المحسن
كلمة (المحسن) في اللغة اسم فاعل من الإحسان، وهو إما بمعنى إحسان...
العربية
المؤلف | منصور محمد الصقعوب |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | التاريخ وتقويم البلدان - فقه النوازل |
نتحدث اليوم والرافضة قد استفحل شرهم, وبان خطرهم, فجاسوا خلال الديار, وأفسدوا في البلاد والأمصار, حتى أشاعوا الاضطراب في بلاد الحكمة والإيمان, في بلاد اليمن, وقتلوا وأكثروا في الأرض الفساد, وهم الذين سبق أن تعدوا على المسلمين في العراق, واليوم...
الخطبة الأولى:
الْحَمْدُ لِلَّـهِ الْعَلِيمِ الْحَكِيمِ، ذِي السُّلْطَانِ وَالْقَهْرِ وَالْقُوَّةِ، وَصَاحِبِ المَلَكُوتِ وَالْجَبَرُوتِ وَالْكِبْرِيَاءِ وَالْعِزَّةِ: (يُدَبِّرُ الأَمْرَ مَا مِن شَفِيعٍ إِلاَّ مِن بَعْدِ إِذْنِهِ ذَلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ) [يونس: 3].
نَحْمَدُهُ فَهُوَ أَهْلُ الْحَمْدِ، وَلَهُ الْحَمْدُ كُلُّهُ، وَلَهُ المُلْكُ كُلُّهُ، وَبِيَدِهِ الْخَيْرُ كُلُّهُ، وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ، عَلَانِيَتُهُ وَسِرُّهُ.
وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ قَاصِمُ المُتَجَبِّرِينَ، وَكَاسِرُ المُتَكَبِّرِينَ، وَأَمَانُ الْخَائِفِينَ، وَمُجِيرُ المُسْتَجِيرِينَ.
وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ دَلَّ عَلَى الصِّرَاطِ المُسْتَقِيمِ، وَجَاءَ بِالْحَقِّ الْيَقِينِ، وَالنُّورِ المُبِينِ، فَمَنِ اتَّبَعَ سُنَّتَهُ كَانَ مِنَ المُهْتَدِينَ المُفْلِحِينَ، وَمَنْ حَادَ عَنْهَا كَانَ مِنَ الضَّالِّينَ الْهَالِكِينَ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ) [آل عمران: 102].
معاشر المسلمين: كلٌ يود لو عاش الأمن والاستقرار, كل يرغب لو لم يعايش الحروب, ولم يطلق طلقة، ويتمنى لو تفيأ الأمن, بعيداً عن أصوات المدافع وأزيز الطائرات, ووقع الرمي, ولكن الله يريد, والعبد يريد, والله يفعل ما يريد.
في حقبةٍ من حقب الزمن التي لن تُنسى, ومنعطفٍ من منعطفات تاريخ البلاد, نتحدث اليوم, ونحن نتلقف أخبار حربٍ تدور رحاها قريباً من حولنا, وحملةٍ مباركة -إن شاء الله- على جسمٍ غريب، وقومٍ نشاز على المجتمع المسلم.
نتحدث اليوم والرافضة قد استفحل شرهم, وبان خطرهم, فجاسوا خلال الديار, وأفسدوا في البلاد والأمصار, حتى أشاعوا الاضطراب في بلاد الحكمة والإيمان, في بلاد اليمن, وقتلوا وأكثروا في الأرض الفساد, وهم الذين سبق أن تعدوا على المسلمين في العراق, واليوم يقاتلون عن عقيدة في الشام, وهم الذين بالأمس أرادوا السوء بالبحرين.
في ظل كل هذا مهم -يا كرام- أن نتحدث عن حدث الساعة, لا حديثَ أخبار وتحليل, وإنما حديثَ توجيه وتذكير, نتحدث حديثاً نذكّر فيه بتاريخ العدو, وواجب المرء, ما بين تاريخ الأمس وحدث اليوم.
نتحدث أول الوقفات ذكراً -معشر الكرام-: الحوثية من هم؟ ومن يسندهم؟
البداية كانت في التسعينيات الميلادية, في محافظة صعدة, حيث خرجت حركة تنظيمية سمّت نفسها: "الشَّبَابَ الْمُؤْمِنَ"، وهي التي تسمى الآن: حركة أنصار الله, كان على رأس مؤسسيها بدر الدين الحوثي.
