البحث

عبارات مقترحة:

المبين

كلمة (المُبِين) في اللغة اسمُ فاعل من الفعل (أبان)، ومعناه:...

السبوح

كلمة (سُبُّوح) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فُعُّول) من التسبيح،...

الرحمن

هذا تعريف باسم الله (الرحمن)، وفيه معناه في اللغة والاصطلاح،...

الزواج

العربية

المؤلف سعد بن تركي الخثلان
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات نوازل الأحوال الشخصية وقضايا المرأة
عناصر الخطبة
  1. أهمية الزواج ومكانته .
  2. وجوب المبادرة بالزواج .
  3. بعض منافع الزواج ومصالحه .
  4. الزوج سنة الأنبياء .
  5. خطر تأخر الزوج .
  6. غفلة أولياء الأمور عن تزويج أبنائهم وبناتهم .
  7. حث أولياء الأمور على المبادرة في تزويج أبنائهم وبناتهم والسعي في ذلك .

اقتباس

في الزواج إعفاف للفرج، وغض للبصر، وخص النبي -صلى الله عليه وسلم- بهذا النداء الشباب؛ لأنهم عندهم الاستعداد للزواج وعندهم الطاقة التي إذا ما بودرت بوضعها في موضعها السليم أفادت، فالشاب ينبغي له أن يسعى للزواج من سن مبكرة متى...

الخطبة الأولى:

الحمد لله الواحد الأحد، القيوم الصمد، لم يلد ولم يولد ولم يكون له كفوا أحد، خلق فسوى، وقدر فهدى، وجعل من الإنسان زوجين ذكرا وأنثى، نحمده -تعالى- ونشكره حمد الشاكرين الذاكرين.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولي الصالحين، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله إمام المتقين، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين، وسلم تسليما كثيرا.

أما بعد:

فأوصيكم ونفسي بتقوى الله -تعالى-، فإنها وصية الله للأولين والآخرين: (وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ) [النساء: 131].

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب:70 - 71].

عباد الله: يقول الله -تبارك وتعالى-: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إلىهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) [الروم:21].

فامتن الله -تعالى- على العباد بأنه خلق لهم أزواجا، وأحاط هذا الزواج برباط المودة والرحمة، إن الزواج نعمة عظيمة من الله -تبارك وتعالى- على عباده، وفيه فضائل ومصالح كبيرة وكثيرة، وينبغي أن يحث الشباب والشابات على الزواج، بل وأن نشجع الزواج المبكر خاصة في زماننا هذا الذي كثرت فيه دواعي الفتن من مصادر شتى ومتنوعة، فتن كثيرة، ومغريات ومثيرات، ومن هنا تأتي المسؤولية في حث الشباب على المبادرة بالزواج الذي قد بين النبي -صلى الله عليه وسلم- ما فيه من المصالح العظيمة، يقول عليه الصلاة والسلام: "يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنِ اسْتَطَاعَ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فإنه أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأحصن لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فإنه لَهُ وِجَاءٌ" [البخاري: 5065، مسلم: 3466].

وفي الزواج إعفاف للفرج، وغض للبصر، وخص النبي -صلى الله عليه وسلم- بهذا النداء خص به الشباب؛ لأنهم عندهم الاستعداد للزواج وعندهم الطاقة التي إذا ما بودرت بوضعها في موضعها السليم أفادت، فالشاب ينبغي له أن يسعى للزواج من سن مبكرة متى استطاع إلى ذلك سبيلا، وبين النبي -صلى الله عليه وسلم- فائدتين هما من أعظم فوائد الزواج، وهما: إحصان الفرج: (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ) [المؤمنون: 5 -0 6].

فإنه "أحصن للفرج" أي الزواج يؤمن من خطر الفرج.

"وأغض للبصر" أي أنه إذا تزوج تقر عينه ولا يتطلع إلى ما حرم الله -تعالى-؛ لأن الله -تعالى- قد أغناه بحلاله عن حرامه، ثم إن الزواج يحصل به السكن النفسي والراحة: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً) [الروم: 21].

فإذا تزوج الشاب سكنت نفسه عن الاضطراب والقلق، وارتاح ضميره؛ لأن الشاب بدل من أن يكون مزعزع الفكر، فإن تزوجه من أسباب سكون نفسه وطمأنينته وارتياحه، ويترتب على هذا خيرات كثيرة لهذا الشاب.

ومن فوائد الزواج كذلك: حصول الأولاد الذين تقر بهم أعين والديهم: (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ) [الفرقان: 74].

فالأولاد هم شر زينة الحياة الدنيا: (الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا) [الكهف:46].

