البحث

عبارات مقترحة:

الرب

كلمة (الرب) في اللغة تعود إلى معنى التربية وهي الإنشاء...

البر

البِرُّ في اللغة معناه الإحسان، و(البَرُّ) صفةٌ منه، وهو اسمٌ من...

المحسن

كلمة (المحسن) في اللغة اسم فاعل من الإحسان، وهو إما بمعنى إحسان...

جمعة الغصب لنصرة حلب

العربية

المؤلف عادل العضيب
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات التاريخ وتقويم البلدان - فقه النوازل
عناصر الخطبة
  1. مجازر الجيش السوري والروسي وميلشيات إيران في حق الشعب السوري .
  2. استخدام الجيش السوري والروسي للأسلحة الفتاكة والمحظورة ضد أهل حلب .
  3. منذ خمس سنوات والآلة العسكرية لبشار الأسد تقتل وتدمر الشعب السوري .
  4. صمت الدول الغربية والمنظمات الدولية والهيئات الحقوقية عن جرائم الأسد والروس في حق الشعب السوري .
  5. دعاء مؤثر للشعب السوري المسلم .
  6. نهاية الظالمين وخيمة وعاقبتهم أليمة .
  7. النصر لابد له من تضحيات .

اقتباس

العالم الذي أصبح غابةً يأكل فيها القوي الضعيف لما حكمه اليهود والنصارى، وقد كان واحةً آمنةً يعيش فيها المسلم والكافر لما حكمه المسلمون. العالم الذي أنشأ الهيئات والمنظمات ليحكم القبضة على المسلمين، لا ليقيم العدل وينشر السلام. العالم الذي يدعي أنه ...

الخطبة الأولى:

إن الحمد لله، نحمد ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران: 102].

(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النساء: 1].

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب: 70 - 71].

أما بعد:

فيا عباد الله -أيها المسلمون- يحار العقل ويحار الفكر فيما يحدث للمستضعفين في بلاد الشام على يد النظام السوري والجيش الروسي والميلشيات الإيرانية، مجازر لا تنتهي؛ مجزرة الغوطة، مجزرة جديد الفضل، مجزرة داريا، مجزرة الحولة، مجزرة القبير، مجزرة نهر حلب، مجزرة حماة، مجزرة البيضاء، وغيرها من المجازر التي ارتكبها النظام السوري وأعوانه بالشعب السوري المستضعف، ما يقرب من خمس سنوات وأنهار الدم لم تجف والمجازر لا تنتهي.

وفي الأسبوع الماضي ارتكب النظام السوري والجيش الروسي مجزرةً جديدةً في حلب راح ضحيتها ما يقرب من الألف ما بين قتيل وجريح؛ حتى المستشفيات لم تسلم من الآلة العسكرية، استخدم الطيران السوري والروسي القنابل الفسفورية في قصف مدينة حلب، وهي قنابل تتمتع بقدرة عالية على الحرق وتولد درجة حرارة كبيرة تؤدي لتفحم الأجسام والكائنات الحية، كما استخدمت القنابل الارتجاجية وهي من القنابل الخارقة للأرض.

الجيش الروسي يجرب أسلحته في المستضعفين، والنظام السوي وإيران يفرغون حقدهم في أجساد المساكين، ودول الغرب تستنكر في العلن وتبارك في الخفاء، ولو وقع هذا لإسرائيل لاهتز العالم بأسره، ولتحركت حاملات الطائرات وراجمات الصواريخ في طرفة عين.

اجتمع الكفر على المستضعفين في بلاد الشام، اليهود والنصارى والمجوس.

لطفك اللهم فيهم إنهم

في حصار الدهر باتوا شردًا

يمضغ الكون على أكفانهم

ماضغات الموت في حد الردى

خمس سنوات والآلة العسكرية المتطورة تدك بلاد الشام، لا تستثني بيتًا لفقير ولا مسجدًا ولا مدرسةً ولا مستشفًى، لا تفرق بين صغير أو كبير، لا تفرق بين رجل أو امرأة!

خمس سنوات دمرت كل شيء في بلاد الشام ورجعت به إلى الوراء عشرات السنين حتى أصبحت خاويةً على عروشها كأن لم تغن بالأمس!

خمس سنوات والطائرات والصواريخ ترسل على الشعب السوري نيرانها كأنما ترسلها على الصحراء أو في قاع البحار والمحيطات!