كان هذا التنظيم في البداية فكرياً, هدفه تدريس المذهب الزيدي، ثم صار لهم وجود حزبي.
وهم من فرقة تسمى: الجارودية, من طوائف الزيدية, ولكن ثمة انْشِقَاقاً وقع بين علماء الزيدية من جهة, وبين الحوثي من جهة أخرى, بسبب آراءه المخالفة للزيدية, ومنها: ميله للرافضة الاثني عشرية, وتصحيحه لكثير منة معتقداتهم، فأصدر حينها علماء الزيدية بياناً تبرأوا فيه من الحوثي وآرائه، فهاجر الْحُوثِيّ إلى إيران, وبقي هناك سنوات تعلم فيها المذهب الصفوي, وزادت قناعته بالمذهب الاثني عشري.
وَفِي عَامِ 2002 مِيلَادِيًّا عَادَ الْحُوثِيُّ إِلَى بِلَادِهِ، وَعَادَ لِتَدْرِيسِ أَفْكَارِهِ الْجَدِيدَةِ، وَالَّتِي مِنْهَا: لَعْنُ الصَّحَابَةِ وَتَكْفِيرِهِمْ، وَوُجُوبُ أَخْذِ الخُمُسِ، وَغَيْرُهَا.
وَفِي تِلْكَ الْأَثْنَاءِ -أَيْضًا- كَانَتِ الْحَرَكَةُ الْحُوثِيَّةُ تُرْسِلُ أَبْنَاءَ صَعْدَةَ لِلدِّرَاسَةِ فِي الْحَوْزَاتِ الْعِلْمِيَّةِ فِي قُمْ وَالنَّجَفِ؛ لِتُعَبِّئَهُمُ الْعَمَائِمُ الصَّفَوِيَّةُ هُنَاكَ.
وحين تهيأت الفرصة انْدَلَعَتْ حُرُوبٌ عديدة منهم.
ولأن هؤلاء يرددون شعاراتٍ من مثلِ: "الْمَوْتُ لِأَمْرِيكَا"، وَشِعَارِ: "اللَّعْنَةُ لِإِسْرَائِيلَ"، وَغَيْرِهَا مِنَ الشِّعَارَاتِ الْخَدَّاعَةِ, فقد أكسبتهم تَعَاطُفًا بَيْنَ بعض أَبْنَاءِ الْيَمَنِ, غير أن الأيام التي تلت, بينت للناس حين أمسك هؤلاء ببعض أزمة الأمور, أنهم حين تولوا إخوة صدق لأمريكا وإسرائيل, كفى الله المسلمين شرهم.
ولأجل هذا، فلا تعجب حين ترى الدعم والتأييد التام من قِبَل رافضة إيران, لموقف هؤلاء القوم؛ لأنهم منهم, المعتقد, والطموح, والأطماع, وهم سفرائها في القضاء على أهل السنة في اليمن أولاً, ثم في هذه البلاد ثانياً, فعينهم على مكة والمدينة فاهت بذلك أفواههم, وبدأت بالتهيئة لذلك أفعالهم, ولكن الله شاء, أن هيأ للمسلمين نهضة مباركة وردة على أهل الرفض موفقة, بدأت بواكيرها بالأمس, ونسأل الله أن تدوم حتى تدحر كل رافضي في اليمن والعراق والشام, وأن يتبعها مبادراتٌ للاتحاد ولملمة الصف, نصرة للمظلوم, وتصدياً لكل عدوٍ متربص. جاءت هذه العاصفة حازمةً لتقطعَ اليدَ السارقةَ الغاصبة، فأرضُ اليمنِ، إرثٌ إسلاميٌّ عربيٌّ أصيلٌ، وليستْ أرضَ شركٍ، وشتمٍ لأصحابِ محمد -صلى الله عليه وسلم-, ولا أرضَ ولاءٍ لأهلِ الفرسِ وعَبَدَةِ القبور, جاءتْ العَاصفةُ، لتقولَ بلسانِ الحال: أنَّ الفارقَ بين العزِّ والهوانِ، قرارٌ يُتخذُ في ثوان، وأنَّ المسافةَ بين المجدِ والعار، ثَباتٌ أو فِرارٌ.
