البحث

عبارات مقترحة:

الرقيب

كلمة (الرقيب) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فعيل) بمعنى (فاعل) أي:...

المجيد

كلمة (المجيد) في اللغة صيغة مبالغة من المجد، ومعناه لغةً: كرم...

الشهيد

كلمة (شهيد) في اللغة صفة على وزن فعيل، وهى بمعنى (فاعل) أي: شاهد،...

استغفار الملائكة للمؤمنين

العربية

المؤلف أحمد بن محمد العتيق
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات أركان الإيمان
عناصر الخطبة
  1. وجوب الإيمان بالملائكة .
  2. بعض صفات الملائكة ووظائفهم .
  3. استغفار الملائكة للمؤمنين وبعض الأدلة على ذلك .
  4. سعة مغفرة الله تعالى .

اقتباس

اعلموا أن مِنْ أصولِ الإيمان: الإيمانَ بالملائكةِ, والتصديقَ بوجودِهم، وأنهم عبادٌ مكرمون، خلقهم الله لعبادتِه، وتنفيذِ أوامِره. وهُم مِنْ أَعْظَمِ خَلْقِ الله, خَلَقَهُم اللهُ -تعالى- مِن نُور، وَهُم بالنسبةِ إلى الأعمال التي يقومون بها أصناف، فمنهم...

الخطبة الأولى:

إِنَّ الحَمدَ للهِ، نَحمَدُهُ ونَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعوذُ باللهِ مِنْ شُرُورِ أَنفُسِنا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلا مُضِلَّ لَه، وَمَنْ يُضلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ.

وَأَشْهَدُ أَنْ لا إلهَ إِلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ، وسَلَمَ تسلِيماً كَثِيراً.

أمّا بعد:

عباد الله: اتقوا اللهَ -تعالى-, واعلموا أن مِنْ أصولِ الإيمان: الإيمانَ بالملائكةِ, والتصديقَ بوجودِهم، وأنهم عبادٌ مكرمون، خلقهم الله لعبادتِه، وتنفيذِ أوامِره: (لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) [التحريم: 6].

وهُم مِنْ أَعْظَمِ خَلْقِ الله, خَلَقَهُم اللهُ -تعالى- مِن نُور، وَهُم بالنسبةِ إلى الأعمال التي يقومون بها أصناف، فمنهم حملة العرش، ومنهم المُقَرَّبون ومِنْهُمُ المُوكلون بالنار، ومنهم المُوكلون بالجنة، ومنهم جبريلُ المُوكل بالوحي.

وَهُمْ مِنْ أَنْصَحِ العِبادِ لِلعِباد؛ كما قالَ مُطَرِّفِ بنِ عبدِ الله: "وَجَدْنا أنْصْحَ عِبادِ اللهِ لِعِبادِ اللهِ -تعالى- الملائكة، وَوَجَدْنا أَغَشَّ عِبادِ اللهِ لِعِبادِ اللهِ -تعالى- الشيطان".

وَمِنْ نُصْحِ المِلائكةِ لِعِبادِ اللهِ المُؤْمنين: اسْتِغْفارُهُم لهم إذا قاموا بِأَسْبابِ الإيمانِ وَلَوازِمِه، ومِنَ الأدلةِ على ذلك:

أولاً: استغفارُ الملائكةِ للمؤمنين الذين جَمَعُوا بين التوبةِ والإستقامة, والدعاءُ لهم بدخولِ الجنةِ مَعَ مَن صَلَحَ مِن أبائِهم وأزواجِهم وذرياتِهم؛ كما قال تعالى: (الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ * رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) [غافر: 7 - 8].

الثاني: استِغفارُهُم لِمَن يُصَلُّون الفَجْرَ والعَصْرَ جماعة, كما في الصحيحين عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "يتعاقبون فيكم: ملائكة بالليل وملائكة بالنهار، ويجتمعون في صلاة العصر وصلاة الفجر، ثم يَعْرُجُ الذين باتُوا فيكم، فيسألهم وهو أعلم بهم، فيقول: كيف تركتم عبادي؟ فيقولون: تركناهم وهم يصلون، وأتيناهم وهم يصلون".

