الرحمن
هذا تعريف باسم الله (الرحمن)، وفيه معناه في اللغة والاصطلاح،...
منطقة جغرافية في غربي المملكة العربية السعودية، تحجز بين سهول تهامة، وهضبة نجد، وفيها مكة المكرمة، والمدينة المنورة . ومن أمثلته منع سكنى غير المسلمين فيها؛ لحديث : " أخرجوا المشركين من جزيرة العرب ." البخاري : 2888.
منطقة جغرافية في غربي المملكة العربية السعودية، تحجز بين سهول تهامة، وهضبة نجد، وفيها مكة المكرمة، والمدينة المنورة.
التَّعْرِيفُ:
1 - الْحِجَازُ لُغَةً مِنَ الْحَجْزِ، وَهُوَ الْفَصْل بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ. قَال الأَْزْهَرِيُّ: الْحَجْزُ أَنْ يَحْجِزَ بَيْنَ مُتَقَاتِلَيْنِ، وَالْحِجَازُ الاِسْمُ وَكَذَا الْحَاجِزُ، قَال اللَّهُ تَعَالَى: {وَجَعَل بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا} (1) أَيْ حِجَازًا بَيْنَ مَاءٍ مِلْحٍ وَمَاءٍ عَذْبٍ لاَ يَخْتَلِطَانِ، وَذَلِكَ الْحِجَازُ قُدْرَةُ اللَّهِ (2) .
وَيُقَال لِلْجِبَال أَيْضًا حِجَازٌ، أَيْ لأَِنَّهَا تَحْجِزُ بَيْنَ أَرْضٍ وَأَرْضٍ.
وَالْحِجَازُ الْبَلَدُ الْمَعْرُوفُ، سُمِّيَ بِذَلِكَ مِنَ الْحَجْزِ الَّذِي هُوَ الْفَصْل بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ، قِيل: لأَِنَّهُ فَصَل بَيْنَ الْغَوْرِ (أَيْ تِهَامَةَ) وَالشَّامِ وَالْبَادِيَةِ.
وَقِيل: لأَِنَّهُ فَصَل بَيْنَ تِهَامَةَ وَنَجْدٍ. وَقَال الأَْزْهَرِيُّ: سُمِّيَ حِجَازًا لأَِنَّ الْحِرَارَ حَجَزَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَالِيَةِ نَجْدٍ (3) . وَقَدِ اخْتَلَفَتْ عِبَارَاتُ اللُّغَوِيِّينَ فِي بَيَانِ مَا يَدْخُل تَحْتَ اسْمِ الْحِجَازِ وَبَيَانِ حُدُودِهِ، فَقَال يَاقُوتٌ الْحَمَوِيُّ: الْحِجَازُ الْجَبَل الْمُمْتَدُّ الَّذِي حَال بَيْنَ الْغَوْرِ، غَوْرِ تِهَامَةَ، وَنَجْدٍ، ثُمَّ نَقَل عَنْ الأَْصْمَعِيِّ الْحِجَازُ مِنْ تُخُومِ صَنْعَاءَ مِنْ الْعَبْلاَءِ وَتَبَالَةَ إِلَى تُخُومِ الشَّامِ. وَقَرِيبٌ مِنْهُ قَوْل هِشَامٍ الْكَلْبِيِّ إِنَّ جَبَل السَّرَاةِ مِنْ قُعْرَةِ الْيَمَنِ إِلَى أَطْرَافِ بَوَادِي الشَّامِ سَمَّتْهُ الْعَرَبُ حِجَازًا، فَصَارَ مَا خَلْفَهُ إِلَى سَيْفِ الْبَحْرِ غَوْرَ تِهَامَةَ، وَمَا دُونَهُ فِي شَرْقِيِّهِ إِلَى أَطْرَافِ الْعِرَاقِ وَالسَّمَاوَةِ نَجْدًا. وَالْجَبَل نَفْسُهُ وَهُوَ سَرَاتُهُ وَمَا احْتُجِزَ بِهِ فِي شَرْقِيِّهِ مِنَ الْجِبَال وَانْحَازَ إِلَى نَاحِيَةٍ فِيهِ هُوَ الْحِجَازُ (4) .