نسأل الله أن يجعل العواقب إلى خير, وأن يعز الدين وأهل الدين.
معشر المسلمين: ووقفة أخرى أُراها غايةً في الأهمية في أحداث اليوم وما قبلها فيما يتعلق بالرافضة, لقد ثبت في الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم قال: "إِذَا هَلَكَ كِسرَى فَلا كِسرَى بَعدَهُ، وَإِذَا هَلَكَ قَيصَرُ فَلا قَيصَرَ بَعدَهُ، وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَتُنفَقَنَّ كُنُوزُهُمَا في سَبِيلِ اللهِ".
إن هذا الحديث بُشرى منه صلى الله عليه وسلم للأمة أن ديار الإسلام ستبقى في أيدي المسلمين: "وَأَنَّهُ لا سَبِيلَ لأعدَائِهِم مِنَ الفُرسِ وَالرُّومِ عَلَيهَا، وَلا مَطمَعَ في أَن تَقُومَ لَهُم في تِلكَ الدِّيَارِ قَائِمَةٌ، وَخَاصَّةً في العِرَاقِ وَالشَّامِ، وَهُمَا اللَّتَانِ كَانَ أُولَئِكَ القَومُ يَحكُمُونَهُمَا في الجَاهِلِيَّةِ وَصَدرِ الإِسلامِ، قبل أن تشع فيهما أنوار الإسلام، لِتُطمَسَ بها مَعَالِمُ تِلكَ الدَّولَتَينِ الكَافِرَتَينِ، وَتَكُونَا خَبَرًا يُروَى وَحَدِيثًا يُنمَى.
أَمَّا الجَزِيرَةُ العَرَبِيَّةُ، جَزِيرَةُ الإِسلامِ وَمَأرِزُ الإِيمَانِ، بحجازها ونجدها ويمنها، فباقية بالإسلام وللإسلام -بِإِذنِ اللهِ- وَلن يَعُودَ إِلَيها الشِّركُ بِعَامَّةٍ بِفَضلِ اللهِ.
وفي الصحيح: "إِنَّ الشَّيطَانَ قَد أَيِسَ أَن يَعبُدَهُ المُصَلُّونَ في جَزِيرَةِ العَرَبِ...".
إِنَّ هَذِهِ الجَزِيرَةَ وَمَا حَولَهَا، دِيَارُ إِسلامٍ وَبِلادُ إِيمَانٍ، وَمِنهَا بَدَأَ الحَقُّ وَإِلَيهَا يَعُودُ، وَحِينَ تَأتي دَولَةُ الشِّركِ وَالرِّجسِ، آمِلَةً في إِعَادَةِ سُلطَانِ الفُرسِ، فَتُسَلِّطُ شِرذِمَةً مِن مُرتَزِقَتِهَا يَمِينِ هَذِهِ الجَزِيرَةِ أَو شِمَالِهَا، أَو في شَرقِهَا، ثُمَّ تُنفِقُ أَموَالَها في ذَلِكَ وَتَمُدُّ أَذرِعَتَهَا وَتَنتَفِشُ بِأَجنِحَتِهَا، فَيَنبَغِي لِلمُوَحِّدِينَ، وَخَاصَّةً في جَزِيرَةِ العَرَبِ وَمَا حَولَهَا، أَلاَّ يُخَالِجَهُم شَكٌّ أَو تَهَتَزَّ لَهُم قَنَاعَةٌ، فَيَتَرَدَّدُوا في تَصدِيقِ مَقَالِ نَبِيِّهِم وَمَوعُودِ رَبِّهِم، وَيَظُنُّوا أَنَّ الفُرسَ قَد أَحَاطُوا بِهِم إِحَاطَةً تَامَّةً، وَأَنْ لا سَبِيلَ لِلخَلاصِ مِنهُم وَلا مَنَاصَ، كَلاَّ وَاللهِ، فَاللهُ غَالِبٌ عَلَى أَمرِهِ، وَوَعدُهُ حَقٌّ وَقَولُ نَبِيِّهِ حَقٌّ، إِلاَّ أَنَّ هَذَا لا يُنسِينَا بِحَالٍ أَنَّ أُولَئِكَ الرَّوَافِضَ لَن يَدَعُوا فُرصَةً يَجِدُونَ فِيهَا لَلمُوَحِّدِينَ مَقتَلاً إِلاَّ أَصَابُوهُ، وَلا ضَعفًا إِلاَّ استَغَلُّوهُ، وَلا بَابَ تَفَرُّقٍ إِلاَّ فَرِحُوا بِهِ وَوَلَجُوهُ".
