العليم
كلمة (عليم) في اللغة صيغة مبالغة من الفعل (عَلِمَ يَعلَمُ) والعلم...
الشمول لجميع أفراد الجنس . ومنه قولهم : صيغ العموم مثل "كل "، و "جميع " للاستغراق . ومنه شمول إخراج الزكاة، واستيعابها لجميع الأصناف الثمانية المستحقين لها، وشمول الموت لكل نفس مخلوقة . قال تعالى :ﭽﮞ ﮟ ﮠ ﮡﮢﭼآل عمران :١٨٥، ومنه قولهم إن "ال " في لفظ "الإنسان " في قوله تعالى : ﭽﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗﭼالعصر :2 تفيد الاستغراق .
الشُّمولُ والاسْتِيعابُ، وهو: اسْتِيفاءُ شَيْءٍ بِتَمامِ أجزائِهِ أو أفْرادِه، يُقال: اسْتَغْرَقَ الشَّيْءَ: إذا اسْتَوْفاهُ بِجَميعِ أجزائِه. وأصل الكلِمَة يَدُلُّ على انْتِهاءٍ في شَيْءٍ يَبْلُغُ أَقْصاهُ، يُقال: أَغْرَقَ وغَرِقَ في الشَّيْءِ: إذا بالَغَ فيه، وأرْضٌ غَرِقةٌ، أي: بلغَت الغايَة في الرَيِّ مِن الماءِ، واغْتَرَق النَّفَسَ، أي: استَوْعَبَ في الزَّفِير.
يَرِد مُصطَلح (استِغراق) في الفقه في عدَّة مواطِن، منها: كتاب الطَّهارة، باب: صفة الوضوء والغُسل، ويُراد به: استِيعاب العُضْوِ المغسولِ في الوُضوءِ أو الغُسْلِ، ويَرِد في باب: صِفة التَّيمُّم، ويُراد به: استِيعاب العُضْو المَمسوح في التَّيمُّم. ويرِد في كتاب الزَّكاة، باب: مصارف الزَّكاة، ويُراد به: استِيعاب المُزَكِّي بِزكاتِه الأصنافَ الثَّمانية في مَصارِف الزَّكاة. ويرد في كتاب الطّلاق، باب: أقسام الطَّلاق، ويُراد به: استِيعاب بَعْضِ ألفاظ الطَّلاق الطَّلَقات الثَّلاث، وفي كتاب المواريث عند الكلام على استِيعاب الدُّيونِ للتَّرِكة، أو استِيعابِ أصحابِ الفُروضِ جَمِيع التَّركَةِ. ويذكر الأْصُولِيون الاِسْتِغْراق أثناء كلامِهِم على تعريف العامّ فيقولون: العامُّ هو اللَّفظُ المُسْتَغرِقُ لِجَميعِ ما يَصْلُح له -أي: يتناولُه- دُفعةً واحدةً مِن غير حَصْرٍ. ويُطلَق عند الصُّوفِيَّة، ويُراد به: أن لا يلتَفِت قلبُ الذَّاكرِ إلى الذِّكْر في أثناءِ الذِّكْرِ ولا إلى القَلْبِ، أو يُقال: هو اسْتِغْراقُ القَلْبِ بِما هو فيه والإفْراغُ عن غَيْرِهِ، ويُعبِّر العارِفون عن هذه الحالة بِالفَناءِ.
غرق
الشمول لجميع أفراد الجنس.
* مقاييس اللغة : (4/428)
* مختار الصحاح : (ص 226)
* تاج العروس : (26/238)
* المصباح المنير في غريب الشرح الكبير : (2/446)
* الإحكام في أصول الأحكام : (2/36)
* جمع الجوامع في أصول الفقه : (1/399)
* التعريفات للجرجاني : (ص 24)
* شرح الكوكب المنير : (3/132)
* التعريفات الفقهية : (ص 25)
* الكليات : (ص 103)
* دستور العلماء : (1/108)
* كشاف اصطلاحات الفنون والعلوم : (1/170)
* معجم المصطلحات والألفاظ الفقهية : (1/151)
* القاموس الفقهي : (ص 324) -
.
التَّعْرِيفُ:
1 - الاِسْتِغْرَاقُ لُغَةً: الاِسْتِيعَابُ وَالشُّمُول (1) وَاصْطِلاَحًا: هُوَ اسْتِيفَاءُ شَيْءٍ بِتَمَامِ أَجْزَائِهِ وَأَفْرَادِهِ.
2 - وَقَدْ قَسَّمَ صَاحِبُ دُسْتُورِ الْعُلَمَاءِ اسْتِغْرَاقَ اللَّفْظِ إِلَى: اسْتِغْرَاقٍ حَقِيقِيٍّ، وَاسْتِغْرَاقٍ عُرْفِيٍّ.
أ - فَالاِسْتِغْرَاقُ الْحَقِيقِيُّ: هُوَ أَنْ يُرَادَ بِاللَّفْظِ كُل فَرْدٍ مِمَّا يَتَنَاوَلُهُ بِحَسَبِ اللُّغَةِ، أَوِ الشَّرْعِ، أَوِ الْعُرْفِ الْخَاصِّ، (2) مِثْل قَوْله تَعَالَى: {عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ} (3) .
