الباسط
كلمة (الباسط) في اللغة اسم فاعل من البسط، وهو النشر والمدّ، وهو...
الأحقية بالشيء من غير مشاركة . ومنه اختصاص شهر رمضان بسنيَّة صلاة التراويح، واختصاص حرم مكة بمنع دخول الكافر إليه، واختصاص ولي الأمر بإعلان الجهاد، واختصاص النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - بوجوب التهجد في الليل فقد قال تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم: ﭽﭽ ﭾ ﭿ ﴾ ﴿ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈﭼالإسراء : ٧٩
الأحقية بالشيء من غير مشاركة.
التَّعْرِيفُ:
1 - الاِخْتِصَاصُ فِي اللُّغَةِ: الاِنْفِرَادُ بِالشَّيْءِ دُونَ الْغَيْرِ، أَوْ إِفْرَادُ الشَّخْصِ دُونَ غَيْرِهِ بِشَيْءٍ مَا (1) . وَهُوَ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ كَذَلِكَ، فَهُمْ يَقُولُونَ: هَذَا مِمَّا اخْتُصَّ بِهِ الرَّسُول ﷺ أَوْ مِمَّا اخْتَصَّهُ اللَّهُ بِهِ، وَيَقُولُونَ فِيمَنْ وَضَعَ سِلْعَتَهُ فِي مَقْعَدٍ مِنْ مَقَاعِدِ السُّوقِ الْمُبَاحَةِ: إِنَّهُ اخْتَصَّ بِهَا دُونَ غَيْرِهِ، فَلَيْسَ لأَِحَدٍ مُزَاحَمَتُهُ حَتَّى يَدَعَ.
مَنْ لَهُ حَقُّ الاِخْتِصَاصِ
2 - الاِخْتِصَاصُ إِمَّا لِلْمُشَرِّعِ أَوْ لأَِحَدٍ مِنَ الْعِبَادِ بِمَا لَهُ مِنْ وِلاَيَةٍ أَوْ مِلْكٍ.
الاِخْتِصَاصُ مِنَ الْمُشَرِّعِ.
3 - الاِخْتِصَاصُ مِنَ الْمُشَرِّعِ لاَ تُشْتَرَطُ لَهُ شُرُوطٌ؛ لأَِنَّهُ هُوَ وَاضِعُ الشُّرُوطِ وَالأَْحْكَامِ، وَهُوَ وَاجِبُ الطَّاعَةِ، كَاخْتِصَاصِهِ رَسُول اللَّهِ ﷺ بِإِبَاحَةِ الزَّوَاجِ بِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ نِسَاءٍ، وَاخْتِصَاصِهِ الْكَعْبَةَ بِوُجُوبِ التَّوَجُّهِ إِلَيْهَا فِي الصَّلاَةِ. وَمَحَل الاِخْتِصَاصِ - فِي هَذَا الْبَحْثِ - قَدْ يَكُونُ شَخْصًا، أَوْ زَمَانًا، أَوْ مَكَانًا.
اخْتِصَاصَاتُ الرَّسُول ﷺ
4 - الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ فِي بَحْثِ اخْتِصَاصَاتِ الرَّسُول: اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي جَوَازِ الْبَحْثِ فِي خَصَائِصِ الرَّسُول ﷺ، فَأَجَازَهُ الْجُمْهُورُ وَرَجَّحَهُ النَّوَوِيُّ، وَقَال: الصَّوَابُ الْجَزْمُ بِجَوَازِ ذَلِكَ، بَل بِاسْتِحْبَابِهِ، بَل لَوْ قِيل بِوُجُوبِهِ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا؛ لأَِنَّ فِي الْبَحْثِ فِي الْخَصَائِصِ زِيَادَةَ الْعِلْمِ؛ وَلأَِنَّهُ رُبَّمَا رَأَىجَاهِلٌ بَعْضَ الْخَصَائِصِ ثَابِتَةً فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ، فَعَمِل بِهِ أَخْذًا بِأَصْل التَّأَسِّي بِالرَّسُول ﵊، فَوَجَبَ بَيَانُهَا لِتُعْرَفَ فَلاَ يُعْمَل بِهَا.
وَأَمَّا مَا يَقَعُ فِي ضِمْنِ الْخَصَائِصِ مِمَّا لاَ فَائِدَةَ فِيهِ الْيَوْمَ فَقَلِيلٌ، لاَ تَخْلُو أَبْوَابُ الْفِقْهِ عَنْ مِثْلِهِ لِلتَّدَرُّبِ، وَمَعْرِفَةِ الأَْدِلَّةِ وَتَحْقِيقِ الشَّيْءِ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ (2) . وَمَنَعَهُ بَعْضُهُمْ كَإِمَامِ الْحَرَمَيْنِ الْجُوَيْنِيِّ. وَحُجَّةُ هَؤُلاَءِ أَنَّهُ لاَ يَتَعَلَّقُ بِهَذِهِ الْخَصَائِصِ حُكْمٌ نَاجِزٌ تَمَسُّ الْحَاجَةُ إِلَيْهِ.
أَنْوَاعُ اخْتِصَاصَاتِ الرَّسُول ﷺ:
5 - أ - الأَْحْكَامُ التَّكْلِيفِيَّةُ الَّتِي لاَ تَتَعَدَّاهُ إِلَى أُمَّتِهِ كَكَوْنِهِ لاَ يُورَثُ، وَغَيْرِ ذَلِكَ.
ب - الْمَزَايَا الأُْخْرَوِيَّةُ، كَإِعْطَائِهِ الشَّفَاعَةَ، وَكَوْنِهِ أَوَّل مَنْ يَدْخُل الْجَنَّةَ وَغَيْرِ ذَلِكَ.
ج - الْفَضَائِل الدُّنْيَوِيَّةُ، كَكَوْنِهِ أَصْدَقَ النَّاسِ حَدِيثًا.
د - الْمُعْجِزَاتُ كَانْشِقَاقِ الْقَمَرِ، وَغَيْرِهِ.
هـ - الأُْمُورُ الْخُلُقِيَّةُ، كَكَوْنِهِ يَرَى مِنْ خَلْفِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ.
وَسَيَقْتَصِرُ الْبَحْثُ عَلَى النَّوْعِ الأَْوَّل مِنْ هَذِهِ الاِخْتِصَاصَاتِ - اخْتِصَاصُهُ ﷺ بِبَعْضِ الأَْحْكَامِ التَّكْلِيفِيَّةِ. أَمَّا مَوْطِنُ الاِطِّلاَعِ عَلَى الْخَصَائِصِ الأُْخْرَى فَهُوَ كُتُبُ الْعَقَائِدِ، وَكُتُبُ السِّيرَةِ النَّبَوِيَّةِ، وَالْكُتُبُ الْمُؤَلَّفَةُ فِي خَصَائِصِهِ ﷺ وَفَضَائِلِهِ. مَا اخْتُصَّ بِهِ ﷺ مِنَ الأَْحْكَامِ التَّكْلِيفِيَّةِ:
6 - هَذِهِ الاِخْتِصَاصَاتُ لاَ تَخْرُجُ عَنْ كَوْنِهَا وَاجِبَةً أَوْ مُحَرَّمَةً أَوْ مُبَاحَةً.
الاِخْتِصَاصَاتُ الْوَاجِبَةُ:
7 - فَرَضَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ ﷺ بَعْضَ مَا هُوَ مُبَاحٌ أَوْ مَنْدُوبٌ عَلَى أُمَّتِهِ، إِعْلاَءً لِمَقَامِهِ عِنْدَهُ وَإِجْزَالاً لِثَوَابِهِ؛ لأَِنَّ ثَوَابَ الْفَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ ثَوَابِ النَّفْل، وَفِي الْحَدِيثِ: مَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُهُ عَلَيْهِ (3) وَمِنْ ذَلِكَ.
أ - قِيَامُ اللَّيْل:
8 - اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي قِيَامِ اللَّيْل، هَل كَانَ فَرْضًا عَلَيْهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلاَمُهُ عَلَيْهِ أَوْ لَمْ يَكُنْ فَرْضًا، مَعَ اتِّفَاقِهِمْ عَلَى عَدَمِ فَرْضِيَّتِهِ عَلَى الأُْمَّةِ. فَذَهَبَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ إِلَى أَنَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ قَدِ اخْتُصَّ بِافْتِرَاضِ قِيَامِ اللَّيْل عَلَيْهِ، وَتَابَعَ ابْنَ عَبَّاسٍ عَلَى ذَلِكَ كَثِيرٌ مِنْ أَهْل الْعِلْمِ، مِنْهُمُ الشَّافِعِيُّ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ، وَكَثِيرٌ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ، وَرَجَّحَهُ الطَّبَرِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ. وَاسْتَدَل عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى فِي سُورَةِ الإِْسْرَاءِ: {وَمِنَ اللَّيْل فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ} (4) أَيْ نَفْلاً لَكَ، أَيْ فَضْلاً: (زِيَادَةً) عَنْ فَرَائِضِكَ الَّتِي فَرَضْتُهَا عَلَيْكَ، كَمَا يَدُل عَلَى ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى: {قُمِ اللَّيْل إِلاَّ قَلِيلاً نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً أَوْ زِدْ عَلَيْهِ} (5) . قَال الطَّبَرِيُّ: " خَيَّرَهُ اللَّهُ تَعَالَى حِينَ فَرَضَ عَلَيْهِ قِيَامَ اللَّيْل بَيْنَ هَذِهِ الْمَنَازِل ". وَيُعَضِّدُ هَذَا وَيُؤَيِّدُهُ مَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ الأَْوْسَطِ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ عَنْ عَائِشَةَ ﵂ أَنَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ قَال: ثَلاَثٌ هُنَّ عَلَيَّ فَرَائِضُ وَلَكُمْ سُنَّةٌ، الْوِتْرُ وَالسِّوَاكُ وَقِيَامُ اللَّيْل (6) . وَذَهَبَ مُجَاهِدُ بْنُ جَبْرٍ إِلَى أَنَّ قِيَامَ اللَّيْل لَيْسَ بِفَرْضٍ عَلَى، رَسُول اللَّهِ ﷺ بَل هُوَ نَافِلَةٌ، وَإِنَّمَا قَال اللَّهُ تَعَالَى: {نَافِلَةً لَكَ} مِنْ أَجْل أَنَّهُ ﷺ قَدْ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ، فَمَا عَمِل مَنْ عَمَلٍ سِوَى الْمَكْتُوبَةِ فَهُوَ نَافِلَةٌ؛ لأَِنَّهُ لاَ يَعْمَل ذَلِكَ فِي كَفَّارَةِ الذُّنُوبِ، فَهِيَ نَافِلَةٌ وَزِيَادَةٌ، وَالنَّاسُ يَعْمَلُونَ مَا سِوَى الْمَكْتُوبَةِ لِتَكْفِيرِ ذُنُوبِهِمْ فَلَيْسَ لِلنَّاسِ - فِي الْحَقِيقَةِ - نَوَافِل.
وَتَبِعَ مُجَاهِدًا جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ، مِنْهُمُ الشَّافِعِيُّ فِي قَوْلِهِ الآْخَرِ، فَقَدْ نَصَّ عَلَى أَنَّ وُجُوبَ قِيَامِ اللَّيْل قَدْ نُسِخَ فِي حَقِّ رَسُول اللَّهِ ﷺ كَمَا نُسِخَ فِي حَقِّ غَيْرِهِ. وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِعُمُومِ قَوْلِهِ ﷺ: خَمْسُ صَلَوَاتٍ فَرَضَهُنَّ اللَّهُ عَلَى الْعِبَادِ (7) ، خَاصَّةً أَنَّ الآْيَةَ مُحْتَمِلَةٌ، وَالْحَدِيثُ الَّذِي اسْتَدَل بِهِ مَنْ قَال بِفَرْضِيَّةِ قِيَامِ اللَّيْل عَلَى رَسُول اللَّهِ ﷺ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ (8) .
ب - صَلاَةُ الْوِتْرِ:
9 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي اخْتِصَاصِ رَسُول اللَّهِ ﷺ بِافْتِرَاضِ صَلاَةِ الْوِتْرِ عَلَيْهِ، مَعَ اتِّفَاقِهِمْ عَلَى أَنَّ الْوِتْرَ لَيْسَ بِفَرْضٍ عَلَى أُمَّتِهِ. فَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْوِتْرَ كَانَ وَاجِبًا عَلَى رَسُول اللَّهِ (9) وَقَال الْحَلِيمِيُّ وَالْعِزُّ بْنُ عَبْدِ السَّلاَمِ وَالْغَزَالِيُّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ وَكَذَلِكَ الْمَالِكِيَّةُ: إِنَّ هَذَا الْوُجُوبَ خَاصٌّ بِالْحَضَرِ دُونَ السَّفَرِ (10) ، لِمَا رَوَى الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ كَانَ يُصَلِّي الْوِتْرَ عَلَى رَاحِلَتِهِ وَلاَ يُصَلِّي عَلَيْهَا الْمَكْتُوبَةَ (11) . وَقَال النَّوَوِيُّ: الْمَذْهَبُ أَنَّ صَلاَةَ الْوِتْرِ وَاجِبَةٌ عَلَى رَسُول اللَّهِ، وَلَكِنْ جَوَازُ صَلاَتِهَا عَلَى الرَّاحِلَةِ خَاصٌّ بِهِ ﵊ (12) .
وَيَرَى الْعَيْنِيُّ الْحَنَفِيُّ فِي عُمْدَةِ الْقَارِي وَالْحَنَفِيَّةُ يَقُولُونَ بِوُجُوبِ الْوِتْرِ - إِنَّ صَلاَةَ رَسُول اللَّهِ ﷺ الْوِتْرَ عَلَى الرَّاحِلَةِ كَانَ قَبْل أَنْ يُفْتَرَضَ عَلَيْهِ الْوِتْرُ (13) .
ج - صَلاَةُ الضُّحَى:
10 - اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي وُجُوبِ صَلاَةِ الضُّحَى عَلَى رَسُول اللَّهِ ﷺ، مَعَ اتِّفَاقِهِمْ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِهَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ. فَذَهَبَ جَمَاعَةٌ، مِنْهُمُ الشَّافِعِيَّةُ وَبَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ إِلَى أَنَّ صَلاَةَ الضُّحَى مَفْرُوضَةٌ عَلَى رَسُول اللَّهِ ﷺ. وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِحَدِيثِ رَسُول اللَّهِ ﷺ: ثَلاَثٌ هُنَّ عَلَيَّ فَرَائِضُ، وَلَكُمْ تَطَوُّعٌ: النَّحْرُ وَالْوِتْرُ وَرَكْعَتَا الضُّحَى (14) .
