الأعلى
كلمة (الأعلى) اسمُ تفضيل من العُلُوِّ، وهو الارتفاع، وهو اسمٌ من...
مكان الصلاة -غير المسجد - يُقصد به غالباً مصلى العيد، والاستسقاء . ومن شواهده قول الخرقي : "السنة فعل العيد في المصلى ".
مكان الصلاة -غير المسجد- يُقصد به غالباً مصلى العيد، والاستسقاء.
التَّعْرِيفُ:
1 - الْمُصَلَّى لُغَةً: مَوْضِعُ الصَّلاَةِ أَوِ الدُّعَاءِ (1) ، قَال تَعَالَى: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} (2) أَيْ مَوْضِعًا لِلدُّعَاءِ.
وَاصْطِلاَحًا: الْفَضَاءُ وَالصَّحْرَاءُ، وَهُوَ الْمُجْتَمَعُ فِيهِ لِلأَْعْيَادِ وَنَحْوِهَا (3) .
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
الْمَسْجِدُ:
2 - الْمَسْجِدُ فِي اللُّغَةِ: بَيْتُ الصَّلاَةِ وَمَوْضِعُ السُّجُودِ مِنْ بَدَنِ الإِِِْنْسَانِ، وَالْجَمْعُ مَسَاجِدُ، وَهُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي يُسْجَدُ لِلَّهِ فِيهِ، وَقَال الزَّجَّاجُ: كُل مَوْضِعٍ يُتَعَبَّدُ فِيهِ فَهُوَ مَسْجِدٌ (4) .
وَالْمَسْجِدُ فِي الاِصْطِلاَحِ كَمَا قَال الْبَرَكَتِيُّ:
الأَْرْضُ الَّتِي جَعَلَهَا الْمَالِكُ مَسْجِدًا، بِقَوْلِهِ:
جَعَلْتُهُ مَسْجِدًا وَأَفْرَزَ طَرِيقَهُ وَأَذَّنَ بِالصَّلاَةِ فِيهِ (5) . وَالصِّلَةُ بَيْنَ الْمُصَلَّى وَالْمَسْجِدِ أَنَّ الْمُصَلَّى أَخَصُّ مِنَ الْمَسْجِدِ.
الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْمُصَلَّى:
تَتَعَلَّقُ بِالْمُصَلَّى أَحْكَامٌ مِنْهَا:
أ - صَلاَةُ الْعِيدَيْنِ فِي الْمُصَلَّى
3 - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ فِي الصَّحِيحِ وَالْحَنَابِلَةُ إِِلَى أَنَّ الْخُرُوجَ لِصَلاَةِ الْعِيدَيْنِ فِي الْمُصَلَّى سُنَّةٌ (6) .
وَاسْتَدَلُّوا بِأَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ يَخْرُجُ يَوْمَ الْفِطْرِ وَالأَْضْحَى إِِلَى الْمُصَلَّى (7) ، وَكَذَلِكَ الْخُلَفَاءُ بَعْدَهُ، وَلاَ يَتْرُكُ النَّبِيُّ ﷺ الأَْفْضَل مَعَ قُرْبِهِ وَيَتَكَلَّفُ فِعْل النَّاقِصِ مَعَ بُعْدِهِ، وَلاَ يَشْرَعُ لأُِمَّتِهِ تَرْكَ الْفَضَائِل، وَلأَِنَّنَا أُمِرْنَا بِاتِّبَاعِ النَّبِيِّ ﷺ وَالاِقْتِدَاءِ بِهِ، وَلَمْ يُنْقَل عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ صَلَّى الْعِيدَ بِمَسْجِدِهِ إِِلاَّ مِنْ عُذْرٍ، وَلأَِنَّ هَذَا إِِجْمَاعُ الْمُسْلِمِينَ، فَإِِِنَّ النَّاسَ فِي كُل عَصْرٍ وَمِصْرٍ يَخْرُجُونَ إِِلَى الْمُصَلَّى فَيُصَلُّونَ الْعِيدَ فِي الْمُصَلَّى مَعَ سَعَةِ الْمَسْجِدِ وَضِيقِهِ، وَكَانَ النَّبِيُّ ﷺ يُصَلِّي فِي الْمُصَلَّى مَعَ شَرَفِ مَسْجِدِهِ (8) .
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: إِِنَّ صَلاَةَ الْعِيدَيْنِ فِي الْمُصَلَّى مَنْدُوبَةٌ.