خمس سنوات لا ترى إلا الدمار لا ترى إلا الدماء لا ترى إلا الدموع لا ترى إلا الجرحى لا ترى إلا الجثث لا ترى إلا الموت، كل شيء هناك يموت الإنسان والحيوان والنبات، أطفال ونساء يخرجون من تحت الأنقاض، يخرجون أحياءً وأمواتًا! والعالم يتابع بالنقل الحي المباشر جرائم الإبادة الوحشية كأنما يتابع فيلمًا سينمائيًا؛ يرى مشاهد القتل والإبادة لكل مقومات الحياة، يرى أطفالًا يموتون مرضًا، وأطفالًا يموتون جوعًا ،وأطفالًا يموتون حرقًا بالقنابل والصواريخ، وأطفالًا يموتون على مقاعد الدراسة! يرى نساءً تمزق أجسادهن! ويسمع عن نساء تهتك أعراضهن! يرى مرضى في المستشفيات يطلبون الحياة على سرير المرض فتمزق القنابل والصواريخ أجسادهم على الأسرة عندها يصبح السرير نعشًا!

لكن هذه لم تعد تحرك ساكنًا في قلب العالم المتحضر، لم تحرك المنظمات الدولية والهيئات الحقوقية؛ لأن الشعب السوري شعب مسلم، يشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، هذا ذنبهم، هذا ذنبهم أمام العالم المجرم الذي يتحكم فيه اليهود والنصارى: (وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ * الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) [البروج: 8 - 9].

العالم الذي أصبح غابةً يأكل فيها القوي الضعيف لما حكمه اليهود والنصارى، وقد كان واحةً آمنةً يعيش فيها المسلم والكافر لما حكمه المسلمون.

العالم الذي أنشأ الهيئات والمنظمات ليحكم القبضة على المسلمين، لا ليقيم العدل وينشر السلام.

العالم الذي يدعي أنه يرعى حقوق الحيوان وهو يقتل المسلم بأبشع الطرق وأقوى الأسلحة بلا رحمة ولا شفقة.

لذا أنا لا أخاطب هذا العالم الذي لا ضمير له، لا أخاطب هذا العالم الذي لا ضمير له ولا إنسانية فيه، ولا أخاطب الهيئات والمنظمات العربية والإسلامية فقد نفضت يدها وأعلنت عجزها، ولا أخاطب الشعوب المسلمة ولا أخاطبكم أنتم، فأنا أعلم ما في قلوبهم وقلوبكم من اللوعة والحرقة والأسى، ولكن أخاطب الذي على العرش استوى وعلى الملك احتوى، أخاطب الذي على العرش استوى وعلى الملك احتوى، الذي لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء: فاللهم اللهم اللهم يا من خضعت لعظمته الرقاب، وذلت لجبروته الصعاب، اللهم يا كاسر الأكاسرة، ويا قاصر القياصرة، يا من أهلك عادًا الأولى وثمود فما أبقى، والمؤتفكة أهوى؛ أهلك بشار وجنده، اللهم أهلك بشار وجنده وأعوانه، اللهم أهلك بشار وجنده وأعوانه، اللهم عليك ببشار، اللهم عليك بروسيا، اللهم عليك بإيران، اللهم شتت شملهم، اللهم فرق جمعهم، اللهم اجعل الدائرة عليهم، اللهم اقتلهم بسلاحهم، اللهم أرنا فيهم عجائب قدرتك، يا قوي يا قادر، اللهم أزل ملكهم، اللهم زلزل عروشهم، اللهم انتقم للمستضعفين منهم، اللهم سلط عليهم ما نزل من السماء وما خرج من الأرض، اللهم عليك بهم فإنهم لا يعجزونك، يا من لا يهزم جنده ولا يخلف وعده.

اللهم يا أمان الخائفين يا أمان الخائفين يا أمان الخائفين، يا نصير المستضعفين كن لإخواننا في حلب، كن لإخواننا في حلب، كن لإخواننا في بلاد الشام، اللهم سكن رعبهم، اللهم سكن رعبهم، اللهم آمن خوفهم، اللهم ارحم ضعفهم، اللهم اجبر كسرهم، اللهم تول أمرهم، اللهم احقن دماءهم، اللهم احفظ أعراضهم، اللهم كن لهم ناصرًا ومعينًا ومؤيدًا وظهيرًا، يا ناصر المستضعفين، يا ناصر المستضعفين، يا ناصر المستضعفين، اللهم اشف مرضاهم، وفك أسراهم، وعاف مبتلاهم، اللهم إن ليلهم قد طال، اللهم إن ليلهم قد طال، اللهم إن ليلهم قد طال، اللهم إن الكرب اشتد عليهم، اللهم إن الكرب اشتد عليهم، اللهم إن أمورهم ترجع إليك وحالهم لا تخفى عليك ولا نشكوها إلا إليك، يا صاحب كل نجوى ويا منتهى كل شكوى، يا صاحب كل نجوى ويا منتهى كل شكوى، يا سميع الدعاء، يا قريب يا مجيب، اللهم إنا نستودعك أهلنا في بلاد الشام، اللهم احفظهم بحفظك واحرسهم بعينك التي لا تنام، يا قوي يا قادر، اللهم انصر دينك وكتابك وسنة نبيك وعبادك الصالحين، اللهم صل وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

اللهم إنا نستغفرك إنك أنت الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:

الحمد لله الذي يقضي بما يشاء ويفعل ما يريد، نحمده هو الولي الحميد، وصلى الله وسلم وبارك على سيد العبيد، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم المزيد، وسلم تسليمًا كثيرًا.

