البحث

عبارات مقترحة:

العفو

كلمة (عفو) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعول) وتعني الاتصاف بصفة...

الوهاب

كلمة (الوهاب) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعّال) مشتق من الفعل...

النصير

كلمة (النصير) في اللغة (فعيل) بمعنى (فاعل) أي الناصر، ومعناه العون...

أسباب تفريج الكربات (2)

العربية

المؤلف أحمد شريف النعسان
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات التربية والسلوك - المنجيات
عناصر الخطبة
  1. التحذير من الحزن والجزع .
  2. أسباب تفريج الكربات .
  3. الاستغفار مع الإصرار على الذنوب توبة الكذابين .
  4. السعادة في التمسك بهدي الرسول -صلى الله عليه وسلم- .

اقتباس

الاسْتِغْفَارُ جَالِبٌ للخَصْبِ والبَرَكَةِ، وَكَثْرَةِ النَّسْلِ والنَّمَاءِ. الاسْتِغْفَارُ سَاتِرٌ للذُّنُوبِ وَمُزِيلٌ لَهَا, وَبِقَدْرِ مَا يَكُونُ الإِيمَانُ والصَّلاحُ والاسْتِغْفَارُ تَكُونُ الخَيْرَاتُ والبَرَكَاتُ. الاسْتِغْفَارُ يَحْتَاجُ إلى إِقْلاعٍ عن الذَّنْبِ والمَعْصِيَةِ وَإِعَادَةِ الحُقُوقِ لأَصْحَابِهَا...

الخطبة الأولى:

الحمد لله رب العالمين, وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد, وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد:

فيا عباد الله: لا تَجْزَعُوا مِمَّا أَصَابَكُم ولا تَحْزَنُوا, فَإِنَّ ذلكَ لا يَرُدُّ فَائِتَاً, الجَزَعُ والحُزْنُ لا يَرُدُّ مَن مَاتَ, ولا يَرُدُّ مَالاً, ولا يَرُدُّ بَيْتَاً ولا مَحَلَّاً ولا مَزْرَعَةً ولا مَصْنَعَاً, الجَزَعُ والحُزْنُ لا يَرُدُّ هَمَّاً بَلْ يَزِيدُهُ, ولا يُخْرِجُ من كَرْبٍ بَلْ يَزِيدُهُ, ولا يُبَدِّلُ وَاقِعَاً, فَاتْرُكُوا الجَزَعَ والحُزْنَ والهَمَّ, وَاسْتَعِينُوا باللهِ -تعالى- وَتَوَكَّلُوا عَلَيْهِ, قَالَ تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) [البقرة: 153].

وقَالَ تعالى: (وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا) [الطلاق: 3].

يَا عِبَادَ اللهِ: خُذُوا بِأَسْبَابِ تَفْرِيجِ الكُرُبَاتِ, من أَسْبَابِ تَفْرِيجِ الكُرُبَاتِ: تَقْوَى اللهِ -عزَّ وجلَّ-, وَتَنْفِيسُ الكُرَبِ عن المَكْرُوبِينَ, والدُّعَاءُ للهِ -عزَّ وجلَّ-.

يَقُولُ سَيِّدُنَا أَبُو الدَّرْدَاءِ -رَضِيَ اللهُ عَنهُ-: "إِنَّ من شَأْنِهِ سُبْحَانَهُ أَنْ يَغْفِرَ ذَنْبَاً, وَيَكْشِفَ كَرْبَاً, وَيَرْفَعَ أَقْوَامَاً, وَيَضَعَ آخَرِينَ".

يَا عِبَادَ اللهِ: من أَسْبَابِ تَفْرِيجِ الكُرُبَاتِ: كَثْرَةُ الاسْتِغْفَارِ, فَقَد جَاءَ عَن الصَّادِقِ المَصْدُوقِ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ- قَوْلُهُ: "مَنْ لَزِمَ الِاسْتِغْفَارَ جَعَلَ اللهُ لَهُ مِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجَاً, وَمِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجَاً, وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ" [رواه أَبو داود وابن ماجة عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنهُما-].

وقَالَ تعالى: (وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) [الأنفال: 33].

بالاسْتِغْفَارِ تَنْزِلُ رَحْمَةُ اللهِ -تعالى-, قَالَ تعالى: (لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) [النمل: 46].

