الوهاب
كلمة (الوهاب) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعّال) مشتق من الفعل...
التخلي عن أشغال الدنيا، وترك ملاذّها، والزهد فيها، والانقطاع عن الناس، والعزلة عن الخلق
الرَّهْبانِيَّةُ: الرَّهْبَةُ والخَوْفُ والفَزَعُ، يُقَال: رَهِبَ، يَرْهَبُ، رَهْبَةً ورُهْباً ورَهَباً، أيْ: خافَ وفَزِعَ، وقِيلَ: الرَّهْبانِيَّةُ الغُلُوُّ في الرَّهْبَةِ والخَوْفِ. وتُطْلَق على فِعْلِ الرُّهْبانِ، وهو: الانِقْطاعُ لِلتَّعَبُّدِ وتَرْكُ مُخالَطَةِ النّاسِ. والتَّرَهُّبُ: التَّعَبُّدُ، وتَرَهَّبَ الرَّجُلُ: صارَ راهِباً وانْقَطَعَ لِلْعِبادَةِ.
يَرِد مُصْطلَح (رَهْبانِيَّة) في الفقه في كتاب الصِّيامِ، باب: الاِعْتِكاف، وفي كتابِ الجِهادِ، عند الـكلام عن قَتْلِ الأطْفالِ والنِّساءِ والرُّهْبانِ. ويُطْلَق في عِلْمِ العَقِيدَةِ، باب: الأَدْيان والفِرَق، عند الكَلاَمِ عن عَقائِدِ النَّصارَى، وعَقائِدِ الصُّوفِيَّةِ.
رهب
الغُلُوُّ في التَّعَبُّدِ وتَرْكُ الدُّنْيا وعَدَمُ مُخالَطَةِ النّاسِ.
الرَّهْبَانِيَّةُ: طَرِيقَةٌ في التَعَبُّدِ تكون بِالغُلُوِّ في أُمورِ العِبَادَةِ، وتَرْكِ الدُّنْيا ومَلاذِّها، والزُّهْدِ فيها، والعُزْلَةِ عن أَهْلِها، ومِن صِفاتِها: حَبْسُ النَّفْسِ في صَوْمَعَةٍ أو كَهْفٍ ونحوِ ذلك، ولُبْس السَّوادِ، والإِعْراضُ عن الدُّنْيا وشَهَواتِها، كالزَّواجِ وغَيْرِهِ.
الرَّهْبانِيَّةُ: الرَّهْبَةُ والخَوْفُ والفَزَعُ، يُقَال: رَهِبَ، يَرْهَبُ، رَهْبَةً ورُهْباً ورَهَباً، أيْ: خافَ وفَزِعَ، وتُطْلَق على فِعْلِ الرُّهْبانِ، وهو: الانِقْطاعُ لِلتَّعَبُّدِ وتَرْكُ مُخالَطَةِ النّاسِ.
التخلي عن الدنيا، وملاذّها، والزهد فيها، والانقطاع والعزلة عن الخلق.
* المحكم والمحيط الأعظم : (4/310)
* مشارق الأنوار : (1/300)
* المفردات في غريب القرآن : (ص 204)
* مختار الصحاح : (ص 267)
* لسان العرب : (1/436)
* المصباح المنير في غريب الشرح الكبير : (1/241)
* التوقيف على مهمات التعاريف : (ص 375)
* الكليات : (ص 756)
* دستور العلماء : (2/92)
* معجم لغة الفقهاء : (ص 260)
* الموسوعة الفقهية الكويتية : (23/173)
* النهاية في غريب الحديث والأثر : (2/280)
* كشاف اصطلاحات الفنون والعلوم : (1/839) -
. التَّعْرِيفُ:
1 - الرَّهْبَانِيَّةُ لُغَةً: مِنَ الرَّهْبَةِ، وَهِيَ الْخَوْفُ وَالْفَزَعُ مَعَ تَحَرُّزٍ وَاضْطِرَابٍ، وَمِنْهَا الرَّاهِبُ: وَهُوَ الْمُتَعَبِّدُ فِي صَوْمَعَةٍ مِنَ النَّصَارَى يَتَخَلَّى عَنْ أَشْغَال الدُّنْيَا وَمَلاَذِّهَا زَاهِدًا فِيهَا مُعْتَزِلاً أَهْلَهَا، وَالْجَمْعُ: رُهْبَانٌ، وَقَدْ يَكُونُ الرُّهْبَانُ وَاحِدًا، وَالْجَمْعُ رَهَابِينُ وَتَرَهَّبَ الرَّجُل إِذَا صَارَ رَاهِبًا.
