الحليم
كلمةُ (الحليم) في اللغة صفةٌ مشبَّهة على وزن (فعيل) بمعنى (فاعل)؛...
عن أبي سعيد الخُدْرِي رضي الله عنه مرفوعاً: «إذا أَتَى أحَدُكُم أهله ثم أرَاد أن يَعود فَلْيَتَوَضَّأْ بينهما وضُوءًا». وفي رواية الحاكم: «فإنه أَنْشَطُ لِلْعَوْد».
[صحيح.] - [رواه مسلم، والرواية الثانية عند الحاكم.]
الحديث سِيقَ لبيان الهدي النبوي فيمن أراد تكرار جماع أهله، حيث يقول عليه الصلاة والسلام: "إذا أَتَى أحَدُكُم أهله ثم أرَاد أن يَعود" أي: إذا جامع الرجل أهله، ثم رغِبَ أن يُعَاوِد الجماع مرَّة ثانية وثالثة. والإرشاد النبوي تمثل في قوله عليه الصلاة والسلام: "فَلْيَتَوَضَّأْ بينهما وضُوءًا" أي: بعد الجماع الأول وقبل الثاني. والمراد بالوضوء هنا: الوضوء للصلاة؛ لأن الوضوء إذا أطلق فالأصل حَمله على الوضوء الشرعي، وقد جاء مصرحًا به عند ابن خزيمة والبيهقي، وفيه: " فتوضَّأ وضُوءك للصلاة"، وهذا الوضوء مستحب.
لِلْعَوْدِ | من الرُّجوع، والمراد به هنا: عَاد إلى إتيان امرأته. |
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".