يَا عِبَادَ اللهِ: الاسْتِغْفَارُ جَالِبٌ للخَصْبِ والبَرَكَةِ، وَكَثْرَةِ النَّسْلِ والنَّمَاءِ, قَالَ تعالى حِكَايَةً عَن سَيِّدِنَا نُوحٍ -عَلَيْهِ السَّلامُ- لِقَوْمِهِ: (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارَاً * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارَاً * مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ للهِ وَقَارَاً) [نوح: 10 - 13].

يَا عِبَادَ اللهِ: الاسْتِغْفَارُ سَاتِرٌ للذُّنُوبِ وَمُزِيلٌ لَهَا, وَبِقَدْرِ مَا يَكُونُ الإِيمَانُ والصَّلاحُ والاسْتِغْفَارُ تَكُونُ الخَيْرَاتُ والبَرَكَاتُ, قَالَ تعالى: (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ) [الأعراف: 96].

يَا عِبَادَ اللهِ: الاسْتِغْفَارُ يَحْتَاجُ إلى إِقْلاعٍ عن الذَّنْبِ والمَعْصِيَةِ وَإِعَادَةِ الحُقُوقِ لأَصْحَابِهَا, يَقُولُ الفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ -رَحِمَهُ اللهُ تعالى-: "اِسْتِغْفَارٌ بِلا إقْلاعٍ تَوْبَةُ الكَذَّابِينَ؛ وَيُقَارِبُهُ مَا جَاءَ عَن رَابِعَةَ العَدَوِيَّةِ: اِسْتِغْفَارُنَا يَحْتَاجُ إلى اسْتِغْفَارٍ كَثِيرٍ".

يَا عِبَادَ اللهِ: لِنَسْتَغْفِرِ اللهِ -تعالى- بِصِدْقٍ, وَلْنَنْظُرْ بَعْدَ ذلكَ إلى ثَمَرَةِ هذا الاسْتِغْفَارِ؛ لأَنَّ وَعْدَ اللهِ -تعالى- حَقٌّ, وَوَعْدَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ- صِدْقٌ.

يَا عِبَادَ اللهِ: لا يَلِيقُ بِنَا أَنْ نَكُونَ من الكَذَّابِينَ ولا من اللِّئَامِ؛ فَقَد جَاءَ عَن بَعْضِ الأَعْرَابِ أَنَّهُ تَعَلَّقَ بِأَسْتَارِ الكَعْبَةِ وَهُوَ يَقُولُ: "اللَّهُمَّ إِنَّ اسْتِغفَارِيَ مَعَ إِصْرَارِي لُؤْمٌ, وَإِنَّ تَرْكِيَ الاسْتِغْفَارَ مَعَ عِلْمِي بِسَعَةِ عَفْوِكَ لَعَجْزٌ, فَكَمْ تَتَحَبَّبُ إِليَّ بالنِّعَمِ مَعَ غِنَاكَ عَنِّي, وَأَتَبَغَّضُ إِلَيْكَ بالمعَاصِي مَعَ فَقْرِي إِلَيْكَ, يَا مَن إِذَا وَعَدَ وَفَى, وَإِذَا تَوَعَّدَ تَجَاوَزَ وَعَفَا, أَدْخِلْ عَظِيمَ جُرْمِي في عَظِيمِ عَفْوِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ".

يا عباد الله: إذا كُنَّا نَنْشُدُ السَّعَادَةَ, وَتَفْرِيجَ الكُرَبِ, وإِذْهَابَ الهَمِّ والغَمِّ, عَلَيْنَا أَنْ نَلْتَزِمَ هَدْيَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ- بِصِدْقٍ, وَأَنْ نَسْتَحْضِرَ قَوْلَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ: "مَنْ لَزِمَ الِاسْتِغْفَارَ".

يَا عِبَادَ اللهِ: اِسْتَغْفِرُوا اللهَ -تعالى- بِصِدْقٍ, وَأَعِيدُوا الحُقُوقَ لأَصْحَابِهَا, وَقُولُوا لِقَاتِلِ الأَبْرِيَاءِ, وَسَافِكِ الدِّمَاءِ, وَسَالِبِ الأَمْوَالِ, وَالمُحَرِّضِ على إِذْكَاءِ نَارِ الحَرْبِ.

تُبْ إلى اللهِ -تعالى-, وَاسْتَغْفِرْهُ قَبْلَ أَنْ تَنْدَمَ ولا يَنْفَعَكَ النَّدَمُ.

اللَّهُمَّ ارْزُقْنَا تَوْبَةً صَادِقَةً نَصُوحَاً، آمين.

أقول هذا القول, وأستغفر الله لي ولكم, فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.