وَأَقَل الْوَاجِبِ مِنْهَا عَلَيْهِ رَكْعَتَانِ لِحَدِيثِ: أُمِرْتُ بِرَكْعَتَيِ الضُّحَى وَلَمْ تُؤْمَرُوا بِهَا (15) . وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّ صَلاَةَ الضُّحَى لَيْسَتْ مَفْرُوضَةً عَلَى رَسُول اللَّهِ ﷺ لِقَوْلِهِ ﷺ: أُمِرْتُ بِالْوِتْرِ وَالأَْضْحَى وَلَمْ يُعْزَمْ عَلَيَّ (16) . د - سُنَّةُ الْفَجْرِ:
11 - اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي فَرْضِيَّةِ سُنَّةِ الْفَجْرِ عَلَى رَسُول اللَّهِ ﷺ مَعَ اتِّفَاقِهِمْ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِهَا عَلَى غَيْرِهِ. فَنَصَّ الْحَنَابِلَةُ وَبَعْضُ السَّلَفِ عَلَى فَرْضِيَّتِهَا عَلَيْهِ ﷺ وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ثَلاَثٌ كُتِبَتْ عَلَيَّ وَهُنَّ لَكُمْ تَطَوُّعٌ: الْوِتْرُ وَالنَّحْرُ وَرَكْعَتَا الْفَجْرِ (17) .
هـ - السِّوَاكُ:
12 - الْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ السِّوَاكَ لِكُل صَلاَةٍ مُفْتَرَضٌ عَلَى رَسُول اللَّهِ ﷺ لِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْظَلَةَ أَنَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ أُمِرَ بِالْوُضُوءِ لِكُل صَلاَةٍ، طَاهِرًا وَغَيْرَ طَاهِرٍ، فَلَمَّا شَقَّ عَلَيْهِ ذَلِكَ أُمِرَ بِالسِّوَاكِ لِكُل صَلاَةٍ. وَفِي لَفْظٍ: وُضِعَ عَنْهُ الْوُضُوءُ إِلاَّ مِنْ حَدَثٍ (18) .
و الأُْضْحِيَةُ:
13 - الأُْضْحِيَةُ فَرْضٌ عَلَى رَسُول اللَّهِ ﷺ دُونَ أُمَّتِهِ لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ الْمُتَقَدِّمِ: ثَلاَثٌ هُنَّ عَلَيَّ فَرَائِضُ وَلَكُمْ تَطَوُّعٌ: النَّحْرُ وَالْوِتْرُ وَرَكْعَتَا الضُّحَى (19) .
ز - الْمُشَاوَرَةُ:
14 - اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي فَرْضِيَّةِ الْمُشَاوَرَةِ عَلَى رَسُول اللَّهِ ﷺ، مَعَ اتِّفَاقِهِمْ عَلَى سُنِّيَّتِهَا عَلَى غَيْرِهِ. فَقَال بَعْضُهُمْ بِفَرْضِيَّتِهَا عَلَيْهِ، وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَْمْرِ} (20) . وَقَال هَؤُلاَءِ: إِنَّمَا وَجَبَ ذَلِكَ عَلَى رَسُول اللَّهِ ﷺ تَطْيِيبًا لِلْقُلُوبِ، وَتَعْلِيمًا لِلنَّاسِ لِيَسْتَنُّوا بِهِ ﵊. وَقَال بَعْضُهُمْ: إِنَّ الْمُشَاوَرَةَ لَمْ تَكُنْ فَرْضًا عَلَيْهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلاَمُهُ عَلَيْهِ لِفِقْدَانِ دَلِيلٍ يَصْلُحُ لإِِثْبَاتِ الْفَرْضِيَّةِ. وَحَمَلُوا الأَْمْرَ فِي الآْيَةِ السَّابِقَةِ عَلَى النَّدْبِ أَوِ الإِْرْشَادِ. ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِيمَا يُشَاوِرُ فِيهِ: بَعْدَ اتِّفَاقِهِمْ عَلَى أَنَّهُ لاَ يُشَاوِرُ فِيمَا نَزَل عَلَيْهِ فِيهِ وَحْيٌ.
فَقَال فَرِيقٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ: يُشَاوِرُ فِي أُمُورِ الدُّنْيَا، كَالْحُرُوبِ وَمُكَايَدَةِ الْعَدُوِّ؛ لأَِنَّ اسْتِقْرَاءَ مَا شَاوَرَ فِيهِ الرَّسُول (21) أَصْحَابَهُ يَدُل عَلَى ذَلِكَ.
وَقَال فَرِيقٌ آخَرُ: يُشَاوِرُ فِي أُمُورِ الدِّينِ وَالدُّنْيَا. أَمَّا فِي أُمُورِ الدُّنْيَا فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا فِي أُمُورِ الدِّينِ فَإِنَّ اسْتِشَارَتَهُ لَهُمْ تَكُونُ تَنْبِيهًا لَهُمْ عَلَى عِلَل الأَْحْكَامِ وَطَرِيقِ الاِجْتِهَادِ (22) . ح - مُصَابَرَةُ الْعَدُوِّ الزَّائِدِ عَلَى الضِّعْفِ:
15 - مِمَّا فُرِضَ عَلَى رَسُول اللَّهِ ﷺ دُونَ أُمَّتِهِ مُصَابَرَةُ الْعَدُوِّ وَإِنْ كَثُرَ وَزَادَ عَلَى الضِّعْفِ، لأَِنَّ الرَّسُول ﷺ مَحْفُوظٌ بِحِفْظِ اللَّهِ تَعَالَى. قَال تَعَالَى: {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} (23) .
ط - تَغْيِيرُ الْمُنْكَرِ:
16 - مِمَّا فُرِضَ عَلَى رَسُول اللَّهِ ﷺ تَغْيِيرُ الْمُنْكَرِ، وَلاَ يَسْقُطُ عَنْهُ هَذَا لِلْخَوْفِ، بِخِلاَفِ أُمَّتِهِ الَّتِي يَسْقُطُ عَنْهَا بِالْخَوْفِ. وَذَلِكَ لأَِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ تَكَفَّل بِحِفْظِ رَسُولِهِ كَمَا تَقَدَّمَ، كَمَا لاَ يَسْقُطُ عَنْهُ إِذَا كَانَ الْمُرْتَكِبُ يَزِيدُهُ الإِْنْكَارُ إِغْرَاءً، لِئَلاَّ يَتَوَهَّمَ إِبَاحَتَهُ بِخِلاَفِ أُمَّتِهِ. وَإِذَا كَانَ إِنْكَارُ الْمُنْكَرِ فَرْضَ كِفَايَةٍ عَلَى أُمَّتِهِ فَإِنَّهُ فَرْضُ عَيْنٍ عَلَيْهِ ﷺ. وَقَدِ اسْتَدَل الْبَيْهَقِيُّ عَلَى ذَلِكَ بِعِدَّةِ أَحَادِيثَ فِي سُنَنِهِ الْكُبْرَى (24) .
ي - قَضَاءُ دَيْنِ مَنْ مَاتَ مُعْسِرًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ:
17 - اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي قَضَاءِ رَسُول اللَّهِ ﷺ دَيْنَ الْمَيِّتِ الْمُعْسِرِ. فَقَال بَعْضُهُمْ: كَانَ فَرْضًا عَلَيْهِ ﷺ. وَقَال آخَرُونَ: لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ فَرْضًا عَلَيْهِ، بَل كَانَ مِنْهُ ﵊ تَطَوُّعًا. ثُمَّ اخْتَلَفُوا أَيْضًا هَل الْقَضَاءُ مِنْ بَيْتِ مَال الْمُسْلِمِينَ أَمْ مِنْ مَال رَسُول اللَّهِ ﷺ فَإِنْ كَانَ مِنْ مَال نَفْسِهِ فَهِيَ خُصُوصِيَّةٌ لِرَسُول اللَّهِ ﷺ أَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ بَيْتِ مَال الْمُسْلِمِينَ فَلَيْسَتْ بِخُصُوصِيَّةٍ لِرَسُول اللَّهِ ﷺ بَل يُشَارِكُهُ فِيهَا جَمِيعُ وُلاَةِ الْمُسْلِمِينَ. وَالأَْصْل فِي هَذَا مَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قَال: كَانَ يُؤْتَى بِالرَّجُل يُتَوَفَّى وَعَلَيْهِ دَيْنٌ، فَيَسْأَل: هَل تَرَكَ لِدَيْنِهِ فَضْلاً، فَإِنْ حُدِّثَ أَنَّهُ تَرَكَ لَهُ وَفَاءً صَلَّى عَلَيْهِ، وَإِلاَّ قَال لِلْمُسْلِمِينَ: صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ، فَلَمَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْفُتُوحَ قَال ﵊: أَنَا أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ، فَمَنْ تُوُفِّيَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَتَرَكَ دَيْنًا فَعَلَيَّ قَضَاؤُهُ، وَمَنْ تَرَكَ مَالاً فَلِوَرَثَتِهِ (25) .
ك - وُجُوبُ تَخْيِيرِهِ نِسَاءَهُ وَإِمْسَاكُ مَنِ اخْتَارَتْهُ:
18 - طَالَبَهُ أَزْوَاجُهُ ﷺ بِالتَّوَسُّعِ فِي النَّفَقَةِ - كَمَا فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ - حَتَّى تَأَذَّى مِنْ ذَلِكَ فَأَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى رَسُولَهُ ﵊ أَنْ يُخَيِّرَهُنَّ فَقَال جَل شَأْنُهُ: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لأَِزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلاً وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآْخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا} (26) .
فَخَيَّرَهُنَّ، فَاخْتَرْنَهُ كُلُّهُنَّ إِلاَّ الْعَامِرِيَّةَ اخْتَارَتْ قَوْمَهَا، فَأُمِرَ ﷺ بِإِمْسَاكِ مَنِ اخْتَارَتْهُ مِنْهُنَّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لاَ يَحِل لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلاَ أَنْ تَبَدَّل بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ} (27) ، وَذَلِكَ مُكَافَأَةٌ لَهُنَّ عَلَى إِيثَارِهِنَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ.
الاِخْتِصَاصَاتُ الْمُحَرَّمَةُ
19 - قَدْ حَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى رَسُولِهِ ﷺ بَعْضَ مَا أَحَلَّهُ لأُِمَّتِهِ، تَنْزِيهًا لَهُ ﵊ عَنْ سَفَاسِفِ الأُْمُورِ، وَإِعْلاَءً لِشَأْنِهِ، وَلأَِنَّ أَجْرَ تَرْكِ الْمُحَرَّمِ أَكْبَرُ مِنْ أَجْرِ تَرْكِ الْمَكْرُوهِ، وَبِذَلِكَ يَزْدَادُ رَسُول اللَّهِ ﷺ عُلُوًّا عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. وَمِنْ ذَلِكَ:
أ - الصَّدَقَاتُ:
20 - اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ حَرَّمَ عَلَى رَسُولِهِ ﷺ أَخْذَ شَيْءٍ مِنْ صَدَقَاتِ النَّاسِ لِرَسُول اللَّهِ ﷺ، سَوَاءٌ أَكَانَتْ مَفْرُوضَةً أَوْ تَطَوُّعًا، كَالزَّكَاةِ، وَالْكَفَّارَةِ، وَالنَّذْرِ وَالتَّطَوُّعِ، صِيَانَةً لِمَنْصِبِهِ الشَّرِيفِ، وَلأَِنَّهَا تُنْبِئُ عَنْ ذُل الآْخِذِ وَعِزِّ الْمَأْخُوذِ مِنْهُ، وَقَدْ أَبْدَل اللَّهُ تَعَالَى رَسُولَهُ بِهَا الْفَيْءَ الَّذِي يُؤْخَذُ عَلَى سَبِيل الْغَلَبَةِ وَالْقَهْرِ، الْمُنْبِئِ عَنْ عِزِّ الآْخِذِ وَذُل الْمَأْخُوذِ مِنْهُ.
رَوَى مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ قَوْل رَسُول اللَّهِ ﷺ: إِنَّ هَذِهِ الصَّدَقَاتِ إِنَّمَا هِيَ أَوْسَاخُ النَّاسِ، وَإِنَّهَا لاَ تَحِل لِمُحَمَّدٍ وَلاَ لآِل مُحَمَّدٍ (28) . هَذَا، وَإِنَّ تَحْرِيمَ الصَّدَقَاتِ عَلَى آل الْبَيْتِ إِنَّمَا هُوَ لِقَرَابَتِهِمْ مِنْهُ ﷺ.
ب - الإِْهْدَاءُ لِيَنَال أَكْثَرَ مِمَّا أَهْدَى:
21 - حُرِّمَ عَلَى رَسُول اللَّهِ ﷺ أَنْ يُهْدِيَ لِيُعْطَى أَكْثَرَ مِمَّا أَهْدَى لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلاَ تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرْ} (29) ؛ لأَِنَّهُ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ مَأْمُورٌ بِأَشْرَفِ الآْدَابِ وَأَجَل الأَْخْلاَقِ، نُقِل ذَلِكَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ وَتَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ عَطَاءٌ وَمُجَاهِدٌ وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ وَقَتَادَةُ وَالسُّدِّيُّ وَالضَّحَّاكُ وَغَيْرُهُمْ (30) .
ج - أَكْل مَا لَهُ رَائِحَةٌ كَرِيهَةٌ:
22 - اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي تَحْرِيمِ نَحْوِ الثُّومِ وَالْبَصَل وَمَا لَهُ رَائِحَةٌ كَرِيهَةٌ عَلَى رَسُول اللَّهِ ﷺ فَقَال جَمَاعَةٌ مِنْهُمُ الْمَالِكِيَّةُ: إِنَّ ذَلِكَ كَانَ مُحَرَّمًا عَلَيْهِ. وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِمَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ. أَنَّ رَسُول اللَّهِ أُتِيَ بِقِدْرٍ فِيهِ خَضِرَاتٌ مِنْ بُقُولٍ، فَوَجَدَ لَهَا رِيحًا، فَسَأَل فَأُخْبِرَ بِمَا فِيهَا. مِنَ الْبُقُول، فَقَال: قَرِّبُوهَا أَيْ إِلَى بَعْضِ أَصْحَابِهِ فَلَمَّا رَآهُ كَرِهَ أَكْلَهَا قَال: كُل فَإِنِّي أُنَاجِي مَنْ لاَ تُنَاجِي (31) .
