الجبار
الجَبْرُ في اللغة عكسُ الكسرِ، وهو التسويةُ، والإجبار القهر،...
الإصَابَةُ الْقَاتِلَةُ لِلْحَيَوَانِ فِي أَيِّ مَوْضِعٍ مِنْ بَدَنِهِ إِذَا كَانَ غَيْرَ مَقْدُورٍ عَلَى ذبحه، أو نحره . ومن أمثلته مَا نَدَّ مِنَ الإبِل، وَالْبَقَرِ، وَالْغَنَمِ بِحَيْثُ لاَ يَقْدِرُ عَلَيْهَا صَاحِبُهَا، فَإِنَّهَا تَحِل بِالْعَقْرِ فِي أَيِّ مَكَانٍ . ومن شواهده قوله عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، قَالَ : كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - بِذِي الحُلَيْفَةِ، فَأَصَابَ النَّاسَ جُوعٌ، فَأَصَبْنَا إِبِلًا، وَغَنَمًا، وَكَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - فِي أُخْرَيَاتِ النَّاسِ، فَعَجِلُوا، فَنَصَبُوا القُدُورَ، فَدُفِعَ إِلَيْهِمُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - فَأَمَرَ بِالقُدُورِ، فَأُكْفِئَتْ، ثُمَّ قَسَمَ، فَعَدَلَ عَشَرَةً مِنَ الغَنَمِ بِبَعِيرٍ، فَنَدَّ مِنْهَا بَعِيرٌ، وَكَانَ فِي القَوْمِ خَيْلٌ يَسِيرَةٌ، فَطَلَبُوهُ، فَأَعْيَاهُمْ، فَأَهْوَى إِلَيْهِ رَجُلٌ بِسَهْمٍ، فَحَبَسَهُ اللَّهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم : "إِنَّ لِهَذِهِ البَهَائِمِ أَوَابِدَ كَأَوَابِدِ الوَحْشِ، فَمَا نَدَّ عَلَيْكُمْ مِنْهَا، فَاصْنَعُوا بِهِ هَكَذَا ." البخاري :5498.
اسْمُ مَصْدَرٍ مِنْ: عَقَرَ، يَعْقِرُ، عَقْراً، فَهُوَ عُقْرٌ؛ وَمَعْنَاهُ: الْمَهْرُ، وَدِيَةُ فَرْجِ الـمَرْأَةِ إِذا غُصِبَتْ فَرْجَهَا، أَوْ وُطِئَتْ على شُبهةٍ، وَأَصْلُ العَقْرِ: الجَرْحُ، وَسُمَّيَ الـمَهْرُ وَدِيَةُ الفَرْجِ الـمَغْصُوْبِ عُقْراً؛ لِأَنَّ وَاطِئَ البِكْرِ يَعْقِرُهَا أَيْ: يَجرَحُهَا إِذَا افْتَضَّهَا، فسُمِّي مَا تُعْطَاه للعَقْرِ عُقْراً، ثُمَّ صَارَ عَامًّا لَهَا وَلِلثَّيِّبِ.
عقر
المهر يعطى الْمَرْأَةَ عَلَى وَطْءِ الشُّبْهَةِ، وَأَصْلُهُ أَنَّ وَاطِئَ الْبِكْرِ يَعْقِرُهَا إِذَا افْتَضَّهَا، فَسُمِّيَ مَا تُعْطَاهُ لِلْعَقْرِ عُقْرًا، ثُمَّ صَارَ عَامًّا لَهَا، وَلِلثَّيِّبِ، وَجَمْعُهُ أَعْقَارٌ.
* العين : (1/ 149)
* تهذيب اللغة : (1/ 149)
* الصحاح : (2/ 755)
* مجمل اللغة : (ص: 621)
* المحكم والمحيط الأعظم : (1/ 185)
* النهاية في غريب الحديث والأثر : (3/ 273)
* القاموس المحيط : (ص: 443)
* البحر الرائق شرح كنز الدقائق : (4/ 38)
* التنبيهات المستنبطة على الكتب المدونة والمختلطة : (3/ 1400)
* البيان في مذهب الشافعي : (9/ 365)
* كشاف القناع عن متن الإقناع : (5/ 128) -
التَّعْرِيفُ:
1 - الْعَقْرُ - بِفَتْحِ الْعَيْنِ - لُغَةً الْجَرْحُ، يُقَال: عَقَرَ الْفَرَسَ وَالْبَعِيرَ بِالسَّيْفِ عَقْرًا: قَطَعَ قَوَائِمَهُ، وَأَصْل الْعَقْرِ ضَرْبُ قَوَائِمِ الْبَعِيرِ أَوِ الشَّاةِ بِالسَّيْفِ وَهُوَ قَائِمٌ، وَالْعَقْرُ لاَ يَكُونُ إِلاَّ فِي الْقَوَائِمِ، ثُمَّ جُعِل النَّحْرُ عَقْرًا؛ لأَِنَّ نَاحِرَ الإِْبِل يَعْقِرُهَا ثُمَّ يَنْحَرُهَا، وَالْعَقِيرَةُ: مَا عُقِرَ مِنْ صَيْدٍ أَوْ غَيْرِهِ (1) .