أما بعد:

فيا معاشر المسلمين: ونحن نرى ما يفعل بالمستضعفين بالمسلمين في بلاد الشام وبلاد الله الواسعة نتذكر قول الله -تعالى- لنبيه -عليه الصلاة والسلام-: (وَإِنَّا عَلَى أَنْ نُرِيَكَ مَا نَعِدُهُمْ لَقَادِرُونَ) [المؤمنون: 95] فلو أراد الله لأهلك بشار وجنده، ولو شاء الله ما فعل ما فعل ولكن لله الحكمة، هو العليم الحكيم، ما قضى قضاءً إلا عن حكمة بالغة، ربما علمناها وربما خفيت علينا، لكننا نؤمن أن الظالم له نهاية، نؤمن أن الظالم له نهاية وخيمة، سيذوق عاقبة ظلمه عاجلًا أو آجلًا؛ لكن متى هذا؟! لسنا من يحدد هذا، هذا يقدره العليم القدير: (وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ) [إبراهيم: 42].

نحن نثق بوعد الله بنصر المؤمنين، نحن نثق بوعد الله بإهلاك الظالمين، لكن اقتضت حكمة العليم الحكيم أن النصر لا بد له من تضحيات، لا بد له من دماء، لا بد له من دموع، لا بد له من آلام، هكذا قضى الله وقدر، ثم تكون العاقبة لجند الله وحزبه، جرى هذا على أفضل الخلق على الأنبياء والمرسلين -عليهم الصلاة والسلام- وعلى أتباعهم على الحق، وستجري سنة الله على غيرهم إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.

لقد جاء خباب بن الأرت إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- وقد مزقت شياط المشركين ظهره، يشكو إليه ما يلاقون من المشركين من تعذيب فقال له: ألا تستنصر لنا، ألا تدعو لنا؟! فجلس -عليه الصلاة والسلام- مغضبًا ثم قال: "قد كان من قبلكم يؤخذ الرجل فيحفر له في الأرض فيجعل فيها فيجاء بالمنشار فيوضع على رأسه فيجعل نصفين ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه وعظمه ما يصده عن دين الله، والله ليتمن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله والذئب على غنمه ولكنكم تستعجلون".

فاللهم أفرغ علينا صبرًا واجعل للمستضعفين فرجًا عاجلًا.

هذا، وصلوا وسلموا -رحمكم الله- على محمد بن عبد الله امتثالًا لأمر الله: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب: 56].

اللهم صل وسلم وزد وبارك على عبدك ورسولك نبينا محمد، وارض اللهم عن الصحابة أجمعين وعن التابعين وتابعي التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بمنك وكرمك ورحمتك يا أرحم الراحمين.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أعز الإسلام وانصر المسلمين، اللهم أذل الشرك والمشركين، اللهم دمر أعداء الدين، اللهم احقن دماء المسلمين، اللهم كن للمستضعفين، اللهم كن لهم ناصرًا يوم قل الناصر، اللهم كن لهم معينًا يوم قل المعين.

اللهم آمنا في دورنا وأصلح ولاة أمورنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك برحمتك يا أرحم الراحمين.

اللهم ول على المسلمين خيارهم، واكفهم شر أشرارهم.

اللهم احقن دماء المسلمين في كل مكان، اللهم احقن دماء المسلمين في كل مكان.

اللهم انصر جنودنا في الحد الجنوبي، اللهم كن لهم ناصرًا ومعينًا، اللهم انصرهم وأيدهم وأعنهم، اللهم أعدهم غانمين سالمين منصورين يا قوي يا قادر.

اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها وأجرنا من خزي الدنيا ومن عذاب الآخرة.

اللهم اجعل ما نستقبل من أيامنا خيرًا مما استدبرنا يا رب العالمين.

اللهم أصلحنا وأصلح لنا وأصلح بنا واجعلنا هداةً مهتدين غير ضالين ولا مضلين.

اللهم اغفر لنا ولوالدينا كما ربونا صغارًا.

اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات.

(رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ) [الحشر: 10].

(رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) [البقرة: 201].

(سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) [الصافات: 180 - 182].

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.