القاهر
كلمة (القاهر) في اللغة اسم فاعل من القهر، ومعناه الإجبار،...
الاطراد
التَّعْرِيفُ:
1 - الطَّرْدُ فِي اللُّغَةِ مَصْدَرٌ، وَهُوَ الإِْبْعَادُ، وَالطَّرَدُ بِالتَّحْرِيكِ الاِسْمُ كَمَا قَال الْفَيُّومِيُّ يُقَال: فُلاَنٌ أَطْرَدَهُ السُّلْطَانُ إِذْ أَمَرَ بِإِخْرَاجِهِ عَنْ بَلَدِهِ.
قَال ابْنُ مَنْظُورٍ: أَطْرَدَهُ السُّلْطَانُ وَطَرَدَهُ أَخْرَجَهُ عَنْ بَلَدِهِ، وَطَرَدْتُ الرَّجُل إِذَا نَحَّيْتَهُ، وَأَطْرَدَ الرَّجُل جَعَلَهُ طَرِيدًا وَنَفَاهُ، وَاطَّرَدَ الشَّيْءُ: تَبِعَ بَعْضُهُ بَعْضًا وَجَرَى (1) .
وَلاَ يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلاَحِيُّ عَنْ هَذَا الْمَعْنَى.
وَهُوَ أَيْضًا مُصْطَلَحٌ أُصُولِيٌّ وَيَذْكُرُهُ الأَْصْلِيُّونَ فِي مَبَاحِثِ الْحَدِّ وَالْعِلَّةِ، فَالطَّرَدُ فِي الْحَدِّ مَعْنَاهُ: كُلَّمَا وُجِدَ الْحَدُّ وُجِدَ الْمَحْدُودُ، فَبِالاِطِّرَادِ يَصِيرُ الْحَدُّ مَانِعًا عَنْ دُخُول غَيْرِ الْمَحْدُودِ، فَلاَ يَدْخُل فِيهِ شَيْءٌ لَيْسَ مِنْ أَفْرَادِ الْمَحْدُودِ (2) . وَالطَّرَدُ فِي الْعِلَّةِ مَعْنَاهُ: أَنْ تَكُونَ كُلَّمَا وُجِدَتِ الْعِلَّةُ وُجِدَ الْحُكْمُ (3) ، وَيُرَاجَعُ تَمَامُهُ فِي الْمُلْحَقِ الأُْصُولِيِّ.
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - الْعَكْسُ:
2 - الْعَكْسُ فِي اللُّغَةِ: رَدُّ أَوَّل الشَّيْءِ عَلَى آخِرِهِ، يُقَال: عَكَسْتُ عَلَيْهِ أَمْرَهُ، رَدَدْتُهُ عَلَيْهِ، وَعَكَسْتُهُ عَنْ أَمْرِهِ مَنَعْتُهُ، وَكَلاَمٌ مَعْكُوسٌ: مَقْلُوبٌ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ فِي التَّرْتِيبِ أَوْ فِي الْمَعْنَى.
وَالْعَكْسُ اصْطِلاَحًا: هُوَ تَرَتُّبُ عَدَمِ الشَّيْءِ عَلَى عَدَمِ غَيْرِهِ.
وَهُوَ فِي مَبَاحِثِ الْعِلَّةِ: انْتِفَاءُ الْحُكْمِ عِنْدَ انْتِقَاءِ الْعِلَّةِ (4) .
فَالْعَكْسُ ضِدُّ الطَّرْدِ.
ب - النَّقْضُ:
3 - النَّقْضُ فِي اللُّغَةِ: إِفْسَادُ مَا أُبْرِمَ مِنْ عَقْدٍ أَوْ بِنَاءٍ أَوْ عَهْدٍ، وَيَأْتِي بِمَعْنَى الْهَدْمِ، يُقَال: نَقَضَ الْبِنَاءَ أَيْ هَدَمَهُ.
وَالنَّقْضُ اصْطِلاَحًا: أَنْ يُوجَدَ الْوَصْفُ الْمُدَّعَى عِلِّيَّتُهُ وَيَتَخَلَّفُ الْحُكْمُ عَنْهُ، وَمِثَالُهُ قَوْلُنَا: مَنْ لَمْ يُبَيِّتِ النِّيَّةَ تَعَرَّى أَوَّل صَوْمِهِ عَنْهَا فَلاَ يَصِحُّ، لأَِنَّ الصَّوْمَ عِبَارَةٌ عَنْ إِمْسَاكِ النَّهَارِ جَمِيعِهِ مَعَ النِّيَّةِ، فَيُجْعَل الْعَرَاءُ عَنِ النِّيَّةِ فِي أَوَّل الصَّوْمِ عِلَّةَ بُطْلاَنِهَا، فَيَقُول الْخَصْمُ: مَا ذَكَرْتَ مَنْقُوضٌ بِصَوْمِ التَّطَوُّعِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ مِنْ غَيْرِ تَبْيِيتٍ (5) .
