الجميل
كلمة (الجميل) في اللغة صفة على وزن (فعيل) من الجمال وهو الحُسن،...
العربية
المؤلف | عبد العزيز بن داود الفايز |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | المنجيات - أركان الإيمان |
إن المتأمل لحال بعض الناس يرى عندهم من الاضطراب، من القلق والهم والحزن، وإذا نظر إلى المجتمعات الغربية وما فيها من وسائل الراحة والرفاهية، وما وصلوا إليه من التقنية الحديثة إلا أنهم يعيشون في ضنك وهم، نرى الانتحار بأشكاله وصوره حتى أوجدوا في مستشفيات بما...
الخطبة الأولى:
الحمد لله، الحمد لله القائل: (طه * مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى) [طه: 1-2]. الحمد لله الذي أرشد عباده إلى طريق السعادة الدنيا والآخرة، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، وصفيه وخليله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، ومن سار على طريقته ونهجه، وعنا معهم بمنك وعفوك وكرمك.
أما بعد:
فيا عباد الله: (اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران: 102].
أيها المؤمنون: إن المتأمل لحال بعض الناس يرى عندهم من الاضطراب، من القلق والهم والحزن، وإذا نظر إلى المجتمعات الغربية وما فيها من وسائل الراحة والرفاهية، وما وصلوا إليه من التقنية الحديثة إلا أنهم يعيشون في ضنك وهم، نرى الانتحار بأشكاله وصوره حتى أوجدوا في مستشفيات بما يسمى الموت المريح، وقد انتقل هذا المرض أعني القلق والاكتئاب إلى بعض المسلمين، أنا أقول: لا يعني أن المسلم لا يصاب بشيء من الحزن، ونحو ذلك، بل هذا أمر طبيعي وظاهرة صحية أن الإنسان يحزن لما يجب الحزن، لكن أتحدث عن الأمراض التي جعلت الإنسان لا ينام الليل، جعلت بعض الناس يضطرون إلى أنهم لا ينامون إلا على المهدئات، ويقضون جُل أوقاتهم بالهم والحزن، والقلق والاكتئاب.
وديننا -يا عباد الله- دين الرحمة، الله -جل وعلا- خلق البشرية وهو أرحم وهو أعلم، وهو أحكم، خلقهم جل وعلا لإسعادهم في الدنيا والآخرة، وجعل لهم من الوسائل إن تمسكوا بها سعدوا في الدنيا والآخرة.
ومصدر السعادة -يا عباد الله- هو: الإيمان بالله -جل في علاه-، ولذلك نجد أن الأطباء النفسيين أول ما يرشدون إليه المريض أن يتعلق بالله -جل وعلا- لا بد له من الإيمان، حتى من يدينون بغير دين الإسلام، كاليهود والنصارى، لا بد أن تؤمن بالله -جل وعلا-، فالإيمان -يا عباد الله- هو مصدر السعادة.
ونجد أن الذين لا يؤمنون أشقى الناس، إذا نظرت إلى على سبيل المثال إلى السويد الذين لا يؤمنون بدين نجد أن نسبة الانتحار عندهم قد ارتفعت، ونجد أن بعض الدول كذلك كالدنمارك وثمانين بالمائة لا يدينون بدين نجد أن نسبة الانتحار عندهم قد ارتفعت.
إذن -أيها الأحبة- مصدر السعادة للبشرية هو الإيمان بالله -جل وعلا-، هو أن يحقق المسلم التوحيد لله -سبحانه وتعالى-، أن يتعلق قلبه بخالقه -جل وعلا-: (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ) [الأنعام: 82] لا يدعون غير الله، ولا يرجون غير الله، ولا يخافون إلا الله، تعلقت قلوبهم بالله -جل وعلا-، لا يذهبون إلى الأضرحة والقبور، ويدعونهم، وإنما يعلقون قلوبهم بالله -جل وعلا-.
