القهار
كلمة (القهّار) في اللغة صيغة مبالغة من القهر، ومعناه الإجبار،...
عن عائشة رضي الله عنها مرفوعاً: «ما ضرب رسول الله ﷺ شيئا قَطُّ بيده، ولا امرأة ولا خادما، إلا أن يجاهد في سبيل الله، وما نيِل منه شيء قَطُّ فينتقم من صاحبه، إلا أن ينتهك شيء من محارم الله تعالى، فينتقم لله تعالى».
[صحيح.] - [رواه مسلم.]
من أخلاق النبي عليه الصلاة والسلام أنه ما ضرب شيئاً من الحيوانات ولا من غيرها في أي زمن من الأزمنة، لا امرأة ولا خادماً؛ لأن عادة أغلب الناس ضربهما، وإذا لم يضربهما النبي ﷺ مع جريان العادة بذلك فغيرهما ممن لم يعتد ضربه أولى، إلا أن يجاهد في سبيل الله لإعلاء كلمة الله تعالى، وما نال أحد منه شيئاً فانتقم منه، كما وقع من شج الكفار لرأسه في أحد وكسر رباعيته وغير ذلك مما وقع من إساءتهم، ومع ذلك يعفو ويصفح ويحلم، ولا ينتقم، إلا إذا انتهكت محارم الله فإنه لا يقر أحدا على ذلك.
نيل منه | ناله الكفار بأذى كشج رأسه. |
ينتهك | تخرق وتؤتى. |
فينتقم | فيعاقب. |
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".