الرحيم
كلمة (الرحيم) في اللغة صيغة مبالغة من الرحمة على وزن (فعيل) وهي...
الطائفة الباقية التي تعتبر يحيى عليه السلام نبيًّا لها . ويقدّس أصحابها الكواكب، والنجوم، ويعظمونها . ويعتبر الاتجاه نحو نجم القطب الشمالي، وكذلك التعميد في المياه الجارية من أهم معالم هذه الديانة . والصابئة نوعان؛ صابئة حنفاء، وصابئة مشركون . فالصابئة الحنفاء بمنزلة من كان متبعاً لشريعة التوراة . وأما الصابئة المشركون فهم قوم يعبدون الملائكة، والروحانيات العلوية
الصّابِئَةُ: جَمْعُ صابِئٍ، وهو في أصل اللُّغةِ مَن خَرَجَ مِن دِينٍ إلى دِينٍ آخَرَ. وأصل الكلِمَة يدلُّ على خُروجٍ وبُروزٍ، يُقال: صَبَأَتِ النُّجُومُ، أيْ: خَرَجَت مِن مَطالِعِها، وصَبَأَ فُلانٌ، يَصْبَأُ: إذا خَرج مِن دِينِهِ، ثمّ جُعِلَ هذا اللَّقَبُ عَلَماً على طائِفَةٍ مِن الكُفّارِ يُقال إنَّها تَعْبُدُ الكوَاكِبَ في الباطِنِ وتُنْسَبُ إلى النَّصْرانِيَّةِ في الظّاهِرِ، وهُم الصّابِئَةُ والصّابِئُونَ.
يَرِد مُصْطلَح (صابِئَة) في الفِقْهِ في عِدَّة مَواطِن، منها: كتاب النِّكاحِ، باب: المُحَرَّمات في النِّكاحِ، وفي كِتابِ المَوارِيثِ، باب: مِيراث أَهْلِ المِلَلِ، وفي كتاب البيوع، باب: الوقف، وفي كِتاب الجِهاد، باب: عَقْد الذِّمَّةِ لأَهْلِ الكِتابِ، وفي كتاب الدِّيات، باب: أحكام الدِّيَّة. ويرِد أيضاً في عِلمِ العَقِيدَةِ، باب: تَوْحيد الأُلوهِيَّةِ عند الكَلام على الشِّرْكِ وأَقْسامِهِ، وفي باب: الفِرَق والأديان.
صبأ
قَوْمٌ مِن الكُفّارِ يَعْبُدُون المَلائِكَةَ والكَواكِبَ، وقيل: إنَّهم طائِفةٌ مِن أهلِ الكِتاب.
اختلَف أهل العِلم في تعريف الصّابِئَة وبيانِ حقِيقتَهم على أقوالٍ، منها: 1- أنَّهُم قَوْمٌ كانوا على دِينِ نُوحٍ عليه السَّلامُ. 2- أنَّهُم صِنْفٌ مِن النَّصارَى أَلْيَنُ مِنْهُم قَوْلًا. 3- أنَّهم قَوْمٌ تَرَكَّبَ دِينُهُم بين اليَهُودِيَّةِ والمَجُوسِيَّة. 4- أنَّهُم بين اليَهُودِ والنَّصارَى. 5- أنَّهُم قَوْمٌ يَعْبُدُون المَلائِكَةَ، ويُصَلُّونَ إلى القِبْلَةِ، ويَقْرَؤون الزَّبُورَ، ويُصَلُّونَ الخَمْسَ. 6- وقيل: إنّهُم قَوْمٌ كانُوا يَقُولُونَ: لا إله إلّا الله، وليس لَهُم عَمَلٌ، ولا كِتابٌ، ولا نَبِيٌّ. 7- أنّ الصَّابِئَةَ فِرْقَتانِ مُتَمَيِّزَتانِ لا تَدْخُل إِحْداهُما في الأُخْرَى وإن تَوافَقَتا في الاِسْمِ، وهما: أ- الصَّابِئَةُ الحَرَّانِيُّونَ، وهم: قَوْمٌ أَقْدَمُ مِن النَّصارَى كانُوا في زَمَنِ إِبْراهِيمَ عليه السَّلامُ يَعْبُدُونَ الكَواكِبَ السَّبْعَةَ، ويُضِيفُونَ التَّأْثِيرَ إليها، ويَزْعُمُونَ أنّ الفلَكَ حَيٌّ ناطِقٌ. ب- طائِفَةٌ مِن أَهْل الكِتابِ لهم شَبَهٌ بِالنَّصارَى؛ لأنَّهم مُخالِفُونَ لهم في كثيرٍ مِن دِيانَتِهِم، والنَّصارَى تُسَمِّيهِم:يُوحانِسِيَّةَ. وأَضافَ ابْن تَيْمِيَّةَ فِرْقَةً ثالِثَةً كانت قَبْل التَّوْراةِ والإِنْجِيل، كانوا مُوَحِّدِينَ؛ قال: فهؤُلاءِ هم الذين أَثْنَى اللَّهُ تعالى عليهِم بِقَوْلِهِ تَعالى: "إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآْخِرِ وَعَمِل صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ" (البقرة : 62).
الصّابِئَةُ: جَمْعُ صابِئٍ، وهو مَن خَرَجَ مِن دِينٍ إلى دِينٍ آخَرَ. وأصل الكلِمَة يدلُّ على خُروجٍ وبُروزٍ، يُقال: صَبَأَ فُلانٌ، يَصْبَأُ: إذا خَرج مِن دِينِهِ، ثمّ جُعِلَ هذا اللَّقَبُ عَلَماً على طائِفَةٍ مِن الكُفّارِ.
أمة قديمة قبل اليهود والنصارى، تؤمن بيحيى عليه السلام نبيًّا لها. يقدّس أصحابها الكواكب، والنجوم، ويعظمونها. ومن أهم معالمها الاتجاه نحو نجم القطب الشمالي، والتعميد في المياه الجارية. وهم أنواع، منها: صابئة حنفاء، وصابئة مشركون، الصابئة المندائية.