وَقَدِ اسْتَعْمَلَهُ الْفُقَهَاءُ بِالْمَعْنَيَيْنِ الْوَارِدَيْنِ.
أَحَدُهُمَا: بِمَعْنَى الْجَرْحِ وَهُوَ الإِْصَابَةُ الْقَاتِلَةُ لِلْحَيَوَانِ فِي أَيِّ مَوْضِعٍ مِنْ بَدَنِهِ إِذَا كَانَ غَيْرَ مَقْدُورٍ عَلَيْهِ.
جَاءَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ: الْعَقْرُ: جَرْحُ مُسْلِمٍ مُمَيِّزٍ وَحْشِيًّا غَيْرَ مَقْدُورٍ عَلَيْهِ إِلاَّ بِعُسْرٍ (2) .
وَفِي الْبَدَائِعِ: الْجَرْحُ فِي أَيِّ مَوْضِعٍ كَانَ وَذَلِكَ فِي الصَّيْدِ وَمَا هُوَ فِي مَعْنَى الصَّيْدِ (3) . وَالثَّانِي: بِمَعْنَى ضَرْبِ قَوَائِمِ الْحَيَوَانَاتِ (4) .
وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي عَقْرِ الدَّوَابِّ الْمَغْنُومَةِ.
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - النَّحْرُ:
2 - النَّحْرُ: مَوْضِعُ الْقِلاَدَةِ، وَيُطْلَقُ عَلَى الطَّعْنِ فِي لَبَّةِ الْحَيَوَانِ، يُقَال: نَحَرَ الْبَعِيرَ يَنْحَرُهُ نَحْرًا.
فَالْعَقْرُ أَعَمُّ مِنَ النَّحْرِ.
ب - الْجَرْحُ:
3 - الْجَرْحُ يُطْلَقُ فِي اللُّغَةِ عَلَى الْكَسْبِ وَعَلَى التَّأْثِيرِ فِي الشَّيْءِ بِالسِّلاَحِ وَيُطْلَقُ فِي بَعْضِ كُتُبِ الْفِقْهِ عَلَى مَعْنَى الْعَقْرِ فَهُوَ أَعَمُّ مِنَ الْعَقْرِ.
ج - التَّذْكِيَةُ:
4 - التَّذْكِيَةُ هِيَ السَّبَبُ الْمُوَصِّل لِحِل أَكْل الْحَيَوَانِ الْبَرِّيِّ اخْتِيَارًا، فَالتَّذْكِيَةُ أَخَصُّ؛ لأَِنَّهَا تُسْتَعْمَل فِي الْحَيَوَانَاتِ الْمُبَاحَةِ الأَْكْل.
أَثَرُ الْعَقْرِ فِي حِل أَكْل لَحْمِ الْحَيَوَانِ:
لِلْعَقْرِ أَثَرٌ فِي حِل أَكْل لَحْمِ الْحَيَوَانِ، وَذَلِكَ فِي الْمَوَاضِعِ الآْتِيَةِ: أ - الأَْوَّل: الصَّيْدُ
5 - يَتَّفِقُ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الصَّيْدَ إِذَا كَانَ غَيْرَ مَقْدُورٍ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَحِل أَكْلُهُ بِعَقْرِهِ فِي أَيِّ مَكَانٍ مِنْ بَدَنِهِ إِذَا تَوَافَرَتِ الشُّرُوطُ الَّتِي ذَكَرَهَا الْفُقَهَاءُ بِالنِّسْبَةِ لِلصَّائِدِ وَلِلتَّسْمِيَةِ وَلآِلَةِ الصَّيْدِ.