ب - وَالاِسْتِغْرَاقُ الْعُرْفِيُّ: هُوَ أَنْ يُرَادَ بِاللَّفْظِ كُل فَرْدٍ مِمَّا يَتَنَاوَلُهُ بِحَسَبِ مُتَفَاهَمِ الْعُرْفِ، مِثْل جَمَعَ الأَْمِيرُ الصَّاغَةَ، أَيْ كُل صَاغَةِ بَلَدِهِ. (4)
3 - أَمَّا الْكَفَوِيُّ (أَبُو الْبَقَاءِ) فَقَدْ قَسَّمَهُ إِلَى ثَلاَثَةِ أَقْسَامٍ:
أ - اسْتِغْرَاقٌ جِنْسِيٌّ مِثْل: لاَ رَجُل فِي الدَّارِ.
ب - اسْتِغْرَاقٌ فَرْدِيٌّ مِثْل: لاَ رَجُلٌ فِي الدَّارِ.
ج - اسْتِغْرَاقٌ عُرْفِيٌّ: وَهُوَ مَا يَكُونُ الْمَرْجِعُ فِي شُمُولِهِ وَإِحَاطَتِهِ إِلَى حُكْمِ الْعُرْفِ مِثْل: جَمَعَ الأَْمِيرُ الصَّاغَةَ. (5)
الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ وَمَوَاطِنُ الْبَحْثِ:
4 - ذَكَرَ الأُْصُولِيُّونَ الاِسْتِغْرَاقَ أَثْنَاءَ الْكَلاَمِ عَلَى تَعْرِيفِ الْعَامِّ، فَقَالُوا: الْعَامُّ هُوَ اللَّفْظُ الْمُسْتَغْرِقُ لِجَمِيعِ مَا يَصْلُحُ لَهُ، أَيْ يَتَنَاوَلُهُ دُفْعَةً وَاحِدَةً مِنْ غَيْرِ حَصْرٍ (6) . وَاعْتِبَارُ الاِسْتِغْرَاقِ فِي الْعَامِّ إِنَّمَا هُوَ رَأْيُ الشَّافِعِيَّةِ وَبَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ.
أَمَّا عِنْدَ عَامَّتِهِمْ فَيَكْفِي فِي الْعُمُومِ انْتِظَامُ جَمْعٍ مِنَ الْمُسَمَّيَاتِ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ فَخْرُ الإِْسْلاَمِ وَغَيْرُهُ. (7)
وَعَلَى هَذَا يَكُونُ الاِسْتِغْرَاقُ أَشْمَل مِنَ الْعُمُومِ. فَلَفْظُ الأَْسَدِ يَصْدُقُ أَنْ يُقَال: إِنَّهُ مُسْتَغْرِقٌ لِجَمِيعِ مَا يَصْلُحُ لَهُ، وَلَيْسَ بِعَامٍّ. (8)
الأَْلْفَاظُ الدَّالَّةُ عَلَى الاِسْتِغْرَاقِ:
5 - هُنَاكَ بَعْضُ الأَْلْفَاظِ تَدُل عَلَى الاِسْتِغْرَاقِ، كَلَفْظِ كُلٍّ، فَإِنَّهُ يُفِيدُ اسْتِغْرَاقَ أَفْرَادِ الْمُضَافِ إِلَيْهِ الْمُنَكَّرِ، مِثْل {كُل نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} (9) كَمَا أَنَّهَا تُفِيدُ اسْتِغْرَاقَ أَجْزَاءِ الْمُضَافِ إِلَيْهِ الْمُفْرَدِ الْمَعْرِفَةِ، نَحْوُ: كُل زَيْدٍ حَسَنٌ، أَيْ كُل أَجْزَائِهِ. (10) كَذَلِكَ الْجَمْعُ الْمُحَلَّى بِالأَْلِفِ وَاللاَّمِ يُفِيدُ الاِسْتِغْرَاقَ: نَحْوُ: { مَا رَآهُ الْمُسْلِمُونَ حَسَنًا (1) .
6 - وَفِي الْمَوْضُوعِ تَفْصِيلاَتٌ كَثِيرَةٌ تُنْظَرُ فِي الْعُمُومِ فِي الْمُلْحَقِ الأُْصُولِيِّ.
7 - أَمَّا الْفُقَهَاءُ فَيَسْتَعْمِلُونَ الاِسْتِغْرَاقَ أَيْضًا بِمَعْنَى الاِسْتِيعَابِ وَالشُّمُول.
وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ فِي الزَّكَاةِ: اسْتِغْرَاقُ الأَْصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ فِي صَرْفِ الزَّكَاةِ عِنْدَ الْبَعْضِ، وَلِلتَّفْصِيل يُنْظَرُ بَابُ الزَّكَاةِ.
__________
(1) المصباح المنير ولسان العرب في مادة - (غرق) .
(2) دستور العلماء 1 / 108
(3) سورة الأنعام / 73.
(4) دستورالعلماء 1 / 108، 109.
(5) الكليات القسم الأول ص 155.
(6) جمع الجوامع 1 / 399، والإحكام للآمدي 2 / 36.
(7) شرح البدخشي 2 / 57.
(8) شرح البدخشي 2 / 58.
(9) سورة آل عمران / 185.
(10) جمع الجوامع 1 / 349، 350.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 33/ 4