والمؤمن -يا عباد الله- يؤمن أن ما كان وما سيكون في هذا الكون بعلم الله -جل وعلا-: (مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) [التغابن: 11] قال ابن عباس قال علقمة: "هو الرجل تصيبه المصيبة فيعلم بأنها من عند الله فيرضى ويسلم" وقال ابن عباس: "هو الرجل يرضى بقضاء الله -جل وعلا- وقدره فيعطيه ربنا -جل وعلا- الصبر"، يعطيه ربنا -جل وعلا- الصبر والتسليم على قضاء الله وقدره، وقال سبحانه: (مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ) [التغابن: 11]، (مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ * لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ) [الحديد: 22-23]، فالمؤمن يؤمن بقضاء الله وقدره، وإذا أصابه شيء قال: الحمد لله على قضاء الله وقدره، اللهم اجرني في مصيبتي واخلف لي خيرا منها: (إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ) [البقرة: 156-157]، لا يتحسرون على ماض.
"استعن بالله ولا تعجزن، وإذا أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت كذا لكان كذا".
نعم، يرضى المسلم بقضاء الله وقدره، يقول أنس -رضي الله عنه-: "خدمت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عشر سنين".
بعض أهله قال: "اتركه لو أراد الله لكان" فما في هذا الكون -يا عباد الله- قد قدره الله -جل وعلا-.
فالمؤمن -يا عباد الله- يعلم أن الله قد فرغ من مقادر الخلائق قبل أن يخلق السموات بخمسين ألف سنة؛ كما جاء في صحيح مسلم، فالمقادير قد فرغ منها، فالمؤمن يسلم بقضاء الله -جل وعلا- وقدره، يرضى ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه.
والمؤمن -يا عباد الله- لا يخاف من المستقبل؛ لأنه توكل على العزيز، توكل على الله، توكل على الواحد الأحد على الفرد الصمد، وربنا -جل وعلا- يقول: (قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا) [التوبة: 51]، (وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ) [الطلاق: 3].
وكثيرٌ من الأمراض النفسية -يا عباد الله- تجد أنها إما أسى على ماضٍ كخسارة مالية، أو خسارة لوظيفة، أو خسارة بأي خسارة من خسارات الدنيا، أو أن الإنسان يخاف على أمر المستقبل، يخاف على نفسه، يخاف من المرض، يخاف على تجارته، لكن المؤمن يتوكل على الله -جل وعلا-، يفعل الأسباب التي أمر الله -جل وعلا- بها، ويتوكل على ربه -جل وعلا- ثم يرتاح وتطمئن نفسه ويسكن قلبه؛ لأنه توكل على الله -جل وعلا-، ومن توكل على الله -سبحانه وتعالى- كفاه.
والمؤمن -يا عباد الله- يتصل قلبه بخالقه -جل وعلا- في كل حين، يذكر ربه -جل وعلا-، والله -سبحانه وتعالى- يقول: (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) [الرعد: 28].
فالقلوب -يا عباد الله- لا تطمئن إلا إذا اتصلت بعلام الغيوب.
نعم -يا عبد الله- فالسكينة تنزل عليك إذا ذكرتَ الله -جل في علاه-: (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) [الرعد: 28].
وإذا فزعه أمرٌ فزع إلى الصلاة، يتأسى بالحبيب -صلى الله عليه وسلم-، والصلاةُ فيها سكينة وفيها طمأنينة وفيها انشراح؛ لأنها اتصال بالله -سبحانه وتعالى-، وكان رسول الهدى -صلى الله عليه وسلم- إذا حزبه أمرٌ فزع إلى الصلاة -صلوات ربي وسلامه عليه-.
ويتلذذ عندما يقوم يناجي ربه -جل وعلا-، وكان يقول: "يا بلال، أرحنا بالصلاة".
فكانت راحته صلى الله عليه وسلم عندما يتصل قلبه بخالقه -جل في علاه-، وقال حبيبنا -صلى الله عليه وسلم-: "حُبب إلي من دنياكم النساء والطيب، وجعلت قرة عيني في الصلاة".
