البحث

عبارات مقترحة:

القدوس

كلمة (قُدُّوس) في اللغة صيغة مبالغة من القداسة، ومعناها في...

المجيب

كلمة (المجيب) في اللغة اسم فاعل من الفعل (أجاب يُجيب) وهو مأخوذ من...

الخلاق

كلمةُ (خَلَّاقٍ) في اللغة هي صيغةُ مبالغة من (الخَلْقِ)، وهو...

السِّنُّ


من معجم المصطلحات الشرعية

عَظْمٌ يَنْبُتُ فِي فَكِّ الإنْسَانِ، وَالحَيَوَانِ، وبه يقطع الطَّعَامُ . ومن أمثلته جريان القصاص في قلع السن، أو كسرها . ومن شواهده عن أَنَس رَضِيَ اللهُ عَنْه : أَنَّ الرُّبَيِّعَ، وَهِيَ ابْنَةُ النَّضْرِ كَسَرَتْ ثَنِيَّةَ جَارِيَةٍ، فَطَلَبُوا الأَرْشَ، وَطَلَبُوا العَفْوَ، فَأَبَوْا، فَأَتَوُا النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - فَأَمَرَهُمْ بِالقِصَاصِ، فَقَالَ أَنَسُ بْنُ النَّضْرِ : أَتُكْسَرُ ثَنِيَّةُ الرُّبَيِّعِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، لاَ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ، لاَ تُكْسَرُ ثَنِيَّتُهَا، فَقَالَ : "يَا أَنَسُ، كِتَابُ اللَّهِ القِصَاصُ "، فَرَضِيَ القَوْمُ، وَعَفَوْا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم : "إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ مَنْ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ ." زَادَ الفَزَارِيُّ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، فَرَضِيَ القَوْمُ، وَقَبِلُوا الأَرْشَ . البخاري :2703.


انظر : بدائع الصنائع للكاساني، 7/314، مواهب الجليل للحطاب، 6/249، روضة الطالبين للنووي، 9/198.

من موسوعة المصطلحات الإسلامية

التعريف اللغوي

السِّنُّ: قِطْعَةٌ مِنَ العَظْمِ تَنْبُتُ في الفَكِّ، وقيل: الضِّرْسُ. والسِّنُّ مِن الشَّيْءِ: كُلُّ جُزْءٍ مُحَدَّدٍ أو مُسَنَّنٍ على هَيْئَتِها مِثْلُ سِنِّ المُشْطِ، أوِ المِنْشارِ، ومِن مَعانِيها: العُمرُ. وجَمْعُ السِّنِّ: أسْنانٌ.

إطلاقات المصطلح

يَرِد مُصْطلَح (سِنّ) في الفقه في كتاب الطَّهارَةِ، باب: السِّواك، وفي كتاب الـجِناياتِ، باب: القِصاص. ويُطْلَقُ في كتاب الصَّلاةِ، باب: حُكْم الصَّلاةِ، وفي كتاب النِّكاحِ، باب: عِدَّة الـطَّلاقِ، ويُراد به: العُمُرِ.

جذر الكلمة

سنن

المعنى الاصطلاحي

العَظْمُ النّابِتُ في فَـمِ الإِنْسانِ.

التعريف اللغوي المختصر

السِّنُّ: قِطْعَةٌ مِن العَظْمِ تَنْبُتُ في الفَكِّ، وقيل: الضِّرْسُ.

التعريف

عَظْمٌ يَنْبُتُ فِي فَكِّ الإنْسَانِ، وَالحَيَوَانِ، وبه يقطع الطَّعَامُ.

المراجع

* العين : (7/196)
* تهذيب اللغة : (12/210)
* المحكم والمحيط الأعظم : (8/416)
* مختار الصحاح : (ص 155)
* لسان العرب : (13/220)
* تاج العروس : (35/223)
* المغرب في ترتيب المعرب : (ص 237)
* المطلع على ألفاظ المقنع : (ص 25)
* تحرير ألفاظ التنبيه : (ص 309)
* معجم لغة الفقهاء : (ص 250)
* معجم المصطلحات والألفاظ الفقهية : (2/297)
* الموسوعة الفقهية الكويتية : (25/267) -

