البحث

عبارات مقترحة:

الصمد

كلمة (الصمد) في اللغة صفة من الفعل (صَمَدَ يصمُدُ) والمصدر منها:...

السيد

كلمة (السيد) في اللغة صيغة مبالغة من السيادة أو السُّؤْدَد،...

الإله

(الإله) اسمٌ من أسماء الله تعالى؛ يعني استحقاقَه جل وعلا...

في خصائص يوم الجمعة

العربية

المؤلف صالح بن فوزان الفوزان
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات الصلاة - الحكمة وتعليل أفعال الله
عناصر الخطبة
  1. فضل يوم الجمعة .
  2. من خصائص يوم الجمعة .
  3. أحكام فقهية .

اقتباس

ومن خصائص يوم الجمعة: أن فيه الخطبة التي يقصد بها الثناء على الله وتمجيده، والشهادة له بالوحدانية، ولنبيه بالرسالة، وتذكير العباد بأيام الله وتحذيرهم من بأسه ونقتمه، ووصيتهم بما يقربهم إليه، ونهيهم عما يقربهم من سخطه وناره؛ فالخطبة شرط من شروط صحة الجمعة؛ حضورها واستماعها أمر مقصود ومتأكد في حق المصلين ..

 

 

 

الحمد لله الذي جعل يوم الجمعة سيد الأيام، واختص به هذه الأمة من بين الأنام. أحمده على نعمه العظام. وأشهد أن لا إله إلا الله الملك العلام. وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ما تعاقب الليالي والأيام. وسلم تسليماً كثيراً.

أما بعد:

أيها المسلمون: لقد اختصكم الله بيوم عظيم وموسم كريم يتكرر عليكم كل أسبوع. قد ضلت عنه الأمم قبلكم وهداكم الله له؛ ففي الصحيحين عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "نحن الآخِرون الأولون السابقون يوم القيامة، بيد أنهم أوتوا الكتاب قبلنا. ثم هذا يومهم الذي فرض الله عليهم فاختلفوا فيه فهدانا الله له. والناس لنا فيه تبع -اليهود غداً - والنصارى بعد غدٍ".

وفي جامع الترمذي من حديث أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة. فيه خلق الله آدم. وفيه أدخل الجنة. وفيه أخرج منها. ولا تقوم الساعة إلا في يوم الجمعة".


وكان من هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- تعظيم هذا اليوم وتشريفه وتخصيصه بعبادات يختص بها عن غيره؛ فكان -صلى الله عليه وسلم- يقرأ في فجر هذا اليوم بسورتي "ألم تنزيل- وهل أتى على الإنسان". وإنما كان -صلى الله عليه وسلم- يقرأ هاتين السورتين في فجر يوم الجمعة؛ لأنهما تضمنتا ما كان وما يكون في يومها؛ فإنها اشتملتا على خلق آدم، وعلى ذكر يوم القيامة، وحشر العباد، وذلك يكون يوم الجمعة؛ ففي قراءتها في هذا اليوم تذكير للأمة بما يحدث فيه من الأحداث العظام حتى يستعدوا لذلك.

ومن خصائص هذا اليوم استحباب الإكثار من الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- فيه وفي ليلته؛ لأن كل خير نالته هذه الأمة في هذا اليوم وفي غيره من خيري الدنيا والآخرة فإنما نالته على يد هذا النبي الكريم؛ فينبغي الإكثار من الصلاة عليه.

ومن خصائص هذا اليوم استحباب الاغتسال والتنظف والتطيب والسواك ولبس أحسن الثياب؛ لأنه يوم اجتماع المسلمين وعيد الأسبوع، فيكون المسلم في هذه المناسبة على أحسن الأحوال، وأكمل الخصال تعظيماً لهذا اليوم وعملا بسنة النبي -صلى الله عليه وسلم.

ومن خصائص هذا اليوم استحباب التبكير بالذهاب لصلاة الجمعة ماشياً إن أمكن؛ فإن للماشي إلى الجمعة بكل خطوة أجر صيام سنة وقيامها؛ لما رواه الإمام أحمد بسند صحيح وابن خزيمة وصححه عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "من غسل واغتسل يوم الجمعة، وبكر وابتكر، ودنا من الإمام فأنصت كان له بكل خطوة يخطوها صيام سنة وقيامها". وذلك على الله يسير. فما أعظم هذا الأجر يا عباد الله.

 

هذا أجر المسير والتبكير إلى الجمعة: كل خطوة تعادل في الثواب صيام سنة وقيامها- أضف إلى ذلك أن المبكر إذا دخل المسجد فاشتغل بالصلاة والذكر وقراءة القرآن حصل على خيرات كثيرة، والملائكة تستغفر له طيلة بقائه في المسجد ويكتب له أجر المصلي ما دام ينتظر الصلاة.

