الإله
(الإله) اسمٌ من أسماء الله تعالى؛ يعني استحقاقَه جل وعلا...
هُوَ الَّذِي عَلَيْهِ اللَّحْمُ مِنْ قَصَبِ الإنسان، والْحَيَوَانِ . ومن أمثلته حُكْمِ الاِسْتِنْجَاءِ، أَوِ الاِسْتِجْمَارُ بِالْعَظْمِ، سَوَاءٌ كَانَ طَاهِرًا كَعَظْمِ مَأْكُول اللَّحْمِ الْمُذَكَّى، أَوْ نَجِسًا كَعَظْمِ الْمَيْتَةِ . ومن شواهده قول رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - عن العظم والبعْر : "لَا تَسْتَنْجُوا بِهِمَا؛ فَإِنَّهُمَا زاد إِخْوَانِكُمْ من الجن ." الترمذي، وصححه 3567.
هُوَ الَّذِي عَلَيْهِ اللَّحْمُ مِنْ قَصَبِ الإنسان، والْحَيَوَانِ.
التَّعْرِيفُ:
1 - الْعَظْمُ فِي اللُّغَةِ: هُوَ الَّذِي عَلَيْهِ اللَّحْمُ مِنْ قَصَبِ الْحَيَوَانِ، وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى: {فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا} (1) ، وَالْجَمْعُ أَعْظُمُ وَعِظَامٌ، وَعَظَامِهُ بِالْهَاءِ لِتَأْنِيثِ الْجَمْعِ.
وَلاَ يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلاَحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ
(2) الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْعَظْمِ:
طَهَارَةُ الْعَظْمِ أَوْ نَجَاسَتُهُ:
2 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ عَظْمَ الآْدَمِيِّ طَاهِرٌ سَوَاءٌ كَانَ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا وَسَوَاءٌ كَانَ مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ} (3) الآْيَةَ، وَمِنَ التَّكْرِيمِ أَنْ لاَ يُحْكَمَ بِنَجَاسَتِهِ بِالْمَوْتِ.
وَذَهَبَ الْفُقَهَاءُ كَذَلِكَ إِلَى أَنَّ عَظْمَ السَّمَكِ يَبْقَى طَاهِرًا بَعْدَ مَوْتِهِ لِقَوْلِهِ ﷺ: { أُحِلَّتْ لَنَا مَيْتَتَانِ وَدَمَانِ الْجَرَادُ وَالْحِيتَانُ وَالْكَبِدُ وَالطِّحَال.
(4) كَمَا ذَهَبُوا إِلَى أَنَّ عَظْمَ مَأْكُول اللَّحْمِ الْمَذْبُوحِ شَرْعًا طَاهِرٌ يَجُوزُ الاِنْتِفَاعُ بِهِ، إِلاَّ أَنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي عَظْمِ الْمَيْتَةِ أَوِ الْمَذْبُوحِ الَّذِي لاَ يُؤْكَل لَحْمُهُ، فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ وَهُمُ الْمَالِكِيَّةُ، وَالشَّافِعِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ، وَإِسْحَاقُ إِلَى أَنَّ عِظَامَ الْمَيْتَةِ نَجِسَةٌ سَوَاءٌ كَانَتْ مَيْتَةَ مَا يُؤْكَل لَحْمُهُ أَوْ مَا لاَ يُؤْكَل لَحْمُهُ، وَسَوَاءٌ فِي غَيْرِ مَأْكُول اللَّحْمِ ذُبِحَ أَوْ لَمْ يُذْبَحْ، وَأَنَّهَا لاَ تَطْهُرُ بِحَالٍ، وَيَحْرُمُ اسْتِعْمَالُهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ} (5) ؛ وَلأَِنَّ ابْنَ عُمَرَ ﵄: كَرِهَ أَنْ يَدَّهِنَ فِي عَظْمِ فِيلٍ؛ لأَِنَّهُ مَيْتَةٌ، وَالسَّلَفُ يُطْلِقُونَ الْكَرَاهَةَ وَيُرِيدُونَ بِهَا التَّحْرِيمَ، كَمَا يَقُول النَّوَوِيُّ. وَكَذَا مَا أُبِينَ مِنْ حَيَوَانٍ نَجِسِ الْمَيْتَةِ مِنَ الْعِظَامِ سَوَاءٌ كَانَ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا؛ لأَِنَّهُ جُزْءٌ مُتَّصِلٌ بِالْحَيَوَانِ اتِّصَال خِلْقَةٍ فَأَشْبَهَ الأَْعْضَاءَ، وَكَرِهَ عَطَاءٌ وَطَاوُسٌ وَالْحَسَنُ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ﵃ عِظَامَ الْفِيَلَةِ، وَرَخَّصَ فِي الاِنْتِفَاعِ بِهَا مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ وَابْنُ جُرَيْجٍ وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى طَهَارَةِ عِظَامِ الْمَيْتَةِ (6) .
وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ: (عَاج ف 4، 5، 6)
الاِسْتِنْجَاءُ بِالْعَظْمِ:
3 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ الاِسْتِنْجَاءِ بِالْعَظْمِ، فَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ الاِسْتِنْجَاءُ أَوِ الاِسْتِجْمَارُ بِالْعَظْمِ سَوَاءٌ كَانَ هَذَا الْعَظْمُ طَاهِرًا كَعَظْمِ مَأْكُول اللَّحْمِ الْمُذَكَّى أَوْ نَجِسًا كَعَظْمِ الْمَيْتَةِ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قَال: اتَّبَعْتُ النَّبِيَّ ﷺ وَخَرَجَ لِحَاجَتِهِ فَقَال: ابْغِنِي أَحْجَارًا أَسْتَنْفِضُ بِهَا - أَوْ نَحْوَهُ - وَلاَ تَأْتِنِي بِعَظْمٍ وَلاَ رَوْثٍ (7) وَلِلنَّهْيِ الْوَارِدِ عَنْهُ ﷺ عِنْدَمَا سَأَل الْجِنُّ الزَّادَ رَبَّهُمْ فَقَال: لَكُمْ كُل عَظْمٍ ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ يَقَعُ فِي أَيْدِيكُمْ أَوْفَرَ مَا يَكُونُ لَحْمًا، وَكُل بَعْرَةٍ عَلَفٌ لِدَوَابِّكُمْ، فَقَال النَّبِيُّ ﷺ فَلاَ تَسْتَنْجُوا بِهِمَا فَإِنَّهُمَا طَعَامُ إِخْوَانِكُمْ (8) وَقَالُوا: إِنَّ مَنْ خَالَفَ النَّهْيَ وَاسْتَنْجَى بِالْعَظْمِ لَمْ يُجْزِئْهُ وَكَانَ عَاصِيًا لِمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قَال: نَهَى النَّبِيُّ ﷺ أَنْ يُسْتَنْجَى بِرَوْثٍ أَوْ عَظْمٍ وَقَال: إِنَّهُمَا لاَ تُطَهِّرَانِ. (9)
؛ وَلأَِنَّ الاِسْتِنْجَاءَ بِغَيْرِ الْمَاءِ رُخْصَةٌ وَالرُّخْصَةُ لاَ تَحْصُل بِحَرَامٍ، لَكِنَّهُ يَكْفِيهِ الْحَجَرُ بَعْدَ ذَلِكَ مَا لَمْ تَنْتَشِرِ النَّجَاسَةُ وَلَمْ يَكُنْ عَلَى الْعَظْمِ زُهُومَةٌ.
وَلَوْ أَحْرَقَ عَظْمًا طَاهِرًا بِالنَّارِ وَخَرَجَ عَنْ حَال الْعَظْمِ فَهَل يَجُوزُ الاِسْتِنْجَاءُ بِهِ؟ لِلشَّافِعِيَّةِ فِيهِ وَجْهَانِ:
الأَْوَّل: لاَ يَجُوزُ الاِسْتِنْجَاءُ بِهِ لِمَا رَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ ﵁ قَال: نَهَى النَّبِيُّ ﷺ عَنِ الرَّوْثِ وَالرِّمَّةِ (10) أَيْ: الاِسْتِنْجَاءِ بِهِمَا وَالرِّمَّةُ هِيَ الْعَظْمُ الْبَالِي، وَلاَ فَرْقَ بَيْنَ الْبَالِي بِنَارٍ أَوِ الْبَالِي بِمُرُورِ الزَّمَانِ، وَهَذَا أَصَحُّ.