من الموسوعة الكويتية

التَّعْرِيفُ:
1 - السِّنُّ لُغَةً: وَاحِدَةُ الأَْسْنَانِ، وَهِيَ قِطْعَةٌ مِنَ الْعَظْمِ تَنْبُتُ فِي الْفَكِّ وَهِيَ مُؤَنَّثَةٌ، يُقَال: هَذِهِ سِنٌّ، وَجَمْعُهَا: أَسْنَانٌ.
وَلِلإِْنْسَانِ اثْنَتَانِ وَثَلاَثُونَ سِنًّا أَرْبَعُ ثَنَايَا، وَأَرْبَعُ رَبَاعِيَاتٍ، وَأَرْبَعَةُ أَنْيَابٍ، وَأَرْبَعَةُ نَوَاجِذَ، وَسِتَّةَ عَشَرَ ضِرْسًا.
وَبَعْضُهُمْ يَقُول: أَرْبَعُ ثَنَايَا، وَأَرْبَعُ رَبَاعِيَاتٍ، وَأَرْبَعُ أَنْيَابٍ، وَأَرْبَعَةُ نَوَاجِذَ، وَأَرْبَعُ ضَوَاحِكَ وَاثْنَتَا عَشْرَةَ رَحًى.
وَبَعْضُهُمْ يُقَسِّمُ الأَْسْنَانَ إِلَى قَوَاطِعَ وَضَوَاحِكَ وَطَوَاحِنَ.
وَالسِّنُّ مِنَ الشَّيْءِ: كُل جُزْءٍ مُسَنَّنٌ مُحَدَّدٌ عَلَى هَيْئَتِهَا مِثْل سِنِّ الْمُشْطِ، أَوِ الْمِنْجَل، أَوِ الْمِنْشَارِ، أَوِ الْمِفْتَاحِ، أَوِ الْقَلَمِ، وَأَسَنَّ فُلاَنٌ: إِذَا نَبَتَ سِنُّهُ أَوْ كَبِرَتْ سِنُّهُ؛ أَيْعُمْرُهُ، وَسَنَّنَ الرَّجُل؛ أَيْ قَدَّرَ لَهُ عُمْرًا بِالتَّخْمِينِ، وَيُقَال: فُلاَنٌ سِنُّ فُلاَنٍ: إِذَا كَانَ مِثْلَهُ فِي السِّنِّ (1) .

الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالسِّنِّ:
أ - الْقِصَاصُ فِي قَلْعِ السِّنِّ:
2 - أَجْمَعَ أَهْل الْعِلْمِ عَلَى وُجُوبِ الْقِصَاصِ فِي السِّنِّ إِذَا كَانَ مُتَعَمَّدًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَْنْفَ بِالأَْنْفِ وَالأُْذُنَ بِالأُْذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ} (2) الآْيَةَ، وَلِحَدِيثِ أَنَسٍ - ﵁ -: إِنَّ عَمَّتَهُ الرُّبَيِّعَ كَسَرَتْ ثَنِيَّةَ جَارِيَةٍ مِنَ الأَْنْصَارِ فَقَضَى نَبِيُّ اللَّهِ ﷺ بِالْقِصَاصِ، فَقَال أَخُوهَا أَنَسُ بْنُ النَّضْرِ: أَتُكْسَرُ ثَنِيَّةُ الرُّبَيِّعِ يَا رَسُول اللَّهِ؟ لاَ وَاَلَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لاَ تُكْسَرُ ثَنِيَّتُهَا. قَال: وَكَانُوا قَبْل ذَلِكَ سَأَلُوا أَهْلَهَا الْعَفْوَ وَالأَْرْشَ، فَلَمَّا حَلَفَ أَخُوهَا وَهُوَ عَمُّ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ الْقَوْمُ بِالْعَفْوِ فَقَال النَّبِيُّ ﷺ: إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ مَنْ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لأََبَرَّهُ (3) .
وَلأَِنَّهُ أَمْكَنَ فِي السِّنِّ اسْتِيفَاءُ الْمُمَاثَلَةِ، لِكَوْنِهَا مَحْدُودَةً فِي نَفْسِهَا، فَوَجَبَ فِيهَا الْقِصَاصُ.
فَتُؤْخَذُ السِّنُّ الصَّحِيحَةُ بِالسِّنِّ الصَّحِيحَةِ، وَالْمَكْسُورَةُ أَوِ السَّوْدَاءُ أَوِ الصَّفْرَاءُ أَوِ الْحَمْرَاءُ أَوِ الْخَضْرَاءُ بِالصَّحِيحَةِ، إِنْ شَاءَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ.
أَمَّا إِذَا كَانَ الْعَيْبُ فِي سِنِّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَلاَ قِصَاصَ لِعَدَمِ الْمُمَاثَلَةِ، وَيَنْتَقِل إِلَى الأَْرْشِ كَمَا يَأْتِي.
وَتُؤْخَذُ الْعُلْيَا بِالْعُلْيَا وَالسُّفْلَى بِالسُّفْلَى وَالثَّنِيَّةُ بِالثَّنِيَّةِ وَالنَّابُ بِالنَّابِ وَالضَّاحِكُ بِالضَّاحِكِ، وَالضِّرْسُ بِالضِّرْسِ؛ لِتَحَقُّقِ الْمُمَاثَلَةِ فِي الْمَنْفَعَةِ وَالْمَكَانِ، وَلاَ يُؤْخَذُ الأَْعْلَى بِالأَْسْفَل، وَلاَ الأَْسْفَل بِالأَْعْلَى؛ لاِخْتِلاَفِهِمَا فِي الْمَنْفَعَةِ وَالْمَكَانِ.
وَجُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ يَرَى قَلْعَ سِنِّ الْجَانِي الَّذِي قَلَعَ سِنَّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ لإِِمْكَانِ الاِسْتِيفَاءِ بِلاَ حَيْفٍ.
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ فِي قَوْلٍ إِلَى أَنَّهُ لاَ يُقْلَعُ سِنُّ الْجَانِي، وَإِنَّمَا تُبْرَدُ إِلَى اللَّحْمِ، وَيُكْسَرُ مَا ظَهَرَ مِنَ السِّنِّ وَيَسْقُطُ الْقِصَاصُ عَنِ الْجُزْءِ الدَّاخِل فِي اللِّثَةِ؛ لِتَعَذُّرِ الْمُمَاثَلَةِ إِذْ رُبَّمَاتَفْسُدُ اللِّثَةُ؛ وَلأَِنَّهُ لاَ يُؤْمَنُ فِيهِ أَنْ يَفْعَل الْمَقْلُوعُ أَكْثَرَ مِمَّا فَعَل الْقَالِعُ.
وَنُقِل عَنِ الْمَقْدِسِيِّ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ قَوْلُهُ: يَنْبَغِي اخْتِيَارُ الْبَرْدِ خُصُوصًا عِنْدَ تَعَذُّرِ الْقَلْعِ كَمَا لَوْ كَانَتْ أَسْنَانُهُ غَيْرَ مُفَلَّجَةٍ، بِحَيْثُ يَخَافُ مِنْ قَلْعِ وَاحِدٍ أَنْ يَتْبَعَهُ غَيْرُهُ، أَوْ أَنْ تَفْسُدَ اللِّثَةُ. وَقَال بَعْضُ فُقَهَاءِ الْحَنَفِيَّةِ: إِنَّ هَذَا الرَّأْيَ هُوَ الْمُفْتَى بِهِ.
وَمِثْل الْقَلْعِ فِي وُجُوبِ الْقِصَاصِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، إِذَا اضْطَرَبَتِ السِّنُّ اضْطِرَابًا شَدِيدًا جِدًّا، حَتَّى وَإِنْ ثَبَتَتْ أَوْ نَبَتَتْ مِنْ مَكَانِهَا أُخْرَى أَوْ رَدَّ الْمَقْلُوعَةَ فَنَبَتَتْ؛ لأَِنَّ الْمُعْتَبَرَ يَوْمُ الْجِنَايَةِ وَلأَِنَّ الْمَقْصُودَ مِنَ الْقِصَاصِ إيلاَمُ الْجَانِي لِرَدْعِهِ وَرَدْعِ أَمْثَالِهِ (4) .

