الوارث
كلمة (الوراث) في اللغة اسم فاعل من الفعل (وَرِثَ يَرِثُ)، وهو من...
عن أُبَي بن كعب رضي الله عنه، قال: صلَّى بنا رسول الله ﷺ يوما الصُّبح، فقال: أشَاهد فلان، قالوا: لا، قال: أشَاهد فلان، قالوا: لا، قال: «إن هَاتَين الصَّلاتين أثْقَل الصلوات على المنافقين، ولو تعلمون ما فيهما لأتَيْتُمُوهُمَا، ولو حَبْوا على الرُّكَب وإن الصَّف الأول على مِثْل صفِّ الملائكة ولو عَلِمْتُم ما فَضِيلَتُه لابْتَدَرْتُمُوهُ، وإن صلاة الرَّجل مع الرَّجل أَزْكَى من صلاته وحْدَه، وصلاته مع الرَّجُلين أَزْكَى من صلاته مع الرُّجل، وما كَثر فهو أحَبُّ إلى الله تعالى».
[صحيح.] - [رواه أبو داود والنسائي والدارمي وأحمد.]
"صلَّى بِنَا رسول الله ﷺ يوما الصُّبح، فقال: أشَاهد فلان، قالوا: لا، قال: أشَاهد فلان، قالوا: لا" والمراد بفلان وفلان: نَفر من المنافقين كما في رواية الدارمي، فقالوا: (لا، لنَفَر من المنافقين لم يشهدوا الصلاة). "قال: إن هَاتَين الصَّلاتين أثْقَل الصلوات على المنافقين" والمراد بالصلاتين هنا: صلاة العشاء والفجر كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه في الصحيحين: (أثقل الصلاة على المنافقين: صلاة العشاء، وصلاة الفجر). والأصل أن جميع الصلوات المكتوبة ثقيلة على المنافقين، قال تعالى: (وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى) الآية[النساء: 142]. ولكن صلاة العشاء والفجر أشدهما ثقلا؛ وذلك لأن صلاة العشاء تكون في وقت الرَّاحة والتهيئة للنوم بعد كَدٍّ وتَعب في ذلك اليوم، وأما صلاة الفجر؛ فلأنها تكون في ألذ وقت ساعات النوم؛ ولهذا جاء في أذان الصُّبح قول (الصلاة خير من النُّوم). "ولو تعلمون ما فيهما" يعني: من الأجْر والفضل المترتب على أداء صلاة العشاء والفجر مع جماعة المسلمين في المسجد؛ لأن الأجر على قَدْرِ المَشَقَّة. "لأتَيْتُمُوهُمَا ولو حَبْوا على الرُّكَب" أي: لقصدتم بيوت الله تعالى لأداء هاتين الصلاتين مع جماعة المسلمين ولو كان الإتيان إليهما حَبْوَا على أيديهم وركبهم، كما يحبو الصَّبي على يديه وركبتيه؛ وذلك فيما لو منعهم مانع من المشي إليها على أقدامهم ولا يفرطون في فضل الإتيان إليهما. "وإن الصَّف الأول على مِثْل صفِّ الملائكة" الصف الأول: هو الذي يَلي الإمام مباشرة، والمعنى: أن النبي ﷺ شَبَّه الصَّف الأول في قُربه من الإمام بصف الملائكة المقربين في قُربهم من الله عز وجل، لو أنكم تعملون ما الفضل المترتب على أداء الصلاة في الصَّف الأول لبَادرتم وتسابقتم إلى تحصيله من أجل الظَّفر بالأجر، وهو من جِنْس قوله ﷺ: (لو يعلم الناس ما في النِّداء والصَّف الأول، ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا). "وإن صلاة الرَّجل مع الرَّجل أَزْكَى من صلاته وحْدَه" أي: أن صلاة الرَّجل مع الرَّجل، أكثر أجرا من صلاته وحده. "وصلاته مع الرَّجُلين أَزْكَى من صلاته مع الرُّجل" يعني: لو كانوا ثلاثة فهو أفضل من صلاة الرجلين؛ لكثرة العَدد. "وما كَثر فهو أحَبُّ إلى الله تعالى" يعني: وكلما كثر الجمع فهو أفضل عند الله وأحب إليه. وهذا يدل على فضل الجماعة؛ لأن صلاة الرَّجل مع الرَّجل أزكى من صلاته وحده، وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الواحد، وكلما كان أكثر فهو أحب إلى الله عز وجل.
أشَاهد | أحَاضِر. |
حَبْوا | مَشْيَا على اليَّدين والرُّكبتين؛ كَحَبو الصَّبِي. |
لابْتَدَرْتُمُوهُ | لسارَعْتم إليه. |
أَزْكَى | أطيب وأكثر أجرا . |
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".