* العين : (7/171)
* تهذيب اللغة : (12/180)
* مقاييس اللغة : (3/332)
* المحكم والمحيط الأعظم : (8/354)
* القاموس المحيط : (ص 45)
* لسان العرب : (1/108)
* بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع : (9/4330)
* أحكام القرآن للجصاص : (2/464)
* تفسير القرطبي : (1/434)
* الـمغني لابن قدامة : (7/130)
* تلبيس إبليس : (ص 74)
* الموسوعة الفقهية الكويتية : (26/293)
* معجم لغة الفقهاء : (ص 269)
* معجم المصطلحات والألفاظ الفقهية : (2/351) -
التَّعْرِيفُ:
1 - الصَّابِئَةُ لُغَةً: جَمْعُ الصَّابِئِ. وَالصَّابِئُ: مَنْ خَرَجَ مِنْ دِينٍ إِلَى دِينٍ. يُقَال: صَبَأَ فُلاَنٌ يَصْبَأُ: إِذَا خَرَجَ مِنْ دِينِهِ، وَتَقُول الْعَرَبُ: صَبَأَتِ النُّجُومُ إِذَا طَلَعَتْ (1) .
وَقَدْ وَرَدَ ذِكْرُ الصَّابِئَةِ فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ مَعَ أَهْل الْمِلَل فِي ثَلاَثَةِ مَوَاضِعَ، مِنْهَا: قَوْله تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآْخِرِ وَعَمِل صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ} (2) .
2 - وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي تَعْرِيفِ الصَّابِئَةِ عَلَى أَقْوَالٍ هِيَ:
أ - أَنَّهُمْ قَوْمٌ كَانُوا عَلَى دِينِ نُوحٍ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - نَقَلَهُ الرَّاغِبُ فِي مُفْرَدَاتِهِ (3) .
وَنَقَل ابْنُ مَنْظُورٍ عَنِ اللَّيْثِ: هُمْ قَوْمٌ يُشْبِهُ دِينُهُمْ دِينَ النَّصَارَى، إِلاَّ أَنَّ قِبْلَتَهُمْ نَحْوَ مَهَبِّ الْجَنُوبِ، يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ عَلَى دِينِ نُوحٍ وَهُمْ كَاذِبُونَ. وَنَقَل قَرِيبًا مِنْهُ الْقُرْطُبِيُّ عَنِ الْخَلِيل (4) .
ب - أَنَّهُمْ صِنْفٌ مِنَ النَّصَارَى أَلْيَنُ مِنْهُمْ قَوْلاً. وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ
وَبِهِ قَال أَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ (5) .
ج - وَقَال السُّدِّيُّ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ: هُمْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْل الْكِتَابِ لأَِنَّهُمْ يَقْرَءُونَ الزَّبُورَ، وَبِهِ قَال أَبُو حَنِيفَةَ.
د - قَال مُجَاهِدٌ وَالْحَسَنُ وَابْنُ أَبِي نُجَيْحٍ: هُمْ قَوْمٌ تَرَكَّبَ دِينُهُمْ بَيْنَ الْيَهُودِيَّةِ وَالْمَجُوسِيَّةِ (6) .
هـ - وَقِيل: هُمْ بَيْنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى.
و وَقَال سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: هُمْ قَوْمٌ بَيْنَ النَّصَارَى وَالْمَجُوسِ (7) .
ز - وَقَال الْحَسَنُ أَيْضًا وَقَتَادَةَ: هُمْ قَوْمٌ يَعْبُدُونَ الْمَلاَئِكَةَ، وَيُصَلُّونَ إِلَى الْقِبْلَةِ، وَيَقْرَءُونَ الزَّبُورَ، وَيُصَلُّونَ الْخَمْسَ. رَآهُمْ زِيَادُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ فَأَرَادَ وَضْعَ الْجِزْيَةِ عَنْهُمْ حِينَ عَرَفَ أَنَّهُمْ يَعْبُدُونَ الْمَلاَئِكَةَ، وَنَقَل الْقُرْطُبِيُّ: أَنَّهُمْ مُوَحِّدُونَ يَعْتَقِدُونَ تَأْثِيرَ النُّجُومِ (8) .
ح - وَقِيل: إِنَّهُمْ قَوْمٌ كَانُوا يَقُولُونَ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَلَيْسَ لَهُمْ عَمَلٌ وَلاَ كِتَابٌ وَلاَ نَبِيٌّ (9) .
ط - وَقَال الصَّاحِبَانِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ: إِنَّهُمْ لَيْسُوا مِنْ أَهْل الْكِتَابِ؛ لأَِنَّهُمْ يَعْبُدُونَ الْكَوَاكِبَ، وَعَابِدُ الْكَوْكَبِ كَعَابِدِ الْوَثَنِ (10) .
ى - وَقَال أَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ ثَانِيَةٍ: إِنَّهُمْ قَوْمٌ مِنَ الْيَهُودِ؛ لأَِنَّهُمْ يَسْبِتُونَ (11) .
مَذَاهِبُ الْفُقَهَاءِ فِي حَقِيقَةِ الصَّابِئَةِ:
اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حَقِيقَةِ دِينِ الصَّابِئَةِ أَهُمْ مِنْ أَهْل الْكِتَابِ أَمْ لاَ، عَلَى أَقْوَالٍ:
3 - الْقَوْل الأَْوَّل: أَنَّهُمْ مِنْ أَهْل الْكِتَابِ، وَهَذَا قَوْل أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَدَ، وَقَدْ جَعَلَهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ مِنْ أَهْل الْكِتَابِ، لأَِنَّهُمْ يَقْرَءُونَ الزَّبُورَ، وَلاَ يَعْبُدُونَ الْكَوَاكِبَ، وَلَكِنْ يُعَظِّمُونَهَا كَتَعْظِيمِ الْمُسْلِمِينَ لِلْكَعْبَةِ فِي الاِسْتِقْبَال إِلَيْهَا.
وَأَمَّا أَحْمَدُ فَقَال فِي رِوَايَةٍ: هُمْ مِنَ النَّصَارَى؛ لأَِنَّهُمْ يَدِينُونَ بِالإِْنْجِيل وَاسْتَدَل لِذَلِكَ بِمَا نُقِل عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - وَقَال فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: هُمْ مِنَ الْيَهُودِ لأَِنَّهُمْ يَسْبِتُونَ، وَاسْتَدَل لِذَلِكَ بِمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ قَال: إِنَّهُمْ يَسْبِتُونَ (12) .
الْقَوْل الثَّانِي: أَنَّهُمْ لَيْسُوا مِنْ أَهْل الْكِتَابِ. قَال الْقُرْطُبِيُّ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ: الَّذِي تَحَصَّل مِنْ مَذْهَبِهِمْ فِيمَا ذَكَرَهُ بَعْضُ عُلَمَائِنَا: أَنَّهُمْ مُوَحِّدُونَ، يَعْتَقِدُونَ تَأْثِيرَ النُّجُومِ، وَأَنَّهَا فَعَّالَةٌ، قَال: وَلِهَذَا أَفْتَى أَبُو سَعِيدٍ الإِْصْطَخْرِيُّ، الْقَاهِرَ بِاللَّهِ بِكُفْرِهِمْ، حِينَ سَأَلَهُ عَنْهُمْ (13) ، وَهُوَ قَوْل أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ فِيهِمْ؛ لأَِنَّهُمْ يَعْبُدُونَ الْكَوَاكِبَ، وَعَابِدُ الْكَوَاكِبِ كَعَابِدِ الْوَثَنِ (14) .