فالمؤمن تقر عينه عندما يذهب إلى بيت من بيوت الله يؤدي الصلاة؛ لأنها صلة بالله -جل وعلا-؛ لأنها سكينة، أفضلُ ساعة ولحظة يقضيها المؤمن عندما يسجد لله، أتدرون لماذا؟ لأنها أقرب صفة يكون العبدُ فيها إلى خالقه -جل وعلا-، فمَن استحضر هذا المعنى لا يريد أن ينهض من سجوده؛ لأنه يناجي ربه، يناجي خالقه -سبحانه وتعالى-، يتضرع إلى ربه -جل في علاه-، ويعيش في سكينة وسعادةٍ لا يدركها أصحاب القصور الذين أبعدوا عن الله، لا يدركها أصحاب الأموال الذين أبعدوا عند الله، كم من شخص يسكن في قصر كبيرٍ وواسع ويركب سيارة فارهةً وعنده من الأموال الطائلة، وهو بعيدٌ عن ربه -جل وعلا- ويعيش في شقاء ويعيش بعناء ويعيش في هم لا يعلمه إلا الله؛ لأن الله -جل وعلا- خلق البشرية -يا عباد الله- على الفطرة: "خلقتُ عبادي حنفاء فاجتالتهم الشياطين" فمن زاغ عن الفطرة التي استجابت لها السموات السبع، واستجابت لها الأراضين، واستجاب لها الشجر، واستجاب لها الحجر: (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ) [الإسراء: 44].
كل ما في هذا الكون استجاب لرب الكون، فمن أعرض عن الله -جل وعلا-، فإن له حياة الشقاء، يقول الله -جل وعلا-: (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي) أي عن طاعتي وعن القرآن: (فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى) [طه: 124].
ومَن استقام على أمر الله واستجاب لأمر الله، وإن فقد شيئًا من ملذات الحياة، ومتع الحياة، فإنه يعيش في طمأنينة، يقول الله -جل وعلا-: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً) [النحل: 97] حياةً كريمة، حياةً هنيئة، إن أعطي شكر، وإذا بلي صبر، قد سلم أمره لله -جل في علاه-: (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ) [فصلت: 30].
المؤمن -يا عباد الله- يقرأ كلام الله -جل وعلا- ويجد فيه السكينة.
نعم، "ما اجتمع قومٌ في بيت من بيوت الله".
وفي رواية: "ما اجتمع قومٌ يتلون كتاب الله، إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده".
يأخذ كتاب الله، جعل له وردًا من كتاب الله، يقرأ كل يوم في كتاب الله -جل وعلا-، فتنزل على قلبه السكينة ويجد البركة في حياته؛ لأنه يقرأ كلام الله، ويتلذذ بهذا الكلام؛ لأن المؤمن يعلم علم اليقين أن هذا الكلام الذي يقرأه قد تلفظ به الجليل -جل وعلا-، قد تلفظ به ربنا -سبحانه وتعالى-، ونطق به ربنا -سبحانه وتعالى- فهو يتلذذ بهذه القراءة، ويعلم أنه بقراءته للقرآن -يا عباد الله- ترتفع درجاته عند ربه -جل وعلا-.
والمؤمن -يا عباد الله- يلجأ إلى الله -جل وعلا-، فإذا أهمه أمر لجأ إلى الله وانكسر بين يدي خالقه -سبحانه وتعالى-، ومَن تعرف على الله عرفه في الشدة، نعم: "ولا يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، ولئن سألني لأعطينه".
فالمؤمن -يا عباد الله- وكله أمل وثق بخالقه -جل وعلا- فيجيب دعوته متى؟ الله أعلم هو مأمور أن يدعو ربه، يتلذذ بالعبادة، وينتظر الفرج.
وانتظار الفرج -يا عباد الله- من أعظم القربات لا يعترض على ربه، ولا يقول تأخر الدعاء، بل يستمر في الدعاء والدعاء هو العبادة، فالمؤمن يلجأ إلى ربه -سبحانه وتعالى-، يتلذذ -يا عباد الله- بتلك المناجاة.