ب - الْقِصَاصُ بِكَسْرِ السِّنِّ:
3 - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: إِلَى وُجُوبِ الْقِصَاصِ فِيهِ وَتُسْتَوْفَى بِالتَّبْرِيدِ فَيُؤْخَذُ النِّصْفُ بِالنِّصْفِ، وَالثُّلُثُ بِالثُّلُثِ، وَكُل جُزْءٍ بِمِثْلِهِ. وَلاَ يُؤْخَذُ ذَلِكَ بِالْمِسَاحَةِ كَيْ لاَ يُفْضِيَ إِلَى أَخْذِ جَمِيعِ سِنِّ الْجَانِي بِبَعْضِ سِنِّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ. وَيَكُونُ الْقِصَاصُ بِالْمِبْرَدِ لِيُؤْمَنَ أَخْذُ الزِّيَادَةِ، وَلاَ يُقْتَصُّ حَتَّى يَقُول أَهْل الْخِبْرَةِ: إِنَّهُ تُؤْمَنُ انْقِلاَعُهَا أَوِ السَّوَادُ فِيهَا؛ لأَِنَّ تَوَهُّمَ الزِّيَادَةِ يَمْنَعُ الْقِصَاصَ، وَدَلِيلُهُمْ حَدِيثُ الرُّبَيِّعِ فَإِنَّهَا كَسَرَتْ سِنَّ جَارِيَةٍ فَأَمَرَ النَّبِيُّ ﷺ بِالْقِصَاصِ (5) ؛ وَلأَِنَّ مَا جَرَى الْقِصَاصُ فِي جُمْلَتِهِ جَرَى فِي بَعْضِهِ إِذَا أَمْكَنَ.
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ لاَ قِصَاصَ فِي كَسْرِ السِّنِّ؛ لِعَدَمِ الْوُثُوقِ بِالْمُمَاثَلَةِ؛ لأَِنَّ الْكَسْرَ لاَ يَدْخُل تَحْتَ الضَّبْطِ، فَإِنْ أَمْكَنَ دُخُولُهُ تَحْتَ الضَّبْطِ وَجَبَ الْقِصَاصُ.
وَقَال الشَّافِعِيُّ - ﵀ تَعَالَى -: وَإِذَا كَسَرَ رَجُلٌ سِنَّ رَجُلٍ مِنْ نِصْفِهَا سَأَلْتُ أَهْل الْعِلْمِ فَإِنْ قَالُوا: نَقْدِرُ عَلَى كَسْرِهَا مِنْ نِصْفِهَا بِلاَ إِتْلاَفٍ لِبَقِيَّتِهَا وَلاَ صَدْعٍ، أَقْرَرْتُهُ، وَإِنْ قَالُوا: لاَ نَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ، لَمْ نُقِرُّهُ لِتَفَتُّتِهَا (6) . ج - قَلْعُ سِنِّ مَنْ لَمْ يُثْغِرْ:
4 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ لاَ يُقْتَصُّ إِلاَّ مِنْ سِنِّ مَنْ أَثْغَرَ؛ أَيْ: سَقَطَتْ رَوَاضِعُهُ ثُمَّ نَبَتَتْ.
أَمَّا إِذَا قَلَعَ سِنَّ مَنْ لَمْ يُثْغِرْ فَلاَ ضَمَانَ عَلَى الْجَانِي فِي الْحَال بِقِصَاصٍ أَوْ دِيَةٍ؛ لأَِنَّهُ لَمْ يَتَحَقَّقْ إِتْلاَفُهَا حَيْثُ إِنَّهَا قَدْ تَعُودُ غَالِبًا بِحُكْمِ الْعَادَةِ.
فَإِنْ جَاءَ وَقْتُ نَبَاتِهَا ثُمَّ نَبَتَتْ سَلِيمَةً فِي مَحَلِّهَا فَلاَ شَيْءَ عَلَى الْجَانِي؛ أَيْ لاَ قِصَاصَ عَلَيْهِ وَلاَ دِيَةَ كَمَا لَوْ قَلَعَ شَعْرَةً ثُمَّ نَبَتَتْ. إِلاَّ أَنَّ أَبَا يُوسُفَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ يَرَى وُجُوبَ حُكُومَةٍ لِلأَْلَمِ وَأُجْرَةِ الطَّبِيبِ وَإِنْ عَادَتْ بَدَل السِّنِّ نَاقِصَةً ضَمِنَ مَا نَقَصَ مِنْهَا بِالْحِسَابِ، فَفِي ثُلُثِهَا ثُلُثُ دِيَتِهَا، وَفِي رُبُعِهَا رُبُعُ دِيَتِهَا، وَفِي نِصْفِهَا نِصْفُ دِيَتِهَا وَهَكَذَا. فَإِنْ نَبَتَتْ سَوْدَاءَ أَوْ حَمْرَاءَ، أَوْ صَفْرَاءَ، أَوْ خَضْرَاءَ، أَوْ مَائِلَةً عَنْ مَحَلِّهَا، أَوْ مُعْوَجَّةً، أَوْ بَقِيَ شَيْءٌ مَعَهَا بَعْدَ النَّبَاتِ، أَوْ نَبَتَتْ أَطْوَل مِمَّا كَانَتْ، أَوْ نَبَتَتْ مَعَهَا سِنٌّ شَاغِبَةٌ، وَهِيَ الزَّائِدَةُ الْمُخَالِفَةُ لِنَبْتَةِ غَيْرِهَا مِنَ الأَْسْنَانِوَجَبَتْ فِيهَا حُكُومَةُ عَدْلٍ لأَِنَّهُ نَقْصٌ حَصَل بِفِعْلِهِ، وَكَذَا إِنْ عَادَتْ وَالدَّمُ يَسِيل لأَِنَّهُ نَقْصٌ حَصَل بِفِعْلِهِ، فَيَجِبُ عَلَيْهِ ضَمَانُهُ، وَإِنْ جَاءَ وَقْتُ نَبَاتِهَا وَلَمْ تَنْبُتْ بِأَنْ سَقَطَتِ الْبَوَاقِي وَنَبَتْنَ دُونَ الْمَقْلُوعَةِ سُئِل أَهْل الْخِبْرَةِ وَالطِّبِّ، فَإِنْ قَالُوا: قَدْ يُئِسَ مِنْ عَوْدِهَا لِفَسَادِ مَنْبَتِهَا، فَالْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ بِالْخِيَارِ بَيْنَ الْقِصَاصِ، أَوْ دِيَةِ السِّنِّ، وَإِنْ قَالُوا: يُتَوَقَّعُ نَبَاتُهَا إِلَى وَقْتِ كَذَا، انْتُظِرَ، فَإِنْ مَضَى الْوَقْتُ وَلَمْ تَنْبُتْ وَجَبَ الْقِصَاصُ أَيْضًا، وَلاَ يُسْتَوْفَى الْقِصَاصُ لِلصَّغِيرِ فِي صِغَرِهِ بَل يُنْتَظَرُ بُلُوغُهُ لِيَسْتَوْفِيَ هُوَ بِنَفْسِهِ لأَِنَّ الْقِصَاصَ لِلتَّشَفِّي.
فَإِنْ مَاتَ الصَّبِيُّ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ قَبْل حُصُول الْيَأْسِ وَقَبْل تَبَيُّنِ الْحَال فَلاَ قِصَاصَ لِوَارِثِهِ وَكَذَا لاَ دِيَةَ لأَِنَّ الأَْصْل الْبَرَاءَةُ وَنَبَاتُ السِّنِّ لَوْ عَاشَ. فَعَلَى هَذَا: تَجِبُ الْحُكُومَةُ، وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَهُوَ أَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَقَوْلٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ.
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى وُجُوبِ الْقِصَاصِ فِي الْعَمْدِ وَالدِّيَةِ فِي الْخَطَأِ لِوَرَثَةِ الصَّبِيِّ، وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ وَهُوَ الْوَجْهُ الثَّانِي عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ إِلَى وُجُوبِ الدِّيَةِ لأَِنَّ الْقَلْعَ مَوْجُودٌ وَالْعَوْدَ مَشْكُوكٌفِيهِ، وَلاَ يَتَأَتَّى النَّبَاتُ بَعْدَ الْمَوْتِ، أَمَّا إِذَا مَاتَ بَعْدَ الْيَأْسِ فَيَقْتَصُّ وَارِثُهُ فِي الْحَال أَوْ يَأْخُذُ الأَْرْشَ (7) .

