التواب
التوبةُ هي الرجوع عن الذَّنب، و(التَّوَّاب) اسمٌ من أسماء الله...
عن أبُي أَيُوب الأنصَارِيّ رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: «غَدْوَةٌ فِي سَبِيلِ الله، أَوْ رَوْحَةٌ: خَيْرٌ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ وَغَرَبَتْ». عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: «غَدْوَةٌ فِي سَبِيلِ الله، أَوْ رَوْحَةٌ: خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا».
[صحيح.] - [الأول: رواه مسلم. الثاني: متفق عليه.]
هذان الحديثان يظهران فضل الجهاد في سبيل الله، ولو كان يسيرًا بقدر الغدوة أو الروحة، فكيف بالكثير الذي فيه مصابرة للأعداء ومقارعة لهم؟، وهذا هو الأصل في المراد بسبيل الله: أنه الجهاد باليد للكفار. وينبغي أن يعلم أن طلب العلم الشَّرعي نوع عظيم من الجهاد في سبيل الله، وأن الانتصار للحق، ودحض حجج الزنادقة والملحدين والغربيين المبشرين الذين يحاربون الإسلام، ويريدون القضاء عليه، هو من أعظم الجهاد في سبيل الله. فالقصد من الجهاد، إظهار الإسلام ونصره، فكَبتُ هؤلاء، من الجهاد الكبير العظيم، اللهم وفق المسلمين لنصر دينهم، وإعلاء كلمتك، إنك قريب مجيب.
غَدْوَةٌ | هي الخروج في الغدو ما بين صلاة الصبح إلى الزوال. |
رَوْحَةٌ | هي الخروج في الرواح ما بين الزوال إلى غروب الشمس. |
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".