4 - الْقَوْل الثَّالِثُ: وَهُوَ لِلشَّافِعِيَّةِ، فَقَدْ تَرَدَّدُوا فِيهِمْ. قَال النَّوَوِيُّ: الْمَذْهَبُ أَنَّهُمْ إِنْ خَالَفُوا النَّصَارَى فِي أَصْل دِينِهِمْ فَلَيْسُوا مِنْهُمْ، وَإِلاَّ فَهُمْ مِنْهُمْ. قَال: وَهَكَذَا نَصَّ عَلَيْهِ (أَيْ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ) ، وَقِيل: فِيهِمْ قَوْلاَنِ: قَال: وَهَذَا إِذَا لَمْ يُكَفِّرْهُمُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى، فَإِنْ كَفَّرُوهُمْ لَمْ يُقَرُّوا قَطْعًا. أَيْ: لأَِنَّهُمْ لاَ يَكُونُونَ مِنْ أَهْل الْكِتَابِ.
وَالْمُرَادُ بِأَصْل دِينِهِمْ عَلَى مَا فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ لِلْمَحَلِّيِّ: عِيسَى وَالإِْنْجِيل، وَمَا عَدَا ذَلِكَ فُرُوعٌ، أَيْ: إِنْ كَانُوا يَتَّبِعُونَ عِيسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَيُؤْمِنُونَ بِالإِْنْجِيل فَهُمْ مِنَ النَّصَارَى وَلَوْ خَالَفُوا النَّصَارَى فِي الْفُرُوعِ، مَا لَمْ تُكَفِّرْهُمُ النَّصَارَى بِالْمُخَالَفَةِ فِي الْفُرُوعِ فَإِنْ كَفَّرُوهُمْ فَلَيْسُوا مِنْهُمْ.
وَفِي نِهَايَةِ الْمُحْتَاجِ: لَوْ خَالَفُوا النَّصَارَى فِي أَصْل دِينِهِمْ وَلَوِ احْتِمَالاً كَأَنْ نَفَوْا الصَّانِعَ أَوْ عَبَدُوا كَوْكَبًا حَرُمَ نِسَاؤُهُمْ عَلَيْنَا (15) .
5 - الْقَوْل الرَّابِعُ: أَنَّ الصَّابِئَةَ فِرْقَتَانِ مُتَمَيِّزَتَانِ لاَ تَدْخُل إِحْدَاهُمَا فِي الأُْخْرَى وَإِنْ تَوَافَقَتَا فِي الاِسْمِ.
أ - الْفِرْقَةُ الأُْولَى: هُمُ الصَّابِئَةُ الْحَرَّانِيُّونَ (وَسَمَّاهُمُ ابْنُ النَّدِيمِ وَالشَّهْرَسْتَانِيُّ: الْحَرْنَانِيِّينَ) وَهُمْ: قَوْمٌ أَقْدَمُ مِنَ النَّصَارَى كَانُوا فِي زَمَنِ إِبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - يَعْبُدُونَ الْكَوَاكِبَ السَّبْعَةَ، وَيُضِيفُونَ التَّأْثِيرَ إِلَيْهَا، وَيَزْعُمُونَ أَنَّ الْفَلَكَ حَيٌّ نَاطِقٌ. قَال الْجَصَّاصُ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ: وَهَذِهِ الْفِرْقَةُ تَسَمَّتْ بِالصَّابِئَةِ، وَهُمُ الْفَلاَسِفَةُ الْحَرَّانِيُّونَ الَّذِينَ بِنَاحِيَةِ حَرَّانَ (16) . وَهُمْ عَبَدَةُ أَوْثَانٍ، وَلاَ يَنْتَمُونَ إِلَى أَحَدٍ مِنَ الأَْنْبِيَاءِ، وَلاَ يَنْتَحِلُونَ شَيْئًا مِنْ كُتُبِ اللَّهِ، فَهَؤُلاَءِ لَيْسُوا أَهْل كِتَابٍ. وَذَكَرَهُمُ الْمَسْعُودِيُّ وَأَنَّ لَهُمْ سَبْعَةَ هَيَاكِل بِأَسْمَاءِ الزَّهْرَةِ وَالْمِرِّيخِ وَالْمُشْتَرَى وَزُحَل وَغَيْرِهِمَا. وَذَكَرَ أَشْيَاءَ مِنْ أَحْوَالِهِمْ فِي زَمَانِهِ.
وَكَذَلِكَ ذَكَرَهُمُ الشَّهْرِسْتَانِيُّ وَأَطْنَبَ فِي بَيَانِ اعْتِقَادَاتِهِمْ وَأَحْوَالِهِمْ. وَذَكَرَهُمُ ابْنُ النَّدِيمِ فِي فَهْرَسَتِهِ، وَذَكَرَ قُرَاهُمْ وَأَحْوَالَهُمْ وَمَعَابِدَهُمْ، وَنَقَل عَنِ الْمُؤَلِّفِينَ النَّصَارَى: أَنَّهُمْ لَمْ يَكُنِ اسْمُهُمْ الصَّابِئَةَ، وَأَنَّ الْمَأْمُونَ مَرَّ بِدِيَارِ مُضَرَ فَتَلَقَّاهُ النَّاسُ، وَفِيهِمْ جَمَاعَةٌ مِنَ الْحَرْنَانِيِّينَ، فَأَنْكَرَ الْمَأْمُونُ زِيَّهُمْ. فَلَمَّا عَلِمَ أَنَّهُمْ لَيْسُوا يَهُودًا وَلاَ نَصَارَى وَلاَ مَجُوسًا أَنْظَرَهُمْ إِلَى رُجُوعِهِ مِنْ سَفْرَتِهِ، وَقَال: إِنْ أَنْتُمْ دَخَلْتُمْ فِي الإِْسْلاَمِ، أَوْ فِي دِينٍ مِنْ هَذِهِ الأَْدْيَانِ الَّتِي ذَكَرَهَا اللَّهُ فِي كِتَابِهِ، وَإِلاَّ أَمَرْتُ بِقَتْلِكُمْ. وَرَحَل عَنْهُمْ إِلَى أَرْضِ الرُّومِ، وَهِيَ رِحْلَتُهُ الَّتِي مَاتَ فِيهَا. فَمِنْهُمْ مَنْ أَسْلَمَ، وَمِنْهُمْ مَنْ تَنَصَّرَ، وَبَقِيَ مِنْهُمْ شِرْذِمَةٌ عَلَى دِينِهِمْ، احْتَالُوا بِأَنْ سَمَّوْا أَنْفُسَهُمْ الصَّابِئَةَ، لِيَسْلَمُوا وَيَبْقَوْا فِي الذِّمَّةِ (17)
. وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ هَذِهِ الطَّائِفَةَ لَمْ يَكُنِ اسْمُهُمُ الصَّابِئَةَ أَوَّلاً، وَأَنَّهُمْ تَسَمَّوْا بِذَلِكَ فِي آخِرِ عَهْدِ الْمَأْمُونِ.
