البحث

عبارات مقترحة:

الوتر

كلمة (الوِتر) في اللغة صفة مشبهة باسم الفاعل، ومعناها الفرد،...

الحفيظ

الحفظُ في اللغة هو مراعاةُ الشيء، والاعتناءُ به، و(الحفيظ) اسمٌ...

البصير

(البصير): اسمٌ من أسماء الله الحسنى، يدل على إثباتِ صفة...

صفات أولياء الله وعلامات حسن الخاتمة

العربية

المؤلف فؤاد بن يوسف أبو سعيد
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات المنجيات
عناصر الخطبة
  1. فوز الصحابة بولاية الله ومراتبهم في ذلك .
  2. مواصفات وصفات أولياء الله .
  3. مبشرات وعلامات حسن الخاتمة .

اقتباس

اعلموا: أنَّ الله -عزَّ وجلَّ- جعلَ علاماتٍ يَستدِلُّ بها العبدُ المؤمنُ على الخيرِ له أو لغيرِه، وأماراتٍ يُعرفُ بها أهلُ اللهِ وخاصَّتُه، وأولياؤه وأحبابُه وأصفياؤُه، فالصحابةُ كلُّهم أولياءُ لله، مدحَهم جميعًا في أكثر من موضعٍ في كتابه، وأثنى عليهم رسولُه -صلى الله عليه وسلم-، ونشروا الإسلام في...

الخطبة الأولى:

الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ به من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيرا ونذيرا بين يدي الساعة. من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله، فإنه لا يضرُّ إلا نفسه ولا يضرُّ الله شيئا.

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران:102].

(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) [النساء:1].

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً  * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً) [الأحزاب: 70 - 71].

أما بعد:

فإن خيرَ الكلامِ كلامُ الله، وخيرَ الهديِ هديُ محمَّدٍ -صلى الله عليه وآله وسلم-، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ محدثةٍ بدعة، وكلَّ بدعةٍ ضلالة، وكلَّ ضلالةٍ في النار.

اعلموا -عبادَ الله- أنَّ الله -عزَّ وجلَّ- جعلَ علاماتٍ يَستدِلُّ بها العبدُ المؤمنُ على الخيرِ له أو لغيرِه، وأماراتٍ يُعرفُ بها أهلُ اللهِ وخاصَّتُه، وأولياؤه وأحبابُه وأصفياؤُه.

فالصحابةُ كلُّهم أولياءُ لله، مدحَهم جميعًا في أكثر من موضعٍ في كتابه، وأثنى عليهم رسولُه -صلى الله عليه وسلم-، ونشروا الإسلام في مشارقِ الأرضِ ومغاربها، ودعَوا إلى الله على علمٍ وبصيرة، وغيرِها من علاماتِ الخيرِ والصلاح، فهم من أهلِ الجنَّةِ من الخلفاءِ الأربعة، وبقيَّةِ العشرةِ إلى آخرهم موتا، يسبقونَ من جاء بعدهم على الصراط، ودخولِ الجنات.

ومن بعدهم؛ يُعرفون بعلاماتِ الخيرِ والصلاح، وحسن الخاتمة بمجرد رؤيتهم، فرؤيتُهم وهديُهم وسمتهم يذكِّر بالله -سبحانه-، ف "أولياء الله الذين إذا رؤوا ذُكِرَ اللهُ" [الصحيحة: 1733].

"إنَّ خيارَ عبادِ اللهِ من هذه الأمةِ؛ الذين إذا رُؤوا ذُكرَ الله -تعالى-، وإنَّ شِرارَ عبادِ اللهِ منْ هذهِ الأمَّة؛ المشَّاؤونَ بالنميمة، المفرِّقون بين الأحبَّة، الباغون للبرآء، العنت" [الصحيحة: 2849].

يبحثون عن عيوب الناس، ويقوِّلونهم ما لم يقولوا.

وقال الحسن: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إنَّ للهِ عبادًا إِذا رُؤوا ذُكِرَ الله" [وقال الألباني: "وهذا إسناد مرسل حسن"].

وَوُعاةُ القرآنِ وحفظتُه، هم أهلُ الله وخاصته، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "إِنَّ لِلَّهِ أَهْلِينَ مِنَ النَّاسِ" قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! مَنْ هُمْ؟! قَالَ: "هُمْ أَهْلُ الْقُرْآنِ؛ أَهْلُ اللَّهِ وَخَاصَّتُهُ" [سنن ابن ماجة: 215، صحيح الجامع: 2165].

إنهم من خيرِ الناس، ويجبُ أنْ يكونوا خيرَ الناس "خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ القُرْآنَ وَعَلَّمَهُ" [صحيح البخاري: 5027].