وهذا ما نراه منهم اليوم.
ووقفة ثالثة ليست بخافية -معشر المسلمين- إنما من باب التأكيد: أهل اليمن هم أصلُ العرب، أرضهم أرض العلماءُ والفقهاءُ والحكماء، فأهلُه هم أهلُنا، نَحْنُ مِنْهُم، وهُمْ مِنَّا، يُؤذينا ما يُؤذيهم، ويُفرِحنا ما يُفرحهم، فهم أهلُ جوارٍ، وللجارِ حقُّه وحرماتُه, وقد استنصروا بإخوانهم فوجب النصر, ليست الخصومة مع أهل اليمن, وإنما العدو هناك هم الرافضة, تمثلهم إيران, ومالحوثيون إلا لسان لهم وطرف, فلأجل هذا ينبغي في ظل هذا الحدث أن تُسَخّرَ الجهود لكشف زيف الرافضة, وفضح مخططاتهم, وتقليم أطماعهم، القوم لهم تخطيط ومكر كبار, ومالأزمات في العراق والشام والبحرين سابقاً إلا بعض مما يسعون له, وعلى الأفراد دور في بيان ضلالهم وخطرهم, وعلى الحكومات دور في دحر قوتهم, فالقوم يعملون, لا سيما في بلادٍ يقلّ فيها العلم ويكثر الفقر, يعملون عبر الإغاثة, والسياسية, والمنح الدراسية, وغير ذلك, ومن ذهب إلى بعض هذه البلدان المستهدفة رأى ذلك عياناً, ومن هنا قد قرر العلماء المعاصرون, الذين تحدثوا عن عاصفة الحزم المباركة أن الوقوف في وجه الحوثيين, والرافضة من ورائهم, وكف عاديتهم عن المسلمين, بالقوة والسلاح, وبالقول والبيان, من الواجبات, ومن الجهاد في سبيل الله, لمن صحت نيته, ونوى وجه ربه, وإعلاء دينه, سدد الله الرمي ونصر المسلمين وخذل أعداء الدين.
اللهم صل على محمد.
الخطبة الثانية:
ورابع الوقفات -يا مسلمون-: أن للنصر أسباباً متى ما أُخذت ورُعيت، فالنصر بتوفيق المولى قريب: الافتِقَار إِلى اللهِ، وَصِدق التَّوَكُّلِ عَلَيهِ، وَتَحكِيم شَرعِهِ، وَالقِيَام بِأَمرِهِ، وَإِقَامَة الصَّلاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَإِعلاء رَايَةِ الأَمرِ بِالمَعرُوفِ، وَالنَّهيِ عَنِ المُنكَرِ، وَالتَّعَرُّف إِلى اللهِ في الرَّخَاءِ، لِيَعرِفَنَا في الشِّدَّةِ, كلها أسباب نصرِ ذكرها الله في كتابه.
مهمٌ -يا كرام-: أن تُوَحَّدَ الكلمةُ أمام هذا العدو, وأن تُرجَئ الخلافات, وأن يكون اللسان الناطق والصوت العالي صوت رد الظلم، ونصر المظلوم، ونصر العقيدة.
مهمٌ أن نحذر في هذا الظرف من الإشاعات والأراجيف، وإثارة الفرقة والتصنيف، فنحن جميعاً أمام عدوٍّ متربص، فلا مكان للتنابز والتناحر، وليس هذا وقت التطاحن والتدابر.
مهمٌ أن يستغل الحدث في تجميع الكلمة, وتقريب المشارب, وتقصير المسافة بين الفرقاء أصحاب المعتقد الواحد.