وَقْتُ اسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ فِي قَلْعِ السِّنِّ:
5 - إِنْ قَلَعَ سِنَّ مَنْ قَدْ أَثْغَرَ فَجُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ عَلَى وُجُوبِ الْقِصَاصِ فِي الْحَال، دُونَ انْتِظَارِ نَبَاتِهَا مِنْ جَدِيدٍ لأَِنَّ الظَّاهِرَ عَدَمُ عَوْدِهَا. وَذَهَبَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ وَبَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ، وَالْقَاضِي مِنَ الْحَنَابِلَةِ إِلَى أَنَّهُ يُنْظَرُ وَيُسْأَل أَهْل الْخِبْرَةِ فَإِنْ قَالُوا: لاَ تَعُودُ، فَلِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ فِي الْحَال. وَإِنْ قَالُوا: يُرْجَى عَوْدُهَا إِلَى وَقْتٍ يَذْكُرُونَهُ، لَمْ يُقْتَصَّ حَتَّى يَأْتِيَ ذَلِكَ الْوَقْتُ. فَإِنْ لَمْ تَنْبُتْ فَيَجِبُ الْقِصَاصُ، وَإِنْ عَادَتْ لَمْ يَجِبْ قِصَاصٌ وَلاَ دِيَةٌ لأَِنَّ مَا عَادَ قَامَ مَقَامَ الأَْوَّل فَكَأَنَّهُ لَمْ يَسْقُطْ.
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَصَاحِبَا أَبِي حَنِيفَةَ، وَهُوَ الأَْظْهَرُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ إِلَى وُجُوبِ الْقِصَاصِ أَوِ الدِّيَةِ؛ لأَِنَّ النَّابِتَ لاَ يَكُونُ عِوَضًا عَنِ الْفَائِتِ بَل هُوَ نِعْمَةٌ مِنَ اللَّهِ فَلاَ يَسْقُطُ بِهِ الضَّمَانُ إِذَا لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِهِ، كَمَنْ أَتْلَفَ مَال إِنْسَانٍ. ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى رَزَقَ الْمُتْلَفَ عَلَيْهِ مِثْل الْمُتْلَفِ، وَكَالْتِحَامِ الْجَائِفَةِ أَوِ انْدِمَال الْمُوضِحَةِ أَوْ نَبْتِ اللِّسَانِ.
فَإِنْ قَلَعَ رَجُلٌ سِنَّ رَجُلٍ فَرَدَّهَا صَاحِبُهَا إِلَى مَكَانِهَا فَاشْتَدَّتْ وَالْتَحَمَتْ، فَعَلَى الْجَانِي الْقِصَاصُ فِي الْعَمْدِ؛ لأَِنَّ الْمَقْصُودَ أَنْ يَتَأَلَّمَ بِمِثْل مَا فَعَل وَعَلَيْهِ دِيَةُ السِّنِّ فِي الْخَطَأِ؛ لأَِنَّ الْمُعَادَةَ لاَ يُنْتَفَعُ بِهَا كَمَا كَانَتْ لاِنْقِطَاعِ الْعُرُوقِ، بَل تَبْطُل بِأَدْنَى شَيْءٍ، فَكَانَتْ إِعَادَتُهَا وَعَدَمُ إِعَادَتِهَا بِمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ، وَهَذَا رَأْيُ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ مِنَ (الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ) إِلاَّ أَنَّ ابْنَ عَابِدِينَ حَكَى عَنْ شَيْخِ الإِْسْلاَمِ قَوْلَهُ: إِنْ عَادَتِ السِّنُّ إِلَى حَالَتِهَا الأُْولَى فِي الْمَنْفَعَةِ وَالْجَمَال فَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ (8) .