قَال الدُّسُوقِيُّ: وَنُدِبَ إِِيقَاعُهَا أَيْ صَلاَةُ الْعِيدِ بِالْمُصَلَّى أَيِ الصَّحْرَاءِ، وَصَلاَتُهَا بِالْمَسْجِدِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ دَاعِيَةٍ بِدْعَةٍ (9) ، أَيْ مَكْرُوهَةٌ، وَقَال: وَالْحِكْمَةُ فِي صَلاَةِ الْعِيدَيْنِ فِي الْمُصَلَّى لأَِجْل الْمُبَاعَدَةِ بَيْنَ الرِّجَال وَالنِّسَاءِ، لأَِنَّ الْمَسَاجِدَ وَإِِِنْ كَبُرَتْ يَقَعُ الاِزْدِحَامُ فِيهَا وَفِي أَبْوَابِهَا بَيْنَ الرِّجَال وَالنِّسَاءِ دُخُولاً وَخُرُوجًا فَتُتَوَقَّعُ الْفِتْنَةُ فِي مَحَل الْعِبَادَةِ (10) .
وَاسْتَدَل الْمَالِكِيَّةُ بِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ﵁ كَانَ رَسُول اللَّهِ ﷺ يَخْرُجُ يَوْمَ الْفِطْرِ وَالأَْضْحَى إِِلَى الْمُصَلَّى (11) .
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِِلَى أَنَّ الْمَسْجِدَ إِِنْ كَانَ وَاسِعًا فَهُوَ أَفْضَل مِنَ الْمُصَلَّى، لأَِنَّ الأَْئِمَّةَ لَمْ يَزَالُوا يُصَلُّونَ صَلاَةَ الْعِيدِ بِمَكَّةَ فِي الْمَسْجِدِ، وَلأَِنَّ الْمَسْجِدَ أَشْرَفُ وَأَنْظَفُ، وَأَنَّ أَفْضَلِيَّةَ الصَّلاَةِ فِي الصَّحْرَاءِ بِمَا إِِذَا كَانَ الْمَسْجِدُ ضَيِّقًا، فَإِِِنْ كَانَ الْمَسْجِدُ ضَيِّقًا فَصَلَّى فِيهِ وَلَمْ يَخْرُجْ إِِلَى الْمُصَلَّى كُرِهَ ذَلِكَ لِتَأَذِّي النَّاسِ بِالزِّحَامِ، وَرُبَّمَا فَاتَ بَعْضَهُمُ الصَّلاَةُ، قَال الشَّافِعِيُّ: بَلَغَنَا أَنَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ كَانَ يَخْرُجُ فِي الْعِيدِ إِِلَى الْمُصَلَّى بِالْمَدِينَةِ وَكَذَلِكَ مَنْ كَانَ بَعْدَهُ وَعَامَّةُ أَهْل الْبَلَدِ إِِلاَّ أَهْل مَكَّةَ فَإِِِنَّهُ لَمْ يَبْلُغْنَا أَنَّ أَحَدًا مِنَ السَّلَفِ صَلَّى بِهِمْ عِيدًا إِِلاَّ فِي مَسْجِدِهِمْ (12) .
ب - صَلاَةُ النِّسَاءِ فِي مُصَلَّى الْعِيدِ
4 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِِلَى اسْتِحْبَابِ خُرُوجِ النِّسَاءِ غَيْرِ ذَوَاتِ الْهَيْئَاتِ مِنْهُنَّ إِِلَى مُصَلَّى الْعِيدِ (13) ، وَكَرَاهَةِ خُرُوجِ الشَّابَّاتِ لِصَلاَةِ الْعِيدَيْنِ، وَإِِِذَا خَرَجْنَ يُسْتَحَبُّ خُرُوجُهُنَّ فِي ثِيَابٍ بِذْلَةٍ.
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِِلَى أَنَّهُ لاَ يُرَخَّصُ لِلشَّوَابِّ مِنْهُنَّ الْخُرُوجُ فِي الْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ وَشَيْءٍ مِنَ الصَّلاَةِ (14) . وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ: (صَلاَةُ الْعِيدَيْنِ ف 5)
ج - إِِجْرَاءُ أَحْكَامِ الْمَسْجِدِ عَلَى الْمُصَلَّى
5 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي إِِجْرَاءِ أَحْكَامِ الْمَسْجِدِ عَلَى الْمُصَلَّى.
فَقَال الْحَنَفِيَّةُ: لَيْسَ لِمُصَلَّى الْعِيدِ وَالْجِنَازَةِ حُكْمُ الْمَسْجِدِ فِي مَنْعِ دُخُول الْحَائِضِ، وَإِِِنْ كَانَ لَهُمَا حُكْمُ الْمَسْجِدِ فِي صِحَّةِ الاِقْتِدَاءِ مَعَ عَدَمِ اتِّصَال الصُّفُوفِ (15) .