وَالأَْصْل فِي ذَلِكَ قَوْل اللَّهِ تَعَالَى {قُل أُحِل لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ} . (5)
وَقَدْ رَوَى أَبُو ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيُّ قَال: أَتَيْتُ رَسُول اللَّهِ ﷺ فَقُلْتُ: يَا رَسُول اللَّهِ: إِنَّا بِأَرْضِ صَيْدٍ، أَصِيدُ بِقَوْسِي، وَأَصِيدُ بِكَلْبِي الْمُعَلَّمِ، وَالَّذِي لَيْسَ مُعَلَّمًا فَأَخْبِرْنِي مَا الَّذِي يَحِل لَنَا مِنْ ذَلِكَ؟ قَال:. . . وَأَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ أَنَّكَ بِأَرْضِ صَيْدٍ فَمَا صِدْتَ بِقَوْسِكَ فَاذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ ثُمَّ كُل، وَمَا صِدْتَ بِكَلْبِكَ الْمُعَلَّمِ فَاذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ ثُمَّ كُل، وَمَا صِدْتَ بِكَلْبِكَ الَّذِي لَيْسَ مُعَلَّمًا فَأَدْرَكْتَ ذَكَاتَهُ فَكُل. (6)
فَإِنْ كَانَ الصَّيْدُ مَقْدُورًا عَلَيْهِ كَمَنْ أَمْسَكَ صَيْدًا بِحِبَالَةٍ وَصَارَ تَحْتَ يَدِهِ ثُمَّ رَمَاهُ آخَرُ بِسَهْمٍ فَقَتَلَهُ فَلاَ يُؤْكَل (7)
ب - الثَّانِي: مَا نَدَّ - نَفَرَ وَشَرَدَ - مِنَ الإِْبِل وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ:
6 - مَا نَدَّ مِنَ الإِْبِل وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ بِحَيْثُ لاَ يَقْدِرُ عَلَيْهَا صَاحِبُهَا فَإِنَّهَا تَحِل بِالْعَقْرِ فِي أَيِّ مَكَانٍ؛ لأَِنَّهَا كَالصَّيْدِ غَيْرِ الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ، وَهَذَا عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ - الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ، وَالْحَنَابِلَةِ - وَذَلِكَ؛ لأَِنَّ الأَْصْل فِي حِل لَحْمِ الْحَيَوَانِ هُوَ الذَّبْحُ أَوِ النَّحْرُ، فَإِذَا تَعَذَّرَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُصَارُ إِلَى الْبَدَل وَهُوَ الْعَقْرُ، وَعَلَى ذَلِكَ فَلَوْ تَوَحَّشَ حَيَوَانٌ أَهْلِيٌّ أَوْ نَدَّ - نَفَرَ وَشَرَدَ - أَوْ تَرَدَّى فِي بِئْرٍ وَنَحْوِهَا فَإِنَّهُ يَحِل أَكْلُهُ بِالْعَقْرِ فِي أَيِّ مَكَانٍ مِنْ جِسْمِهِ.
قَال ابْنُ قُدَامَةَ: هَذَا قَوْل أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ،
وَبِهِ قَال مَسْرُوقٌ وَالأَْسْوَدُ وَالْحَسَنُ وَعَطَاءٌ وَطَاوُسٌ وَإِسْحَاقُ وَالشَّعْبِيُّ وَالْحَكَمُ وَحَمَّادٌ وَالثَّوْرِيُّ، لِمَا رَوَى رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ قَال: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ فَنَّدَ بَعِيرٌ وَكَانَ فِي الْقَوْمِ خَيْلٌ يَسِيرَةٌ فَطَلَبُوهُ فَأَعْيَاهُمْ فَأَهْوَى إِلَيْهِ رَجُلٌ بِسَهْمٍ فَحَبَسَهُ اللَّهُ، فَقَال النَّبِيُّ ﷺ: إِنَّ لِهَذِهِ الْبَهَائِمِ أَوَابِدَ - أَيْ: نُفُورٌ - كَأَوَابِدِ الْوَحْشِ فَمَا غَلَبَكُمْ مِنْهَا فَاصْنَعُوا بِهِ هَكَذَا، وَفِي لَفْظٍ: فَمَا نَدَّ عَلَيْكُمْ فَاصْنَعُوا بِهِ هَكَذَا. (8)
قَال ابْنُ قُدَامَةَ:؛ وَلأَِنَّ الاِعْتِبَارَ فِي الذَّكَاةِ بِحَال الْحَيَوَانِ وَقْتَ ذَبْحِهِ لاَ بِأَصْلِهِ، بِدَلِيل الْوَحْشِيِّ إِذَا قُدِرَ عَلَيْهِ وَجَبَتْ تَذْكِيَتُهُ فِي الْحَلْقِ وَاللَّبَّةِ، وَكَذَلِكَ الأَْهْلِيُّ إِذَا تَوَحَّشَ يُعْتَبَرُ بِحَالِهِ فَإِذَا تَرَدَّى فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى تَذْكِيَتِهِ فَهُوَ مَعْجُوزٌ عَنْ تَذْكِيَتِهِ فَأَشْبَهَ الْوَحْشِيَّ (9) .
