الأول
(الأوَّل) كلمةٌ تدل على الترتيب، وهو اسمٌ من أسماء الله الحسنى،...
المنع من فعل لم يرد نص بتحريمه؛ لكونه مفضياً للمحرم قطعاً، أو ظناً غالباً . وهو يعد من الأدلة المختلف في الاحتجاج بها، مع أن منه ما هو متفق على العمل به، ومنه ما هو محل خلاف، فما كان إفضاؤه إلى الحرام قطعياً، فهو دليل على الحرمة باتفاق، وما كان نادراً، فلا دلالة فيه باتفاق، وما كان كثيراً، أو غالباً، فهو محل الخلاف . مثل المنع من بيع السلعة بثمن مؤجل، ثم شراؤها بأقل منه حالاً، لكونه ذريعة للربا، وبيع الوفاء، وأخذ المقرض الهدية من المقترض . ومن شواهده قول ابن القيّم : "من محاسن هذه الشريعة الكاملة سدّ الذريعة، ومنع المتصدق من شراء صدقته ".
يَرِد مُصْطلَح (سَدّ الذَّرائِعِ) في الفِقْهِ في مَواطِنَ كَثيرَةٍ، منها: كتاب البُيُوعِ، باب: الرِّبا، وكتاب النِّكاحِ، باب: الطَّلاق، وكتاب الجِناياتِ، باب: القِصاص، وغَيْر ذلك مِن الأبوابِ. ويَرِد أيضاً في عِلمِ العقيدة، باب: التَّوحِيد وأقسامه، وباب: نواقِض الإيمان عند الكلام عن أسبابِ الشِّركِ.
المنع من فعل لم يرد نص بتحريمه؛ لكونه مفضياً للمحرم قطعاً، أو ظناً غالباً. وهو من الأدلة المختلف في الاحتجاج بها.
* قواعد الأحكام في مصالح الأنام : (1/173)
* تبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج الأحكام : (2/327)
* الفروق للقرافي : (2/32)
* إعلام الموقعين : (4/551)
* شرح مختصر الروضة : (3/214)
* شرح الكوكب المنير : (4/434)
* إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول : (ص 408)
* الموسوعة الفقهية الكويتية : (24/276) -
.
التَّعْرِيفُ:
1 - السَّدُّ فِي اللُّغَةِ: إِغْلاَقُ الْخَلَل. وَالذَّرِيعَةُ: الْوَسِيلَةُ إِلَى الشَّيْءِ يُقَال: تَذَرَّعَ فُلاَنٌ بِذَرِيعَةٍ أَيْ تَوَسَّل بِهَا إِلَى مَقْصِدِهِ، وَالْجَمْعُ ذَرَائِعُ.
وَفِي الاِصْطِلاَحِ: هِيَ الأَْشْيَاءُ الَّتِي ظَاهِرُهَا الإِْبَاحَةُ وَيُتَوَصَّل بِهَا إِلَى فِعْلٍ مَحْظُورٍ. وَمَعْنَى سَدِّ الذَّرِيعَةِ: حَسْمُ مَادَّةِ وَسَائِل الْفَسَادِ دَفْعًا لَهَا إِذَا كَانَ الْفِعْل السَّالِمُ مِنَ الْمَفْسَدَةِ وَسِيلَةً إِلَى مَفْسَدَةٍ (1) .
الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ:
2 - اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي حُكْمِ سَدِّ الذَّرَائِعِ وَاعْتِبَارِهَا مِنْ أَدِلَّةِ الْفِقْهِ: فَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهَا مِنْ أَدِلَّةِ الْفِقْهِ. وَاسْتَدَلُّوا بِمَا يَأْتِي:
1 - قَوْله تَعَالَى: {وَلاَ تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ} (2) ، قَالُوا: نَهَى تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَنْ سَبِّ آلِهَةِ الْكُفَّارِ لِئَلاَّ يَكُونَ ذَلِكَ ذَرِيعَةً إِلَى سَبِّ اللَّهِ تَعَالَى، وَنَهَى اللَّهُ سُبْحَانَهُ عَنْ كَلِمَةِ (رَاعِنَا) بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا} (3) لِئَلاَّ يَكُونَ ذَلِكَ ذَرِيعَةً لِلْيَهُودِ إِلَى سَبِّ النَّبِيِّ ﷺ لأَِنَّ كَلِمَةَ (رَاعِنَا) فِي لُغَتِهِمْ سَبٌّ لِلْمُخَاطَبِ.
2 - قَوْلُهُ ﷺ: دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لاَ يَرِيبُكَ (4) .
