النصير
كلمة (النصير) في اللغة (فعيل) بمعنى (فاعل) أي الناصر، ومعناه العون...
العربية
المؤلف | أحمد بن ناصر الطيار |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | الدعوة والاحتساب - التاريخ وتقويم البلدان |
ها هي أحداث سوريا الجريحة, وقد مضى على آلامِها أكثرُ من ستّةِ أعوام، والشعبُ الْمُسلمُ المظلوم, يُناضل لأجل كرامته وحرِّيَّته وعرضه, لكنَّ نظامه الجَرم النصيريَّ قابلَ مطالبهمْ بالحديد والنار, ورماهم بأقسى الأسلحة والعتاد, وسارعتْ دُولُ الرافضة وأحزابُها من العراق ولبنان وإيران, تحت غطاءٍ روسيٍّ حاقد,.. وإنَّ الواجب على الأمَّة ألا تقف مُتفرِّجة, بل الواجب على كلِّ مسلم أنْ يُقدِّم لهمُ المساعدة حَسَبَ اسْتطاعته, وإنه لا أقلَّ من مُساعدتهم بصادقِ دُعائه, وتخفيفِ مُصابهم بأمواله.
الخطبة الأولى:
إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتد، ومن يضلل فلن تجد له وليًّا مرشدًا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبدُ الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين وتابعيهم وسلم تسليمًا كثيرًا.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران:102]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النساء:1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب:70-71].
أما بعد: فإنَّ خير الحديث كتابُ الله، وخير الهدي هديُ محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
عباد الله : لقد أخبرنا الله –تعالى- في كتابه عن الكفار والمشركين, مهما أظهروا لنا مودَّةً وتسامحا, بأنهم يبغوننا العداوة والأذى, ويتحيَّنون الفرص للتكالب علينا, وأنهم إذا تمكنوا وظهروا سامونا الإذلال والنكال.
قال الله تعالى: (وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا) [البقرة: 217]، أي: أن الكفار على اختلاف مِلَلهم, وتنُّوعِ مُعتقداتهم, لن يزالوا يقاتلوننا, ويبغون سفك دمائنا, ولن تنتهيَ عداوتُهم إلا بأمرٍ واحد, وهو أن نتخلَّى عن ديننا الحنيف إن استطاعوا, أي: أنهم لن يستطيعوا ذلك أبدا.
وقال تعالى: (كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلا وَلا ذِمَّةً يُرْضُونَكُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ) [التوبة: 8].
قال ابن كثير -رحمه الله-: يقول تعالى محرضًا للمؤمنين على معاداة المشركين والتبري منهم، ومبينًا أنهم لا يستحقون أن يكون لهم عهد, لشركهم بالله, وكفرهم برسول الله, ولو أنهم إذ ظهروا على المسلمين وأُدِيلوا عليهم، لم يبقوا ولم يذروا، ولا راقبوا فيهم إلًّا ولا ذمة.
وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: "الإل": القرابة، "والذمة": العهد. ا.هـ.
نعم أيها المسلمون, هكذا أخبرنا ربنا عن الكفار والمشركين, أنهم إذا ظهروا على المسلمين وتمكنوا,لم يبقوا ولم يذروا، ولم يرقبوا فينا قرابة أو عهدا.
وخيرُ شاهدٍ على هذا, ما يقوم به طاغية الشام, وأعونُه من النصيريين والباطنيين, فقد أذاقوا شعبهم وأهلهم وبني جِلدتهم, صنوفَ العذاب والنكال, والبطش والوبال, وما المجزرة الأخيرة إلا بعضُ جُرْمهم, وجانبٌ من حقدهم وتوحشهم, فيا سبحان الله!! ما ذنب الأطفال الرضع, والشيُّوخ الرُّكع, هل هؤلاء يقاتلون أو يقاومون؟, أم هؤلاء مجرمون وإرْهابيُّون؟!
وصدق شيخ الإسلام -رحمه الله- حين قال: "هؤلاء القوم المُسمَّون بالنصيريَّة, الذين ينزلون جبال الدروز من بلاد الشام وغيرها, وسائرُ أصناف القرامطة الباطنية, هم أكفر من اليهود والنصارى, بل وأكفر من كثير من المشركين, وفيهم من جنس دين البراهمة والوثنيين والملحدين, وضررهم على أمة محمد -صلى الله عليه وسلم-, أعظم من الكفار المحاربين, مثلَ كفار الترك والافرنج وغيرهم". ا.هـ
فهؤلاء النُّصيريُّون الحاقدون, فعلوا ما لم تفعله أمَّةٌ من الأمم, وتجردُّوا من كلِّ الأخلاق والقِيَم, إنهم يتلذذون بسفك دماء المسلمين, ويتفننون بأنواع القتل والإعدام, لم يبق بيتٌ إلا وفيه مصيبةٌ وكارثة.
والرافضة على اختلاف طوائفهم يستحلون السنّيِّ.
قال إمامُهمُ الخمينيُّ في كتابه تحريرُ الوسيلةِ : "والأقوى إلحاق النواصب بأهل الحرب, في إباحة ما اغْتُنِم منهم, بل الظاهر جوازُ أخذ ماله أين وجد".
فهذه عقيدتُهم وديانَتُهم, فكيف نستغرب ما يقومون به ضدَّ أهلِ السنة والجماعة في سوريا والعراقِ وإيران؟
والواجب على جميع المسلمين مُساعدتهم, والوقوفُ معهم بالمال والدعاء, والبذل والعطاء.