ومن حكمة الابتلاء التي يعلمها المؤمن: أن يلجأ المسلم إلى ربه -سبحانه وتعالى-، يلجأ إلى خالقه جل وعلا، والبلاء -يا عباد الله- يقرب العبد إلى ربه -جل وعلا- ويعلم المؤمن بهذا الإيمان، يعلم المؤمن بهذا الأمر فيلجأ إلى الله -سبحانه وتعالى-، ويتقرب إلى ربه، ويأوي إلى ركن شديد، نعم وعند المؤمن من الأدعية والأذكار كأذكار الصباح والمساء، والأذكار التي تقال بعد الصلاة، وكذلك أدعية الكرب والهم والغم.
نعم، فالمؤمن -يا عباد الله- يتصل قلبه بالله -جل وعلا-، ويشعر بالسكينة والطمأنينة، ويدخل جنة الدنيا قبل جنة الآخرة.
نسأل الله الكريم من فضله.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.
أقول هذا القول، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب وخطيئة فاستغفروا الله إنه هو الغفور رحيم.
الخطبة الأولى:
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونتوكل عليه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، وصفيه وخليله.
أما بعد:
فيا عباد الله: اتقوا الله حق تقاته، واسعوا في الأمور التي ترضي ربنا -جل في علاه-.
واعلموا -يا عباد الله- أن من أسباب السعادة التي جعلها الله -جل وعلا- سببا لذلك: أن يحسن الإنسان القيام بحقوق الخلق، وهذا من أسباب السعادة.
فالمؤمن -يا عباد الله- يدعوه إيمانه أن يحسن علاقته مع أبيه ومع أمه، تربطه علاقات سماوية مع أبيه ومع أمه، وتربطه علاقة دل عليها القرآن والسنة مع جيرانه، ويعلم أن الجيران لهم حقوق تربطه علاقة مع جميع الناس، يتقرب إلى الله -جل وعلا- بحسن معاملة ويستحضر أن أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا، وأن النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إن أقربكم إلي منزلا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا".
و "تبسمك في وجه أخيك صدقة".
ومن أسباب الأمراض النفسية: سوء العلاقات الاجتماعية، فهذا يهجر هذا، ويهجر قريبه، بل ربما يهجر أخاه، ويتقاطع الجيران، يتقاطع الأقارب يتقاطع الزملاء، وهذا شأنا أم أبينا من أسباب التوتر ومن أسباب القلق، لا يمكن لأي إنسان أن يرتاح إلا إذا حسن علاقته مع ربه -جل وعلا- ثم مع عباد الله المؤمنين، يعادي لله ويوالي لله -سبحانه وتعالى-.
والمؤمن -يا عباد الله- يألف ويؤلف، ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف.
والمؤمن -يا عباد الله- يتعامل مع الخلق بالعفو والتجاوز، كل الناس عندهم أخطاء، ولكن المؤمن ينظر إلى الحسنات ويغض الطرف عن السيئات، نعم حتى الزوجة التي تعيش معك في البيت لابد من الأخطاء، كما أنك تقع في الأخطاء، نعم، فالإنسان يغض الطرف وينظر إلى الحسنات؛ لأن هذه العداوات تجر الهم والغم والأحزان -يا عباد الله-، فعلينا أن نتسامح مع الناس، وأن نعفوا عمن أخطأنا، وأن ننظر إلى الأشياء الإيجابية منهم.
نعم، أما أن يتقاطع الناس لأمر تافه من أمور الدنيا فهذا من أسباب الهم والغم تقرب إلى الله -يا عبد الله- بإحسان أخلاقك مع الناس، وبقضاء حوائج الناس، يقول الله -جل في علاه-: (لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا) [النساء: 114].
ومن جملة الأجر -يا عباد الله-: الفرح والسرور وزوال الهم والغم، عاملوا الناس لا للناس، وإنما تعاملهم لرب الناس -سبحانه وتعالى-: (فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ) [الشورى: 40] فتجد أن المؤمن محبوب يحبه الناس ويدعون له، وهذه عاجل بشرى المؤمن، قالوا: يا رسول الله أرأيت الرجل يعمل العمل فيحبه الناس؟ وفي روايته: فيحمده الناس، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "تلك عاجل بشرى المؤمن".