وَقَال جَمَاعَةٌ مِنْهُمُ الشَّافِعِيَّةُ: لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مُحَرَّمًا عَلَيْهِ، وَلَكِنَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ كَانَ يَكْرَهُ أَكْلَهُ لِتَعَرُّضِهِ لِنُزُول الْوَحْيِ عَلَيْهِ فِي كُل سَاعَةٍ، وَإِنَّ الْمَلاَئِكَةَ لَتَتَأَذَّى بِالرِّيحِ الْخَبِيثَةِ. وَقَدِ اسْتَدَل هَؤُلاَءِ بِمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ أَنَّ أَبَا أَيُّوبَ الأَْنْصَارِيَّ صَنَعَ لِلنَّبِيِّ ﷺ طَعَامًا فِيهِ ثُومٌ، وَفِي رِوَايَةٍ: أَرْسَل إِلَيْهِ بِطَعَامٍ مِنْ خَضِرَةٍ فِيهِ بَصَلٌ وَكُرَّاثٌ، فَرَدَّهُ ﵊ وَلَمْ يَأْكُل مِنْهُ شَيْئًا فَقَال: أَحَرَامٌ هُوَ؟ قَال: لاَ، وَلَكِنِّي أَكْرَهُهُ (32) .
د - نَظْمُ الشِّعْرِ:
23 - هُوَ مِمَّا حُرِّمَ عَلَيْهِ ﷺ بِالاِتِّفَاقِ، لَكِنْ فَرَّقَ الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ بَيْنَ الرَّجَزِ وَغَيْرِهِ مِنَ الْبُحُورِ، فَقَال: الرَّجَزُ جَائِزٌ عَلَيْهِ؛ لأَِنَّهُ لَيْسَ بِشِعْرٍ، وَغَيْرُهُ لاَ يَجُوزُ. وَاسْتَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ بِمَا أَنْشَدَهُ ﵊ مِنَ الرَّجَزِ وَهُوَ يُشَارِكُ فِي حَفْرِ الْخَنْدَقِ، وَمَنْ قَال إِنَّ الرَّجَزَ مِنَ الشِّعْرِ قَال: إِنَّ هَذَا خَاصَّةٌ لَيْسَ بِشِعْرٍ؛ لأَِنَّ الشِّعْرَ لاَ يَكُونُ شِعْرًا إِلاَّ إِنْ صَدَرَ عَنْ قَائِلِهِ بِقَصْدِ الإِْشْعَارِ، وَمَا كَانَ ذَلِكَ فِي ذِكْرِ النَّبِيِّ ﷺ لِهَذَا الرَّجَزِ الَّذِي قَالَهُ (33)
هـ - نَزْعُ لاَمَتِهِ إِذَا لَبِسَهَا لِلْقِتَال حَتَّى يُقَاتِل:
24 - مِمَّا حُرِّمَ عَلَى رَسُول اللَّهِ ﷺ دُونَ أُمَّتِهِ أَنَّهُ إِذَا لَبِسَ لأَْمَةَ الْحَرْبِ يَحْرُمُ عَلَيْهِ أَنْ يَنْزِعَهَا حَتَّى يَلْقَى الْعَدُوَّ؛ لِقَوْلِهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ: لاَ يَنْبَغِي لِنَبِيٍّ إِذَا أَخَذَ لأَْمَةَ الْحَرْبِ وَأَذَّنَ فِي النَّاسِ بِالْخُرُوجِ إِلَى الْعَدُوِّ أَنْ يَرْجِعَ حَتَّى يُقَاتِل (34) . وَوَاضِحٌ أَنَّهُ يَشْتَرِكُ مَعَهُ فِي هَذِهِ الْخُصُوصِيَّةِ الأَْنْبِيَاءُ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلاَمُهُ.
و خَائِنَةُ الأَْعْيُنِ:
25 - الْمُرَادُ بِهَا الإِْيمَاءُ بِمَا يَظْهَرُ خِلاَفُهُ، وَهُوَ مِمَّا حُرِّمَ عَلَى رَسُول اللَّهِ ﷺ دُونَ أُمَّتِهِ إِلاَّ فِي مَحْظُورٍ، وَالأَْصْل فِي هَذَا التَّحْرِيمِ عَلَيْهِ هُوَ تَنَزُّهُ مَقَامِ النُّبُوَّةِ عَنْهُ، فَقَدْ أَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ يَوْمَ الْفَتْحِ أَمَّنَ النَّاسَ إِلاَّ أَرْبَعَةَ نَفَرٍ مِنْهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي سَرْحٍ، فَاخْتَبَأَ عِنْدَ عُثْمَانَ، فَلَمَّا دَعَا رَسُول اللَّهِ ﷺ إِلَى الْبَيْعَةِ، جَاءَ بِهِ فَقَال: يَا رَسُول اللَّهِ بَايِعْ عَبْدَ اللَّهِ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَنَظَرَ إِلَيْهِ ثَلاَثًا، كُل ذَلِكَ يَأْبَى، فَبَايَعَهُ بَعْدَ ثَلاَثٍ، ثُمَّ أَقْبَل عَلَى أَصْحَابِهِ فَقَال: أَمَا فِيكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ يَقُومُ إِلَى هَذَا حَيْثُ رَآنِي كَفَفْتُ يَدَيَّ عَنْ بَيْعَتِهِ لِيَقْتُلَهُ؟ قَالُوا: مَا يُدْرِينَا يَا رَسُول اللَّهِ مَا فِي نَفْسِكَ، هَلاَّ أَوْمَأْتَ بِعَيْنِكَ. قَال: إِنَّهُ لاَ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ لِنَبِيٍّ خَائِنَةُ الأَْعْيُنِ (35) . وَهَذَا يَدُل عَلَى أَنَّهُ مِمَّا اخْتَصَّ بِهِ هُوَ وَالأَْنْبِيَاءُ دُونَ الأُْمَمِ.
ز - نِكَاحُ الْكَافِرَةِ وَالأَْمَةِ، وَالْمُمْتَنِعَةِ عَنِ الْهِجْرَةِ:
26 - مِمَّا حُرِّمَ عَلَى رَسُول اللَّهِ ﷺ نِكَاحُ الْكِتَابِيَّةِ، لِخَبَرِ: سَأَلْتُ رَبِّي أَلاَّ أُزَوَّجَ إِلاَّ مَنْ كَانَ مَعِي فِي الْجَنَّةِ فَأَعْطَانِي (36) ، - أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَ إِسْنَادَهُ - وَلأَِنَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ أَشْرَفُ مِنْ أَنْ يَضَعَ مَاءَهُ فِي رَحِمِ كَافِرَةٍ؛ وَلأَِنَّ الْكَافِرَةَ تَكْرَهُ صُحْبَةَ رَسُول اللَّهِ ﷺ (37) .
كَمَا حُرِّمَ عَلَى رَسُول اللَّهِ ﷺ نِكَاحُ الأَْمَةِ، وَلَوْ كَانَتْ مُسْلِمَةً؛ لأَِنَّ نِكَاحَهَا مُعْتَبَرٌ لِخَوْفِ الْعَنَتِ (أَيِ الزِّنَا) وَهُوَ مَعْصُومٌ عَنْهُ، أَوْ لِفِقْدَانِ مَهْرِ الْحُرَّةِ، وَنِكَاحُ رَسُول اللَّهِ ﷺ غَنِيٌّ عَنِ الْمَهْرِ ابْتِدَاءً، إِذْ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَنْكِحَ بِغَيْرِ مَهْرٍ؛ وَلأَِنَّ نِكَاحَهَا يُؤَدِّي إِلَى رِقِّ الْوَلَدِ وَمَقَامُ النُّبُوَّةِ مُنَزَّهٌ عَنْ هَذَا (38) .
وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ نِكَاحُ مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهَا الْهِجْرَةُ وَلَمْ تُهَاجِرْ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى فِي سُورَةِ الأَْحْزَابِ: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللاَّتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالاَتِكَ اللاَّتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ} (39) ، وَفِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ: (وَبَنَاتِ خَالاَتِكَ وَاللاَّتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ) ، وَلِمَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَال: نُهِيَ رَسُول اللَّهِ ﷺ عَنْ أَصْنَافِ النِّسَاءِ إِلاَّ مَا كَانَ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ الْمُهَاجِرَاتِ (40) ، وَلِحَدِيثِ أُمِّ هَانِئٍ قَالَتْ: خَطَبَنِي رَسُول اللَّهِ فَاعْتَذَرْتُ إِلَيْهِ، فَعَذَرَنِي، فَأَنْزَل اللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ} الآْيَةَ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {اللاَّتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ} . قَالَتْ: فَلَمْ أَكُنْ أَحِل لَهُ؛ لأَِنِّي لَمْ أَكُنْ مِمَّنْ هَاجَرَ مَعَهُ، كُنْتُ مِنَ الطُّلَقَاءِ. وَقَال الإِْمَامُ أَبُو يُوسُفَ: لاَ دَلاَلَةَ فِي الآْيَةِ عَلَى أَنَّ اللاَّتِي لَمْ يُهَاجِرْنَ كُنَّ مُحَرَّمَاتٍ عَلَيْهِ، لأَِنَّ تَخْصِيصَ الشَّيْءِ بِالذِّكْرِ لاَ يَنْفِي مَا عَدَاهُ (41) .
ح - إِمْسَاكُ مَنْ كَرِهَتْهُ:
27 - مِمَّا حُرِّمَ عَلَى رَسُول اللَّهِ ﷺ إِمْسَاكُ كَارِهَتِهِ وَلَمْ يَحْرُمْ ذَلِكَ عَلَى أُمَّتِهِ، حِفْظًا لِمَقَامِ النُّبُوَّةِ، فَقَدْ رَوَى الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ عَائِشَةَ ﵂ أَنَّ ابْنَةَ الْجَوْنِ لَمَّا أُدْخِلَتْ عَلَى رَسُول اللَّهِ ﷺ وَدَنَا مِنْهَا قَالَتْ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ، فَقَال ﵊: لَقَدْ عُذْتِ بِعَظِيمٍ، الْحَقِي بِأَهْلِكِ (42) . وَيَشْهَدُ لِذَلِكَ وُجُوبُ تَخْيِيرِهِ نِسَاءَهُ الَّذِي تَقَدَّمَ الْحَدِيثُ عَنْهُ.
الاِخْتِصَاصَاتُ الْمُبَاحَةُ
أ - الصَّلاَةُ بَعْدَ الْعَصْرِ:
28 - ذَهَبَ مَنْ كَرِهَ الصَّلاَةَ بَعْدَ الْعَصْرِ إِلَى أَنَّهُ أُبِيحَ لِرَسُول اللَّهِ ﷺ أَنْ يُصَلِّيَ بَعْدَ الْعَصْرِ، وَكَرِهَ ذَلِكَ لأُِمَّتِهِ، فَقَدْ رَوَى الْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ عَنْ عَائِشَةَ ﵂ أَنَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ كَانَ يُصَلِّي بَعْدَ الْعَصْرِ وَيَنْهَى عَنْهَا (43) . ب - الصَّلاَةُ عَلَى الْمَيِّتِ الْغَائِبِ:
29 - مَنْ مَنَعَ الصَّلاَةَ عَلَى الْمَيِّتِ الْغَائِبِ كَالْحَنَفِيَّةِ قَال: أُبِيحَ لِرَسُول اللَّهِ ﷺ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى الْمَيِّتِ الْغَائِبِ دُونَ أُمَّتِهِ لأَِمْرٍ خَصَّهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ (44) .
ج - صِيَامُ الْوِصَال:
30 - جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ عَلَى اخْتِصَاصِ رَسُول اللَّهِ ﷺ بِإِبَاحَةِ صِيَامِ الْوِصَال (لِرَسُول اللَّهِ ﷺ) لَهُ دُونَ أُمَّتِهِ، لِمَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ نَهَى عَنِ الْوِصَال، فَقِيل لَهُ: إِنَّكَ تُوَاصِل، فَقَال: إِنِّي لَسْتُ كَهَيْئَتِكُمْ، إِنِّي أُطْعَمُ وَأُسْقَى (45) .
د - الْقِتَال فِي الْحَرَمِ:
31 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى إِبَاحَةِ الْقِتَال لِرَسُول اللَّهِ ﷺ فِي مَكَّةَ دُونَ أُمَّتِهِ، لِمَا رَوَاهُ الشَّيْخَانِ مِنْ قَوْل رَسُول اللَّهِ ﷺ: إِنَّ مَكَّةَ حَرَّمَهَا اللَّهُ وَلَمْ يُحَرِّمْهَا النَّاسُ، فَلاَ يَحِل لاِمْرِئٍ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآْخِرِ أَنْ يَسْفِكَ بِهَا دَمًا، وَلاَ يَعْضِدَ بِهَا شَجَرَةً، فَإِنْ أَحَدٌ تَرَخَّصَ بِقِتَال رَسُول اللَّهِ فَقُولُوا: إِنَّ اللَّهَ أَذِنَ لِرَسُولِهِ وَلَمْ يَأْذَنْ لَكُمْ (46) . هـ - دُخُول مَكَّةَ بِغَيْرِ إِحْرَامٍ:
32 - مَنْ قَال مِنَ الْفُقَهَاءِ لاَ يَجُوزُ لِمُكَلَّفٍ أَنْ يَدْخُل مَكَّةَ بِغَيْرِ إِحْرَامٍ قَال: إِنَّ دُخُول رَسُول اللَّهِ ﷺ مَكَّةَ يَوْمَ فَتْحِهَا بِغَيْرِ إِحْرَامٍ كَانَ خَاصًّا بِهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ (47) .
و الْقَضَاءُ بِعِلْمِهِ:
33 - مَنْ مَنَعَ الْقَاضِيَ أَنْ يَقْضِيَ بِعِلْمِهِ جَعَل مَا قَضَى بِهِ رَسُول اللَّهِ ﷺ بِعِلْمِهِ لِهِنْدَ بِنْتِ عُتْبَةَ وَقَوْلَهُ لَهَا: خُذِي مِنْ مَالِهِ مَا يَكْفِيكِ مِنْ خُصُوصِيَّاتِهِ ﵊ (48) .
ز - الْقَضَاءُ لِنَفْسِهِ:
34 - خُصَّ ﵊ بِإِبَاحَةِ الْقَضَاءِ لِنَفْسِهِ، لأَِنَّ الْمَنْعَ مِنْ ذَلِكَ فِي حَقِّ الأُْمَّةِ لِلرِّيبَةِ وَهِيَ مُنْتَفِيَةٌ عَنْهُ قَطْعًا (49) ، وَمِثْل ذَلِكَ الْقَضَاءُ فِي حَالَةِ الْغَضَبِ (50) .
ح - أَخْذُ الْهَدِيَّةِ:
35 - مِنْ خَصَائِصِهِ ﵊ أَنَّ الْهَدِيَّةَ حَلاَلٌ لَهُ، بِخِلاَفِ غَيْرِهِ مِنَ الْحُكَّامِ وَوُلاَةِ الأُْمُورِ مِنْ رَعَايَاهُمْ (51) .