الْحُكْمُ إِنْ نَبَتَتِ السِّنُّ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهَا بَعْدَ اسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ:
6 - ذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّهُ إِنْ نَبَتَتِ السِّنُّ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهَا بَعْدَ اسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ أَوْ أَخْذِ الأَْرْشِ فَلَيْسَ لِلْجَانِي قَلْعُهَا ثَانِيَةً وَلاَ اسْتِرْدَادُ الأَْرْشِ الَّذِي أُخِذَ مِنْهُ.
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ وَبَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ إِلَى أَنَّ لِلْجَانِي أَنْ يَسْتَرِدَّ الأَْرْشَ الَّذِي دَفَعَهُ، وَلاَ يَلْزَمُهُ إِذَا كَانَ لَمْ يَدْفَعْ وَلَكِنْ لاَ يَجُوزُ لَهُ قَلْعُ السِّنِّ مَرَّةً أُخْرَى إِذَا كَانَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ قَدِ اسْتُوْفِيَ الْقِصَاصُ مِنْهُ، لأَِنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ بِفِعْلِهِ الْعُدْوَانَ.
وَمَجْرَى الْخِلاَفِ الْمُتَعَلِّقِ بِاسْتِرْدَادِ الأَْرْشِ أَوْ عَدَمِهِ فِي السِّنِّ النَّابِتَةِ لِمَنْ قَدْ أَثْغَرَ، إِلاَّ أَنَّ رَأْيَ الْحَنَفِيَّةِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مِثْل رَأْيِ الْحَنَابِلَةِ وَمَنْ مَعَهُمْ فِي وُجُوبِ اسْتِرْدَادِ الأَْرْشِ لِلْجَانِي بَعْدَ أَخْذِهِ مِنْهُ وَعَدَمِ لُزُومِهِ عَلَيْهِ قَبْل دَفْعِهِ، وَيَرَوْنَ كَذَلِكَ وُجُوبَ الأَْرْشِ عَلَى الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ الَّذِي اقْتُصَّ مِنَ الْجَانِي ثُمَّ نَبَتَتْ سِنُّهُ لِتَبَنِّي الْخَطَأِ فِي الْقِصَاصِ لأَِنَّ الْمُوجِبَ لَهُ فَسَادُ الْمَنْبَتِ وَلَمْ يَفْسُدْ حَيْثُ نَبَتَتْ مَكَانَهَا أُخْرَى فَانْعَدَمَتِ الْجِنَايَةُ.
ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى وُجُوبِ الْقِصَاصِ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فِي الْحَال إِذَا كَانَ مِمَّنْ أَثْغَرَ وَأَنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَقْتَصَّ مِنَ الْجَانِي أَوْ يَأْخُذَ الأَْرْشَ.

