الرحمن
هذا تعريف باسم الله (الرحمن)، وفيه معناه في اللغة والاصطلاح،...
أن يعتقد المرء حل ما حرمه الله، حتى وإن لم يقترن به العمل بذلك المحرم، فمن اعتقد حلّ شرب الخمر مثلاً، فقد استحله، وغالب ذلك إنما يكون عن غلبة هوى لذلك الشيء المحرّم، فيصده الهوى الغالب عن التزام ما شرع الله، والوقوف عند حدوده، وهو من أنواع الكفر الأكبر . لقوله تعالى : ﱫﭽ ﭾ ﭿ ﴾ ﴿ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎﱪالتوبة :29. ويشترط في الكفر باستحلال المحرمات أن يكون هذا المحرّم من المعلوم من الدِّين بالضرورة، فإن كان في شيء من المحرمات التي اجتهد فيها العلماء، واختلفوا في حكمها، نظرًا لعدم ظهور الأدلة فيها ظهورًا بيّنًا : فلا يكون كفرًا . أو فعل المعصية من غير استحلال لحرمتها، فلا يكون كفرًا، كشرب الخمر والزنى، ويشترط فيه علمه بحرمته، وأن لا يكون نشأ في مكان بعيد يكثر فيه الجهل بالضرورات الشرعية
أن يعتقد المرء حل ما حرمه الله، حتى وإن لم يقترن به العمل بذلك المحرم. ويشترط في الكفر باستحلال المحرمات أن يكون المحرّم من المعلوم من الدِّين بالضرورة، فإن كان مما اختلف فيه العلماء فلا يكون كفرًا. ويشترط فيه علم المستحِل بحرمته.
التَّعْرِيفُ:
1 - هُوَ مَصْدَرُ اسْتَحَل الشَّيْءَ: بِمَعْنَى اتَّخَذَهُ حَلاَلاً، أَوْ سَأَل غَيْرَهُ أَنْ يُحِلَّهُ لَهُ (1) وَتَحَلَّلْتُهُ وَاسْتَحْلَلْتُهُ: إِذَا سَأَلْتَهُ أَنْ يَجْعَلَكَ فِي حِلٍّ مِنْ قِبَلِهِ (2) .
وَيَسْتَعْمِلُهُ الْفُقَهَاءُ بِالْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ، وَبِمَعْنَى اعْتِقَادِ الْحِل (3) .
الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ:
2 - الاِسْتِحْلاَل بِمَعْنَى: اعْتِبَارِ الشَّيْءِ حَلاَلاً، فَإِنْ كَانَ فِيهِ تَحْلِيل مَا حَرَّمَهُ الشَّارِعُ فَهُوَ حَرَامٌ، وَقَدْ يَكْفُرُ بِهِ إِذَا كَانَ التَّحْرِيمُ مَعْلُومًا مِنَ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ. فَمَنِ اسْتَحَل عَلَى جِهَةِ الاِعْتِقَادِ مُحَرَّمًا - عُلِمَ تَحْرِيمُهُ مِنَ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ - دُونَ عُذْرٍ يَكْفُرُ (4) وَسَبَبُ التَّكْفِيرِ بِهَذَا أَنَّ إِنْكَارَ مَا ثَبَتَ ضَرُورَةً أَنَّهُ مِنْ دِينِ مُحَمَّدٍ ﷺ فِيهِ تَكْذِيبٌ لَهُ ﷺ وَقَدْ ضَرَبَ الْفُقَهَاءُ أَمْثِلَةً لِذَلِكَ بِاسْتِحْلاَل الْقَتْل وَالزِّنَى (5) ، وَشُرْبِ الْخَمْرِ (6) ،، وَالسِّحْرِ (7) .