فالأولاد بهم زينة من الحياة الدنيا، والإنسان يطلب الزينة كما أنه يطلب المال فهو كذلك يطلب الأولاد؛ لأنهم يعادلون المال كونهم زينة للحياة الدنيا، بل أن الإنسان ربما افتدى بماله تضحية لأولاده هذا في الدنيا، ثم في الآخرة يجري نفعهم على آبائهم -إن أصلحهم الله تعالى-، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إذا مَاتَ ابْنُ آدَمَ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إلا مِنْ ثَلاثٍ: مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ" [مسلم: 4310].

فالأولاد فيهم مصالح عظيمة في الحياة وبعد الممات.

إن الزواج جعله الله -تعالى- من سنة الأنبياء والمرسلين، كما قال سبحانه: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً) [الرعد: 38].

وقد اقتطع الله -تعالى- من زمن كليمه موسى -عليه الصلاة والسلام- عشر سنين في رعاية الغنم، لكي يحصل مهر زوجته، ومعلوم مقدار هذه السنين العشر في نوافل العبادات، واختار لنبيه محمد -صلى الله عليه وسلم- أفضل الأشياء، فلم يحب له ترك النكاح، بل تزوج عليه الصلاة والسلام بتسع نساء، ولا هدي فوق هديه، ولو لم يكن إلا سرور النبي -صلى الله عليه وسلم- حين يباهي يوم القيامة بأمته بكثرتهم: "تزوجوا الودود الولود فإني مباه بكم الأمم يوم القيامة" [أبو داود: 2050، أحمد: 12634، وقال الألباني: "حسن صحيح"].

ولو لم يكن فيه إلا بصدد أنه لا يقرر عمله بعد موته، ولو لم يكن فيه إلا أنه يخرج من صلبه من يشهد بالله بالوحدانية ولرسوله بالرسالة، ولو لم يكن فيه إلا غض بصره، وإحصان فرجه عن التفاته عما حرم الله، ولو لم يكن فيه إلا تحصين امرأة يعفها الله به يثيبه على قضاء وطره ووطرها، فهو في صحائف حسناته، ولو لم يكن فيه إلا ما يثاب عليه من النفقة على امرأته وأولاده، ولو لم يكن فيه إلا تكثير الإسلام وأهله، وغيظ أعداء الإسلام: (فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم) [النساء: 3].

(وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ) [النور: 32].

قال ابن مسعود -رضي الله عنه-: "لو لم يبق من أجلي إلا عشرة أيام، وأعلم أني أموت في آخرها يومًا لي فيه طول على النكاح لتزوجت مخافة الفتنة".

وقد استئذن بعض الصحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الاختصاء لكي ينقطعوا للعبادة، ولكي يسلموا من هذه الشهوة التي ربما تؤثر على أمور عبادتهم، ولم يأذن لهم النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقد جاء في الصحيحين عن سعد -رضي الله عنه- قال: "رَدَّ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ التَّبَتُّلَ، وَلَوْ أَذِنَ لَهُ لاَخْتَصَيْنَا" [البخاري: 5073، مسلم: 3470].

"جَاءَ ثَلَاثَةُ رَهْطٍ إِلَى بُيُوتِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَسْأَلُونَ عَنْ عِبَادَةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلَمَّا أُخْبِرُوا كَأَنَّهُمْ تَقَالُّوهَا -أي رأوها قليلةً بالنسبة لما ينبغي لهم- فَقَالُوا: وَأَيْنَ نَحْنُ مِنْ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ؟ قَالَ أَحَدُهُمْ: أَمَّا أَنَا فَإِنِّي أُصَلِّي اللَّيْلَ أَبَدًا، وَقَالَ آخَرُ: أَنَا أَصُومُ الدَّهْرَ وَلَا أُفْطِرُ، وَقَالَ آخَرُ: أَنَا أَعْتَزِلُ النِّسَاءَ فَلَا أَتَزَوَّجُ أَبَدًا، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إليهِمْ فَقَالَ: أَنْتُمْ الَّذِينَ قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا؟ أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لَأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وَأَتْقَاكُمْ لَهُ، لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ، وَأُصَلِّي وَأَرْقُدُ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي" [البخاري: 5063].

قال الإمام أحمد -رحمه الله-: "ليست العزلة من أمر الإسلام في شيء، ومن دعاك إلى غير التزويج فقد دعاك إلى غير الإسلام".