وَأَفَادَ الْبَيْرُونِيُّ: أَنَّ هَذِهِ النِّحْلَةَ هِيَ نِحْلَةُ فَلاَسِفَةِ الْيُونَانِيِّينَ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قَبْل النَّصْرَانِيَّةِ، وَأَنَّ مِنْ فَلاَسِفَتِهَا: فِيثَاغُورْسُ، وَأَغَاذِيمُونُ، وَوَالِيسُ، وَهُرْمُسُ، وَكَانَتْ لَهُمْ هَيَاكِل بِأَسْمَاءِ الْكَوَاكِبِ، وَأَنَّ الْيُونَانِيِّينَ، وَمِنْ بَعْدِهِمُ الرُّومَانُ، كَانُوا عَلَى هَذِهِ النِّحْلَةِ، ثُمَّ لَمَّا غَلَبَتِ النَّصْرَانِيَّةُ عَلَى بِلاَدِ الرُّومِ وَالْيُونَانِ وَتَنَصَّرَ أَهْل هَذِهِ النِّحْلَةِ: بَقِيَ عَلَيْهَا مِنْ أَهْل الْمَشْرِقِ بَقَايَا، وَلَمْ يَكُنِ اسْمُهُمُ الصَّابِئَةَ، وَإِنَّمَا تَسَمَّوْا بِذَلِكَ فِي عَصْرِ الْمَأْمُونِ سَنَةَ 228 هـ (18) وَهُمْ لَيْسُوا مِنَ الصَّابِئَةِ فِي الْحَقِيقَةِ، بَل حَقِيقَةُ الصَّابِئَةِ هُمُ الْفِرْقَةُ الثَّانِيَةُ.
ب - وَالْفِرْقَةُ الثَّانِيَةُ: هُمْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْل الْكِتَابِ لَهُمْ شَبَهٌ بِالنَّصَارَى.
قَال الْجَصَّاصُ: وَهَؤُلاَءِ بِنَوَاحِي كَسْكَرَ وَالْبَطَائِحِ (مِنْ أَرْضِ الْعِرَاقِ) وَهُمْ مَعَ كَوْنِهِمْ مِنَ النَّصَارَى إِلاَّ أَنَّهُمْ مُخَالِفُونَ لَهُمْ فِي كَثِيرٍ مِنْ دِيَانَتِهِمْ؛ لأَِنَّ النَّصَارَى فِرَقٌ كَثِيرَةٌ، مِنْهُمُ: الْمَرْقُونِيُّونَ، والآْرْيُوسِيَّةُ، وَالْمَارُونِيَّةُ. وَالْفِرَقُ الثَّلاَثُ مِنَ النَّسْطُورِيَّةِ، وَالْمَلْكِيَّةِ، وَالْيَعْقُوبِيَّةِ يَبْرَءُونَ مِنْهُمْ وَيُجَرِّمُونَهُمْ. وَهُمْ يَنْتَمُونَ إِلَى يَحْيَى وَشِيثٍ. قَال: وَالنَّصَارَى تُسَمِّيهِمْ يُوحَانِسِيَّةَ. أهـ. قَال الْجَصَّاصُ: فَمَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ فِي جَعْلِهِ الصَّابِئَةَ مِنْ أَهْل الْكِتَابِ مَحْمُولٌ عَلَى هَؤُلاَءِ.
وَأَمَّا الْبَيْرُونِيُّ فَيَرَى: أَنَّ هَذِهِ الْفِرْقَةَ الثَّانِيَةَ أَصْلُهَا الْيَهُودُ الَّذِينَ أَسَرَهُمْ بُخْتَ نَصَّرَ، وَأَجْلاَهُمْ مِنْ أَرْضِ فِلَسْطِينَ إِلَى بَابِل مِنْ أَرْضِ الْعِرَاقِ، فَلَمَّا أَذِنَ لَهُمْ كُورَشُ بِالْعَوْدَةِ إِلَى فِلَسْطِينَ تَخَلَّفَ بِالْعِرَاقِ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ وَآثَرُوا الإِْقَامَةَ فِي بَابِل، وَلَمْ يَكُونُوا فِي دِينِهِمْ بِمَكَانٍ مُعْتَمَدٍ، فَسَمِعُوا أَقَاوِيل الْمَجُوسِ وَصَبَوْا إِلَى بَعْضِهَا، فَامْتَزَجَ مَذْهَبُهُمْ مِنَ الْمَجُوسِيَّةِ وَالْيَهُودِيَّةِ. قَال: وَهَؤُلاَءِ هُمُ الصَّابِئُونَ بِالْحَقِيقَةِ، وَإِنْ كَانَ الاِسْمُ أَشْهَرُ بِالْفِرْقَةِ الأُْولَى، وَكَذَا مَيَّزَ بَيْنَ الْفِرْقَتَيْنِ الرَّمْلِيُّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ، وَابْنُ تَيْمِيَّةَ مِنَ الْحَنَابِلَةِ، وَابْنُ الْقَيِّمِ، وَقَال ابْنُ الْهُمَامِ: قِيل: فِي الصَّابِئَةِ الطَّائِفَتَانِ، وَهَذِهِ الْفِرْقَةُ الثَّانِيَةُ الَّتِي قَال الْبَعْضُ إِنَّهُمْ مِنَ النَّصَارَى يُسَمَّوْنَ (الْمَنْدَائِيِّينَ) وَمِنْهُمُ الآْنَ بَقَايَا فِي جَنُوبِالْعِرَاقِ، وَقَدْ صَدَرَتْ عَنْهُمْ دِرَاسَاتٌ حَدِيثَةٌ كَشَفَتْ بَعْضَ مَا عِنْدَهُمْ، وَمِنْهَا مَا كَتَبَهُ بَعْضُ كُتَّابِهِمْ، وَبَعْضُ مَنْ يُعَايِشُهُمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَتُرْجِمَتْ بَعْضُ كِتَابَاتِهِمُ الدِّينِيَّةِ إِلَى اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ، وَفِيهَا: أَنَّهُمْ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآْخِرِ، وَبِالْمَلاَئِكَةِ، وَبِبَعْضِ الأَْنْبِيَاءِ، مِنْهُمْ: آدَمُ، وَشِيثُ، وَنُوحٌ، وَزَكَرِيَّا، وَيَحْيَى - عَلَيْهِمْ السَّلَامُ - وَلاَ يُؤْمِنُونَ بِمُوسَى، وَلاَ بِالْمَسِيحِ، وَلاَ التَّوْرَاةِ، وَلاَ الإِْنْجِيل، وَيُؤْمِنُونَ بِالتَّعْمِيدِ. وَلَهُمْ عِبَادَاتٌ يَعْبُدُونَ اللَّهَ بِهَا: مِنْ صَلَوَاتٍ، وَزَكَاةٍ، وَصَوْمٍ، وَأَعْيَادٍ دِينِيَّةٍ، وَيَغْتَسِلُونَ كُل يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ، أَوْ ثَلاَثًا، وَلِذَلِكَ قَدْ يُسَمَّوْنَ الْمُغْتَسِلَةَ، وَيُسَمُّونَ اللَّهَ عَلَى الذَّبَائِحِ (19) .
وَأَضَافَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ فِرْقَةً ثَالِثَةً، كَانَتْ قَبْل التَّوْرَاةِ وَالإِْنْجِيل، كَانُوا مُوَحِّدِينَ؛ قَال: فَهَؤُلاَءِ هُمُ الَّذِينَ أَثْنَى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِمْ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآْخِرِ وَعَمِل صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ} قَال: فَهَؤُلاَءِ كَالْمُتَّبِعِينَ لِمِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - إِمَامِ الْحُنَفَاءِ قَبْل نُزُول التَّوْرَاةِ وَالإِْنْجِيل، هُمُ الَّذِينَ أَثْنَى عَلَيْهِمُ اللَّهُ تَعَالَى (20) .
عَلَى أَنَّ هَذَا التَّقْسِيمَ لِلصَّابِئَةِ إِلَى فِرْقَتَيْنِ، وَدَعْوَى أَنَّ الْحَرَّانِيِّينَ الْمُشْرِكِينَ لَمْ يَكُونُوا يَتَسَمَّوْنَ الصَّابِئَةَ حَتَّى كَانَ عَهْدُ الْمَأْمُونِ، دَعْوَى هِيَ مَوْضُوعُ شَكٍّ - وَإِنْ دَرَجَ عَلَيْهَا بَعْضُ الْمُؤَرِّخِينَ وَبَعْضُ الْفُقَهَاءِ - فَإِنَّ كُتُبَ الْحَنَفِيَّةِ، تَنْسُبُ إِلَى أَبِي حَنِيفَةَ: أَنَّ الصَّابِئَةَ الَّذِينَ يُعَظِّمُونَ الْكَوَاكِبَ السَّبْعَةَ لَيْسُوا مُشْرِكِينَ؛ بَل هُمْ أَهْل الْكِتَابِ؛ لأَِنَّهُمْ لاَ يَعْبُدُونَ تِلْكَ الْكَوَاكِبَ، بَل يُعَظِّمُونَهَا كَتَعْظِيمِ الْمُسْلِمِينَ الْكَعْبَةَ، وَأَنَّ صَاحِبَيْهِ قَالاَ: بَل هُمْ كَعُبَّادِ الأَْوْثَانِ (21) وَأَبُو حَنِيفَةَ كَانَ قَبْل الْمَأْمُونِ فَإِنَّهُ تُوُفِّيَ سَنَةَ 150 وَالْمَأْمُونُ سَنَةَ 218 هـ. وَكَلاَمُهُ وَكَلاَمُ صَاحِبَيْهِ مُنْصَبٌّ عَلَى الْحَرَّانِيِّينَ؛ فَإِنَّهُمْ هُمُ الَّذِينَ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْكَوَاكِبَ السَّبْعَةَ، مِمَّا يَدُل عَلَى أَنَّهُمْ كَانُوا فِي زَمَانِهِ مُسَمَّيْنَ بِاسْمِ الصَّابِئَةِ. وَنُصُوصُ الْمُؤَرِّخِينَ مُضْطَرِبَةٌ، بَعْضُهَا يَدُل عَلَى أَنَّهُمْ فِرْقَتَانِ، وَبَعْضُهَا عَلَى أَنَّهُمْ فِرْقَةٌ وَاحِدَةٌ.
الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالصَّابِئَةِ:
6 - يَنْطَبِقُ عَلَى الصَّابِئَةِ الأَْحْكَامُ الَّتِي تَنْطَبِقُ عَلَى الْكُفَّارِ عَامَّةً: كَتَحْرِيمِ نِكَاحِ الصَّابِئِ لِلْمُسْلِمَةِ، وَكَعَدِمِ صِحَّةِ الْعِبَادَةِ مِنْهُمْ، وَعَدَمِ إِقَامَتِهِمْ فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ.
وَأَمَّا الأَْحْكَامُ الَّتِي تَخْتَصُّ بِأَهْل الْكِتَابِ: كَجَوَازِ عَقْدِ الذِّمَّةِ لَهُمْ، وَأَنْ يَتَزَوَّجَ الْمُسْلِمُ مِنْ نِسَائِهِمْ، وَأَنْ يَأْكُل مِنْ ذَبَائِحِهِمْ، فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي إِجْرَائِهَا عَلَيْهِمْ تَبَعًا لاِخْتِلاَفِهِمْ فِي حَقِيقَةِ دِينِهِمْ، فَمَنِ اعْتَبَرَهُمْ مِنْ أَهْل الْكِتَابِ، أَوْ لَهُمْ شُبْهَةُ كِتَابٍ: أَجْرَى عَلَيْهِمُ الأَْحْكَامَ الَّتِي تَخْتَصُّ بِالْكِتَابِيِّ، أَوْ مَنْ لَهُ شُبْهَةُ كِتَابٍ. وَمَنِ اعْتَبَرَهُمْ مِنْ غَيْرِ أَهْل الْكِتَابِ، وَلَيْسَ لَهُمْ شُبْهَةُ كِتَابٍ: أَجْرَى عَلَيْهِمُ الأَْحْكَامَ الَّتِي تَنْطَبِقُ عَلَى الْمُشْرِكِينَ. وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي الْمُصْطَلَحَاتِ: (أَهْل الْكِتَابِ، أَرْضُ الْعَرَبِ، جِزْيَةٌ) (22) .