وروَّادُ المساجد، وعمَّارُ بيوتِ اللهِ يُشهَدُ لهم بالخير، فليتَّقوا الله فيما بينهم وبين الله، وليتقِ اللهَ جيرانُ الله، فيما بينهم وبين خلقِ الله، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "إِنَّ اللَّهَ لَيُنَادِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَيْنَ جِيرَانِي؟ أَيْنَ جِيرَانِي؟ قَالَ: فَتَقُولُ الْمَلَائِكَةُ: رَبَّنَا وَمَنْ يَنْبَغِي أَنْ يُجَاوِرَكَ؟! فَيَقُولُ: أَيْنَ عُمَّارُ الْمَسَاجِدِ" [مسند الحارث أو بغية الباحث عن زوائد مسند الحارث: 1/ 251، ح: 126، الصحيحة: 2728].

يا من تتركون الشهوات والمباحات، وتتوجهون إلى بيت من بيوت الله في الظلمات: أبشروا أبشروا، عَنْ بُرَيْدَةَ، عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "بَشِّرِ الْمَشَّائِينَ فِي الظُّلَمِ إِلَى الْمَسَاجِدِ بِالنُّورِ التَّامِّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ" [سنن أبي داود: 561، الترمذي: 223، ابن ماجة: 781].

وكبار السن، ومن أدركهم المشيب في الإسلام، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "لَا تَنْتِفُوا الشَّيْبَ؛ فَإِنَّهُ مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَشِيبُ شَيْبَةً، إِلَّا رَفَعَ اللَّهُ بِهَا دَرَجَةً، وَحَطَّ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةً".

وَفِي رِوَايَةِ الْقَاضِي: "لَا تَنْتِفُوا الشَّيْبَ، فَإِنَّهُ نُورُ الْمُسْلِمِ، مَنْ شَابَ شَيْبَةً فِي الْإِسْلَامِ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِهَا حَسَنَةً، وَكَفَّرَ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةً، وَرَفَعَهُ بِهَا دَرَجَةً" [الآداب للبيهقي، ص: 223، انظر: الصحيحة: 1243].

يا أهل التواضع لله، يا من لا تتكبرون على خلقِ الله: فأنتم من خالصي أهلِ الله، قَالَ عَوْنٌ -رحمه الله-: "مَنْ أَحْسَنَ اللهُ صُورَتَهُ، وَأَحْسَنَ رِزْقَهُ، وَجَعَلَهُ فِي مَنْصِبٍ صَالِحٍ، ثُمَّ تَوَاضَعَ لِلَّهِ، فَهُوَ مِنْ خَالِصِي أَهْلِ اللهِ" [حلية الأولياء: 4/ 250].

ف "من تواضع لله رفعه الله" [الصحيحة: 2328، وقال: "أخرجه أبو نعيم في الحلية: 8/ 46].

قال أحمد بن حنبل: حَدَّثَنَا يَزِيدُ، وساق السند إلى عُمَرَ -قَالَ: لَا أَعْلَمُهُ إِلَّا رَفَعَهُ– "قَالَ: "يَقُولُ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-: مَنْ تَوَاضَعَ لِي هَكَذَا" -وَجَعَلَ يَزِيدُ بَاطِنَ كَفِّهِ إِلَى الْأَرْضِ، وَأَدْنَاهَا إِلَى الْأَرْضِ- "رَفَعْتُهُ هَكَذَا" -وَجَعَلَ بَاطِنَ كَفِّهِ إِلَى السَّمَاءِ، وَرَفَعَهَا نَحْوَ السَّمَاءِ-" [مسند أحمد: 1/ 399، ح: 309، انظر: صحيح الترغيب: 3/ 63، ح: 2894].

مبشرات ودلائل على الخيرات ترشدنا أن هذا المؤمن على خير -إن شاء الله -تعالى-، فمنها: نطقُه بالشهادة عند الموت؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة".

وقد تكون له إشارة على الخير دون أن يكون له دخل فيها؛ مثل الموت برشح الجبين؛ لقوله صلى الله عليه وسلم يقول: "مَوْتُ الْمُؤْمِنِ بِعَرَقِ الْجَبِينِ" [سنن النسائي: 1828].

والأيام لها دورها في حسن الخاتمة، ف "مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَمُوتُ يَوْمَ الجُمُعَةِ أَوْ لَيْلَةَ الجُمُعَةِ إِلَّا وَقَاهُ اللَّهُ فِتْنَةَ القَبْرِ" [سنن الترمذي: 1074].

والاستشهاد في ساحات الوغى، والموت أثناء القتال، قال الله -تعالى-: (وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ * يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ)[آل عمران: 169- 171].

ألا واعلموا: أن "للشهيد عند الله ست خصال: يغفر له في أول دفعة من دمه، ويرى مقعده من الجنة، ويجار من عذاب القبر، ويأمن الفزع الأكبر، ويُحلَّى حليةَ الإيمان، ويزوج من الحور العين، ويشفع في سبعين إنسانا من أقاربه".