ط - فِي الْغَنِيمَةِ وَالْفَيْءِ:
36 - أُبِيحَ لِرَسُول اللَّهِ ﷺ خُمُسُ الْغَنِيمَةِ وَإِنْ لَمْ يَحْضُرِ الْوَقْعَةَ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُول} (52) . وَأُبِيحَ لَهُ الصَّفِيُّ مِنَ الْمَغْنَمِ، وَهُوَ مَا يَخْتَارُهُ قَبْل الْقِسْمَةِ مِنَ الْغَنِيمَةِ، كَسَيْفٍ وَدِرْعٍ وَنَحْوِهِمَا، وَمِنْهُ صَفِيَّةُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ الَّتِي اصْطَفَاهَا مِنَ الْمَغْنَمِ لِنَفْسِهِ (53) .
ي - فِي النِّكَاحِ:
37 - مِمَّا اخْتُصَّ بِهِ رَسُول اللَّهِ ﷺ فَأُبِيحَ لَهُ دُونَ أُمَّتِهِ أَنْ يَتَزَوَّجَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ نِسَاءٍ، وَأَنْ يَتَزَوَّجَ بِغَيْرِ مَهْرٍ، وَأَنْ يَتَزَوَّجَ الْمَرْأَةَ بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيِّهَا. وَيُبَاحُ لَهُ أَلاَّ يَقْسِمَ بَيْنَ أَزْوَاجِهِ عِنْدَ الْبَعْضِ، مَعَ أَنَّهُ ﵊ كَانَ حَرِيصًا عَلَى الْقَسْمِ، حَتَّى فِي السَّفَرِ، حَيْثُ كَانَ يُقْرِعُ بَيْنَهُنَّ، وَلَمَّا اشْتَدَّ عَلَيْهِ الْمَرَضُ اسْتَأْذَنَ أَنْ يُمَرَّضَ فِي بَيْتِ عَائِشَةَ.
الْخَصَائِصُ مِنَ الْفَضَائِل
38 - هُنَاكَ أُمُورٌ اخْتَصَّ بِهَا رَسُول اللَّهِ ﷺ لِمَزِيدِ فَضْلٍ وَمِنْهَا: أ - اخْتِصَاصُ مَنْ شَاءَ بِمَا شَاءَ مِنَ الأَْحْكَامِ:
39 - لَمَّا كَانَ رَسُول اللَّهِ ﷺ مُشَرِّعًا لاَ يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى، فَإِنَّ لَهُ أَنْ يَخُصَّ مَنْ شَاءَ بِمَا شَاءَ مِنَ الأَْحْكَامِ، كَجَعْلِهِ شَهَادَةَ خُزَيْمَةَ بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ، وَإِجَازَتِهِ الأُْضْحِيَةَ بِالْعَنَاقِ (الْجِذْعِ) لأَِبِي بُرْدَةَ وَلِعُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، وَتَزْوِيجِهِ رَجُلاً عَلَى سُورَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ، وَتَزْوِيجِهِ أُمَّ سُلَيْمٍ أَبَا طَلْحَةَ عَلَى إِسْلاَمِهِ.
ب - الرَّسُول أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ:
40 - خُصَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ دُونَ أَحَدٍ مِنْ أُمَّتِهِ بِأَنَّهُ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ} . (54) وَيَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ كَثِيرٌ مِنَ الأَْحْكَامِ: مِنْ ذَلِكَ وُجُوبُ مَحَبَّتِهِ أَكْثَرَ مِنَ النَّفْسِ وَالْمَال وَالْوَلَدِ، لِمَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ﵁ أَنَّهُ قَال لِلنَّبِيِّ ﷺ: لأََنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ كُل شَيْءٍ إِلاَّ نَفْسِي الَّتِي بَيْنَ جَنْبَيَّ، فَقَال لَهُ ﷺ: لَنْ يُؤْمِنَ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ نَفْسِهِ، فَقَال عُمَرُ: وَالَّذِي أَنْزَل عَلَيْكَ الْكِتَابَ لأََنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ نَفْسِي الَّتِي بَيْنَ جَنْبَيَّ، فَقَال لَهُ النَّبِيُّ ﷺ: الآْنَ يَا عُمَرُ.
وَمِنْ ذَلِكَ وُجُوبُ فِدَائِهِ بِالنَّفْسِ وَالْمَال وَالْوَلَدِ. وَمِنْ ذَلِكَ وُجُوبُ طَاعَتِهِ وَإِنْ خَالَفَتْ هَوَى النَّفْسِ، وَغَيْرُ ذَلِكَ.
ج - الْجَمْعُ بَيْنَ اسْمِ الرَّسُول وَكُنْيَتِهِ لِمَوْلُودٍ:
41 - ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَهُوَ إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ وَهُوَ قَوْل طَاوُسٍ وَابْنِ سِيرِينَ إِلَى أَنَّهُ لاَ يَحِل التَّكَنِّي بِكُنْيَةِ رَسُول اللَّهِ ﷺ فِي عَصْرِهِ، سَوَاءٌ كَانَ اسْمُهُ مُحَمَّدًا، أَوْ لاَ، لِمَا رَوَاهُ جَابِرٌ قَال: وُلِدَ لِرَجُلٍ مِنَ الأَْنْصَارِ غُلاَمٌ فَسَمَّاهُ مُحَمَّدًا فَغَضِبَ الأَْنْصَارُ وَقَالُوا: حَتَّى نَسْتَأْمِرَ النَّبِيَّ ﷺ فَذَكَرُوا ذَلِكَ لَهُ فَقَال: قَدْ أَحْسَنَتِ الأَْنْصَارُ، ثُمَّ قَال: تَسَمَّوْا بِاسْمِي وَلاَ تَكَنَّوْا بِكُنْيَتِي، فَإِنِّي أَبُو الْقَاسِمِ أَقْسِمُ بَيْنَكُمْ - أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ.
وَذَهَبَ الْبَعْضُ - مِنْهُمُ الإِْمَامُ أَحْمَدُ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ - إِلَى أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَ اسْمِ رَسُول اللَّهِ ﷺ وَكُنْيَتِهِ، لِمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ مِنْ قَوْل رَسُول اللَّهِ ﷺ: مَنْ تَسَمَّى بِاسْمِي فَلاَ يَتَكَنَّى بِكُنْيَتِي، وَمَنْ تَكَنَّى بِكُنْيَتِي فَلاَ يَتَسَمَّى بِاسْمِي. (55) وَهَؤُلاَءِ الْمَانِعُونَ: مِنْهُمْ مَنْ جَعَل الْمَنْعَ مَنْعَ تَحْرِيمٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ جَعَل الْمَنْعَ مَنْعَ كَرَاهَةٍ.
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ اسْمِ رَسُول اللَّهِ وَكُنْيَتِهِ كَانَ مَمْنُوعًا ثُمَّ نُسِخَ الْمَنْعُ وَثَبَتَ الْحِل، لِمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَتْ: يَا رَسُول اللَّهِ إِنِّي قَدْ وَلَدْتُ غُلاَمًا فَسَمَّيْتُهُ مُحَمَّدًا وَكَنَّيْتُهُ أَبَا الْقَاسِمِ، فَذُكِرَ لِي أَنَّكَ تَكْرَهُ ذَلِكَ، فَقَال ﷺ: مَا الَّذِي أَحَل اسْمِي وَحَرَّمَ كُنْيَتِي، أَوْ مَا الَّذِي حَرَّمَ كُنْيَتِي وَأَحَل اسْمِي، (56) وَلِذَلِكَ كَانَ الصَّحَابَةُ لاَ يَرَوْنَ بَأْسًا فِي تَسْمِيَةِ أَوْلاَدِهِمْ بِاسْمِ " مُحَمَّدٍ " وَتَكْنِيَتِهِمْ بِ " أَبِي الْقَاسِمِ " حَتَّى قَال رَاشِدُ بْنُ حَفْصٍ الزُّهْرِيُّ: أَدْرَكْتُ أَرْبَعَةً مِنْ أَصْحَابِ رَسُول اللَّهِ ﷺ كُلُّهُمْ يُسَمَّى مُحَمَّدًا وَيُكَنَّى أَبَا الْقَاسِمِ: مُحَمَّدَ بْنَ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَمُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ، وَمُحَمَّدَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَمُحَمَّدَ بْنَ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ.
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّ النَّهْيَ كَانَ مَخْصُوصًا بِحَيَاةِ رَسُول اللَّهِ ﷺ أَمَّا بَعْدَ وَفَاتِهِ فَتُبَاحُ التَّسْمِيَةُ بِاسْمِهِ وَالتَّكَنِّي بِكُنْيَتِهِ. يَدُل عَلَى ذَلِكَ سَبَبُ الْمَنْعِ، وَهُوَ أَنَّ الْيَهُودَ تَكَنَّوْا بِكُنْيَةِ رَسُول اللَّهِ، وَكَانُوا يُنَادُونَ يَا أَبَا الْقَاسِمِ، فَإِذَا الْتَفَتَ النَّبِيُّ ﷺ قَالُوا: لَمْ نَعْنِكَ، إِظْهَارًا لِلإِْيذَاءِ، وَقَدْ زَال هَذَا الْمَنْعُ بِوَفَاةِ رَسُول اللَّهِ ﷺ وَيَدُل عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا مَا رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ أَنَّ عَلِيًّا قَال: يَا رَسُول اللَّهِ: أَرَأَيْتَ إِنْ وُلِدَ لِي بَعْدَكَ وَلَدٌ أُسَمِّيهِ مُحَمَّدًا وَأُكَنِّيهِ بِكُنْيَتِكَ؟ قَال: نَعَمْ. (57) د - التَّقَدُّمُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَرَفْعُ الصَّوْتِ بِحَضْرَتِهِ:
42 - خُصَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ دُونَ أُمَّتِهِ بِأَنَّهُ لاَ يَجُوزُ التَّقَدُّمُ بَيْنَ يَدَيْهِ - أَيْ سَبْقُهُ بِالاِقْتِرَاحِ عَلَيْهِ - لأَِنَّ رَسُول اللَّهِ مُسَدَّدٌ بِالْوَحْيِ، وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ (58) } كَمَا لاَ يَجُوزُ رَفْعُ الصَّوْتِ بِحَضْرَتِهِ ﵊ حَتَّى يَعْلُوَ صَوْتُ الْمُتَكَلِّمِ عَلَى صَوْتِ رَسُول اللَّهِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى فِي سُورَةِ الْحُجُرَاتِ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلاَ تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْل كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لاَ تَشْعُرُونَ} . (59)
هـ - قَتْل مَنْ سَبَّهُ:
43 - مِمَّا اخْتُصَّ بِهِ رَسُول اللَّهِ ﷺ أَنَّ مَنْ سَبَّهُ أَوْ قَذَفَهُ فَعُقُوبَتُهُ الْقَتْل. (60)
و إِجَابَةُ مَنْ دَعَاهُ:
44 - مِنْ خَصَائِصِهِ ﵊ أَنَّهُ إِذَا دَعَا أَحَدًا فَعَلَيْهِ أَنْ يُجِيبَهُ وَلَوْ كَانَ فِي الصَّلاَةِ، فَإِنْ أَجَابَهُ فِي الصَّلاَةِ فَإِنَّهُ لاَ تَفْسُدُ صَلاَتُهُ، لِمَا رَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ أَبِي سَعِيدِ بْنِ الْمُعَلَّى الأَْنْصَارِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ دَعَاهُ وَهُوَ يُصَلِّي، فَصَلَّى ثُمَّ أَتَاهُ، فَقَال: مَا مَنَعَكَ أَنْ تُجِيبَنِي (61) ؟ قَال: إِنِّي كُنْتُ أُصَلِّي، فَقَال: أَلَمْ يَقُل اللَّهُ ﷿: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُول إِذَا دَعَاكُمْ} . (62)
ز - نَسَبُ أَوْلاَدِ بَنَاتِهِ إِلَيْهِ:
45 - مِمَّا اخْتُصَّ بِهِ رَسُول اللَّهِ ﷺ دُونَ النَّاسِ جَمِيعًا أَنَّ أَوْلاَدَ بَنَاتِهِ يَنْتَسِبُونَ إِلَيْهِ فِي الْكَفَاءَةِ وَغَيْرِهَا. لِقَوْلِهِ ﷺ: إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ، وَلِمَا ذَكَرَهُ السُّيُوطِيُّ فِي الْخَصَائِصِ الصُّغْرَى مِنْ حَدِيثِ رَسُول اللَّهِ ﷺ: إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَبْعَثْ نَبِيًّا قَطُّ إِلاَّ جَعَل ذُرِّيَّتَهُ فِي صُلْبِهِ غَيْرِي، فَإِنَّ اللَّهَ جَعَل ذُرِّيَّتِي مِنْ صُلْبِ عَلِيٍّ. (63)
ح - لاَ يُورَثُ:
46 - مِمَّا اخْتُصَّ بِهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ دُونَ أُمَّتِهِ أَنَّهُ لاَ يُورَثُ، لِقَوْلِهِ ﷺ: نَحْنُ مَعَاشِرَ الأَْنْبِيَاءِ لاَ نُورَثُ، مَا تَرَكْنَاهُ صَدَقَةٌ. (64) وَمَا تَرَكَهُ رَسُول اللَّهِ ﷺ يُنْفَقُ مِنْهُ عَلَى عِيَالِهِ، وَمَا فَضَل فَهُوَ صَدَقَةٌ؛ لِقَوْلِهِ ﷺ: مَا تَرَكْتُ بَعْدَ نَفَقَةِ نِسَائِي وَمَئُونَةِ عَامِلِي فَهُوَ صَدَقَةٌ. (65) وَلَيْسَ ذَلِكَ لأُِمَّتِهِ، وَفِي الْوَاضِحِ مُشَارَكَةُ الأَْنْبِيَاءِ لَهُ فِي ذَلِكَ. (66)
أَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُ الْمُؤْمِنِينَ:
47 - مِمَّا اخْتُصَّ بِهِ رَسُول اللَّهِ أَنَّ أَزْوَاجَهُ أُمَّهَاتُ الْمُؤْمِنِينَ، لاَ يُنْكَحْنَ بَعْدَهُ، وَلاَ تُرَى أَشْخَاصُهُنَّ لِغَيْرِ الْمَحَارِمِ، وَعَلَيْهِنَّ الْجُلُوسُ فِي بُيُوتِهِنَّ، لاَ يَخْرُجْنَ إِلاَّ لِضَرُورَةٍ بَعْدَ وَفَاتِهِ ﵊. وَتَفْصِيلُهُ فِي مُصْطَلَحِ " أُمَّهَاتُ الْمُؤْمِنِينَ ". (67)
الْفَصْل الثَّانِي
اخْتِصَاصُ الأَْزْمِنَةِ
هُنَاكَ أَزْمِنَةٌ اخْتُصَّتْ بِأَحْكَامٍ دُونَ غَيْرِهَا هِيَ:
أ - لَيْلَةُ الْقَدْرِ:
48 - اخْتُصَّتْ هَذِهِ اللَّيْلَةُ بِاسْتِحْبَابِ تَحَرِّيهَا وَقِيَامِ لَيْلِهَا - كَمَا سَيَأْتِي ذَلِكَ مُفَصَّلاً فِي " لَيْلَةِ الْقَدْرِ " " وَقِيَامِ اللَّيْل ". ب - شَهْرُ رَمَضَانَ:
49 - اخْتُصَّ شَهْرُ رَمَضَانَ بِافْتِرَاضِ صِيَامِهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} ، وَسُنِّيَّةِ قِيَامِهِ بِصَلاَةِ التَّرَاوِيحِ، لِقَوْلِهِ ﷺ: مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ. (68)
ج - يَوْمَا الْعِيدَيْنِ:
50 - اخْتُصَّتْ لَيْلَتَا الْعِيدَيْنِ بِنَدْبِ إِحْيَائِهِمَا (69) ؛ لِقَوْلِهِ ﷺ: مَنْ قَامَ لَيْلَتَيِ الْعِيدِ مُحْتَسِبًا لِلَّهِ لَمْ يَمُتْ قَلْبُهُ يَوْمَ تَمُوتُ الْقُلُوبُ، (70) كَمَا اخْتُصَّ يَوْمَاهُمَا بِصَلاَةٍ خَاصَّةٍ - هِيَ صَلاَةُ الْعِيدِ - وَحُرْمَةِ الصِّيَامِ (71) فِيهِمَا، وَبِالتَّكْبِيرِ فِي صُبْحِيَّتِهِمَا.