إِقْرَارُ الصَّابِئَةِ فِي بِلاَدِ الإِْسْلاَمِ وَضَرْبُ الْجِزْيَةِ عَلَيْهِمْ:
7 - أَمَّا جَزِيرَةُ الْعَرَبِ: فَلاَ يَجُوزُ إِقْرَارُ الصَّابِئِينَ فِيهَا، كَسَائِرِ الْكُفَّارِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَأَهْل الْكِتَابِ؛ لِقَوْل النَّبِيِّ ﷺ: لأَُخْرِجَنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ، حَتَّى لاَ أَدَعَ إِلاَّ مُسْلِمًا وَحَدِيثِ عَائِشَةَ. آخِرُ مَا عَهِدَ رَسُول اللَّهِ ﷺ: لاَ يُتْرَكُ فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ دِينَانِ (23) وَفِي الْمُرَادِ بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ خِلاَفٌ، وَتَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ: (أَرْضُ الْعَرَبِ) .
وَأَمَّا فِي خَارِجِ الْجَزِيرَةِ الْعَرَبِيَّةِ مِنْ سَائِرِ بِلاَدِ الإِْسْلاَمِ: فَقَدِ اخْتُلِفَ فِي إِقْرَارِ الصَّابِئَةِ فِيهَا عَلَى أَقْوَالٍ:
فَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ إِلَى جَوَازِ إِقْرَارِهِمْ فِيهَا، وَأَخْذِ الْجِزْيَةِ مِنْهُمْ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُمْ نَصَارَى، وَأَنَّ تَعْظِيمَهُمْ لِلْكَوَاكِبِ لَيْسَ مِنْ بَابِ الْعِبَادَةِ لَهَا.
وَقَال صَاحِبَاهُ: لاَ تُؤْخَذُ مِنْهُمُ الْجِزْيَةُ لأَِنَّهُمْ يَعْبُدُونَ الْكَوَاكِبَ كَعِبَادَةِ الْمُشْرِكِينَ لِلأَْصْنَامِ (24) .
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: بِجَوَازِ إِقْرَارِهِمْ كَذَلِكَ بِنَاءً مِنْهُمْ عَلَى أَنَّ الْجِزْيَةَ يَجُوزُ أَنْ تُضْرَبَ عَلَى كُل كَافِرٍ، كِتَابِيًّا كَانَ أَوْ غَيْرَ كِتَابِيٍّ (25) . وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ: إِلَى أَنَّ الصَّابِئَةَ يَجُوزُ أَنْ تُعْقَدَ لَهُمُ الذِّمَّةُ بِالْجِزْيَةِ، عَلَى الْقَوْل بِأَنَّهُمْ مِنَ النَّصَارَى، إِنْ وَافَقُوهُمْ فِي أَصْل دِينِهِمْ، وَلَوْ خَالَفُوهُمْ فِي فُرُوعِهِ، وَلَمْ تُكَفِّرْهُمُ النَّصَارَى. أَمَّا إِنْ كَفَّرَتْهُمُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى لِمُخَالَفَتِهِمْ فِي الْفُرُوعِ، فَقَدْ قِيل: يَجُوزُ أَنْ يُقَرُّوا بِالْجِزْيَةِ وَإِنْ لَمْ تَجُزْ مُنَاكَحَتُهُمْ، لأَِنَّ مَبْنَى تَحْرِيمِ النِّكَاحِ، الاِحْتِيَاطُ، بِخِلاَفِ الْجِزْيَةِ (26) .
وَهَذَا التَّرَدُّدُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، إِنَّمَا هُوَ فِي الصَّابِئَةِ الْمُشَابِهَةِ لِلنَّصَارَى (وَهُمُ الْمُسَمَّوْنَ الْمَنْدَائِيِّينَ) ، أَمَّا الصَّابِئَةُ عُبَّادُ الْكَوَاكِبِ: فَقَدْ جَزَمَ الرَّمْلِيُّ بِأَنَّ الْخِلاَفَ لاَ يَجْرِي فِيهِمْ، وَأَنَّهُمْ لاَ يُقَرُّونَ بِبِلاَدِ الإِْسْلاَمِ. قَال: وَلِذَلِكَ أَفْتَى الإِْصْطَخْرِيُّ وَالْمَحَامِلِيُّ - الْخَلِيفَةَ الْقَاهِرَ - بِقَتْلِهِمْ، لَمَّا اسْتَفْتَى فِيهِمُ الْفُقَهَاءَ، فَبَذَلُوا لَهُ مَالاً كَثِيرًا فَتَرَكَهُمْ (27) .
وَالْمُعْتَمَدُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ: أَنَّ الْجِزْيَةَ تُؤْخَذُ مِنْهُمْ، لِنَصِّ أَحْمَدَ عَلَى أَنَّهُمْ جِنْسٌ مِنَ النَّصَارَى: وَرُوِيَ عَنْهُ: أَنَّهُمْ جِنْسٌ مِنَ الْيَهُودِ، قَالُوا: وَرُوِيَ عَنْهُ: أَنَّهُمْ يَقُولُونَ: إِنَّ الْفَلَكَ حَيٌّ نَاطِقٌ، وَإِنَّ الْكَوَاكِبَ السَّبْعَةَ آلِهَةٌ فَهُمْ كَعَبَدَةِ الأَْوْثَانِ، أَيْ: فَلاَ تُؤْخَذُ مِنْهُمْ (28) .