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: الْمُصَلَّى الْمُتَّخَذُ لِلْعِيدِ وَغَيْرِهِ الَّذِي لَيْسَ بِمَسْجِدٍ لاَ يَحْرُمُ الْمُكْثُ فِيهِ عَلَى الْجُنُبِ وَالْحَائِضِ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَبَهْ قَطَعَ جُمْهُورُ الشَّافِعِيَّةِ وَذَكَرَ الدَّارِمِيُّ فِيهِ وَجْهَيْنِ (16) .
وَنَقَل الزَّرْكَشِيُّ: عَنِ الْغَزَالِيِّ أَنَّهُ سُئِل عَنِ الْمُصَلَّى الَّذِي بُنِيَ لِصَلاَةِ الْعِيدِ خَارِجَ الْبَلَدِ فَقَال: لاَ يَثْبُتُ لَهُ حُكْمُ الْمَسْجِدِ فِي الاِعْتِكَافِ وَمُكْثِ الْجُنُبِ وَغَيْرِهِ مِنَ الأَْحْكَامِ، لأَِنَّ الْمَسْجِدَ هُوَ الَّذِي أُعِدَّ لِرَوَاتِبِ الصَّلاَةِ وَعُيِّنَ لَهَا حَتَّى لاَ يُنْتَفَعُ بِهِ فِي غَيْرِهَا، وَمَوْضِعُ صَلاَةِ الْعِيدِ مُعَدٌّ لِلاِجْتِمَاعَاتِ وَلِنُزُول الْقَوَافِل وَلِرُكُوبِ الدَّوَابِّ وَلَعِبِ الصِّبْيَانِ، وَلَمْ تَجْرِ عَادَةُ السَّلَفِ بِمَنْعِ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فِيهِ، وَلَوِ اعْتَقَدُوهُ مَسْجِدًا لَصَانُوهُ عَنْ هَذِهِ الأَْسْبَابِ وَلَقُصِدَ لإِِِِقَامَةِ سَائِرِ الصَّلَوَاتِ، وَصَلَوَاتُ الْعِيدِ تَطَوُّعٌ وَهُوَ لاَ يَكْثُرُ تَكَرُّرُهُ بَل يُبْنَى لِقَصْدِ الاِجْتِمَاعِ، وَالصَّلاَةُ تَقَعُ فِيهِ بِالتَّبَعِ (17) .
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: يَحْرُمُ عَلَى جُنُبٍ وَحَائِضٍ وَنُفَسَاءَ انْقَطَعَ دَمُهَا اللُّبْثُ فِي الْمَسْجِدِ وَلَوْ مُصَلَّى عِيدٍ، لأَِنَّهُ مَسْجِدٌ لاَ مُصَلَّى الْجَنَائِزِ فَلَيْسَ مَسْجِدًا (18) .
__________
(1) المصباح المنير.
(2) سورة البقرة / 125.
(3) أسهل المدارك شرح إرشاد السالك / 336.
(4) اللسان، والمصباح المنير.
(5) قواعد الفقه للبركتي ص 383 - 384.
(6) بدائع الصنائع 1 / 275، والدر المختار مع حاشية ابن عابدين عليه 1 / 581، والمغني لابن قدامة 2 / 372، وفتح القدير 2 / 41.
(7) حديث: " كان النبي ﷺ يخرج يوم الفطر. . . ". رواه البخاري (فتح الباري 2 / 448) من حديث أبي سعيد الخدري.
(8) المغني لابن قدامة 3 / 372.
(9) حاشية الدسوقي 1 / 399، والقوانين الفقهية ص 90.
(10) حاشية الدسوقي 1 / 399.
(11) حديث أبي سعيد الخدري: " كان النبي ﷺ يخرج يوم الفطر والأضحى إلى المصلى ". سبق تخريجه آنفا.
(12) الأم للشافعي 1 / 234، والمجموع 5 / 4، وشرح المنهاج 2 / 394.
(13) مواهب الجليل 2 / 196، وحاشية الدسوقي 1 / 398، والأم للشافعي 1 / 241، والمجموع 5 / 8 - 9، والمغني 2 / 275، والإنصاف 2 / 472.
(14) بدائع الصنائع 1 / 275.
(15) حاشية ابن عابدين 1 / 194، وحاشية الطحطاوي على الدر المختار 1 / 66.
(16) المجموع 2 / 180.
(17) إعلام الساجد بأحكام المساجد للزركشي ص 386.
(18) كشاف القناع 1 / 148، 149.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 29/ 38
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".