د - أَيَّامُ التَّشْرِيقِ:
51 - اخْتُصَّتْ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ بِالتَّكْبِيرِ عَقِبَ صَلاَةِ الْفَرَائِضِ وَجَوَازِ ذَبْحِ الأُْضْحِيَةِ، وَتَحْرِيمِ الصِّيَامِ (72) ، كَمَا سَيَأْتِي ذَلِكَ فِي " أَيَّامِ التَّشْرِيقِ ".
وَانْظُرْ كَذَلِكَ مُصْطَلَحَ " أُضْحِيَةٌ ". هـ - يَوْمُ الْجُمُعَةِ:
52 - اخْتُصَّ يَوْمُ الْجُمُعَةِ بِوُجُوبِ صَلاَةٍ خَاصَّةٍ فِيهِ تَقُومُ مَقَامَ صَلاَةِ الظُّهْرِ هِيَ صَلاَةُ الْجُمُعَةِ، وَاسْتِنَانِ الْغُسْل فِيهِ، وَاسْتِحْبَابِ الدُّعَاءِ فِيهِ؛ لِقَوْل رَسُول اللَّهِ ﷺ: فِيهِ سَاعَةٌ لاَ يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي يَسْأَل اللَّهَ شَيْئًا إِلاَّ أَعْطَاهُ إِيَّاهُ (73) وَكَرَاهَةِ إِفْرَادِهِ بِالصِّيَامِ وَالْقِيَامِ (74) .
و الْيَوْمُ التَّاسِعُ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ:
53 - اخْتُصَّ يَوْمُ عَرَفَةَ بِوُجُوبِ وُقُوفِ الْحُجَّاجِ فِيهِ فِي عَرَفَةَ وَكَرَاهَةِ صَوْمِهِ لِلْحَاجِّ (75) .
ز - يَوْمُ نِصْفِ شَعْبَانَ وَلَيْلَتُهُ:
54 - اخْتُصَّتْ لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ بِاسْتِحْبَابِ قِيَامِهَا عِنْدَ الْجُمْهُورِ؛ لِمَا وَرَدَ مِنْ أَحَادِيثَ صَحِيحَةٍ فِي فَضْلِهَا مِنْ قَوْلِهِ ﷺ: إِذَا كَانَتْ لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ فَقُومُوا لَيْلَهَا وَصُومُوا نَهَارَهَا، فَإِنَّ اللَّهَ يَنْزِل فِيهَا لِغُرُوبِ الشَّمْسِ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَيَقُول: أَلاَ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ لِي فَأَغْفِرَ لَهُ، أَلاَ مُسْتَرْزِقٍ فَأَرْزُقَهُ، أَلاَ مُبْتَلًى فَأُعَافِيَهِ أَلاَ كَذَا. . . أَلاَ كَذَا. . . حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ. (76) ح - أَوَّل لَيْلَةٍ مِنْ رَجَبٍ:
55 - اخْتُصَّتْ أَوَّل لَيْلَةٍ مِنْ لَيَالِي رَجَبٍ بِاسْتِحْبَابِ قِيَامِهَا، كَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ وَبَعْضُ الْحَنَابِلَةِ؛ لأَِنَّهَا مِنَ اللَّيَالِيِ الَّتِي لاَ يُرَدُّ فِيهَا الدُّعَاءُ (77) .
ط - يَوْمَا عَاشُورَاءَ وَتَاسُوعَاءَ:
56 - اخْتُصَّ يَوْمَا تَاسُوعَاءَ وَعَاشُورَاءَ بِاسْتِحْبَابِ صِيَامِهِمَا، لِمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَال: حِينَ صَامَ رَسُول اللَّهِ ﷺ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ، قَالُوا: يَا رَسُول اللَّهِ إِنَّهُ يَوْمٌ تُعَظِّمُهُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى، فَقَال رَسُول اللَّهِ ﷺ: فَإِذَا كَانَ الْعَامُ الْقَابِل - إِنْ شَاءَ اللَّهُ - صُمْتُ الْيَوْمَ التَّاسِعَ، فَلَمْ يَأْتِ الْعَامُ الْمُقْبِل حَتَّى تُوُفِّيَ رَسُول اللَّهِ ﷺ.
(78) وَذَهَبَ بَعْضُ الْحَنَابِلَةِ إِلَى اسْتِحْبَابِ قِيَامِ لَيْلَةِ عَاشُورَاءَ (79) .
ي - يَوْمُ الشَّكِّ:
57 - يَوْمُ الشَّكِّ، وَهُوَ يَوْمُ الثَّلاَثِينَ مِنْ شَعْبَانَ إِذَا غُمَّ عَلَى النَّاسِ فَلَمْ يَرَوُا الْهِلاَل اخْتُصَّ بِتَحْرِيمِ صِيَامِهِ، لِمَا رَوَاهُ صِلَةُ بْنُ زُفَرَ قَال: " كُنَّا عِنْدَ عَمَّارٍ فِي الْيَوْمِ الَّذِي يُشَكُّ فِيهِ فَأَتَى بِشَاةٍ مَصْلِيَّةٍ، فَتَنَحَّى بَعْضُ الْقَوْمِ، فَقَال عَمَّارٌ: مَنْ صَامَ هَذَا الْيَوْمَ فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ (80) .
ك - الأَْيَّامُ الْبِيضُ:
58 - اخْتُصَّتِ الأَْيَّامُ الْبِيضُ بِاسْتِحْبَابِ صِيَامِهَا، لِمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مِلْحَانَ الْقَيْسِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَال: كَانَ رَسُول اللَّهِ يَأْمُرُنَا أَنْ نَصُومَ الْبِيضَ ثَلاَثَ عَشْرَةَ وَأَرْبَعَ عَشْرَةَ وَخَمْسَ عَشْرَةَ قَال: وَقَال: هُنَّ كَهَيْئَةِ الدَّهْرِ (81) .
ل - الْعَشْرُ الأَْوَائِل مِنْ ذِي الْحِجَّةِ:
59 - اخْتُصَّتْ بِاسْتِحْبَابِ صِيَامِهَا وَقِيَامِهَا (82) ، لِمَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ رَسُول اللَّهِ ﷺ أَنَّهُ قَال: مَا مِنْ أَيَّامٍ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ أَنْ يُتَعَبَّدَ لَهُ فِيهَا مِنْ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ، يَعْدِل صِيَامُ كُل يَوْمٍ مِنْهَا بِصِيَامِ سَنَةٍ. وَقِيَامُ كُل لَيْلَةٍ مِنْهَا بِقِيَامِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ (83) . هَذَا مَعَ مُرَاعَاةِ النَّهْيِ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الْعِيدِ، لِمَا وَرَدَ مِنْ حُكْمٍ خَاصٍّ بِهِ. م - شَهْرُ الْمُحَرَّمِ:
60 - اخْتُصَّ شَهْرُ الْمُحَرَّمِ بِاسْتِحْبَابِ صَوْمِهِ، لِقَوْل رَسُول اللَّهِ ﷺ: أَفْضَل الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللَّهِ الْمُحَرَّمُ. (84)
ن - شَهْرُ شَعْبَانَ:
61 - اخْتُصَّ شَعْبَانُ بِاسْتِحْبَابِ الصِّيَامِ فِيهِ؛ لِحَدِيثِ عَائِشَةَ ﵂: مَا رَأَيْتُ رَسُول اللَّهِ اسْتَكْمَل صِيَامَ شَهْرٍ قَطُّ إِلاَّ شَهْرَ رَمَضَانَ، وَمَا رَأَيْتُهُ فِي شَهْرٍ أَكْثَرَ مِنْهُ صِيَامًا فِي شَعْبَانَ. (85) وَاخْتُصَّ آخِرُهُ بِكَرَاهَةِ الصِّيَامِ فِيهِ. قَال ﷺ: لاَ يَتَقَدَّمَنَّ أَحَدُكُمْ رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ رَجُلاً كَانَ يَصُومُ صَوْمًا فَلْيَصُمْهُ. (86)
س - وَقْتُ صَلاَةِ الْجُمُعَةِ:
62 - اخْتُصَّ وَقْتُ صَلاَةِ الْجُمُعَةِ بِتَحْرِيمِ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ فِيهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاَةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ} . (87) ع - أَوْقَاتٌ أُخْرَى:
63 - وَقْتُ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَوَقْتُ اسْتِوَائِهَا، وَوَقْتُ غُرُوبِهَا وَبَعْدَ صَلاَةِ الْفَجْرِ وَبَعْدَ صَلاَةِ الْعَصْرِ: اخْتُصَّتْ هَذِهِ الأَْوْقَاتُ بِمَنْعِ الصَّلاَةِ فِيهَا، عَلَى اخْتِلاَفٍ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ وَتَفْصِيلٍ فِي صِحَّةِ الصَّلاَةِ مِنْهَا مَعَ الْكَرَاهَةِ أَوْ عَدَمِ الصِّحَّةِ فِي الثَّلاَثَةِ الأُْولَى مِنْهَا دُونَ غَيْرِهَا (88) .
اخْتِصَاصُ الأَْمَاكِنِ
أ - الْكَعْبَةُ الْمُشَرَّفَةُ:
64 - اخْتُصَّتِ الْكَعْبَةُ الْمُشَرَّفَةُ بِمَا يَلِي: أَوَّلاً - افْتِرَاضِ إِحْيَائِهَا بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ (89) ، وَتَفْصِيلُهُ فِي " إِحْيَاءُ الْبَيْتِ الْحَرَامِ ".
ثَانِيًا - تَكُونُ تَحِيَّتُهَا بِالطَّوَافِ عِنْدَ الْبَعْضِ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ (90) ، وَقَال غَيْرُهُمْ كَالْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ: الطَّوَافُ هُوَ تَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ (91) .
ثَالِثًا - الْمُصَلُّونَ حَوْلَهَا يَجُوزُ أَنْ يَتَقَدَّمَ مِنْهُمُ الْمَأْمُومُ عَلَى الإِْمَامِ، إِنْ لَمْ يَكُنْ فِي جَانِبِهِ، عَلَى أَنَّ الْمَالِكِيَّةَ أَجَازُوا تَقَدُّمَ الْمَأْمُومِ عَلَى الإِْمَامِ مُطْلَقًا، وَكَرِهُوهُ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ. وَقَدْ فَصَّل ذَلِكَ الْفُقَهَاءُ فِي كِتَابِ الصَّلاَةِ (92) . رَابِعًا - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي جَوَازِ الصَّلاَةِ فِي جَوْفِ الْكَعْبَةِ وَعَلَى ظَهْرِهَا، فَلَمْ يُجِزْهَا ابْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ، وَمَنَعَ الإِْمَامُ أَحْمَدُ الْفَرْضَ، وَأَجَازَ النَّفْل، وَمَنَعَ الإِْمَامُ مَالِكٌ الْفَرَائِضَ وَالسُّنَنَ وَأَجَازَ التَّطَوُّعَ، وَأَجَازَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ الْفَرَائِضَ وَالنَّوَافِل جَمِيعًا (93) ، وَتَفْصِيل ذَلِكَ سَيَأْتِي فِي الصَّلاَةِ. فَإِنْ صَلَّى فِي جَوْفِ الْكَعْبَةِ أَوْ عَلَى ظَهْرِهَا اتَّجَهَ إِلَى أَيِّ جِهَةٍ شَاءَ.
خَامِسًا - افْتِرَاضُ التَّوَجُّهِ إِلَيْهَا فِي الصَّلاَةِ بِالإِْجْمَاعِ فَإِنَّهَا قِبْلَةُ الْمُسْلِمِينَ فِي صَلاَتِهِمْ، وَتَفْصِيلُهُ فِي " اسْتِقْبَالٌ ".
سَادِسًا - كَرَاهَةُ اسْتِقْبَالِهَا فِي بَوْلٍ أَوْ غَائِطٍ (أَيْ حِينَ التَّخَلِّي) . وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى تَحْرِيمِ ذَلِكَ (94) وَالأَْصْل فِي ذَلِكَ قَوْلُهُ ﷺ: إِذَا أَتَيْتُمُ الْغَائِطَ فَلاَ تَسْتَقْبِلُوا الْقِبْلَةَ وَلاَ تَسْتَدْبِرُوهَا وَلَكِنْ شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبُوا (95) وَتَفْصِيلُهُ فِي مُصْطَلَحِ " قَضَاءُ الْحَاجَةِ ".
ب - حَرَمُ مَكَّةَ:
65 - اخْتُصَّ حَرَمُ مَكَّةَ الْمُكَرَّمَةِ بِمَا يَلِي:
أَوَّلاً: عَدَمُ جَوَازِ دُخُول الْكُفَّارِ إِلَيْهِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا} (96) وَقَدْ أَجْلاَهُمْ عُمَرُ عَنْهُ، وَأَجَازَ الْحَنَفِيَّةُ لَهُمْ دُخُولَهُ دُونَ الإِْقَامَةِ فِيهِ كَالْحِجَازِ (97) . ثَانِيًا: اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي جَوَازِ دُخُولِهِ بِغَيْرِ إِحْرَامٍ عَلَى تَفْصِيلٍ فِي مُصْطَلَحِ (إِحْرَامٌ) .
ثَالِثًا: إِنَّ الصَّلاَةَ فِيهِ تَعْدِل مِائَةَ أَلْفِ صَلاَةٍ فِي ثَوَابِهَا لاَ فِي إِسْقَاطِ الْفَرَائِضِ؛ لِقَوْل رَسُول اللَّهِ ﷺ: صَلاَةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا أَفْضَل مِنْ أَلْفِ صَلاَةٍ فِيمَا سِوَاهُ مِنَ الْمَسَاجِدِ إِلاَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ (98) وَحَرَمُ مَكَّةَ كَمَسْجِدِهَا فِي مُضَاعَفَةِ الثَّوَابِ (99) .