وَرَجَّحَ ابْنُ الْقَيِّمِ الْقَوْل الأَْوَّل، قَال: هَذِهِ الأُْمَّةُ - يَعْنِي الصَّابِئَةَ - فِيهِمُ: الْمُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآْخِرِ، وَفِيهِمُ الْكَافِرُ، وَفِيهِمُ الآْخِذُ مِنْ دِينِ الرُّسُل مَا وَافَقَ عُقُولَهُمْ، وَاسْتَحْسَنُوهُ فَدَانُوا بِهِ وَرَضُوهُ لأَِنْفُسِهِمْ، وَعَقْدُ أَمْرِهِمْ أَنَّهُمْ يَأْخُذُونَ بِمَحَاسِنِ مَا عِنْدَ أَهْل الشَّرَائِعِ بِزَعْمِهِمْ، وَلاَ يَتَعَصَّبُونَ لِمِلَّةٍ عَلَى مِلَّةٍ، وَالْمِلَل عِنْدَهُمْ نَوَامِيسُ لِمَصَالِحِ الْعَالَمِ، فَلاَ مَعْنَى لِمُحَارَبَةِ بَعْضِهِمْ بَعْضًا، بَل يُؤْخَذُ بِمَحَاسِنِهَا وَمَا تَكْمُل بِهِ النُّفُوسُ، وَتَتَهَذَّبُ بِهِ الأَْخْلاَقُ. قَال: وَبِالْجُمْلَةِ فَالصَّابِئَةُ أَحْسَنُ حَالاً مِنَ الْمَجُوسِ. فَأَخْذُ الْجِزْيَةِ مِنَ الْمَجُوسِ تَنْبِيهٌ عَلَى أَخْذِهَا مِنَ الصَّابِئَةِ بِطَرِيقِ الأَْوْلَى، فَإِنَّ الْمَجُوسَ مِنْ أَخْبَثِ الأُْمَمِ دِينًا وَمَذْهَبًا، وَلاَ يَتَمَسَّكُونَ بِكِتَابٍ وَلاَ يَنْتَمُونَ إِلَى مِلَّةٍ، فَشِرْكُ الصَّابِئَةِ إِنْ لَمْ يَكُنْ أَخَفَّ مِنْهُ فَلَيْسَ بِأَعْظَمَ مِنْهُ. اهـ (29) .
دِيَةُ الصَّابِئِ:
8 - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ دِيَةَ الذِّمِّيِّ، كَدِيَةِ الْمُسْلِمِ سَوَاءٌ، وَيَدْخُل فِي ذَلِكَ الصَّابِئَةُ إِنْ كَانُوا أَهْل ذِمَّةٍ (30) . وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّ دِيَةَ الصَّابِئِ كَدِيَةِ النَّصْرَانِيِّ، وَمِقْدَارُهَا ثُلُثُ دِيَةِ الْمُسْلِمِ، وَهَذَا إِنْ وَافَقَ الصَّابِئُ النَّصَارَى فِي أَصْل دِينِهِمْ وَلَوْ خَالَفَهُ فِي الْفُرُوعِ، مَا لَمْ يُكَفِّرْهُ النَّصَارَى (31) .
وَلَمْ يُصَرِّحِ الْحَنَابِلَةُ بِحُكْمِهِمْ فِي مِقْدَارِ الدِّيَةِ، لَكِنَّ مُقْتَضَى الرِّوَايَةِ الَّتِي ذَهَبَتْ إِلَى أَنَّهُمْ مِنْ أَهْل الْكِتَابِ أَنْ تَكُونَ دِيَةُ الصَّابِئِ نِصْفَ دِيَةِ الْمُسْلِمِ، وَفِي رِوَايَةٍ: الثُّلُثَ (32) .
وَعَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي ذَهَبَتْ إِلَى أَنَّهُمْ لَيْسُوا مِنْ أَهْل الْكِتَابِ: أَنْ تَكُونَ دِيَتُهُ ثَمَانَمِائَةِ دِرْهَمٍ.
أَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَلَمْ نَجِدْ لَدَيْهِمُ التَّصْرِيحَ بِمِقْدَارِ دِيَاتِ الصَّابِئَةِ، وَحَيْثُ إِنَّهُمْ لَمْ يَجْعَلُوهُمْ كَالنَّصَارَى فِي الذَّبَائِحِ وَنَحْوِهَا، فَلِذَا يَظْهَرُ أَنَّ دِيَاتِهِمْ كَدِيَةِ الْمَجُوسِ، وَهِيَ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ ثَمَانُمِائَةِ دِرْهَمٍ لِلرَّجُل، وَأَرْبَعُمِائَةِ دِرْهَمٍ لِلْمَرْأَةِ (33) .
حُكْمُ ذَبَائِحِ الصَّابِئَةِ،
وَحُكْمُ تَزَوُّجِ نِسَائِهِمْ:
9 - ذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ إِلَى أَنَّهُ: لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَأْكُل مِنْ ذَبَائِحِ الصَّابِئَةِ، وَأَنْ يَتَزَوَّجَ مِنْ نِسَائِهِمْ، بِنَاءً عَلَى أَنَّهُمْ لاَ يَعْبُدُونَ الْكَوَاكِبَ، وَإِنَّمَا يُعَظِّمُونَهَا كَتَعْظِيمِ الْمُسْلِمِينَ لِلْكَعْبَةِ.
وَقَال صَاحِبَاهُ: هُمْ مِنَ الزَّنَادِقَةِ وَالْمُشْرِكِينَ، فَلاَ تَحِل نِسَاؤُهُمْ وَلاَ ذَبَائِحُهُمْ.
قَال ابْنُ الْهُمَامِ: الْخِلاَفُ بَيْنَهُمْ مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْل بِحَقِيقَةِ أَمْرِهِمْ، فَلَوِ اتَّفَقَ عَلَى تَفْسِيرِهِمُ اتَّفَقَ الْحُكْمُ فِيهِمْ (34) .
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى تَحْرِيمِ ذَبَائِحِ الصَّابِئَةِ لِشِدَّةِ مُخَالَفَتِهِمْ لِلنَّصَارَى (35) .
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: إِنْ خَالَفَ الصَّابِئَةُ النَّصَارَى فِي أَصْل دِينِهِمْ (أَيِ الإِْيمَانِ بِعِيسَى وَالإِْنْجِيل) حَرُمَتْ ذَبَائِحُهُمْ وَنِسَاؤُهُمْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، أَمَّا إِنْ لَمْ يُخَالِفُوهُمْ فِي ذَلِكَ فَلاَ تَحْرُمُ ذَبَائِحُهُمْ وَنِسَاؤُهُمْ عَلَيْنَا، مَا لَمْ تُكَفِّرْهُمُ النَّصَارَى، فَإِنْ كَفَّرَهُمُ النَّصَارَى حَرُمَتْ نِسَاؤُهُمْ وَذَبَائِحُهُمْ، كَمَا يَحْرُمُ عَلَى الْمُسْلِمِ ذَبِيحَةُ الْمُبْتَدِعِ إِنْ كَانَتْ بِدْعَتُهُ مُكَفِّرَةً. وَهَذَا الْحُكْمُ الْمُتَرَدَّدُ فِيهِ هُوَ غَيْرُ الصَّابِئَةِ عُبَّادِ الْكَوَاكِبِ، وَهُمُ الْحَرَّانِيَّةُ؛ فَإِنَّ هَؤُلاَءِ مَجْزُومٌ بِكُفْرِهِمْ؛ فَلاَ تَحِل مُنَاكَحَتُهُمْ وَلاَ ذَبَائِحُهُمْ قَوْلاً وَاحِدًا، وَلاَ يَجْرِي فِيهِمُ الْخِلاَفُ الْمُتَقَدِّمُ (36) .
