القيوم
كلمةُ (القَيُّوم) في اللغة صيغةُ مبالغة من القِيام، على وزنِ...
الإخلال بالوعد، أو العهد، وعدم الوفاء به . ومن أمثلته قال ابن رشد الجد : "إنما منع الله من المواعدة ..لما جاء من النهي عن الإخلاف بالوعد، وكره لأحدهما أن يعد صاحبه بالنكاح لئلا يبدو له فيخلف بالوعد . فإذا عرّض بالوعد، ولم يصرح به لم يكن فيه موضع للكراهة ".
عَدَمُ الوَفَاءِ بِالعَهْدِ وَالوَعْدِ وَنَحْوِهِ ، تَقُولُ: أَخْلَفَ الرَّجُلُ وَعْدَهُ إِذَا لَمْ يَفِ بِهِ وَلم يَصْدُقْ ، وَرَجُلٌ مُخْلِفٌ أَيْ كَثِيرُ الإِخْلافِ لِوَعْدِهِ ، وَيُطْلَقُ الإِخْلاَفُ بِمَعْنَى: الكَذِبِ ، وَضِدُّهُ: الوَفَاءُ وَالصِّدْقُ ، وَيَأْتِي الإِخْلاَفُ بِمَعْنَى: الإِنَابَةُ ، يُقالُ: اسْتَخْلَفَ فُلاَنٌ فُلاَنًا فِي مَالِهِ أَيْ اسْتَنَابَهُ وَأَنَابَهُ مَكَانَهُ وَجَعَلَهُ خَلِيفَةً لَهُ ، وَالـخِلاَفَةُ: النِّيَابَةُ ، وَأَصْلُ الإِخْلاَفِ: الإِبْدَالُ وَجَعْلُ الشَّيْءِ خَلَفًا عَنِ الشَّيْءِ ، وَالـخَلَفُ: العِوَضُ وَالبَدَلُ ، يُقالُ: خَلَفْتُ فُلاَنًا أَيْ جِئْتُ بَعْدَهُ لأَقُومَ مَقَامَهُ وَكُنْتُ بَدَلاً عَنْهُ ، يُقَالُ: أَخْلَفَ اللهُ عَلَيْكَ خَيْرًا أَيْ أَبْدَلَكَ بِمَا ذَهَبَ مِنْكَ.
يَذْكُرُ الفُقَهَاءُ الإِخْلاَفَ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ فِي بَابِ خِطْبَةِ المَرْأَةِ ، وَكِتَابِ البُيُوعِ فِي بَابِ الشُّرُوطِ فِي البَيْعِ ، وَكِتَابِ الجِهَادِ فِي بَابِ أَحْكَامِ الهُدْنَةِ ، وَغَيْرِهَا.
خلف
عَدَمُ وَفَاءِ الشَّخْصِ بِمَا الْتَزَمَهُ وَعَقَدَهُ.
الإِخْلاَفُ خُلُقٌ مِنْ أَخْلَاقِ المُنَافِقِينَ ، وَهُوَ تَرْكُ الشَّخْصِ إِنْجَازَ مَا الْتَزَمَ بِهِ مِنْ وَعْدٍ أَوْ عَهدٍ أَوْ شَرْطٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ ، وَالمُخْلِفُ لَهُ أَرْبَعُ أَحْوَالٍ فِي إِخْلَافِهِ: الأُولَى: أَنْ يَنْوِي ابْتِدَاءً عَدَمَ الوَفَاءِ وَهَذَا قَدْ جَمَعَ بَيْنَ رَذِيلَةِ الإِخْلَافِ ورَذِيلَةِ الكَذِبِ، وَهُوَ أَشَدُّ أَنْواعُ الإِخْلاَفِ. الثَّانِيَةُ: النَّكْثُ وَالنَّقْضُ لِمَا أَبْرَمَهُ وَالْتَزَمَ بِهِ مِنْ وَعْدٍ أَوْ عَهْدٍ. الثَّالِثَةُ: التَّحَوَّلُ إِلَى مَا هُوَ أَفْضَلُ وَخَيْرٌ عِنْدَ اللهِ ، وَالانْتِقَالُ إِلَى مَا هُوَ أَقْرَبُ إِلَى طَاعَةِ اللهِ وَتَحْقِيقِ مَرْضَاتِهِ. الرَّابِعَةُ: العَجْزُ عَنْ الوَفَاءِ لِسَبَبٍ مِنَ الأَسْبَابِ كَالنِّسْيَانِ وَنَحْوِهِ، فَهُوَ مَعْذورٌ لِعَدَمِ اسْتِطَاعَتِهِ.