وقد عاب الله تعالى, على من تخاذل عن نُصرة المسلمين, فقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ * إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) [التوبة: 38- 39].
فخُذلان المستضعفين هي من صفات المنافقين, وسجايا المفتونين, مُتوعَّدٌ صاحبها بالعذاب الأليم, وغضب القويِّ المتين.
فاتقوا الله عباد الله, ولْيسأل كلُّ واحدٍ نفسه, ما ذا قدم لإخوانه المستضعفين في الشام, الذين أُهدرت دماؤهم, وانتُهكت حرُماتهم, واسْتُبيحت أعراضهم. فإن أُغلق بابٌ من الأبواب, فلا حجة فيه للبخيل والمرتاب, لأن أبواب نُصرتهم كثيرة, وطرق الدعم وفيرة.
نسأل الله بأسمائه وصفاته أن ينتقم للمستضعفين في سوريا, وأن يهلك أعدائهم, ويحفظ أعراضهم, ويحقن دمائهم, إنه سميع مجيب.
الخطبة الثانية:
الحمد لله الذي خلق فسوَّى، وقَدَّر فهدى، وصلى الله وسلم على رسوله المجتبى، وعلى آلِه وأصحابِه أعلام الهدى، أما بعد:
أيها المسلمون: ها هي أحداث سوريا الجريحة, وقد مضى على آلامِها أكثرُ من ستّةِ أعوام، والشعبُ الْمُسلمُ المظلوم, يُناضل لأجل كرامته وحرِّيَّته وعرضه, لكنَّ نظامه المجرمَ النصيريَّ قابلَ مطالبهمْ بالحديد والنار, ورماهم بأقسى الأسلحة والعتاد, وشرّدهم شذر مذر.
وسارعتْ دُولُ الرافضة وأحزابُها من العراق ولبنان وإيران, تحت غطاءٍ روسيٍّ حاقد, إلى دعمه والوقوفِ بجانبه, في وجه الشعب الْمُطالِبِ بحقوقه وكرامته.
وإنَّ الواجب على الأمَّة ألا تقف مُتفرِّجة, بل الواجب على كلِّ مَنْ يُؤمن بالله واليومِ الآخر: أنْ يُقدِّم لهمُ المساعدة حَسَبَ اسْتطاعته, وإنه لا أقلَّ من مُساعدتهم بصادقِ دُعائه, وتخفيفِ مُصابهم بأمواله.
وقد دعت المملكة حرسها اله إلى جمع التبرعات لهم, ووضعت حساباتٍ لاستقبال التبرعات.
فبادروا يا مَنْ تتقلَّبون بنعم الله, وتعيشون برغد العيشِ ولذة الأمن والعافية, بادروا إلى دعم إخوانكم بما فَضُلَ عندكم, واعلموا أنَّكم إنْ خذلتموهم خذلكم الله, وإنْ منعتموهم ما عندكم منعكم الله ما عنده.
وتأمَّل يا مَنْ بَخَلْتَ على إخوانك, وحرمتهم ما زاد عن حاجتك: تأمَّل قولَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "ثَلَاثَةٌ لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ, وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ, - وذكر منهم-: وَرَجُلٌ مَنَعَ فَضْلَ مَاءٍ, - أي ما زاد عن حاجته من الماء- فَيَقُولُ اللَّهُ يوم القيامة: الْيَوْمَ أَمْنَعُكَ فَضْلِي, كَمَا مَنَعْتَ فَضْلَ مَا لَمْ تَعْمَلْ يَدَاكَ" (متفق عليه).
اذهب إلى بيتك, وفتِّش في مخازنك وثلاجاتك: كم ستجد مِن طعامٍ وكساءٍ وفِراش, هي زائدٌ عن حاجتك, لا يضرُّك لو خرجَتْ من يدك, وإخوانك من اللاجئين يتضوَّرون جوعاً, ويفترشون الأرضَ ويلتحفون السماء, ألا تخشى أنْ يقول الله لك يوم القيامة, وقد زيَّن جنَّته للمؤمنين, وهيَّأها لَلْمُنفقين والباذلين: "الْيَوْمَ أَمْنَعُكَ فَضْلِي, كَمَا مَنَعْتَ عبادي فَضْلَ مَا عندك"؟!
اللهم اربط على قلوب الموحدين في سوريا, اللهم ثبِّت أقدامهم، وانصرهم على من عادهم, اللهم آمِنْ رَوعتُهم، واربط على قلوبهم، واحفظ أعراضهم، ووحِّدْ صفهم، وسدد رميهم, واجمع كلمتهم يا رب العالمين.
اللهم إنَّ أهل الشامِ قد عادوا إليك, وجاهدوا في سبيلك, وقاتلوا أعداءك, فاللهم إنك وعدت وأنت لا تُخلف الميعاد: بأنْ تنصُرَ مَن نصر دينك, فاللهم انصرهم نصراً مُؤزَّراً, اللهم عجِّل فرجهم وخلاصَهم, اللهم كن للأرامل واليتامى والمساكين، والمحصورين والمأسورين.
اللهم منزل الكتاب، ومجري السحاب، وهازم الأحزاب، اهزم الطاغيةَ بشارَ وجُنْدَه، اللهم اشدد وطأتك عليهم، واجعلها عليهم سنين كسنيِّ يوسف, يا حيُّ يا قيُّوم.
اللهم آمنا في أوطاننا وأوطان المسلمين.