الْوَجْهُ الثَّانِي: يَجُوزُ الاِسْتِنْجَاءُ بِهِ؛ لأَِنَّ النَّارَ أَحَالَتْهُ وَأَخْرَجَتْهُ عَنْ حَال الْعَظْمِ الْمَنْهِيِّ عَنِ الاِسْتِنْجَاءِ بِهِ. (11) وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: يُكْرَهُ تَحْرِيمًا الاِسْتِنْجَاءُ بِالْعَظْمِ لِلنَّهْيِ الْوَارِدِ فِي ذَلِكَ، وَلَكِنْ إِذَا خَالَفَ وَاسْتَنْجَى بِالْعَظْمِ أَجْزَأَهُ عِنْدَهُمْ؛ لأَِنَّهُ يُجَفِّفُ النَّجَاسَةَ وَيُنَقِّي الْمَحَل.
قَال ابْنُ عَابِدِينَ: يُسْتَفَادُ مِنَ الْحَدِيثِ السَّابِقِ - وَهُوَ حَدِيثُ الْجِنِّ - أَنَّ الْعَظْمَ لَوْ كَانَ عَظْمَ مَيْتَةٍ لاَ يُكْرَهُ الاِسْتِنْجَاءُ بِهِ. (12)
وَأَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَالْعَظْمُ عِنْدَهُمْ إِذَا كَانَ نَجِسًا كَعَظْمِ الْمَيْتَةِ فَلاَ يَجُوزُ الاِسْتِجْمَارُ بِهِ، وَإِنْ كَانَ الْعَظْمُ طَاهِرًا كَعَظْمِ مَأْكُول اللَّحْمِ الْمُذَكَّى فَيَجُوزُ الاِسْتِنْجَاءُ بِهِ مَعَ الْكَرَاهَةِ (13)
الذَّبْحُ بِالْعَظْمِ:
4 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ الذَّبْحِ بِالْعَظْمِ عَلَى تَفْصِيلٍ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ: (ذَبَائِح ف 41)
الْقِصَاصُ فِي الْعَظْمِ.
5 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّهُ لاَ قِصَاصَ فِي الْعَظْمِ إِلاَّ مِنْ مِفْصَلٍ لِعَدَمِ إِمْكَانِ الْمُمَاثَلَةِ فِي غَيْرِ الْمِفْصَل، وَفِي ذَلِكَ تَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي: (قِصَاص) (وَقَوَد) .
__________
(1) سورة المؤمنون / 14.
(2) لسان العرب.
(3) سورة الإسراء / 70.
(4) حديث: " أحلت لنا ميتتان ودمان. . . ". أخرجه ابن ماجه (2 / 1102) وذكره البيهقي (1 / 254) موقوفًا على ابن عمر وقال: هذا إسناد صحيح وهو في معنى المسند.
(5) سورة المائدة / 3.
(6) حاشية ابن عابدين 1 / 138، وجواهر الإكليل 1 / 8، 9، ومغني المحتاج 1 / 78، والمجموع للنووي 1 / 236، والمغني لابن قدامة 1 / 72.
(7) حديث: " ابغني أحجارًا استنفض بها. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري 1 / 255) من حديث أبي هريرة.
(8) حديث: " لكم كل عظم ذكر اسم الله. . . ". أخرجه مسلم (1 / 332) من حديث ابن مسعود.
(9) حديث: " نهى النبي ﷺ أن يستنجي بروث. . " أخرجه الدارقطني (1 / 56) من حديث أبي هريرة، وقال: إسناده صحيح.
(10) حديث: " نهى عن الروث والرمة. . . ". أخرجه أحمد (2 / 247) من حديث أبي هريرة، وصحح إسناده أحمد شاكر في تحقيقه للمسند (13 / 100) .
(11) المجموع للنووي 2 / 119، المغني لابن قدامة 1 / 156.
(12) حاشية ابن عابدين 1 / 266.
(13) جواهر الإكليل 1 / 19.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 159/ 30