قَال الْحَنَفِيَّةُ: وَسَوَاءٌ نَدَّ الْبَعِيرُ أَوِ الْبَقَرُ فِي الصَّحْرَاءِ أَوْ فِي الْمِصْرِ فَذَكَاتُهَا الْعَقْرُ؛ لأَِنَّهُمَا يَدْفَعَانِ عَنْ أَنْفُسِهِمَا فَلاَ يَقْدِرُ عَلَيْهِمَا، قَال مُحَمَّدٌ: وَالْبَعِيرُ الَّذِي نَدَّ عَلَى عَهْدِ رَسُول اللَّهِ ﷺ كَانَ بِالْمَدِينَةِ، فَدَل عَلَى أَنَّ نَدَّ الْبَعِيرِ فِي الصَّحْرَاءِ وَالْمِصْرِ سَوَاءٌ فِي هَذَا الْحُكْمِ.
قَال مُحَمَّدٌ: وَأَمَّا الشَّاةُ فَإِنْ نَدَّتْ فِي الصَّحْرَاءِ فَذَكَاتُهَا الْعَقْرُ؛ لأَِنَّهُ لاَ يُقْدَرُ عَلَيْهَا، وَإِنْ نَدَّتْ فِي الْمِصْرِ لَمْ يَجُزْ عَقْرُهَا؛ لأَِنَّهُ يُمْكِنُ أَخْذُهَا إِذْ هِيَ لاَ تَدْفَعُ عَنْ نَفْسِهَا فَكَانَ الذَّبْحُ مَقْدُورًا عَلَيْهِ فَلاَ يَجُوزُ الْعَقْرُ، وَهَذَا؛ لأَِنَّ الْعَقْرَ خَلَفٌ عَنِ الذَّبْحِ وَالْقُدْرَةُ عَلَى الأَْصْل تَمْنَعُ الْمَصِيرَ إِلَى الْخَلَفِ (10) .
وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ: مَا نَدَّ مِنَ الْحَيَوَانَاتِ الْمُسْتَأْنَسَةِ وَتَوَحَّشَ فَإِنَّهُ لاَ يَحِل بِالْعَقْرِ عَمَلاً بِالأَْصْل وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ، وَمُقَابِل الْمَشْهُورِ هُوَ مَا قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ أَنَّهُ إِنْ نَدَّ غَيْرُ الْبَقَرِ لَمْ يُؤْكَل بِالْعَقْرِ وَإِنْ نَدَّ الْبَقَرُ جَازَ أَكْلُهُ بِالْعَقْرِ؛ لأَِنَّ الْبَقَرَ لَهَا أَصْلٌ فِي التَّوَحُّشِ تَرْجِعُ إِلَيْهِ وَهُوَ شَبَهُهَا بِبَقَرِ الْوَحْشِ، وَقَال ابْنُ حَبِيبٍ أَيْضًا، إِنْ تَرَدَّى حَيَوَانٌ فِي كُوَّةٍ وَأَصْبَحَ مَعْجُوزًا عَنْ ذَبْحِهِ فَإِنَّهُ يَحِل بِالْعَقْرِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ بَقَرًا أَوْ غَيْرَهُ صِيَانَةً لِلأَْمْوَال (11) .
وَأَلْحَقَ الْحَنَفِيَّةُ الصِّيَال بِالنَّدِّ، قَالُوا: إِذَا صَال الْبَعِيرُ عَلَى رَجُلٍ فَقَتَلَهُ وَهُوَ يُرِيدُ الذَّكَاةَ حَل أَكْلُهُ إِذَا كَانَ لاَ يَقْدِرُ عَلَى أَخْذِهِ وَضَمِنَ قِيمَتَهُ؛ لأَِنَّهُ إِذَا كَانَ لاَ يَقْدِرُ عَلَى أَخْذِهِ صَارَ بِمَنْزِلَةِ الصَّيْدِ فَجُعِل الصِّيَال مِنْهُ كَنَدِّهِ؛ لأَِنَّهُ يَعْجِزُ عَنْ أَخْذِهِ فَيَعْجِزُ عَنْ نَحْرِهِ فَيُقَامُ الْجَرْحُ فِيهِ مَقَامَ النَّحْرِ (12)
وَيُنْظَرُ تَفْصِيل ذَلِكَ فِي: (صِيَال) . عَقْرُ حَيَوَانَاتِ الْغَنِيمَةِ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ نَقْلِهَا:
7 - الْمُرَادُ بِعَقْرِ الْحَيَوَانَاتِ هُنَا: ضَرْبُ قَوَائِمِهَا بِالسَّيْفِ حَتَّى لاَ يُنْتَفَعَ بِهَا، فَإِذَا انْتَهَتِ الْحَرْبُ وَأَرَادَ الإِْمَامُ الْعَوْدَ إِلَى دِيَارِ الإِْسْلاَمِ وَكَانَ مَعَهُ مَا غَنِمَهُ مِنَ الْكُفَّارِ مِنْ أَمْوَالٍ وَحَيَوَانَاتٍ، فَإِنْ عَجَزَ عَنْ نَقْل الْحَيَوَانَاتِ إِلَى دَارِ الإِْسْلاَمِ فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيمَا يَفْعَل بِهَا.