وَالرَّهْبَانِيَّةُ: - بِفَتْحِ الْيَاءِ - مَنْسُوبَةٌ إِلَى الرُّهْبَانِ وَهُوَ الْخَائِفُ، فَعْلاَنُ مِنْ رَهِبَ، كَخَشْيَانِ مِنْ خَشِيَ. وَتَكُونُ أَيْضًا - بِضَمِّ الرَّاءِ - نِسْبَةً إِلَى الرُّهْبَانِ وَهُوَ جَمْعُ رَاهِبٍ كَرَاكِبٍ وَرُكْبَانٍ (1) . وَالْمَعْنَى الاِصْطِلاَحِيُّ لاَ يَخْرُجُ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ.
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - الْعُزْلَةُ:
2 - الْعُزْلَةُ لُغَةً: التَّجَنُّبُ وَهِيَ اسْمُ مَصْدَرٍ، وَهِيَ ضِدُّ الْمُخَالَطَةِ.
وَلاَ يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلاَحِيُّ عَنْ ذَلِكَ.
وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الرَّهْبَانِيَّةِ: أَنَّ الْعُزْلَةَ مِنْ وَسَائِل الرَّهْبَانِيَّةِ، وَهِيَ عَلَى خِلاَفِ الأَْصْل، وَقَدْ تَقَعُ عِنْدَ فَسَادِ الزَّمَانِ لِغَيْرِ التَّرَهُّبِ فَلاَ تَحْرُمُ.
ب - السِّيَاحَةُ:
3 - مِنْ مَعَانِي السِّيَاحَةِ فِي اللُّغَةِ: الذَّهَابُ فِي الأَْرْضِ لِلتَّعَبُّدِ وَالتَّرَهُّبِ، وَلاَ يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلاَحِيُّ عَنْ ذَلِكَ.
وَكَانَتِ السِّيَاحَةُ هَكَذَا مِمَّا يَتَعَبَّدُ بِهِ رُهْبَانُ النَّصَارَى، وَلِذَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ: سِيَاحَةُ أُمَّتِي الْجِهَادُ (2) ، وَتَأْتِي السِّيَاحَةُ بِمَعْنَى إِدَامَةِ الصَّوْمِ.
فَالسِّيَاحَةُ بِالْمَعْنَى الأَْوَّل قَرِيبَةٌ مِنَ الرَّهْبَانِيَّةِ.
وَيُنْظَرُ مُصْطَلَحُ (سِيَاحَة) . الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:
4 - نَهَتِ الشَّرِيعَةُ عَنِ الرَّهْبَانِيَّةِ - بِمَعْنَاهَا الَّذِي كَانَ يُمَارِسُهُ رُهْبَانُ النَّصَارَى - وَهُوَ الْغُلُوُّ فِي الْعِبَادَاتِ، وَالتَّخَلِّي عَنْ أَشْغَال الدُّنْيَا وَتَرْكُ مَلاَذِّهَا، وَاعْتِزَال النِّسَاءِ، وَالْفِرَارُ مِنْ مُخَالَطَةِ النَّاسِ، وَلُزُومُ الصَّوَامِعِ وَالدِّيَارَاتِ أَوِ التَّعَبُّدُ فِي الْغِيرَانِ وَالْكُهُوفِ، وَالسِّيَاحَةُ فِي الأَْرْضِ عَلَى غَيْرِ هُدًى بِلُحُوقِهِمْ بِالْبَرَارِيِّ وَالْجِبَال، وَحَمْل أَنْفُسِهِمْ عَلَى الْمَشَقَّاتِ فِي الاِمْتِنَاعِ مِنَ الْمَطْعَمِ وَالْمَشْرَبِ وَالْمَلْبَسِ وَالْمَنْكَحِ، وَتَعْذِيبُ النَّفْسِ بِالأَْعْمَال التَّعَبُّدِيَّةِ الشَّاقَّةِ كَأَنْ يَخْصِيَ نَفْسَهُ أَوْ يَضَعَ سَلْسَلَةً فِي عُنُقِهِ.
وَدَلِيل ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى: {قُل يَا أَهْل الْكِتَابِ لاَ تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلاَ تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْل وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيل} (3) .
وَقَوْل النَّبِيِّ ﷺ: عَلَيْكَ بِالْجِهَادِ، فَإِنَّهُ رَهْبَانِيَّةُ الإِْسْلاَمِ (4) . وَقَوْلُهُ ﷺ: وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلاَّ غَلَبَهُ (5) . وَقَوْلُهُ ﷺ: مَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي (6) .
وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الأَْفْضَل لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَخْتَلِطَ بِالنَّاسِ، وَيَحْضُرَ جَمَاعَاتِهِمْ وَمَشَاهِدَ الْخَيْرِ وَمَجَالِسَ الْعِلْمِ، وَأَنْ يَعُودَ مَرِيضَهُمْ، وَيَحْضُرَ جَنَائِزَهُمْ، وَيُوَاسِيَ مُحْتَاجَهُمْ، وَيُرْشِدَ جَاهِلَهُمْ، وَيَأْمُرَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ، وَيَدْعُوَ لِلْخَيْرِ، وَيَنْشُرَ الْحَقَّ وَالْفَضِيلَةَ، وَيُجَاهِدَ فِي سَبِيل اللَّهِ لإِِعْلاَءِ كَلِمَةِ اللَّهِ، وَإِعْزَازِ دِينِهِ مَعَ قَمْعِ نَفْسِهِ عَنْ إِيذَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَالصَّبْرِ عَلَى أَذَاهُمْ.