وَقَوْلُهُ ﷺ: الْحَلاَل بَيِّنٌ وَالْحَرَامُ بَيِّنٌ وَبَيْنَهُمَا مُشَبَّهَاتٌ لاَ يَعْلَمُهَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَنِ اتَّقَى الْمُشَبَّهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ فِي الْمُشَبَّهَاتِ كَانَ كَرَاعٍ يَرْعَى حَوْل الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يُوَاقِعَهُ. أَلاَ وَإِنَّ لِكُل مَلِكٍ حِمًى، أَلاَ وَإِنَّ حِمَى اللَّهِ فِي أَرْضِهِ مَحَارِمُهُ (5) . وَقَال ابْنُ رُشْدٍ: إِنَّ أَبْوَابَ الذَّرَائِعِ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ يَطُول ذِكْرُهَا وَلاَ يُمْكِنُ حَصْرُهَا.
3 - إِنَّ إِبَاحَةَ الْوَسَائِل إِلَى الشَّيْءِ الْمُحَرَّمِ الْمُفْضِيَةِ إِلَيْهِ نَقْضٌ لِلتَّحْرِيمِ، وَإِغْرَاءٌ لِلنُّفُوسِ بِهِ، وَحِكْمَةُ الشَّارِعِ وَعِلْمُهُ يَأْبَى ذَلِكَ كُل الإِْبَاءِ، بَل سِيَاسَةُ مُلُوكِ الدُّنْيَا تَأْبَى ذَلِكَ، فَإِنَّ أَحَدَهُمْ لَوْ مَنَعَ جُنْدَهُ أَوْ رَعِيَّتَهُ مِنْ شَيْءٍ، ثُمَّ أَبَاحَ لَهُمُ الطُّرُقَ وَالْوَسَائِل إِلَيْهِ، لَعُدَّ مُتَنَاقِضًا، وَلَحَصَل مِنْ جُنْدِهِ وَرَعِيَّتِهِ خِلاَفُ مَقْصُودِهِ. وَكَذَلِكَ الأَْطِبَّاءُ إِذَا أَرَادُوا حَسْمَ الدَّاءِ مَنَعُوا صَاحِبَهُ مِنَ الطُّرُقِ وَالذَّرَائِعِ الْمُوَصِّلَةِ إِلَيْهِ، وَإِلاَّ فَسَدَ عَلَيْهِمْ مَا يَرُومُونَ إِصْلاَحَهُ (6) .
4 - اسْتِقْرَاءُ مَوَارِدِ التَّحْرِيمِ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ يَظْهَرُ أَنَّ الْمُحَرَّمَاتِ مِنْهَا مَا هُوَ مُحَرَّمٌ تَحْرِيمَ الْمَقَاصِدِ، كَتَحْرِيمِ الشِّرْكِ وَالزِّنَى وَشُرْبِ الْخَمْرِ وَالْقَتْل الْعُدْوَانِ، وَمِنْهَا مَا هُوَ تَحْرِيمٌ لِلْوَسَائِل وَالذَّرَائِعِ الْمُوَصِّلَةِ لِذَلِكَ وَالْمُسَهِّلَةِ لَهُ. اسْتَقْرَى ذَلِكَ ابْنُ الْقَيِّمِ فَذَكَرَ لِتَحْرِيمِ الذَّرَائِعِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ مِثَالاً مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ (7) .
فَمِنْ سَدِّ الذَّرَائِعِ إِلَى الزِّنَى: تَحْرِيمُ النَّظَرِ الْمَقْصُودِ إِلَى الْمَرْأَةِ، وَتَحْرِيمُ الْخَلْوَةِ بِهَا، وَتَحْرِيمُ إِظْهَارِهَا لِلزِّينَةِ الْخَفِيَّةِ، وَتَحْرِيمُ سَفَرِهَا وَحْدَهَا سَفَرًا بَعِيدًا وَلَوْ لِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ عَلَى خِلاَفٍ وَتَفْصِيلٍ فِي ذَلِكَ، وَتَحْرِيمُ النَّظَرِ إِلَى الْعَوْرَاتِ، وَوُجُوبُ الاِسْتِئْذَانِ عِنْدَ الدُّخُول إِلَى الْبُيُوتِ، وَكَثِيرٌ مِنَ الأَْحْكَامِ الْوَارِدَةِ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ.
وَمِنْ سَدِّ الذَّرَائِعِ إِلَى شُرْبِ الْمُسْكِرِ: تَحْرِيمُ الْقَلِيل مِنْهُ وَلَوْ قَطْرَةً، كَمَا فِي الْحَدِيثِ لَوْ رَخَّصْتُ لَكُمْ فِي هَذِهِ لأَُوشِكُ أَنْ تَجْعَلُوهَا مِثْل هَذِهِ (8) .