وَقْتُ اسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ:
7 - اخْتَلَفَتْ آرَاءُ الْحَنَفِيَّةِ فِي وَقْتِ الْقِصَاصِ فِي السِّنِّ، فَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى وُجُوبِ تَأْجِيلِهِ لِمُدَّةِ حَوْلٍ كَامِلٍ، سَوَاءٌ كَانَتْ مَقْلُوعَةً أَوْ مُتَحَرِّكَةً أَوْ مَكْسُورَةً، وَسَوَاءٌ كَانَتْ سِنَّ كَبِيرٍ أَوْ صَغِيرٍ، وَذَلِكَ لاِحْتِمَال نَبَاتِهَا فِي حَالَةِالْقَلْعِ وَسُقُوطِ أَوْ ثُبُوتِ الْمُتَحَرِّكَةِ وَلِتَغَيُّرِ الْمَكْسُورَةِ أَوْ عَدَمِ تَغَيُّرِهَا، وَأَصْل هَذَا الرَّأْيِ مَنْسُوبٌ إِلَى أَبِي حَنِيفَةَ.
وَقِيل: يُفَرَّقُ بَيْنَ الْكَبِيرِ وَالصَّغِيرِ، فَلاَ يَنْتَظِرُ الْبَالِغُ لأَِنَّ نَبَاتَ سِنِّ الْكَبِيرِ نَادِرٌ، وَيَنْتَظِرُ الصَّبِيُّ لأَِنَّ سِنَّهُ تَنْبُتُ غَالِبًا، وَأَصْل هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَرْوِيٌّ عَنْ أَبِي يُوسُفَ. وَقِيل: يُفَرَّقُ بَيْنَ الْمَقْلُوعَةِ، وَالْمُتَحَرِّكَةِ، وَالْمَكْسُورَةِ، فَلاَ يُنْتَظَرُ نَبَاتُ الْمَقْلُوعَةِ بَل لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَنْ يَقْتَصَّ أَوْ يَأْخُذَ الأَْرْشَ فِي الْحَال؛ لأَِنَّ السِّنَّ إِذَا سَقَطَتْ فَلاَ تَنْبُتُ غَالِبًا مِنْ جَدِيدٍ. وَيُنْتَظَرُ إِذَا تَحَرَّكَتْ مِنَ الْجِنَايَةِ؛ لأَِنَّهَا قَدْ تَسْقُطُ أَوْ تَثْبُتُ، وَكَذَا الْمَكْسُورَةُ؛ لأَِنَّهَا قَدْ تَتَغَيَّرُ بِاسْوِدَادٍ أَوِ احْمِرَارٍ أَوِ اصْفِرَارٍ أَوِ اخْضِرَارٍ، أَوْ لاَ تَتَغَيَّرُ فَيَخْتَلِفُ الْحُكْمُ، وَأَصْل هَذِهِ الرِّوَايَةِ مَنْسُوبَةٌ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ (9) .

عَوْدُ سِنِّ الْجَانِي بَعْدَ اسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ:
8 - إِنْ عَادَتْ سِنُّ الْجَانِي بَعْدَ أَنِ اقْتُصَّ مِنْهُ دُونَ سِنِّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي ذَلِكَ، فَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ فِي الْمُعْتَمَدِ، وَبَعْضُ الْحَنَابِلَةِ إِلَى أَنَّ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَنْ يَقْلَعَهَا ثَانِيَةً وَثَالِثَةً؛ لأَِنَّ الْجَانِيَ أَفْسَدَ مَنْبَتَهُ فَيُكَرَّرُ عَلَيْهِ الْقَلْعُ حَتَّى يَفْسُدَ مَنْبَتُهُ.
وَفِي وَجْهٍ لِلشَّافِعِيَّةِ وَبِهِ قَال بَعْضُ الْحَنَابِلَةِ إِلَى أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَنْ يَقْلَعَهُ لأَِنَّهُ قَابَل قَلْعًا بِقَلْعٍ فَلاَ تُثَنَّى عَلَيْهِ الْعُقُوبَةُ؛ وَلِئَلاَّ يَأْخُذَ سِنِينَ بِسِنٍّ وَاحِدَةٍ وَاَللَّهُ تَعَالَى يَقُول: {وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ} (10) لَكِنْ لَهُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ الأَْرْشُ لِخُرُوجِ الْقَلْعِ الأَْوَّل عَلَى كَوْنِهِ قِصَاصًا، وَكَأَنَّهُ تَعَذَّرَ الْقِصَاصُ بِسَبَبٍ.
وَفِي وَجْهٍ ثَالِثٍ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ لاَ شَيْءَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ؛ لأَِنَّ عَوْدَةَ السِّنِّ لِلْجَانِي هِبَةٌ مُتَجَدِّدَةٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَقَدِ اسْتَوْفَى حَقَّهُ بِمَا سَبَقَ.

