المبين
كلمة (المُبِين) في اللغة اسمُ فاعل من الفعل (أبان)، ومعناه:...
عن أبي هريرة، أو أبي سعيد الخدري رضي الله عنهما -شك الراوي- قال: لما كان غزوة تبوك، أصاب الناس مجاعة، فقالوا: يا رسول الله، لو أَذِنْتَ لنا فنحرنا نوَاضِحَنَا فأكلنَا وَادَّهَنَّا؟ فقال رسول الله ﷺ: «افعلوا» فجاء عمر رضي الله عنه فقال: يا رسول الله، إن فعلت قَلَّ الظَّهْرُ، ولكن ادْعُهُمْ بفضل أَزْوَادِهِمْ، ثمَ ادْعُ الله لهم عليها بالبركة، لعل الله أن يجعل في ذلك البركة. فقال رسول الله ﷺ: «نعم» فدعا بنِطَعٍ فبسطه، ثم دعا بفضل أَزْوَادِهِمْ، فجعل الرجل يجيء بكف ذُرَةٍ، ويجيء بكف تمر، ويجيء الآخر بِكَسْرَةٍ، حتى اجتمع على النِّطَعِ من ذلك شيء يسير، فدعا رسول الله ﷺ بالبركة، ثم قال: «خذوا في أوعيتكم» فأخذوا في أوعيتهم حتى ما تركوا في العسكر وعاء إلا مَلَئُوهُ وأكلوا حتى شبعوا وفضل فضْلَةً، فقال رسولُ اللهِ ﷺ: «أشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، لا يلقى الله بهما عبد غير شاك فَيُحْجَبَ عن الجنة».
[صحيح.] - [رواه مسلم.]
في زمن غزوة تبوك أصاب الناس مجاعةٌ، فقالوا: يا رسول الله، لو أذنت لنا فنحرنا إبلنا، فأكلنا لحومها، وادهنا بشحومها، فأذن لهم رسول الله ﷺ وقال: افعلوا. فجاء عمر رضي الله عنه، فقال: يا رسول الله؛ إن فعلت ذلك نقصت الدواب التي تحملنا، وصارت قليلة، ولكن اجعلهم يأتون بباقي طعامهم، ثم ادع الله عليها بالبركة؛ لعل الله أن يجعل في ذلك الخير ويبارك في القليل، فقال رسول الله ﷺ: نعم، فدعا ببساط من جلد فبسطه ثم دعا ببقية طعامهم، فجعل الرجل يجيء بذرة بمقدار الكف، وآخر بتمر، وآخر بقطعة خبز حتى اجتمع عليه من ذلك شيء يسير، فدعا رسول الله ﷺ بالبركة، ثم قال: (خذوا في أوعيتكم)، فأخذوا حتى ما تركوا في الجيش وعاء إلا ملؤوه، فأكلوا حتى شبعوا وبقيت منه بقية، فقال رسول الله ﷺ: أشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، لا يلقى اللهَ بهما عبدٌ بعد موته غير شاك فيمنع عن الجنة، بل لا بد له من دخولها، إما ابتداء مع الناجين، أو بعد إخراجٍ من النار.
تبوك | بلدة بين وادي القرى والشام، وقد توجه النبي -صلى الله عليه وسلم- في السنة التاسعة إليها، وهي آخر غزواته. |
مجاعة | من الجوع، وهو ضد الشبع. |
نحرنا | ذبحنا بالطعن في أسفل رقبة الحيوان. |
نواضحنا | جمع ناضح، وهو البعير الذي يستسقى عليه الماء. |
وادَّهنا | أي: اتخذنا دهنا من شحومها. |
الظهر | الدواب التي يركب على ظهرها. |
فضل أزوادهم | بقية طعامهم. |
البركة | الزيادة وكثرة الخير. |
بنطع | أي: بساط من الجلد. |
بكسرة | بقطعة. |
أوعية | جمع وعاء، وهو ما يوعى فيه الشيء ويجمع. |
العسكر | الجيش. |
فيحجب | فيمنع. |
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".