وَأَمَّا فِي اصْطِلاَحِ الْفُقَهَاءِ وَخَاصَّةً عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ الَّذِينَ قَصَرُوا حُكْمَ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ الْوَارِدِ فِي الْحَدِيثِ، فَبَيَانُ مُرَادِهِمْ بِالْحِجَازِ كَمَا يَلِي:
قَال الشَّافِعِيُّ: وَالْحِجَازُ مَكَّةُ وَالْمَدِينَةُ وَالْيَمَامَةُ وَمَخَالِيفُهَا كُلُّهَا. ثُمَّ قَال: " وَلاَ يَتَبَيَّنُ أَنْ يُمْنَعُوا رُكُوبَ بَحْرِ الْحِجَازِ، وَيُمْنَعُونَ مِنَ الْمُقَامِ فِي سَوَاحِلِهِ، وَكَذَلِكَ إِنْ كَانَتْ فِي بَحْرِ الْحِجَازِ جَزَائِرُ وَجِبَالٌ تُسْكَنُ مُنِعُوا مِنْ سُكْنَاهَا لأَِنَّهَا مِنْ أَرْضِ الْحِجَازِ ". اهـ (5) . وَذُكِرَ فِي الْمِنْهَاجِ وَشَرْحِهِ مِنْ مُدِنِ الْحِجَازِ وَقُرَاهُ: مَكَّةَ وَالْمَدِينَةَ وَالْيَمَامَةَ وَقُرَاهَا كَالطَّائِفِ وَوَجٍّ وَجَدَّةَ وَالْيَنْبُعَ وَخَيْبَرَ، (وَأَضَافَ عَمِيرَةُ الْبُرُلُّسِيُّ فَدَكًا) .
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: إِنَّ الْكَافِرَ يُمْنَعُ مِنْ الإِْقَامَةِ بِجَزَائِرِ بَحْرِ الْحِجَازِ وَلَوْ كَانَتْ خَرَابًا، وَمِنَ الإِْقَامَةِ فِي بَحْرٍ فِي الْحِجَازِ وَلَوْ فِي سَفِينَةٍ. وَفَسَّرَ الْقَلْيُوبِيُّ الْيَمَامَةَ بِأَنَّهَا الْبَلَدُ الَّتِي كَانَ فِيهَا مُسَيْلِمَةُ، وَاَلَّتِي سُمِّيَتْ بِاسْمِهَا زَرْقَاءُ الْيَمَامَةِ. وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْحِجَازَ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ - وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ كَمَا يَأْتِي - يَشْمَل مَا هُوَ شَرْقِيُّ جِبَال الْحِجَازِ حَتَّى الْيَمَامَةِ وَقُرَاهَا وَهِيَ مِنْطَقَةُ الرِّيَاضِ الآْنَ (6) ، أَوْ مَا كَانَ يُسَمَّى قَدِيمًا الْعَرْضُ أَوِ الْعَارِضُ (7) وَهِيَ بَعْضُ الْعُرُوضِ، جَاءَ فِي مُعْجَمِ الْبُلْدَانِ: الْعُرُوضُ الْيَمَامَةُ وَالْبَحْرَيْنُ وَمَا وَالاَهُمَا (8) .
وَلَيْسَتْ الْبَحْرَيْنُ وَقَاعِدَتُهَا هَجَرُ مِنَ الْحِجَازِ (9) .
وَكَذَلِكَ فَسَّرَهُ الْحَنَابِلَةُ: فَإِنَّهُمْ عِنْدَمَا تَعَرَّضُوا لِمَا يُمْنَعُ الْكُفَّارُ مِنْ سُكْنَاهُ بَيَّنُوا أَنَّ الْمُرَادَ بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ فِي الْحَدِيثِ (الْحِجَازُ) . جَاءَ فِي الْمُغْنِي: قَال أَحْمَدُ، فِي حَدِيثِ أَخْرِجُوا الْمُشْرِكِينَ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ (10) : جَزِيرَةُ الْعَرَبِ الْمَدِينَةُ وَمَا وَالاَهَا، قَال ابْنُ قُدَامَةَ: يَعْنِي أَنَّ الْمَمْنُوعَ مِنْ سُكْنَى الْكُفَّارِ الْمَدِينَةُ وَمَا وَالاَهَا وَهُوَ مَكَّةُ وَالْيَمَامَةُ وَخَيْبَرُ وَالْيَنْبُعُ وَفَدَكُ وَمَخَالِيفُهَا وَمَا وَالاَهَا. وَجَاءَ فِي كَلاَمِهِ مَا يَدُل عَلَى أَنَّ تَيْمَاءَ وَفَيْدًا وَنَحْوَهُمَا لاَ يُمْنَعُ أَهْل الذِّمَّةِ مِنْ سُكْنَاهَا وَكَذَلِكَ الْيَمَنُ وَنَجْرَانُ وَتَيْمَاءُ وَفَيْدٌ مِنْ بِلاَدِ طَيِّئٍ (11) .