وكثير من الناس زهد في هذا الأجر في هذا الزمان فصار لا يأتي لصلاة الجمعة إلا في آخر لحظة، ومنهم من يأتي وقت الخطبة فقط، ومنهم من يتأخر إلى الإقامة، ومنهم من يأتي في آخر الصلاة.. وهذا حرمان وتثبيط من الشيطان؛ فاتقوا الله ولا تحرموا أنفسكم الثواب العظيم. بكروا إلى الجمعة؛ لتحوزوا هذا الثواب.

ومن خصائص يوم الجمعة: أن فيه الخطبة التي يقصد بها الثناء على الله وتمجيده، والشهادة له بالوحدانية، ولنبيه بالرسالة، وتذكير العباد بأيام الله وتحذيرهم من بأسه ونقتمه، ووصيتهم بما يقربهم إليه، ونهيهم عما يقربهم من سخطه وناره؛ فالخطبة شرط من شروط صحة الجمعة؛ حضورها واستماعها أمر مقصود ومتأكد في حق المصلين؛ قال تعالى: (وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) [الأعراف:204]  فقد ذكر ابن كثير عن سعيد ابن جبير قال: الإنصات يوم الأضحى ويوم الفطر ويوم الجمعة وفيما يجهر به الإمام من الصلاة. وهذا اختيار ابن جرير: أن المراد من ذلك الإنصات في الصلاة وفي الجمعة؛ كما جاء في الأحاديث من طلب الإنصات خلف الإمام وحال الخطبة؛ فالإنصات للخطبة إذا سمعها واجب، ومن لم ينصت كان لاغياً، ومن لغا فلا جمعة له. فحضور الخطبة واستماعها والإنصات لها أمر مقصود للشارع؛ لأن فيها تذكيراً للمستمع وتعليماً للجاهل. وموعظة للغافل: قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) [الجمعة:9]

وذكر الله المأمور بالسعي إليه هو الخطبة والصلاة، ولهذا يشرع لمن حضر أن يتجه بسمعه وقلبه إلى الخطبة، ولا يعبث ولا يتكلم حال الخطبة وذلك ليسمع ويستفيد. وكثير من الناس اليوم قد غلب عليهم الكسل أو عدم المبالاة فلا يأتون إلى المسجد إلا بعد انقضاء الخطبة أو فوات معظمها فيفوتهم الثواب وتفوتهم الفائدة. وهذا حرمان عظيم.

واعلموا -يا عباد الله- أن من دخل والإمام يخطب فإنه لا يجوز له الجلوس حتى يصلي ركعتين خفيفتين؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: "إذا جاء أحدكم يوم الجمعة وقد خرج الإمام فليصل ركعتين" متفق عليه. وزاد مسلم: "وليجز فيهما".

ومن خصائص يوم الجمعة: صلاة الجمعة التي هي من آكد فرائض الإسلام ومن أعظم مجامع المسلمين، ومن تركها تهاوناً بها طبع الله على قلبه، ومن صلاها وحافظ عليها كفرت عنه الذنوب الصغائر ما بينها وبين الجمعة الأخرى، وأما الذنوب الكبائر فلا تكفر إلا بالتوبة منها، وهنا يغلط بعض الجهال حيث يسمع أن الجمعة تكفر ما بينها وبين الجمعة الأخرى، فيحافظ على صلاة الجمعة ويضيع بقية الصلوات. وهذا تحريف للكلم عن مواضعه وإيمان ببعض الكتاب وكفر ببعضه؛ لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- إنما ذكر أن الجمعة تكفر الذنوب الصغائر دون الكبائر حيث قال -صلى الله عليه وسلم-: "الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان كفارة لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر". وترك الصلوات الخمس من أكبر الكبائر، بل هو كفر بالله فلا تكفره الجمعة، بل لا تصح صلاة الجمعة ممن هذه حاله حتى يؤدي الصلوات الخمس.

ومن خصائص يوم الجمعة: أنه لا يجوز السفر في يومها لمن تلزمه قبل فعلها بعد دخول وقتها بزوال الشمس- وقبل الزوال يكره السفر إلا إن كان سيؤديها في طريقه في جامع آخر.

ثم اعلموا: أن من أدرك ركعة من صلاة الجمعة مع الإمام فليضف إليها ركعة أخرى وقد تمت جمعته. ومن أدرك أقل من ركعة فقد فاتته الجمعة، فيدخل مع الإمام بنية الظهر ويصلي أربع ركعات. ومن حضر إلى المسجد فلا يجوز له أن يتخطى رقاب الناس؛ فقد رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو على المنبر رجلاً يتخطى رقاب الناس فقال له: "اجلس فقد آذيت".

ولا يجوز أن يحجز مكاناً في المسجد ويحرم الناس منه، إلا من عرض له عارض فقام ثم عاد قريباً، فهو أحق بمكانه.

ويتنفل قبل صلاة الجمعة بما يشاء من الصلاة حتى يحضر الإمام، وأقل السنة الراتبة بعد الجمعة ركعتان وأكثرها أربع ركعات، ولا راتبة لها قبلها، بل يتنفل بما يشاء.