الْقِصَاصُ فِي قَطْعِ غَيْرِ الْمَثْغُورِ سِنَّ مَثْغُورٍ:
9 - ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ: إِلَى أَنَّهُ إِنْ قَلَعَ غَيْرُ مَثْغُورٍ سِنَّ مَثْغُورٍ، فَلِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَنْ يَقْتَصَّ إِنْ كَانَ بَالِغًا، أَوْ يَأْخُذَ الأَْرْشَ.
وَإِذَا اقْتَصَّ فَلَيْسَ لَهُ مَعَ الْقِصَاصِ شَيْءٌ آخَرُ.
أَمَّا إِنْ كَانَ الْجَانِي غَيْرَ بَالِغٍ فَلاَ قِصَاصَ، وَإِنْ قَلَعَ سِنًّا زَائِدَةً قَلَعَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ لَهُ سِنًّا مِثْلَهَا. إِنْ كَانَتْ لِلْمُسَاوَاةِ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ سِنٌّ زَائِدَةٌ فَعَلَى الْجَانِي حُكُومَةٌ لِتَعَذُّرِ الْقِصَاصِ بِسَبَبِ فِقْدَانِ الْمُمَاثَلَةِ (11) .
وَإِنْ قَلَعَ غَيْرُ مَثْغُورٍ سِنَّ غَيْرِ مَثْغُورٍ آخَرَ فَلاَ قِصَاصَ فِي الْحَال، فَإِنْ نَبَتَتْ فَلاَ قِصَاصَ وَلاَ دِيَةَ، وَإِنْ لَمْ تَنْبُتْ وَقَدْ دَخَل وَقْتُهُ فَلِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَنْ يَقْتَصَّ أَوْ يَأْخُذَ الدِّيَةَ (12) .

الدِّيَةُ:
10 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ دِيَةَ كُل شَيْءٍ مِنَ الأَْسْنَانِ خَمْسٌ مِنَ الإِْبِل يَسْتَوِي فِي ذَلِكَ الْمُقَدَّمُ وَالْمُؤَخَّرُ؛ لِقَوْلِهِ ﷺ فِي كِتَابِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ: وَفِي السِّنِّ خَمْسٌ مِنَ الإِْبِل (13) . وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَال: فِي الأَْسْنَانِ خَمْسٌ خَمْسٌ (14) . وَيُنْظَرُ التَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (دِيَة) .