فَالأَْصْل عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَالْحَنَابِلَةِ أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ عَقْرُهَا إِلاَّ لِلأَْكْل، قَال ابْنُ قُدَامَةَ: أَمَّا عَقْرُ دَوَابِّهِمْ فِي غَيْرِ حَال الْحَرْبِ لِمُغَايَظَتِهِمْ وَالإِْفْسَادِ عَلَيْهِمْ فَلاَ يَجُوزُ سَوَاءٌ خِفْنَا أَخْذَهُمْ لَهَا أَوْ لَمْ نَخَفْ، وَبِهَذَا قَال الأَْوْزَاعِيُّ وَاللَّيْثُ وَأَبُو ثَوْرٍ؛ لأَِنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قَال فِي وَصِيَّتِهِ لِيَزِيدَ حِينَ بَعَثَهُ أَمِيرًا: يَا يَزِيدُ. لاَ تَقْتُل صَبِيًّا وَلاَ امْرَأَةً وَلاَ هَرِمًا وَلاَ تُخَرِّبَنَّ عَامِرًا وَلاَ تَعْقِرَنَّ شَجَرًا مُثْمِرًا وَلاَ دَابَّةً عَجْمَاءَ وَلاَ شَاةً إِلاَّ لِمَأْكَلَةٍ. . . إِلَخْ.
وَلأَِنَّ النَّبِيَّ ﷺ نَهَى عَنْ قَتْل شَيْءٍ مِنَ الدَّوَابِّ صَبْرًا (13) ،؛ وَلأَِنَّهُ حَيَوَانٌ ذُو حُرْمَةٍ فَأَشْبَهَ النِّسَاءَ وَالصِّبْيَانَ، لَكِنْ إِنْ كَانَ الْحَيَوَانُ مِمَّا يُسْتَعَانُ بِهِ فِي الْقِتَال كَالْخَيْل فَقَال ابْنُ قُدَامَةَ: وَيَقْوَى عِنْدِي أَنَّ مَا عَجَزَ الْمُسْلِمُونَ عَنْ سِيَاقَتِهِ وَأَخْذِهِ إِنْ كَانَ مِمَّا يَسْتَعِينُ بِهِ الْكُفَّارُ فِي الْقِتَال كَالْخَيْل جَازَ عَقْرُهُ وَإِتْلاَفُهُ؛ لأَِنَّهُ مِمَّا يَحْرُمُ إِيصَالُهُ إِلَى الْكُفَّارِ بِالْبَيْعِ فَتَرْكُهُ لَهُمْ بِغَيْرِ عِوَضٍ أَوْلَى بِالتَّحْرِيمِ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا يَصْلُحُ لِلأَْكْل فَلِلْمُسْلِمِينَ ذَبْحُهُ وَالأَْكْل مِنْهُ مَعَ الْحَاجَةِ وَعَدَمِهَا، وَمَا عَدَا هَذَيْنِ الْقِسْمَيْنِ لاَ يَجُوزُ إِتْلاَفُهُ؛ لأَِنَّهُ مُجَرَّدُ إِفْسَادٍ وَإِتْلاَفٍ وَقَدْ نَهَى النَّبِيُّ ﷺ عَنْ ذَبْحِ الْحَيَوَانِ لِغَيْرِ مَأْكَلَةٍ (14) وَمِثْل ذَلِكَ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ (15) .
وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ يَحْرُمُ عَقْرُ الْحَيَوَانَاتِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنَ الْمُثْلَةِ بِالْحَيَوَانِ، وَإِنَّمَا تُذْبَحُ ثُمَّ تُحْرَقُ بَعْدَ الذَّبْحِ؛ لِتَنْقَطِعَ مَنْفَعَتُهَا عَنِ الْكُفَّارِ.
وَقَال الْمِصْرِيُّونَ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ يَجُوزُ عَقْرُهَا أَوْ ذَبْحُهَا.