وفي رواية لأحمد: "قال: فيقولون: جئناهم وهم يصلون وتركناهم وهم يصلون، فاغفر لهم يوم الدين".

وإن مِمَّا يُؤسَفُ له: أَنَّ أكثَرَ المُتَخَلِّفينَ عن الجماعة, هُمُ المُتَخَلِّفونَ عن صَلاتَي العصرِ والفجر.

الثالث: استغفارُهم لِمَن جَلَسَ في المسجدِ مُتَطَهِّراً يَنْتَظِرُ الصلاةَ, أو كذلك جَلَسَ في مَجْلِسِهِ بعدَ الفراغِ مِنَ الصلاة, فقد أخبَرَ النبي -صلى الله عليه وسلم- أن الملائكة تقول: "اللهم اغفر له، اللهم ارحمه، ما دامَ في مجلِسِه".

الرابع: استِغْفارُهُم لِمَن باتَ مِن الليلِ على وُضوء, عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ بات طاهراً, باتَ في شِعارِه مَلَكٌ, لا يَسْتَيْقِظُ ساعةً مِنْ لَيْلٍ إِلاّ قال المَلَك: اللهم اغفر لِعبدِكَ فلاناً فإنه باتَ طاهرا" [رواه ابنُ خُزيمة].

والشِّعار، هو الِّلباسُ الداخلي الذي يَلي الجِلد.

الخامس: تأْمِينُهُم على دُعاءِ المُسلِمِ لأخيهِ بِظَهْرِ الغيب, عن أبي الدرداء -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ما مِن عبدٍ مسلمٍ يدعو لأخيه بِظَهرِ الغيب إلا قال المَلَك: آمين وَلَك بِمثل" [رواه مسلم].

السادس: استِغفارُهُم لِمَن عادَ مَريضاً, عن ابن عمر -رضي الله عنهما- عن رسولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قال: "ما مِنْ رجلٍ يَعودُ رجُلاً مُمْسِياً إلا خرَجَ مَعَه سبعون ألفَ ملك يَستغفرون له حتى يُصبح, وكان له خريفٌ في الجنة, ومَنْ أتاه مُصبحاً, خَرَجَ معه سبعون ألف مَلَكٍ يستغفرون له حتى يُمسي, وكان له خريفٌ في الجنة" [رواه أبو داود].

فَيَنْبَغِي للمسلم أن يَحْتَسِبَ الأجْرَ في ذلك, وأن يَسْتَشْعِرَ أنه يَعْبُدُ اللهَ في عيادَتِه للمرضى, كي لا يُحْرَمَ هذا الثواب.

باركَ اللهُ لِي وَلَكُم فِي القُرآنِ الْعَظِيم، وَنَفَعنِي وَإِيّاكُمْ بِمَا فِيِه مِنْ الآيَاتِ وَالذّكرِ الْحَكِيم.

أَقُولُ مَا تَسْمَعُون، وَأسْتَغْفُرُ اللهَ لِي وَلَكُم وَلِسَائرِ الْمُسْلِمِين مِنْ كُلِّ ذَنبٍ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيم.

الخطبة الثانية:

الحمدُ للهِ عَلى إِحسانِهِ، وَالشكرُ لَهُ عَلى تَوفِيقِهِ وَامتِنَانِهِ، وَأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحدَهُ لا شَريكَ لَهُ، وَأشهدُ أنَّ مُحمّداً عَبدُهُ وَرسولُهُ، صلى اللهُ عليهِ وعلى آلِهِ وصحبِهِ، وسلمَ تسليماً كثيراً.

أَمّا بَعدُ:

عباد الله: روى الترمذيُّ عن أنسِ بن مالكٍ -رضي الله عنه -قال: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: قال الله: "يَا ابْنَ آدم إِنَّكَ مَا دَعَوتَنِيْ وَرَجَوتَنِيْ غَفَرْتُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ مِنْكَ وَلا أُبَالِيْ، يَا ابْنَ آدم لَو بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ ثُمَّ استَغْفَرْتَنِيْ غَفَرْتُ لَكَ، يَا ابْنَ آدم إِنَّكَ لَو أَتَيْتَنِيْ بِقِرَابِ الأَرْضِ خَطَايَا ثُمَّ لقِيْتَنِيْ لاَتُشْرِك بِيْ شَيْئَاً لأَتَيْتُكَ بِقِرَابِهَا مَغفِرَةً".