وَالنَّهْيُ عَنِ الْخَلِيطَيْنِ، وَالنَّهْيُ عَنْ شُرْبِ الْعَصِيرِ بَعْدَ ثَلاَثٍ، وَالنَّهْيُ عَنِ الاِنْتِبَاذِ فِي بَعْضِ الأَْوْعِيَةِ الَّتِي يُسْرِعُ التَّخَمُّرُ إِلَى مَا يُنْتَبَذُ فِيهَا. وَمِنْ سَدِّ الذَّرَائِعِ إِلَى الْقَتْل: النَّهْيُ عَنْ بَيْعِ السِّلاَحِ فِي الْفِتْنَةِ، وَالنَّهْيُ عَنْ تَعَاطِي السَّيْفِ مَسْلُولاً، وَإِيجَابُ الْقِصَاصِ دَرْءًا لِلتَّهَاوُنِ بِالْقَتْل، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} (9) .
وَكَثِيرٌ مِنْ مَنْهِيَّاتِ الصَّلاَةِ وَمَكْرُوهَاتِهَا مَرْجِعُهَا إِلَى هَذَا الأَْصْل، كَالنَّهْيِ عَنِ الصَّلاَةِ عِنْدَ شُرُوقِ الشَّمْسِ وَعِنْدَ زَوَالِهَا وَعِنْدَ غُرُوبِهَا، وَكَرَاهَةِ الصَّلاَةِ إِلَى الصُّورَةِ، أَوِ النَّارِ، أَوْ وَجْهِ إِنْسَانٍ.
وَكَالنَّهْيِ عَنِ الْبَيْعِ بَعْدَ نِدَاءِ الْجُمُعَةِ؛ لأَِنَّ الْبَيْعَ وَسِيلَةٌ إِلَى التَّخَلُّفِ عَنِ الْجُمُعَةِ أَوْ فَوَاتِ بَعْضِهَا. وَفِي فَسْخِ الْبَيْعِ إِنْ وَقَعَ فِي وَقْتِ النَّهْيِ خِلاَفٌ (10) .
3 - وَأَنْكَرَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَفِيَّةُ ذَلِكَ.
وَقَالُوا: إِنَّ سَدَّ الذَّرَائِعِ لَيْسَ مِنْ أَدِلَّةِ الْفِقْهِ؛ لأَِنَّ الذَّرَائِعَ هِيَ الْوَسَائِل، وَالْوَسَائِل مُضْطَرِبَةٌ اضْطِرَابًا شَدِيدًا، فَقَدْ تَكُونُ حَرَامًا، وَقَدْ تَكُونُ وَاجِبَةً، وَقَدْ تَكُونُ مَكْرُوهَةً، أَوْ مَنْدُوبَةً، أَوْ مُبَاحَةً.
وَتَخْتَلِفُ مَعَ مَقَاصِدِهَا حَسَبَ قُوَّةِ الْمَصَالِحِ وَالْمَفَاسِدِ وَضَعْفِهَا، وَخَفَاءِ الْوَسِيلَةِ، وَظُهُورِهَا، فَلاَ يُمْكِنُ ادِّعَاءُ دَعْوَى كُلِّيَّةٍ بِاعْتِبَارِهَا وَلاَ بِإِلْغَائِهَا، وَمَنْ تَتَبَّعَ فُرُوعَهَا الْفِقْهِيَّةَ ظَهَرَ لَهُ هَذَا، وَيُفْهَمُ مِنْ كَلاَمِ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّهَا مِنْ حَيْثُ هِيَ غَيْرُ كَافِيَةٍ فِي الاِعْتِبَارِ. إِذْ لَوْ كَانَتْ كَذَلِكَ لاَعْتُبِرَتْ مُطْلَقًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ. بَل لاَ بُدَّ مِنْ فَضْلٍ خَاصٍّ يَقْتَضِي اعْتِبَارَهَا أَوْ إِلْغَاءَهَا (11) .
وَقَالُوا: إِنَّ الشَّرْعَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْحُكْمِ بِالظَّاهِرِ، كَمَا قَدْ أَطْلَعَ اللَّهُ رَسُولَهُ عَلَى قَوْمٍ يُظْهِرُونَ الإِْسْلاَمَ وَيُبْطِنُونَ الْكُفْرَ، وَلَمْ يَجْعَل لَهُ أَنْ يَحْكُمَ عَلَيْهِمْ فِي الدُّنْيَا بِخِلاَفِ مَا أَظْهَرُوا. وَحَكَمَ فِي الْمُتَلاَعِنَيْنِ بِدَرْءِ الْحَدِّ مَعَ وُجُودِ عَلاَمَةِ الزِّنَى، وَهُوَ أَنَّ الْمَرْأَةَ أَتَتْ بِالْوَلَدِ عَلَى الْوَصْفِ الْمَكْرُوهِ. قَال الشَّافِعِيُّ: وَهَذَا يُبْطِل حُكْمَ الدَّلاَلَةِ الَّتِي هِيَ أَقْوَى مِنَ الذَّرَائِعِ، فَإِذَا أُبْطِل الأَْقْوَى مِنَ الدَّلاَئِل أُبْطِل الأَْضْعَفُ مِنَ الذَّرَائِعِ كُلِّهَا (12) .