وَقَدْ يَكُونُ الاِسْتِحْلاَل حَرَامًا، وَيَفْسُقُ بِهِ الْمُسْتَحِل، لَكِنَّهُ لاَ يَكْفُرُ، كَاسْتِحْلاَل الْبُغَاةِ أَمْوَال الْمُسْلِمِينَ وَدِمَاءَهُمْ. وَوَجْهُ عَدَمِ التَّكْفِيرِ أَنَّهُمْ مُتَأَوِّلُونَ. وَيَتَرَتَّبُ عَلَى الْفِسْقِ بِالاِسْتِحْلاَل حِينَئِذٍ عَدَمُ قَبُول قَضَاءِ قَاضِيهِمْ عِنْدَ عَامَّةِ الْفُقَهَاءِ، إِلاَّ رَأْيًا لِلْمَالِكِيَّةِ يَقْضِي بِتَعَقُّبِ أَقْضِيَتِهِمْ، فَمَا كَانَ مِنْهَا صَوَابًا نَفَذَ، وَمَا كَانَ عَلَى خِلاَفِ كَذَلِكَ رُدَّ.
وَرَدُّ شَهَادَتِهِمْ كَنَقْضِ قَضَائِهِمْ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ كَثِيرٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ. وَلِتَفْصِيل هَذِهِ الأَْحْكَامِ (ر: بَغْي (5)) . وَأَمَّا الاِسْتِحْلاَل بِمَعْنَى: اتِّخَاذِ الشَّيْءِ حَلاَلاً. كَاسْتِحْلاَل الْفُرُوجِ بِطَرِيقِ النِّكَاحِ، فَقَدْ يَكُونُ مَكْرُوهًا، أَوْ مُبَاحًا، أَوْ مُسْتَحَبًّا.
وَأَمَّا الاِسْتِحْلاَل بِمَعْنَى: طَلَبِ جَعْل الشَّخْصِ فِي حِلٍّ فَقَدْ يَكُونُ وَاجِبًا، كَالاِسْتِحْلاَل مِنَ الْغِيبَةِ إِنْ عَلِمَ بِهَا الْمُغْتَابُ (1) ، وَقَدْ يَكُونُ مُبَاحًا كَاسْتِحْلاَل الْغَاصِبِ مِنَ الْمَغْصُوبِ بَدَلاً مِنْ رَدِّ الْمَغْصُوبِ، وَتَفْصِيل ذَلِكَ يَذْكُرُهُ الْفُقَهَاءُ فِي أَحْكَامِ الْغِيبَةِ وَالْغَصْبِ.
مَوَاطِنُ الْبَحْثِ:
3 - جَاءَ لَفْظُ الاِسْتِحْلاَل فِي كَثِيرٍ مِنَ الْمَوَاطِنِ، كَالْقَتْل، وَحَدِّ الزِّنَى، وَشُرْبِ الْخَمْرِ، وَالْبَغْيِ، وَالرِّدَّةِ، وَالتَّوْبَةِ، وَالْغِيبَةِ.
وَيُرْجَعُ فِي كُل مُحَرَّمٍ إِلَى مَوْطِنِهِ لِمَعْرِفَةِ حُكْمِ اسْتِحْلاَلِهِ.
__________
(1) ترتيب القاموس (حل)
(2) لسان العرب (حل)
(3) الزرقاني على خليل 8 / 65 ط دار الفكر.
(4) البحر الرائق 1 / 207 ط العلمية، والحطاب 6 / 280 ط ليبيا، ومنح الجليل 4 / 460، 463 ط ليبيا، وحاشية الشرواني على التحفة 9 / 27، 91 ط دار صادر، والمغني مع الشرح الكبير 10 / 85 ط المنار الأولى.
(5) الشرواني على التحفة 9 / 87، والمواق على خليل 6 / 280، والزرقاني على خيل 8 / 65
(6) المبسوط 24 / 2 ط دار المعرفة. والموق على خليل 6 / 280، والزرقاني على خليل 8 / 65
(7) الشرواني على التحفة 9 / 62، 87، وابن عابدين 3 / 317 ط الثالثة، والخطاب مع التاج والإكليل 6 / 280. والمغني مع الشرح الكبير 10 / 114
الموسوعة الفقهية الكويتية: 236/ 3