حُكْمُ السِّنِّ الْمُتَّخَذَةِ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ:
11 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلرَّجُل أَنْ يَتَّخِذَ سِنًّا مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَإِنْ تَعَدَّدَتْ، وَيَجُوزُ لَهُ كَذَلِكَ أَنْ يَشُدَّ سِنَّهُ الْمُتَحَرِّكَةَ بِالذَّهَبِ أَوِ الْفِضَّةِ كُلَّمَا دَعَتِ الضَّرُورَةُ إِلَى ذَلِكَ.
وَلَمْ يَذْكُرِ الشَّافِعِيَّةُ قَيْدَ الضَّرُورَةِ، وَمَنَعَ أَبُو حَنِيفَةَ مِنَ الذَّهَبِ لِلاِسْتِغْنَاءِ عَنْهُ بِالْفِضَّةِ لِمَا رَوَاهُ الأَْثْرَمُ عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَشُدُّونَ أَسْنَانَهُمْ بِالذَّهَبِ. أَمَّا الْمَرْأَةُ فَيَجُوزُ لَهَا ذَلِكَ مِنْ بَابِ أَوْلَى وَلَكِنْ يَحْرُمُ عَلَيْهَا تَخْلِيل أَسْنَانِهَا بِالذَّهَبِ أَوِ الْفِضَّةِ لِلزِّينَةِ (15) . حُكْمُ تَفْلِيجِ الأَْسْنَانِ:
12 - قَال الْعُلَمَاءُ: يَحْرُمُ التَّفَلُّجُ: وَهُوَ بَرْدُ مَا بَيْنَ الثَّنَايَا وَالرَّبَاعِيَاتِ مِنَ الأَْسْنَانِ، لِيَتَبَاعَدَ بَعْضُهَا عَنْ بَعْضٍ لِلْحُسْنِ وَالزِّينَةِ.
وَيُسَمَّى الْوَشْرَ، وَهُوَ تَحْدِيدُ الأَْسْنَانِ وَتَفْرِيجُ مَا بَيْنَهَا إِيهَامًا لِلْفَلَجِ الْمَحْمُودِ وَهُوَ مِمَّا قَدْ تَفْعَلُهُ الْمَرْأَةُ الْكَبِيرَةُ، لِتُوهِمَ النَّاظِرَ أَنَّهَا شَابَّةٌ صَغِيرَةٌ.
وَهُوَ حَرَامٌ عَلَى الْوَاشِرَةِ وَالْمُسْتَوْشِرَةِ؛ لأَِنَّهُ تَبْدِيلٌ لِلْهَيْئَةِ وَتَغْيِيرٌ لِخَلْقِ اللَّهِ. قَال اللَّهُ تَعَالَى: {إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلاَّ إِنَاثًا وَإِنْ يَدْعُونَ إِلاَّ شَيْطَانًا مَرِيدًا لَعَنَهُ اللَّهُ وَقَال لأََتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا وَلأَُضِلَّنَّهُمْ وَلأُِمَنِّيَنَّهُمْ وَلآَمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأَْنْعَامِ وَلآَمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ} (16) الآْيَةَ.
وَلأَِنَّ هَذَا مِنْ بَابِ التَّدْلِيسِ وَالْغِشِّ، وَلِهَذَا لَعَنَ الرَّسُول ﷺ مَنْ يَفْعَلْنَهُ وَوَصَفَهُنَّ بِالْمُغَيِّرَاتِ لِخَلْقِ اللَّهِ، فِيمَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ - ﵁ - قَال: لَعَنَ اللَّهُ الْوَاشِمَاتِ وَالْمُسْتَوْشِمَاتِ وَالْمُتَنَمِّصَاتِ وَالْمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ الْمُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللَّهِ، فَقَالَتْ لَهُ امْرَأَةٌ فِي ذَلِكَ، فَقَال: وَمَا لِي لاَ أَلْعَنُ مَنْ لَعَنَهُ رَسُول اللَّهِ ﷺ وَهُوَ فِي كِتَابِ اللَّهِ؟ قَال اللَّهُ تَعَالَى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُول فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} (1) .
وَمَحَل هَذَا إِنْ فَعَلَتْهُ لِلْحُسْنِ وَالزِّينَةِ، أَمَّا لَوِ احْتَاجَتْ إِلَيْهِ لِعِلاَجٍ أَوْ عَيْبٍ أَوْ نَحْوِهِمَا فَلاَ بَأْسَ بِهِ (2) . أَمَّا تَنْظِيفُ الأَْسْنَانِ فَرَاجِعْ مُصْطَلَحَ: (سِوَاك، وَسُنَن الْفِطْرَةِ، وَسُنَن الْوُضُوءِ) .
__________
(1) لسان العرب، المصباح المنير مادة: سن.
(2) سورة المائدة / 45.
(3) حديث أنس: " إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره ". أخرجه البخاري (الفتح 306، 8 / 717 ط. السلفية) ومسلم (3 / 1302 ط. الحلبي) .
(4) البدائع 7 / 314، حاشية ابن عابدين 5 / 354، مواهب الجليل 6 / 249، جواهر الإكليل 2 / 261، 268، 270، حاشية الخرشي 8 / 42، 20، 37، روضة الطالبين 9 / 198، 2760، مغني المحتاج 4 / 35، 63، الأم للشافعي 6 / 55، المغني لابن قدامة 7 / 720، 8 / 21، كشاف القناع 5 / 550، الجامع لأحكام القرآن 6 / 197، أحكام القرآن لابن العربي 2 / 133.
(5) حديث الربيع سبق تخريجه ف2.
(6) البدائع 7 / 314، حاشية ابن عابدين 5 / 354، مواهب الجليل 6 / 249، جواهر الإكليل 2 / 261، 268، 270، حاشية الخرشي 8 / 42، 20، 37، روضة الطالبين 9 / 198، 2760، مغني المحتاج 4 / 35، 63، الأم للشافعي 6 / 55، المغني لابن قدامة 7 / 720، 8 / 21، كشاف القناع 5 / 550، الجامع لأحكام القرآن 6 / 197، أحكام القرآن لابن العربي 2 / 113.
(7) المصادر السابقة.
(8)
(9) المصادر السابقة.
(10) سورة المائدة / 45.
(11) البدائع 7 / 314، حاشية ابن عابدين 5 / 354، مواهب الجليل 6 / 249، جواهر الإكليل 2 / 261، 268، 270، حاشية الخرشي 8 / 42، 20، 37، روضة الطالبين 9 / 198، 201، 276، مغني المحتاج 4 / 35، 63، المغني لابن قدامة 7 / 720، 278، كشاف القناع 5 / 550، الجامع لأحكام القرآن 6 / 197، أحكام القرآن لابن العربي 2 / 133، الأم للإمام الشافعي 6 / 55.
(12) المصادر السابقة.
(13) حديث: " في السن خمس من الإبل ". أخرجه النسائي (8 / 58 - 59 - ط. المكتبة التجارية) أورده ابن حجر في التلخيص (4 / 17 - 18 ط شركة الطباعة الفنية) وتكلم على أسانيده، ونقل تصحيحه عن جماعة من العلماء.
(14) حديث: " في الأسنان خمس خمس ". أخرجه أبو داود (4 / 691 - تحقيق عزت عبيد دعاس) وإسناده حسن.
(15) المجموع 1 / 292، 6 / 38، 46، روضة الطالبين 2 / 262، مغني المحتاج 1 / 391، كشاف القناع 2 / 238، المغني لابن قدامة 3 / 15.
(16) سورة النساء / 117، 118، 119.

الموسوعة الفقهية الكويتية: 267/ 25