4 - وَقَدْ قَسَّمَ الْقَرَافِيُّ: الذَّرَائِعَ إِلَى الْفَسَادِ ثَلاَثَةَ أَقْسَامٍ:
قِسْمٌ أَجْمَعَتِ الأُْمَّةُ عَلَى سَدِّهِ وَمَنْعِهِ وَحَسْمِهِ، كَحَفْرِ الآْبَارِ فِي طُرُقِ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنَّهُ وَسِيلَةٌ إِلَى إِهْلاَكِهِمْ فِيهَا، وَكَذَلِكَ إِلْقَاءُ السُّمِّ فِي أَطْعِمَتِهِمْ، وَسَبِّ الأَْصْنَامِ عِنْدَ مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِهَا، وَيُعْلَمُ مِنْ حَالِهِ أَنَّهُ يَسُبُّ اللَّهَ تَعَالَى عِنْدَ سَبِّهَا. وَقِسْمٌ أَجْمَعَتِ الأُْمَّةُ عَلَى عَدَمِ مَنْعِهِ، وَأَنَّهُ ذَرِيعَةٌ لاَ تُسَدُّ، وَوَسِيلَةٌ لاَ تُحْسَمُ، كَالْمَنْعِ مِنْ زِرَاعَةِ الْعِنَبِ خَشْيَةَ أَنْ تُعْصَرَ مِنْهُ الْخَمْرُ فَإِنَّهُ لَمْ يَقُل بِهِ أَحَدٌ، وَكَالْمَنْعِ مِنَ الْمُجَاوَرَةِ فِي الْبُيُوتِ خَشْيَةَ الزِّنَى.
وَقِسْمٌ اخْتَلَفَ فِيهِ الْعُلَمَاءُ هَل يُسَدُّ أَمْ لاَ، كَبُيُوعِ الآْجَال عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، كَمَنْ بَاعَ سِلْعَةً إِلَى شَهْرٍ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ، ثُمَّ اشْتَرَاهَا نَقْدًا بِخَمْسَةٍ قَبْل آخِرِ الشَّهْرِ.
فَمَالِكٌ يَقُول: إِنَّهُ أَخْرَجَ مِنْ يَدِهِ خَمْسَةً الآْنَ وَأَخَذَ عَشْرَةً آخِرَ الشَّهْرِ، فَهَذِهِ وَسِيلَةٌ لِسَلَفِ خَمْسَةٍ بِعَشْرَةٍ إِلَى أَجَلٍ تَوَسُّلاً بِإِظْهَارِ صُورَةِ الْبَيْعِ لِذَلِكَ. وَالشَّافِعِيُّ يَقُول: يُنْظَرُ إِلَى صُورَةِ الْبَيْعِ وَيُحْمَل الأَْمْرُ عَلَى ظَاهِرِهِ فَيَجُوزُ ذَلِكَ، قَال الْقَرَافِيُّ: وَهَذِهِ الْبُيُوعُ تَصِل إِلَى أَلْفِ مَسْأَلَةٍ اخْتَصَّ بِهَا مَالِكٌ وَخَالَفَهُ فِيهَا الشَّافِعِيُّ (13) .
5 - أَمَّا الْقِسْمُ الأَْوَّل الَّذِي أَجْمَعَتِ الأُْمَّةُ عَلَيْهِ، فَهُوَ مَا كَانَ أَدَاؤُهُ إِلَى الْمَفْسَدَةِ قَطْعِيًّا، فَلاَ خِلاَفَ فِي أَنَّهُ يُسَدُّ، وَلَكِنَّ التَّقِيَّ السُّبْكِيَّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ قَال: لَيْسَ هَذَا مِنْ بَابِ سَدِّ الذَّرَائِعِ، بَل هُوَ مِنْ تَحْرِيمِ الْوَسَائِل، وَالْوَسَائِل تَسْتَلْزِمُ الْمُتَوَسَّل إِلَيْهِ، وَلاَ نِزَاعَ فِي هَذَا، كَمَنْ حَبَسَ شَخْصًا وَمَنَعَهُ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ فَهَذَا قَاتِلٌ لَهُ، وَلَيْسَ هَذَا مِنْ سَدِّ الذَّرَائِعِ فِي شَيْءٍ. وَالنِّزَاعُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْمَالِكِيَّةِ لَيْسَ فِي الذَّرَائِعِ وَإِنَّمَا هُوَ فِي سَدِّهَا. وَقَال التَّاجُ بْنُ السُّبْكِيِّ: وَلَمْ يُصِبْ مَنْ زَعَمَ أَنَّ قَاعِدَةَ سَدِّ الذَّرَائِعِ يَقُول بِهَا كُل أَحَدٍ، فَإِنَّ الشَّافِعِيَّ لاَ يَقُول بِشَيْءٍ مِنْهَا (14) . وَقَدْ صَرَّحَ الشَّافِعِيُّ بِمَذْهَبِهِ فِي ذَلِكَ فَقَال: لاَ يَفْسُدُ عَقْدٌ أَبَدًا إِلاَّ بِالْعَقْدِ نَفْسِهِ، وَلاَ يَفْسُدُ بِشَيْءٍ تَقَدَّمَهُ وَلاَ تَأَخَّرَهُ، وَلاَ بِتَوَهُّمٍ، وَلاَ تَفْسُدُ الْعُقُودُ بِأَنْ يُقَال: هَذِهِ ذَرِيعَةٌ، وَهَذِهِ نِيَّةُ سُوءٍ، أَلاَ تَرَى لَوْ أَنَّ رَجُلاً اشْتَرَى سَيْفًا، وَنَوَى بِشِرَائِهِ أَنْ يَقْتُل بِهِ، كَانَ الشِّرَاءُ حَلاَلاً، وَكَانَتْ نِيَّةُ الْقَتْل غَيْرَ جَائِزَةٍ، وَلَمْ يَبْطُل بِهَا الْبَيْعُ. قَال: وَكَذَلِكَ لَوْ بَاعَ الْبَائِعُ سَيْفًا مِنْ رَجُلٍ لاَ يَرَاهُ أَنَّهُ يَقْتُل بِهِ رَجُلاً كَانَ هَكَذَا (15) .