ففي هذا الحديث: بيانُ سَعَةِ رحمةِ الله, وأنه مهما بَلَغَت ذنوبُ العبدِ، فإن اللهَ -تعالى- يغفِرها, إذا توفرت شروط التوبة, ووُجِدَ الرجاءُ مِنَ العبد.

وَيَدُلُّ الحديثُ أيضاً: على أن أساسَ مَغْفِرةِ الذُّنوبِ, وأعظَمَ شُروطِ قَبُولِ الإستغفار، هُوَ التوحيد, وتركُ الشرك، لٍقَولِه: "ثُمَّ لقِيْتَنِيْ لاَ تُشْرِك بِيْ شَيْئَاً".

فإن الشركَ لا يُغْفَرُ لِصاحِبِه, ولو أتعب نَفسه بالعَمَل, وأشغلَ لِسانَه بالإستغفار, وأنفقَ جَميعَ ما في الدنيا.

اللهم إنا نعوذ بك أن نشرك بك ونحن نعلم, ونستغفرك لما لا نعلم.

اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وفقهنا في دينك، يا ذا الجلال والإكرام.

اللهم آتِ نفوسنا تقواها، وزكّها أنت خير من زكّاها، أنت وليّها ومولاها.

اللهم أصلحْ لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي فيها معادنا، واجعل الدنيا زيادة لنا في كل خير، والموت راحة لنا من كل شر.

اللهم احفظنا بالإسلام قائمين، واحفظنا بالإسلام قاعدين، واحفظنا بالإسلام راقدين، ولا تُشمت بنا أعداء ولا حاسدين.

اللهم أصلح أحوال المسلمين، اللهم أصلح أحوال المسلمين حكاماً ومحكومين.

اللهم اجمع كلمة المسلمين على الكتاب والسنة، واجعلهم يداً واحدةً على من سواهم، ولا تجعل لعدوهم منةً عليهم يا ذا الجلال والإكرام.

اللهم ألّف بين قلوب المؤمنين، وأصلح ذات بينهم، واهدهم سبل السلام، ونجهم من الظلمات إلى النور، وانصرهم على عدوك وعدوهم يا قوي يا عزيز.

اللهم أرهم الحق حقاً وارزقهم اتباعه، وأرهم الباطل باطلاً وارزقهم اجتنابه، واجعل ولايتهم فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا ذا الجلال والإكرام.

اللهم احقن دماء المسلمين، اللهم احقن دماء المسلمين، اللهم انصر المستضعفين من المؤمنين، اللهم ارحم المستضعفين من المؤمنين في كل مكان، اللهم ارفع البلاء عن المستضعفين من المؤمنين في كل مكان، اللهم نج المستضعفين من المؤمنين في كلِّ مكانٍ، اللهم انصر المجاهدين الذين يجاهدون في سبيلك في كل مكان، اللهم انصرهم في كل مكان يا قوي يا عزيز، اللهم عليك بالكفرة والملحدين الذين يصدون عن دينك، ويقاتلون عبادك المؤمنين، اللهم عليك بهم فإنهم لا يعجزونك، اللهم زلزلهم وزلزلِ الأرض من تحت أقدامهم، اللهم فرّق كلمتهم، وشتت شملهم، وسلط عليهم مَنْ يسومهم سُوء العذاب، اللهم لا تجعل لهم منة على المؤمنين، واجعلهم غنيمة سائغة للمؤمنين يا قوي يا متين يا رب العالمين.

اللهم احفظ بلادنا ممن يكيد لها، اللهم احفظ بلادنا ممن يكيد لها، اللهم أصلح أهلها وحكامها يا أرحم الراحمين.

اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات، إنك سميع قريب مجيب الدعوات.

(وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ) [العنكبوت: 45].