وَقَال الْمَدَنِيُّونَ يُكْرَهُ عَقْرُهَا وَإِنَّمَا يُجْهَزُ عَلَيْهَا وَعَلَى كِلاَ الْقَوْلَيْنِ فَإِنَّهَا تُحْرَقُ بَعْدَ ذَلِكَ؛ لِئَلاَّ يُنْتَفَعَ بِهَا (16) . أَثَرُ عَقْرِ الْكَلْبِ فِي الضَّمَانِ:
8 - مَنْ أَطْلَقَ كَلْبًا عَقُورًا فَعَقَرَ إِنْسَانًا أَوْ دَابَّةً لَيْلاً أَوْ نَهَارًا أَوْ خَرَقَ ثَوْبَ إِنْسَانٍ فَعَلَى صَاحِبِهِ ضَمَانُ مَا أَتْلَفَهُ، وَهَذَا عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَالْحَنَابِلَةِ وَهُوَ قَوْل أَبِي يُوسُفَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ؛ لأَِنَّ إِغْرَاءَ الْكَلْبِ بِمَنْزِلَةِ إِرْسَال الْبَهِيمَةِ فَالْمُصَابُ عَلَى فَوْرِ الإِْرْسَال مَضْمُونٌ عَلَى الْمُرْسِل كَذَا هُنَا.
وَقَال أَبُو حَنِيفَةَ لاَ ضَمَانَ عَلَيْهِ؛ لأَِنَّ الْكَلْبَ يَعْقِرُ بِاخْتِيَارِهِ، وَالإِْغْرَاءُ لِلتَّحْرِيضِ، وَفِعْلُهُ جُبَارٌ.
وَقَال مُحَمَّدٌ، إِنْ كَانَ سَائِقًا لَهُ أَوْ قَائِدًا يَضْمَنُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ سَائِقًا لَهُ وَلاَ قَائِدًا لاَ يَضْمَنُ وَبِهِ أَخَذَ الطَّحَاوِيُّ؛ لأَِنَّ الْعَقْرَ فِعْل الْكَلْبِ بِاخْتِيَارِهِ فَالأَْصْل هُوَ الاِقْتِصَارُ عَلَيْهِ وَفِعْلُهُ جُبَارٌ، إِلاَّ أَنَّهُ بِالسَّوْقِ أَوِ الْقَوْدِ يَصِيرُ مُغْرِيًا إِيَّاهُ إِلَى الإِْتْلاَفِ فَيَصِيرُ سَبَبًا لِلتَّلَفِ فَأَشْبَهَ سَوْقَ الدَّابَّةِ وَقَوْدَهَا (17) .
وَلَوْ دَخَل رَجُلٌ دَارَ غَيْرِهِ فَعَقَرَهُ كَلْبُهُ فَإِنْ كَانَ دَخَل بِلاَ إِذْنٍ فَلاَ ضَمَانَ عَلَى صَاحِبِ الدَّارِ؛ لأَِنَّهُ مُتَعَدٍّ بِالدُّخُول مُتَسَبِّبٌ بِعُدْوَانِهِ إِلَى عَقْرِ الْكَلْبِ لَهُ.
وَهَذَا عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَإِنْ دَخَل بِإِذْنِ الْمَالِكِ فَعَلَيْهِ ضَمَانُهُ؛ لأَِنَّهُ تَسَبَّبَ إِلَى إِتْلاَفِهِ وَهَذَا مَا يَقُولُهُ الْحَنَابِلَةُ، لَكِنَّ الشَّافِعِيَّةَ قَالُوا: إِنْ أَذِنَ لَهُ فِي الدُّخُول وَأَعْلَمَهُ بِحَال الْكَلْبِ فَلاَ ضَمَانَ عَلَى صَاحِبِ الْبَيْتِ فَإِنْ لَمْ يُعْلِمْهُ بِحَالِهِ ضَمِنَ.
وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: لَوْ دَخَل رَجُلٌ دَارَ غَيْرِهِ فَعَقَرَهُ كَلْبُهُ لاَ يَضْمَنُ سَوَاءٌ دَخَل دَارَهُ بِإِذْنِهِ أَوْ بِغَيْرِ إِذْنِهِ؛ لأَِنَّ فِعْل الْكَلْبِ جُبَارٌ وَلَمْ يُوجَدْ مِنْ صَاحِبِهِ التَّسْبِيبُ إِلَى الْعَقْرِ إِذْ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ إِلاَّ الإِْمْسَاكُ فِي الْبَيْتِ وَأَنَّهُ مُبَاحٌ لِقَوْل اللَّهِ تَعَالَى: {مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ} . (18)
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: إِنْ رَبَطَ الْكَلْبَ بِبَابِ الدَّارِ أَوْ فِي مِلْكِهِ فَلاَ يَضْمَنُ؛ لأَِنَّهُ ظَاهِرٌ يُمْكِنُ الاِحْتِزَازُ مِنْهُ (19) .