6 - وَأَمَّا الْقِسْمُ الَّذِي أَجْمَعَتِ الأُْمَّةُ عَلَى أَنَّهُ لاَ يُسَدُّ فَهُوَ مَا كَانَ أَدَاؤُهُ إِلَى الْمَفْسَدَةِ قَلِيلاً أَوْ نَادِرًا. وَقَدْ بَيَّنَ ابْنُ الْقَيِّمِ أَنَّ الذَّرِيعَةَ إِلَى الْفَسَادِ تُسَدُّ سَوَاءٌ قَصَدَ الْفَاعِل التَّوَصُّل بِهَا إِلَى الْفَسَادِ أَوْ لَمْ يَقْصِدْ ذَلِكَ.
7 - وَأَمَّا الْقِسْمُ الَّذِي اخْتُلِفَ فِيهِ فَهُوَ مَا كَانَ أَدَاؤُهُ إِلَى الْمَفْسَدَةِ كَثِيرًا لَكِنَّهُ لَيْسَ غَالِبًا، فَهَذَا مَوْضِعُ الْخِلاَفِ.
وَالْخِلاَفُ مِنْ ذَلِكَ جَارٍ فِي غَيْرِ مَا وَرَدَ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ سَدُّهُ مِنَ الذَّرَائِعِ، أَمَّا مَا جَاءَ النَّصُّ بِسَدِّهِ مِنْهَا فِي النُّصُوصِ الشَّرْعِيَّةِ الثَّابِتَةِ فَلاَ خِلاَفَ فِي الأَْخْذِ بِذَلِكَ، كَالنَّهْيِ عَنْ سَبِّ آلِهَةِ الْمُشْرِكِينَ لِئَلاَّ يَسُبُّوا اللَّهَ تَعَالَى، وَكَالنَّهْيِ عَنِ الصَّلاَةِ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَغُرُوبِهَا. وَإِنَّمَا الْخِلاَفُ فِي جَوَازِ حُكْمِ الْمُجْتَهِدِ بِتَحْرِيمِ الْوَسِيلَةِ الْمُبَاحَةِ إِنْ كَانَتْ تُفْضِي إِلَى الْمَفْسَدَةِ لاَ عَلَى سَبِيل الْقَطْعِ أَوِ الْغَلَبَةِ.
وَفِيمَا يَلِي فُرُوعٌ تَنْبَنِي عَلَى هَذَا الأَْصْل.
8 - أ - بُيُوعُ الآْجَال: وَهِيَ بُيُوعٌ ظَاهِرُهَا الْجَوَازُ، لَكِنْ مَنَعَ مِنْهَا مَالِكٌ مَا كَثُرَ قَصْدُ النَّاسِ لَهُ تَوَصُّلاً لِلرِّبَا الْمَمْنُوعِ فَيُمْنَعُ وَلَوْ لَمْ يَقْصِدْهُ الْعَاقِدُ سَدًّا لِلذَّرِيعَةِ، فَإِنْ قَل قَصْدُ النَّاسِ لَهُ لَمْ يُمْنَعْ. فَمِمَّا يُمْنَعُ مِنْهَا الْبَيْعُ الَّذِي يُؤَدِّي إِلَى سَلَفٍ بِمَنْفَعَةٍ، كَمَا لَوْ بَاعَ سِلْعَةً بِعَشْرَةٍ إِلَى سَنَةٍ ثُمَّ يَشْتَرِيهَا بِخَمْسَةٍ نَقْدًا، فَآل أَمْرُهُ لِدَفْعِ خَمْسَةٍ نَقْدًا يَأْخُذُ عَنْهَا بَعْدَ الأَْجَل عَشْرَةً (16) .