ج - الدَّوَرَانُ:
4 - الدَّوَرَانُ لُغَةً: مَأْخُوذٌ مِنْ دَارَ الشَّيْءُ يَدُورُ دَوْرًا وَدَوَرَانًا بِمَعْنَى طَافَ.
وَاصْطِلاَحًا: أَنْ يُوجَدَ الْحُكْمُ عِنْدَ وُجُودِ الْوَصْفِ وَيَنْعَدِمَ عِنْدَ عَدَمِهِ.
فَذَلِكَ الْوَصْفُ يُسَمَّى مَدَارًا، وَالْحُكْمُ دَائِرًا، وَسَمَّى بَعْضُهُمُ الدَّوَرَانَ بِالدَّوَرَانِ الْوُجُودِيِّ وَالْعَدَمِيِّ أَوِ الدَّوَرَانِ الْمُطْلَقِ، وَأَمَّا إِذَا كَانَ بِحَيْثُ يُوجَدُ الْحُكْمُ عِنْدَ وُجُودِ الْوَصْفِ فَإِنَّ هَذَا يُسَمَّى بِالدَّوَرَانِ الْوُجُودِيِّ أَوِ الطَّرْدِ، وَإِذَا كَانَ بِحَيْثُ يَنْعَدِمُ الْحُكْمُ عِنْدَ عَدَمِ الْوَصْفِ فَهَذَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ الدَّوَرَانُ الْعَدَمِيُّ أَوِ الْعَكْسُ.
الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ:
5 - اشْتَرَطَ بَعْضُ الأُْصُولِيِّينَ لِصِحَّةِ الْعِلَّةِ فِي الْقِيَاسِ أَنْ تَكُونَ مُطَّرِدَةً أَيْ: كُلَّمَا وُجِدَتْ الْعِلَّةُ وُجِدَ الْحُكْمُ دُونَ أَنْ يُعَارِضَهَا نَقْضٌ وَإِلاَّ بَطَلَتِ الْعِلَّةُ.
قَال الزَّرْكَشِيُّ فِي الْبَحْرِ عِنْدَ سَرْدِهِ لِشُرُوطِ الْعِلَّةِ: السَّادِسُ: أَنْ تَكُونَ مُطَّرِدَةً أَيْ كُلَّمَا وُجِدَتْ وُجِدَ الْحُكْمُ لِتَسْلَمَ مِنَ النَّقْصِ وَالْكَسْرِ.
وَقَال الْعَضُدُ فِي شَرْحِهِ لِمُخْتَصَرِ الْمُنْتَهَى: قَدْ يُعَدُّ مِنْ شُرُوطِ الْعِلَّةِ أَنْ تَكُونَ مُطَّرِدَةً أَيْ كُلَّمَا وُجِدَتْ وُجِدَ الْحُكْمُ، وَعَدَمُهُ يُسَمَّى نَقْضًا، وَهُوَ أَنْ يُوجَدَ الْوَصْفُ الَّذِي يُدَّعَى أَنَّهُ عِلَّةٌ فِي مَحَلٍّ مَا مَعَ عَدَمِ الْحُكْمِ فِيهِ وَتَخَلُّفِهِ عَنْهَا (6) .