ومن علامات الخير للمؤمن: الموت غازيا في سبيل الله، والموت بداء البطن، وهو الاستسقاء، وانتفاخ البطن.

وقيل: هو الإسهال.

وقيل: الذي يشتكي بطنه.

الموت بالغرق، لقوله صلى الله عليه وسلم: "ما تعدون الشهيد فيكم؟" قالوا: يا رسول الله! من قتل في سبيل الله فهو شهيد؟ قال: "إن شهداء أمتي إذا لقليل" قالوا: فمن هم يا رسول الله؟! قال: "من قتل في سبيل الله فهو شهيد، ومن مات في سبيل الله فهو شهيد، ومن مات في الطاعون فهو شهيد، ومن مات في البطن فهو شهيد، والغريق شهيد".

والموت بالطاعون علامة خير وبشارة، لقوله صلى الله عليه وسلم: "الطاعون شهادة لكل مسلم".

ومن علامات حسن الخاتمة: الموت بالغرق والهدم، لقوله صلى الله عليه وسلم: "الشهداء خمسة: المطعون والمبطون، والغرق وصاحب الهدم، والشهيد في سبيل الله".

وتختص النساء بعلامة على الخير، وهي: موت المرأة في نفاسها بسبب ولدها؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "والمرأة يقتلها ولدها جمعاء شهادة، يجرُّها ولدُها بسرره إلى الجنة" أي تموت، وفي بطنها ولد.

وقيل: هي التي تموت بكرا.

والمعنى: أنها ماتت مع شيء مجموع فيها، غيرِ منفصلٍ عنها؛ من حمل أو بكارة.

إن الموت بالحرق وذات الجنب، هي ورمٌ حارٌّ يعرِض في الغشاءِ المستبطن للأضلاع، من علامات الخير للعبد المؤمن؛ للحديث: "وصاحبُ ذات الجنب شهيد،

والحرق شهيد"

وكل الأمراض الخطيرة والفتاكة، بشرى للمؤمن فليصبر وليحتسب، ومن ذلك: الموت بداء السُّل، لقوله صلى الله عليه وسلم: "والسل شهادة".

إن الذي يدافع عن دينه وماله أو أرضه ووطنه، أو نفسه وعرضه، فمات على ذلك، فهذا علامة على حسن الخاتمة، ف "من قتل دون ماله".

وفي رواية: "من أريد مالُه بغير حقٍّ فقاتل فقتل فهو شهيد".

وقال صلى الله عليه وسلم: "من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون أهله فهو شهيد، ومن قتل دون دينه فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد".

والرباط في سبيل الله، أجره عظيم، فإن مات مرابطا كان علامة على حسن الخاتمة، إذا خلا من التقصير في جنب الله، وخلا من ظلم العباد، للحديث: "رباطُ يومٍ وليلةٍ خيرٌ من صيام شهر وقيامه، وإن ماتَ جرى عليه عملُه الذي كان يعمله، وأُجرِيَ عليهُ رزقُه، وأمن الفتان".

والموت على عمل صالح يختم له به، لقوله صلى الله عليه وسلم: "من قال: لا إله إلا الله؛ ابتغاء وجه الله، ختم له بها دخل الجنة، ومن صام يومًا؛ ابتغاء وجه الله، ختم له بها دخل الجنة، ومن تصدَّق بصدقةٍ؛ ابتغاءَ وجهِ الله، ختم له بها دخل الجنة".

ومن قتله الإمام الجائر -الظالم-؛ لأنَّه قام إليه فنصحه، من علامات حسن الخاتمة، لقوله صلى الله عليه وسلم: "سيِّدُ الشهداءِ حمزةُ بنُ عبدِ المطلب، ورجلٌ قام إلى إمامٍ جائرٍ فأمرَه ونهاهُ فقتله" [تلخيص أحكام الجنائز، للألباني، ص: 21- 24، بتصرف].

فتوبوا إلى واستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه، إلى يوم الدين.

وبعد:

عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: "نَزَلْنَا الصِّفَاحِ" هو مَوْضِعٌ بين حُنين وأنصاب الحرم على يسرة الداخل إلى مَكَّة" [ما اتفق لفظه وافترق مسماه، ص: 600] "فَإِذَا رَجُلٌ نَائِمٌ تَحْتَ شَجَرَةٍ قَدْ كَادَتِ الشَّمْسُ أَنْ تَبْلُغَهُ قَالَ: فَقُلْتُ لِلْغُلَامِ: "انْطَلِقْ بِهَذَا النِّطْعِ فَأَظِلَّهُ" قَالَ: فَانْطَلَقَ فَأَظَلَّهُ، فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ إِذَا هُوَ سَلْمَانُ، فَأَتَيْتُهُ أُسَلِّمُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: "يَا جَرِيرُ!" تَوَاضَعْ لِلَّهِ، فَإِنَّهُ مَنْ تَوَاضَعَ لِلَّهِ فِي الدُّنْيَا رَفَعَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يَا جَرِيرُ! هَلْ تَدْرِي مَا الظُّلُمَاتُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟) قُلْتُ: "لَا أَدْرِي!" قَالَ: "ظُلْمُ النَّاسِ بَيْنَهُمْ" ثُمَّ أَخَذَ عُوَيْدًا لَا أَكَادُ أَرَاهُ بَيْنَ أُصْبُعَيْهِ، فَقَالَ: "يَا جَرِيرُ! لَوْ طَلَبْتَ فِي الْجَنَّةِ مِثْلَ هَذَا لَمْ تَجِدْهُ" قُلْتُ: "يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ! فَأَيْنَ النَّخْلُ وَالشَّجَرُ؟!" قَالَ: "أُصُولُهَا اللُّؤْلُؤُ، وَالذَّهَبُ، وَأَعْلَاهَا الثَّمَرُ" [البعث والنشور للبيهقي، ص: 191، رقم: 288)، وانظر: صحيح الترغيب: 3/ 264، ح: 3733، صحيح لغيره].

يعني فمن أين هذه العيدان؟

عباد الله: ألا صلوا وسلموا على رسول الله، كما أمر الله: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) [الأحزاب: 56].

اللهم صلِّ وسلِّم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله الطاهرين، وعلى الصحابة الكرام الطيبين، الصادقين البررة، أبي بكر وعمر وعثمان وعليّ وسائر العشرة، وكل الصحابة والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

اللَّهُمَّ إِنّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ عِلْمٍ لَا يَنْفَعُ، وَقَلَبٍ لَا يَخْشَعُ، وَنَفَسٍ لَا تَشْبَعُ، وَدُعَاءٍ لَا يُسْمَعُ، اللَّهُمَّ إِنّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعِ.

اللَّهُمَّ إِنّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ أسماعِنا وَأبصَرِنا، وَشَرِّ ألسنتنا وَقلوبنا"، "يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ، ثَبِّتْ قُلوبنا عَلَى طَاعَتِكَ.

اللَّهُمَّ اغْفِرْ لنا ذنوبنا، وخَطَأنا وَعَمْدنا، اللَّهُمَّ إِنّا نَسْتَهْدِيكَ لِأَرْشَدِ أمورنا، وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ شرور أنفسِنا.

اللهم إنا نسألك أن تجعلَ خيرَ أعمالِنا خواتمَها، وخيرَ أيامِنا يومَ نلقاك وأنت راض عنا.

اللهم أعزَّ الإسلامَ والمسلمين، وارفعْ بفضلك كلمةَ الحقِّ والدين، ونكِّسْ رايةَ الكفرةِ والملحدين.

اللهم من أرادَنا وأرادَ الإسلامَ والمسلمين بخيرٍ فوفقْه لكلِّ خير، ومن أرادنا وأرادَ الإسلامَ والمسلمين بسوءٍ فاجعلْ دائرةَ السَّوءِ عليه، واجعلْ تدبيرَه تدميراً عليه.

اللهم مكِّنْ في هذه الأمةِ لأهلِ الخيرِ والرشاد، وأهلِ النفع والصلاح للبلاد والعباد، واقمع أهلَ الزيغِ والخراب والفساد، وانشر رحمتَك على البلادِ والعباد.

اللهم أبرم لهذه الأمةِ أمرَ رُشْدٍ؛ يُعَزُّ فيه أهلُ طاعتِك، ويُذَلُّ فيه أهل معصيتِك، ويؤمرُ فيه بالمعروف، وينهَى فيه عن المنكر، يا سميع الدعاء.

اللهم عليك بسائر أعداء الدين الذين يصدون عن دينك ويقاتلون أولياءك، فإنهم لا يعجزونك، اللهم أْحصِهم عدداً، واقتلهم بِدَداً، ولا تغادر منهم أحداً.

اللهمَّ لطفَك ونصرَك وعِزَّك وتأييدَك لعبادك المؤمنين المضطهدين، المعذبين والمشردين والمبعدين، والأسرى والمسجونين، والجرحى والمرضى في كلِّ مكان يا رب العالمين.

اللهمَّ اجعل لنا ولهم من كلِّ همٍّ فرجاً، ومن كلِّ ضيقٍ مخرجاً، ومن كلِّ فتنةٍ عصمةً، ومن كلِّ بلاءٍ عافيةً يا سميع الدعاء.

اللهم بارك لنا في أعمالنا، وأرزاقنا وأعمارنا، وأهلينا وأولادنا، وجيراننا وسائر المسلمين.

اللهم آمين يا رب العالمين.

(وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ) [العنكبوت: 45].