الرحيم
كلمة (الرحيم) في اللغة صيغة مبالغة من الرحمة على وزن (فعيل) وهي...
الْبَيْتُ الْحَرَامُ في مكة، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِنُتُوئِهَا، وَقِيلَ لِتَرْبِيعِهَا، وَارْتِفَاعِهَا . ومن شواهده قوله تَعَالَ : ﱫﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﴾ ﴿ ﮂ ﮃ ﮄﱪ المائدة :97.
الْبَيْتُ الْحَرَامُ في مكة، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِنُتُوئِهَا، وَقِيلَ لِتَرْبِيعِهَا، وَارْتِفَاعِهَا.
التَّعْرِيفُ:
1 - الْكَعْبَةُ فِي اللُّغَةِ الْبَيْتُ الْمُرَبَّعُ وَجَمْعُهُ كِعَابٌ.
قَال ابْنُ مَنْظُورٍ: وَالْكَعْبَةُ الْبَيْتُ الْحَرَامُ (1) .
سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِتَرْبِيعِهَا، وَالتَّكْعِيبُ: التَّرْبِيعُ، وَأَكْثَرُ بُيُوتِ الْعَرَبِ مُدَوَّرَةٌ لاَ مُرَبَّعَةٌ، وَقِيل: سُمِّيَتْ كَعْبَةً لِنُتُوئِهَا وَبُرُوزِهَا، وَكُل بَارِزٍ كَعْبٌ، مُسْتَدِيرًا أَوْ غَيْرَ مُسْتَدِيرٍ، وَمِنْهُ كَعْبُ الْقَدَمِ.
قَال تَعَالَى {جَعَل اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ} (2) الآْيَةَ.
وَفِي الاِصْطِلاَحِ تُطْلَقُ عَلَى الْبَيْتِ الْحَرَامِ، قَال النَّوَوِيُّ فِي تَهْذِيبِ الأَْسْمَاءِ وَاللُّغَاتِ: وَالْكَعْبَةُ الْمُعَظَّمَةُ الْبَيْتُ الْحَرَامُ (3) .
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - الْقِبْلَةُ:
2 - الْقِبْلَةُ - بِكَسْرِ الْقَافِ - فِي اللُّغَةِ: الْجِهَةُ وَكُل مَا يُسْتَقْبَل مِنَ الشَّيْءِ (4) .
وَفِي الاِصْطِلاَحِ: جِهَةٌ يُصَلَّى نَحْوَهَا مِمَّا يُحَاذِي الْكَعْبَةَ أَوْ جِهَتَهَا، وَغَلَبَ هَذَا الاِسْمُ عَلَى هَذِهِ الْجِهَةِ حَتَّى صَارَ كَالْعَلَمِ لَهَا وَصَارَتْ مَعْرِفَةً عِنْدَ الإِْطْلاَقِ، وَإِنَّمَا سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لأَِنَّ النَّاسَ يُقَابِلُونَهَا فِي صَلاَتِهِمْ وَالْقِبْلَةُ أَعَمُّ مِنَ الْكَعْبَةِ (5) .
ب - الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ:
3 - يُطْلَقُ الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ وَيُرَادُ بِهِ الْكَعْبَةُ، وَقَدْ يُطْلَقُ وَيُرَادُ بِهِ الْكَعْبَةُ وَمَا حَوْلَهَا، وَقَدْ يُرَادُ بِهِ مَكَّةُ كُلُّهَا، وَقَدْ يُرَادُ بِهِ مَكَّةُ كُلُّهَا مَعَ الْحَرَمِ حَوْلَهَا بِكَمَالِهِ.
وَقَدْ جَاءَتِ النُّصُوصُ الشَّرْعِيَّةُ بِهَذِهِ الأَْقْسَامِ الأَْرْبَعَةِ.
انْظُرْ مُصْطَلَحَ (الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ) .
فَعَلَى الإِْطْلاَقِ الأَْوَّل وَأَنَّهُ يُرَادُ بِهِ الْكَعْبَةُ، يَكُونُ مُسَاوِيًا لَهَا، وَعَلَى غَيْرِهِ تَكُونُ الْكَعْبَةُ أَخَصَّ.
مَا يَتَعَلَّقُ بِالْكَعْبَةِ مِنْ أَحْكَامٍ:
اسْتِقْبَال الْكَعْبَةِ فِي الصَّلاَةِ:
4 - لاَ خِلاَفَ فِي أَنَّ مِنْ شُرُوطِ صِحَّةِ الصَّلاَةِ اسْتِقْبَال الْكَعْبَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَوَل وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} (6)
وَقَال الْفُقَهَاءُ إِنَّ مَنْ يُعَايِنُ الْكَعْبَةَ فَعَلَيْهِ إِصَابَةُ عَيْنِهَا، أَيْ: مُقَابَلَةُ ذَاتِ بِنَاءِ الْكَعْبَةِ يَقِينًا وَلاَ يَكْفِي الاِجْتِهَادُ وَلاَ اسْتِقْبَال جِهَتِهَا، وَأَمَّا غَيْرُ الْمُعَايِنِ فَفِيهِ خِلاَفٌ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ. وَالتَّفْصِيل فِي (اسْتِقْبَالٌ ف 9، 12) .