6 - وَاخْتَلَفَ الأُْصُولِيُّونَ فِي كَوْنِ الطَّرْدِ مُفِيدًا لِلْعِلِّيَّةِ - أَيِ اعْتِبَارِهِ مَسْلَكًا مِنْ مَسَالِكِهَا - فَذَهَبَ أَكْثَرُ الأُْصُولِيِّينَ إِلَى أَنَّهُ لاَ يُفِيدُ الْعِلِّيَّةَ وَلاَ يَكُونُ حُجَّةً مُسْتَدِلِّينَ بِفِعْل الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - حَيْثُ إِنَّهُمْ مَتَى مَا عَدِمُوا الدَّلِيل مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ اسْتَنَدُوا فِي أَقْيِسَتِهِمْ إِلَى إِجْمَاعِهِمْ عَلَى الْمَسْأَلَةِ وَفْقًا لِلْمَصَالِحِ الَّتِي جَاءَتْ بِهَا الشَّرِيعَةُ الإِْسْلاَمِيَّةُ، وَلَمْ نَجِدْهُمْ بِحَالٍ يَحْتَكِمُونَ بِطَرْدٍ لاَ يُنَاسِبُ الْحُكْمَ وَلاَ يُثِيرُ شُبَهًا وَلَمْ يَلْتَفِتُوا إِلَيْهِ فِي شَيْءٍ، وَقَدْ دَلَّنَا ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُمْ أَدْرَكُوا أَنَّ الطَّرَدَ لاَ يَسْتَنِدُ إِلَى دَلِيلٍ سَمْعِيٍّ قَاطِعٍ، بَل الظَّاهِرُ أَنَّهُمْ كَانُوا يَأْبَوْنَهُ وَلاَ يَرَوْنَهُ، وَمِمَّا لاَ شَكَّ فِيهِ أَنَّهُمْ لَوْ وَجَدُوا فِي الطَّرَدِ مَنَاطًا لأَِحْكَامِ اللَّهِ لَمَا أَهْمَلُوهُ وَعَطَّلُوهُ.
وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنَ الأُْصُولِيِّينَ إِلَى أَنَّهُ مُفِيدٌ لِلْعِلِّيَّةِ وَمُحْتَجٌّ بِهِ فِيهَا، وَجِهَتُهُمْ فِي ذَلِكَ أَنَّ وُجُودَ الْحُكْمِ مَعَ الْوَصْفِ فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ مَا عَدَا صُورَةَ النِّزَاعِ مِمَّا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنْ يَكُونَ الْوَصْفُ عِلَّةً، لأَِنَّ فَرْضَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ لِلْحُكْمِ عِلَّةٌ غَيْرُهُ، فَلَوْ لَمْ يُجْعَل هَذَا الْوَصْفُ عِلَّةً لِلْحُكْمِ لَخَلاَ الْحُكْمُ عَنِ الْعِلَّةِ فَيَخْلُو عَنِ الْمَصْلَحَةِ، وَهَذَا خِلاَفُ مَا ثَبَتَ بِالاِسْتِقْرَاءِ مِنْ أَنَّ كُل حُكْمٍ لاَ يَخْلُو عَنْ مَصْلَحَةٍ، وَحَيْثُ ثَبَتَتْ عِلِّيَّتُهُ فِي غَيْرِ الْمُتَنَازَعِ فِيهِ، ثَبَتَتِ الْعِلِّيَّةُ فِي الْمُتَنَازَعِ فِيهِ كَذَلِكَ إِلْحَاقًا بِالْكَثِيرِ الْغَالِبِ فَيَكُونُ الظَّنُّ مُفِيدًا لِلْعِلِّيَّةِ وَهُوَ الْمُدَّعَى (7) .
وَسَيَأْتِي تَفْصِيل ذَلِكَ فِي الْمُلْحَقِ الأُْصُولِيِّ.
__________
(1) لسان العرب والمصباح المنير مادة (طرد) .
(2) التلويح على التوضيح 1 / 10.
(3) كشف الأسرار 3 / 365، مختصر المنتهى 2 / 218، المحصول ج 2 ق 2 / 305، كشاف اصطلاحات الفنون 4 / 904، الإبهاج 3 / 76.
(4) المصباح المنير مادة (عكس) ، الإبهاج 3 / 76، كشف الأسرار 4 / 59، تيسير التحرير 4 / 22.
(5) لسان العرب مادة (نقض) ، البحر المحيط 5 / 135 (ط وزارة الأوقاف - الكويت 1988 م) ، الإبهاج 3 / 84.
(6) البحر المحيط 5 / 135 (ط وزارة الأوقاف - الكويت 1988 م) ، العضد على ابن الحاجب 2 / 218، التبصرة في أصول الفقه 460 بتحقيق د. محمد حسن هيتو - (ط. دار الفكر 1980 م) .
(7) البرهان 2 / 788، الإبهاج 3 / 78، والمستصفى 2 / 307 (ط. دار صادر) ، نهاية السول في شرح منهاج الوصول 4 / 135 (ط. عالم الكتب) .
الموسوعة الفقهية الكويتية: 340/ 28
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".