وَلِلْمَالِكِيَّةِ تَفْصِيلٌ آخَرُ، قَالُوا: مَنِ اتَّخَذَ كَلْبًا عَقُورًا بِقَصْدِ قَتْل شَخْصٍ مُعَيَّنٍ وَقَتَلَهُ فَعَلَيْهِ الْقَوَدُ، وَإِنْ قَتَل شَخْصًا آخَرَ غَيْرَ الْمُعَيَّنِ فَعَلَيْهِ الدِّيَةُ، وَإِنْ كَانَ اتَّخَذَ الْكَلْبَ الْعَقُورَ وَلَمْ يَقْصِدْ بِذَلِكَ ضَرَرَ أَحَدٍ فَقَتَل إِنْسَانًا، فَإِنْ كَانَ قَدِ اتَّخَذَ الْكَلْبَ لِوَجْهٍ جَائِزٍ كَحِرَاسَةِ زَرْعٍ أَوْ ضَرْعٍ فَعَلَيْهِ الدِّيَةُ إِنْ أَنْذَرَ صَاحِبَهُ قَبْل الْقَتْل وَإِلاَّ فَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ. وَإِنِ اتَّخَذَهُ لاَ لِوَجْهٍ جَائِزٍ ضَمِنَ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ تَقَدَّمَ لَهُ إِنْذَارٌ أَمْ لاَ، وَهَذَا حَيْثُ عُرِفَ أَنَّهُ عَقُورٌ، وَإِلاَّ لَمْ يَضْمَنْ؛ لأَِنَّ فِعْلَهُ حِينَئِذٍ كَفِعْل الْعَجْمَاءِ (20) .
__________
(1) لسان العرب، والمصباح المنير.
(2) بدائع الصنائع 5 / 43، والشرح الصغير 1 / 315 ط. الحلبي.
(3) بدائع الصنائع 5 / 43.
(4) حاشية ابن عابدين 3 / 230.
(5) سورة المائدة الآية / 4.
(6) حديث: " أما ما ذاكرت من أنك بأرض صيد، فما صدت بقوسك فاذكر اسم الله ثم كل. . " أخرجه البخاري (فتح الباري 9 / 612 ط السلفية) من حديث أبي ثعلبة مطولاً.
(7) بدائع الصنائع 5 / 43، والشرح الصغير 1 / 315 ط. الحلبي، والدسوقي 2 / 103 ونهاية المحتاج 8 / 105، 108، والمغني 8 / 539، 559، 573.
(8) حديث: " إن لهذه البهائم. . ". أخرجه أحمد (فتح الباري 5 / 131 ط السلفية) ومسلم (3 / 1558 ط. الحلبي) من حديث رافع بن خديج، واللفظ الثاني أخرجه البخاري (6 / 188) .
(9) بدائع الصنائع 5 / 43، والزيلعي 5 / 292 - 293، ونهاية المحتاج 105 - 108، والمغني 8 / 566 - 567
(10) بدائع الصنائع 5 / 43، والزيلعي 5 / 292، وفتح القدير 8 / 416، نشر دار إحياء التراث.
(11) الدسوقي 2 / 103.
(12) بدائع الصنائع 5 / 44، والزيلعي 5 / 293.
(13) حديث: " نهى عن قتل شيء من الدواب صبرًا ". أخرجه مسلم (3 / 1550 ط. عيسى الحلبي) من حديث جابر بن عبد الله.
(14) حديث: " نهى عن ذبح الحيوان. . . ". معنى الحديث أخرجه الحاكم (2 / 182 ط دائرة المعارف العثمانية) من حديث ابن عمر، وقال الحاكم: صحيح على شرط البخاري ووافقه الذهبي.
(15) مغني المحتاج 4 / 227، وأسنى المطالب 4 / 196، والمهذب 2 / 242، وروضة الطالبين 10 / 258 والمغني 8 / 451، 452، 453.
(16) حاشية ابن عابدين 3 / 230، وفتح القدير 5 / 221 نشر دار إحياء التراث والدسوقي 2 / 181، والمدونة 2 / 40.
(17) بدائع الصنائع 7 / 273، ونهاية المحتاج 8 / 40، والمغني 8 / 338.
(18) سورة المائدة: الآية / 4.
(19) بدائع الصنائع 7 / 273، ونهاية المحتاج 8 / 40، وأسنى المطالب 4 / 173.