فالمؤمن -يا عباد الله- يتعامل مع الخلق، وخير الناس الذي يخالق الناس ويصبر على أذاهم؛ لأن كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون، وأنت من الناس، كما يخطأ عليك تخطئ على الناس.
وكما تحب -يا عبد الله- أن يتعامل الناس معك بالعقل والتجاوز، فتعامل معهم كذلك، وعليك أن تسعى -يا أخي الحبيب- في قضاء حوائج الناس، واعلم كما جاء في صحيح مسلم: أن "الله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه"، فإذا ساعدت إخوانك المسلمين فالله معك، فالله -جل وعلا- يعوضك في الدنيا والآخرة، ويعطيك في الدنيا والآخرة.
فعلينا أن نقوم -يا عباد الله- بحقوق الله -جل وعلا- وحقوق عباده، فنسعد في الدنيا والآخرة.
أسأل الله أن يرزقنا وإياكم سعادة الدارين.
هذا، واعلموا أن الله أمركم بأمر بدأ به بنفسه، فقال جل من قائل عليما: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب: 56].
اللهم صل وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم إنا نعوذ بك من الهم والحزن والخلف والاكتئاب، وسائر الأمراض يا رب العالمين.
اللهم إنا نسألك سعادة الدنيا وسعادة الآخرة.
اللهم يا حي يا قيوم أنزل على قلوبنا السكينة والطمأنينة يا رب العالمين، اللهم أحينا حياة كريمة، اللهم أحينا حياة طيبة يا رب العالمين.
اللهم يا واحد يا أحد نسألك بأسمائك الحسنى وصفاتك العلى أن تغفر ذنوبنا، وأن تستر عيوبنا، وأن تيسر أمورنا، وأن تتولانا وأن تحفظنا بحفظك، وأن ترعانا برعايتك يا رب العالمين.
اللهم يا حي يا قيوم فرج هم المهمومين، اللهم فرج هم المهمومين، اللهم فرج هم المهمومين، اللهم اقض الدين عن المدينين، اللهم يا حي يا قيوم اقض الدين عن المدينين يا رب العالمين، اللهم من أرادنا أو أحد من المسلمين بسوء اللهم اشغله بنفسه، واجعل يا رب كيده في نحره، وأدر عليه دائرة السوء يا رب العالمين.
اللهم أصلح أحوال المسلمين، اللهم اجمع قلوبهم، اللهم وحد صفوفهم، اللهم يا حي يا قيوم نسألك الاطمئنان في البلاد، نسألك يا رب الأمن والإيمان والاطمئنان يا رب العالمين.
اللهم يا حي يا قيوم احفظ علينا عقيدتنا، واحفظ علينا ديننا، واحفظ علينا أمننا، ووفق ولاة أمرنا، وارزقهم الجلساء الصالحين الناصحين يا رب العالمين.
اللهم يا حي يا قيوم، نسألك الأمن لبلاد المسلمين عامة، اللهم يا حي يا قيوم نسألك الأمن لبلاد المسلمين عامة.
اللهم اجمع قلوب المسلمين، اللهم اجمع شتات قلوبهم يا رب العالمين، اللهم احقن دماءهم، اللهم ارحم ضعفهم، اللهم اجبر كسرهم، اللهم اجبر كسرهم، اللهم ارحم نساءهم، اللهم ارحم أطفالهم، اللهم ارحم شيوخهم، اللهم أعدهم إلى بلادهم آمنين سالمين يا رب العالمين.
اللهم يا حي يا قيوم أحسن لنا الختام، واجعل يا رب آخر كلامنا من الدنيا شهادة التوحيد، واجعل قبورنا روضة من رياض الجنة، وأظلنا في ظلك يوم لا ظل إلا ظلك، بيض وجوهنا يوم تبيض وجوه، وتسود وجوه، واجعلنا ممن يبشر بروح وريحان، ورب راضٍ غير غضبان، برحمتك يا أرحم الراحمين.
عباد الله: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) [النحل: 90] فاذكروا الله يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم: (وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ) [العنكبوت: 45 ].