الشافي
كلمة (الشافي) في اللغة اسم فاعل من الشفاء، وهو البرء من السقم،...
العربية
المؤلف | محمد بن صالح بن عثيمين |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | التربية والسلوك - المنجيات |
اعلموا: أن في ذكر الله؛ حياة القلوب، والقرب من علام الغيوب. وفي ذكر الله؛ كشف الغموم، وتفريج الكروب. وفي ذكر الله؛ زوال المكروه، وحصول المطلوب. وفي الصحيح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول الله -عز وجل-: "أنا..."
الخطبة الأولى:
الحمد لله الذي جعل ذكره سببا للفوز بدار السلام، ومكفرا للذنوب والآثام، وجعل الإعراض عنه سببا للخسارة والحرمان.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ذو الجلال والإكرام، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أفضل الأنام، ومصباح الظلام، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الكرام، وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم المقام، وسلم تسليما.
أما بعد:
ف(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا)[الأحزاب: 41- 42].
واعلموا: أن في ذكر الله؛ حياة القلوب، والقرب من علام الغيوب.
وفي ذكر الله؛ كشف الغموم، وتفريج الكروب.
وفي ذكر الله؛ زوال المكروه، وحصول المطلوب.
وفي الصحيح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول الله -عز وجل-: "أنا عند ظن عبدي، وأنا معه حين يذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم، وإن اقترب إلى شبرا اقتربت إليه ذراعا، وإن اقترب إلي ذراعا اقتربت إليه باعا، وإن أتاني يمشي أتيته هرولة"[البخاري (6970) مسلم (2675) الترمذي (3603) ابن ماجة (3822) أحمد (2/251)].
وذكر الله -تعالى-؛ محله القلب، واللسان، والجوارح.
فأما ذكر الله؛ بالقلب، فمعناه: أن يكون ذكر الله -تعالى- دائما في قلبه.
يفكر في أسماء الله الحسنى، ومعاني صفاته العليا، وأفعاله التي بهرت العقول، وأحكامه التي بلغت من الحكمة غايتها القصوى.
وأما ذكر الله باللسان؛ فمعناه: أن ينطق بلسانه بذكر ربه، بذكر أسمائه وصفاته وأحكامه، فالتهليل والتكبير والتسبيح والحمد والثناء من ذكر الله، ودرس القرآن، والعلوم الدينية، وتعليمها، وتعلمها من ذكر الله، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر من ذكر الله.
وأما ذكر الله؛ بالجوارح، فإن كل فعل تفعله متقربا إلى الله، متبعا فيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فهو من ذكر الله.
أيها المؤمنون: اذكروا ربكم قياما وقعودا، وعلى جنوبكم، فإن ذلك هو الحياة والصلاح.
واعرفوا -رحمكم الله- الأذكار الواردة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- واعملوا بها، فإنها خير وبركة؛ فمن ذلك أن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال: "من قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير في يوم مئة مرة كانت له عدل عشر رقاب، وكتبت له مئة حسنة، ومحيت عنه مئة سيئة، وكانت له حرزا من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي، ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به إلا أحد عمل أكثر من ذلك، ومن قال: سبحان الله وبحمده في يوم مئة مرة حطت خطاياه، ولو كانت مثل زبد البحر"[البخاري (3119) مسلم (2691) الترمذي (3468) ابن ماجة (3798) أحمد (2/302) مالك (486)].
وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "من قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، عشر مرات، كان كمن أعتق أربعة أنفس من ولد إسماعيل"[البخاري (6041) مسلم (2693) الترمذي (3553)].
وقال صلى الله عليه وسلم: "كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرحمن: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم"[البخاري (6043) مسلم (2694) الترمذي ( 3467) ابن ماجة (3806) أحمد (2/232)].
وقال صلى الله عليه وسلم: "لأن أقول، سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، أحب إلى مما طلعت عليه الشمس"[مسلم (2695)].
وقال صلى الله عليه وسلم: "لقيت ليلة أسري بي إبراهيم الخليل -عليه السلام-، فقال: أقرئ أمتك مني السلام، وأخبرهم أن الجنة طيبة التربة، عذبة الماء، وأنها قيعان، وأن غراسها سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر"[الترمذي (3462)].
وفي صحيح مسلم عن سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه-: "أن أعرابيا قال: يا رسول الله علمني كلاما أقوله، قال: "قل: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الله أكبر كبيرا، والحمد لله كثيرا، وسبحان الله رب العالمين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العزيز الحكيم" قال هؤلاء لربي فما لي قال: "قل: اللهم اغفر لي، وارحمني، واهدني، وارزقني، ولازموا الاستغفار، فإن من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا، ومن كل ضيق مخرجا، ورزقه من حيث لا يحتسب"[مسلم (2696) أحمد (1/185)].
قال ابن عمر -رضي الله عنهما-: كنا نعد لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- في المجلس الواحد مئة مرة ربي اغفر لي، وتب علي إنك أنت التواب الرحيم.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيـم: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا * هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا *تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا)[الأحزاب: 41 - 44].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم... الخ ...