9 - ب - وَمِنْهَا مَسْأَلَةُ تَأْجِيل الصَّدَاقِ: فَيُكْرَهُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ تَأْجِيل الصَّدَاقِ وَلَوْ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ كَسَنَةٍ مَثَلاً إِنْ كَانَ الْمُؤَجَّل الصَّدَاقَ كُلَّهُ، لِئَلاَّ يَتَذَرَّعَ النَّاسُ إِلَى النِّكَاحِ بِغَيْرِ صَدَاقٍ وَيُظْهِرُوا أَنَّ هُنَاكَ صَدَاقًا مُؤَجَّلاً (17) .
10 - ج - إِذَا اشْتَرَى ثَمَرًا عَلَى رُءُوسِ الشَّجَرِ قَبْل بُدُوِّ صَلاَحِهِ جَازَ إِنْ شَرَطَا الْقَطْعَ فِي الْحَال، فَإِنْ شَرَطَا ذَلِكَ ثُمَّ تُرِكَ عَلَى الشَّجَرِ حَتَّى بَدَا صَلاَحُهُ، فَإِنْ كَانَ قَاصِدًا لِتَرْكِهِ حَال الْعَقْدِ فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ مِنْ أَصْلِهِ عِنْدَ أَحْمَدَ، أَمَّا إِنْ تَرَكَهُ وَلَمْ يَكُنْ قَاصِدًا لِذَلِكَ حِينَ الْعَقْدِ فَعَنْ أَحْمَدَ رِوَايَتَانِ: أَصَحُّهُمَا: يَبْطُل أَيْضًا؛ لأَِنَّ تَصْحِيحَ الْبَيْعِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَكُونُ ذَرِيعَةً إِلَى شِرَاءِ الثَّمَرَةِ قَبْل بُدُوِّ صَلاَحِهَا ثُمَّ تُتْرَكُ إِلَى أَنْ يَبْدُوَ صَلاَحُهَا، فَيَكُونَ ذَرِيعَةً إِلَى الْحَرَامِ، فَيَكُونَ حَرَامًا.
وَلاَ يَبْطُل الْبَيْعُ بِذَلِكَ عِنْدَ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ، وَهُوَ الرِّوَايَةُ الأُْخْرَى عَنْ أَحْمَدَ (18) .
11 - د - صِيَامُ يَوْمِ الشَّكِّ وَالسِّتِّ مِنْ شَوَّالٍ:
جَاءَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ نَقْلاً عَنْ تُحْفَةِ الْفُقَهَاءِ:
يُكْرَهُ الصَّوْمُ قَبْل رَمَضَانَ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ لِقَوْل النَّبِيِّ ﷺ: لاَ تَقَدَّمُوا رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ وَلاَ يَوْمَيْنِ، إِلاَّ أَنْ يُوَافِقَ صَوْمًا كَانَ يَصُومُهُ أَحَدُكُمْ (19) قَال: وَإِنَّمَا كُرِهَ ذَلِكَ لِئَلاَّ يُظَنُّ أَنَّهُ زِيَادَةٌ عَلَى صَوْمِ رَمَضَانَ إِذَا اعْتَادُوا ذَلِكَ، وَعَنْ هَذَا قَال أَبُو يُوسُفَ: يُكْرَهُ وَصْل رَمَضَانَ بِسِتٍّ مِنْ شَوَّالٍ. قَال: وَلاَ يُكْرَهُ صَوْمُ يَوْمِ الشَّكِّ تَطَوُّعًا إِنْ كَانَ عَلَى وَجْهٍ لاَ يَعْلَمُ بِهِ الْعَوَامُّ لِئَلاَّ يَعْتَادُوا صَوْمَهُ فَيَظُنُّهُ الْجُهَّال زِيَادَةً فِي رَمَضَانَ (20) . وَهُوَ مَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ فِي صِيَامِ السِّتِّ مِنْ شَوَّالٍ. قَال ابْنُ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ: كَرِهَ مَالِكٌ أَنْ يُلْحَقَ بِرَمَضَانَ صِيَامُ سِتٍّ مِنْ شَوَّالٍ مَخَافَةَ أَنْ يَلْحَقَ بِرَمَضَانَ مَا لَيْسَ مِنْهُ أَهْل الْجَهَالَةِ وَالْجَفَاءِ، وَأَمَّا الرَّجُل فِي خَاصَّةِ نَفْسِهِ فَلاَ يُكْرَهُ لَهُ صِيَامُهَا. وَقَال فِي الذَّخِيرَةِ: وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ (21) الْحَدِيثُ. قَال: وَاسْتَحَبَّ مَالِكٌ صِيَامَهَا فِي غَيْرِهِ خَوْفًا مِنْ إِلْحَاقِهَا بِرَمَضَانَ عِنْدَ الْجُهَّال. وَإِنَّمَا عَيَّنَهُ الشَّرْعُ مِنْ شَوَّالٍ لِلْخِفَّةِ عَلَى الْمُكَلَّفِ بِقُرْبِهِ مِنَ الصَّوْمِ، وَإِلاَّ فَالْمَقْصُودُ حَاصِلٌ مِنْ غَيْرِهِ فَيَشْرَعُ التَّأْخِيرُ جَمْعًا بَيْنَ الْمَصْلَحَتَيْنِ (22) . اهـ. وَإِتْبَاعُ صَوْمِ السِّتِّ مِنْ شَوَّالٍ مُسْتَحَبٌّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ (23) .