مهمٌ -يا كرام- أيما مهم، وأصل من آكد الأصول: أن نعتمد على الله لا على قوتنا, بالله بنصول، وبه نحول, وبه نقاتل, وكم من قوةٍ كثُرَت, وعلى نفسها اعتمدت, فهزمت وفشلت: (وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئًا) [التوبة: 25].
فالعتاد والقوة, والطائرات والذخيرة يسيرها رب العزة, فإن عليه اعتمدنا, وبه لُذنا, وإلا فالفشلُ لزيمُ من اعتمد على قوته, وإن أسوأ ما يكون الحال حين يَسْخَرُ المسلمُ بعدوه, ويغترُ بنفسه, فلنكن على حذر من هذا, ولا يؤتى المسلمون من قبلك.
مهمٌ -يا أيها المسلمون- أن يكون قتالنا بدافعين, دافعِ رفع الظلم عن المظلوم من أهل اليمن, ودافعٍ عقدي, بدحر من سبوا الصحابة, وإطفاء شوكتهم, وردّ عاديتهم, فإذا طابت المقاصد, وحسنت الدوافع، سدد الله الرمي، وبارك السعي.
مهمٌ -أيها الجندي- أن تنوي بعملك هذا؛ الجهادَ في سبيل الله, جهادَ دفع عن بلاد المسلمين, وبلادُ المسلمين واحدة, والقوم يتفاضلون في النوايا, ومن جاهد ولم ينو إلا عقالاً فليس له إلا ما نوى, فصحح النية, وامض.
مهمٌ -يا أيها المسلمون- أن نهب كهذه الهبة أيضاً لنصر المظلوم في بلاد الشام, فالظروف متشابهة, والأمل بالله ثم بالمسلمين كبير.
وإياك -يا موفق- أن تظن أن جهاد الحوثيين جهاد, وأن الجهاد في الشام هو قتال فتنة, بل كله جهاد.
ونسأل الله أن يوفق ولي الأمر لنصرة المظلوم في الشام والعراق, كما سخره لنصر المظلوم في اليمن, وأن يسدده لنصر السنة وقمع البدعة.
مهمٌ -يا مسلمون- أن نضرع إلى الله بالدعاء, ونلح عليه بالسؤال أن يسدد الرمي, وأن يحفظ المسلمين في هذه البلاد وفي اليمن, وأن يجعل العواقب إلى خير, وفي نبينا الأسوة الحسنة, ففي غزواته كانت دعواته تسبق سهامَه, فقال له مولاه: (وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللّهَ رَمَى) [الأنفال: 17].
وما تدري فرُبَّ دعوةٍ منك أنت يحفظ الله بها أنفساً، ويحقن بها دماءً, ويرد عن بلاد المسلمين شراً وبلاءً, فما نصيب المسلمين وجنودِهم ومجاهديهم من دعواتك.
مهمٌ أيما مهم أن نعلم أن الكفر ملة واحدة, وأن النصارى واليهودَ لن يرضيهم أن تكون حروب المسلمين عقائدية, ولن يعجبهم أن تتحد جيوش المسلمين, وللقوم مكر.
نسأل الله أن يكفي المسلمين غوائله.
وبعد -يا أيها المسلمون- فإننا على ثقة بالله، وتفاؤل كبير به -إن شاء الله-, فالأمور يدبرها رب السماء, والنشوة التي يعيشها المسلمون اليوم لم يذوقوها منذ زمن, والاتفاق الذي تراه من كل أصقاع بلاد الإسلام, والابتهاج بحرب هؤلاء الضلّال, أمر أفرح الجميع لا حبّاً في القتال فهو كُرهٌ, لكن بعض الكُره خير, وهذا الابتهاج بحد ذاته يبين أن المسلمين في كل مكانٍ إخوة, وأنهم يتطلعون لنصرة الدين, وينتظرون الفرصة لذلك, والموفق -والله- من رزقه الله شرف المبادرة لذلك.
اللهم أيد بالحق والسداد ولي أمرنا, وقوه على الحق، واجعله حرباً على أعدائك، سلماً لأوليائك, وأعز به دينك.
اللهم احفظ بلادنا وبلاد المسلمين من كيد الكائدين.
اللهم صل وسلم على محمد، وارض اللهم عن الصحابة.