رَابِعًا: عَدَمُ كَرَاهَةِ الصَّلاَةِ فِيهِ فِي الأَْوْقَاتِ الَّتِي تُكْرَهُ فِيهَا الصَّلاَةُ؛ لِحَدِيثِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ أَنَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ قَال: يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ لاَ تَمْنَعُوا أَحَدًا طَافَ بِهَذَا الْبَيْتِ وَصَلَّى أَيَّةَ سَاعَةٍ شَاءَ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ. (100)
خَامِسًا: تَحْرِيمُ صَيْدِهِ، فَمَنْ صَادَ فَعَلَيْهِ الْجَزَاءُ (101) ، كَمَا هُوَ مُفَصَّلٌ فِي بَحْثِ " إِحْرَامٌ ".
سَادِسًا: تَحْرِيمُ الْقِتَال فِيهِ، وَسَفْكِ الدِّمَاءِ، وَحَمْل السِّلاَحِ وَكَذَلِكَ إِقَامَةُ الْحُدُودِ، عَلَى مَنِ ارْتَكَبَ مُوجِبَاتِهَا خَارِجَ الْحَرَمِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، خِلاَفًا لِلْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ الَّذِينَ أَجَازُوا إِقَامَتَهَا فِيهِ مُطْلَقًا. أَمَّا مَنِ ارْتَكَبَ ذَلِكَ دَاخِل الْحَرَمِ فَيَجُوزُ إِقَامَةُ الْحُدُودِ عَلَيْهِ اتِّفَاقًا (102) لِقَوْل رَسُول اللَّهِ ﷺ: إِنَّ مَكَّةَ حَرَّمَهَا اللَّهُ وَلَمْ يُحَرِّمْهَا النَّاسُ، فَلاَ يَحِل لاِمْرِئٍ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآْخِرِ أَنْ يَسْفِكَ فِيهَا دَمًا (103) وَقَوْلِهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلاَمُهُ عَلَيْهِ: لاَ يَحِل لأَِحَدِكُمْ أَنْ يَحْمِل السِّلاَحَ بِمَكَّةَ. (104)
سَابِعًا: تَغْلِيظُ دِيَةِ الْجِنَايَةِ فِيهِ، فَقَدْ قَضَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، فِيمَنْ قَتَل فِي الْحَرَمِ، بِالدِّيَةِ وَثُلُثِ الدِّيَةِ، وَقَال بَعْضُهُمْ: لاَ تُغَلَّظُ (105) ، كَمَا هُوَ مُفَصَّلٌ فِي مُصْطَلَحِ (دِيَةٌ) .
ثَامِنًا: قَطْعُ أَشْجَارِهِ: وَلاَ يَجُوزُ قَطْعُ شَيْءٍ مِنْ أَشْجَارِ حَرَمِ مَكَّةَ بِالاِتِّفَاقِ (106) ، لِقَوْلِهِ ﷺ: " إِنَّ مَكَّةَ حَرَّمَهَا اللَّهُ وَلَمْ يُحَرِّمْهَا النَّاسُ، فَلاَ يَحِل لاِمْرِئٍ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآْخِرِ أَنْ يَسْفِكَ فِيهَا دَمًا وَلاَ يَعْضِدَ فِيهَا شَجَرَةً (107) ".
تَاسِعًا: اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي لُقَطَةِ الْحَرَمِ، فَقَال الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَهِيَ إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهَا كَلُقَطَةِ الْحِل، وَظَاهِرُ كَلاَمِ أَحْمَدَ وَهُوَ إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّ مَنِ الْتَقَطَ لُقَطَةً مِنَ الْحَرَمِ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُعَرِّفَهَا أَبَدًا حَتَّى يَأْتِيَ صَاحِبُهَا؛ لِقَوْلِهِ ﷺ: لاَ تُلْتَقَطُ لُقَطَتُهُ إِلاَّ مَنْ عَرَّفَهَا (108) .
عَاشِرًا: لاَ يَصِحُّ ذَبْحُ الْهَدْيِ إِلاَّ فِيهِ، كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي الْحَجِّ، وَلاَ يَجُوزُ إِخْرَاجُ شَيْءٍ مِنْ تُرَابِهِ (109) .
ج - مَسْجِدُ مَكَّةَ:
66 - يَخْتَصُّ مَسْجِدُ مَكَّةَ الْمُكَرَّمَةِ بِمَا يَخْتَصُّ بِهِ حَرَمُهَا لأَِنَّهُ جُزْءٌ مِنْ حَرَمِهَا، وَيَزِيدُ عَلَيْهِ مَا يَلِي: أَوَّلاً: جَوَازُ قَصْدِهِ بِالزِّيَارَةِ وَشَدِّ الرِّحَال إِلَيْهِ لِقَوْل رَسُول اللَّهِ ﷺ: لاَ تُشَدُّ الرِّحَال إِلاَّ إِلَى ثَلاَثَةِ مَسَاجِدَ: الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَمَسْجِدِ الرَّسُول، وَالْمَسْجِدِ الأَْقْصَى (110)
ثَانِيًا: تَقَدُّمُ الْمَأْمُومِ فِيهِ عَلَى الإِْمَامِ - وَقَدْ تَقَدَّمَ فِيمَا تَخْتَصُّ بِهِ الْكَعْبَةُ الْمُشَرَّفَةُ، كَمَا اخْتَصَّتْ مَوَاطِنُ بِأَعْمَالٍ فِي الْحَجِّ تَتَعَيَّنُ وُجُوبًا أَوْ نَدْبًا، كَعَرَفَةَ، وَمِنًى، وَمُزْدَلِفَةَ، وَالْمَوَاقِيتِ الْمَكَانِيَّةِ لِلإِْحْرَامِ. وَتَفْصِيلُهُ فِي مُصْطَلَحَيِ: (الْحَجُّ - وَالإِْحْرَامُ) .
د - الْمَدِينَةُ الْمُنَوَّرَةُ:
67 - أَوَّلاً: الْمَدِينَةُ الْمُنَوَّرَةُ حَرَمٌ، مَا بَيْنَ عَيْرٍ إِلَى ثَوْرٍ، لاَ يَحِل صَيْدُهَا وَلاَ يُعْضَدُ شَجَرُهَا (111) ، كَمَا ذَهَبَ إِلَى ذَلِكَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ، وَالزُّهْرِيُّ وَغَيْرُهُمْ لِحَدِيثِ رَسُول اللَّهِ ﷺ: إِنَّ إِبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ وَدَعَا لَهَا، وَإِنِّي حَرَّمْتُ الْمَدِينَةَ كَمَا حَرَّمَ إِبْرَاهِيمُ مَكَّةَ، وَإِنِّي دَعَوْتُ فِي صَاعِهَا وَمُدِّهَا بِمِثْل مَا دَعَا بِهِ إِبْرَاهِيمُ لأَِهْل مَكَّةَ (112) .
خَالَفَ فِي ذَلِكَ الْحَنَفِيَّةُ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، فَقَالُوا: لَيْسَ لِلْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ حَرَمٌ، وَلاَ يُمْنَعُ أَحَدٌ مِنْ أَخْذِ صَيْدِهَا وَشَجَرِهَا، وَمَا أَرَادَ رَسُول اللَّهِ ﷺ بِحَدِيثِهِ الْمُتَقَدِّمِ تَحْرِيمَهَا، وَلَكِنَّهُ أَرَادَ بَقَاءَ زِينَتِهَا لِيَأْلَفَهَا النَّاسُ، لِمَا رَوَاهُ الطَّحَاوِيُّ وَالْبَزَّارُ مِنْ قَوْل رَسُول اللَّهِ ﷺ: لاَ تَهْدِمُوا الآْطَامَ فَإِنَّهَا زِينَةُ الْمَدِينَةِ (113) ، وَلِمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ قَوْل رَسُول اللَّهِ ﷺ: يَا أَبَا عُمَيْرٍ مَا فَعَل النُّغَيْرُ؟ وَالنُّغَيْرُ صَيْدٌ (114) .
ثَانِيًا: يُمْنَعُ الذِّمِّيُّ مِنَ الاِسْتِيطَانِ بِهَا وَلاَ يُمْنَعُ مِنْ دُخُولِهَا (115) .
ثَالِثًا: قَدَّمَ الإِْمَامُ مَالِكٌ الْعَمَل بِمَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ فُقَهَاءُ الْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ فِي عَصْرِهِ عَلَى خَبَرِ الْوَاحِدِ (116) .
رَابِعًا: الإِْقَامَةُ فِي الْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ أَحَبُّ مِنَ الإِْقَامَةِ فِي غَيْرِهَا وَلَوْ كَانَتْ مَكَّةَ؛ لأَِنَّهَا مُهَاجَرُ الْمُسْلِمِينَ، لِقَوْل رَسُول اللَّهِ ﷺ: تُفْتَحُ الْيَمَنُ فَيَأْتِي قَوْمٌ يُبِسُّونَ، فَيَتَحَمَّلُونَ بِأَهْلِيهِمْ وَمَنْ أَطَاعَهُمْ، وَالْمَدِينَةُ خَيْرٌ لَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ، وَتُفْتَحُ الشَّامُ فَيَأْتِي قَوْمٌ يُبِسُّونَ فَيَتَحَمَّلُونَ بِأَهْلِيهِمْ وَمَنْ أَطَاعَهُمْ، وَالْمَدِينَةُ خَيْرٌ لَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ، وَتُفْتَحُ الْعِرَاقُ فَيَأْتِي قَوْمٌ يُبِسُّونَ فَيَتَحَمَّلُونَ بِأَهْلِيهِمْ وَمَنْ أَطَاعَهُمْ، وَالْمَدِينَةُ خَيْرٌ لَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ. (117)
خَامِسًا: يُسْتَحَبُّ لِلْمُؤْمِنِ الاِنْقِطَاعُ بِهَا لِيُحَصِّل الْمَوْتَ فِيهَا، فَقَدْ كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَدْعُو اللَّهَ وَيَقُول: اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي شَهَادَةً فِي سَبِيلِكَ، وَاجْعَل مَوْتِي فِي بَلَدِ رَسُولِكَ (118) ، وَذَلِكَ لِمَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَال: قَال رَسُول اللَّهِ ﷺ: مَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَمُوتَ بِالْمَدِينَةِ فَلْيَمُتْ بِهَا، فَإِنِّي أَشْفَعُ لِمَنْ يَمُوتُ بِهَا (119) .
هـ - مَسْجِدُ الرَّسُول ﷺ:
68 - يَخْتَصُّ مَسْجِدُ رَسُول اللَّهِ ﷺ بِأَنَّ الصَّلاَةَ فِيهِ أَفْضَل مِنْ أَلْفِ صَلاَةٍ فِيمَا سِوَاهُ إِلاَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ، لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ قَوْل رَسُول اللَّهِ ﷺ: صَلاَةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا أَفْضَل مِنْ أَلْفِ صَلاَةٍ فِيمَا سِوَاهُ إِلاَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ. (120) وَيَخْتَصُّ بِجَوَازِ شَدِّ الرِّحَال إِلَيْهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ حَدِيثُ: لاَ تُشَدُّ الرِّحَال إِلاَّ إِلَى ثَلاَثِ مَسَاجِدَ (121) وَذَكَرَ مِنْهَا مَسْجِدَ رَسُول اللَّهِ ﷺ.
و مَسْجِدُ قُبَاءَ:
69 - يَخْتَصُّ مَسْجِدُ قُبَاءٍ بِأَنَّ مَنْ أَتَاهُ فَصَلَّى فِيهِ كَانَتْ لَهُ كَعُمْرَةٍ، لِمَا رَوَاهُ النَّسَائِيُّ عَنْ سَهْل بْنِ حُنَيْفٍ قَال: قَال رَسُول اللَّهِ ﷺ: مَنْ خَرَجَ حَتَّى يَأْتِيَ هَذَا الْمَسْجِدَ - مَسْجِدَ قُبَاءَ - فَصَلَّى فِيهِ كَانَ لَهُ عَدْل عُمْرَةٍ (122) وَفِي سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ عَنْ أُسَيْدِ بْنِ ظُهَيْرٍ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَال: الصَّلاَةُ فِي مَسْجِدِ قُبَاءَ كَعُمْرَةٍ (123) وَلِذَلِكَ اسْتُحِبَّ إِتْيَانُ هَذَا الْمَسْجِدِ وَالصَّلاَةُ فِيهِ (124) .
ز - الْمَسْجِدُ الأَْقْصَى:
70 - يَخْتَصُّ الْمَسْجِدُ الأَْقْصَى بِجَوَازِ شَدِّ الرِّحَال إِلَيْهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ. وَاخْتَلَفُوا فِي كَرَاهَةِ التَّوَجُّهِ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ فِي الْبَوْل وَالْغَائِطِ، فَكَرِهَهُ بَعْضُهُمْ؛ لأَِنَّ بَيْتَ الْمَقْدِسِ كَانَ قِبْلَةً، وَأَبَاحَهُ آخَرُونَ، وَقَدْ ذَكَرَ ذَلِكَ الْفُقَهَاءُ عِنْدَ حَدِيثِهِمْ عَنْ آدَابِ الاِسْتِنْجَاءِ فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ (125) .
ح - بِئْرُ زَمْزَمَ:
71 - اخْتُصَّ مَاءُ زَمْزَمَ عَنْ غَيْرِهِ مِنَ الْمِيَاهِ بِأَنَّ لِشُرْبِهِ آدَابًا خَاصَّةً، وَلاَ يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ فِي مَوَاضِعِ الاِمْتِهَانِ كَإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ الْحَقِيقِيَّةِ، عَلَى خِلاَفٍ وَتَفْصِيلٍ سَبَقَ فِي مُصْطَلَحِ " آبَارٌ " (ف 33 - 35) (فِي الْجُزْءِ الأَْوَّل) .
الاِخْتِصَاصُ بِالْوِلاَيَةِ أَوِ الْمِلْكِ
72 - الْمُخَصِّصُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ الشَّرْعُ، وَقَدْ سَبَقَ بَيَانُهُ، أَوِ الشَّخْصُ بِمِلْكٍ أَوْ وِلاَيَةٍ. وَهَذَا الأَْخِيرُ يُشْتَرَطُ فِيهِ مَا يَلِي:
شُرُوطُ الشَّخْصِ الْمُخَصِّصِ:
73 - أ - أَنْ يَكُونَ أَهْلاً لِلتَّصَرُّفِ.