12 - هـ - قَضَاءُ الْقَاضِي بِعِلْمِهِ:
اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي صِحَّةِ قَضَاءِ الْقَاضِي بِعِلْمِهِ فَذَهَبَ مَالِكٌ إِلَى مَنْعِ ذَلِكَ فِي الْحُدُودِ وَغَيْرِهَا سَوَاءٌ عَلِمَهُ قَبْل وِلاَيَتِهِ أَوْ بَعْدَهَا، وَهُوَ أَيْضًا رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ. وَمِمَّا احْتَجَّ بِهِ لِهَذَا الْقَوْل أَنَّ تَجْوِيزَ ذَلِكَ يُفْضِي إِلَى تُهْمَةِ الْقَاضِي، وَالْحُكْمُ بِمَا اشْتَهَى وَيُحِيلُهُ عَلَى عِلْمِهِ.
وَهُوَ أَيْضًا مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ فِي الْحُدُودِ الَّتِي لِلَّهِ تَعَالَى لأَِنَّهَا مَبْنِيَّةٌ عَلَى السِّتْرِ، وَمَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ أَيْضًا فِي حُقُوقِ الآْدَمِيِّينَ الَّتِي عَلِمَهَا قَبْل وِلاَيَتِهِ، لاَ فِيمَا عَلِمَهُ مِنْهَا بَعْدَ وِلاَيَتِهِ.
وَالْقَوْل الآْخَرُ لِلشَّافِعِيِّ وَاخْتَارَهُ الْمُزَنِيُّ، وَهُوَ الرِّوَايَةُ الأُْخْرَى عَنْ أَحْمَدَ: يَجُوزُ لِلْقَاضِي أَنْ يَحْكُمَ بِعِلْمِهِ (24) .
فَتْحُ الذَّرَائِعِ:
13 - الْمُرَادُ بِفَتْحِ الذَّرَائِعِ تَيْسِيرُ السُّبُل إِلَى مَصَالِحِ الْبَشَرِ قَال الْقَرَافِيُّ الْمَالِكِيُّ: اعْلَمْ أَنَّ الذَّرِيعَةَ كَمَا يَجِبُ سَدُّهَا يَجِبُ فَتْحُهَا، وَتُكْرَهُ وَتُنْدَبُ وَتُبَاحُ، فَإِنَّ الذَّرِيعَةَ هِيَ الْوَسِيلَةُ، فَكَمَا أَنَّ وَسِيلَةَ الْمُحَرَّمِ مُحَرَّمَةٌ فَوَسِيلَةُ الْوَاجِبِ وَاجِبَةٌ كَالسَّعْيِ إِلَى الْجُمُعَةِ وَالْحَجِّ. وَالْوَسِيلَةُ إِلَى أَفْضَل الْمَقَاصِدِ أَفْضَل الْوَسَائِل، وَإِلَى أَقْبَحِ الْمَقَاصِدِ أَقْبَحُ الْوَسَائِل، وَإِلَى مَا يُتَوَسَّطُ مُتَوَسِّطَةٌ. وَمِمَّا يَدُل عَلَى حُسْنِ الْوَسَائِل الْحَسَنَةِ قَوْل اللَّهِ تَعَالَى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لاَ يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلاَ نَصَبٌ وَلاَ مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيل اللَّهِ وَلاَ يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلاَ يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلاً إِلاَّ كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ} (25) فَأَثَابَهُمُ اللَّهُ عَلَى الظَّمَأِ وَالنَّصَبِ وَإِنْ لَمْ يَكُونَا مِنْ فِعْلِهِمْ لأَِنَّهُمَا حَصَلاَ لَهُمْ بِسَبَبِ التَّوَسُّل إِلَى الْجِهَادِ الَّذِي هُوَ وَسِيلَةٌ لإِِعْزَازِ الدِّينِ وَصَوْنِ الْمُسْلِمِينَ.
ثُمَّ ذَكَرَ الْقَرَافِيُّ أَمْثِلَةً مِنْ ذَلِكَ، مِنْهَا التَّوَسُّل إِلَى فِدَاءِ أُسَارَى الْمُسْلِمِينَ، بِدَفْعِ الْمَال لِلْكُفَّارِ الَّذِي هُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْهِمُ الاِنْتِفَاعُ بِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُمْ مُخَاطَبُونَ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ.