عباد الله: إنه ينبغي أن يحث المستمع وبخاصة الشباب والشابات إلى المبادرة بالزواج، أن يحث الشاب على المبادرة بالزواج والشابة على قبول الخاطب الكفء، فإن في هذا حماية لهم من عواصم الفتن وتيارات الانحراف -بإذن الله عز وجل-، بعض الشباب ليس لديه الوعي الكامل بأهمية الزواج وبمنافعه، وأثره في الاستقرار النفسي والعاطفي في حياة الشاب، وهو لا يمتنع عن الزواج، ولكنه يريد تأجيله ويريد تأخيره حتى إذا مرت مرحلة الشباب أو أكثرها بدأ حينئذ يفكر في الزواج، وهكذا بالنسبة للشابة ترد الخطاب بحجج واهية، وإذا بسنوات العمر قد تسربت بسرعة، وإذا بهذه الشابة تتفاجأ بأنها قد فاتها القطار، وقل خطابها، فلابد من توعية الشباب والشابات بأهمية المبادرة بالزواج المبكر، وما فيه من المصالح والمنافع العظيمة.

 أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب، فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، وصلى الله عليه وعلى آله وصحبه، وسلم تسليما كثيرا.

أما بعد:

فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة.

عباد الله: إن إقبال الشباب والشابات على الزواج يتحقق به المصالح الكبيرة المترتبة على الزواج، كما أنه فيه تحصين للمجتمع من الفتن، وإعفاف له، وإن العزوف عن الزواج يترتب عليه مفاسد كبيرة على الأفراد وعلى المجتمع، ومن هنا تقع المسؤولية في تشجيع الشباب على الزواج، تقع المسؤولية على العلماء وعلى الخطباء وعلى أصحاب المنافذ الإعلامية، وعلى المثقفين، وعلى أهل الحل والعقد في توعية المجتمع بأهمية الزواج، بل بأهمية الزواج المبكر، خاصة ونحن نرى بعض الوسائل الإعلامية التي تنفر الشباب والشابات من الزواج المبكر: (وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا) [النساء: 27].

وتقع المسؤولية بشكل أخص على الوالدين، فعلى الأب والأم أن يقوما بدورهما في توعية ابنهما الشاب بأهمية الزواج، وما يترتب عليه من المصالح، ويبينا عظيم أثره في إعفاف وإصلاح هذا الشاب.

وعلى الأب والأم أن يقوما كذلك بتوعية ابنتهما بقبول الخاطب الكفء مرضي الدين والخلق.

إن بعض الآباء والأمهات لا يهتموا بهذا الأمر، فهذا الشاب يقضي معظم وقته مع أصحابه وليس عنده الوعي بأهمية الزواج، أو أن عنده تصورات خاطئة عن الزواج بأنه تقليل للحرية، ونحو ذلك، حتى إذا تسرب معظم وقت الشباب بدأ يفكر في الزواج، وأن المطلوب من الوالدين أن يحثا ابنهما على الزواج، وأن يساعداه في تحقيق ذلك، وفي تذليل العقبات التي قد تقف أمامه.

شاب يقول: إن عمره قد قارب الأربعين عاما، وإن أباه وأمه لم يكلماه يوما من الأيام، ويطلبا منه أن يتزوج، ولم يتنبه لذلك إلا بعدما تسرب معظم وقت الشباب.

وهكذا بالنسبة إلى البنت إذا تقدم لها الخاطب الكفء على الأب والأم المسؤولية بأن يشجعا ابنتهما على القبول به، وأن يبينا لهذه الفتاه أنها كالزهرة كلما تقدم بها العمر بأنها تذبل، ويقل خطابها، بل إن الأب الناصح يبحث لابنته على الخاطب الكفء، قال البخاري في صحيحه: "باب عرض الإنسان ابنته أو أخته على أهل الخير"، ثم ساق بسنده عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- حين تأيمت ابنته حفصة، أي مات زوجها، قال عمر: "فأتيت عثمان فعرضت عليه ابنتي حفصة، فقال عثمان: سأنظر في أمري، فلبثت ليلا ثم أتيني، وقال: يا عمر قد بدا لي أن لا أتزوج يومي هذا، قال عمر: فلقيت أبا بكر الصديق فقلت: إن شئت يا أبا بكر زوجتك ابنتي حفصة، فصمت أبا بكر، فقال: لم يرجع إلى شيء، فكنت أوجد عليه مني على عثمان" فلبثت ليلًا فساق الله -تعالى- لها خاطبا لم يخطر ببال عمر، ساق الله -تعالى- لابنته رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فخطبها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأصبحت إحدى أمهات المؤمنين، ولعل الله -تعالى- علم من عمر هذا الحرص العظيم على تزويج ابنته، فقيض الله -تعالى- لابنته زوجًا لم يخطر ببال عمر، وهكذا فإن الأب إذا كان حريصا على تزويج بناته، فإن الله -تعالى- يقيض لهن أزواجا صالحين، ثم أن أبا بكر لقي عمر واعتذر منه بأنه سمع النبي -صلى الله عليه وسلم- يذكرها، ولم يرد إفشاء سره.