(20) الدسوقي 4 / 243 - 244، والمدونة 6 / 446، وجواهر الإكليل 2 / 257.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 257/ 30
التَّعْرِيفُ:
1 - مِنْ مَعَانِي الْعُقْرِ - بِضَمِّ الْعَيْنِ - لُغَةً: الْمَهْرُ، وَهُوَ لِلْمُغْتَصَبَةِ مِنَ الإِْمَاءِ كَمَهْرِ الْمِثْل لِلْحُرَّةِ، وَالْعُقْرُ - بِالضَّمِّ - مَا تُعْطَاهُ الْمَرْأَةُ عَلَى وَطْءِ الشُّبْهَةِ، وَأَصْلُهُ: أَنَّ وَاطِئَ الْبِكْرِ يَعْقِرُهَا إِذَا افْتَضَّهَا، فَسُمِّيَ مَا تُعْطَاهُ لِلْعَقْرِ عُقْرًا، ثُمَّ صَارَ عَامًّا لَهَا وَلِلثَّيِّبِ، وَجَمْعُهُ: أَعْقَارٌ.
وَقَال ابْنُ الْمُظَفَّرِ: عُقْرُ الْمَرْأَةِ دِيَةُ فَرْجِهَا إِذَا غُصِبَتْ فَرْجَهَا.
وَقَال الْجَوْهَرِيُّ: هُوَ مَهْرُ الْمَرْأَةِ إِذَا وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ (1) .
وَفِي الاِصْطِلاَحِ نَقَل ابْنُ عَابِدِينَ عَنِ الْجَوْهَرَةِ أَنَّ الْعُقْرَ: فِي الْحَرَائِرِ مَهْرُ الْمِثْل، وَفِي الإِْمَاءِ عُشْرُ الْقِيمَةِ لَوْ بِكْرًا، وَنِصْفُ الْعُشْرِ لَوْ ثَيِّبًا (2) .
وَفِي الْعِنَايَةِ بِهَامِشِ فَتْحِ الْقَدِيرِ: الْعُقْرُ: مَهْرُ الْمَرْأَةِ إِذَا وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ، وَالْمُرَادُ بِهِ مَهْرُ الْمِثْل، وَبِهِ فَسَّرَ الإِْمَامُ الْعَتَّابِيُّ الْعُقْرَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ، وَقَال أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: الْعُقْرُ: الْمَهْرُ (3)
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
الأَْجْرُ:
2 - الأَْجْرُ لُغَةً: مَصْدَرُ أَجَرَهُ يَأْجُرُهُ: إِذَا أَثَابَهُ وَأَعْطَاهُ جَزَاءَ عَمَلِهِ.
وَيُسْتَعْمَل الأَْجْرُ بِمَعْنَى الإِْجَارَةِ وَبِمَعْنَى الأُْجْرَةِ (4) .
وَقَدْ سَمَّى الْقُرْآنُ مَهْرَ الْمَرْأَةِ أَجْرًا كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللاَّتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ} .
(5) وَالْفُقَهَاءُ يَسْتَعْمِلُونَ الأَْجْرَ بِمَعْنَى الْعِوَضِ عَنِ الْعَمَل، وَبِمَعْنَى بَدَل الْمَنْفَعَةِ (6) .
وَالْعَلاَقَةُ بَيْنَ الأَْجْرِ وَالْعُقْرِ: أَنَّ الأَْجْرَ أَعَمُّ، فَهُوَ يُسْتَعْمَل فِي الْعَقْدِ عَلَى مَنَافِعِ الْبُضْعِ وَعَلَى غَيْرِهِ مِنْ عَقَارٍ أَوْ حَيَوَانٍ، أَمَّا الْعُقْرُ فَلاَ يُسْتَعْمَل إِلاَّ فِي مَنَافِعِ الْبُضْعِ.
الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ:
3 - ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى وُجُوبِ الْمَهْرِ فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ، دَخَل بِهَا أَمْ لَمْ يَدْخُل، أَمَّا النِّكَاحُ الْفَاسِدُ فَلاَ يَجِبُ الْمَهْرُ فِيهِ إِلاَّ بَعْدَ الدُّخُول، وَاخْتَلَفُوا هَل هُوَ الْمُسَمَّى أَوْ مَهْرُ الْمِثْل أَوِ الأَْقَل مِنْهُمَا؟
وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ: (نِكَاح، وَمَهْر)
وَكَمَا يَجِبُ الْمَهْرُ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ بِالدُّخُول يَجِبُ فِي الْوَطْءِ بِشُبْهَةٍ.
وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ: (شُبْهَة) .
__________
(1) لسان العرب والقاموس المحيط.
(2) ابن عابدين 5 / 61، و2 / 287، و382، والبدائع 2 / 335.
(3) العناية بهامش فتح القدير 3 / 459 نشر دار إحياء التراث، والمغني 6 / 728.
(4) لسان العرب والمصباح المنير، وكشاف القناع 3 / 546.
(5) سورة الأحزاب / 50.
(6) البدائع 4 / 176، والحطاب 5 / 389.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 262/ 30