قَال النَّوَوِيُّ: إِنَّ الاِخْتِلاَطَ بِالنَّاسِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ هُوَ الْمُخْتَارُ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ رَسُول اللَّهِ ﷺ وَسَائِرُ الأَْنْبِيَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلاَمُهُ عَلَيْهِمْ، وَكَذَلِكَ الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ، وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنْ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَأَخْيَارِهِمْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} (7) وقَوْله تَعَالَى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} (8) وقَوْله تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ} (9) . وَقَوْلُهُ ﷺ: الْعِبَادَةُ فِي الْهَرَجِ كَهِجْرَةٍ إِلَيَّ (10) وَقَوْلُهُ ﷺ الْمُؤْمِنُ الَّذِي يُخَالِطُ النَّاسَ وَيَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ أَعْظَمُ أَجْرًا مِنَ الَّذِي لاَ يُخَالِطُهُمْ وَلاَ يَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ (11) .
هَذَا إِذَا لَمْ تَكُنْ هُنَاكَ فِتْنَةٌ عَامَّةٌ أَوْ فَسَادٌ سَائِدٌ لاَ يَسْتَطِيعُ إِصْلاَحَهُ، أَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ وُقُوعُهُ فِي الْحَرَامِ بِسَبَبِ الْمُخَالَطَةِ فَيُسْتَحَبُّ لَهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ الْعُزْلَةُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لاَ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً} (12) .
وَقَوْلُهُ ﷺ: خَيْرُ النَّاسِ رَجُلٌ جَاهَدَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، وَرَجُلٌ فِي شِعْبٍ مِنَ الشِّعَابِ يَعْبُدُ رَبَّهُ وَيَدَعُ النَّاسَ مِنْ شَرِّهِ (13) .
وَقَوْلُهُ ﷺ: يُوشِكُ أَنْ يَكُونَ خَيْرُ مَال الْمُسْلِمِ غَنَمٌ يَتْبَعُ بِهَا شَغَفَ الْجِبَال وَمَوَاقِعَ الْقَطْرِ يَفِرُّ بِدِينِهِ مِنَ الْفِتَنِ (14) .
__________
(1) لسان العرب، والمصباح المنير، وغريب القرآن للأصفهاني مادة (رهب) ، وروح المعاني 9 / 190، وأحكام القرآن لابن العربي 4 / 1732، والتفسير الكبير 29 / 244، تفسير الزمخشري 4 / 67
(2) حديث: " سياحة أمتي الجهاد ". أخرجه أبو داود (3 / 12 - تحقيق عزت عبيد دعاس) والحاكم (2 / 73 - ط دائرة المعارف العثمانية) من حديث أبي أمامة وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي.
(3) سورة المائدة / 77
(4) حديث: " عليك بالجهاد فإنه رهبانية الإسلام ". أخرجه أحمد (3 / 82 - ط الميمنية) من حديث أبي سعيد الخدري، وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد (4 / 215 - ط القدسي) وقال: " رواه أحمد وأبو يعلى، ورجال أحمد ثقات "
(5) حديث: " ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه ". أخرجه البخاري (الفتح 1 / 93 - ط السلفية) من حديث أبي هريرة
(6) حديث: " من رغب عن سنتي فليس مني ". أخرجه البخاري (الفتح 9 / 104 - ط السلفية) ، ومسلم (2 / 1020 - ط الحلبي) من حديث أنس
(7) سورة المائدة / 2
(8) سورة آل عمران / 110
(9) سورة الصف / 4
(10) حديث: " العبادة في الهرج كهجرة إليّ ". أخرجه مسلم (4 / 2268 - ط الحلبي) من حديث معقل بن يسار
(11) حديث: " المؤمن الذي يخالط الناس. . . " أخرجه أحمد (2 / 43 - ط الميمنية) من حديث أبي هريرة، وإسناده صحيح.
(12) سورة الأنفال / 25
(13) حديث: " خير الناس رجل جاهد بنفسه وماله. . . " أخرجه البخاري (الفتح 11 / 331 - ط السلفية) من حديث أبي سعيد الخدري
(14) تفسير القرطبي 17 / 263، أحكام القرآن لابن العربي 4 / 1732، الاعتصام للشاطبي ص 233، دليل الفالحين 3 / 37، 45. وحديث: " يوشك أن يكون خير مال المسلم. . . " أخرجه البخاري (الفتح 13 / 40 - ط السلفية) من حديث أبي سعيد الخدري
الموسوعة الفقهية الكويتية: 173/ 23