حد السرقة
عن أبي أمية المخزومي -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أُتِيَ بلِصٍّ قد اعتَرَف اعترافًا ولم يوجد معه متاع، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «ما إِخَالُك سرقتَ»، قال: بلى، فأعاد عليه مرتين أو ثلاثًا، فأمر به فَقُطع، وجِيء به، فقال: «استغفِرِ الله وتُب إليه» فقال: أستغفرُ الله وأتوب إليه، فقال: «اللهم تب عليه» ثلاثا.

شرح الحديث :


أفاد الحديث أن رجلًا سرق وقد حصل منه اعتراف بسرقته، فأراد النبي -عليه الصلاة والسلام- التثبت من ذلك، فقال له: ما أظنك سرقت وكرر عليه ذلك، فلما كرر السارق ذلك تيقن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن السرقة قد حصلت منه، فعند ذلك قطع يده، ثم جيء به وأمره أن يتوب إلى الله -تعالى- ففعل، ودعا له النبي -عليه الصلاة والسلام- بالتوبة، والحديث أصل عند الفقهاء في تلقين السارق إقراره مرة أو مرتين.

معاني الكلمات :


أُتي بلصٍّ قد اعترفَ جِيءَ بسارق قد أَقَرَّ بسرقته.
ما إِخَالك سرقْت إخالك بكسر الهمزة، هو المشهور، من خال: بمعنى: ظنَّ، أي ما أظنك سرقت، أراد بذلك: تلقينه الرجوع عن الاعتراف.

فوائد من الحديث :


  1. أنَّ المعترِف بالسرقة إذا لم يوجد معه المتاع المسروق، فإنَّه يشرع تلقينه الرجوع عن اعترافه؛ ليكون شبهة في درء حد السرقة عنه .
  2. أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لقَّن السارق الرجوع عن اعترافه بقوله: "ما إخالك سرقت"، لكن السارق أصرَّ، على الاعتراف، بعد أن أعاد تلقين الرجوع عليه مرَّتين أو ثلاثًا، فلما أصرَّ لم يبق إلاَّ تنفيذ حكم الله فيه، فأمر به فقُطِعت يده .
  3. أنَّ السارق المقر على نفسه، إذا لقن الرجوع عن إقراره، وأصرَّ عليه، فلم يرجع أنه يقام عليه الحد فتقطع يده .
  4. حكمة النبي -صلى الله عليه وسلم- وعدم استعجاله حيث أعاد عليه القول عدة مرات .
  5. أنه يطلب من الشخص بعد إقامة الحد عليه أن يستغفر الله -تعالى- ويتوب إليه .
  6. صحة توبة صاحب الكبيرة؛ إذ السرقة من كبائر الذنوب .

المراجع :


  • سنن أبي داود، سليمان بن الأشعث السِّجِسْتاني تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد: المكتبة العصرية.
  • السنن الكبرى للنسائي، حققه وخرج أحاديثه: حسن عبد المنعم شلبي، أشرف عليه: شعيب الأرناءوط مؤسسة الرسالة – بيروت الطبعة: الأولى، 1421 هـ - 2001 م.
  • سنن الترمذي، محمد بن عيسى الترمذي، تحقيق وتعليق: أحمد محمد شاكر ومحمد فؤاد عبد الباقي وإبراهيم عطوة عوض، شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي – مصر الطبعة: الثانية، 1395 هـ - 1975 م.
  • سنن ابن ماجه: ابن ماجه أبو عبد الله محمد بن يزيد القزويني، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي- دار إحياء الكتب العربية - فيصل عيسى البابي الحلبي.
  • مسند الإمام أحمد بن حنبل المحقق: شعيب الأرنؤوط - عادل مرشد، وآخرون إشراف: د عبد الله بن عبد المحسن التركي مؤسسة الرسالة الطبعة: الأولى، 1421 هـ - 2001 م.
  • مسند الدارمي المعروف بـ (سنن الدارمي) عبد الله بن عبد الرحمن بن الفضل بن بَهرام الدارمي التميمي، تحقيق: حسين سليم أسد الداراني - دار المغني للنشر والتوزيع، المملكة العربية السعودية، الطبعة: الأولى، 1412 هـ - 2000 م.
  • منحة العلام في شرح بلوغ المرام: تأليف عبد الله الفوزان-طبعة دار ابن الجوزي-الطبعة الأولى 1428 - توضيح الأحكام شرح بلوغ المرام: تأليف عبد الله البسام- مكتبة الأسدي –مكة المكرمة –الطبعة: الخامِسَة، 1423 هـ - 2003 م - تسهيل الإلمام بفقه الأحاديث من بلوغ المرام:تأليف الشيخ صالح الفوزان- عناية عبد السلام السليمان - مؤسسة الرسالة الطبعة الأولى - فتح ذي الجلال والإكرام بشرح بلوغ المرام للشيخ ابن عثيمين- المكتبة الإسلامية القاهرة- تحقيق صبحي رمضان وأم إسراء بيومي- الطبعة الأولى 1427.
  • إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل، محمد ناصر الدين الألباني، إشراف: زهير الشاويش-المكتب الإسلامي – بيروت-الطبعة: الثانية 1405 هـ - 1985م.
  • المفاتيح في شرح المصابيح، الحسين بن محمود بن الحسن المشهورُ بالمُظْهِري - تحقيق ودراسة: لجنة مختصة من المحققين بإشراف: نور الدين طالب - دار النوادر، وهو من إصدارات إدارة الثقافة الإسلامية - وزارة الأوقاف الكويتية- الطبعة: الأولى، 1433 هـ - 2012 م.

ترجمة نص هذا الحديث متوفرة باللغات التالية