وَجَاءَ فِي مَطَالِبِ أُولِي النُّهَى: يُمْنَعُ أَهْل الذِّمَّةِ مِنْ الإِْقَامَةِ بِالْحِجَازِ، وَهُوَ مَا حَجَزَ بَيْنَ تِهَامَةَ وَنَجْدٍ. وَالْحِجَازِ كَالْمَدِينَةِ وَالْيَمَامَةِ وَخَيْبَرَ وَالْيَنْبُعِ وَفَدَكِ وَقُرَاهَا، وَفَدَكُ قَرْيَةٌ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَدِينَةِ يَوْمَانِ. وَقَال ابْنُ تَيْمِيَّةَ: وَمِنْ الْحِجَازِ تَبُوكُ وَنَحْوُهَا، وَمَا دُونَ الْمُنْحَنَى وَهُوَ عَقَبَةُ الصَّوَّانِ يُعْتَبَرُ مِنْ الشَّامِ كَمَعَانٍ (12) .
الأَْحْكَامُ الشَّرْعِيَّةُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْحِجَازِ:
2 - الأَْحْكَامُ الشَّرْعِيَّةُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ وَمِنْهَا الْحِجَازُ تَرْجِعُ أَسَاسًا إِلَى أَرْبَعَةِ أَحْكَامٍ: الأَْوَّل: أَنَّهَا لاَ يَسْكُنُهَا غَيْرُ الْمُسْلِمِينَ. وَالثَّانِي: أَنَّهَا لاَ يُدْفَنُ بِهَا أَحَدٌ مِنْ غَيْرِ الْمُسْلِمِينَ.
وَالثَّالِثُ: أَنَّهَا لاَ يَبْقَى بِهَا دَارُ عِبَادَةٍ لِغَيْرِ الْمُسْلِمِينَ.
وَالرَّابِعُ: أَنَّهَا زَكَوِيَّةٌ كُلُّهَا لاَ يُؤْخَذُ مِنْ أَرْضِهَا خَرَاجٌ.
وَقَدْ ذُكِرَ ذَلِكَ وَأَدِلَّتُهُ وَتَفْصِيلُهُ وَالْخِلاَفُ فِيهِ تَحْتَ عِنْوَانِ (أَرْضُ الْعَرَبِ) لَكِنَّ الْمُرَادَ هُنَا بَيَانُ أَنَّ أَرْضَ الْعَرَبِ نَوْعَانِ:
الأَْوَّل: مَا اتَّفَقَ فِيهِ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ مُرَادٌ بِأَرْضِ الْعَرَبِ الْوَارِدَةِ أَحْكَامُهَا فِي الأَْحَادِيثِ، فَتَنْطَبِقُ عَلَيْهِ الأَْحْكَامُ الْمَذْكُورَةُ إِجْمَاعًا، وَهُوَ أَرْضُ الْحِجَازِ.
وَالثَّانِي: مَا اخْتُلِفَ فِي أَنَّهُ مُرَادٌ بِالأَْحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي شَأْنِ أَرْضِ الْعَرَبِ وَهُوَ مَا عَدَا أَرْضَ الْحِجَازِ، كَالْبَحْرَيْنِ، وَالْيُمْنِ، وَمَا وَرَاءَ جِبَال طَيِّئٍ إِلَى حُدُودِ الْعِرَاقِ. فَالْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ يَرَوْنَ أَنَّهَا مُرَادَةٌ بِالأَْحَادِيثِ الْوَارِدَةِ وَتَنْطَبِقُ عَلَيْهَا أَحْكَامُهَا. وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ يَرَوْنَ أَنَّهَا غَيْرُ مُرَادَةٍ وَلاَ تَنْطَبِقُ عَلَيْهَا تِلْكَ الأَْحْكَامُ (13) .
وَانْظُرْ لِلتَّفْصِيل مُصْطَلَحَ: (أَرْضُ الْعَرَبِ) .
__________
(1) سورة النمل / 61.
(2) لسان العرب (حجز) .
(3) لسان العرب أيضا (حجز) .
(4) معجم البلدان - حجاز.
(5) الأم للشافعي 4 / 177، 178، القاهرة، مكتبة الكليات الأزهرية.
(6) شرح المنهاج وحاشية القليوبي 4 / 230.
(7) لسان العرب - عرض.
(8) معجم البلدان (الحجاز) .
(9) المسالك والممالك للإصطخري ص 19.
(10) حديث: " أخرجوا المشركين من جزيرة العرب " أخرجه البخاري (الفتح 6 / 271 - ط السلفية) ومسلم (3 / 1258 - ط الحلبي) من حديث عبد الله بن عباس.
(11) المغني لابن قدامة 8 / 530، وكشاف القناع 3 / 135 - 137.
(12) مطالب أولي النهى 2 / 615، والفروع 6 / 276.
(13) جواهر الإكليل 1 / 267، فتح القدير ط بولاق 4 / 379
الموسوعة الفقهية الكويتية: 11/ 17