115 - 116 - 124.
(52) حديث: " الحج عرفة " أخرجه أبو داود (2 / 486 - تحقيق عزت عبيد دعاس) والحاكم (1 / 464 - ط دائرة المعارف العثمانية) من حديث عبد الرحمن بن يعمر الديلمي، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.
(53) الاختيار 1 / 164، والهداية 1 / 164 - 165، والبدائع 2 / 195، 216 - 217، وجواهر الإكليل 1 / 192، والشرح الصغير 1 / 291 - 292 ط الحلبي، ومغني المحتاج 1 / 522 - 523، والمهذب 1 / 220 - 222 - 223، وشرح منتهى الإرادات 2 / 31 - 32، 37، والمغني 3 / 334 وما بعدها

الموسوعة الفقهية الكويتية: 47/ 16