ب - أَنْ يَكُونَ ذَا وِلاَيَةٍ، سَوَاءٌ أَكَانَتْ وِلاَيَةً عَامَّةً كَالأَْمِيرِ وَالْقَاضِي وَنَحْوِهِمَا، أَمْ وِلاَيَةً خَاصَّةً كَالأَْبِ وَنَحْوِهِ.
ج - أَنْ يَكُونَ ذَا مِلْكٍ، إِذْ لِصَاحِبِ الْمِلْكِ أَنْ يَخْتَصَّ بِمِلْكِهِ مَنْ يَشَاءُ بِشُرُوطِهِ.
اخْتِصَاصُ ذِي الْوِلاَيَةِ:
74 - إِذَا كَانَ الْمُخَصِّصُ صَاحِبَ الْوِلاَيَةِ فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الاِخْتِصَاصِ أَنْ يَكُونَ مُحَقِّقًا لِمَصْلَحَةِ الْمُولَى عَلَيْهِ، وَمِنْ هُنَا قَالُوا: تَصَرُّفُ ذِي الْوِلاَيَةِ مَنُوطٌ بِالْمَصْلَحَةِ؛ لأَِنَّ الْوِلاَيَةَ أَمَانَةٌ، قَال ﷺ: إِنَّهَا أَمَانَةٌ، وَإِنَّهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ خِزْيٌ وَنَدَامَةٌ إِلاَّ مَنْ أَخَذَهَا بِحَقِّهَا وَأَدَّى الَّذِي عَلَيْهِ فِيهَا. (126) وَقَال ابْنُ تَيْمِيَّةَ فِي السِّيَاسَةِ الشَّرْعِيَّةِ: " إِنَّ وَصِيَّ الْيَتِيمِ وَنَاظِرَ الْوَقْفِ عَلَيْهِ أَنْ يَتَصَرَّفَ لَهُ بِالأَْصْلَحِ فَالأَْصْلَحِ (127) ".
وَمِنْ ذَلِكَ اخْتِصَاصُ بَعْضِ الْقُضَاةِ بِالْقَضَاءِ فِي بَلَدٍ مُعَيَّنٍ، أَوْ فِي جَانِبٍ مُعَيَّنٍ مِنْ بَلَدٍ دُونَ الْجَوَانِبِ الأُْخْرَى، أَوْ فِي مَذْهَبٍ مُعَيَّنٍ، أَوِ النَّظَرِ فِي نَوْعٍ مِنَ الدَّعَاوَى دُونَ الأَْنْوَاعِ الأُْخْرَى كَالْمُنَاكَحَاتِ أَوِ الْحُدُودِ أَوِ الْمَظَالِمِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَقَدْ فَصَّل الْفُقَهَاءُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ، وَفِي كُتُبِ الأَْحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ (128) . وَيَجِبُ مُرَاعَاةُ الْمَصْلَحَةِ فِي اخْتِصَاصِ الرِّجَال، فِي الْوِلاَيَاتِ أَوْ مَنْحِ الأَْمْوَال وَنَحْوِهَا، كَالْحِمَى، وَهُوَ فِي حَقِيقَتِهِ اخْتِصَاصُ أَرْضٍ مُعَيَّنَةٍ لِتَرْعَى فِيهَا أَنْعَامُ الصَّدَقَةِ، أَوْ خَيْل الْجِهَادِ، وَاخْتِصَاصُ بَعْضِ الأَْرَاضِي بِإِقْطَاعِهَا لِلإِْحْيَاءِ، وَاخْتِصَاصُ بَعْضِ الْمَرَافِقِ الْعَامَّةِ بِإِقْطَاعِهَا إِقْطَاعَ إِرْفَاقٍ كَالطُّرُقَاتِ وَمَقَاعِدِ الأَْسْوَاقِ وَنَحْوِ ذَلِكَ.
وَاخْتِصَاصُ بَعْضِ الْمَوَادِّ الضَّرُورِيَّةِ بِرَفْعِ الْعُشُورِ عَنْهَا، أَوْ تَخْفِيضِ الْعُشُورِ عَنْهَا؛ لِيَكْثُرَ جَلْبُهَا إِلَى أَسْوَاقِ الْمُسْلِمِينَ، فَقَدْ كَانَ عُمَرُ ﵁ يَأْخُذُ مِنَ النَّبَطِ مِنَ الْحِنْطَةِ وَالزَّيْتِ نِصْفَ الْعُشْرِ، يُرِيدُ بِذَلِكَ أَنْ يُكْثِرَ الْحَمْل إِلَى الْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ وَيَأْخُذُ مِنَ الْقُطْنِيَّةِ - الْحِمَّصَ وَالْعَدَسَ - الْعُشْرَ (129) .
اخْتِصَاصُ الْمَالِكِ:
75 - أَمَّا إِذَا كَانَ الْمُخَصِّصُ صَاحِبَ مِلْكٍ، فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ لاِخْتِصَاصِهِ بَعْضَ مِلْكِهِ بِشَيْءٍ مِنَ التَّصَرُّفَاتِ دُونَ بَعْضٍ أَلاَّ يَنْشَأَ عَنِ اخْتِصَاصِهِ هَذَا ضَرَرٌ أَوْ مَفْسَدَةٌ وَلِذَلِكَ مُنِعَ مِنَ الْوَصِيَّةِ بِأَكْثَرَ مِنَ الثُّلُثِ لِمَا فِيهِ مِنَ الإِْضْرَارِ بِالْوَرَثَةِ، وَمُنِعَ مِنْ إِعْطَاءِ بَعْضِ أَوْلاَدِهِ عَطِيَّتَهُ لِغَيْرِ سَبَبٍ مَشْرُوعٍ دُونَ بَاقِيهِمْ لِمَا فِيهِ مِنْ إِيغَارِ صُدُورِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ (130) .
__________
(1) المصباح المنير ولسان العرب (خصص) .
(2) روضة الطالبين 7 / 17، وأسنى المطالب 3 / 107
(3) وحديث " ما تقرب إلي عبدي. . . " أخرجه البخاري عن أبي هريرة مرفوعا، وأوله: إن الله قال: من عادى لي وليا. . . (ر: تلخيص الحبير3 / 117)
(4) سورة الإسراء / 76 3 / 258 / 3
(5) سورة المزمل / 2 - 4
(6) حديث عائشة ﵂: " ثلاث هن على فرائض. . " قال عنه ابن حجر في تلخيص الحبير 3 / 120: ضعيف جدا، لأنه من رواية مرسى بن عبد الرحمن الصنعاني عن هشام عن أبيه.
(7) حديث: " خمس صلوات " أخرجه البخاري ومسلم في كتاب الإيمان، والترمذي في تفسير سورة سبأ، والنسائي في الصلاة.
(8) انظر في ذلك المراجع التالية: تفسير ابن كثير، وتفسير الطبري، وتفسير القرطبي، وأحكام القرآن للجصاص في تفسير قوله تعالى في سورة الإسراء: (ومن الليل فتهجد به نافلة لك) . وانظر شرح الزرقاني على خليل 3 / 156، تصوير بيروت دار الفكر، وروضة الطالبين 7 / 3، طبع المك
(9) نهاية المحتاج شرح المنهاج 6 / 175 ط المكتبة الإسلامية، وروضة الطالبين 7 / 3، وأسنى المطالب 3 / 99
(10) شرح الزرقاني2 / 156، وتلخيص الحبير 3 / 120
(11) حديث ابن عمر أخرجه البخاري ومسلم في صلاة الوتر.
(12) المجموع شرح المهذب 4 / 20 ط المكتبة السلفية بالمدينة المنورة. / 3 259 / 3
(13) عمدة القاري 7 / 15 ط المنيرية.
(14) مواهب الجليل 3 / 393، وشرح الزرقاني 2 / 155، وروضة الطالبين7 / 3، والخصائص الكبرى 3 / 252، ونهاية المحتاج إلى شرح المنهاج6 / 175، وحديث: " ثلاث هن على فرائض. . . " " رواه أحمد في مسنده (1 / 31) والحديث ضعيف من جميع طرقه (تلخيص الحبير3 / 118)
(15) حديث: " أمرت بركعتي الضحى. . . " أخرجه الإمام أحمد، والحديث ضعيف بجميع طرقه، كما قال ابن حجر (تلخيص الحبير3 / 118)
(16) شرح الزرقاني على مختصر خليل 2 / 155، وحديث: " أمرت بالوتر. . . " أخرجه الدارقطني، وقال فيه عبد الله بن محرر متروك.
(17) مطالب أولي النهى 5 / 30، طبع المكتب الإسلامي، والخصائص الكبرى 3 / 253، وحديث ابن عباس: " ثلاث كتبت على. . . " أخرجه الدارقطني وغيره، وقال عنه ابن حجر: في تلخيص الحبير 3 / 118، الحديث ضعيف من جميع طرقه.
(18) حديث عبد الله بن حنظلة إسناده حسن (تلخيص الحبير 3 / 120) ، وانظر نهاية المحتاج 6 / 175، وروضة الطالبين 7 / 3، ومطالب أولي النهى 5 / 30، ومواهب الجليل 3 / 394، وشرح الزرقاني 2 / 156، والخصائص الكبرى 3 / 253 / 3 260 / 3
(19) مواهب الجليل 3 / 393، والزرقاني 2 / 156، ونهاية المحتاج 6 / 175، والروضة 7 / 3، وتلخيص الحبير 3 / 119، ومطالب أولي النهى 5 / 30، والخصائص الكبرى3 / 253
(20) سورة آل عمران / 159
(21)
(22) انظر: الخصائص الكبرى 3 / 257، وما بعدها، وتفسير ابن كثير، وتفسير القرطبي لقوله تعالى: (وشاورهم في الأمر) ، والخرشي على خليل 3 / 159، ونهاية المحتاج 6 / 175، وروضة الطالبين 7 / 3، ومطالب أولي النهى 5 / 31، والجوهر النقي على سنن البيهقي 7 / 45، وما بعدها.
(23) انظر: الخرشي3 / 159، والزرقاني2 / 158، ونهاية المحتاج 6 / 175، والخصائص الكبرى3 / 258، وتلخيص الحبير 3 / 121، ومطالب أولي النهى 5 / 31، والآية من سورة المائدة
(24) الخصائص3 / 258، ومطالب أولي النهى5 / 30، والزرقاني 2 / 158 / 3 261 / 3
(25) حديث أبي هريرة أخرجه البخاري في النفقات، باب من ترك كلا أو ضياعا، وانظر مواهب الجليل3 / 396، ونهاية المحتاج 6 / 175، وسنن البيهقي7 / 44، وتلخيص الحبير 3 / 48، 121 (اللؤلؤ والمرجان حديث رقم 1044)
(26) سورة الأحزاب / 28، 29
(27) سورة الأحزاب / 52
(28) مطالب أولي النهى 5 / 32، ونهاية المحتاج 6 / 175، والخصائص الكبرى 3 / 265، وأسنى المطالب 3 / 99، وشرح الزرقانى 2 / 158، ومواهب الجليل 3 / 397، وسنن البيهقي 7 / 39، والحديث أخرجه مسلم بشرح النووي 7 / 177 - 181 ط العصرية)
(29) سورة المدثر / 6
(30) تفسير القرطبي 19 / 66، وسنن البيهقي 7 / 51، وشرح الزرقانى 2 / 159، وأسنى المطالب 3 / 100، ومطالب أولي النهى 5 / 32، والخصائص الكبرى 3 / 274، وتلخيص الحبير 3 / 131
(31) فتح الباري2 / 339، ط السلفية، والخصائص3 / 268، ومواهب الجليل3 / 397، والزرقاني 2 / 158
(32) أسنى المطالب 3 / 100، وروضة الطالبين7 / 5، وتلخيص الحبير3 / 124 / 3 263 / 3
(33) ) أسنى المطالب 3 / 99، وسنن البيهقي 7 / 42، وتلخيص الحبير 3 / 127، وما بعدها، والخصائص3 / 270، ومطالب أولي النهى5 / 31 و32
(34) مطالب أولي النهى5 / 31، والخصائص 3 / 274، وأسنى المطالب 3 / 100 وحديث " لا ينبغي. . . " أخرجه أصحاب المغازي وله طرق أخرى بإسناد حسن عند البيهقي والحاكم من حديث ابن عباس (تلخيص الحبير3 / 129)
(35) أسنى المطالب3 / 100، والزرقاني2 / 159،والخصائص 3 / 279، وتلخيص الحبير3 / 130، وسنن البيهقي 7 / 40، ومطالب أولي النهى 5 / 31، وقال ابن حجر في التلخيص: إسناد هذا الحديث صالح.
(36) حديث " سألت ربي. . . " أخرجه الحاكم في " المستدرك " (2 / 137) نشر دار الكتاب العربي وقال: " هذا حديث صحيح الإسناد "، ووافقه الذهبي
(37) الخرشي 3 / 161، والخصائص 3 / 276، وأسنى المطالب3 / 100 / 3 264 / 3
(38) المراجع السابقة.
(39) سورة الأحزاب / 50
(40) انظر الخصائص 3 / 277، وما بعدها، وتفسير الطبري 22 / 21، وما بعدها، وأحكام الجصاص 3 / 450، وحديث أم هانئ. . . . " أخرجه الترمذي (بشرح ابن العربي 12 / 89، 90 ط الصاوي) وقال: " حسن صحيح من هذا الوجه من حديث السدي " اهـ، وقال ابن العربي: " ضعيف جدا ولم يأت هذا ال
(41) أحكام الجصاص 3 / 449
(42) أخرجه البخاري (فتح الباري 9 / 356 برقم 5254) نشر السلفية، تلخيص الحبير 3 / 131، والخصائص الكبرى 3 / 276، وأسنى المطالب 3 / 100، وروضة الطالبين 7 / 6، وشرح الزرقاني 2 / 158، ومطالب أولي النهى 5 / 31
(43) الخصائص 3 / 283، وحديث " عائشة أن رسول الله. . . " أخرجه أحمد والبيهقي والطحاوي. / 3 265 / 3
(44) الخصائص 3 / 283، ومراقي الفلاح ص 319 طبع بولاق سنة 1318
(45) سنن البيهقي 7 / 61، واللفظ موافق له، والخصائص 3 / 284، وروضة الطالبين 7 / 7، ومواهب الجليل 3 / 400 و401، وأسنى المطالب 3 / 101، ومراقي الفلاح ص 351، ومطالب أولي النهى 5 / 35، وكشاف القناع 5 / 27
(46) مطالب أولي النهى 5 / 35، والخصائص 3 / 290، وحديث " إن مكة. . . . " وتمامه " إنما أذن له فيه ساعة من نهار، وقد عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس. وليبلغ الشاهد الغائب ". أخرجه البخاري من حديث أبي شريح العدوي، فتح الباري (8 / 20) برقم 4295 ط السلفية البخاري (4 / 4
(47) جواهر الإكليل1 / 170، والخصائص3 / 290، ومطالب أولي النهى 5 / 35، وسنن البيهقي 7 / 59
(48) روضة الطالبين 7 / 7، والخصائص 3 / 291، وحديث هند بنت عتبة: " خذي. . . " متفق عليه من حديث عائشة، وله عندهما ألفاظ، تلخيص الحبير (4 / 7، 8) ، وأسنى المطالب 3 / 102
(49) أسنى المطالب 3 / 102، والزرقاني2 / 161
(50) الخصائص 3 / 291 / 3 266 / 3
(51) روضة الطالبين 7 / 16
(52) روضة الطالبين7 / 7، وكشاف القناع 5 / 27، والزرقاني 2 / 160، والآية من سورة الأنفال / 41
(53) المصادر السابقة.