عَدَمُ الوَفَاءِ بِالعَهْدِ وَالوَعْدِ وَنَحْوِهِ ، وَيُطْلَقُ الإِخْلاَفُ بِمَعْنَى: الكَذِبِ ، وَضِدُّهُ: الوَفَاءُ وَالصِّدْقُ ، وَيَأْتِي الإِخْلاَفُ بِمَعْنَى: الإِنَابَةُ ، وَالـخِلاَفَةُ: النِّيَابَةُ ، وَأَصْلُ الإِخْلاَفِ: الإِبْدَالُ وَجَعْلُ الشَّيْءِ خَلَفًا عَنِ الشَّيْءِ ، وَالـخَلَفُ: العِوَضُ وَالبَدَلُ ، يُقَالُ: أَخْلَفَ اللهُ عَلَيْكَ خَيْرًا أَيْ أَبْدَلَكَ بِمَا ذَهَبَ مِنْكَ.
الإخلال بالوعد، أو العهد، وعدم الوفاء به.
* معجم المصطلحات والألفاظ الفقهية : 108/1 - معجم لغة الفقهاء : ص30 - القاموس الفقهي : ص121 - الموسوعة الفقهية الكويتية : 325/2 - المحكم والمحيط الأعظم : 5 /200 - لسان العرب : 9 /87 - مختار الصحاح : 1 /95 - لسان العرب : 9 /87 - مختار الصحاح : 1 /95 - الفروق للقرافي : 4 /24 -
التَّعْرِيفُ:
1 - مِنْ مَعَانِي الإِْخْلاَفِ فِي اللُّغَةِ عَدَمُ الْوَفَاءِ بِالْعَهْدِ (1) قَال الزَّجَّاجُ: وَالْعُقُودُ أَوْكَدُ مِنَ الْعُهُودِ، إِذِ الْعَهْدُ إِلْزَامٌ، وَالْعُقُودُ إِلْزَامٌ عَلَى سَبِيل الإِْحْكَامِ وَالاِسْتِيثَاقِ، مِنْ عَقَدَ الشَّيْءَ بِغَيْرِهِ: وَصَلَهُ بِهِ كَمَا يُعْقَدُ الْحَبْل بِالْحَبْل. وَلاَ يَخْرُجُ اسْتِعْمَال الْفُقَهَاءِ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ الْمَذْكُورِ.
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
الْكَذِبُ
2 - مِنَ الْفُقَهَاءِ مَنْ سَوَّى بَيْنَ الْكَذِبِ وَالإِْخْلاَفِ، وَمِنْهُمْ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا فَجَعَل الْكَذِبَ فِي الْمَاضِي وَالْحَاضِرِ، وَإِخْلاَفَ الْوَعْدِ فِي الْمُسْتَقْبَل (2) .
مَا يَقَعُ فِيهِ الإِْخْلاَفُ:
3 - يَقَعُ الإِْخْلاَفُ فِي الْوَعْدِ وَفِي الْعَهْدِ وَمِنَ الْفُقَهَاءِ مَنْ جَعَل الْوَعْدَ وَالْعَهْدَ وَاحِدًا، وَمِنْهُمْ مَنْ جَعَل الْوَعْدَ غَيْرَ الْعَهْدِ، فَخَصَّ الْعَهْدَ بِمَا أَوْجَبَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَوْ حَرَّمَهُ، وَجَعَل الْوَعْدَ فِيمَا عَدَا ذَلِكَ.
الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ لِلإِْخْلاَفِ:
4 - عَلَى التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْعَهْدِ وَالْوَعْدِ يَكُونُ إِخْلاَفُ الْعَهْدِ حَرَامًا أَمَّا الإِْخْلاَفُ بِالْوَعْدِ فَقَدْ قَال النَّوَوِيُّ: وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ مَنْ وَعَدَ إِنْسَانًا شَيْئًا لَيْسَ بِمَنْهِيٍّ عَنْهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَفِيَ بِوَعْدِهِ وَهَل ذَلِكَ وَاجِبٌ أَمْ مُسْتَحَبٌّ؟ فِيهِ خِلاَفٌ بَيْنَهُمْ. ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ، فَلَوْ تَرَكَهُ فَاتَهُ الْفَضْل وَارْتَكَبَ الْمَكْرُوهَ كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ شَدِيدَةٍ، وَلَكِنْ لاَ يَأْثَمُ. وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ إِلَى أَنَّهُ وَاجِبٌ، قَال الإِْمَامُ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ الْمَالِكِيُّ: أَجَل مَنْ ذَهَبَ إِلَى هَذَا الْمَذْهَبِ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ.