فانظروا إلى هذا الحرص العظيم من عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- في تزويج ابنته التي كانت متزوجة، لكنه مات زوجها، ومع ذلك لم يرد عمر أن تبقى بدون زوج، فصار يبحث لها عن زوج صالح حتى قيض الله -تعالى- لها زوجا لم يخطر ببالها ولا ببال عمر؛ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، بل إن بعض الآباء الصالحين فوق حرصه ونصحه يدعو الله -تعالى- يقيض الله لبناته أزواجًا صالحين، حدثني رجل صالح كبير في السن يقول: إنه يدعو الله -تعالى- كثيرًا ويلح على الله -تعالى- في الدعاء كل يوم في أن يرزق بناته بأزواج صالحين، قال: فوالله قد قر عيني بتزويج جميع بناتي بأزواج صالحين على ما كنت أتمنى، بل فوق ما كنت أتمنى.

وهكذا -أيها الإخوة- إذا كان الأب حريصا والأم حريصة على تزويح أولادهما، فإنهما يبذلان لهما النصح والتوعية، والله -تعالى- يسخر لهذا الشاب ولهذه الشابة يسخر لهما ما تقر به أعينهم، ولكننا نجد وخاصة في السنوات المتأخرة، نجد أن هذا الحرص بدأ يقل لدى بعض الأسر، فلا نجد الحرص الكبير لدى الأب والأم على تزويج ابنهما، أو على تزويج ابنتهما، أصبح هذا الحرص يقل، وهذا لا يبشر بخير، ينبغي أن يرتفع مستوى الحرص لدى الأب والأم في تزويج ابنهما الشاب، وفي تزويج ابنتهما، وأن يسعيا بالنصح وبرفع مستوى الوعي لدى هذا الابن، وهذه البنت، بأهمية الزواج ومنافعه العظيمة، وأثره في إحصان الفرج، وأثره في غض البصر، وأثره في تحصيل الذرية الصالحة، وأثره في الاستقرار النفسي والعاطفي، إلى غير ذلك من مصالح ومنافع النكاح.

ألا وأكثروا من الصلاة والسلام على البشير النذير والسراج المنير: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب: 56].

اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد، ورضوانك اللهم على صحابة النبي وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك وكرمك يا أرحم الراحمين.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أذل الكفر والكافرين، اللهم أذل النفاق والمنافقين.

اللهم من أرادنا أو أراد الإسلام والمسلمين بسوء، اللهم فأشعله في نفسه، اللهم اجعل تدبيرهم تدميرا عليهم يا قوي يا عزيز.

اللهم انصر دين الإسلام في كل مكان، اللهم اخذل من خذل دين الإسلام في كل مكان، يا حي يا قيوم.

اللهم هيئ للأمة الإسلامية أمر رشد يعز فيه أهل طاعتك، ويهدى فيه أهل معصيتك، ويؤمر فيه بالمعروف، وينهى فيه عن المنكر، يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام.

اللهم اجعل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في هذه البلاد عزيزا ظاهرا وفي جميع بلاد المسلمين يا حي يا قيوم.

اللهم وفق ولاة المسلمين لتحكيم شرعك، والعمل بكتابك وسنة نبيك محمد -صلى الله عليه وسلم-، واجعلهم رحمة لرعايهم.

اللهم وفق ولاتنا وولي أمرنا ونائبيه وإخوانه وأعوانه لما فيه خير الإسلام وصلاح المسلمين، اللهم ارزقهم البطانة الصالحة الناصحة التي تعين وتدلهم على الحق يا حي يا قيوم، يا ذا الجلال والإكرام.

اللهم نعوذ بك من زوال نعمتك، وتحول عافيتك، وفجاءة نقمتك، وجميع سخطك.

اللهم نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى.

اللهم أعن إخواننا المسلمين المستضعفين في كل مكان، اللهم ارحمهم برحمتك يا رحمن، وانصرهم بنصرك يا قوي يا عزيز، يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام.

اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي فيها معادنا، واجعل لنا الحياة زيادة في كل خير، واجعل لنا الموت راحة من كل شر.

اللهم صل على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه وسلم.