وَفِي رِوَايَةٍ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ: الصَّابِئَةُ مِنَ الْيَهُودِ، وَفِي أُخْرَى: هُمْ مِنَ النَّصَارَى. فَعَلَى هَاتَيْنِ الرِّوَايَتَيْنِ: يَجُوزُ أَكْل ذَبَائِحِهِمْ وَنِكَاحُ نِسَائِهِمْ. وَفِي رِوَايَةٍ ثَالِثَةٍ: أَنَّهُمْ يَعْبُدُونَ الْكَوَاكِبَ؛ فَهُمْ كَعَبَدَةِ الأَْوْثَانِ (37) .
وَقْفُ الصَّابِئَةِ:
10 - قَال ابْنُ الْهُمَامِ: الصَّابِئَةُ إِنْ كَانُوا دَهْرِيَّةً أَيْ: يَقُولُونَ: {مَا يُهْلِكُنَا إِلاَّ الدَّهْرُ} فَهُمْ صِنْفٌ مِنَ الزَّنَادِقَةِ، وَإِنْ كَانُوا يَقُولُونَ: بِقَوْل أَهْل الْكِتَابِ صَحَّ مِنْ أَوْقَافِهِمْ مَا يَصِحُّ مِنْ أَوْقَافِ أَهْل الذِّمَّةِ، وَالَّذِي يَصِحُّ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ قُرْبَةً عِنْدَنَا وَعِنْدَهُمْ فَيَصِحُّ عَلَى الْفُقَرَاءِ لاَ عَلَى بِيَعِهِمْ مَثَلاً (38)
__________
(1) لسان العرب - صبأ. ومن هذا المعنى ما كانت قريش تقوله للنبي ﷺ: إنه صابئ، أي: خرج عن دينها. ونقل ابن القيم: أنها كانت تقول ذلك لما رأته من الشبه بين الدين الذي أتى به ﷺ ودين الصابئة، فإنهم كانوا يقولون لا إله إلا الله (أحكام أهل الذمة ص 92) .
(2) سورة البقرة / 62.
(3) المفردات - صبا يصبو.
(4) لسان العرب - صبأ.
(5) المغني 6 / 591، وتلبيس إبليس لابن الجوزي ص 74 المطبعة المنيرية.
(6) تفسير القرطبي عند الآية 62 من سورة البقرة 1 / 434.
(7) تلبيس إبليس لابن الجوزي ص 74 المطبعة المنيرية.
(8) تفسير القرطبي عند الآية 62 من سورة البقرة 1 / 434.
(9) تلبيس إبليس لابن الجوزي ص 74.
(10) بدائع الصنائع 9 / 4330، الخراج لأبي يوسف 122.
(11) المبدع 3 / 404.
(12) بدائع الصنائع 9 / 4330، وفتح القدير لابن الهمام 5 / 191، 2 / 374، وحاشية ابن عابدين 3 / 268، ومجمع الأنهر / 670، والمغني لابن قدامة 8 / 496، وكشاف القناع 3 / 118، والمبدع 3 / 404، وتفسير القرطبي 1 / 435.
(13) تفسير القرطبي عند سورة البقرة 62، 1 / 434.
(14) كتاب الخراج ص 122، والرتاج 2 / 96، والمراجع السابقة للحنفية.
(15) روضة الطالبين 10 / 305، 306، وشرح المنهاج وحاشية القليوبي 3 / 252، ونهاية المحتاج 6 / 288.
(16) حران بلد بديار مضر بينها وبين الرقة يومان وهي على الطريق بين الموصل والشام (معجم البلدان 2 / 235) .
(17) الفهرست لابن النديم ص 444 - 446.
(18) كذا في كتاب البيروني المطبوع والصواب: 218 هـ وهي السنة التي توفي فيها المأمون.
(19) انظر مثلاً كتاب (مفاهيم صابئية مندائية) للباحثة الصابئية ناجية مراني، بغداد 1981 م.
(20) أحكام القرآن للجصاص 3 / 91، ونهاية المحتاج شرح المنهاج 6 / 288، والرد على المنطقيين لابن تيمية 287 - 289، 654 - 656، ومروج الذهب للمسعودي 1 / 378 نشر عبد الرحمن محمد 1346هـ. والملل والنحل للشهرستاني 2 / 224 - 230 والفهرست لابن النديم ص 444، وفتح القدير 2 / 374، وأحكام أهل الذمة لابن القيم 1 / 92، والآثار الباقية عن القرون الخالية للبيروني ص 204، 205.
(21) انظر فتح القدير 4 / 370.
(22) حديث: " لأخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب " أخرجه مسلم (3 / 1388 - ط. الحلبي) من حديث عمر بن الخطاب.
(23) حديث عائشة: " آخر ما عهد رسول الله ﷺ. . . ". أخرجه أحمد (6 / 275 - ط الميمنية) وقال الهيثمي في " مجمع الزوائد " (5 / 325 - ط القدسي) : رجاله " رجال الصحيح ".
(24) فتح القدير 4 / 370، وفي كتاب الخراج خلاف هذا عن أبي يوسف، الرتاج 2 / 96.
(25) جواهر الإكليل 1 / 266، وتفسير القرطبي 1 / 435.
(26) الجمل على المنهج 5 / 213، والأحكام السلطانية 143، والقليوبي 3 / 253 ومغني المحتاج 4 / 244.
(27) نهاية المحتاج 6 / 288، وأحكام أهل الذمة لابن القيم 1 / 92، وطبقات الشافعية للسبكي 2 / 193.
(28) كشاف القناع 3 / 118.
(29) أحكام أهل الذمة 1 / 98.
(30) الهداية وتكملة فتح القدير 8 / 307.
(31) روضة الطالبين 9 / 258.
(32) الفروع 6 / 19.
(33) التاج والإكليل للمواق بهامش الحطاب 6 / 257.
(34) فتح القدير 2 / 374، وابن عابدين 5 / 188، والبدائع 2 / 271 و 5 / 46.
(35) الخرشي على مختصر خليل وحاشية العدوي 2 / 303 المطبعة الشرقية 1316 هـ.
(36) نهاية المحتاج 6 / 288 وحاشية القليوبي 3 / 252، 4 / 240 وكشاف القناع 4 / 240.
(37) المغني 6 / 591.
(38) فتح القدير 5 / 38.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 293/ 26