(54) سورة الأحزاب / 33، وانظر كشاف القناع 5 / 30
(55) حديث " من تسمى باسمي. . . " أخرجه أبو داود (2 / 2588) ط الحلبي. والترمذي من حديث جابر. تلخيص الحبير (3 / 144)
(56) حديث: " ما الذي أحل. . . . " رواه أبو داود من حديث عائشة من طريق محمد بن عمران الحجبي (2 / 589) ط الحلبي، قال صاحب عون المعبود: قال المنذري: غريب، وفي فتح الباري: محمد بن عمران الحجبي تفرد به وهو مجهول، وقال الذهبي: له حديث وهو منكر وما رأيت لهم فيه جرحا ولا تعديلا " (عون المعبود 4 / 448)
(57) انظر في ذلك كله: الخصائص الكبرى 3 / 172، وروضة الطالبين 7 / 5، وأسنى المطالب 3 / 105، والفتاوى الهندية 5 / 362، ط بولاق الثانية سنة 1310، وتحفة المودود في أحكام المولود 98 وما بعدها ط الإمام. وحديث علي: " يا رسول الله أرأيت. . . " صححه الحاكم والترمذي. (تلخيص الحبير 3 / 144، وتحفة الأحوذي 8 / 134، ط السلفية) .
(58) سورة الحجرات / 1، 2، وانظر الخصائص الكبرى 3 / 327، وكشاف القناع 5 / 34، وأسنى المطالب 3 / 105، والزرقاني 2 / 160، والخرشي 3 / 162، وتلخيص الحبير 3 / 142
(59) سورة الحجرات / 1، 2، وانظر الخصائص الكبرى 3 / 327، وكشاف القناع 5 / 34، وأسنى المطالب 3 / 105، والزرقاني 2 / 160، والخرشي 3 / 162، وتلخيص الحبير 3 / 142
(60) الخصائص 3 / 311، وسنن البيهقي 7 / 6، والمغني 8 / 233، وجواهر الإكليل 2 / 282، وحاشية ابن عابدين1 / 377 و3 / 184 و293
(61) حديث " ما منعك. . . " أخرجه أبو داود وأصله في البخاري (سنن أبي داود مع عون المعبود 1 / 544 ط الكتاب العربي، وفتح الباري 8 / 307 ط السلفية) .
(62) سنن البيهقي 7 / 64، وكشاف القناع 5 / 34، وأسنى المطالب 3 / 105، وتلخيص الحبير 3 / 142، والآية من سورة الأنفال / 24
(63) كشاف القناع 5 / 31، وأسنى المطالب 3 / 106 وحديث: " إن ابني هذا. . . " أخرجه البخاري (فتح الباري 5 / 307، وتلخيص الحبير 3 / 143) وحديث: " إن الله لم يبعث. . . " أخرجه ابن الجوزي بألفاظ مقاربة وقال عنه لا يصح (العلل المتناهية 1 / 210)
(64) حديث: " نحن معاشر. . . " أخرجه البخاري دون قوله نحن معاشر الأنبياء (فتح الباري 12 / 7 ط السلفية) .
(65) حديث: " ما تركت. . " أخرجه البخاري (فتح الباري رقم 3096)
(66) مواهب الجليل 3 / 399، وحاشية القليوبي 3 / 198، وسنن البيهقي 7 / 64
(67) انظر ما ورد فيها من أحاديث في جامع الأصول 9 / 241 ط دمشق سنة 1392
(68) حديث: " من قام رمضان. . . " أخرجه البخاري ومسلم وأصحاب السنن الأربعة (فيض القدير6 / 191)
(69) انظر المجموع 4 / 45، وشرح المنهاج 2 / 127، وابن عابدين 1 / 460، ومراقي الفلاح بحاشية الطحطاوي ص 218، والبحر الرائق 2 / 56، وشرح الرهوني 1 / 181، والمغني 1 / 259، وكشف المخدرات ص 86
(70) حديث " من قام ليلتي العيد. . . " أخرجه ابن ماجه، وقال المنذري في الترغيب والترهيب: فيه بقية مدلس. وكذلك قال البوصيري في زوائد ابن ماجه (سنن ابن ماجه1 / 567 ط عيسى الحلبي) .
(71) المغني 3 / 163، وجامع الأصول 6 / 343
(72) المغني 3 / 164، وجامع الأصول 6 / 343
(73) حديث " فيه ساعة لا يوافقها عبد مسلم. . . " أخرجه البخاري ومسلم في الجمعة (فتح الباري 2 / 415 وصحيح مسلم 2 / 584)
(74) انظر مغني المحتاج 2 / 228، وجامع الأصول 6 / 359
(75) انظر جامع الأصول 6 / 357
(76) الترغيب والترهيب 2 / 243، وحديث: " إذا كانت. . " أخرجه ابن ماجه، وضعفه الحافظ البوصيري (سنن ابن ماجه 1 / 445)
(77) مراقي الفلاح بحاشية الطحطاوي ص 219، والفروع 1 / 438
(78) حديث ابن عباس: " حين صام رسول الله. . . " أخرجه مسلم وأبو داود في الصيام باب صيام عاشوراء (عون المعبود 2 / 302، ط المطبعة الأنصارية)
(79) الفروع 1 / 438 و440
(80) حديث عمار في صيام يوم الشك أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه كلهم في الصيام - باب صيام يوم الشك. وقال الترمذي في حديث حسن صحيح ورواه ابن حبان في صحيحه، والحاكم في المستدرك، وقال: حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. ورواه الدارقطني في سننه وقال: حديث صحيح ورواته كلهم ثقات (نصب الراية 2 / 422 ط دار المأمون) .
(81) حديث " كان يأمرنا أن نصوم. . . " أخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجه (عون المعبود 7 / 8)
(82) مراقي الفلاح ص 219، وحاشية ابن عابدين 1 / 460، والبحر الرائق 2 / 56، والفروع 1 / 398، والشرح الكبير بهامش المغني 2 / 264
(83) حديث " ما من أيام. . . " أخرجه الترمذي في الصيام - باب العمل في أيام العشر، وقال: حسن غريب وانظر البخاري في العيدين باب فضل العمل أيام التشريق وأبو داود في الصوم - باب صوم العشر. وأخرجه ابن ماجه وضعفه (تحفة الأحوذي 3 / 464)
(84) حديث " أفضل الصيام بعد شهر رمضان. . . " أخرجه مسلم في الصيام. (صحيح مسلم 2 / 821)
(85) حديث عائشة أخرجه البخاري ومسلم والموطأ، وأبو داود (جامع الأصول في أحاديث الرسول 6 / 316)
(86) حديث " لا يتقدمن أحدكم رمضان. . . "، أخرجه البخاري ومسلم وأصحاب السنن في الصوم (فتح الباري 27 / 128، مسلم 2 / 762) .
(87) سورة الجمعة / 9
(88) مراقي الفلاح بحاشية الطحطاوي ص 100، وأسنى المطالب 1 / 123، وشرح الزرقاني 1 / 151
(89) إعلام الساجد بأحكام المساجد ص84 ط المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية سنة 1384
(90) إعلام الساجد 107
(91) المغني 3 / 555، ومراقي الفلاح بحاشية الطحطاوي ص 400
(92) إعلام الساجد 85 و97، وحاشية ابن عابدين 1 / 613
(93) إعلام الساجد 91، والمغني 2 / 73 وما بعدها، وحاشية ابن عابدين 1 / 612 و613، وجواهر الإكليل 1 / 45، وحاشية القليوبي 2 / 109
(94) المغني 1 / 162، وما بعدها، ومراقي الفلاح ص 29، وجواهر الإكليل 1 / 18، وأسنى المطالب 1 / 46
(95) حديث " إذا أتيتم الغائط. . . " أخرجه البخاري في الوضوء باب لا تستقبل القبلة في بول ولا غائط، ومسلم في الطهارة باب الاستطابة. وأخرجه أبو داود والترمذي (جامع الأصول 7 / 120)
(96) سورة التوبة / 28
(97) المغني 8 / 531
(98) حديث: " صلاة في مسجدي هذا أفضل. . . " أخرجه مسلم والنسائي عن أبي هريرة وقال ابن عبد البر: روي عن أبي هريرة من طرق ثابتة صحاح متواترة. قال العراقي: لم يرد التواتر الذي ذكره أهل الأصول بل الشهرة (فيض القدير 4 / 227)
(99) إعلام الساجد ص 102
(100) إعلام الساجد ص 105، وحديث جبير بن مطعم أخرجه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح، قال صاحب تحفة الأحوذي: أخرجه أبو داود وسكت عنه وأخرجه النسائي وابن ماجه، ونقل المنذري تصحيح الترمذي وأقره. (تحفة الأحوذي 3 / 605 - 606)
(101) انظر: الأم 2 / 190 وما بعدها، والمغني 3 / 344، وجواهر الإكليل 1 / 194
(102) حاشية ابن عابدين 2 / 256 و3 / 163و252، وجواهر الإكليل2 / 263، والمغني 8 / 239
(103) حديث " إن مكة حرمها الله. . . " أخرجه البخاري ومسلم في الحج. (اللؤلؤ والمرجان ص 315 رقم الحديث 860)
(104) حديث " لا يحل لأحدكم. . " أخرجه مسلم في الحج، باب النهي عن حمل السلاح بمكة، بلا حاجة، من ديث جابر ﵁ (2 / 989) تحقيق محمد عبد الباقي
(105) مصنف عبد الرزاق 9 / 301، وسنن البيهقي 8 / 71، والمغني 7 / 772
(106) سنن البيهقي 8 / 77، وجواهر الإكليل 1 / 198، والهداية 1 / 175، والمغني 3 / 349
(107) حديث: " إن مكة حرمها الله. . . " أخرجه البخاري ومسلم في الحج.
(108) القليوبي 3 / 120، والمغني 5 / 642، وحديث " لا يلتقط لقطته. . . " أخرجه البخاري ومسلم في الحج عن عبد الله بن عباس (فتح الباري 3 / 449، وصحيح مسلم 2 / 987)
(109) الأم 2 / 190، والمغني 3 / 556
(110) وحديث: " لا تشد الرحال. . . " أخرجه البخاري في التطوع، باب فضل الصلاة في مسجد مكة، ومسلم في الحج، باب لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد، وأبو داود في المناسك - باب في إتيان المدينة، والنسائي في المساجد - باب ما تشد إليه الرحال. (اللؤلؤ والمرجان من: 323، رقم 882)
(111) جواهر الإكليل 1 / 198، والعير وثور جبلان بالمدينة المنورة. انظر تهذيب الصحاح (عير) ، والقاموس المحيط (ثور) .
(112) حديث " إن إبراهيم حرم مكة. . . " أخرجه البخاري في البيوع - باب بركة صاع النبي (ص) ، ومسلم في الحج - باب فضل المدينة. (فتح الباري 4 / 346، ومسلم 2 / 991)
(113) حديث: " لا تهدموا الأطام. . . " رواه البزار بلفظ نهى عن ركام المدينة أن تهدم قال العيني: إسناد صحيح وقال البيهقي: في إسناد البزار الحسن وإسناده صحيح) وقال البيهقي في إسناد البزار الحسن بن يحيى لم أعرفه وبقية رجاله رجال الصحيح عمدة القاري10 / 229، وجمع الزوائد3 / 301، وكشف الأستار عن زوائد البزار 2 / 54 تحقيق حبيب الرحمن الأعظمي
(114) حديث النغير انظر عمدة القاري شرح صحيح البخاري 10 / 229، وإعلام الساجد 243، ومصنف عبد الرزاق 9 / 263، والمحلي 7 / 263، والأطام: حصون لأهل المدينة المنورة وهو جمع أطُمُ (تهذيب الصحاح) .
(115) ابن عابدين 3 / 275، ومصنف عبد الرزاق 6 / 51 و 10 / 357، وسنن البيهقي 9 / 208
(116) جواهر الإكليل1 / 71، وإعلام الساجد ص 266
(117) حديث: " تفتح اليمن فيأتي قوم. . . " أخرجه البخاري في فضائل المدينة، ومسلم في الحج باب الترغيب في المدينة، ومالك في الموطأ 2 / 887، باب ما جاء في سكنى المدينة. انظر فيض القدير 3 / 260
(118) الأثر عن عمر: (اللهم ارزقني. . .) أخرجه البخاري في الجهاد باب الدعاء بالجهاد والشهادة، (فتح الباري 4 / 100) ومالك في الموطأ 2 / 462، وعبد الرزاق 5 / 262، والمجموع 5 / 103، طبع الإمام، وإعلام الساجد ص 248
(119) حديث " من استطاع. . . " أخرجه أحمد والترمذي وابن ماجه وابن حبان في صحيحه وهو صحيح (فيض القدير 6 / 53)
(120) حديث " صلاة في مسجدي. . . " متفق عليه (اللؤلؤ والمرجان 323 الحديث رقم 881) وأخرجه أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجه (فيض القدير 4 / 226)
(121) سبق تخريجه (ص 274)
(122) أخرجه النسائي وهذا لفظه، باب فضل مسجد قباء 2 / 37 ط التجارية، وأخرجه أحمد والحاكم (الفتح الكبير 3 / 188)
(123) أخرجه أحمد والترمذي وابن ماجه والحاكم وهو صحيح (فيض القدير 4 / 244)
(124) مراقي الفلاح ص 409
(125) جواهر الإكليل 1 / 26، وأسنى المطالب 1 / 46، وإعلام الساجد 292
(126) حديث " إنها أمانة وإنها يوم القيامة. . . " أخرجه مسلم (3 / 1457 - الحديث 1825 تحقيق محمد عبد الباقي)
(127) السياسة الشرعية ص 13 ط دار الكتب العربية الحديثة
(128) انظر تبصرة الحكام 1 / 17، والأحكام السلطانية للماوردي ص 72، وفتح القدير 5 / 455، ومجمع الأنهر 4 / 17
(129) الأموال لأبي عبيد ص 533، ومصنف عبد الرزاق 6 / 99 و10 / 335، وقد ورد الخبر فيه مقلوبا فاقتضى التنويه.
(130) المغني 5 / 604، 608، و6 / 155
الموسوعة الفقهية الكويتية: 256/ 2
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".