حُكْمُ الصَّلاَةِ فِي جَوْفِ الْكَعْبَةِ:
5 - قَال الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَفِيَّةُ: الصَّلاَةُ فِي جَوْفِ الْكَعْبَةِ جَائِزَةٌ فَرْضًا كَانَتْ أَوْ نَفْلاً.
وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّهُ أَتَى فَقِيل لَهُ: هَذَا رَسُول اللَّهِ ﷺ دَخَل الْكَعْبَةَ، فَقَال ابْنُ عُمَرَ: فَأَقْبَلْتُ وَالنَّبِيُّ ﷺ قَدْ خَرَجَ وَأَجِدُ بِلاَلاً قَائِمًا بَيْنَ الْبَابَيْنِ فَسَأَلْتُ بِلاَلاً فَقُلْتُ: أَصَلَّى النَّبِيُّ ﷺ فِي الْكَعْبَةِ؟ قَال: نَعَمْ، رَكْعَتَيْنِ بَيْنَ السَّارِيَتَيْنِ اللَّتَيْنِ عَلَى يَسَارِهِ إِذَا دَخَلْتَ، ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى فِي وَجْهِ الْكَعْبَةِ رَكْعَتَيْنِ (7) . وَنَصَّ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى أَنَّ الصَّلاَةَ فِي جَوْفِ الْكَعْبَةِ صَحِيحَةٌ إِذَا اسْتَقْبَل الْمُصَلِّي جِدَارَهَا أَوْ بَابَهَا مَرْدُودًا أَوْ مَفْتُوحًا مَعَ ارْتِفَاعِ عَتَبَتِهِ ثُلُثَيْ ذِرَاعٍ لأَِنَّهُ يَكُونُ مُتَوَجِّهًا إِلَى الْكَعْبَةِ أَوْ جُزْءٍ مِنْهَا أَوْ إِلَى مَا هُوَ كَالْجُزْءِ مِنْهَا (8) .
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: الصَّلاَةُ فِي جَوْفِ الْكَعْبَةِ جَائِزَةٌ نَفْلاً لاَ فَرْضًا (9) .
وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَال: لَمَّا دَخَل النَّبِيُّ ﷺ الْبَيْتَ دَعَا فِي نَوَاحِيهِ كُلِّهَا وَلَمْ يُصَل حَتَّى خَرَجَ مِنْهُ فَلَمَّا خَرَجَ رَكَعَ رَكْعَتَيْنِ فِي قِبَل الْكَعْبَةِ وَقَال: هَذِهِ الْقِبْلَةُ (10) ، فَحَمَلُوا حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ هَذَا عَلَى الْفَرْضِ، وَحَمَلُوا حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ الْمُتَقَدِّمَ عَلَى النَّفْل جَمْعًا بَيْنَ الأَْدِلَّةِ.
وَقَال ابْنُ جَرِيرٍ وَجَمَاعَةٌ مِنَ الظَّاهِرِيَّةِ وَأَصْبَغُ بْنُ الْفَرَجِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ - وَحُكِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - لاَ تَجُوزُ الصَّلاَةُ فِي جَوْفِ الْكَعْبَةِ لاَ فَرْضًا وَلاَ نَفْلاً (11) .
وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (اسْتِقْبَالٌ ف 12 وَمَا بَعْدَهَا)
الصَّلاَةُ عَلَى ظَهْرِ الْكَعْبَةِ:
6 - ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ لاَ تَصِحُّ الْفَرِيضَةُ عَلَى ظَهْرِ الْكَعْبَةِ (12) ، وَاسْتَدَلُّوا بِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَقْبِل شَيْئًا مِنَ الْكَعْبَةِ، وَالْهَوَاءُ لَيْسَ هُوَ الْكَعْبَةَ وَالْمَطْلُوبُ اسْتِقْبَالُهَا.
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنِ الْحَنَابِلَةِ إِلَى أَنَّهُ تَصِحُّ الْفَرِيضَةُ عَلَى ظَهْرِ الْكَعْبَةِ، وَاشْتَرَطَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ أَنْ يَقِفَ آخِرَ السَّطْحِ أَوِ الْعَرْصَةِ وَيَسْتَقْبِل الْبَاقِيَ، أَوْ يَقِفَ وَسَطَهُمَا وَيَكُونَ أَمَامَهُ شَاخِصٌ مِنْ أَجْزَاءِ الْكَعْبَةِ بِقَدْرِ ثُلُثَيْ ذِرَاعٍ لأَِنَّهُ إِذَا كَانَ السَّطْحُ أَمَامَهُ كُلُّهُ أَوْ كَانَ أَمَامَهُ شَاخِصٌ فَهُوَ مُسْتَقْبِلٌ لِلْقِبْلَةِ وَإِلاَّ لَمْ تَصِحَّ بِدُونِ مَا تَقَدَّمَ (13) .