قَال: وَذَهَبَتِ الْمَالِكِيَّةُ مَذْهَبًا ثَالِثًا أَنَّهُ إِنِ ارْتَبَطَ الْوَعْدُ بِسَبَبٍ كَقَوْلِهِ: تَزَوَّجْ وَلَكَ كَذَا، أَوِ احْلِفْ أَنَّكَ لاَ تَشْتُمْنِي وَلَكَ كَذَا، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، وَجَبَ الْوَفَاءُ، وَإِنْ كَانَ وَعْدًا مُطْلَقًا لَمْ يَجِبْ. وَاسْتَدَل مَنْ لَمْ يُوجِبْهُ بِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْهِبَةِ، وَالْهِبَةُ لاَ تَلْزَمُ إِلاَّ بِالْقَبْضِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ: تَلْزَمُ قَبْل الْقَبْضِ (3) .
هَذَا، وَإِنَّ مَنْ وَعَدَ وَفِي نِيَّتِهِ الإِْخْلاَفُ فَهُوَ آثِمٌ قَطْعًا، وَيَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ عَلَى شُعْبَةٍ مِنَ النِّفَاقِ؛ لِقَوْلِهِ ﷺ: آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلاَثٌ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ. (4) آثَارُ الإِْخْلاَفِ:
أ - إِخْلاَفُ الْوَعْدِ:
5 - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْوَعْدَ لاَ يَلْزَمُ قَضَاءً إِلاَّ إِذَا كَانَ مُعَلَّقًا (5) .
أَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَفِي رِوَايَةٍ عِنْدَهُمْ أَنَّ الْوَعْدَ بِالْعَقْدِ مُلْزِمٌ لِلْوَاعِدِ قَضَاءً إِذَا دَخَل الْمَوْعُودُ تَحْتَ الْتِزَامٍ مَالِيٍّ بِنَاءً عَلَى ذَلِكَ الْوَعْدِ، كَمَا إِذَا قَال لَهُ: اهْدِمْ دَارَكَ وَأَنَا أُسَلِّفُكَ مَا تَبْنِي بِهِ. (6)
فَإِذَا مَا أَخْلَفَ وَعْدَهُ - ضَمِنَ الشُّرُوطَ الَّتِي اشْتَرَطَهَا الْحَنَفِيَّةُ أَوِ الْمَالِكِيَّةُ - أُجْبِرَ عَلَى التَّنْفِيذِ.
وَأَمَّا الْحَنَابِلَةُ فَقَدْ صَرَّحَ الرَّحِيبَانِيُّ مِنْهُمْ بِأَنَّهُ لاَ يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِالْوَعْدِ حُكْمًا (وَفَسَّرَهُ بِقَوْلِهِ: أَيْ فِي الظَّاهِرِ) . وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَهُمْ (7) .
وَمُقْتَضَى حُكْمِ الشَّافِعِيَّةِ بِكَرَاهَةِ الإِْخْلاَفِ عَدَمُ إِجْبَارِ الْمُخْلِفِ عَلَى التَّنْفِيذِ (8) .
ب - إِخْلاَفُ الشَّرْطِ:
الأَْصْل فِي الشَّرْطِ أَنْ يَكُونَ مُلْزِمًا، فَإِذَا أَخْلَفَهُ، اعْتُبِرَ إِخْلاَفُهُ إِخْلاَلاً بِالْعَقْدِ أَوْ مُثْبِتًا خِيَارًا، عَدَا بَعْضَ الشُّرُوطِ الَّتِي لاَ يَضُرُّ الإِْخْلاَل بِهَا فِي النِّكَاحِ خَاصَّةً؛ لأَِنَّهَا تُعْتَبَرُ مُلْغَاةً مُنْذُ اشْتِرَاطِهَا عِنْدَ الْبَعْضِ، كَمَا ذَكَرَ الْفُقَهَاءُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ.
__________
(1) لسان العرب، والقاموس المحيط مادة " خلف ".
(2) انظر: الفروق للقرافي، وحاشية ابن الشاط عليه 4 / 24، بتصرف، طبع دار المعرفة - بيروت.
(3) الأذكار ص / 281، 282
(4) حديث: آية المنافق ثلاث، متفق عليه (اللؤلؤ والمرجان ص 12)
(5) الأشباه والنظائر 2 / 110، وانظر شرح مجلة الأحكام العدلية لعلي حيدر، ومحمد خالد الأتاسي، المادة 84
(6) الفروق 2 / 25
(7) مطالب أولي النهى 6 / 434، وكشاف القناع 6 / 284، والإنصاف 11 / 152
(8) الروضة للنووي 5 / 390، وشرح الأذكار 6 / 258، 259، والقليوبي 3 / 28
الموسوعة الفقهية الكويتية: 325/ 2
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".