البحث

عبارات مقترحة:

البر

البِرُّ في اللغة معناه الإحسان، و(البَرُّ) صفةٌ منه، وهو اسمٌ من...

الأعلى

كلمة (الأعلى) اسمُ تفضيل من العُلُوِّ، وهو الارتفاع، وهو اسمٌ من...

الحق

كلمة (الحَقِّ) في اللغة تعني: الشيءَ الموجود حقيقةً.و(الحَقُّ)...

خطورة هجر القرآن

العربية

المؤلف عبدالله بن حسن القعود
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات الدعوة والاحتساب - فقه النوازل
عناصر الخطبة
  1. بيان خطورة هجر القرآن .
  2. تذكير المؤمنين بما شرفهم الله به   .
  3. دعوة المؤمنين إلى التمسك بهدي القرآن .
  4. دعوة المسلمين إلى التحاكم إلى كتاب الله تعالى والتسليم له .
اهداف الخطبة
  1. تكريم الأمة بالقرآن
  2. الوعيد على هجر القرآن
  3. أنواع هجر القرآن
  4. عزة الأمة في التمسك بالقرآن

اقتباس

لقد أنذرنا إنذاراً لم يبقَ معه عذرٌ لمعتذر، أنذرنا من خطر نسيان القرآن وضياعه والإعراض عنه، وهجرُ القرآن كما قال العلامة ابنُ القيم رحمه الله: يشمل هجرَ سماعِه والإيمانِ به، وهجرَ الوقوف عند حلاله وحرامه وإن قرأه وآمن به, وهجرَ تحكيمه والتحاكم إليه في أصول الدين وفروعه, وهجرَ...

الخطبة الأولى

الحمدُ لله الذي له ما في السماوات وما في الأرض، وله الحمدُ في الآخرة وهو الحكيم الخبير، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, بيده الخيرُ وهو على كل شيء قدير, وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله البشير النذير والسراج المنير صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه وسلم تسليماً كثيراً.

أما بعد: فيقول الله سبحانه وتعالى: (الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ) [البقرة: 121] قال ابن مسعود وابن عباس رضي الله عنهما في ذلك: "الذين يحلون حلاله ويحرمون حرامه ولا يحرفونه عن مواضعه. وقال الحسن البصري رحمه الله: الذين يعملون بحكمه ويؤمنون بمتشابه".

أيُّها الأخوة المؤمنون: إن الله جلَّتْ قدرتُه وتعالت أسماؤه أكرمنا –أمةَ محمد- بأن أنزل علينا أفضل كتبه على لسان أفضل رسله محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام، وشرفنا بحمله بأن جعل قلوبَنا له أوْعية, وصدورنا له مصاحف، بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ، وجعلنا به خيرَ أمةٍ أُخرجت للناس لا لنفسها فقط، للناس تهديهم بهذا القرآن إلى صراط مستقيم صراط الله (قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ * يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) [المائدة: 15، 16] وإنه كما شرفنا بذلكم ووعدنا إذا نحن أخذنا كتابه بالروح التي يريدها، الروح التي أخذه بها أسلافنا من قبل، أن نخرجَ من فتن الدنيا وشبهها وتحدياتها وتساؤلاتها, كما يخرج الذهبُ إذا فتن بالناس صافياً لم يعلقْ به أيُّ وضر، وعدنا ما هو أعظمُ من ذلك أمنيةَ المؤمن الكبرى جنةَ الفردوس الأعلى, التي فيها ما لا عينٌ رأت ولا أذنٌ سمعت, ولا خطر على قلب بشر –لهم ما يشاؤون فيها-.

 لقد أنذرنا إنذاراً لم يبقَ معه عذرٌ لمعتذر، أنذرنا من خطر نسيان القرآن وضياعه والإعراض عنه، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وإنا لله وإنا إليه راجعون. يقول سبحانه: (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ * وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ) [الأعراف: 175، 176] ( قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى ) [طـه:125-126] أنذرنا تعالى من هجره بقوله: (وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا) [الفرقان: 30] وهجرُ القرآن كما قال العلامة ابنُ القيم رحمه الله: "يشمل هجرَ سماعِه والإيمانِ به، وهجرَ الوقوف عند حلاله وحرامه وإن قرأه وآمن به, وهجرَ تحكيمه والتحاكم إليه في أصول الدين وفروعه, وهجرَ تفهمه ومعرفة ما أراد المتكلم به منه, وهجرَ الاستشفاءِ به في جميع أمراض القلوب".

وكما أنذرنا سبحانه من نسيانه وهجره, فقد أنذرنا كذلك من العدول عنه في الحكم والتحاكم إلى غيره بقوله: (فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) [النساء: 59], وقوله: (أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) [المائدة: 50], وكما أنذرنا من العدول عنه في الحكم والتحاكم إلى غيره, فقد أنذرنا كذالكم من إعمال بعضه وترك بعضه, بقوله تهديداً ووعيداً لقوم أنزل عليهم كتاب فأعملوا بعضه وتركوا بعضه (أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) [البقرة: 85].

 وكما أنذرنا من إعمال بعضه وترك بعضه, فقد أنذرنا كذالكم عند تحكيم شرعه جملة وتفصيلاً, ألاّ يوجدَ في نفوسنا أيُّ حرجٍ من ذالكم وترددٍ عند التنفيذ في حالة الحكم به بقوله: (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [النساء: 65].

فاتّقوا الله -عبادَ الله- وخذوا كتابَ ربكم وشرعَ نبيكم بما تعتقدونه فيه أنه أنزل ليكون دستورَ حكمٍ لحاكمين، ومنهاجَ حياةٍ لأفراد المسلمين، دستورَ حكم يحكم الأمةَ في جميع شؤونها أياً كانت, عسكريةً أو ثقافيةً أو اقتصاديةً أو اجتماعيةً أو غير ذلك, ويحكم الفردَ في عبادته ومعاملته وسلوكه، وبذلك مع صلاح النية وصدق العزيمة ستخضع لكم قوى الدنيا بنوعيها المادي والمعنوي، اذكروا قول الله فيمن أخذوا كتابه بالروح التي يريدها (إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ) [الأنفال: 12], الرعبُ القوةُ العظيمةُ التي لا يملكها شرقٌ ولا غرب، لا يملكها إلا مَنْ قلوبُ العباد بين أصبعين من أصابعه, يقلبُّها كيف يشاء، والذي أخبرنا أنه حافظُ كتابه، وحفظه يتضمن بقاء ونفاذ تعاليمه.

وأنذرنا بعد هذا الإخبار من التولي عنه بقوله سبحانه: (وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ ) [محمد: 38] .

وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.