وَاسْتَدَل الْحَنَفِيَّةُ بِأَنَّهُ مُسْتَقْبِلٌ لِهَوَائِهَا وَالْكَعْبَةُ عِنْدَهُمْ هَوَاءٌ لاَ بِنَاءٌ، إِلاَّ أَنَّهُمْ نَصُّوا عَلَى كَرَاهَةِ الصَّلاَةِ لِمَا فِيهِ مِنْ إِسَاءَةِ الأَْدَبِ بِالاِسْتِعْلاَءِ عَلَيْهَا وَتَرْكِ تَعْظِيمِهَا.
أَمَّا النَّافِلَةُ فَتَصِحُّ فَوْقَهَا عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ وَالشَّافِعِيَّةِ إِذَا كَانَ أَمَامَهُ شَاخِصٌ.
وَعَنِ الْمَالِكِيَّةِ فِي النَّافِلَةِ الْمُؤَكَّدَةِ الْمَنْعُ ابْتِدَاءً وَالْجَوَازُ بَعْدَ الْوُقُوعِ، وَكَذَا الْحَنَفِيَّةُ يُجِيزُونَ النَّافِلَةَ عَلَيْهَا مِنْ بَابٍ أَوْلَى؛ لأَِنَّهُمْ يُجِيزُونَ الْفَرْضَ عَلَيْهَا (14) .
أَمَّا الصَّلاَةُ فِي الأَْسْطُحِ الْمُجَاوِرَةِ لَهَا وَالْمُرْتَفَعَاتِ كَجَبَل أَبِي قُبَيْسٍ وَغَيْرِهِ مِنَ الْمَوَاضِعِ الْعَالِيَةِ فَتَصِحُّ وَهَذَا مَوْضِعُ اتِّفَاقٍ عِنْدَ الْجَمِيعِ
الصَّلاَةُ تَحْتَ الْكَعْبَةِ:
7 - مُقْتَضَى مَذْهَبِ الْحَنَفِيَّةِ الْجَوَازُ، قَال الْحَصْكَفِيُّ: وَالْمُعْتَبَرُ فِي الْقِبْلَةِ الْعَرْصَةُ لاَ الْبِنَاءُ فَهِيَ مِنَ الأَْرْضِ السَّابِعَةِ إِلَى الْعَرْشِ (15) .
أَمَّا الصَّلاَةُ تَحْتَ الْكَعْبَةِ فَلاَ تَصِحُّ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ مُطْلَقًا فَرْضًا كَانَتْ أَوْ نَفْلاً لأَِنَّ مَا تَحْتَ الْمَسْجِدِ لاَ يُعْطَى حُكْمَهُ بِحَالٍ، أَلاَ تَرَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْجُنُبِ الدُّخُول تَحْتَهُ وَلاَ يَجُوزُ لَهُ الطَّيَرَانُ فَوْقَهُ (16) .
وَتَجُوزُ الصَّلاَةُ فِي مَكَانٍ أَسْفَل مِنَ الْكَعْبَةِ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ وَعَلَّلُوا بِأَنَّ الْوَاجِبَ اسْتِقْبَال الْكَعْبَةِ وَمَا يُسَامِتُهَا مِنْ فَوْقِهَا أَوْ تَحْتِهَا بِدَلِيل مَا لَوْ زَالَتِ الْكَعْبَةُ - وَالْعِيَاذُ بِاللَّهِ - أَنَّهُ يُسْتَقْبَل مَحَلُّهَا وَهَذَا مَوْضِعُ وِفَاقٍ لاَ خِلاَفَ فِيهِ (17) .
__________
(1) لسان العرب.
(2) سورة المائدة / 97.
(3) تهذيب الأسماء واللغات 2 / 116.
(4) تاج العروس، والقاموس.
(5) حاشية مراقي الفلاح 1 / 170.
(6) سورة البقرة / 144.
(7) حديث ابن عمر: " أنه أتى فقيل له: هذا رسول الله ﷺ دخل الكعبة. . . " أخرجه البخاري (فتح الباري 1 / 500) .
(8) رد المحتار 1 / 432، ومغني المحتاج 1 / 144.
(9) شرح منح الجليل 1 / 144، والروض المربع 1 / 47.
(10) حديث ابن عباس " لما دخل النبي ﷺ البيت دعا في نواحيه كلها. . . " أخرجه البخاري (فتح الباري 1 / 501) .
(11) المجموع للنووي 3 / 192، نيل الأوطار 2 / 141.
(12) حاشية الدسوقي 1 / 229، والروض المربع 1 / 47.
(13) فتح القدير 2 / 110، والمجموع 3 / 198.
(14) فتح القدير 2 / 110، والشرح الصغير 1 / 412، والمجموع 3 / 198، والروض المربع 1 / 47.
(15) حاشية ابن عابدين 1 / 290.
(16) حاشية الدسوقي 1 / 229.
(17) المغني 1 / 440.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 261/ 34