وَمِنْهَا دَفْعُ مَالٍ لِرَجُلٍ يَأْكُلُهُ حَرَامًا حَتَّى لاَ يَزْنِيَ بِامْرَأَةٍ إِذَا عَجَزَ عَنْ دَفْعِهِ عَنْهَا إِلاَّ بِذَلِكَ، وَكَدَفْعِ الْمَال لِلْمُحَارِبِ حَتَّى لاَ يَقَعَ الْقَتْل بَيْنَهُ وَبَيْنَ صَاحِبِ الْمَال عِنْدَ مَالِكٍ، وَلَكِنَّهُ اشْتَرَطَ فِي الْمَال أَنْ يَكُونَ يَسِيرًا. قَال: فَهَذِهِ الصُّوَرُ كُلُّهَا الدَّفْعُ فِيهَا وَسِيلَةٌ إِلَى الْمَعْصِيَةِ بِأَكْل الْمَال وَمَعَ ذَلِكَ فَهُوَ مَأْمُورٌ بِهِ، لِرُجْحَانِ مَا يَحْصُل مِنَ الْمَصْلَحَةِ مَعَ هَذِهِ الْمَفْسَدَةِ (26) .
__________
(1) لسان العرب، المصباح المنير، مادة: (ذرع، وسدد) ، تبصرة الحكام 2 / 327، حاشية العطار على جمع الجوامع 2 / 198، الفروق للقرافي 2 / 32.
(2) سورة الأنعام / 108.
(3) سورة البقرة / 104.
(4) حديث: " دع ما يريبك إلى ما لا يريبك ". أخرجه الترمذي (4 / 668 - ط الحلبي) من حديث الحسن بن علي، وقال: حديث حسن صحيح.
(5) حديث: " الحلال بين والحرام بين ". أخرجه البخاري (الفتح 1 / 126 - ط السلفية) ومسلم (3 / 1219 - ط الحلبي) من حديث النعمان بن بشير واللفظ للبخاري.
(6) إعلام الموقعين لابن القيم 3 / 135، والموافقات للشاطبي 4 / 198 - 200، القاهرة المكتبة التجارية.
(7) تبصرة الحكام 2 / 368، والمقدمات لابن رشد 2 / 200.
(8) حديث: " لو رخصت لكم في هذه. . . ". أورده ابن القيم في إعلام الموقعين (2 / 139 - نشر دار الجيل - بيروت) ولم يعزه إلى أي مصدر، ولم نهتد إليه في المصادر الموجودة لدينا.
(9) سورة البقرة / 179.
(10) تبصرة الحكام 2 / 268.
(11) المجموع شرح المهذب 10 / 160.
(12) الأم للشافعي 7 / 270 قبيل باب إبطال الاستحسان من كتاب الاستحسان.
(13) الفروق 2 / 32.
(14) شرح الشربيني ومعه حاشية العطار على جمع الجوامع في آخر الكتاب الخامس 2 / 399 نشر دار الكتب العلمية. وانظر: أثر الأدلة المختلف فيها في الفقه الإسلامي للدكتور مصطفى البغا ص 579، دمشق، دار الإمام البخاري.
(15) الأم للشافعي: كتاب إبطال الاستحسان من الأم 7 / 267 ط بولاق، وانظر أيضًا: الأم 4 / 41 و 3 / 43.
(16) الشرح الكبير وحاشية الدسوقي 3 / 76، والمقدمات لابن رشد 2 / 200 - 202. وقد ذكر تفصيلاً موسعًا للمالكية في بيوع الآجال وأحكامها التي بنوها على قاعدة سد الذرائع. وانظر بداية المجتهد 2 / 127 نشر المكتبة التجارية.
(17) الشرح الكبير 2 / 309.
(18) المغني لابن قدامة 4 / 85.
(19) حديث: " لا تقدموا رمضان بصوم يوم ولا يومين. . . " أخرجه مسلم (2 / 762 - ط الحلبي) من حديث أبي هريرة.
(20) فتح القدير 2 / 54 - ط بولاق.
(21) حديث: " من صام رمضان ثم أتبعه ستًّا من شوال ". أخرجه مسلم (2 / 822 - ط. الحلبي) من حديث أبي أيوب الأنصاري.
(22) مواهب الجليل للحطاب 2 / 414.
(23) المغني لابن قدامة 3 / 172.
(24) المغني 9 / 54، وشرح المنهاج مع حاشية القليوبي 4 / 304، وجواهر الإكليل 2 / 230، وتبصرة الحكام 2 / 45، وابن عابدين 4 / 355.
(25) سورة التوبة / 120.
(26) الفروق للقرافي، الفرق الثامن والخمسون 2 / 33.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 276/ 24